
أنَّى لمن لم يعش هول هيروشيما أن يصف ما حصل؟ إليكم شهادات ناجين
كل عام يمر تتناقص فيه أعداد اليابانيين ممن يتذكرون ما حدث في السادس من أغسطس/آب عام 1945، عندما اخترق لون أزرق مُبيض شديد السطوع السماء الصافية من دون سابق إنذار، في ذلك الصباح الحار.
قليلون من أمثال يوشيكو كاجيموتو لا يزالون يتذكرون ذلك الضوء الغريب الذي اخترق نوافذ المصنع المكون من طابقين في مدينة هيروشيما حيث كانت تعمل.
ولا تزال تذكر كيف أنها احتمت تحت الآلات الثقيلة، وتفكر في والديها وإخوتها الثلاثة الصغار عندما سمعت دوي انفجار هائل رفع المبنى الخشبي إلى أعلى وأعقبه ظلام دامس حلّ بالمكان.
ففي ذلك اليوم قبل 80 عاما، ألقت قاذفة القنابل "إينولا غاي" من طراز "بوينغ بي-29 سوبر فورترس"، أول قنبلة ذرية من نوعها على هيروشيما في موقع يبعد أقل من كيلومترين عن المكان الذي تعمل فيه كاجيموتو، وانفجرت على ارتفاع 600 متر فوق مستشفى شيما.
ولم ينجُ من الانفجار سوى حفنة صغيرة من الناس، كما تشير صحيفة تايمز البريطانية في تقرير لمراسلها في طوكيو تيم هورنياك، موضحة أن حوالي 30 شخصا ممن بقوا على قيد الحياة كانوا على استعداد لكي يرووا قصصهم عن الرعب الذي انتابهم في ذلك اليوم، وقد بلغ متوسط أعمارهم الآن 88 عاما تقريبا.
ومنذ عام 2012، تقوم المدينة بتدريب أشخاص قادرين على نقل تجارب الناجين إلى الأجيال الشابة، وكذلك تطلعاتهم في تحقيق السلام ونزع السلاح النووي. ويُعرف هؤلاء الأشخاص باسم "حفظة الذاكرة".
منذ عام 2012، تقوم المدينة بتدريب أشخاص قادرين على نقل تجارب الناجين إلى الأجيال الشابة، وكذلك تطلعاتهم في تحقيق السلام ونزع السلاح النووي. ويُعرف هؤلاء الأشخاص باسم "حفظة الذاكرة".
ومن بين هؤلاء كيكو أوكي، وهي جدة تبلغ من العمر 72 عاما نشأت في مدينة ناغويا اليابانية، وعلاقتها الوحيدة بأحداث عام 1945 هي أنها عاشت لفترة طويلة في هيروشيما.
وفي شهادة استغرقت ساعة واحدة، كانت هذه الجدة تروي لتلاميذ المدارس والسياح ومجموعات أخرى عن تجارب كاجيموتو -التي تبلغ من العمر الآن 93 عاما- وابن عمها إيساو تانيغوتشي، الذي كان من بين ما يقدر بـ140 ألف شخص لقوا حتفهم في الهجوم.
وتقول الصحيفة البريطانية أن كاجيموتو كانت تسمع، وهي تحت أنقاض مبنى المصنع المدمر، أصوات زملائها وهم يصرخون من شدة الألم. وكانت شظايا الزجاج مغروسة في ذراعها وساقها تنزف.
وبمساعدة إحدى صديقاتها نجت من تحت الأنقاض لتجد المنطقة وقد سويت بالأرض، وحيث بدت من بعيد سحابة فطر رمادية شاهقة تعلو عنان السماء.
وتمكنت هي وصديقتها من انتشال ناجين من تحت الأنقاض، وهم يرتجفون ويصرخون وغارقون في دمائهم، وعظامهم بارزة من أطراف أجسادهم، وجلودهم ممزقة.
وهناك آخرون احترقت ملابسهم أو تطايرت أشلاؤهم، وكانت وجوههم متورمة وجلودهم متدلية إلى أسفل، وبدت مناظرهم أقرب إلى الأشباح منها إلى البشر.
ورأت كاجيموتو أحياء يمشون كالموتى وقد أصابهم الجفاف الشديد من شدة الحرارة، وهم يتوسلون للحصول على الماء قبل أن يلفظوا أنفاسهم الأخيرة. كما شاهدت أما تهذي وهي ممسكة بطفلها المتفحم.
لقد نجت كاجيموتو من الموت، لكنها فقدت والديها بسبب الإشعاع الذري. أما ابن عمها تانيغوتشي، الذي كان ما يزال طالبا في المدرسة الإعدادية في ذلك الوقت، فقد أُصيب بحروق شديدة في الانفجار لكنه نجا أخيرا بعد أن ألقى بنفسه في النهر ونجح في الوصول إلى ملجأ محصّن ضد الغارات الجوية.
هيروشيما متحف للسلام محاط الآن بنوافير مياه تخليدا لذكرى أشخاص انطفأت أرواحهم.
ويؤكد "حفظة الذاكرة" أن هذه الذكريات التي لا تُصدق تُمثل تحذيرا صارخا من الحرب النووية، وتبرز كاجيموتو ملاحظة مُرعبة مفادها بأن الطلاب الذين لقوا حتفهم نتيجة قنبلة هيروشيما "ماتوا من دون أن يعرفوا من قتلهم أو سبب موتهم… وفي لحظة واحدة، احترقت آمالهم وأحلامهم وأجسادهم -احترق كل شيء- واختفوا هم أنفسهم".
وتُشدد أوكي على أن الرسالة لا تتعلق بماضي اليابان فحسب، بل هي تحذير لبقية العالم، إذ "يوجد حوالي 12 ألف سلاح نووي في العالم، وقد يتكرر ما حدث بهيروشيما"، ولذا فإن أوكي تأمل أن تُوصل كلماتها هذه التجربة بعمق كبير، ليشعر المستمعون بأنه "لا ينبغي لأي طفل في العالم أن يُعاني من هذا مرة أخرى".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 11 ساعات
- الجزيرة
بوتين يؤكد باتصال مع ترامب: سنرد على عملية "شبكة العنكبوت"
توعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في محادثة هاتفية مع نظيره الأميركي دونالد ترامب بالرد على الهجوم الأوكراني الواسع الذي استهدف طائرات حربية روسية وسمي "شبكة العنكبوت"، في حين أعلن ترامب أنه لن يكون هناك "سلام فوري" في أوكرانيا. وقال ترامب في منشور على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، مساء الأربعاء، إنه أجرى "محادثة جيدة" مع بوتين، "إلا أنها لن تؤدي إلى سلام فوري" في أوكرانيا. وأضاف أن "الرئيس بوتين قال بحزم تام إنه سيرد على الهجمات (الأوكرانية) الأخيرة" على القاذفات الروسية، مشيرا إلى أن المحادثة استمرت "ساعة و15 دقيقة". وقد أكد مسؤولون بريطانيون وأميركيون أنهم لم يكونوا على علم مسبق بالهجمات التي وقعت يوم الأحد الماضي واستهدفت قاذفات روسية بعيدة المدى قادرة على حمل رؤوس نووية. ووصف الهجوم بأنه الأكثر ضراوة من جانب أوكرانيا، وكلف روسيا ما يقدر بـ7 مليارات دولار خلال دقائق معدودة باستخدام طائرات مسيرة رخيصة الثمن. من جانبه، وصف الكرملين المحادثة الهاتفية بين الرئيسين بأنها "إيجابية" و"بناءة"، مشيرا إلى أنهما قررا أن "يبقيا على اتصال دائم". وأجرى بوتين أيضا محادثة هاتفية مع بابا الفاتيكان ليو الـ14، اتهم فيها أوكرانيا بالسعي إلى التصعيد، وأكد حرصه على التوصل إلى حل سلمي عبر السبل الدبلوماسية. إعلان وقال الكرملين في بيان إن "بوتين لفت النظر إلى أن نظام كييف يراهن على التصعيد وينفذ عمليات تخريب ضد المنشآت المدنية على الأراضي الروسية". في الوقت نفسه، قال الفاتيكان إن البابا وجه في اتصاله الهاتفي الأول مع الرئيس الروسي "نداء إلى روسيا للقيام ببادرة من أجل السلام، وأكد أهمية الحوار من أجل تحقيق اتصالات إيجابية بين الطرفين والسعي إلى حلول للنزاع". وقد التقى ممثلون لروسيا وأوكرانيا يوم الاثنين الماضي في جولة ثانية من المفاوضات بوساطة تركيا، بعد اجتماع أول عقد في 16 مايو/أيار الماضي لبحث وقف إطلاق النار. وسلم الوفد الروسي كييف قائمة مطالب من بينها سحب قواتها من 4 مناطق أعلنت روسيا ضمّها، وتخلّي أوكرانيا عن مساعيها للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (ناتو)، والحدّ من حجم جيشها. من ناحيته، دعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إلى عدم إظهار "ضعف" في مواجهة بوتين. وقال عبر منصة إكس "إذا كان رد فعل العالم ضعيفا تجاه تهديدات بوتين، فإنه سيفسر ذلك على أنه رغبة في غض الطرف عن أفعاله". وأضاف "عندما لا يشعر بأن هناك قوة وضغطا في مواجهته، بل ضعفا، فإنه يرتكب دائما جرائم جديدة". وفي وقت سابق الأربعاء، ندّد زيلينسكي بشروط السلام التي طرحتها روسيا خلال المحادثات، معتبرا أنها "إنذار" غير مقبول لأوكرانيا.


الجزيرة
منذ 17 ساعات
- الجزيرة
شاهد.. فيل ضخم يقتحم متجرا في تايلند بحثا عن الطعام
اقتحم فيل بري ضخم يزن نحو 4 أطنان أحد المتاجر الكبرى في مدينة ناخون راتشاسيما، شمال شرق تايلند، محدثا أضرارا مادية بسيطة قُدرت بـ1000 بات تايلندي (30.70 دولارا أميركيا فقط)، حسب ما أظهرت كاميرات المراقبة وشهادات شهود العيان. الفيل المعروف باسم "بلاي بيانج ليك"، البالغ من العمر 25 عاما، دخل المتجر بعد ظهر يوم الاثنين، وبدأ في التهام كميات من كعك الأرز والبيض. وقد استغرقت زيارته غير المتوقعة نحو 10 دقائق من التجوال داخل المكان، قبل أن يعلق جزئيا في السقف أثناء خروجه. "آمل ألا يعود مجددا" صاحب المتجر، خامبلوي غاكايو، عبّر عن دهشته من الموقف، وقال "كانت هذه أول مرة يزور فيها فيل متجري، وآمل أن تكون الأخيرة". وأضاف "كنت قلقا بشأن الأضرار المحتملة، لكن لحسن الحظ لم تتجاوز التكلفة الإجمالية 1000 بات. لقد تناول كعك الأرز المقرمش والحلو والبيض، وهو أمر فاجأني لأن الأفيال عادة ما تُفضل الطعام المالح". وأوضح غاكايو أن الفيلة تظهر أحيانا في المناطق القريبة، وتسبب إزعاجا لبائعي الطعام في الشوارع، لكنها نادرا ما تقتحم المتاجر المغلقة. الفيلة تقع في حب طعام البشر! ويبدو أن شهية الفيلة في تايلند آخذة بالتغيّر، وفقا لخبراء البيئة المحليين، الذين أكدوا أن هذه الحيوانات البرية بدأت تنجذب إلى الطعام البشري عالي السعرات الحرارية، مثل الأطعمة المعلبة والمطهية، بديلا عن أوراق الشجر التي تشكّل غذاءها الطبيعي في الغابات. ويحتاج الفيل البالغ، حسب علماء الأحياء، إلى نحو 150 كيلوغراما من الطعام يوميا، ما يعادل 375 علبة فاصوليا مطبوخة، للبقاء بصحة جيدة، الأمر الذي قد يفسر تكرار مثل هذه الحوادث، بحثا عن مصادر غذاء أسهل وأكثر كثافة غذائية. فيل يتسبّب في مقتل سائحة إسبانية ورغم الطابع الطريف للحادثة الأخيرة، فإن هذا لا ينطبق دائما على جميع تفاعلات البشر مع الفيلة، ففي يناير/كانون الثاني الماضي، تعرضت سائحة إسبانية تُدعى بلانكا أوجانغورين غارسيا (22 عاما) لحادث مميت أثناء مشاركتها في نشاط ترفيهي مع فيل داخل محمية كوه ياو بجزيرة ياو ياي التايلندية. وكانت غارسيا تستحم عندما تعرضت لضربة قوية مفاجئة بخرطوم الفيل، أدت إلى إصابتها إصابة بالغة، وقد نُقلت على الفور إلى مستشفى قريب، لكنها فارقت الحياة لاحقا متأثرة بجراحها. وأكدت الشرطة المحلية ومركز رعاية الفيلة صحة الواقعة، فيما أُغلقت المحمية في أعقاب الحادث. وكانت بعض التقارير قد ذكرت في البداية أن السائحة تعرّضت لنطحة، لكن وكالة الأنباء الإسبانية الرسمية أكدت لاحقا أن الضربة جاءت من خرطوم الفيل وليس من قرنه. دعوات للحفاظ على الحياة البرية تثير هذه الحوادث تساؤلات متكررة بشأن التفاعلات المتزايدة بين البشر والحيوانات البرية، خاصة في المناطق السياحية التي تعتمد على جذب الزوار عبر أنشطة تشمل التعامل المباشر مع الكائنات البرية. ويحذّر الخبراء من أن اعتياد الحيوانات على الطعام البشري قد يعزز سلوكيات خطيرة مستقبلا، ما يستدعي مزيدا من التنظيم والرقابة، ليس فقط لحماية البشر، بل أيضا لضمان بقاء هذه الحيوانات في بيئاتها الطبيعية وبسلوكها الفطري.


الجزيرة
منذ 20 ساعات
- الجزيرة
فيتنام تتخلى عن سياسة الولدين مع تصاعد القلق من شيخوخة السكان
ألغت الحكومة الفيتنامية رسميا السياسة التي طالما قيدت الأسر بإنجاب طفلين فقط، في مسعى لوقف التدهور السكاني المرتبط بالشيخوخة المتسارعة. وبحسب ما أوردته وكالة الأنباء الرسمية، وافق البرلمان الفيتنامي (الجمعية الوطنية) على تعديل تشريعي يُسقط القيود المفروضة على عدد الأطفال المسموح بإنجابهم، لتنهي بذلك سياسة تحديد النسل المعمول بها منذ عام 1988. وتشير البيانات إلى أن معدل الخصوبة في فيتنام شهد تراجعا منتظما في السنوات الأخيرة، فبعد أن بلغ 2.11 طفل لكل امرأة عام 2021 (أي بالكاد أعلى من معدل الإحلال السكاني) انخفض إلى 2.01 في 2022، ثم إلى 1.96 في 2023، ليصل إلى 1.91 فقط في عام 2024. هذا التراجع يضع فيتنام ضمن قائمة الدول الآسيوية التي تواجه أزمة سكانية، إلى جانب كوريا الجنوبية واليابان وسنغافورة، لكنها تختلف عنها بكونها دولة نامية، مما يجعل التحديات الاقتصادية والديمغرافية أشد تعقيدا. وفي هذا السياق، تقول نغوين ثو لينه -وهي مديرة تسويق في هانوي تبلغ من العمر 37 عاما- "نفكر أحيانا في إنجاب طفل ثانٍ حتى لا يكون ابننا وحيدا، لكن الضغوط المالية والزمنية تجعل ذلك خيارا صعبا للغاية". من سياسة النمو السكاني إلى أزمة شيخوخة تعود سياسة الطفلين إلى عام 1988 حين سعت الحكومة الفيتنامية إلى تقليص عدد المواليد بهدف تخفيف العبء على الأسر وتعزيز مشاركة النساء في سوق العمل. إعلان ومع بلوغ "مرحلة السكان الذهبيين" منذ عام 2007 -أي حين يفوق عدد العاملين عدد الأطفال وكبار السن- سعت فيتنام إلى استثمار هذه المرحلة التي يتوقع أن تنتهي عام 2039. ورغم توقعات ببلوغ ذروة عدد السكان القادرين على العمل في عام 2042 فإن التقديرات تُظهر أن عدد السكان قد يبدأ بالتراجع فعليا بحلول 2054، مما قد يؤثر سلبا على النمو الاقتصادي في ظل زيادة نفقات الرعاية الاجتماعية لكبار السن. تفاوت مناطقي في الخصوبة وحوافز للإنجاب التراجع في معدلات الخصوبة لا يتوزع بالتساوي بين المناطق، ففي مدينة هو تشي منه (كبرى مدن البلاد) بلغ معدل الخصوبة 1.39 طفل لكل امرأة عام 2024، مما يعد من أدنى المعدلات في البلاد، كما تجاوزت نسبة السكان ممن هم فوق سن الـ60 حاجز الـ12%. ولتدارك ذلك أطلقت السلطات المحلية في ديسمبر/كانون الأول الماضي برنامجا تحفيزيا يمنح مكافآت مالية تصل إلى 120 دولارا للنساء اللواتي ينجبن طفلين قبل سن الـ35. اختلال التوازن بين الجنسين وتواجه فيتنام أيضا مشكلة ديمغرافية أخرى تتمثل في تفضيل اجتماعي راسخ للذكور، مما أدى إلى ارتفاع نسب الإجهاض الانتقائي وفق الجنس، لذلك يُمنع الأطباء قانونا من الكشف عن جنس الجنين، كما يعد الإجهاض على أساس النوع غير قانوني. وفي محاولة لردع هذه الممارسات اقترحت وزارة الصحة مضاعفة الغرامة المفروضة على اختيار نوع الجنين إلى 3 أضعاف، لتصل إلى 3800 دولار. وتماثل التجربة الفيتنامية في جذورها ما قامت به الصين التي فرضت سياسة الطفل الواحد عام 1979 ثم خففت القيود تدريجيا، وصولا إلى السماح بـ3 أطفال منذ 2021. لكن رغم هذه التسهيلات فإن معدلات الولادة لم ترتفع بالشكل المتوقع، بل استمرت في الهبوط، مما عمّق المخاوف من تبعات اقتصادية خطيرة.