
تحقيق: "مؤسسة غزة الإنسانية".. الرصاص الحي ضد طالبي المساعدات
وقال اثنان من المتعاقدين الأميركيين للوكالة، مشترطين عدم الكشف عن هويتهما، إنهما قررا التحدث لأنهما منزعجان من ممارسات وصفاها بالخطيرة وغير المسؤولة.
وأضافا أن أفراد الأمن الذين جرى توظيفهم غالباً ما يكونون غير مؤهلين أو غير خاضعين للتدقيق، ومسلحين تسليحاً ثقيلاً، ويبدو أن لديهم حرية مطلقة لفعل ما يريدون.
وأشارا إلى أن زملاءهما كانوا يلقون بانتظام القنابل الصوتية ويرشون رذاذ الفلفل في اتجاه الفلسطينيين. وذكر أحد المتعاقدين أن إطلاق النار كان يتم في جميع الاتجاهات، في الهواء وعلى الأرض، وأحياناً باتجاه الفلسطينيين، لافتاً إلى أنه يتذكر حادثة واحدة على الأقل يعتقد أن فلسطينياً أصيب بالرصاص الحي.
تُقدم شهادات المتعاقدين، إلى جانب مقاطع الفيديو والتقارير الداخلية والرسائل النصية التي حصلت عليها "أسوشيتد برس"، لمحة نادرة عن "مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة أميركية جديدة مدعومة من إسرائيل.
"نيران إسرائيلية وأميركية"
وقال أحد المتعاقدين للوكالة إن "هناك أناس أبرياء يُصابون، إصابات بليغة بلا داعٍ."
وأضاف المتعاقد الذي قدّم مقاطع الفيديو للوكالة، إن الفلسطينيين القادمين إلى هذه المواقع يجدون أنفسهم عالقين بين نيران إسرائيلية وأميركية.
وأضاف أن الفلسطينيين كانوا يقولون له: "جئنا إلى هنا لنحصل على طعام لعائلاتنا، ليس لدينا شيء.. لماذا يطلق الجيش (الإسرائيلي) النار علينا؟ ولماذا أنتم تطلقون النار علينا؟".
وتُظهر مقاطع الفيديو التي قدمها أحد المتعاقدين وصُوّرت في مواقع توزيع المساعدات، مئات الفلسطينيين محتشدين بين البوابات المعدنية، وهم يتدافعون للحصول على المساعدات وسط أصوات إطلاق النار والقنابل الصوتية ورذاذ الفلفل.
وتظهر مقاطع أخرى محادثات بين رجال يتحدثون الإنجليزية يناقشون كيفية تفريق الحشود، ويشجعون بعضهم البعض بعد إطلاق النار.
وتحدثت وكالة "أسوشيتد برس" مع متعاقدين اثنين من شركة UG Solutions الأميركية، وهي شركة متعاقدة لتوظيف أفراد الأمن في مواقع توزيع المساعدات. وقالا إن الرصاص والقنابل الصوتية ورذاذ الفلفل تُستخدم في كل عملية توزيع تقريباً، حتى في غياب أي تهديد.
وتدعم مقاطع الفيديو التي شاهدتها الوكالة مشاهد الفوضى التي وصفها المتعاقدون. وتم تصوير هذه اللقطات خلال الأسبوعين الأولين من عمليات التوزيع، أي في منتصف الفترة تقريباً.
وفي أحد الفيديوهات، يظهر متعاقدون أمنيون أميركيون مسلحون في أحد المواقع بغزة، وهم يناقشون كيفية تفريق الفلسطينيين القريبين.
ويسمع عدة طلقات نارية قريبة، لا تقل عن 15 طلقة، فيما صرخ أحد المتعاقدين: "وووه! وووه!". ويقول آخر: "أعتقد أنك أصبت أحدهم".
وقال المتعاقد الذي صور الفيديو إنه شاهد متعاقدين آخرين يطلقون نالنار تجاه الفلسطينيي الذين جمعوا طعامهم وكانوا يغادرون. وأطلقوا النار من برج فوق الموقع ومن تلة، حسب قوله.
وأضاف أن إطلاق النار بدأ بهدف تفريق الحشود، لكنه لم يكن واضحاً لماذا استمروا في إطلاق النار مع مغادرة الناس.
ولا تظهر الكاميرا الشخص الذي أطلق النار أو على ماذا، لكن المتعاقد الذي صور قال إنه شاهد متعاقداً آخر يطلق النار نحو فلسطينيين، ثم رأى شخصاً على بعد حوالي 60 متراً يسقط أرضاً في نفس موقع إطلاق النار.
وفي فيديوهات أخرى، يظهر رجال يرتدون زياً رمادياً، والذي قال إنهم زملاؤه، يحاولون إخلاء الفلسطينيين المحاصرين في ممر ضيق محاط بسياج يؤدي إلى أحد المراكز. ويطلق هؤلاء الرجال رذاذ الفلفل ويرمون القنابل الصوتية التي تنفجر وسط الحشد. ويمكن سماع صوت إطلاق نار.
وقال المتعاقد إن أفراد الأمن عادةً ما يطلقون النار على الأرض قرب الحشود، أو من أبراج قريبة فوق رؤوسهم.
وأظهرت صورة شاركها المتعاقد امرأة ترقد في عربة يجرها حمار، بعد أن أصيبت في رأسها بجزء من قنبلة صوتية.
"مشاركة المعلومات مع الجيش الإسرائيلي"
وقال متعاقد للوكالة إن الموظفين الأميركيين في مواقع توزيع المساعدات يراقبون الأشخاص الذين يأتون لطلب الطعام، ويوثقون أي شخص يُعتبر "مشتبهاً به". وأضاف أنهم يشاركون هذه المعلومات مع الجيش الإسرائيلي.
وأشار المتعاقد الذي صور مقاطع الفيديو، إلى أن الجيش الإسرائيلي يستغل نظام توزيع المساعدات للوصول إلى المعلومات.
وأضاف المتعاقدان أن الكاميرات تراقب عمليات التوزيع في كل موقع، وأن محللين أميركيين وجنوداً إسرائيليين يجلسون في غرفة تحكم يتم فيها عرض اللقطات مباشرة.
وأوضحا أن غرفة التحكم هذه موجودة في حاوية شحن على الجانب الإسرائيلي من معبر كرم أبو سالم المؤدي إلى غزة.
وقال المتعاقد إن بعض الكاميرات مجهزة ببرمجيات للتعرف على الوجه. وأشار إلى أن بعض مقاطع الفيديو كانت معنونة بـ"تحليلات"، وتحتوي على تقنية التعرف على الوجه.
وأضاف المتعاقد أنه إذا ظهر شخص محل اهتمام على الكاميرا وكانت معلوماته مسجلة في النظام، فإن اسمه وعمره يظهران على شاشة الكمبيوتر.
ويقوم الجنود الإسرائيليون الذين يشاهدون الشاشات بتدوين الملاحظات ومقارنة معلومات المحللين مع لقطات طائراتهم المسيرة من المواقع.
وقال المتعاقد إنه طُلب منه ومن موظفين آخرين تصوير أي شخص يبدو "غير مناسب للمكان"، لكن لم تحدد المعايير بشكل واضح. وأضاف أن هذه الصور كانت تُضاف إلى قاعدة بيانات التعرف على الوجه، لكنه لم يعرف ما الذي كان يُفعل بهذه المعلومات.
"مؤسسة غزة الإنسانية" تنفي الاتهامات
وزعم متحدث باسم "مؤسسة غزة الإنسانية" أن أطرافاً "لديها مصلحة" في إفشال عمل المؤسسة، وهم على استعداد لفعل أو قول أي شيء تقريباً لتحقيق ذلك.
وأضاف المتحدث أن فريق المؤسسة "يضم محترفين متمرّسين في العمل الإنساني واللوجستي والأمني، ممن لديهم خبرة واسعة ميدانياً".
وذكر المتعاقد الذي صور الفيديوهات إن كل متعاقد مزود بمسدس وقنابل صوتية وغاز مسيل للدموع وبندقية آلية إسرائيلية قادرة على إطلاق عشرات الطلقات خلال ثوانٍ.
وقال متحدث باسم شركة "سيف ريتش سولوشنز"، وهي شركة الخدمات اللوجستية المتعاقدة مع المؤسسة، لوكالة "أسوشيتد برس" إنه لم تُسجَّل أي إصابات خطيرة في أي من مواقعهم حتى الآن.
وتعد "مؤسسة غزة الإنسانية" منظمة أميركية مسجلة في ولاية ديلاوير، أُنشئت في فبراير لتوزيع المساعدات الإنسانية خلال الأزمة المستمرة في غزة.
ومنذ بدء عمل مواقع المؤسسة قبل أكثر من شهر، تطلق القوات الإسرائيلية النار بشكل شبه يومي باتجاه الحشود على الطرق المؤدية إلى نقاط التوزيع، والتي تمر عبر مناطق عسكرية إسرائيلية، وقتلت مئات الفلسطينيين.
وأفاد المتعاقدان أن الفلسطينيين الذين يظهرون في الفيديوهات لا يبدون عدوانيين جسدياً.
ويعاني أكثر من مليوني فلسطيني من أزمة إنسانية كارثية في غزة، منذ بدء الحرب الإسرائيلية المستمرة لـ21 شهراً. وقصفت إسرائيل القطاع ودمرت معظمه وقتلت أكثر من 57 ألف فلسطيني، وفرضت عليه حصاراً، مما دفع الكثيرين إلى حافة المجاعة، بحسب خبراء الأمن الغذائي.
ولمدة شهرين ونصف قبل افتتاح "مؤسسة غزة الإنسانية" في مايو، منعت إسرائيل دخول جميع المواد الغذائية والمياه والأدوية إلى غزة. وتريد الآن أن تحل هذه المؤسسة محل النظام الأممي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 33 دقائق
- عكاظ
نائب أمير نجران يطلع على أعمال قيادة حرس الحدود بالمنطقة
اطّلع نائب أمير منطقة نجران الأمير تركي بن هذلول بن عبدالعزيز، بمكتبه اليوم، على أعمال قيادة حرس الحدود بالمنطقة في إيجاز قدّمه قائد حرس الحدود بنجران اللواء مسعود بن علي آل شوّاف الشهراني. ونوّه بقطاع حرس الحدود، الذي يعد حصنًا منيعًا لحدود الوطن من خلال العمل المستمر على مراقبة الحدود، وفق أحدث الوسائل المعمول بها عالميًا، في ظل الدعم غير المحدود من القيادة الرشيدة أيدها الله. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 39 دقائق
- الرياض
أمير حائل يستقبل وزير البيئة والمياه والزراعة
استقبل صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعد بن عبدالعزيز أمير منطقة حائل, اليوم، معالي وزير البيئة والمياه والزراعة المهندس عبدالرحمن بن عبدالمحسن الفضلي، ووكلاء الوزارة، بحضور وكيل إمارة منطقة حائل المكلّف علي بن سالم آل عامر. ونوه سموه خلال الاستقبال بما تبذله القيادة الحكيمة -أيدها الله-، من دعم واهتمام لمختلف المجالات التي تقدمها وزارة البيئة والمياه والزراعة، والمشروعات التي تنفذها بالمنطقة، مشيرًا لأهمية المشاريع النوعية في مجال الأمن الغذائي والثروة الحيوانية ومشاريع الدواجن وأثرها في دعم الاقتصاد الوطني. من جهته أشاد المهندس الفضلي بالمشروعات التنموية التي حظيت بها منطقة حائل في مجالات البيئة والمياه والزراعة، مشيرًا إلى الميزات التنافسية التي تتمتع بها المنطقة التي تجذب المستثمرين.


صحيفة سبق
منذ 42 دقائق
- صحيفة سبق
إلغاء رحلات جوية في كندا بعد تهديد بوجود قنبلة في مطاري مونتريال وأوتاوا
أدى تهديد بوجود قنبلة، صباح اليوم الخميس، إلى توقف كامل لحركة الرحلات المغادرة من مطاري مونتريال وأوتاوا الدوليين في كندا، بحسب ما أعلنته إدارة الطيران الفيدرالية الأمريكية. وقد جرى إخلاء أبراج مراقبة الحركة الجوية في المطارين بعد تلقي إنذارات تفيد بوجود متفجرات، وتم تعليق جميع الرحلات في تمام الساعة 8:45 صباحًا بالتوقيت المحلي. السلطات لم تُدلِ حتى الآن بمزيد من التفاصيل حول مصدر التهديد أو طبيعته، بينما تستمر الإجراءات الأمنية وعمليات التحقق من سلامة المرافق والمجال الجوي. ووفق ما نقلته وكالة "رويترز"، فإن هذه الحادثة تأتي ضمن سلسلة من التهديدات المماثلة التي شهدها العالم هذا العام. وكانت السلطات الأمريكية قد عالجت حادثة مماثلة في مطار سان بطرسبرغ-كليرووتر في ولاية فلوريدا مطلع العام، بعد العثور على مذكرة تهديد بوجود قنبلة على متن طائرة تابعة لشركة "أليجيانت إيرويز"، مما أدى إلى إخلاء الطائرة والمطار، قبل أن تؤكد الشرطة خلو الموقع من أي متفجرات بعد تفتيش دقيق.