logo
حين تُكتب الحكاية في الظّل .. وتتبدّل الوجوه على المسرح

حين تُكتب الحكاية في الظّل .. وتتبدّل الوجوه على المسرح

عمونمنذ 6 أيام

في دهاليز السياسة الأمريكية.. لا شيء يُترك للصدفة.. ولا خطوة تُتخذ من غير أن تكون موضوعة بعناية على رقعة شطرنج المصالح.. تلك الرقعة التي يجلس على طرفيها الحليف الذي لا يُمس.. والعرّاب الذي لا يُكذب.. الكيان الإسرائيلي من جهة.. وأمريكا من جهة أخرى.. أما الباقي.. فإما بيادق صغيرة.. أو أوراق يتم حرقها عند الحاجة..
العلاقة بين أمريكا والكيان.. لم تكن يوماً علاقة تحالف عادي.. بل أقرب ما تكون إلى علاقة مصيرية.. تنبع من جذور دينية.. وثقافية.. ولوبية ضاغطة.. لا تقف عند حدود اللوبي الصهيوني فحسب.. بل تمتد إلى تيارات إنجيلية.. تؤمن بأن قيام الدولة الإسرائيلية.. شرط لعودة المسيح المنتظر.. ولعلّ هذه البنية العقدية.. هي ما يجعل الدعم الأمريكي للكيان الإسرائيلي.. فوق أي خلاف.. أو تغيّر سياسي.. فهو ليس فقط التزاماً استراتيجيا.. بل التزاماً هوياتياً لدى كثير من النخب الحاكمة في واشنطن..
حين جاء دونالد ترامب إلى البيت الأبيض.. لم يأت كسياسي تقليدي.. بل كمبعوث لمرحلة أكثر انكشافاً.. وأكثر صدقاً في التعبير عن العقل الأمريكي العميق.. ذلك العقل الذي لا يرى في الكيان الإسرائيلي مجرد حليف.. بل امتداداً وظيفياً للوجود الأمريكي في قلب الشرق الأوسط.. فكانت القدس تُعطى على طبق من ذهب.. والجولان يُسلّم بخطاب صحفي.. والتطبيع يُفرض بتغريدة.. أما غزة.. فقد كانت خطته فيها صادمة.. إذ أعلن نيته إعادة إعمارها.. بشرط إخراج أهلها منها.. في تصورٍ صريحٍ لتغييرٍ ديمغرافي غير مسبوق.. خطة قال عنها نتنياهو إنها رائعة.. بينما كان العالم يتساءل.. إن كانت تلك بداية لتطهير عرقي جديد..
لكن المفارقة.. أن ذات الإدارة التي عبّرت عن دعمها اللامحدود للكيان الإسرائيلي.. كانت تشهد في كواليسها مداولات خافتة.. وتسريبات حول خلافات تكتيكية.. لا تمس جوهر العلاقة.. بل ترتبط بكيفية التعاطي مع الأدوات.. خصوصاً مع حركة حماس.. فبينما كان الكيان إسرائيلي يعتبر.. أن الحل لا يكون إلا بالقضاء التام عليها.. كانت بعض الأصوات داخل الإدارة الأمريكية.. ترى أن لحماس.. دوراً سياسياً لا يمكن تجاوزه.. وأن الإبقاء عليها ضمن معادلة القوة.. قد يكون ضرورة لفرض تسويات لاحقة..
هنا لا بد من التوقف أمام الوثائق المسربة من البنتاغون والمخابرات الأمريكية.. والتي تحدثت عن مناقشات داخلية.. حول مستقبل غزة ما بعد الحرب.. وعن وجود تباين حقيقي.. بين الإدارة الأمريكية.. والقيادة الإسرائيلية حول التوقيت والأدوات.. بل إن بعضها أشار إلى ضغوط أمريكية.. لفتح ممراتٍ إنسانية.. وقبول بهدنة مؤقتة.. وهو ما رفضه الكيان الاسرائيلي في أكثر من مرة.. كل ذلك وسط تصريحات إعلامية.. تؤكد أن أمريكا والكيان الاسرائيلي في خندق واحد.. فهل ما نراه من تباينات هو حقيقة؟!.. أم مسرحية لتوزيع الأدوار؟!..
حين نقف عند تصريحات بايدن المتناقضة.. من جهة دعم مطلق لإسرائيل.. ومن جهة تلميحات بضرورة تجنب سقوط مدنيين.. ندرك أن اللعبة أكبر من مجرد سياسة إدارة.. بل هي سياسة دولة عميقة.. تعرف متى تلوّح بالعصا.. ومتى تلبس قناع الرحمة.. دون أن تغيّر في العمق من ولائها للكيان.. فتأتي المساعدات العسكرية تباعاً.. ويُستخدم الفيتو في مجلس الأمن.. وتُمنع أي مساءلة دولية للكيان الاسرائيلي.. ليظل السقف محمياً.. مهما علت أصوات الاحتجاج..
فهل ما يجري هو تبديل طاقيات.. وتغيير مواقع فقط.. مع بقاء الهدف كما هو؟!.. أم أن ثمة تغيرات حقيقية في الرؤية الأمريكية.. تجاه مستقبل الكيان.. ودوره في المنطقة؟!.. سؤال قد لا يجد إجابته في التصريحات الرسمية.. بقدر ما يُفهم من قراءة دقيقة لما لم يُقال.. ولما تُخفيه الوثائق والتسريبات.. وما يلوح خلف الكواليس من تفاهمات قديمة.. تُلبس اليوم لبوساً جديداً..
المشهد شديد التعقيد.. لكن الثابت فيه.. أن العلاقة بين أمريكا والكيان الاسرائيلي.. ليست علاقة ظرفية.. ولا خاضعة لحسابات الرؤساء المتعاقبين.. بل هي علاقة نُسجت عبر عقود من الالتزامات.. والتشابكات المصالحية والعقائدية.. وما يراه البعض خلافاً.. قد لا يكون إلا خداعاً بصرياً.. تمليه ضرورة توزيع الأدوار.. لإبقاء المسرح مشوقاً.. لكن النهاية.. تُكتب دوماً بقلمٍ واحد.. ذلك القلم الذي كتب منذ البداية.. أن أمن الكيان الاسرائيلي.. خط أحمر.. لا يُمس..
هو ذات القلم.. الذي كتب السيناريو منذ البداية.. لا يزال في مكانه.. لم ينكسر بعد.. ولم ينفد حبْره.. وكل مَن نراهم على المسرح.. ليسوا سوى مؤدين.. يتبادلون الأدوار.. أو ضحايا.. ظنّوا أنهم أبطال..
ولعل أخطر ما في المشهد.. ليس ما نراه أمامنا من نارٍ ودمار.. بل ما يُكتب في الظلال.. بصمتٍ مدروس.. وخططٍ بعيدة المدى.. تعيد تشكيل الوعي.. وتضبط إيقاع المواقف.. بما يخدم ذلك القلم.. الذي لا يؤمن إلا بلونٍ واحدٍ للحقيقة.. ذلك اللون.. الذي ينعكس فقط على مرآة مصالحه..

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة وصور معاناة الأطفال
مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة وصور معاناة الأطفال

رؤيا

timeمنذ 2 ساعات

  • رؤيا

مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يشعر بالإحباط بسبب الحرب المستمرة في غزة وصور معاناة الأطفال

مسؤولون بالبيت الأبيض: ترمب يريد إنهاء الحرب وعودة المحتجزين ودخول المساعدات وبدء إعادة الإعمار أكسيوس عن مسؤول "إسرائيلي": نتنياهو لا يشعر حاليا بضغط كبير من ترمب كشف موقع "أكسيوس" نقلاً عن مصادر "إسرائيلية" وأمريكية، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يشعر بالإحباط من استمرار الحرب في قطاع غزة، خاصة مع تصاعد صور معاناة الأطفال، وطلب من مساعديه نقل رسالة مباشرة إلى رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو مفادها أنه "يريد منه إنهاء الأمر". وبحسب مسؤولين في البيت الأبيض، فإن ترمب منزعج من طول أمد الحرب وتداعياتها الإنسانية، فيما أشار مسؤولون إسرائيليون للموقع ذاته إلى أن نتنياهو لا يشعر حاليًا بضغط كبير من الرئيس الأمريكي. وأضافت المصادر أن مسؤولين "إسرائيليين" يرون أنه إذا أراد ترمب دفع صفقة تبادل للمحتجزين ووقفًا لإطلاق النار في غزة، فعليه تكثيف الضغط على كلا الجانبين. وتأتي هذه التطورات في وقت يواجه فيه الاحتلال الإسرائيلي ضغوطًا دولية متزايدة لوقف عدوانه على غزة، وسط أزمة إنسانية متفاقمة ومجازر يومية بحق المدنيين.

د. رعد مبيضين يكتب: الملك عبد الله الثاني .. قائد التحول الدولي في الموقف من حرب غزة .. !!
د. رعد مبيضين يكتب: الملك عبد الله الثاني .. قائد التحول الدولي في الموقف من حرب غزة .. !!

سرايا الإخبارية

timeمنذ 2 ساعات

  • سرايا الإخبارية

د. رعد مبيضين يكتب: الملك عبد الله الثاني .. قائد التحول الدولي في الموقف من حرب غزة .. !!

بقلم : في خضم التصعيد العسكري الإسرائيلي على قطاع غزة، وتحت وطأة أزمة إنسانية غير مسبوقة، برز جلالة الملك عبد الله الثاني ابن الحسين كصوت إنساني وعقلاني مؤثر في مسار السياسة الدولية ، فبينما تهاوت مواقف كثير من الدول أمام الرواية الإسرائيلية، اختار الملك أن يتقدم الصفوف بدبلوماسية صلبة، مستندًا إلى شرعية تاريخية ورؤية استشرافية تدرك أبعاد الأزمة وتبعاتها ، فمنذ اللحظة الأولى لانطلاق العدوان، أطلق جلالة الملك تحذيرات واضحة من خطر التهجير القسري، مؤكدًا أن الأردن يرفض بشكل قاطع أي محاولة لتصفية القضية الفلسطينية أو تحميله تبعاتها الديمغرافية والإنسانية ، ولم يكن هذا الرفض مجرد موقف سياسي، بل جاء ضمن تحرك ممنهج شمل جولات دبلوماسية رفيعة المستوى إلى واشنطن، وعواصم القرار الأوروبي، حمل فيها الملك ملف غزة بكل أبعاده، وواجه به صناع القرار الدولي بلغة قاطعة : وقف الحرب ضرورة إنسانية وأمنية، والسكوت على التهجير جريمة لا تغتفر ، لهذا فإن التحركات الملكية الأخيرة لم تكن روتينية، بل عكست دبلوماسية استثنائية جعلت من الأردن مركز ثقل في المشهد السياسي الإقليمي والدولي ، فقد أشارت تقارير إعلامية إلى أن زيارة الملك إلى واشنطن، ولقاءه بقيادات سابقة وحالية في الإدارة الأمريكية، كان لها أثر مباشر في تغيير نبرة الخطاب السياسي في البيت الأبيض ، ونقلت مصادر مقربة من الدوائر الأمريكية أن جلالة الملك نجح، خلال لقاءاته الخاصة، في إقناع عدد من صناع القرار بأن استمرار الحرب لا يخدم مصالح أحد، بل يفتح أبواب الفوضى في الإقليم ، لا بل وتجاوز الأمر ذلك، حين تسرّبت معلومات من أن مقربين من الرئيس دونالد ترامب وجهوا رسائل واضحة إلى إسرائيل: مفادها ، أن الولايات المتحدة لن تستمر في دعم حرب لا نهاية لها، خصوصًا بعد أن قدم الأردن رؤية عقلانية قابلة للتنفيذ ، والرؤية الأردنية التي طرحها جلالة الملك، لم تقتصر على المطالبة بوقف الحرب، بل تضمنت بديلًا واقعيًا لإعادة الإعمار ضمن إطار عربي يقود التنمية، ويحترم السيادة الفلسطينية، ويمنع أي استغلال سياسي أو ابتزاز إنساني ، هذه الرؤية حظيت بتقدير واسع داخل الاتحاد الأوروبي، حيث أبدت عدة دول رئيسية استعدادًا لدعم المقترح الأردني كأرضية لإعادة إطلاق عملية سلام حقيقية، تستند إلى القانون الدولي، وتعيد الاعتبار لحل الدولتين ، وفي الداخل الأمريكي، أحدثت التحركات الملكية نقلة نوعية في المزاج السياسي العام ، فقد عبر عدد كبير من موظفي الإدارة الأمريكية، وأعضاء في الكونغرس، ومسؤولون في وزارات الخارجية والدفاع، عن احترامهم لموقف الملك، معتبرين أن حضوره القوي، وطرحه المتوازن، ساهم في كبح اندفاع بعض الأصوات الداعمة غير المشروطة لإسرائيل، لا سيما في ظل اتساع التقارير التي توثق انتهاكات جسيمة بحق المدنيين في غزة ، ولم يكتفِ الملك بنقل الموقف الأردني إلى العواصم، بل أعاد تصدير القضية الفلسطينية إلى موقعها الأخلاقي والإنساني في الوجدان العالمي ، وفي الوقت الذي انشغلت فيه حكومات بمحاور سياسية ومصالح محلية ، أعاد جلالة الملك الاعتبار لحقوق الإنسان، وحذّر من أن تجاهل المأساة الفلسطينية سيعمّق الكراهية، ويغذي التطرف، ويقوض أسس النظام الدولي الذي يدّعي احترامه للقانون ، ولعل أهم ما يميز دور جلالة الملك عبد الله الثاني أنه لا يتحرك فقط كزعيم إقليمي، بل كصوت ضمير عالمي، يحمل الرسالة الهاشمية في الدفاع عن القدس، وعن كرامة الإنسان، وعن السلام العادل القائم على الحقوق لا على توازن القوة ، فقيادته لم تنحصر في إدارة أزمة آنية، بل سعت لتشكيل وعي سياسي جديد لدى المجتمع الدولي، بأن العدالة لا تتجزأ، وأن الأمن لا يُبنى على أنقاض المذابح ، وفي ظل تعقيد المشهد، بات من الواضح أن جلالة الملك نجح في تحقيق تحول نوعي في مقاربة العالم للحرب على غزة، مؤكدًا أن صوت العقل العربي قادر على إحداث الفرق، متى ما توفرت القيادة التي تمتلك الشرعية والمبدأ والبعد الإنساني ... !! خادم الإنسانية . مؤسس هيئة الدعوة الإنسانية والأمن على المستوى العالمي .

إنقاذ سوريا
إنقاذ سوريا

العرب اليوم

timeمنذ 2 ساعات

  • العرب اليوم

إنقاذ سوريا

لا توجد في السياسة هدايا مجانية. من الآن، يُفترض التفكير في الثمن المطلوب من سوريا دفعه لقاء إعلان الرئيس دونالد ترامب، من الرياض، رفع العقوبات المفروضة على البلد، وهي العقوبات التي تسبب بها النظام السابق. ترافق ذلك مع صدور بيان عن البيت الأبيض يشير إلى أن الرئيس الأميركي «حضّ» الرئيس السوري أحمد الشرع، على الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيمية. أشار البيان ذاته إلى أنّ الشرع اكتفى بتأكيد التزام سوريا اتفاق فكّ الاشتباك مع إسرائيل، وهو اتفاق يعود إلى أواخر العام 1974. لم يرد النظام، الذي سقط مع فرار بشّار الأسد، إلى موسكو في الثامن من ديسمبر 2024، استعادة الجولان يوماً. كان الاحتلال الإسرائيلي للجولان منذ العام 1967، ضمانة لبقاء النظام الذي وقع مع هنري كيسينجر، وزير الخارجية الأميركي ورقة تفاهمات مع إسرائيل. تتضمن ورقة التفاهمات، التي نقلت «شفهياً» إلى إسرائيل، نقاط الالتقاء التي توصّل إليها كيسينجر مع حافظ الأسد. تشمل النقاط الضمانات الأمنية المطلوبة إسرائيلياً وذلك تمهيداً للتوصّل إلى اتفاق لفك الاشتباك في الجولان. نصت ورقة التفاهمات على أنّ ما تضمنته الورقة، ذات النقاط الست، جزء لا يتجزّأ من اتفاق فكّ الاشتباك المنوي التوصل إليه. تمّ التوصل إلى مثل هذا الاتفاق بالفعل في أواخر العام 1974. حملت التفاهمات بين الأسد الأب ووزير الخارجية الأميركي، التي تاريخها 28 أيار - مايو 1974، توقيعي وزير الخارجية الأميركي ووزير الخارجية السوري عبد الحليم خدّام. هذا يعني بكل بساطة أنّ العلوي كان يتفاهم مع إسرائيل، فيما السنّي من يوقع على التفاهم... أمثال حكمت الشهابي أو فاروق الشرع اللذين التقيا مسؤولين عسكريين ومدنيين إسرائيليين. تفاوض فاروق الشرع مع إيهود باراك (رئيس الوزراء الإسرائيلي) وتفاوض حكمت الشهابي مع امنون شاحاك (رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي) بغية التوصل إلى اتفاق يُفضي إلى انسحاب إسرائيلي من الجولان. كانت المفاوضات مجرّد مفاوضات من أجل المفاوضات. بقيت في الأساس التفاهمات التي توصل إليها كيسينجر مع حافظ الأسد وهي في أساس اتفاق فكّ الاشتباك السوري – الإسرائيلي الذي يعني قبل كلّ شيء ضمانة إسرائيلية لبقاء النظام العلوي في سوريا في مقابل ضمان هذا النظام للأمن الإسرائيلي في الجولان بموجب عبارات صريحة لا لبس فيها. تغيّرت اللعبة في سوريا حالياً بعدما دخلت تركيا على الخط بقوة. عاد السنّة إلى حكم سوريا، للمرّة الأولى منذ العام 1966، بعدما رفعت إسرائيل الغطاء الذي كانت توفّره لبشّار الأسد والنظام. لا شكّ أن اللقاء الذي حصل بين الرئيس ترامب والرئيس الشرع، برعاية الأمير محمّد بن سلمان، ولي العهد السعودي، يشكلّ منعطفاً في غاية الأهمّية على الصعيد الإقليمي. يعود ذلك إلى أنّه سبقت اللقاء الذي استضافته الرياض اتصالات سورية ـ إسرائيلية وأخرى بين وفود أميركيّة زارت دمشق حديثاً. كان أبرز هذه الوفود وفد من زعماء المنظمات اليهوديّة الأميركيّة على رأسه جوناثان باس، الذي يمتلك شركة نفطية أميركيّة. لم يخف باس، الذي التقى الرئيس السوري الجديد، في اثناء وجوده في دمشق أن المطلوب انضمام سوريا إلى الإتفاقات الإبراهيميّة. وقعت هذه الاتفاقات في العام 2020 وكانت بين دولة الإمارات العربيّة المتحدة والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. في وقت لاحق حصل أيضاً تطوير للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهي علاقة من نوع خاص في ضوء وجود جالية يهودية مغربيّة كبيرة في إسرائيل. لا يزال يهود المغرب الذين انتقلوا إلى إسرائيل يمتلكون علاقة خاصة ببلدهم الأصلي، بما في ذلك الولاء للعرش المغربي كمؤسسة لم تفرّق يوماً بين مواطن مغربي وآخر. في استطاعة أحمد الشرع، الذي يتمتع حالياً بشعبية كبيرة بين السوريين الذهاب بعيداً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. يعود ذلك إلى عوامل عدّة من بينها أنّه زعيم سنّي سوري استطاع هزيمة النظام المرفوض كلّياً من أكثرية السوريين. الأكيد أن وساطات عربية مع الإسرائيليين ستلعب دوراً مهمّاً في تحديد توجّه الرئيس السوري. يساعد في ذلك أيضاً أنّ تركيا تعرف قبل غيرها أن دورها في مجال استفادة شركاتها من إعادة إعمار سوريا رهن برضا إدارة ترامب وما تريده هذه الإدارة التي لم تترد في دعوة سوريا إلى الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيميّة إضافة إلى تقديم طلبات أخرى. يشبه وضع الرئيس السوري الجديد وضع أنور السادات، الذي قرّر في العام 1977 إلقاء خطابه في الكنيست الإسرائيلية تمهيداً لتوقيع معاهدة سلام بين البلدين في مارس 1979. كان السادات يتمتع وقتذاك بشعبية كبيرة في ضوء خوض حرب تشرين أو حرب أكتوبر، أمّا مصر فكانت تعاني في تلك المرحلة من أزمة اقتصادية عميقة الجذور. بين امتلاك الشعبية الكبيرة في ظلّ أزمة اقتصادية عميقة ورفض السنّة في سوريا فكرة عودة النظام السابق إلى حكم البلد، توجد مبررات كافية لذهاب أحمد الشرع إلى الاتفاقات الإبراهيمية التي تبدو إدارة ترامب مصرّة عليها. نصت ورقة التفاهمات على أنّ ما تضمنته الورقة، ذات النقاط الست، جزء لا يتجزّأ من اتفاق فكّ الاشتباك المنوي التوصل إليه. تمّ التوصل إلى مثل هذا الاتفاق بالفعل في أواخر العام 1974. حملت التفاهمات بين الأسد الأب ووزير الخارجية الأميركي، التي تاريخها 28 أيار - مايو 1974، توقيعي وزير الخارجية الأميركي ووزير الخارجية السوري عبد الحليم خدّام. هذا يعني بكل بساطة أنّ العلوي كان يتفاهم مع إسرائيل، فيما السنّي من يوقع على التفاهم... أمثال حكمت الشهابي أو فاروق الشرع اللذين التقيا مسؤولين عسكريين ومدنيين إسرائيليين. تفاوض فاروق الشرع مع إيهود باراك (رئيس الوزراء الإسرائيلي) وتفاوض حكمت الشهابي مع امنون شاحاك (رئيس الأركان في الجيش الإسرائيلي) بغية التوصل إلى اتفاق يُفضي إلى انسحاب إسرائيلي من الجولان. كانت المفاوضات مجرّد مفاوضات من أجل المفاوضات. بقيت في الأساس التفاهمات التي توصل إليها كيسينجر مع حافظ الأسد وهي في أساس اتفاق فكّ الاشتباك السوري – الإسرائيلي الذي يعني قبل كلّ شيء ضمانة إسرائيلية لبقاء النظام العلوي في سوريا في مقابل ضمان هذا النظام للأمن الإسرائيلي في الجولان بموجب عبارات صريحة لا لبس فيها. تغيّرت اللعبة في سوريا حالياً بعدما دخلت تركيا على الخط بقوة. عاد السنّة إلى حكم سوريا، للمرّة الأولى منذ العام 1966، بعدما رفعت إسرائيل الغطاء الذي كانت توفّره لبشّار الأسد والنظام. لا شكّ أن اللقاء الذي حصل بين الرئيس ترامب والرئيس الشرع، برعاية الأمير محمّد بن سلمان، ولي العهد السعودي، يشكلّ منعطفاً في غاية الأهمّية على الصعيد الإقليمي. يعود ذلك إلى أنّه سبقت اللقاء الذي استضافته الرياض اتصالات سورية ـ إسرائيلية وأخرى بين وفود أميركيّة زارت دمشق حديثاً. كان أبرز هذه الوفود وفد من زعماء المنظمات اليهوديّة الأميركيّة على رأسه جوناثان باس، الذي يمتلك شركة نفطية أميركيّة. لم يخف باس، الذي التقى الرئيس السوري الجديد، في اثناء وجوده في دمشق أن المطلوب انضمام سوريا إلى الإتفاقات الإبراهيميّة. وقعت هذه الاتفاقات في العام 2020 وكانت بين دولة الإمارات العربيّة المتحدة والبحرين من جهة وإسرائيل من جهة أخرى. في وقت لاحق حصل أيضاً تطوير للعلاقات بين المغرب وإسرائيل، وهي علاقة من نوع خاص في ضوء وجود جالية يهودية مغربيّة كبيرة في إسرائيل. لا يزال يهود المغرب الذين انتقلوا إلى إسرائيل يمتلكون علاقة خاصة ببلدهم الأصلي، بما في ذلك الولاء للعرش المغربي كمؤسسة لم تفرّق يوماً بين مواطن مغربي وآخر. في استطاعة أحمد الشرع، الذي يتمتع حالياً بشعبية كبيرة بين السوريين الذهاب بعيداً في تطبيع العلاقات مع إسرائيل. يعود ذلك إلى عوامل عدّة من بينها أنّه زعيم سنّي سوري استطاع هزيمة النظام المرفوض كلّياً من أكثرية السوريين. الأكيد أن وساطات عربية مع الإسرائيليين ستلعب دوراً مهمّاً في تحديد توجّه الرئيس السوري. يساعد في ذلك أيضاً أنّ تركيا تعرف قبل غيرها أن دورها في مجال استفادة شركاتها من إعادة إعمار سوريا رهن برضا إدارة ترامب وما تريده هذه الإدارة التي لم تترد في دعوة سوريا إلى الانضمام إلى الاتفاقات الإبراهيميّة إضافة إلى تقديم طلبات أخرى. يشبه وضع الرئيس السوري الجديد وضع أنور السادات، الذي قرّر في العام 1977 إلقاء خطابه في الكنيست الإسرائيلية تمهيداً لتوقيع معاهدة سلام بين البلدين في مارس 1979. كان السادات يتمتع وقتذاك بشعبية كبيرة في ضوء خوض حرب تشرين أو حرب أكتوبر، أمّا مصر فكانت تعاني في تلك المرحلة من أزمة اقتصادية عميقة الجذور. بين امتلاك الشعبية الكبيرة في ظلّ أزمة اقتصادية عميقة ورفض السنّة في سوريا فكرة عودة النظام السابق إلى حكم البلد، توجد مبررات كافية لذهاب أحمد الشرع إلى الاتفاقات الإبراهيمية التي تبدو إدارة ترامب مصرّة عليها.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store