logo
هكذا تتغوَّل «السوشيال ميديا» سياسياً!

هكذا تتغوَّل «السوشيال ميديا» سياسياً!

الشرق الأوسطمنذ 2 أيام

يوم الخميس الماضي، صدَّقت المحكمة الدستورية الرومانية على نتائج إعادة الانتخابات الرئاسية في البلاد، مؤكدة فوز المرشح نيكوسور دان -المؤيد للاتحاد الأوروبي- بالرئاسة، رغم تشكيك معارضيه، وعلى رأسهم المرشح اليميني الخاسر جورج سيميون. وَيُمكن النظر إلى الفوز الذي حققه نيكوسور دان من أكثر من زاوية؛ وإحدى هذه الزوايا تتعلق بتأييده الواضح لسياسات الاتحاد الأوروبي، وخصوصاً ما يتصل منها بمناهضة روسيا، والإصرار على مواصلة تقديم الدعم لأوكرانيا. ولكن إحدى أبرز هذه الزوايا أيضاً تتصل بدور الإعلام في الانتخابات، وتحديداً وسائل «التواصل الاجتماعي» التي يبدو أنها واصلت تأثيرها الكبير في المنافسات الانتخابية في القارة الأوروبية.
ولذلك، لم يكن مُستغرباً أن تُعلِّق المتحدثة باسم الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، على تلك الانتخابات، باتهام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون باعتقال بافل دوروف، مؤسس تطبيق التراسل الشهير «تلغرام»، بغرض التأثير في سير الانتخابات ونتائجها. وقد استندت زاخاروفا في اتهامها هذا إلى حقيقة اعتقال دوروف بالفعل في فرنسا في وقت سابق، وإلى إعلان هذا الأخير تلقيه طلباً من رئيس الاستخبارات الفرنسية نيكولا ليرنر، لـ«إسكات أصوات المحافظين الرومانيين» على منصته، عشية الانتخابات، وهو الطلب الذي قال إنه «رفضه بشدة».
والشاهد أن هذه التطورات تشير إلى 3 حقائق أساسية مُهمة: أولاها أن الصراع الروسي- الغربي المُحتدم يلقي بظلاله على الأوضاع السياسية والمنافسات الانتخابية في القارة الأوروبية، ويؤثر فيها تأثيراً ملموساً. وثانيتها أن كلا الجانبين يستخدم طيفاً عريضاً ومتنوعاً من الأدوات الصلبة والخشنة لتعزيز مواقفه في هذا الصراع. وأما الحقيقة الثالثة، فتتعلق بأن وسائل «التواصل الاجتماعي» ما زالت قادرة على لعب دور مؤثر غالباً، وحاسم أحياناً، في الانتخابات التي تجري عبر العالم، وفي الغرب تحديداً. ومنذ ازدهرت وسائل «التواصل الاجتماعي»، وتعاظمت أدوارها الإخبارية، لم تكن هناك حجج كافية للتقليل من دورها المتصاعد في التأثير في العمليات السياسية التي تجري في أصقاع الأرض المختلفة، وقد أضحت قدرتها على تغيير حظوظ المتنافسين الانتخابية، والتلاعب بها أحياناً، بعيدة عن التشكيك.
ومنذ الانتخابات الرئاسية الأميركية التي فاز بها باراك أوباما، وما تلاها من استحقاقات انتخابية واستفتاءات أخرى، سواء في الولايات المتحدة أو أوروبا أو دول العالم المختلفة، لم تتوقف هذه الوسائل عن التأثير في سير العمليات الانتخابية ونتائجها. وفي هذا الصدد، سنتذكر الفوز المثير والمفاجئ الذي حققه الرئيس الأميركي دونالد ترمب، في انتخابات الرئاسة الأميركية التي جرت عام 2016، أمام المرشحة صاحبة الحظوظ الوافرة (آنذاك) هيلاري كلينتون، أو نتائج التصويت البريطاني على «بريكست»، مروراً بالانتخابات البرلمانية والرئاسية في دول مثل فرنسا، وألمانيا، وبولندا، والمجر، وغيرها.
لقد كان أثر وسائل «التواصل الاجتماعي» واضحاً في تلك المنازلات الانتخابية كلها، حتى إن الرئيس ترمب نفسه أقر، في أكتوبر (تشرين الأول) 2017، بأنه لم يكن ليفوز بانتخابات 2016 لولا «تويتر» («إكس» حالياً).
وسنتذكر في هذا الصدد أيضاً ما أكده مسؤولو الاتصال السياسي والإعلامي في حزب «البديل» الألماني اليميني الذي صُنِّف «متطرفاً»، من أن «فيسبوك» كان أحد الأسباب الرئيسة التي ساعدت الحزب على الانتشار وتحقيق التقدم، والحصول على حصة من مقاعد مجلس النواب الاتحادي (البوندستاغ)، ليصبح أحد الفاعلين الأساسيين في المشهد السياسي الألماني.
لقد بوغت العالم بأنباء صفقة شراء الملياردير إيلون ماسك منصة «تويتر»، في صفقة مثيرة بلغت قيمتها 44 مليار دولار أميركي، ولكن الدهشة التي تولدت عن هذه الخطوة الجريئة ما لبثت أن تلاشت، عندما سخَّر ماسك المنصة لأغراض السياسة، واستخدمها ببراعة في دعم حظوظ ترمب الانتخابية.
وبالطبع، لم تكن تلك هي كل الذرائع التي حملت ماسك على اتخاذ هذه الخطوة الجريئة؛ إذ ظهر لاحقاً أن الرجل واصل تسخير منصته التي حوَّل اسمها إلى «إكس»، في تعزيز حظوظ اليمين المتطرف في الولايات المتحدة، ودول القارة الأوروبية، بنهم وشغف لا يتزعزعان، رغم سيل من الانتقادات والاتهامات.
فقد تلقَّى ماسك اتهامات مباشرة بالتدخل، من خلال منصته وتصريحاته الحادة، في الأوضاع الداخلية في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا، ودول أخرى، كما أفادت مراكز بحوث غربية مستقلة، بأنها رصدت ما وصفته بـ«أنشطة دعم وترويج لدعاوى اليمين المتطرف ورموزه» يقوم بها ماسك بمنهجية ووتيرة منتظمة.
كان الأمل أن تدعم وسائل «التواصل الاجتماعي» الديمقراطية والمشاركة العامة، عبر طاقتها الضخمة والمتجددة ونفاذها وتأثيرها الكبير، ولكن يبدو أن هذا الأمل يتضاءل، ويخلي الساحة لشكوك عميقة في أدوارها الملتبسة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: كنت مستعداً لفرض رسوم 50% على أوروبا وأتطلع لاتفاق تجاري يخدم الطرفين
ترامب: كنت مستعداً لفرض رسوم 50% على أوروبا وأتطلع لاتفاق تجاري يخدم الطرفين

مباشر

timeمنذ 11 دقائق

  • مباشر

ترامب: كنت مستعداً لفرض رسوم 50% على أوروبا وأتطلع لاتفاق تجاري يخدم الطرفين

مباشر: قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، إن الاتحاد الأوروبي كان يتباطأ في الاستجابة للمفاوضات التجارية خلال فترة رئاسته، مشيرًا إلى أنه كان راضيًا عن خيار فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات الأوروبية. وأضاف ترامب: "أبلغوني بتلقي اتصالات من مسؤولي الاتحاد الأوروبي لتحديد مواعيد الاجتماعات بسرعة"، وفقا لوكالة "بلومبرج"، اليوم الثلاثاء. وشدد، على أن الموقف الحازم أدى إلى تسريع التواصل من جانب بروكسل. وأكد ترامب، أنه يتطلع إلى إبرام اتفاق تجارة مع الاتحاد الأوروبي، مشيرًا إلى أن مثل هذا الاتفاق سيكون في مصلحة دول أوروبا، التي "ستكون سعيدة جدًا إذا تم التوصل إلى صفقة معنا"، على حد تعبيره. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصة المصرية اضغط هنا تابعوا آخر أخبار البورصة والاقتصاد عبر قناتنا على تليجرام لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا

ترامب: أمور سيئة قد تحدث لروسيا.. وبوتين يلعب بالنار
ترامب: أمور سيئة قد تحدث لروسيا.. وبوتين يلعب بالنار

مباشر

timeمنذ 11 دقائق

  • مباشر

ترامب: أمور سيئة قد تحدث لروسيا.. وبوتين يلعب بالنار

مباشر: انتقد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين، اليوم الثلاثاء، وقال إنه "يلعب بالنار" وإن "أشياء سيئة" قد تحدث لروسيا في ظل هذه السياسية، كما ندد بطريقة تعامله مع الحرب في أوكرانيا، رافعاً النبرة ضدّ موسكو، بعد سلسلة من الهجمات الروسية العنيفة على أوكرانيا في نهاية الأسبوع رغم الدعوات إلى وقف لإطلاق النار. وقال ترامب: "ما لا يدركه بوتين هو أنه لولا وجودي لشهدت روسيا بالفعل أحداثاً سيئة للغاية"، وفقا لموقع "الخليج". جاء ذلك بعد يوم واحد من وصف ترامب لبوتين بـ"الجنون"، إذ كان يأمل ترامب بنهاية سريعة للحرب في أوكرانيا، لكن رغم التفاؤل الذي أظهره الاثنين الماضي بعد مكالمة هاتفية لقرابة ساعتين مع بوتين، كثّفت روسيا قصفها لأوكرانيا متسبّبة بمقتل 13 شخصاً من الجانب الأوكراني صباح الأحد. وكتب ترامب على شبكته الاجتماعية تروث سوشال "كانت لدي دائماً علاقة جيدة جداً بالرئيس الروسي فلاديمير بوتين، لكنّ شيئاً ما أصابه، ولقد "جنّ جنونه". وبحسب سلاح الجوّ، تعرّضت أوكرانيا فجر الأحد لهجوم مركّب بـ 367 مقذوفاً، بينها 69 صاروخاً و298 مسيّرة، وأعلنت السلطات الأوكرانية مقتل 13 شخصاً، منهم 4 في منطقة كييف و3 أطفال في منطقة جيتومير. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي

نوفاك: لا مناقشات حتى الآن بشأن زيادة الإنتاج من «أوبك بلس» بدءاً من يوليو
نوفاك: لا مناقشات حتى الآن بشأن زيادة الإنتاج من «أوبك بلس» بدءاً من يوليو

الشرق الأوسط

timeمنذ 38 دقائق

  • الشرق الأوسط

نوفاك: لا مناقشات حتى الآن بشأن زيادة الإنتاج من «أوبك بلس» بدءاً من يوليو

قال نائب رئيس الوزراء الروسي ألكسندر نوفاك، إن مجموعة «أوبك بلس» لم تناقش بعد زيادة الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً إضافية قبل اجتماعها، وفقاً لوكالة أنباء «ريا نوفوستي». وستعقد منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) وحلفاؤها، بقيادة روسيا، اجتماعاً وزارياً عبر الإنترنت الأربعاء في 28 مايو (أيار). وقال نوفاك إنه يتوقع أن يناقشوا وضع السوق الحالي والتوقعات وبعض «التعديلات»، وفقاً لوكالة «ريا». كما سيُعقد اجتماع منفصل لثماني دول من «أوبك بلس»، التي تعهدت بتخفيضات طوعية إضافية في إنتاج النفط. وسيجتمعون في 31 مايو، أي قبل يوم واحد من الموعد المقرر، وفقاً لما ذكرته 3 مصادر من «أوبك بلس» لـ«رويترز» في وقت سابق من يوم الاثنين. ومن المرجح أن يقرر الاجتماع إنتاج يوليو، الذي سبق أن أبلغت مصادر «رويترز» بأنه سيزيد الإنتاج بمقدار 411 ألف برميل يومياً. وقال نوفاك إن خطط مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي لخفض سقف سعر النفط الروسي إلى 50 دولاراً للبرميل من مستواه الحالي البالغ 60 دولاراً غير مقبولة، وإن القيود لم تُكبح صادرات النفط الروسية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store