
لنكتب تيفيناغ'.. من الانتظار إلى الإنجاز
رشيد بوهدوز،
رئيس اللجنة الأمازيغية بحزب الأصالة والمعاصرة
حين صدحت حناجر المغاربة بالتصويت لصالح دستور 2011، لم يكن ذلك مجرد إقرار لتعديلات قانونية، بل كان تعبيراً صادقاً عن إرادة جماعية وتوق عميق لبناء مغرب الإنصاف والكرامة، مغرب يعتز بهويته الوطنية الأصيلة التي تشكّلت عبر آلاف السنين، واغتنت بتعدد روافدها الثقافية دون أن يفقد جوهر انتمائه أو يتنازل عن ثوابته الراسخة. وفي قلب هذا العقد الاجتماعي الجديد، جاء الاعتراف بعمق الهوية المغربية بترسيم اللغة الأمازيغية، جنباً إلى جنب مع اللغة العربية، كلغة رسمية للبلاد، وهو الترسيم الذي حظي وما زال يحظى بالعناية المولوية السامية لجلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يؤكد على مركزية الأمازيغية كأساس الهوية المغربية، منذ خطابه التاريخي بأجدير.
لكن، بعد مرور سنوات على هذا الإنجاز الدستوري الكبير، لا يزال السؤال يتردد في نفوس الكثيرين من أبناء وطننا وهو تساؤل مشروع: متى نرى لغتنا الأمازيغية، هذا الجزء الأصيل منّا، حاضرة فعلاً في تفاصيل حياتنا اليومية؟ في وثائقنا الإدارية، على واجهات مؤسساتنا، في لافتات شوارعنا، وفي كل فضاء عام يجمعنا؟
من هذا الشعور بالمسؤولية، ومن عمق إيماننا بضرورة ترجمة الإرادة الملكية والتطلعات الشعبية إلى واقع ملموس، ومساهمة منا في هذا الورش الذي نراه من أولوياتنا، انبثقت مبادرة 'لنكتب تيفيناغ' التي كان لنا شرف إطلاقها كمناضلي البام خلال دورة مجلسه الوطني الأخيرة. إنها ليست مجرد مشروع لغوي عابر، بل هي إعلان صريح عن التزام سياسي ومجتمعي عميق بالانتقال من مرحلة التوصيات والخطابات إلى المساهمة في الفعل والإنجاز، ومن الاعتراف الرمزي إلى الحضور الحقيقي النابض بالحياة للغة الأمازيغية.
تيفيناغ عنوان كرامة وهوية
المواطنة الحقة لا تكتمل إلا حين يشعر كل فرد بأن الدولة ومؤسساتها تعترف به بلغته وثقافته، وتضمن حضورها الفعلي في كل ما يحيط به. ولأن اللغة لا تترسخ إلا بالاستعمال والحضور المرئي، فإن عدم تعميم الأمازيغية في التشوير الإداري واللافتات العمومية كان يمثل فراغاً لا بد من ملئه. مبادرة 'لنكتب تيفيناغ' جاءت لتسد هذه الثغرة، ولتعيد الاعتبار لحق كل مغربي ومغربية في رؤية لغتهم الأصيلة تزين فضاءهم العام، وتخاطبهم بها مؤسسات وطنهم.
ما نسعى إليه يتجاوز مجرد كتابة كلمات بتيفيناغ؛ هدفنا هو بناء علاقة جديدة بين المواطن ومحيطه، علاقة يشعر فيها الناطق بالأمازيغية أن لغته ليست غريبة، وأن كرامته اللغوية والثقافية مصونة. فحرف تيفيناغ ليس مجرد نظام كتابي أو زخرفة، بل هو شيفرة حضارية، وامتداد تاريخي يربط حاضرنا بجذورنا الضاربة في أعماق هذه الأرض، ويحمل ذاكرة وهوية وتاريخاً مجيداً. حين يرى المواطن اسم مرفق أو طريق مكتوباً بتيفيناغ، لا يشعر بالغربة، بل بالانتماء والاعتزاز. وهذه المبادرة هي رسالة لأجيالنا القادمة بأن لغتهم الأم حاضرة، معترف بها، ومكرمة في وطنهم.
رؤية متكاملة ومقاربة عملية
'لنكتب تيفيناغ' ليست شعاراً موسمياً أو حملة دعائية، بل هي مشروع هيكلي متكامل، انطلق من نقاش مسؤول داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وتوج بتوافق مؤسساتي ودعم قوي من رئاسة المجلس الوطني. وقد حرصنا، داخل اللجنة الأمازيغية وبتعاون مع باقي النشطاء، على بلورة تصور عملي ومستدام يقوم على أسس واضحة:
• إبرام شراكات فاعلة: مع الجماعات الترابية التي يسيرها الحزب، لتكون سباقة في تفعيل استخدام الأمازيغية بحرف تيفيناغ في التشوير والوثائق والمراسلات الرسمية.
• إحداث خلية وطنية للمواكبة والتتبع: تتولى هذه الخلية مهمة الترجمة الدقيقة إلى الأمازيغية، وتوفير الدعم التقني واللغوي اللازم، وضمان توحيد المعايير.
• إطلاق برامج تكوينية متخصصة: لفائدة المنتخبين والموظفين الجماعيين، لضمان فهم عميق للمبادرة وتنفيذ سليم ومستدام لها على أرض الواقع.
بهذه الآليات، نؤسس لعمل جاد ومستمر، لا لمبادرات ظرفية، عمل يضع الأمازيغية في صلب السياسات الحزبية ويلزم جميع هياكلنا ومنتخبينا بتنفيذها.
من التنوع الخلاق إلى الوحدة المتينة
لقد أثبت تاريخ المغرب العريق أن تنوعه الثقافي واللغوي ليس بتعدد في الهويات، بل هو تعبير عن غنى حضاري داخل إطار وطني واحد متجذر في عمق التاريخ. والمغرب، كأمة ذات هوية راسخة ومتينة، لا يمكنه أن يبني وحدته الوطنية الصلبة إلا على أساس الاعتراف العادل والمتوازن بكل مكوناته الثقافية وروافده المتنوعة. إن العدالة اللغوية، في قناعتنا الراسخة، هي شرط أساسي للديمقراطية التشاركية، ولا يمكن تصور تحقيق تنمية شاملة ومستدامة دون ضمان الكرامة الثقافية واللغوية لجميع المواطنين ضمن وحدة وطنية متماسكة.
العناية الملكية السامية بوصلة ودافع لمبادرتنا
منذ الخطاب الملكي التاريخي بأجدير سنة 2001، الذي شكل منعطفاً حاسماً في مسار القضية الأمازيغية، ظل جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الضامن الأول والداعم الأكبر للمسار المؤسساتي للأمازيغية، سواء في التعليم أو الإعلام أو الثقافة أو التشريع. واليوم، ونحن في حزب الأصالة والمعاصرة نُطلق مبادرة 'لنكتب تيفيناغ'، فإننا نعتبر أنفسنا جزأً لا يتجزأ من هذا الجهد الوطني، مساهمين بصدق في تفعيل هذه الإرادة الملكية السامية، وملتزمين بترجمتها إلى خطوات عملية وملموسة على مستوى الجماعات والفضاء ات المحلية التي نتحمل فيها مسؤولية التدبير. فالقضية الأمازيغية، في جوهرها، قضية وطن بأكمله، وهي مسؤولية دولة ومجتمع، تتجاوز أي مزاج سياسي أو ظرفية انتخابية.
دعوة للتعبئة الجماعية من أجل لغتنا وهويتنا
من موقعي كرئيس للجنة الأمازيغية والمسؤولية الملقاة على عاتقي في الإشراف على هذه المبادرة الطموحة، أوجه نداءً صادقاً ومفتوحاً لكل الفاعلين الحزبيين، مناضلات ومناضلين، منتخبين ومنتخبات، للانخراط الجاد والفعال والمستمر في إنجاح 'لنكتب تيفيناغ'. كما أمد يدي بكل اعتزاز لباقي الأحزاب السياسية الوطنية والمؤسسات المعنية والمجتمع المدني، من أجل تضافر الجهود والعمل المشترك على تنزيل الأمازيغية على أرض الواقع، ورد الاعتبار الكامل لها.
لنكتب تيفيناغ، لأننا نؤمن بعدالة هذه اللغة وشرعية حضورها في كل مناحي الحياة.
لنكتب تيفيناغ، لأن الهوية الثقافية التي تمثلها ليست مجرد موروث من الماضي، بل أفق رحب لمستقبلنا الوطني المشترك.
لنكتب تيفيناغ، لأن هذه القضية ليست مجرد مطلب، بل هي رمز كرامة أمة بأكملها، وواجب ملك وشعب معًا.
إنها ليست سوى بداية الطريق نحو هدف نبيل، ونحن عازمون على المضي فيه بثقة وثبات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


حزب الأصالة والمعاصرة
منذ 2 أيام
- حزب الأصالة والمعاصرة
لنكتب تيفيناغ'.. من الانتظار إلى الإنجاز
رشيد بوهدوز، رئيس اللجنة الأمازيغية بحزب الأصالة والمعاصرة حين صدحت حناجر المغاربة بالتصويت لصالح دستور 2011، لم يكن ذلك مجرد إقرار لتعديلات قانونية، بل كان تعبيراً صادقاً عن إرادة جماعية وتوق عميق لبناء مغرب الإنصاف والكرامة، مغرب يعتز بهويته الوطنية الأصيلة التي تشكّلت عبر آلاف السنين، واغتنت بتعدد روافدها الثقافية دون أن يفقد جوهر انتمائه أو يتنازل عن ثوابته الراسخة. وفي قلب هذا العقد الاجتماعي الجديد، جاء الاعتراف بعمق الهوية المغربية بترسيم اللغة الأمازيغية، جنباً إلى جنب مع اللغة العربية، كلغة رسمية للبلاد، وهو الترسيم الذي حظي وما زال يحظى بالعناية المولوية السامية لجلالة الملك محمد السادس، الذي ما فتئ يؤكد على مركزية الأمازيغية كأساس الهوية المغربية، منذ خطابه التاريخي بأجدير. لكن، بعد مرور سنوات على هذا الإنجاز الدستوري الكبير، لا يزال السؤال يتردد في نفوس الكثيرين من أبناء وطننا وهو تساؤل مشروع: متى نرى لغتنا الأمازيغية، هذا الجزء الأصيل منّا، حاضرة فعلاً في تفاصيل حياتنا اليومية؟ في وثائقنا الإدارية، على واجهات مؤسساتنا، في لافتات شوارعنا، وفي كل فضاء عام يجمعنا؟ من هذا الشعور بالمسؤولية، ومن عمق إيماننا بضرورة ترجمة الإرادة الملكية والتطلعات الشعبية إلى واقع ملموس، ومساهمة منا في هذا الورش الذي نراه من أولوياتنا، انبثقت مبادرة 'لنكتب تيفيناغ' التي كان لنا شرف إطلاقها كمناضلي البام خلال دورة مجلسه الوطني الأخيرة. إنها ليست مجرد مشروع لغوي عابر، بل هي إعلان صريح عن التزام سياسي ومجتمعي عميق بالانتقال من مرحلة التوصيات والخطابات إلى المساهمة في الفعل والإنجاز، ومن الاعتراف الرمزي إلى الحضور الحقيقي النابض بالحياة للغة الأمازيغية. تيفيناغ عنوان كرامة وهوية المواطنة الحقة لا تكتمل إلا حين يشعر كل فرد بأن الدولة ومؤسساتها تعترف به بلغته وثقافته، وتضمن حضورها الفعلي في كل ما يحيط به. ولأن اللغة لا تترسخ إلا بالاستعمال والحضور المرئي، فإن عدم تعميم الأمازيغية في التشوير الإداري واللافتات العمومية كان يمثل فراغاً لا بد من ملئه. مبادرة 'لنكتب تيفيناغ' جاءت لتسد هذه الثغرة، ولتعيد الاعتبار لحق كل مغربي ومغربية في رؤية لغتهم الأصيلة تزين فضاءهم العام، وتخاطبهم بها مؤسسات وطنهم. ما نسعى إليه يتجاوز مجرد كتابة كلمات بتيفيناغ؛ هدفنا هو بناء علاقة جديدة بين المواطن ومحيطه، علاقة يشعر فيها الناطق بالأمازيغية أن لغته ليست غريبة، وأن كرامته اللغوية والثقافية مصونة. فحرف تيفيناغ ليس مجرد نظام كتابي أو زخرفة، بل هو شيفرة حضارية، وامتداد تاريخي يربط حاضرنا بجذورنا الضاربة في أعماق هذه الأرض، ويحمل ذاكرة وهوية وتاريخاً مجيداً. حين يرى المواطن اسم مرفق أو طريق مكتوباً بتيفيناغ، لا يشعر بالغربة، بل بالانتماء والاعتزاز. وهذه المبادرة هي رسالة لأجيالنا القادمة بأن لغتهم الأم حاضرة، معترف بها، ومكرمة في وطنهم. رؤية متكاملة ومقاربة عملية 'لنكتب تيفيناغ' ليست شعاراً موسمياً أو حملة دعائية، بل هي مشروع هيكلي متكامل، انطلق من نقاش مسؤول داخل حزب الأصالة والمعاصرة، وتوج بتوافق مؤسساتي ودعم قوي من رئاسة المجلس الوطني. وقد حرصنا، داخل اللجنة الأمازيغية وبتعاون مع باقي النشطاء، على بلورة تصور عملي ومستدام يقوم على أسس واضحة: • إبرام شراكات فاعلة: مع الجماعات الترابية التي يسيرها الحزب، لتكون سباقة في تفعيل استخدام الأمازيغية بحرف تيفيناغ في التشوير والوثائق والمراسلات الرسمية. • إحداث خلية وطنية للمواكبة والتتبع: تتولى هذه الخلية مهمة الترجمة الدقيقة إلى الأمازيغية، وتوفير الدعم التقني واللغوي اللازم، وضمان توحيد المعايير. • إطلاق برامج تكوينية متخصصة: لفائدة المنتخبين والموظفين الجماعيين، لضمان فهم عميق للمبادرة وتنفيذ سليم ومستدام لها على أرض الواقع. بهذه الآليات، نؤسس لعمل جاد ومستمر، لا لمبادرات ظرفية، عمل يضع الأمازيغية في صلب السياسات الحزبية ويلزم جميع هياكلنا ومنتخبينا بتنفيذها. من التنوع الخلاق إلى الوحدة المتينة لقد أثبت تاريخ المغرب العريق أن تنوعه الثقافي واللغوي ليس بتعدد في الهويات، بل هو تعبير عن غنى حضاري داخل إطار وطني واحد متجذر في عمق التاريخ. والمغرب، كأمة ذات هوية راسخة ومتينة، لا يمكنه أن يبني وحدته الوطنية الصلبة إلا على أساس الاعتراف العادل والمتوازن بكل مكوناته الثقافية وروافده المتنوعة. إن العدالة اللغوية، في قناعتنا الراسخة، هي شرط أساسي للديمقراطية التشاركية، ولا يمكن تصور تحقيق تنمية شاملة ومستدامة دون ضمان الكرامة الثقافية واللغوية لجميع المواطنين ضمن وحدة وطنية متماسكة. العناية الملكية السامية بوصلة ودافع لمبادرتنا منذ الخطاب الملكي التاريخي بأجدير سنة 2001، الذي شكل منعطفاً حاسماً في مسار القضية الأمازيغية، ظل جلالة الملك محمد السادس، نصره الله، الضامن الأول والداعم الأكبر للمسار المؤسساتي للأمازيغية، سواء في التعليم أو الإعلام أو الثقافة أو التشريع. واليوم، ونحن في حزب الأصالة والمعاصرة نُطلق مبادرة 'لنكتب تيفيناغ'، فإننا نعتبر أنفسنا جزأً لا يتجزأ من هذا الجهد الوطني، مساهمين بصدق في تفعيل هذه الإرادة الملكية السامية، وملتزمين بترجمتها إلى خطوات عملية وملموسة على مستوى الجماعات والفضاء ات المحلية التي نتحمل فيها مسؤولية التدبير. فالقضية الأمازيغية، في جوهرها، قضية وطن بأكمله، وهي مسؤولية دولة ومجتمع، تتجاوز أي مزاج سياسي أو ظرفية انتخابية. دعوة للتعبئة الجماعية من أجل لغتنا وهويتنا من موقعي كرئيس للجنة الأمازيغية والمسؤولية الملقاة على عاتقي في الإشراف على هذه المبادرة الطموحة، أوجه نداءً صادقاً ومفتوحاً لكل الفاعلين الحزبيين، مناضلات ومناضلين، منتخبين ومنتخبات، للانخراط الجاد والفعال والمستمر في إنجاح 'لنكتب تيفيناغ'. كما أمد يدي بكل اعتزاز لباقي الأحزاب السياسية الوطنية والمؤسسات المعنية والمجتمع المدني، من أجل تضافر الجهود والعمل المشترك على تنزيل الأمازيغية على أرض الواقع، ورد الاعتبار الكامل لها. لنكتب تيفيناغ، لأننا نؤمن بعدالة هذه اللغة وشرعية حضورها في كل مناحي الحياة. لنكتب تيفيناغ، لأن الهوية الثقافية التي تمثلها ليست مجرد موروث من الماضي، بل أفق رحب لمستقبلنا الوطني المشترك. لنكتب تيفيناغ، لأن هذه القضية ليست مجرد مطلب، بل هي رمز كرامة أمة بأكملها، وواجب ملك وشعب معًا. إنها ليست سوى بداية الطريق نحو هدف نبيل، ونحن عازمون على المضي فيه بثقة وثبات.


حزب الأصالة والمعاصرة
منذ 2 أيام
- حزب الأصالة والمعاصرة
مبادرة سنكتب تيفيناغ قراءة في الدلالات
في مؤتمره الثلاثين للمجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة، تم الإعلان عن مبادرة 'أنري تيفيناغ' من طرف رئيسة المجلس الوطني للحزب، السيدة نجوى كوكوس. ووفق منطوق تفسيراتها للمبادرة، يُفهم أنها موجهة إلى رؤساء الجهات، رؤساء المجالس المنتخبة، رؤساء الغرف المهنية، ورؤساء الجماعات الترابية، بغرض إدراج الأمازيغية بحروف تيفيناغ إلى جانب اللغة العربية على الواجهات وداخل مقرات المجالس والهيئات المنتخبة التابعة لحزب الأصالة والمعاصرة، بموجب تعهد ملزم، انسجامًا مع المادة 27 من القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية، والتي تقول: 'يتم استعمال اللغة الأمازيغية، إلى جانب اللغة العربية، في اللوحات وعلامات التشوير المثبتة على الواجهات وداخل مقرات الإدارات والمرافق العمومية والمؤسسات والمنشآت العمومية والمجالس والهيئات الدستورية والمجالس والهيئات المنتخبة'. مبادرة سنكتب تيفيناغ تكرس الإرادة الجماعية لثاني قوة سياسية في المغرب لإدراج الأمازيغية في الفضاء العام، مما يجعل منها مبادرة استثنائية وريادية في تاريخ الأحزاب السياسية المغربية لما تحمله من رسائل ودلالات تفرض الشرح والتفصيل فقد أصبحت محطة اهتمام الكثيرين بعد أن تناولتها الصحافة الوطنية بكثير من الاهتمام. لم تكن المبادرة وليدة نزوعات انتخابية بل استندت إلى مرجعيات قانونية ملزمة منها بلاغ الديوان الملكي القاضي باعتماد حرف تيفيناغ للكتابة بالأمازيغية في 10 فبراير 2003، علاوة على عدة فصول من الدستور المغربي التي تناصر المساواة وتكافئ الفرص وتدعو لصيانة تلاحم وتنوع مقومات الهوية الوطنية، وتؤكد أن الأمازيغية لغة رسمية للدولة باعتبارها رصيدا مشتركا لكل المغاربة بدون استثناء … إنها مبادرة تحترم الدستور المغربي، الإرادة الملكية، المواطن المغربي، التنوع الثقافي الذي يميز بلدنا، وتحترم أيضا تاريخنا العريق وأجدادنا العظماء. مبادرة سنكتب تيفيناغ تكريس لمواقف إيجابية سابقة لحزب الأصالة والمعاصرة لا بأس أن أذكر جزءا منها نظرا لوزنها وانسجامها مع مطالب الحركة الثقافية الامازيغية: – النضال من أجل التنصيص على الأمازيغية كلغة رسمية إلى جانب العربية في دستور2011، – النضال من أجل إقرار القانون رقم 40.17 المتعلق بالنظام الأساسي لبنك المغرب، الأمازيغية في العملات والأوراق النقدية الى جوار العربية، – النضال بغرض إدراج اللغة الأمازيغية في البطاقة الوطنية، بموجب مقترح تعديل داخل البرلمان، – إحداث هيكل تنظيمي ضمن اللجان الوظيفية للحزب يسمى 'لجنة الأمازيغية' مهمتها الدفاع عن اللغة والثقافة الأمازيغيتين، – تفعيل الوزير البامي عبد اللطيف وهبي في الحكومة الحالية لمقتضيات المادة 36 من القانون التنظيمي رقم 16-26 المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وكيفيات إدماجها في مجال التعليم وفي مجالات الحياة العامة ذات الأولوية بإدراج الامازيغية في محاكم المملكة، – بحث وزارة الثقافة في الآليات الممكنة لتسجيل التراث الامازيغي المادي واللامادي في لائحة التراث العالمي اليونسكو… – تعزيز حضور اللغة الأمازيغية في تدبير أجهزة ومؤسسات الحزب، وكذلك في الحضور اليومي لعمل منتخبي الحزب بالجماعات الترابية التي يدبرونها وهي قناعة رسخها البيان الختامي البيان الختامي للدورة 30 للمجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة… مبادرة سنكتب تيفيناغ لها امتداد وطني يشمل كل مساحة وجغرافية بلدنا المغرب في بواديه ومدنه وفي شماله وجنوبه، لها استمرار في الزمان والمكان مما يرسخ اسم حزب الأصالة والمعاصرة في ذهنية المواطن المغربي خاصة الناطقين بالأمازيغية فهم سيلمسون في هذه المبادرة احتراما للأرض، للإنسان، وللغة. إن المواطن سيشعر بأن الدولة تعترف به، بلغته، بأصالته، بتاريخ أجداده مما يقوي لديه حس الانتماء. فهي -أي الدولة- ليست مفروضة عليه من فوق، بل هي امتداد لهويته. مبادرة سنكتب تيفيناغ مثقلة بحس جماعي مشترك لدى كل مناضلي حزب الأصالة والمعاصرة، يقوم على تصورات واضحة تشهد على: – عزم وإرادة وتخطيط واستمرارية، – تستحضر الأمازيغية كموضوع وهدف وليس أداة إجرائية للكتابة فقط، – توثق الانخراط الجماعي لإدراج الأمازيغية في الفضاء العام بموجب التزام مكتوب تعتمد آليات عملية تطبيقية وفق ازمنة محددة (سكرتارية، برنامج عمل…)، – تلزم الذين يهمهم الأمر باحترام روح المبادرة وأهدافها، والسعي لتحقيقها ميدانيا، – تحرص على احترام ضوابط الكتابة المعيارية وفق معايير مركز التهيئة اللغوية التابع للمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، – كما تحترم حجم الكتابة بشكل متساو مع العربية أو الفرنسية وبرؤية بصرية موحدة. مبادرة سنكتب تيفيناغ تأكيد على الاستقلال الرمزي للدولة المغربية وعراقتها، تحصين للدولة المغربية من الهيمنة الأجنبية، فيها ربط للغة بالأرض والذاكرة، تحقق التميز البصري والثقافي المغربيين، فيها مصالحة مع أقدم الأبجديات المغربية، فقد منحها الحزب الحق في الظهور، فيها اعتراف بمجهودات مؤسسات الدولة المغربية خاصة المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية الذي جعل من حروف تيفيناغ صنعا مغربيا يعتمد في كل بقاع العالم وفي كبريات شركات التكنولوجيات الحديثة في إطار مشروع عالمي موحَّد لتنميط الحروف والرموز. مبادرة 'أنري تيفيناغ' انخراط جدي في تفعيل مبدئ الأمازيغية ملك لكل المغاربة بدون استثناء. بقلم: أحمد زاهد، عضو المجلس الوطني لحزب الأصالة والمعاصرة


البوابة الوطنية
منذ 2 أيام
- البوابة الوطنية
الزربية الطاطاوية.. موروث عريق يجمع بين الإبداع والأصالة
تبدأ رحلة إبداعهن من الطبيعة، حيث البحث عن الأدوات والمستخلصات المرتبطة بالبيئة الوحاتية التي تميز إقليم طاطا. من قطف أوراق شجر الحناء إلى جمع قشور الرمان مرورا بنبتتي النيلة والفوة، تشرع نسوة جماعتي فم زكيد وتليت في طقوسهن الخاصة المرتبطة بنسج الزربية الطاطاوية التقليدية، في مشهد يجمع بين الإبداع والأصالة. وتواصل صناعة السجاد التقليدي تأكيد مكانتها كواحدة من أبرز المظاهر التراثية التي تجسد الهوية الثقافية المحلية، حيث تعكس إبداعا فنيا تميزت به المرأة القروية، التي تطورت مع الزمن إلى فنانة ماهرة في هذه الحرفة العريقة المتوراثة عبر الأجيال. وتعتبر هذه الحرفة اليدوية العريقة رافدا اقتصاديا وموروثا حضاريا يعكس علاقة الإنسان بيئته، إذ ت نسج الخيوط المشكلة للزربية بعناية لإنتاج قطع فنية مزينة بزخارف هندسية مستوحاة من الثقافة الأمازيغية العريقة. وتتميز الزرابي الأمازيغية بألوانها الطبيعية المتنوعة وأشكالها المتناغمة كحروف تيفيناغ والحلي التي تتزين بها المرأة الأمازيغية في تلك المناطق، ما يجعل منها لوحات فنية حية تجسد تراث الأمازيغ الأصيل، وهي غالبا ما تحتوي على رموز وألوان تعبر عن معتقداتهم وحياتهم اليومية. وتستغرق عملية صناعة الزربية الطاطاوية وقتا وجهدا كبيرين، وتعكس هذه العملية التقليدية حرفة فريدة ومهارة عالية، حيث تبدأ بجمع الصوف والذي غالبا ما يكون صوف الأغنام الذي يتميز بقوته ومرونته، وفي بعض الأحيان يستخدم القطن أيضا. وبعد جمع الصوف، يتم غسله جيدا لإزالة الأوساخ والشوائب، إذ يتم استخدام مواد طبيعية في عملية التنظيف، تليه عملية الغزل يدويا لتكوين خيوط، وذلك باستخدام مغازل تقليدية، وقد يكون رقيقا أو سميكا حسب التصميم المراد. بعد ذلك، ت نسج الزربية باستخدام النول، وهو إطار خشبي يحتوي على خيوط الأساس، يتم إدخال الخيوط الملونة عبر النول بطريقة ت نتج النمط والتصميم المطلوب، وبعد الانتهاء تتم عملية التشطيب من خلال قطع الزربية من النول لت نظف مرة أخرى، بعدها ت ضاف الزخارف أو التفاصيل اليدوية النهائية لتعزيز جمال الزربية لتكون جاهزة للتسويق. ويحظى السجاد الطاطاوي بمكانة خاصة داخل الأسواق العتيقة، حيث يجذب بشكل خاص السياح الأجانب، الذين ينبهرون بجماليته ومدى اتقانه مما يساهم في الترويج للصناعة التقليدية المحلية. ورغم أهمية هذه الحرفة في تعزيز مكانة المرأة القروية والحفاظ على التراث المحلي، تواجه صناعة الزربية عدة تحديات، أبرزها تراجع الطلب على المنتوجات التقليدية، ومنافسة المنتجات الصناعية، وارتفاع كلفة المواد الأولية. وفي هذا الإطار، تبذل تعاونية" المجد" النسوية الحرفية للصناعة التقليدية بفم زكيد جهودا متواصلة، مدعومة ببرامج التنمية المجالية، لتثمين هذه الصناعة وفتح قنوات تسويقية جديدة محليا ووطنيا، بالإضافة إلى الترويج للمنتوجات في المعارض والمسارات السياحية. وفي هذا الصدد، أبرزت رئيسة تعاونية" المجد"، لطيفة مساي، أن صناعة الزربية التقليدية بفم زكيد تجاول المجاوزة بين المحافظة على التراث وتعزيز التمكين الاقتصادي للنساء المشتغلات بالتعاونية، موضحة أن ما يميز هذه الزربية اعتمادها بشكل كلي على كل ما تجود به الطبيعة من مواد أولية، وهو ما يضفي عليها جمالا استثنائيا وطابعا أصيلا. وأضافت في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن هذه الزرابي يتم نسجها عادة على آلات تقليدية بسيطة، إما في المنازل أو في ورشات متخصصة، ويختلف نمط الزربية من واحدة إلى أخرى حيث يتميز كل نوع بنقوشه وألوانه ومواد صنعه. وفي سياق دعم التكوين المهني لقطاع الصناعة التقليدية، يحتضن مركز التأهيل المهني في فنون الصناعة التقليدية بطاطا دورات تكوينية متخصصة في صناعة الزربية التقليدية، بهدف تطوير مهارات المستفيدين وتعزيز اندماجهم الاقتصادي. وفي هذا السياق، أوضح محمد صداق، إطار بغرفة الصناعة التقليدية بجهة سوس ماسة، أن هذه الدورات تشكل فرصة حقيقية للمرأة الطاطاوية لإبراز مؤهلاتها وتبادل الخبرات وتمكينها من الولوج إلى سوق الشغل. وأشار إلى أن هذه التكوينات تعد رافعة أساسية لتشجيع الشباب على اقتحام مجالات الصناعة التقليدية، ودعم التمكين الاقتصادي للنساء في المناطق القروية، بما يفتح آفاقا واعدة للتشغيل الذاتي. فبين تحديات المحافظة على التراث وفرص التمكين الاقتصادي، تواصل صناعة الزربية التقليدية بطاطا كتابة فصول جديدة من تاريخها، مدفوعة بعزيمة صانعاتها وإرادة الفاعلين المحليين في إبراز قيمتها التراثية والثقافية. (ومع: 03 يونيو 2025)