
حسام الحوراني : الأزمات وملاذاتها الآمنة
أخبارنا :
الملاذات الآمنة، أصول تحتفظ بقيمتها أو تزداد عندما تفقد الأصول التقليدية بريقها أو حتى تنهار بسبب تزايد عدم اليقين الاقتصادي والسياسي والصحي والأمني والعسكري، وكذلك بسبب التضخم، وتدهور قيمة العملات، وتذبذب أسواق المال، وتعطُّل سلاسل الإمداد، والركود، والكساد.
تتميز الملاذات الآمنة باعتبارها مستودعًا للقيمة، وبسرعة تسييلها/بيعها حتى في أوقات الذعر، وبالارتباط المنخفض بالأصول الخطرة.
فالملاذ الآمن المثالي يتحرك سعره عكسيًّا أو مستقلًّا عن الأسهم والأصول عالية المخاطر، خصوصًا مع انهيار الأسواق. الارتباط السلبي هذا يعني أنه عندما تهبط الأسواق، يُعوِّض الملاذ الآمن الخسائر بتحقيق مكاسب أو على الأقل خسائر أقل.
يأتي الذهب في طليعة الملاذات الآمنة، فهو يشكِّل نحو 20% من الأصول الاحتياطية للبنوك المركزية العالمية، متجاوزًا اليورو عند 16%، ومُخفِّضًا حصة الدولار من تلك الأصول إلى نحو 46%، ويُستخدم عادة للتحوُّط وقت الحروب، التوترات الجيوسياسية، الأزمات الاقتصادية، التضخم المرتفع، الفائدة المنخفضة، حالات عدم اليقين المالي، الركود، وبالذات إذا تزامن مع تضخم أو سياسات تيسير كمي – طباعة نقود إضافية – لكن إذا كان الركود مصحوبًا بانكماش حاد في السيولة وارتفاع الدولار، قد يتراجع الذهب مؤقتًا.
الدولار الأميركي يُعتبر ملاذًا آمنًا – باعتباره عملة الاحتياط النقدي الأولى عالميًّا بنسبة تقارب 58% – في أوقات الركود، وتراجع الأسواق، والأزمات المالية العالمية، وانهيار العملات المحلية، والخوف من فقدان السيولة، حيث نلاحظ غالبًا تدفُّق رؤوس الأموال نحو أصول مقوَّمة بالدولار مثل سندات الخزانة الأميركية، التي تُعد ملاذًا آمنًا في مثل تلك الظروف.
العقارات – خصوصًا في الدول المستقرة ذات البيئة القانونية القوية والاستقرار السياسي – تُعتبر ملاذًا آمنًا أوقات التضخم المرتفع طويل الأجل، وضعف العملات على المدى الطويل، أو انهيار الأسواق، أخذًا بالاعتبار أن الاستثمار العقاري من أكبر مخازن الثروة، إذ حسب التقديرات، فإن قيمة الأصول العقارية حول العالم تتجاوز 300 تريليون دولار، وهو رقم يفوق قيمة الأسهم والسندات العالمية مجتمعة، ما يعكس الثقة الكبيرة بالعقار كوعاء ادخاري واستثماري آمن.
العملات المشفَّرة، ومنها بيتكوين وأخواتها، تُعتبر – حسب مناصريها – من الملاذات البديلة كمخزن للقيمة، خصوصًا وقت التضخم المفرط، حيث يُطلق عليها تسمية «الذهب الرقمي»، وذلك لمحدودية المعروض منها، وعدم خضوعها لجهة مركزية. شخصيًّا أرجِّح عدم اعتبارها ملاذًا آمنًا حقيقيًّا، لأنها تخضع للمضاربة، وتعاني من غياب الأطر التنظيمية، وتشهد تقلبات حادة.
العملات الرقمية المشفَّرة المستقرة، مثل USDT وUSDC، وهي مربوطة عادة بالدولار الأميركي بنسبة 1 إلى 1، ومدعومة باحتياطيات نقدية أو أصول آمنة. تجمع بين مزايا التشفير مثل التحويل السريع بلا قيود جغرافية، واستقرار السعر المرتبط بعملة تقليدية. وقد استُخدمت خلال الأزمات الأخيرة كمهرب من تقلبات العملات المشفَّرة الأخرى.
العملات الآمنة مثل الفرنك السويسري، تُعد من الملاذات الرئيسة وقت الاضطرابات الأوروبية، والأزمات الجيوسياسية العالمية، نظرًا لما تتمتع به سويسرا من استقرار سياسي واقتصادي وحياد تاريخي.
العملات التي توصف بغير التقليدية، مثل الدولار السنغافوري، والدولار الأسترالي والكندي، والكرونة النرويجية، واليوان الصيني، والتي زادت حصتها من الاحتياطيات العالمية مؤخرًا، ما جعل منها ملاذات ممكنة للتحوُّط من المخاطر الجيوسياسية، وإن كانت لا ترقى إلى وضع الدولار أو اليورو، حيث يُنظر إليها كملاذ ثانوي، يتميز بعوائد أعلى نسبيًّا، مع درجة أمان مقبولة.
القطاعات الضرورية مثل الغذاء والصحة والطاقة، والتي تكتسب صفة الملاذ الآمن أوقات الركود الاقتصادي وضعف النمو العالمي، والتضخم طويل الأجل، فالشركات العاملة فيها تبقى نشطة وتُحقِّق الربح، مما يعزِّز استقرار أسهمها التي توصف عادة بـ»الدفاعية»، أي إنها أقل تأثرًا بدورة الأعمال مقارنة بقطاعات أخرى مثل السياحة أو الترفيه.
الملاذات الآمنة ليست مضمونة 100%، ويختلف أداؤها تبعًا لكل أزمة، حيث اختيارها يعتمد على طبيعة الأزمة ومدى انتشارها، ومدى القدرة على الوصول إليها هي نفسها. وقد أثبتت التجارب أن التنويع، والاحتفاظ بجزء من الأصول في ملاذات متعددة؛ هو ما يتيح قدرة أفضل على مواجهة المخاطر.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

السوسنة
منذ 28 دقائق
- السوسنة
السعودية تقدم 30 مليون دولار دعمًا لفلسطين
السوسنة - تسلّم وزير المالية الفلسطيني، عمر البيطار، الخميس، دفعة مالية بقيمة 30 مليون دولار من المملكة العربية السعودية، خلال لقاء عُقد في مقر سفارة المملكة في العاصمة الأردنية عمّان، ضمن إطار الدعم السعودي المستمر لفلسطين للعام 2025.وأشاد البيطار بالدعم المالي والسياسي المتواصل من السعودية، مؤكدًا أن هذه المساهمة تمثل ركيزة مهمة لتخفيف حدة الأزمة المالية الفلسطينية، ونقل تحيات القيادة الفلسطينية للملك سلمان وولي العهد الأمير محمد بن سلمان.بدوره، أكد القائم بالأعمال السعودي محمد بن حسن مونس، أن هذا الدعم يعكس التزام المملكة الثابت بدعم الحقوق الفلسطينية، مشيرًا إلى أن السعودية قدمت منذ سنوات مساعدات تجاوزت 5.3 مليار دولار شملت قطاعات الصحة والتعليم والخدمات الأساسية. أقرأ أيضًا:


جفرا نيوز
منذ 39 دقائق
- جفرا نيوز
مكافآت مالية تنتظر الأندية الأردنية بعد الإنجاز المونديالي
جفرا نيوز - تستعد الأندية الأردنية، إلى جانب الأندية الخارجية التي ينتمي إليها عدد من لاعبي المنتخب الوطني لكرة القدم، لجني ثمار المشاركة التاريخية المرتقبة للنشامى في كأس العالم 2026، سواء من خلال الدعم المالي الذي يقدمه الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا" أو من خلال القيمة الفنية والتسويقية المتصاعدة لهؤلاء اللاعبين. وتنتظر هذه الأندية مكاسب مالية مباشرة من "فيفا"، الذي خصص ضمن برنامجه لتعويض الأندية عن مشاركة لاعبيها في كأس العالم مبالغ يومية تصل إلى حوالي 11 ألف دولار لكل لاعب، تصرف عن كل يوم يتواجد فيه اللاعب مع منتخب بلاده خلال البطولة. ويعد حلم المشاركة في كأس العالم حقا مشروعا لجميع اللاعبين في جميع أنحاء العالم، تكفله لوائح الاتحاد الدولي لكرة القدم "فيفا"، ولا يحق لأي ناد منع لاعبه من تلبية نداء منتخبه الوطني. ونظير ذلك لم ينكر "فيفا" دور هذه الأندية في إنجاح بطولاته، وأبرزها على الإطلاق كأس العالم للمنتخبات الذي يقام بشكل دوري كل أربع سنوات، وعليه قرر مكافأتها أو تعويضها ماليا عن الفترة التي تترك فيها الأندية لاعبيها للمشاركة في المونديال. ويستفيد كل ناد لعب له اللاعب المشارك في آخر سنتين سابقتين لمونديال 2026، وسبق أن شهدت هذه المبادرة استفادة 416 ناديا من 63 اتحادا عضوا من المبلغ نفسه بعد مونديال روسيا 2018، وفق "فيفا". وفي مونديال قطر 2022، دفع الاتحاد الدولي 209 ملايين دولار إلى 440 ناديا من 51 دولة شارك لاعبوها في البطولة، وكان من بينها أندية عالمية مثل مانشستر سيتي وبرشلونة وبايرن ميونيخ. وتصدرت أندية إنجلترا قائمة المستفيدين، فيما حصل مانشستر سيتي وحده على أكثر من 4.5 مليون دولار. وأنشأ الاتحاد الدولي هذا النظام قبل نهائيات كأس العالم 2010 في جنوب أفريقيا، بعد اتفاقية مع رابطة الأندية الأوروبية التي تضم فرقها معظم اللاعبين المشاركين في المسابقات الدولية. ومع توسعة عدد المنتخبات في مونديال 2026 إلى 48 منتخبا، وقع "فيفا" اتفاقية جديدة مع اتحاد الأندية الأوروبية ترفع قيمة الدعم إلى 355 مليون دولار موزعة على نسختي 2026 و 2030، ما يعني أن عدد الأندية المستفيدة سيرتفع، وكذلك إجمالي العوائد المالية. ويضم منتخب النشامى مجموعة من اللاعبين ينشطون في ثلاثي المقدمة بدوري المحترفين؛ الحسين إربد والوحدات والفيصلي، إلى جانب محترفين يلعبون في أندية أوروبية وآسيوية وعربية في مقدمتها رين الفرنسي وإف سي سيول الكوري الجنوبي والعربي القطري، فيما سيلتحق عدد من اللاعبين بأندية جديدة في الموسم المقبل ضمن صفقات انتقال نوعية بعد تأهل الأردن إلى كأس العالم. مشاركة مجموعة كبيرة من لاعبي المنتخب الذين ينشطون في الدوري الأردني ستعود بعائدات مالية على الأندية، قد تستخدم لسداد التزامات أو تعزيز فرق الفئات. كما أن اللاعبين العائدين من كأس العالم يتمتعون بسمعة أفضل وفرص احترافية أكبر، ما يمكن أنديتهم من الاستفادة مستقبلا من صفقات انتقال؛ إلى جانب ذلك فإن مشاركة النشامى في المحفل العالمي تعزز حضور الأندية الأردنية آسيويا وتفتح آفاقا لاستثمارات وشراكات رياضية. ويقدر مطلعون أن الأندية الأردنية قد تجني مئات الآلاف من الدولارات وربما أكثر، بحسب عدد اللاعبين المشاركين ومدة تواجدهم، ما يشكل دعما ماليا غير مسبوق يمكن البناء عليه لتحقيق استدامة رياضية ومؤسسية للأندية؛ إذ يتصدر الحسين إربد قائمة أكثر الأندية المستفيدة يليه الوحدات والفيصلي في الموسم الماضي، في انتظار أن تتضح الصورة حول الأندية المستفيدة في الموسم المقبل بعد نهاية فترتي التعاقد الأولى والثانية وقبل تحديد القائمة النهائية المشاركة في المونديال. ويحدد الاتحاد الدولي لكرة القدم خلال الأشهر المقبلة مواعيد تسليم القوائم الأولية والنهائية للمنتخبات المتأهلة، والشروط التي يجب أن تلتزم بها المنتخبات في قوائمها التي زاد عدد لاعبيها في هذه النسخة من المونديال. وسيتعين على مدربي فرق كأس العالم لكرة القدم إرسال القوائم الأولية لمنتخباتهم ضمن موعد محدد، ويجب أن ترسل كل دولة من الدول المشاركة والبالغ عددها 48 قائمة تتضمن 35 لاعبا حد أدنى و 55 حدا أقصى، في خطوة أولى بعملية الاختيار. وسيكون أمام المدربين موعد محدد لاتخاذ قراراتهم بشأن قائمتهم النهائية المكونة من 26 لاعبا، ليعلن "فيفا" جميع القوائم في اليوم التالي على موقعه. ويجب اختيار القائمة النهائية من الأسماء الواردة في القائمة الأولية دون السماح بأي تغييرات متأخرة كما تنص لوائح وقواعد كأس العالم. وعلى الصعيد المالي الخاص بالاتحادات، ينتظر الاتحاد الأردني لكرة القدم دفعات مالية كبيرة، إذ سيحصل النشامى على جائزة مالية قدرها 10.5 مليون دولار من الاتحاد الدولي لكرة القدم، منها 1.5 مليون دولار نظير فترة الإعداد، و 9 ملايين دولار مكافأة المشاركة في دور المجموعات، وتزيد قيمة الدعم إذا تأهل المنتخب إلى الأدوار المتقدمة من البطولة العالمية.


صراحة نيوز
منذ ساعة واحدة
- صراحة نيوز
صندوق النقد الدولي يمنح الأردن 134 مليون دولار لدعم الاقتصاد
صراحة نيوز – أعلن صندوق النقد الدولي اليوم استكمال المراجعة الثالثة لبرنامج 'تسهيل الصندوق الممدد' (EFF) مع الأردن، مما يتيح للمملكة الحصول الفوري على مبلغ يعادل 97.784 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أي ما يقارب 134 مليون دولار، دعماً لبرنامج الإصلاح الاقتصادي الذي تنفذه الحكومة. كما وافق المجلس التنفيذي للصندوق على ترتيب جديد مع الأردن ضمن 'برنامج المرونة والاستدامة' (RSF) يمتد لـ30 شهراً، بقيمة تصل إلى 514.65 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (حوالي 700 مليون دولار)، ويهدف هذا البرنامج إلى معالجة مواطن الضعف طويلة الأجل في قطاعي المياه والكهرباء، وتعزيز قدرة المملكة على مواجهة الأزمات الصحية المستقبلية. وكان الصندوق قد أقرّ في يناير 2024 برنامجاً ممدداً للأردن بقيمة إجمالية تصل إلى 926.37 مليون وحدة حقوق سحب خاصة (نحو 1.3 مليار دولار)، وبموجب إتمام المراجعة الثالثة، ترتفع السحوبات التي حصلت عليها المملكة إلى 437.454 مليون وحدة (ما يعادل نحو 595 مليون دولار). وأكد الصندوق أن برنامج الأردن الاقتصادي يسير على المسار الصحيح، ويعكس التزام الحكومة بسياسات اقتصادية كلية سليمة وإصلاحات هيكلية تهدف إلى تعزيز الاستقرار والنمو وتوفير فرص العمل. وأوضح الصندوق أن الأردن حافظ على الاستقرار الاقتصادي رغم التحديات الإقليمية، حيث بلغ معدل النمو 2.5% في 2024 مع توقعات بتحسن مستقبلي، فيما ظل التضخم منخفضاً بفضل سياسة نقدية متوازنة وسعر صرف ثابت. كما تجاوزت احتياطيات البنك المركزي من النقد الأجنبي 20 مليار دولار، متجاوزة المعايير الدولية للملاءة. ويتركز برنامج 'المرونة والاستدامة' على تعزيز الكفاءة المالية في قطاع الطاقة، تحسين إدارة المياه، تقوية قدرة القطاع المالي على مواجهة الصدمات، ورفع الجاهزية للأزمات الصحية والجوائح. وفي تصريح له، أكد نائب المدير التنفيذي للصندوق، كينجي أوكامورا، أن الأردن نجح في الحفاظ على الاستقرار الاقتصادي وسط الظروف الإقليمية المتقلبة، مشدداً على ضرورة مواصلة الإصلاحات الهيكلية لتعزيز بيئة الأعمال وجذب الاستثمارات الخاصة.