
عن "قدسية" استقلالية البنوك المركزية ومعركة الفيدرالي الساخنة
في جمهوريات الموز يستطيع أعلى مسؤول في الدولة، رئيس أو حتّى رئيس الوزراء ووزير المالية، أن يعزل محافظ البنك المركزي في غمضة عين وبجرة قلم، دون أن يقدم أسباباً منطقية أو يناقشه أحد في مدى قانونية القرار. وفي الدول التي تحترم القوانين والأعراف المصرفية المستقرّة لا يجرؤ رئيس الدولة على الاقتراب من منصب المحافظ الذي يعد أعلى مسؤول اقتصادي في الدولة، أو أن يتحول التهديد بعزله إلى قرار حكومي.
وأبرز مثال هو الخلاف المتصاعد والحاد بين
الرئيس الأميركي
دونالد ترامب وجيروم باول محافظ
مجلس الاحتياط الفيدرالي
"البنك المركزي الأميركي"، فعلى الرغم من الصلاحيات الواسعة التي يمتلكها ترامب في إدارة المشهد السياسي والاقتصادي، إلّا أنه يتردد ألف مرة في عزل باول.
تكرر المشهد في بلدان أخرى ذات اقتصادات قوية، وشهدت خلافات علنية بين أهم مسؤول سياسي ومحافظ البنك المركزي، لكن المسؤول لم يجرؤ على إقالة المحافظ. والملاحظ هنا أن معظم دول العالم تحترم استقلالية البنوك المركزية لدرجة "التقديس"، حتى في الدول التي لا يوجد فيها قوانين تنصّ على ذلك، وتمنع اعتداء الحكومات عليها، وتعطي صلاحيات واسعة لمسؤولي تلك البنوك في إدارة الاقتصاد، وهو ما نشهده في الدول الكبرى مثل مجموعة السبع الصناعية أو في بعض مجموعة العشرين.
ترامب يحاول كسر قاعدة الاستقلالية عبر التدخل في شؤون المركزي الأميركي، وإجباره على اتّخاذ سياسات تتعارض مع خطط مواجهة التضخم، ويدفع بقوّة نحو خفض الفائدة
بل إنّ دارسي وطلاب كليات الاقتصاد والتجارة في الجامعات المختلفة يُلقّنون مبادئ "قدسية" استقلالية البنك المركزي، باعتبارها أهم ضمانة لمواجهة الأزمات الاقتصادية ومنها التضخم المفرط، والبطالة المرتفعة، والنمو الاقتصادي الضعيف، وشرطٌ لدعم استقرار العملات المحلية وأسواق الصّرف.
لكن ترامب يحاول كسر تلك القاعدة عبر التدخل في شؤون البنك المركزي الأميركي، وإجباره على اتّخاذ سياسات تتعارض مع خطط البنك الرامية لمواجهة التضخم، ورأينا كيف أن ترامب يدفع البنك بقوّة نحو خفض سعر الفائدة، ولأن محافظ البنك الفيدرالي يتمسك بالاستقلالية، فقد رفض الضغوط التي يمارسها ترامب عليه، التي وصلت إلى حد التهديد من وقت لآخر بإقالته من منصبه، وتخييره بين
خفض سعر الفائدة أو الإقالة
.
موقف
التحديثات الحية
ترامب وإقالة باول والمعركة المؤجلة داخل الفيدرالي
معركة الفيدرالي الأميركي ستظلّ مفتوحة لبعض الوقت، ولن يحسمها ترامب بسهولة، في ظل استقلالية البنك، ومن المتوقع أن تنتقل لدول العالم وتؤثر على أسواقه المالية، خاصّة مع الأهمية التي يحظى بها البنك في إدارة السياسة النقدية حول العالم، وفي ظل مخاوف على القاعدة المعروفة في الأعراف وهي الاستقلالية الكاملة للبنوك المركزية، وتبعية محافظي تلك البنوك لأعلى سلطة في الدولة، ذلك أنّ تلك الاستقلالية تحمي الاقتصاد وتمنع انزلاقه نحو الدخول في أزمات عنيفة منها التضخم والركود والكساد وتآكل المدخرات والعملة المحلية.
لذا؛ توفر معظم القوانين في العالم تلك الاستقلالية، لأن البنوك المركزية هي عصب الاقتصاد، وتعمل لصالح الدولة كاملة، وليس لصالح الحكومة أو الحزب الحاكم، وتحاول عمل توازن بين كل المتناقضات، بين مصالح المقترضين من مستثمرين ورجال أعمال من جهة، والمدّخرين والمودعين وأصحاب المعاشات من جهة أخرى، بين رغبات الحكومة ومحاولتها إرضاء الرأي العام بقرارات تحظى بجماهيرية وقبول شعبي، وبين تحقيق الصالح العام سواء للاقتصاد أو المواطن.
توفر معظم القوانين في العالم تلك الاستقلالية، لأن البنوك المركزية هي عصب الاقتصاد، وتعمل لصالح الدولة، وليس لصالح الحكومة أو الحزب الحاكم، وتوازن بين كل المتناقضات
وفي بعض الأوقات الحرجة تكون استقلالية البنك المركزي طوق نجاه للدولة واقتصادها وقطاعها المالي والمصرفي كما جرى خلال جائحة كورونا، وعقب اندلاع حرب أوكرانيا، وابان أزمة التضخم والأزمة المالية العالمية في 2008، إذ أتاحت الاستقلالية التامة للبنوك المركزية لتلك الدول تطبيق سياسات نقدية متشددة ومالية انكماشية ومؤلمة بحق الأسواق وغير شعبوية للمواطن، ولا تحظى بقبول رجال الحكم، أو حسابات السياسيين الضيقة وقصيرة الأجل، وحمت تلك السياسات الاقتصاد العالمي من الانهيار.
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
ترامب لرئيس الاحتياطي الفيدرالي: خفض الفائدة أو الإقالة
ترامب يدرك أيضاً أن للبنوك المركزية دور حيوي في حماية الاقتصادات عبر تولي مهام التنسيق بين السياسات الاقتصادية والمالية والنقدية وإدارة السياسة النقدية، ومكافحة التضخم، ودعم النمو، وطباعة البنكنوت، وتحديد مستويات السيولة النقدية داخل المجتمع، ورسم اتجاهات أسعار الصرف والفائدة، وإدارة الدين العام للدولة، واحتياطيات الدولة من النقد الأجنبي، والرقابة على البنوك، وحماية أموال المودعين، والتصدي لأي مواجهات في أسواق الصرف، وكبح أي ممارسات ضارة مثل السوق السوداء للعملة. لذا؛ فإن إقالة باول لن تكون مهمة سهلة، واعتداء ترامب على استقلالية البنك الفيدرالي مهمة معقدة ولن يمر مرور الكرام في حال اقدامه على تلك الخطوة التي ستهز الثقة ليس فقط في البنك الفيدرالي بل في الاقتصاد الأميركي وعملته وأسواقه ومركزه الاستثماري.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 17 دقائق
- العربي الجديد
النفط يتراجع والذهب يحصد مكاسب كبيرة
انخفضت أسعار النفط اليوم الجمعة للجلسة الرابعة على التوالي، وتتجه لتسجيل أول انخفاض أسبوعي في ثلاثة أسابيع متأثرة بضغوط جديدة بشأن الإمدادات ناجمة عن زيادة محتملة أخرى في إنتاج تحالف أوبك+ في يوليو/تموز. هذا في حين يتجه الذهب لتسجيل أفضل أداء أسبوعي في أكثر من شهر، إذ أدى تراجع الدولار وتزايد المخاوف إزاء أوضاع المالية العامة في أكبر اقتصاد في العالم إلى دعم الإقبال على الملاذ الآمن. وبحلول الساعة 04:12 بتوقيت غرينتش، تراجعت العقود الآجلة لبرميل خام برنت 0.5% إلى 64.13 دولاراً، كما نزلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي 0.5% إلى 60.87 دولاراً. وانخفض خام برنت 1.9% منذ بداية الأسبوع، وهبط خام غرب تكساس الوسيط 2.5%. ولامس العقدان أمس الخميس أدنى مستوى لهما في أكثر من أسبوع بعدما أفادت بلومبيرغ نيوز في تقرير بأن أوبك+ تدرس زيادة كبيرة أخرى في الإنتاج خلال اجتماع في الأول من يونيو/حزيران. ونقل التقرير عن مندوبين أن زيادة الإنتاج 411 ألف برميل يوميا في يوليو/تموز من بين الخيارات المطروحة، إلا أنه لم يتم التوصل إلى اتفاق نهائي. وكتب محللون من "آي إن جي" في مذكرة بحثية أن "سوق النفط تتعرض لضغوط جديدة مع تزايد الجدل حول قرار أوبك+ بشأن مستويات الإنتاج في يوليو". ويتوقع المحللون أن تمضي أوبك+ قدما في زيادة الإنتاج 411 ألف برميل يوميا في يوليو، وأن يبلغ متوسط سعر خام برنت 59 دولاراً في الربع الأخير. ووافقت أوبك+، التي تضم منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) وحلفاء منهم روسيا، على زيادة الإنتاج بنحو مليون برميل يوميا في إبريل/نيسان ومايو/أيار ويونيو/حزيران. وضغط ارتفاع كبير في مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة في وقت سابق من الأسبوع أيضا على أسعار النفط. أسواق التحديثات الحية ارتفاع الدين الأميركي يربك الأسواق.. هبوط الدولار والنفط والأسهم ووفقاً لبيانات من شركة "ذا تانك تايغر"، ارتفع الطلب على تخزين النفط الخام في الولايات المتحدة في الأسابيع الماضية إلى مستويات مماثلة لما كان عليه الوضع خلال كوفيد-19، في وقت يستعد فيه المتعاملون لزيادة الإنتاج في الأشهر المقبلة من أوبك وحلفائها. هذا وتترقب السوق، اليوم الجمعة، بيانات عدد منصات التنقيب عن النفط والغاز الأميركية التي ستصدرها شركة بيكر هيوز وتُستخدم مؤشراً على الإمدادات في المستقبل. كما تراقب السوق من كثب المفاوضات النووية الأميركية الإيرانية، التي قد تحدد مستقبل إمدادات النفط الإيراني. وستعقد الجولة الخامسة من المحادثات في روما اليوم. وفي سوق المعادن الثمينة، صعد سعر أونصة الذهب في المعاملات الفورية 0.2% إلى 3299.79 دولارا بحلول الساعة 00:14 بتوقيت غرينتش. وارتفع المعدن النفيس بنحو 3% منذ بداية الأسبوع وحتى الآن، ويتجه لتحقيق أفضل أداء أسبوعي منذ أوائل إبريل. وزادت العقود الأميركية الآجلة 0.2% أيضاً إلى 3299.60 دولارا. وهبط الدولار بأكثر من 1% منذ بداية الأسبوع حتى الآن، وهو يتجه لتسجيل أسوأ أداء أسبوعي منذ السابع من إبريل، ما يجعل الذهب المسعر به أرخص لحائزي العملات الأخرى. وقد وافق مجلس النواب الأميركي، الذي يسيطر عليه الجمهوريون، على مشروع قانون شامل للضرائب والإنفاق أمس الخميس، بما يضمن تنفيذ معظم أجندة الرئيس دونالد ترامب ويضيف تريليونات الدولارات إلى الدين الحكومي. وينتقل مشروع القانون بهذا إلى مجلس الشيوخ، الذي يسيطر عليه الجمهوريون بهامش 53 إلى 47 مقعداً. وعادة ما يُنظر إلى الذهب بصفته ملاذا آمنا في أوقات الضبابية السياسية والمالية. في غضون ذلك، حذر وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي من أن الولايات المتحدة ستتحمل المسؤولية القانونية عن أي هجوم إسرائيلي على المنشآت النووية الإيرانية، وذلك في أعقاب تقرير لشبكة "سي أن أن" أفاد بأن إسرائيل تستعد لشن ضربات على إيران. وبالنسبة لبقية المعادن الثمينة، استقرت الفضة في المعاملات الفورية عند 33.07 دولاراً للأوقية، وصعد البلاتين 0.1% إلى 1082.47 دولاراً، بينما نزل البلاديوم 0.3% إلى 1012 دولاراً. (رويترز)


BBC عربية
منذ 34 دقائق
- BBC عربية
واشنطن تتهم الحكومة السودانية بـ "استخدام أسلحة كيميائية" وتفرض عليها عقوبات
قالت وزارة الخارجية الأمريكية، الخميس، إن الولايات المتحدة ستفرض عقوبات جديدة على السودان بعد ثبوت استخدام حكومته أسلحة كيميائية العام الماضي في الحرب الأهلية المستمرة ضد قوات الدعم السريع. وسيتم تقييد الصادرات الأمريكية إلى البلاد ووضع حدود للاقتراض المالي اعتباراً من السادس من يونيو/حزيران القادم، بحسب بيان للمتحدثة باسم الوزارة تامي بروس. وسبق أن اتُهمت القوات المسلحة السودانية وجماعة الدعم السريع بارتكاب "جرائم حرب" أثناء الصراع. تواصلت بي بي سي مع السلطات السودانية للتعليق على الإجراءات الأمريكية الأخيرة، وأفاد المسؤولون السودانيون أنهم لم يصدروا بياناً رسمياً حتى الآن. وقُتل أكثر من 150 ألف شخص خلال الصراع الذي بدأ قبل عامين عندما بدأ الجيش السوداني وقوات الدعم السريع صراعاً شرساً على السلطة. وفي الأشهر الأخيرة، استعاد الجيش السوداني العاصمة الخرطوم، لكن القتال لا يزال مستمراً في أماكن أخرى. ولم يتم تقديم أي تفاصيل بشأن الأسلحة الكيميائية التي قالت الولايات المتحدة إنها عثرت عليها، لكن صحيفة نيويورك تايمز ذكرت في يناير/كانون الثاني أن السودان استخدم غاز الكلور في مناسبتين، وهو ما يسبب مجموعة من التأثيرات المؤلمة والمدمرة، وقد يكون قاتلاً. "تدعو الولايات المتحدة حكومة السودان إلى وقف كل استخدامات الأسلحة الكيميائية والوفاء بالتزاماتها بموجب اتفاقية الأسلحة الكيميائية"، بحسب البيان، في إشارة إلى اتفاقية الأسلحة الكيميائية التي التزمت الدول الموقعة عليها بتدمير مخزوناتها من الأسلحة. ووافقت جميع دول العالم تقريباً - بما فيها السودان - على اتفاقية الأسلحة الكيميائية، باستثناء مصر وكوريا الشمالية وجنوب السودان، وفقاً لجمعية الحد من الأسلحة، وهي منظمة غير حزبية مقرها الولايات المتحدة. وأضافت الجمعية أن "إسرائيل وقعت على الاتفاقية لكنها لم تُصادق عليها"، ما يعني أنها لم تُؤكد قانونياً مشاركتها فيها. وأضافت بروس أن "الولايات المتحدة تظل ملتزمة بشكل كامل بمحاسبة المسؤولين عن المساهمة في انتشار الأسلحة الكيميائية". هذه ليست المرة الأولى التي تفرض فيها الولايات المتحدة عقوبات على السودان. ففي يناير/كانون الثاني، فرضت عقوبات على قادة من طرفي الصراع. اتهمت الولايات المتحدة قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان بـ"زعزعة استقرار السودان وتقويض هدف التحول الديمقراطي" ، وهو ما أدانته وزارة الخارجية السودانية ووصفته بأنه "غريب ومقلق". وعلى صعيد متصل أيضاً، اتهم وزير الخارجية الأمريكي السابق أنتوني بلينكن قائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، المعروف أيضاً باسم حميدتي، بارتكاب "إبادة جماعية" في البلاد. ويتنافس طرفا الصراع على السلطة منذ العامين الماضيين، ما أدى إلى نزوح نحو 12 مليون شخص وترك 25 مليون شخص في حاجة إلى مساعدات غذائية. وبحسب وكالة فرانس برس، فإن العقوبات الجديدة لن يكون لها تأثير يذكر على البلاد نتيجة هذه الإجراءات السابقة. أثارت هذه الخطوة الأمريكية الأخيرة توترات بشأن تورط الإمارات العربية المتحدة في الصراع. وكانت العلاقات الدبلوماسية بين الإمارات والسودان قد ظلت قائمة حتى وقت سابق من هذا الشهر، عندما اتهمت الحكومة السودانية الإمارات بتزويد قوات الدعم السريع بالأسلحة، وهو ما تنفيه الإمارات. وبعد الاستقبال الحار الذي حظي به الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الإمارات الأسبوع الماضي، سعى الديمقراطيون في الكونغرس إلى منع بيع الأسلحة من الولايات المتحدة إلى الإمارات، جزئياً بسبب تورطها المزعوم في الصراع. وقال مصدر دبلوماسي سوداني لوكالة رويترز للأنباء إن الولايات المتحدة فرضت العقوبات الجديدة على السودان "لصرف الانتباه عن الحملة الأخيرة في الكونغرس ضد الإمارات". وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفضت محكمة العدل الدولية التابعة للأمم المتحدة مسعى السودان لمقاضاة الإمارات العربية المتحدة بتهمة "الإبادة الجماعية".


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
زوبعة في إسرائيل بعد تعيين زيني رئيساً للشاباك... وزامير يقيله من الجيش
أقال رئيس أركان جيش الاحتلال الإسرائيلي، إيال زامير ، اليوم الجمعة، اللواء دافيد زيني من الخدمة العسكرية بعد تواصل الأخير مع رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قرار الجنائية الدولية بالقبض على بنيامين نتنياهو 2024 في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2024، أصدرت الدائرة التمهيدية الأولى في المحكمة الجنائية الدولية، بتركيبتها المعنية بالحالة في دولة فلسطين، بالإجماع قرارَين يقضيان برفض الطعنَين المقدّمَين من دولة إسرائيل، بموجب المادتين 18 و19 من نظام روما الأساسي، كما أصدرت أمرين بالقبض على رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الحرب يوآف غالانت. الذي عينه رئيساً لجهاز الأمن العام (شاباك)، دون علم زامير. وأثار تعيين زيني، أمس الخميس، زوبعة في الأوساط الإسرائيلية لمخالفته توجيهات المستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف ميارا، التي منعت نتنياهو في الوقت الراهن من تعيين خليفة لرئيس "شاباك" الحالي رونين بار . وقال جيش الاحتلال الإسرائيلي في بيان، الجمعة، إن "رئيس الأركان، الفريق إيال زمير، التقى صباح اليوم الجمعة باللواء دافيد زيني، واتُّفق على أن اللواء زيني سيترك الخدمة العسكرية خلال الأيام المقبلة. وأعرب رئيس الأركان عن تقديره للواء زيني على خدمته القتالية الطويلة والمهمة، كما أكد رئيس الأركان أن أي محادثات بين أفراد في الجيش الإسرائيلي والمستوى السياسي يجب أن تتم بموافقة مسبقة من رئيس الأركان". وكان زامير استدعى اللواء زيني لجلسة استماع على خلفية الاتصالات التي أجراها مع نتنياهو دون علمه. وذكرت تقارير صحفية إسرائيلية أن رئيس الأركان استشاط غضباً بعد التعيين الذي لم يكن يعلم شيئاً عنه، إذ أبلغ نتنياهو زامير باختيار زيني قبل دقائق من إعلانه عن ذلك. وفيما رحبت جهات في الحكومة بالتعيين حذرت أوساط إسرائيلية بما فيها المعارضة منه، وأعلنت "الحركة من أجل جودة الحكم" أنها ستقدّم التماساً ضد تعيين زيني، وقالت في بيان: "هذا تجاهل غير مسبوق لقرارات المحكمة العليا وتوجيهات المستشارة القضائية، واستمرار للاتجاه الخطير المتمثل في تقويض سيادة القانون من أجل مصالح شخصية ضيقة". رصد التحديثات الحية نتنياهو يعزز الديكتاتورية ويفتح باب "حرب أهلية" إسرائيلية ورحّب وزير القضاء ياريف ليفين، مساء الخميس، بالتعيين وقال: "قرار رئيس الوزراء يعيد أخيراً النظام الديمقراطي إلى مساره الصحيح"، وقال وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير إن "صلاحية تعيين رئيس جهاز الشاباك تعود قانونياً لرئيس الوزراء فقط، ومن الجيد أنه مارسها وعين شخصاً مناسباً لهذا المنصب". ومن جانبه أيد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش التعيين قائلاً إن زيني هو "ضابط ذو قيم، هجومي، مبادر ومبدع، وهو الشخص المناسب في الوقت المناسب لإعادة تأهيل جهاز الأمن العام". في المقابل، هاجم زعيم المعارضة، يائير لبيد ، رئيس الحكومة نتنياهو مشيراً إلى أنه "في حالة تضارب مصالح خطيرة"، داعياً زيني إلى إبلاغ نتنياهو بأنه لا يمكنه قبول التعيين حتى صدور قرار المحكمة العليا، في إشارة إلى القضايا المتعلقة بتعيين رئيس للشاباك وتضارب المصالح. من جانبه، قال رئيس حزب المعسكر الرسمي، بيني غانتس، إن نتنياهو "تجاوز خطاً أحمر آخر، من خلال تجاهل توجيهات المستشارة القضائية للحكومة في تعيين رئيس جهاز الشاباك... نتنياهو يقوض سيادة القانون مرة أخرى ويدفعنا نحو أزمة دستورية، على حساب أمن إسرائيل". وتطرق غانتس إلى تعيين زيني دون التشاور مع رئيس الأركان زامير، موضحاً أنه "إذا تم التعيين دون إشراك رئيس الأركان، فهناك مساس كبير بالمؤسسة الأمنية وأجهزتها". وقال زعيم حزب "الديمقراطيون"، يائير غولان، إن نتنياهو "شن هجوماً مباشراً على دولة إسرائيل الديمقراطية"، من خلال التعيين، مضيفاً أن "نتنياهو انتهك القانون وتصرف على نحو يتعارض مع قرار المحكمة العليا. نحن في أزمة دستورية ليس لدينا خيار سوى الانتصار فيها". واعتبر رئيس نقابة المحامين، عميت بيخر، أن "نتنياهو يتقدّم خطوة أخرى نحو التفكيك الكامل للديمقراطية وسيادة القانون"، وأن تجاهله "لتوجيهات المستشارة القضائية للحكومة، وفي الواقع لحكم المحكمة العليا بينما هو في حالة تضارب مصالح، يضع نقطة سوداء على أفعاله وأفعال الحكومة التي يترأسها. يجب وقف هذه الخطوة غير القانونية في المحكمة العليا، وعلى المستشارة القضائية للحكومة أن تفحص ما إذا كان رئيس الوزراء قد تجاوز الحد الجنائي في تصرفاته". وقبل وقت قصير من الإعلان عن تعيين زيني، تجمّع مئات المتظاهرين ضد الحكومة في ساحة رابين بتل أبيب، وبعد الإعلان أشعل بعض المتظاهرين ناراً بالقرب من ساحة هبيما، وتدخلت الشرطة لفض الاحتجاج بالقوة واعتقلت أربعة من المتظاهرين. وكتب المحلل العسكري في صحيفة هآرتس عاموس هارئيل، الجمعة، أن "قرار نتنياهو، يهدف إلى تحقيق هدفين في آنٍ واحد. فمن جهة، يصعّد نتنياهو المواجهة مع المحكمة العليا والمستشارة القضائية للحكومة، غالي بهراف ميارا، بعد أن قررت الأخيرة، بناءً على حكم المحكمة العليا، أنه لا يجوز له التدخل في تعيين رئيس جديد لجهاز الشاباك بدلاً من رونين بار. ومن جهة أخرى، يعلن عن تعيين مثير للجدل بطبيعته، بالنظر إلى ما هو معروف عن آراء المرشح (زيني) ومدى ملاءمته المفترضة للمنصب. بالنسبة لنتنياهو هذا مكسب مزدوج، فالأهم أن قاعدته السياسية، خاصة التيار الديني القومي، ستكون راضية. وإذا تسبب ذلك في إزعاج معارضيه، فهذا أفضل". ووفقاً لهارئيل فإنه "يصعب عدم الشك في أن التعيين تم على خلفية نوايا داخل الليكود للتأثير على نزاهة الانتخابات المقبلة. ففي الفترة الأخيرة ظهرت أفكار مختلفة هناك، بما في ذلك محاولات لشطب واسع النطاق للأحزاب العربية أو إجراءات لردع الناخبين العرب عن الوصول إلى صناديق الاقتراع. ورئيس شاباك يفتقر إلى الالتزام الرسمي الكافي قد يقرر عدم التدخل في ذلك أو ربما يقلل من التركيز على منع الإرهاب اليهودي".