
مشعر منى.. شاهد على سُنن الأنبياء وذاكرة الحج
ويقع مشعر منى بين مكة المكرمة و مشعر مزدلفة ، ويبعد عن المسجد الحرام نحو 7 كلم، وهو وادٍ مبارك تحيط به الجبال من كل جانب، وتنبض أوديته بالإيمان في أيام الحج، حيث يقضي فيه الحجاج ليالي التشريق، ويؤدون فيه شعائر عظيمة كـرمي الجمرات ، والنحر، والحلق أو التقصير.
ويحمل مشعر منى هوية مكانية متميزة، تكتنزها طبيعته الجغرافية وتُجسدها الشعائر، التي يؤديها ضيوف الرحمن، حيث الخيام البيضاء التي تمتد على جنباته أصبحت علامة فارقة لمنظومة الحج الحديثة، وقد صُممت وفق أعلى معايير السلامة والراحة، لتستوعب ملايين الحجاج في بيئة آمنة ومهيأة بكفاءة.
وكانت خيام منى في العقود السابقة تُنصب من القماش والخشب أو اللباد، وتفتقر لمقومات السلامة والراحة، وتُفكك بعد نهاية الحج، فيما يضُم اليوم مشعر منى أكثر من 100 ألف خيمة ثابتة مصنوعة من الألياف الزجاجية المقاومة للحرارة والاشتعال، والمكيّفة بالكامل، وتخضع لنظام ترقيم دقيق يسهل الوصول إليها ويعزز السلامة والتنظيم، وتغطي مساحة الخيام ما يقارب 2.5 مليون متر مربع، في مشهد عمراني موحد يخدم منظومة متكاملة من الإيواء والخدمات الصحية والأمنية واللوجستية، مما يجعل من مشعر منى مدينة متكاملة مؤقتة تنبض بالحياة أيام الحج، وفقا لوكالة الأنباء السعودية "واس".
ويبرز في المشعر جسر الجمرات ، الذي يبلغ طوله 950 مترًا وعرضه 80 مترًا، على عدة طوابق، بطاقة استيعابية تتجاوز 300 ألف حاج في الساعة الواحدة، ما يُمكن من تفويج الحشود بكفاءة عالية ويُقلل من التزاحم والاختناق، خاصة في أوقات الذروة أثناء رمي الجمرات الثلاث (الصغرى والوسطى والكبرى).
وتتوفر في الجسر وسائل متعددة لتنظيم حركة الحشود، تتضمن مداخل ومخارج متعددة من جميع الاتجاهات، وسلالم كهربائية وممرات مخصصة للطوارئ، إضافة إلى منظومة متقدمة من كاميرات المراقبة والذكاء الاصطناعي لرصد الكثافات والتحكم في التدفقات البشرية لحظة بلحظة.
ويضم جسر الجمرات كذلك مرافق خدمية متكاملة، تشمل نقاطًا للإسعاف والدفاع المدني، وأماكن للراحة، ومظلات لتقليل آثار الحرارة، إلى جانب نظام تبريد متطور يعتمد على الرذاذ المائي لتحسين جودة الهواء في محيط الجسر، إذ يوفّر انسيابية لحركة الحشود ويُجسّد جهود المملكة في خدمة ضيوف الرحمن، ويُسهّل عليهم أداء شعيرة رمي الجمرات، التي ترتبط بموقف سيدنا إبراهيم عليه السلام في التصدي للشيطان.
وحظي مسجد الخيف في مشعر منى بعناية واهتمام كبيرين من وزارة الشؤون الإسلامية والدعوة والإرشاد، انطلاقًا من مكانته الدينية والتاريخية، حيث يُعدُّ أحد المواضع التي صلى فيها النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مما يجعله من أبرز المعالم الإسلامية في المشاعر المقدسة، وتبلغ مساحته (23.500م)، ويتسع لأكثر من (27.000) مصلٍ، ويحتوي المسجد على 4 مآذن، و9 أبواب رئيسة، و6 أبواب طوارئ.
ويشهد تاريخ مشعر منى على عناية متواصلة منذ بزوغ شمس الإسلام، حيث كان الخلفاء الراشدون ومن تبعهم من ولاة المسلمين يعتنون به ويُقيمون فيه المناسك، وظل المشعر حاضرًا في وجدان الأمة الإسلامية قرونًا متعاقبة، إلى أن جاءت رعاية المملكة العربية السعودية، فكان التحول الكبير في البنية التحتية والخدمات المقدمة، ضمن رؤية شاملة؛ تهدف إلى الارتقاء بجودة تجربة الحاج، وتحقيق أقصى درجات الراحة والأمن.
وتتجلّى في مشعر منى معاني التضحية، وتُسطّر فيه ملاحم الطاعة، ويبقى شامخًا في ذاكرة الأمة الإسلامية، حاضرًا في كل موسم حج، رمزًا للسكينة، وميدانًا للتقوى، وموقعًا تتعانق فيه الأرض بالسماء في أعظم أيام الله، حيث على أرضه يُمضي الحجاج أيامًا من أعظم أيام حياتهم، يلهجون فيها بالذكر والدعاء، ويستشعرون عظمة النسك، في جو إيماني به السكون والطمأنينة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 6 ساعات
- البيان
أداة تشخيصية واعدة لأمراض القلب المبكرة
كشفت دراسة حديثة نُشرت في مجلة «الأشعة: تصوير القلب والصدر» أن تقنية التصوير بالرنين المغناطيسي القلبي أثناء التمارين exCMR قد تُحدث نقلة نوعية في تشخيص أمراض القلب. وتعتمد التقنية على تصوير القلب أثناء ممارسة المريض لتمارين خفيفة داخل جهاز التصوير؛ ما يسمح بمراقبة كيفية استجابة القلب للإجهاد.


سكاي نيوز عربية
منذ 7 ساعات
- سكاي نيوز عربية
فيديو.. تنظيم محكم في إدارة حشود الحجاج لمنشأة الجمرات
واكبت الخطط التنظيمية والخدمية لحج هذا العام 1446هـ، رحلة ضيوف الرحمن من مشعر مزدلفة إلى مشعر منى، حيث جرى تنفيذها ضمن منظومة تشغيلية متكاملة، انعكست في انسيابية عالية لحركة الحشود، وسهولة وصول الحجاج إلى منشأة الجمرات لأداء شعيرة رمي جمرة العقبة الكبرى، واستكمال مناسكهم خلال أيام التشريق في أجواء يسودها الأمن والطمأنينة والسكينة. وأسهمت هذه الخطط التي نُفذت بالتنسيق بين مختلف الجهات الأمنية والخدمية، في تحقيق أعلى درجات الانضباط والتنظيم، مستندة إلى أدوات تقنية حديثة ونماذج تشغيلية مدروسة، مكّنت من التحكم في تدفقات الحشود وتنقلاتهم بكل سلاسة وأمان، بما يراعي الكثافة البشرية والتنوع الثقافي والجغرافي لضيوف الرحمن من مختلف أنحاء العالم. وفي جانب النقل، واصل قطار المشاعر المقدسة أداءه الفعّال، حيث بلغ إجمالي من تم نقلهم منذ انطلاق تشغيله أكثر من 604 آلاف حاج، موزعين على ثلاث حركات رئيسة؛ الحركة (أ) أكثر من 27 ألف راكب، والحركة (ب) 283 ألف راكب، فيما سجلت الحركة (ج) الأعلى بواقع 294 ألف راكب، ما يُجسد حجم الكفاءة التشغيلية للمنظومة. وكشفت غرفة التحكم في مركز النقل العام التابع للهيئة الملكية لمدينة مكة المكرمة والمشاعر المقدسة، عن تنفيذ عملية النقل عبر أكثر من 23 ألف حافلة، توزعت على ثلاث مسارات ترددية إلى جانب وسائل النقل التقليدي، ضمن أكبر أسطول نقل يُشغَّل على نفس المساحة في العالم، محققة أفضل زمن قياسي لعملية الإفاضة الأولى، في صورة تعكس الاحترافية العالية ودقة التنسيق التشغيلي. وفي الإطار الصحي، واصلت وزارة الصحة تقديم خدماتها المتكاملة عبر منشآتها المنتشرة في المشاعر المقدسة، وبلغ عدد الخدمات الصحية المقدمة أكثر من 125,573 خدمة، شملت عمليات متقدمة من بينها 216 قسطرة قلبية، و18 عملية قلب مفتوح، نُفذت بكفاءة عالية على أيدي كوادر طبية سعودية مؤهلة، ما يؤكد الجاهزية الصحية المتميزة وتطور القدرات الطبية الوطنية. وفي السياق ذاته، أوضحت وزارة الحج والعمرة أنها استخدمت حتى الآن أكثر من 5.5 ملايين عملية قراءة إلكترونية لبطاقة "نسك"، ضمن خططها التقنية لرفع كفاءة التفويج وتعزيز السلامة التنظيمية، فيما قدّم مركز العناية بضيوف الرحمن عبر الرقم الموحد (1966) أكثر من 310 آلاف خدمة للحجاج منذ بدء الموسم، بما يشمل الاستفسارات والدعم المباشر، إلى جانب تنفيذ أكثر من 65 ألف جولة رقابية نفذتها الفرق الميدانية التابعة لمراكز "امتثال" على شركات تقديم الخدمة، ضمن جهود رفع الامتثال وجودة الأداء. وتُجسد هذه الجهود المتكاملة مستوى التكامل بين مختلف الجهات العاملة في الحج ، تحت توجيهات القيادة، ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030 الرامية إلى الارتقاء بمنظومة الحج، وتسخير التقنية الحديثة، وتعزيز تجربة ضيوف الرحمن، وتمكينهم من أداء نسكهم في بيئة آمنة، منظمة، ومهيأة بأعلى المعايير العالمية.


البيان
منذ 8 ساعات
- البيان
الحجاج يؤدون رمي الجمرات في أول أيام عيد الأضحى
أدى حجاج بيت الله الحرام، أمس، آخر المناسك الكبرى في موسم الحج، وهي شعيرة رمي الجمرات في وادي منى، تزامناً مع أول أيام عيد الأضحى المبارك. وبدأ الحجاج منذ الفجر، رمي جمرة العقبة في منى، ونحر هديهم، ثم حلق رؤوسهم، والطواف بالبيت العتيق، والسعي بين الصفا والمروة. ومنذ ساعات الصباح الأولى، ومع فجر يوم عيد الأضحى المبارك، اكتظت جنبات المسجد الحرام بالحجاج لأداء طواف الإفاضة في أجواء إيمانية وروحانية مفعمة بالأمن والإيمان، وسط منظومة خدمات متميزة ومتكاملة. وكانت أفواج الحجاج قد قامت منتصف، ليل أول من أمس الخميس، وقبل فجر أول أيام عيد الأضحى، بالتحرك من مشعر مزدلفة، متوجهين إلى منى لرمي الجمرة الكبرى «جمرة العقبة» بسبع حصيات، وذلك بعد وقوفهم أمس على صعيد عرفات، وأدائهم الركن الأعظم من أركان الحج، قبل أن يبيتوا في مزدلفة، بينما شهدت حركة ضيوف الرحمن انسيابية في التنقل بين المشاعر، وفق خطة التفويج المعدة لذلك. إلى ذلك، عملت الهيئة العامة للعناية بالحرمين الشريفين، بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، على تنظيم حركة الحشود داخل صحن المطاف، والمسارات المخصصة للطواف، إلى جانب تكثيف أعمال النظافة والتعقيم، وتوفير خدمات التوجيه والإرشاد بلغات متعددة، وخدمات الإسعاف والطوارئ على مدار الساعة. كما عملت على تعقيم وتطهير المسجد الحرام وصحن المطاف والأروقة والساحات بأحدث الآليات والمعدات المخصصة لذلك، قبل قدوم الحجيج وبعد مغادرتهم بيت الله العتيق، وهيأت الهيئة المسارات المخصصة لدخول ضيوف الرحمن بخطط وإجراءات وآليات ممنهجة لإدارة الحشود، وُضعت مسبقاً لضمان سلامتهم وأمنهم وراحتهم، وذلك بالتنسيق والتواصل الفعال والدائم مع جميع الجهات المعنية في المسجد الحرام. كما عملت الهيئة على تهيئة منظومة تكييف متكاملة لتوفير هواء نقي بارد في جميع أرجاء المسجد الحرام وتبريد الهواء الخارجي في الساحات والطرق المؤدية للمسجد الحرام. وفي إطار تحسين تجربة الحجاج، نفذت المملكة، هذا العام، مشروع «نحو منى» لتطوير الإرشاد المكاني، الذي يسهم في تقليل نسبة التائهين وتسهيل وصول الحجاج إلى مخيماتهم، عبر نظام ألوان ولوحات إرشادية تتماشى مع تقسيمات المخيمات وأدوار المنشأة. وتعد منشأة الجمرات الحديثة أحد أبرز المشاريع التطويرية التي نفذتها السعودية في المشاعر المقدسة، وتبلغ طاقتها الاستيعابية أكثر من 300 ألف حاج في الساعة، بما يتيح تفويجاً مرناً وآمناً خلال ذروة أداء شعيرة رمي الجمرات في أيام التشريق، بحسب وكالة الأنباء السعودية «واس».