logo
نائب مدير" لوفيغارو" زار جامعة الروح القدس -الكسليك

نائب مدير" لوفيغارو" زار جامعة الروح القدس -الكسليك

ليبانون 24٢١-٠٢-٢٠٢٥

لبّى نائب مدير صحيفة لو فيغارو الفرنسية، إيف تريارد دعوة من جامعة الروح القدس – الكسليك لزيارة حرم الجامعة، حيث استقبله رئيس الجامعة، الأب طلال هاشم في مكتبه، وتم خلال اللقاء البحث في الأوضاع العامة والشؤون التربوية.
بعد ذلك، التقى تريارد طلاب الجامعة، لاسيما طلاب الإعلام والترجمة والحقوق والعلوم السياسية، الذين طرحوا أسئلتهم على المحاضر خلال جلسة حوارية بعنوان: "الصحافة التدخّلية: مساحة للحوار والوساطة والتفكير الديناميكي"، هدفت إلى استكشاف قوة الصحافة في تشكيل الحوار العالمي.
أدارت الجلسة الدكتورة ليا يحشوشي، في حضور رئيس الجامعة الأب طلال هاشم وأعضاء مجلسها، إضافة إلى شخصيات سياسية وديبلوماسية وتربوية وإعلامية...
وقد أتاح هذا الحدث الاستثنائي الذي نظمه مكتب العلاقات الدولية في الجامعة،" فرصة كبيرة أمام الطلاب للتفكير في التحديات الجديدة التي تواجه الصحافة الدولية ودورها في المجتمع المعاصر"، كما اشارت الجامعة في بيان.
رحّبت الدكتورة يحشوشي بالحضور في بداية اللقاء، مشيرةً إلى "أن الصحافة ليست مجرد نقل للمعلومات، بل دورها يتعدى ذلك إلى التوضيح والتدخل وحتى إحداث بعض الجدل". وأشارت إلى "التحديات التي يفرضها العصر الرقمي على الصحافة، حيث تنتشر الشائعات بسرعة هائلة، ويُستخدم الذكاء الاصطناعي في كتابة المقالات"، متسائلة: "كيف يمكننا الموازنة بين السرعة والدقة، الاستقلالية والالتزام، والتقنيات الحديثة والقيم الصحفية؟ هذا بالضبط ما سنستكشفه اليوم مع السيد إيف تريارد، الذي يُشرّفنا بمشاركة خبرته معنا".
ثم ألقى عميد كلية الحقوق والعلوم السياسية في الجامعة الأب الدكتور وسام الخوري أشاد فيها "بمسيرة الضيف التي تعكس شغفه بالمعرفة والتحليل، إذ جمع بين دراستي القانون والآداب ليحقق نجاحًا في المجال الصحفي"، منوهًا "بمكانته في صميم القضايا الإعلامية المعاصرة." وشدد على "أهمية التبادل بين المهنيين والأجيال الشابة"، مشيرًا إلى" التزام الجامعة بتكوين عقول حرة وناقدة ومسؤولة". كما شدد على "دور الجامعة في تأهيل الشباب، والدفاع عن قيم المعرفة والحقيقة والمساهمة بفعالية في تقدم المجتمع، رغم التحديات العديدة التي يواجهها لبنان".
ثم بدأ تريارد محاضرته متناولًا أحد المواضيع الرئيسية، وهو العلاقة المعقدة بين الإعلام والسياسة. وأبرز الدور الحاسم للصحفيين في تغطية الأزمات، لا سيما خلال جائحة كوفيد-19، مؤكدًا "أن الأزمة الصحية قد أظهرت أهمية الإعلام في تشكيل الرأي العام، لكنها كشفت أيضًا عن مخاطر المعلومات السريعة والمتحيزة أحيانًا". وأشار إلى "أن تحرير الأخبار يؤدي إلى تداخل الحدود بين الحقائق والآراء، وهي ظاهرة باتت واضحة بشكل خاص في النقاشات التلفزيونية والمقالات الصحفية. وهذا يثير تساؤلات حول مسؤولية وسائل الإعلام في تشكيل الخطاب العام وتأثير القرارات السياسية على وعي المواطنين".
وكانت من أبرز محاور النقاش مسألة الاستقلالية الصحفية. وفي هذا الإطار، أوضح تريارد أن" المسار التحريري للمؤسسات الإعلامية غالبًا ما يتأثر بمالكيها واحتياجاتها الاقتصادية، وهي ظاهرة تبرز بوضوح في فرنسا، حيث تسيطر المجموعات المالية الكبرى على جزء كبير من الصحافة". وقارن هذا الواقع بالوضع في لبنان، حيث "يرتبط الإعلام غالبًا بالمصالح السياسية أو الطائفية". وأكد أن" التحدي الحقيقي للصحافة اليوم هو الحفاظ على حرية التحقيق والتعبير رغم هذه القيود"
في عصر تتسارع فيه وتيرة تداول المعلومات، خاصة مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي والذكاء الاصطناعي، حذر تريارد من المخاطر المرتبطة بالتضليل الإعلامي والأخبار الزائفة.
وقال: "الذكاء الاصطناعي أداة قوية، لكنه لن يحل محل العمل الميداني، والتحليل، والقدرة النقدية للصحفي"، مؤكدًا "ضرورة أن يتعلم الصحفيون الجدد استخدام الأدوات الرقمية الحديثة، مع الالتزام بالمبادئ الأساسية للمهنة: التحقق من المصادر، الدقة، والتحقيق المتعمق".
وعن تغطية الإعلام الفرنسي للأوضاع في لبنان، أقر تريارد بأن فرنسا، رغم علاقاتها التاريخية المتميزة مع لبنان، شهدت" تراجعًا في تأثيرها السياسي والإعلامي في المنطقة خلال السنوات الأخيرة".
وأثار الطلاب قضية كيفية تناول الصحافة الفرنسية للأزمات اللبنانية، حيث يُنظر إلى تغطيتها أحيانًا على أنها غير كافية أو تركز على زوايا محددة. ودارت نقاشات حول كيفية اختيار وسائل الإعلام الدولية للمواضيع التي تغطيها، والمسؤولية الملقاة على عاتق الصحفيين المحليين في جذب الانتباه إلى القضايا اللبنانية.
هذا وتميزت الجلسة الحوارية بالمشاركة الناشطة للطلاب، حيث أتيحت الفرصة لطرح الأسئلة التي تعنيهم. وتناولت النقاشات مواضيع متنوعة، من صحافة الرأي إلى مستقبل الصحافة المطبوعة، ودور الصحفي في النزاعات الدولية.
وفي ختام الجلسة، وجّه تريارد رسالة للصحفيين الشباب: "كونوا فضوليين، اطرحوا الأسئلة، لا تكتفوا بالنسخة الأولى من الأحداث. دوركم هو البحث عن الحقيقة، حتى عندما تكون مزعجة." عبارة ترددت أصداؤها في القاعة، مذكّرة الطلاب بأن الصحافة، في جوهرها، هي التزام بالحقيقة وخدمة للجمهور.
كما وفّرت هذه الجلسة الحوارية للطلاب فرصة استثنائية للتفاعل مع شخصية بارزة في المشهد الإعلامي الفرنسي، وفهم التحديات التي تواجه الصحافة في عالم دائم التغير. ما سيترك أثرًا في مسيرتهم الأكاديمية والمهنية.
وجال بعدها تريارد في حرم الجامعة في الكسليك، حيث اطلع على المختبرات العلمية والمكتبة العامة، مبديًا إعجابه بما لمسه من مستوى أكاديمي عالٍ وتطوّر من الناحية التكنولوجية، ليختتم زيارته بجولة في كلية الطب والعلوم الطبية في جبيل.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مستقبل لبنان الاقتصادي رهن قرارات جريئة: هل يواكب التغييرات؟
مستقبل لبنان الاقتصادي رهن قرارات جريئة: هل يواكب التغييرات؟

المدن

timeمنذ 18 ساعات

  • المدن

مستقبل لبنان الاقتصادي رهن قرارات جريئة: هل يواكب التغييرات؟

بين أتون مواجهة عسكريّة مدمّرة مع إسرائيل من جهة، وضغط أزمته الماليّة الاجتماعيّة من جهة أُخرى، يقف لبنان أمام منعطف تاريخي لا يقلّ حدّة عمّا عرفه في محطّات الحرب الأهلية أو "صدمة" ما بعد انفجار المرفأ. في هذه اللحظة التي يعاد فيها رسم خرائط النفوذ الإقليمي وشبكات التجارة العابرة للقارات، استضاف مركز "مالكوم كير–كارنيغي للشرق الأوسط" ندوة تناولت سؤالًا بدا في صلب مستقبل البلد: كيف يقطع لبنان الطريق الصعب نحو إصلاح مالي واقتصادي قادر على استعادة الثقة وجذب الرساميل؟ هذا السؤال تحديدًا هو ما حاولت الندوة تفكيكه في حوار مفتوح جمع وزير الاقتصاد والتجارة عامر بساط، والخبير الاقتصادي ألبير كوستانيان، بحضور حشد من الاقتصاديين والدبلوماسيين. لينتهي على تأكيد بأنّ مستقبل لبنان الاقتصادي يرتبط بقدرته على اتخاذ قرارات جريئة وصادقة، وأنّ الطريق وإن كان شاقًّا، إلّا أنّه يفتح الباب أمام نهضة اقتصاديّة طال انتظارها، وسط عالم يعاد فيه رسم الخرائط السياسيّة والاقتصاديّة بشكل جذري. تحوّل النظام الاقتصادي العالمي وصعود الخليج البداية استدعت توصيف اللحظة التاريخيّة: فلبنان، وفق يحيى، يقف عند منعطف حاسم؛ جبهة الجنوب انفجرت ثم خمدت، لكنها كشفت هشاشة بنيته الدفاعيّة – الماليّة والاجتماعيّة – أكثر ممّا كشفت قوّته العسكريّة. في الوقت نفسه، تتقاطع رياح التبدُّل الإقليمي مع حسابات جيو-اقتصاديّة تعيد تشكيل مراكز الثقل من الخليج إلى شرق المتوسِّط، مرورًا بممرّات تجاريّة جديدة تربط الهند بأوروبا عبر المنطقة. زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى الخليج، بما حملته من وعود استثماريّة تناهز التريليوني دولار في القطاعات المتقدِّمة، تحوّلت، في رأي المشاركين، إلى "جرس إنذار" لدول لم تُحسن بعد قراءة الاصطفافات المقبلة. بناءً على ذلك، قدّم الوزير عامر بساط رؤية مركّبة؛ وتحديدًا بالإشارة إلى أنّ ما سمّاه "لحظة التحوُّل" لم يبدأ مع التطوُّرات العسكريّة الأخيرة ولا مع زيارات الرؤساء إلى عواصم الخليج، بل هو نتاج تراكمات انكشفت تباعًا منذ اضطرابات سلاسل الإمداد التي فجّرها وباء كوفيد-19 ثم تردُّداتها في الحرب الأوكرانيّة. يلفت إلى أنّ النظام التجاري المتعدِّد الأطراف، كما بُني بعد الحرب الباردة، يتراجع لصالح سياسات حمائيّة مقنّعة بتعريفات جمركيّة انتقائيّة وتحالفات ثنائيّة تُقصي البلد الذي لا يملك رؤية واضحة لتأمين موقعه ضمن خرائط النفوذ الجديدة. هنا تحديدًا، يقول بساط، يبرز الرهان على دول كانت تُعَدّ أسواقًا استهلاكيّة صرفة فإذا بها تتحوّل مراكز إنتاج وتصدير في قطاعات تتراوح بين التقنيّة العالية والطاقة المتجدِّدة؛ دول مثل الهند، فيتنام، المكسيك، لكن أيضًا المغرب والخليج العربي، وجميعها تحجز مقاعد متقدِّمة في "نظام مالي دولي ينتقل من ليبراليّة متفلِّتة إلى انتقائيّة تُملِيها اعتبارات سياديّة"، على حد تعبيره. في المقابل، يضع كوستانيان الإصبع على ما يعتبره "تحوّلًا جيو-اقتصاديًّا جذريًّا" قلب موازين القوى في الشرق الأوسط. فبعد عقود كان المحرِّك الاقتصادي فيها يدور بين الحضور الإسرائيلي والتركي والإيراني، يرتفع منسوب التأثير الخليجي "إلى حد يتيح الكلام عن انتقال حقيقي لمركز الثقل المالي والاستثماري صوب أبو ظبي والرياض والدوحة وغيرها من العواصم التي تعيد هندسة اقتصاداتها على قاعدة تنويع عميق في مصادر الدخل وتطوير مؤسّسي يجاري المعايير العالميّة". تتجلّى هذه القفزة، وفق كوستانيان، في استثمارات بمئات المليارات تُضخّ في قطاعات الذكاء الاصطناعي وطاقة الهيدروجين الأخضر والبنية التحتيّة الرقميّة، ما يجعلها بديلًا جاذبًا لرؤوس الأموال التي تحجِم، لأسباب سياسيّة وأمنيّة، عن الاندفاع شمالًا أو شرقًا. السؤال الجوهري: كيف يلتحق لبنان؟ يتقاطع الطرحان عند سؤال جوهري: كيف للبنان أن يلتحق بهذا "القطار المسرع" بعد أن فقد نصف ناتجه المحلي الاسمي بين 2018 و2024 وتراجعت قدرته على خدمة دينه العام إلى مستوى يوشك فيه أن يبقي الدولة رهينة الاقتصاد النقدي المنهَك؟ هنا، يسترجع بساط نظريّته القائمة على تحرير قدرات القطاع الخاص عبر بيئة تنظيميّة مرنة لا تُعطِّلها قيود التسييس؛ أي ترك قوى السوق تعيد تدوير فوائض المغتربين اللبنانيين واستثمار الرأسمال البشري المحلي ذي الكلفة التنافسيّة، مع ما يستلزمه ذلك من حوكمة ماليّة تُبطِل مفعول "التشوّهات المصرفيّة" التي راكمت فجوة ملاءة تتخطى 70 مليار دولار. ويسانده في هذا الطرح مثل صارخ لدول ذات قاعدة إنتاجيّة ناشئة تغتنم فرص التموضع اللوجستي في ممرّات التجارة الجديدة، من المغرب الأقرب إلى أوروبا إلى العراق الذي يعيد اكتشاف دوره صلة وصل بين الخليج وشرق المتوسِّط. صندوق النقد الدولي: عصا الانضباط غير أنّ كوستانيان، وإن لم يختلف على تشخيص الداء، يرى في وصفة صندوق النقد الدولي "عصا الانضباط" التي لطالما افتقر إليها لبنان كلما اقترب من نافذة إصلاح مالي جادّ. فالبلد، كما يقول، استنزف ثلاث سرديّات متتابعة لتأجيل المواجهة: أوّلًا إنكار الأزمة لرفض ضوابط رأسماليّة بديهيّة؛ ثم الادّعاء بأنها أزمة سيولة ستحلها الأموال الطازجة؛ وأخيرًا رمي المسؤوليّة برمّتها على الدولة وحدها لتجنيب المصارف إعادة هيكلة لا مناص منها إذا أُريد لأي برنامج تعاف أن يقف على أقدام ثابتة. من هذه الزاوية يبدو خيار اللجوء إلى الصندوق، لا طلبًا لثلاثة أو أربعة مليارات دولار هي الحد الأقصى لطاقته التمويليّة، بل سعيًا وراء "الختم السيادي" الذي يعطي إشارة بأنّ لبنان امتلك الإرادة السياسيّة لتقييد نفسه بإصلاحات واضحة في الماليّة العامّة والإدارة الضريبيّة والحوكمة المصرفيّة. البعد الاستراتيجي لإعادة دمج إيران تتداخل الاعتبارات الاستراتيجيّة مع الماليّة عندما ينتقل النقاش إلى أثر أي تسوية دوليّة محتملة تعيد دمج إيران في النظام الاقتصادي العالمي. فيرى بساط أنّ استقرارًا أمنيًّا إقليميًّا قائمًا على ضبط التوتّر الأميركي-الإيراني يفتح أبوابًا أمام استثمارات تتطلّع إلى سوق تفوق التسعين مليون مستهلك على بُعد رحلة طيران قصيرة من بيروت، فيما يقرأ كوستانيان سيناريو الدمج الإيجابي على أنه فرصة مزدوجة: أولًا لخفض الأكلاف غير المنظورة التي يتحمّلها لبنان نتيجة الاستقطاب السياسي الذي يضعه في قلب "حرب الوكالة"، وثانيًا لتحويل طاقات الشباب الإيراني المتعلّم إلى قيمة مضافة في سلاسل الإنتاج الإقليميّة، شرط أن يحسم لبنان معضلة سلاح "حزب الله" بما يضمن حصرية العنف المشروع بيد الدولة، ويقدّم بذلك جواز عبور استثماريًّا لم يكن يومًا صعب المنال بقدر ما كان رهينة عدم اليقين الأمني والسياسي. الحراك الحكومي والفرص الداخليّة تنزلق المناقشة إلى مستجدّات الحراك الحكومي الداخلي، حيث يؤكِّد بساط أنّ "البلاد لا تُقاس بحجم القروض التي تستجديها بل بحجم رأس المال الذي تقدر على توليده داخليًّا وأخذه في توظيف فعّال". ويستشهد بتعديل قانون السريّة المصرفيّة بوصفه مثالًا على قدرة السلطة التنفيذيّة الراهنة على اتخاذ قرارات كانت تُعَدّ خطوطًا حمراء قبل أعوام قليلة، مستنتجًا أنّ "المجتمع الدولي أكثر استعدادًا لدعمنا ممّا نحن مستعدّون لدعم أنفسنا، بشرط أن نُحسن استخدام ما نملك من موارد". في هذا السياق يطرح هدفًا طموحًا بمضاعفة الناتج المحلي في سبع سنوات عبر نظرة تركّز على القطاعات القادرة على توليد قيمة مضافة عالية بموارد محدودة نسبيًّا: التكنولوجيا الماليّة، الابتكار الرقمي، الاقتصاد الإبداعي، والسياحة الطبيّة والتعليميّة. على هامش الندوة، بدا واضحًا أنّ مهمّة إنقاذ لبنان من انهيار مالي شامل لم تعُد ترفًا يمكن تأجيله أو ترحيله إلى حكومة لاحقة. فالمؤشرات النقديّة تحذِّر من أنّ الاحتياطي الإلزامي لدى مصرف لبنان يتآكل بوتيرة أسرع من إعادة تكوينه، فيما يقضي ثلث اللبنانيين أكثر من 45 في المئة من دخلهم الشهري على الغذاء وحده، وتختفي رصيد الطبقة الوسطى التي طالما وفّرت شبكة أمان اجتماعي غير مكتوبة. في المقابل، يقدِّم المغتربون تحويلات قياسيّة تناهز سبعة مليارات دولار سنويًّا، ويملك القطاع الخاص مرونة نادرة في التكيّف مع بيئة أعمال صعبة تجمع في آن واحد أزمة سيولة محليّة وتشديد شروط التمويل الدولي. هذه المفارقة بين وفرة الطاقات وندرة الحوكمة هي التي تدفع كوستانيان إلى التحذير من أنّ "التأخّر سنة إضافيّة في إبرام اتفاق مع صندوق النقد قد يكلِّف لبنان عقدًا كاملًا من الفرص الضائعة"، بينما يُبقي بساط الباب مفتوحًا على سيناريو "الانبعاث الذاتي" إذا ما كُرِّست الإرادة السياسيّة لإقرار حزمة إصلاحات متكاملة تعيد توزيع الخسائر بعدالة وتمهِّد لتدفّق الرساميل والاستثمار طويل الأجل. بين الانخراط والركود مع انقضاء ساعة ونصف من الحوار المكثّف، بدا أن الخلاصة هي أنّ الخيارات أمام لبنان ليست بين الانهيار والرخاء فحسب، بل بين الانخراط الفعّال في النظام الاقتصادي الإقليمي الجديد وبين الركون إلى حالة ركود تفاقم التهميش بينما يركض العالم إلى الأمام. بهذا المعنى، بدا النقاش في "كارنيغي" أشبه بجرس إنذارٍ أخيرٍ أكثر منه احتفاءً بما تحقّق حتى الآن. لكنّه، في المقابل، رسم ملامح طريقٍ واضحةٍ لمن أراد أن يرى: طريقٌ شاقّةٌ، نعم، غير أنّها مفتوحةٌ على استعادة موقعٍ اقتصاديٍّ طال انتظاره في عالمٍ يعيد صياغة خرائطه.

خطوة باتجاه معالجة اكتظاظ السجون؟
خطوة باتجاه معالجة اكتظاظ السجون؟

صوت لبنان

timeمنذ 2 أيام

  • صوت لبنان

خطوة باتجاه معالجة اكتظاظ السجون؟

كتب عمر نشابة في 'الأخبار': قررت وزارة العدل، بالتنسيق مع وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين، إعادة استخدام قاعة المحكمة الواقعة داخل السجن المركزي في رومية، في خطوة من شأنها تخفيف الضغط عن قصر عدل بعبدا المكتظ، والتقليل من الأعباء الملقاة على قوى الأمن الداخلي المكلفة بنقل الموقوفين، خاصة في ظل النقص في العديد، والعجز المالي الذي يعرقل شراء آليات نقل إضافية وصيانتها بانتظام. وقد تُسهم هذه الخطوة في تسريع الإجراءات القضائية، وإصدار قرارات طال انتظارها بحق موقوفين منذ سنوات من دون البتّ في ملفاتهم، في وقت تعاني فيه السجون من اكتظاظ خانق، وقصور العدل من نقص حاد في عدد القضاة والموظفين، إضافة إلى الحاجة الماسة إلى التوسيع والترميم والتجهيز. وتنبغي الإشارة إلى أن إعادة الجلسات إلى قاعة المحكمة داخل السجن المركزي يُعدّ إجراءً مؤقتًا واستثنائيًا، نظرًا إلى تعارضه مع مبدأ علنية المحاكمات واستقلال القضاء. ورغم أحقية القضاة في الاعتراض على عقد الجلسات داخل السجون، فقد أبدى معظمهم تفهمًا للظروف الصعبة، وأعربوا أمام مجلس القضاء الأعلى عن قبولهم بالإجراء الاستثنائي. في المقابل، جاء الاعتراض الأكبر من المحامين، بسبب إجراءات التفتيش، وبُعد المسافة، وصعوبة ركن السيارات. إلا أن قوى الأمن قدمت تسهيلات في هذا الإطار، كما مارس وزير العدل القاضي عادل نصار ضغوطاً على نقابة المحامين في بيروت، ما أدى إلى موافقة النقابة بعد اعتراض استمر لأكثر من سنتين. يُذكر أن وزارة العدل وضعت، خلال أزمة انتشار فيروس «كوفيد-19» (2020-2022)، خطة وقائية لمنع انتشار العدوى في السجون، شملت عقد بعض الجلسات في قاعة داخل سجن رومية، وهو الأكبر في لبنان ويضم أكثر من نصف السجناء، موقوفين ومحكومين. كما جرى حينها استخدام تقنيات الاتصال المرئي لعقد جلسات المحاكمة عبر الإنترنت، وأثبتت هذه الخطة نجاحًا في الحد من انتشار العدوى، بفضل التنسيق بين وزارة العدل، مجلس القضاء الأعلى، ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، وجهود قوى الأمن الداخلي التي تمكنت من تقليص الإصابات. ويُحسب هذا النجاح للدولة اللبنانية، في وقت فشلت فيه دول أوروبية، كإيطاليا مثلًا، في منع انتشار العدوى داخل سجونها، ما أدى إلى وفاة عدد كبير من السجناء. صحيح أن إعادة الجلسات إلى قاعة المحكمة في سجن رومية (ثلاثة أيام أسبوعيًا) لن تُعالج جذريًا أزمة اكتظاظ السجون، إلا أنها تُمثل تحريكًا للمياه الراكدة في مسار إصلاح نظام السجون، وقد تُعطي الموقوفين أملًا بقرب البتّ في ملفاتهم. غير أن الحل الحقيقي يكمن في وضع خطة شاملة لإصلاح القضاء، لا الاكتفاء بقانون يكرّس استقلاليته. إذ لا يمكن إصلاح السجون من دون إصلاح القضاء. كما إن بناء سجون جديدة، في ظل الواقع القائم، لن يؤدي إلا إلى المزيد من التوقيفات وازدياد الاكتظاظ (في البقاع وحده، أكثر من 40 ألف مذكرة توقيف قضائية غير منفذة حتى اليوم). ورغم أهمية استقلال القضاء، فإنه لا يكفي وحده. والحاجة ملحة إلى تجهيز المحاكم، وإدخال المكننة، وزيادة عدد القضاة والموظفين، وتطوير كفاءاتهم، وتفعيل الرقابة الجدية من هيئة التفتيش القضائي على أداء القضاة ونزاهتهم. من هنا، يمكن اعتبار إعادة الجلسات إلى قاعة المحكمة في رومية خطوة على طريق طويل نحو التخفيف من الاكتظاظ، ولكنها تبقى خطوة استثنائية وناقصة، ولا يُتوقع أن تُحدث تحوّلًا جذريًا. أما في ما يخص مسألة تسليم السجناء السوريين (نحو 1500 موقوف)، فإن احتمال تنفيذها يبدو ضئيلًا، نظرًا إلى أن معظمهم موقوفون في قضايا جنائية ولم تُستكمل محاكماتهم بعد، ما يوجب الإسراع في الفصل في ملفاتهم قبل البحث في تسليمهم. وحتى إن تمّ ذلك، فلا بد من التأكد من أن السجون التي سينقلون إليها في سوريا تستوفي الحد الأدنى من معايير معاملة السجناء، كما وردت في القواعد النموذجية للأمم المتحدة.

خطوة باتجاه معالجة اكتظاظ السجون؟
خطوة باتجاه معالجة اكتظاظ السجون؟

IM Lebanon

timeمنذ 2 أيام

  • IM Lebanon

خطوة باتجاه معالجة اكتظاظ السجون؟

كتب عمر نشابة في 'الأخبار': قررت وزارة العدل، بالتنسيق مع وزارة الداخلية ومجلس القضاء الأعلى ونقابة المحامين، إعادة استخدام قاعة المحكمة الواقعة داخل السجن المركزي في رومية، في خطوة من شأنها تخفيف الضغط عن قصر عدل بعبدا المكتظ، والتقليل من الأعباء الملقاة على قوى الأمن الداخلي المكلفة بنقل الموقوفين، خاصة في ظل النقص في العديد، والعجز المالي الذي يعرقل شراء آليات نقل إضافية وصيانتها بانتظام. وقد تُسهم هذه الخطوة في تسريع الإجراءات القضائية، وإصدار قرارات طال انتظارها بحق موقوفين منذ سنوات من دون البتّ في ملفاتهم، في وقت تعاني فيه السجون من اكتظاظ خانق، وقصور العدل من نقص حاد في عدد القضاة والموظفين، إضافة إلى الحاجة الماسة إلى التوسيع والترميم والتجهيز. وتنبغي الإشارة إلى أن إعادة الجلسات إلى قاعة المحكمة داخل السجن المركزي يُعدّ إجراءً مؤقتًا واستثنائيًا، نظرًا إلى تعارضه مع مبدأ علنية المحاكمات واستقلال القضاء. ورغم أحقية القضاة في الاعتراض على عقد الجلسات داخل السجون، فقد أبدى معظمهم تفهمًا للظروف الصعبة، وأعربوا أمام مجلس القضاء الأعلى عن قبولهم بالإجراء الاستثنائي. في المقابل، جاء الاعتراض الأكبر من المحامين، بسبب إجراءات التفتيش، وبُعد المسافة، وصعوبة ركن السيارات. إلا أن قوى الأمن قدمت تسهيلات في هذا الإطار، كما مارس وزير العدل القاضي عادل نصار ضغوطاً على نقابة المحامين في بيروت، ما أدى إلى موافقة النقابة بعد اعتراض استمر لأكثر من سنتين. يُذكر أن وزارة العدل وضعت، خلال أزمة انتشار فيروس «كوفيد-19» (2020-2022)، خطة وقائية لمنع انتشار العدوى في السجون، شملت عقد بعض الجلسات في قاعة داخل سجن رومية، وهو الأكبر في لبنان ويضم أكثر من نصف السجناء، موقوفين ومحكومين. كما جرى حينها استخدام تقنيات الاتصال المرئي لعقد جلسات المحاكمة عبر الإنترنت، وأثبتت هذه الخطة نجاحًا في الحد من انتشار العدوى، بفضل التنسيق بين وزارة العدل، مجلس القضاء الأعلى، ونقابتي المحامين في بيروت وطرابلس، وجهود قوى الأمن الداخلي التي تمكنت من تقليص الإصابات. ويُحسب هذا النجاح للدولة اللبنانية، في وقت فشلت فيه دول أوروبية، كإيطاليا مثلًا، في منع انتشار العدوى داخل سجونها، ما أدى إلى وفاة عدد كبير من السجناء. صحيح أن إعادة الجلسات إلى قاعة المحكمة في سجن رومية (ثلاثة أيام أسبوعيًا) لن تُعالج جذريًا أزمة اكتظاظ السجون، إلا أنها تُمثل تحريكًا للمياه الراكدة في مسار إصلاح نظام السجون، وقد تُعطي الموقوفين أملًا بقرب البتّ في ملفاتهم. غير أن الحل الحقيقي يكمن في وضع خطة شاملة لإصلاح القضاء، لا الاكتفاء بقانون يكرّس استقلاليته. إذ لا يمكن إصلاح السجون من دون إصلاح القضاء. كما إن بناء سجون جديدة، في ظل الواقع القائم، لن يؤدي إلا إلى المزيد من التوقيفات وازدياد الاكتظاظ (في البقاع وحده، أكثر من 40 ألف مذكرة توقيف قضائية غير منفذة حتى اليوم). ورغم أهمية استقلال القضاء، فإنه لا يكفي وحده. والحاجة ملحة إلى تجهيز المحاكم، وإدخال المكننة، وزيادة عدد القضاة والموظفين، وتطوير كفاءاتهم، وتفعيل الرقابة الجدية من هيئة التفتيش القضائي على أداء القضاة ونزاهتهم. من هنا، يمكن اعتبار إعادة الجلسات إلى قاعة المحكمة في رومية خطوة على طريق طويل نحو التخفيف من الاكتظاظ، ولكنها تبقى خطوة استثنائية وناقصة، ولا يُتوقع أن تُحدث تحوّلًا جذريًا. أما في ما يخص مسألة تسليم السجناء السوريين (نحو 1500 موقوف)، فإن احتمال تنفيذها يبدو ضئيلًا، نظرًا إلى أن معظمهم موقوفون في قضايا جنائية ولم تُستكمل محاكماتهم بعد، ما يوجب الإسراع في الفصل في ملفاتهم قبل البحث في تسليمهم. وحتى إن تمّ ذلك، فلا بد من التأكد من أن السجون التي سينقلون إليها في سوريا تستوفي الحد الأدنى من معايير معاملة السجناء، كما وردت في القواعد النموذجية للأمم المتحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store