
متلازمة ويليامز: الأشخاص المفرطون في الود تجاه الغرباء
تخيّل أنك تمشي في الشارع بينما يغمرك شعور قوي بالحب والدفء تجاه كل غريب تقابله. إنها تجربة مألوفة لمرضى متلازمة وليامز (WS)، وهي حالة وراثية نادرة تصيب واحداً من كل 7500 شخصاً.
غالباً ما يعامل المصابون بمتلازمة ويليامز الغرباء بشكل ودي بالغ كما لو أنهم أصدقاء مقربون. ويبدو أن هذه الحالة قد توفر أدلة على كيفية تطور شعور الإنسان.
وتسيطر على المصابين بمتلازمة ويليامز، التي يُطلق عليها "نقيض التوحد"، رغبة فطرية في معانقة الغرباء وتكوين صداقات معهم. فهم عاطفيون للغاية، ومتعاطفون مع الآخرين، و كثيرو الكلام، واجتماعيون. ويعاملون كل من يقابلونه كصديق حميم، إلا أن لهذا الود المفرط جانب سلبي. فكثيراً ما يواجهون صعوبة بالغة في الحفاظ على صداقاتهم القوية علاوة على كونهم عرضة للعزلة والوحدة.
يتمتع المصابون بهذه المتلازمة بقدرٍ كبيرٍ من الانفتاح على الآخرين، ويضعون ثقتهم في الغرباء بسهولة. وهم أيضاً لا يستطيعون إدراك أنهم في خطر، مما يجعلهم عرضة للإساءة والتنمر.
وقال أليسون موتري، أستاذ طب الأطفال والطب الخلوي والجزيئي في جامعة كاليفورنيا، سان دييغو: "من السهل جداً خداع شخص مصاب بمتلازمة ويليامز واستغلاله نظراً للثقة الكبيرة التي يضعها في الناس. إنهم يُسلمون أنفسهم لأي شخص دون تحيز. ورغم أنها سمة جميلة، إلا أنه في نهاية المطاف، هناك سبب لتطور الدماغ البشري ليكون لديه درجة من الشك في أي شخص جديد يتعرف عليه. فأنت لا تعرف ما إذا كان هذا الشخص هنا لإيذائك أم لمحبتك، والشخص المصاب بمتلازمة ويليامز لا يستطيع التمييز بينهما".
القليل من المصابين بمتلازمة ويليامز يتمكنون من عيش حياة مستقلة كراشدين بينما يعاني الكثير منهم من قلقٍ شديدٍ. كما تصاحب هذه الحالة مشاكل صحية، مثل أمراض القلب والأوعية الدموية، وتأخر النمو، وصعوبات التعلم. على سبيل المثال، يعاني الكثير من المصابين بها من تراجع معدل الذكاء إلى مستويات أقل من المتوسط.
وفي السنوات العشرة الأخيرة، اكتشف العلماء المزيد من الحقائق عن هذه المتلازمة لتُفتح أمامهم نافذة فريدة على كيفية تطور بعض السمات التي تجعلنا بشراً - مثل اللطف والثقة والود.
ولنبدأ ببعض هذه الحقائق: لدى البشر 46 كروموسوماً مُرتبة في 23 زوجاً. وأثناء نمو الحيوانات المنوية أو البويضة، تحدث عملية تُسمى "إعادة التركيب"، إذ يتم تبادل المادة الوراثية بين أزواج الكروموسومات المتطابقة. لكن في حالة الإصابة بمتلازمة ويليامز لا تسير هذ العملية على ما يُرام، إذ يُحذف قسم كامل من الحمض النووي من نسخة واحدة من الكروموسوم السابع. نتيجةً لذلك، يفقد المصابون بالمتلازمة نسخة واحدة من 25 إلى 27 جيناً.
تؤدي هذه الجينات وظائف متنوعة، فعلى سبيل المثال، جين ELN، يُشفر بروتيناً يُسمى الإيلاستين، وهو المسؤول عن مرونة الأنسجة في أنحاء الجسم. ويؤدي نقص الإيلاستين إلى تصلب جدران الشرايين، مما يؤدي إلى مشاكل في القلب والأوعية الدموية مدى الحياة لدى المصابين بهذه المتلازمة.
ويؤثر جين آخر، هو BAZ1B، على نمو ما يُعرف بخلايا العرف العصبي. هذه الخلايا الجذعية تعتبر أساساً للعديد من الأنسجة، بما في ذلك عظام وغضاريف الوجه. ولدى المصابين بمتلازمة ويليامز ملامح وجه مميزة، مثل أنف صغير مرفوع، وفم واسع، وذقن صغير.
ما السر وراء رغبتنا الجامحة في مطالعة الأخبار السلبية؟
الإفراط في التفاؤل قد ينعكس سلبا على الصحة النفسية
جين اجتماعي
مع ذلك، ثبت أن تحديد الجين، أو الجينات، المسؤولة عن زيادة الود لدى المصابين بمتلازمة ويليامز ينطوي على صعوبات. وهناك نظرية تشير إلى أن جين BAZ1B قد يكون له دور في هذه الظاهرة، وتُشكل بعض خلايا العرف العصبي الغدد الكظرية، المسؤولة عن استجابة الكر أو الفر من خلال إفرازها للأدرينالين. ويُرجح أن من يعانون من انخفاض أو ضعف في خلايا العرف العصبي قد ينتجون كميات أقل من الأدرينالين، وهو بدوره ما قد يجعلهم أقل خوفاً من الغرباء.
في غضون ذلك، يعتقد فريق آخر من العلماء أن جيناً يُسمى GTF2I قد يكون المسؤول عن كون المصابين بهذه المتلازمة أكثر وداً مع الغرباء. فعلى سبيل المثال، أظهرت أبحاث أن الحيوانات التي تفتقر إلى جين GTF2I تميل إلى أن تكون أكثر اجتماعية من غيرها من أفراد جنسها. وتشير أبحاث غير منشورة إلى أن ذباب الفاكهة الذي لا يحمل هذا الجين يُفضل تناول الطعام في مجموعات. أما الفئران التي لا تحمل هذا الجين فتكون أكثر ميلاً للاقتراب من فأر آخر غريب. كما يوجد لدى الكلاب أحد متغيرات الجين GTF2I، والذي يُعتقد أنه يجعلها أقل نشاطاً، مما قد يُفسر اجتماعيتها الواضحة ولطفها مقارنةً بالذئاب. في نفس الوقت، يميل الأشخاص الذين يحملون نسخة مكررة من هذا الجين إلى الإصابة بنوع من التوحد يتسم برهاب اجتماعي.
مع ذلك، لا تزال الآلية الدقيقة التي يتحكم بها جين GTF2I في التفاعل الاجتماعي غير معروفة. فالبروتين الذي يرمز له GTF2I هو عامل نسخ، مما يعني أنه يساعد على تنظيم تعبير العديد من الجينات الأخرى. تشير إحدى النظريات التي تتعامل مع هذه الظاهرة إلى أن السمات الشخصية للمصابين بمتلازمة وليامز قد تكون مرتبطة بضعف الميالين – الطبقة العازلة أو "الغلاف" الذي يحيط بالأعصاب – خاصة الموجودة في الدماغ والحبل الشوكي.
وقال بواز باراك، الأستاذ المشارك في جامعة تل أبيب في إسرائيل: "تماما مثل الكابل الكهربائي في منزلك، والذي تغطيه طبقة عازلة من البلاستيك، فإن الميالين ضروري لنقل الإشارات الكهربائية بشكل صحيح من خلية عصبية إلى أخرى".
وأوضح باراك وزملاؤه أن الفئران التي وُلدت بدون جين GTF2I لم تكن أكثر اجتماعية فحسب، بل احتوت خلاياها العصبية أيضاً على كمية أقل من الميالين. وأدى إعطاؤها دواءً يُحسن إنتاج الميالين إلى أن يصبح سلوكها أشبه بسلوك الفئران العادية.
وحيث يسرع الميالين من وتيرة انتقال الإشارات الكهربائية إلى حدٍ كبيرٍ، فقد يؤدي عدم وجود الميالين إلى تباطؤ وكسل الخلايا العصبية. وقد يُفسر هذا بعض الصعوبات الإدراكية التي يواجهها المصابون بمتلازمة ويليامز بالإضافة إلى ضعف المهارات الحركية المرتبطة بهذه الحالة.
مع ذلك، يرجح باراك أن ذلك قد يُعطل الاتصال بين اللوزة الدماغية، وهي منطقة صغيرة تشبه حبة الجوز في الدماغ، مسؤولة عن التعامل مع الخوف والعاطفة والقشرة الجبهية المسؤولة عن اتخاذ القرارات والشخصية والعواطف. وقد يُفسر هذا عدم خوف المصابين بهذه المتلازمة من الغرباء أو عدم ثقتهم بهم.
"ما اكتشفناه هو أنه عندما لا يكون لديك GTF2I، فإن عملية التغطية بالميالين تضعف. وبالتالي يضعف الاتصال بين مناطق الدماغ المسؤولة عن الخوف، والمناطق المسؤولة عن اتخاذ القرارات الاجتماعية"، وفقاً لباراك.
ومن المثير للاهتمام أن دواءً معتمداً من إدارة الغذاء والدواء الأمريكية يُسمى الكليماستين، ويُستخدم عادةً لعلاج الحساسية، معروف بتحسينه عملية إنتاج الميالين. ونظراً لما أظهره تحليل عينات الدماغ التي تبرع بها مرضى متلازمة ويليامز من وجود اضطرابات في إنتاج الميالين، يخطط باراك وفريقه لإعادة استخدام الكليماستين كعلاج محتمل لهذه الحالة. كما يعكف هذا الفريق من الباحثين على تقييم مدى سلامة وفاعلية هذا الدواء في تجربة سريرية من المرحلة الأولى - وهي المرحلة التي تتضمن الاختبارات على البشر - ومن المقرر أن تكتمل في ديسمبر/ كانون الأول 2025.
وقال باراك: "يتمتع المصابون بمتلازمة ويليامز بصفات رائعة يمكن للأشخاص العاديين التعلم منها، لذا ليس من الضروري تصحيح سلوكهم".
وأضاف: "نلتقي بالعديد من العائلات، ومن الشائع سماع أحد الوالدين يقول: 'لن أغير أبداً مقدار حبها للعالم، أو أعشق لطفها وحبها'. ومع ذلك، ما نسعى إلى تحقيقه هو تطوير علاجات قائمة على أدوية متاحة لمن يرغب في استخدامها".
واكتشف باراك من خلال تجارب مخبرية أن الفئران التي وُلدت بدون جين GTF2I تعاني أيضاً من خلل في الميتوكوندريا في خلاياها العصبية. والميتوكوندريا هي محطات توليد الطاقة الموجودة في كل خلية، والتي تُنتج الطاقة التي يحتاجها الجسم. ووفقاً لتحليل عينات أدمغة المصابين بمتلازمة ويليامز، لا تتطور الميتوكوندريا ولا تعمل بشكل صحيح لديهم.
وقال باراك: "تحتاج الخلايا العصبية إلى الطاقة لأداء وظيفتها، واكتشفنا أنه بدون GTF2I، لا تتشكل شبكة الميتوكوندريا بشكل صحيح. نتيجةً لذلك، تواجه الخلايا العصبية صعوبة في تلبية احتياجاتها من الطاقة، فتعاني من انقطاع التيار".
كما تتراكم المواد السامة داخل الخلايا العصبية بسبب هذه الاضطرابات، مما قد يمنعها من العمل بشكل صحيح، وفقا لباراك.
في غضون ذلك، رجح آخرون أن فقدان جين GTF2I قد يزيد مستويات الأوكسيتوسين، المعروف باسم "هرمون الحب"، في الدماغ. وأظهرت أبحاث أن المصابين بمتلازمة ويليامز يُنتجون المزيد من الأوكسيتوسين، ولديهم عدد أكبر من مستقبلات هذا الهرمون - وهي بروتينات تتعرف على الأوكسيتوسين وترتبط به -.
في دراسة أُجريت عام 2016، فحص فريق أليسون موتري، أستاذ طب الأطفال والطب الخلوي والجزيئي في جامعة كاليفورنيا، عيناتٍ مأخوذة من جثث أشخاص مصابين بهذه المتلازمة، والذين تبرعوا بأدمغتهم لصالح أغراض بحثية. وبالفعل لوحظ وجود نفس الأنماط، إذ كانت الخلايا العصبية لدى المصابين بمتلازمة ويليامز أكثر تشعباً، وكوّنت روابط أكثر مع خلايا عصبية أخرى.
وعلى الرغم من أن الأبحاث لم تصل بعد إلى جميع الدوائر العصبية المعنية، إلا أنه يُرجح أن القشرة الجبهية تُشكل روابط أكثر مع أجزاء الدماغ المسؤولة عن المكافأة في حالات الإصابة بمتلازمة ويليامز. ويقول موتري: "عندما تتذكر شخصاً أو ترى شخصاً تُحبه، يفرز دماغك الدوبامين، مما يولد إحساساً جيداً".
وأضاف: "أعتقد أن المصابين بمتلازمة ويليامز قد يعانون من خلل في هذا الناقل العصبي. لذا، عندما يرون وجهاً جديداً، يفرزون الدوبامين فوراً، ويشعرون بالرضا تجاهه".
في المقابل، اكتشف الفريق البحثي لموتري أن الأدمغة الصغيرة المزروعة باستخدام الخلايا الجذعية من الأطفال المصابين بالتوحد تحتوي على عدد أقل من الوصلات العصبية.
وأشار: "لقد اكتشفنا أنه إذا خُفض التعبير الجيني (للجين GTF2I)، تحدث اتصالات أكثر. بينما تؤدي زيادة هذا التعبير الجيني إلى اتصال أقل، وهذا أمر مدهش".
ونظراً لأن صفات كالثقة واللطف والودّ بالغة الأهمية لبقاء الإنسان، يعتقد موتري أن التطور يجب أن يُحكم قبضته على التعبير الجيني لـ GTF2I. فالبشر كائنات اجتماعية بطبعها، وبقاؤنا يعتمد على التعاون بيننا. ويجب أن نكون قادرين على منح بعضنا البعض الثقة إلى حدٍ ما.
وقال موتري: "ربما يكون التوازن النوعي (لجين GTF2I) بالغ الأهمية، فالود المفرط ليس أمراً جيداً، كما أن النقيض، أي عدم الود ليس أمراً جيداً أيضاً. لذا، ما فعله التطور هو ضبط التعبير الجيني - فقد وجد القدر المناسب تماماً من الألفة الاجتماعية الذي يمكننا جميعاً تحمله".
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
هل أخفى البيت الأبيض حقيقة الحالة الصحية للرئيس بايدن خلال ترشحه للانتخابات؟
أعلن مكتب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن عن تشخيصه بسرطان البروستاتا العدواني من درجة غليسون 9، وهو سرطان انتشر إلى العظام، ما يشير إلى مرحلة متقدمة. تزامن التشخيص مع تساؤلات حول صحة بايدن خلال فترة ترشحه للانتخابات، خاصة بعد أدائه المتعثر في بعض المناظرات، مما أثار جدلًا حول ما إذا كان قد أخفى معلومات صحية مهمة عن الجمهور والبيت الأبيض. رغم ذلك، لم يصدر تأكيد رسمي بأن هناك إخفاء متعمدًا، لكن التشخيص المتأخر يسلط الضوء على تحديات الكشف المبكر لسرطان البروستاتا العدواني، خصوصًا لدى كبار السن. يمكنكم مشاهدة الحلقات اليومية من البرنامج الساعة الثالثة بتوقيت غرينيتش، من الإثنين إلى الجمعة، وبإمكانكم أيضا الاطلاع على قصص ترندينغ بالضغط هنا.


BBC عربية
منذ يوم واحد
- BBC عربية
إصابة الرئيس السابق جو بايدن بالسرطان "الأكثر عدوانية"، ما هو بروتوكول العلاج؟
أعلن مكتب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن، البالغ من العمر 82 عاماً، إصابته بسرطان البروستاتا وانتشار الورم في عظامه. وقال المكتب في بيان يوم الأحد، إن الأطباء اكتشفوا حالة بايدن، يوم الجمعة، أثناء فحوصات بعد شكوى من ألم وأعراض أخرى أثناء التبول، وعثر الأطباء على كتلة صغيرة (عقيدة) في غدة البروستاتا. وأوضح البيان أن هذا النوع من السرطان هوأكثر عدوانية، وأن بايدن وعائلته يراجعون خيارات العلاج. وغادر بايدن منصبه في يناير/كانون الثاني الماضي، وكان أكبر رئيس ينا في الحكم في تاريخ الولايات المتحدة، وكان هناك الكثير من الشكوك والتساؤلات حول صحته خلال فترة ولايته، مما دفعه إلى سحب ترشحه من الانتخابات الرئاسية الماضية وتنازل لنائبته كامالا هاريس. وأضاف مكتب الرئيس السابق: "في الأسبوع الماضي، خضع الرئيس جو بايدن لفحص جديد لكتلة (عُقيدة) في البروستاتا بعد أن عانى من أعراض بولية متزايدة." وتم تشخيص سرطان البروستاتا، الذي يتميز بدرجة 9 على مقياس غليسون (الدرجة الخامسة) مع انتقاله إلى العظام. وعلى الرغم من أن هذا يمثل شكلاً أكثر عدوانية من المرض، إلا أن هذا النوع يبدو حساساً للهرمونات، مما يسمح بالعلاج الفعال." وبحسب مؤسسة أبحاث السرطان في بريطانيا، فإن درجة غليسون التي تبلغ تسعة تعني أن مرضه يُصنف بأنه "شديد الخطورة"، وأن الخلايا السرطانية قد تنتشر بسرعة. الرئيس الأمريكي جو بايدن "بصحة جيدة جدا" بعد تأكيد إصابته بكوفيد 19 في أول مقابلة منذ مغادرة البيت الأبيض، بايدن لبي بي سي: ترامب يُرضي بوتين بالضغط على أوكرانيا أسابيع بايدن الكارثية في 90 ثانية دعم ومواساة فور انتشار أنباء التشخيص بالمرض، تلقى بايدن دعماً كبيراً من كلا الحزبين الجمهوري والديمقراطي. وكتب الرئيس دونالد ترامب، على منصته الاجتماعية "تروث سوشيال"، سالة لبايدن، قال فيها إنه والسيدة الأولى ميلانيا ترامب "يشعران بالحزن لسماعهما خبر التشخيص الطبي الأخير لجو بايدن". ووجه حديثه إلى السيدة الأولى السابقة جيل بايدن: "نتقدم بأحرّ وأطيب تمنياتنا لجيل وعائلتها. نتمنى لجو الشفاء العاجل والناجح". أما كامالا هاريس، نائبة بايدن السابقة والمرشحة السابقة في الانتخابات الرئاسية، فكتبت على منصة "إكس" أنها وزوجها دوغ إمهوف، "يدعوان لعائلة بايدن بالشفاء العاجل." وقالت هاريس: "جو مقاتل، وأعلم أنه سيواجه هذا التحدي بنفس القوة والمرونة والتفاؤل التي ميزت حياته وقيادته". بيما عبر الرئيس السابق باراك أوباما، الذي تولى الرئاسة من عام 2009 إلى عام 2017 وكان جو بايدن نائبه، عن دعمه هو وزوجته ميشيل، وقال في بيان على إكس إنهما "يفكران في عائلة بايدن بأكملها". وأضاف أوباما: "لم يبذل أحد جهداً أكبر لإيجاد علاجات مبتكرة للسرطان بجميع أشكاله أكثر مما فعله جو، وأنا على يقين من أنه سيواجه هذا التحدي بعزيمته وصبره المعهود. ندعو الله له بالشفاء العاجل والكامل". وأثناء حكم أوباما، كلف بايدن فيعام 2016، بقيادة برنامج بحثي حكومي على نطاق واسع لمكافحة السرطان. ومن بريطانيا قال رئيس الوزراء كير ستارمر: "أشعر بحزن شديد لسماع أن الرئيس بايدن أُصيب بسرطان البروستاتا. أتمنى كل التوفيق لجو وزوجته جيل وعائلتهما، وأتمنى له علاجاً سريعاً وناجحاً". تأتي هذه الأخبار بعد قرابة عام من انسحاب الرئيس السابق من الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2024 بسبب مخاوف بشأن صحته وتقدمه في العمر. واجه بايدن، المرشح الديمقراطي آنذاك الذي كان يتنافس على إعادة انتخابه، انتقادات متزايدة لأدائه الضعيف في مناظرة تلفزيونية ضد منافسه الجهوري في ذلك الوقت الرئيس الحالي دونالد ترامب، في يونيو/حزيران 2024. ليتم في النهاية استبداله كمرشح ديمقراطي بنائبته، كامالا هاريس. وأصبح ترامب، البالغ من العمر 78 عاماً، ليكون أكبر شخص سناً يؤدي اليمين الدستورية كرئيس للولايات المتحدة عندما تولى منصبه خلفاً لبايدن. بروتوكول العلاج يُعد سرطان البروستاتا ثاني أكثر أنواع السرطان شيوعاً بين الرجال، بعد سرطان الجلد، بحسب بيانات عيادة كليفلاند. وتشير مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها في الولايات المتحدة، إلى أن 13 من كل 100 رجل سيصابون بسرطان البروستاتا في مرحلة ما من حياتهم. ويُعتبر التقدم في العمر العامل الأخطر والأكثر شيوعاً للإصابة بالمرض، وفقاً لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها. ويرى الدكتور ويليام داهوت، كبير المسؤولين العلميين في الجمعية الأمريكية للسرطان وطبيب متخصص في سرطان البروستاتا، أن هذا السرطان "أكثر عدوانية بطبيعته"، وفقاً للمعلومات المُعلن عنها حول تشخيص بايدن. وقال الدكتور داهوت لبي بي سي: "بشكل عام، إذا انتشر السرطان إلى العظام، فلا نعتقد أنه يمكن أن يكون سرطاناً قابلاً للشفاء". ومع ذلك، أوضح أن معظم المرضى يستجيبون جيداً للعلاج الأولي، "ويمكن للناس أن يعيشوا سنوات عديدة بعد تشخيصهم بالمرض". وعن البروتوكول العلاجي، أضاف الدكتور داهوت، "من المرجح تقديم علاجات هرمونية لمريض بنفس سرطان بايدن، لتخفيف الأعراض وإبطاء نمو الخلايا السرطانية." وتوارى بايدن عن الأنظار بصورة كبيرة منذ مغادرته البيت الأبيض، ولم يظهر علناً إلا نادراً. وكان أول ظهور إعلامي له منذ فوز ترامب، مع بي بي سي في مايو/آيار، وأقر خلاها بأن قرار التنحي عن انتخابات 2024 كان "صعباً". وواجه بايدن أسئلة حول حالته الصحية في الأشهر الأخيرة. لكنه نفى في لقاء مع برنامج "ذا فيو" الأمريكي في مايو/آيار الماضي أيضا، مزاعم معاناته من "تدهور إدراكي" خلال أخر سنة في حكمه، وقال: "لا يوجد ما يدعم ذلك". وكان بايدن من أبرز المدافعين عن أبحاث السرطان، خلال سنوات طويلة. في عام ٢٠٢٢، أعاد هو والسيدة جيل بايدن إطلاق مبادرة "الانطلاقة الكبرى للسرطان" بهدف حشد الجهود البحثية لمنع أكثر من أربعة ملايين حالة وفاة بالسرطان بحلول عام ٢٠٤٧. فقد بايدن نفسه ابنه الأكبر، بو، بسبب سرطان الدماغ عام ٢٠١٥.


Reuters عربية
منذ 2 أيام
- Reuters عربية
منظمة الصحة العالمية تبحث مستقبل العمل بدون أمريكا
لندن/جنيف 18 مايو أيار (رويترز) - يلتقي المئات من المسؤولين في منظمة الصحة العالمية والمانحين والدبلوماسيين في جنيف اعتبارا من غد الاثنين في اجتماع يهيمن عليه سؤال واحد حول كيفية التعامل مع الأزمات بداية من مرض الجدري وحتى الكوليرا بدون الممول الرئيسي، الولايات المتحدة. ويستمر الاجتماع السنوي لأسبوع من جلسات المناقشة وعمليات التصويت والقرارات، ويستعرض عادة حجم قدرات المنظمة التابعة للأمم المتحدة والتي أُقيمت لمواجهة تفشي الأمراض والموافقة على اللقاحات ودعم النظم الصحية في جميع أنحاء العالم. أما هذا العام فإن الموضوع الرئيسي هو تقليص نطاق المنظمة، نظرا لأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بدأ عملية تستغرق عاما لانسحاب الولايات المتحدة من منظمة الصحة العالمية بأمر تنفيذي في أول يوم له في المنصب في يناير كانون الثاني. وقال دانييل ثورنتون، مدير تنسيق تعبئة الموارد في منظمة الصحة العالمية، لرويترز "هدفنا هو التركيز على العناصر عالية القيمة". وسيجري النقاش لتحديد هذه "العناصر ذات القيمة العالية". وقال مسؤولو الصحة إن الأولوية ستظل لعمل منظمة الصحة العالمية في تقديم إرشادات للبلدان بشأن اللقاحات والعلاجات الجديدة للحالات المرضية المختلفة بداية من السمنة إلى فيروس نقص المناعة البشرية (اتش.آي.في). وأشار أحد العروض التقديمية لمنظمة الصحة العالمية للاجتماع، والذي تمت مشاركته مع جهات مانحة واطّلعت عليه رويترز، إلى أن مهام الموافقة على الأدوية الجديدة ومواجهة تفشي الأمراض ستبقى دون المساس بها، في حين يمكن إغلاق برامج التدريب والمكاتب في البلدان الأكثر ثراء. وكانت الولايات المتحدة تقدم نحو 18 بالمئة من تمويل منظمة الصحة العالمية. وقال دبلوماسي غربي طلب عدم الكشف عن هويته "علينا أن نتدبر أمورنا بما لدينا". واستعد العاملون بتقليص عدد المديرين وحجم الميزانيات منذ إعلان ترامب في يناير كانون الثاني الذي جاء خلال موجة من الأوامر وتخفيضات المساعدات التي عرقلت سلسلة من الاتفاقيات والمبادرات متعددة الأطراف. ويعني تأجيل الانسحاب الذي يستمر لمدة عام، وذلك بموجب القانون الأمريكي، أن الولايات المتحدة لا تزال عضوا في منظمة الصحة العالمية وسيظل علمها خارج مقر المنظمة في جنيف حتى تاريخ مغادرتها الرسمي في 21 يناير كانون الثاني 2026. وبعد أيام من تصريح ترامب، تسبب الرئيس الأمريكي في حالة من الغموض بقوله إنه قد يفكر في العودة إلى المنظمة إذا "نظفها" موظفوها. لكن مبعوثي الصحة العالميين يقولون إنه لم تظهر منذ ذلك الحين أي علامة تُذكر على تغيير رأيه. لذا فإن منظمة الصحة العالمية تخطط للمضي قدما مع وجود فجوة في ميزانية هذا العام تبلغ 600 مليون دولار وتخفيضات بنسبة 21 بالمئة على مدى العامين المقبلين. وكان ترامب اتهم منظمة الصحة العالمية بأنها أساءت التعامل مع جائحة كوفيد-19، وهو ما تنفيه المنظمة. بينما تستعد الولايات المتحدة للخروج من المنظمة، من المقرر أن تصبح الصين أكبر الجهات المانحة للرسوم الحكومية، وهي أحد مصادر التمويل الرئيسية لمنظمة الصحة العالمية إلى جانب التبرعات. وسترتفع مساهمة الصين من أكثر بقليل من 15 بالمئة إلى 20 بالمئة من إجمالي الرسوم الحكومية بموجب إصلاح شامل لنظام التمويل المتفق عليه في عام 2022. وقال تشن شو سفير الصين في جنيف للصحفيين الشهر الماضي "علينا أن نتعايش مع المنظمات متعددة الأطراف بدون الأمريكيين. الحياة ستستمر". وأشار آخرون إلى أن هذا يمكن أن يكون وقتا مناسبا لإجراء إصلاح شامل أوسع نطاقا، بدلا من الاستمرار تحت مظلة تسلسل هرمي للداعمين معاد تشكيله. وقال إن التغييرات أدت إلى إعادة النظر في عمليات الوكالة، ومنها ما إذا كان ينبغي أن تركز على تفاصيل مثل شراء الوقود في أثناء حالات الطوارئ. وكانت هناك حاجة ملحة للتأكد من عدم انهيار المشروعات الرئيسية خلال أزمة نقص التمويل الراهنة. وقال سوني إن ذلك يعني التوجه إلى الجهات المانحة ذات الاهتمامات الخاصة في تلك المجالات، منها شركات الأدوية والمجموعات الخيرية. وأضاف أن إي.إل.إم. إيه فونديشن، التي تركز على صحة الأطفال في أفريقيا ولها مكاتب في الولايات المتحدة وجنوب أفريقيا وأوغندا، تدخلت مؤخرا بتقديم مليوني دولار للشبكة العالمية لمختبرات الحصبة والحصبة الألمانية المعروفة باسم جريملين، والتي تتضمن أكثر من 700 مختبر تتعقب تهديدات الأمراض المعدية. وتشمل الأعمال الأخرى في منظمة الصحة العالمية المصادقة على اتفاق تاريخي بشأن كيفية التعامل مع الأوبئة في المستقبل وحشد المزيد من الأموال من الجهات المانحة في جولة استثمارية. لكن سيبقى التركيز على التمويل في ظل النظام العالمي الجديد. في الفترة التي تسبق الحدث، أرسل مدير منظمة الصحة العالمية رسالة بريد إلكتروني إلى الموظفين يطلب منهم التطوع، دون أجر إضافي، كمرشدين.