
هل اسرائيل في مأزق ؟وليد عبد الحي
هل اسرائيل في مأزق ؟
وليد عبد الحي
رغم مرور 77 عاما على اعلان تأسيس اسرائيل 'كدولة'، فانها فشلت في اربعة ابعاد:
أ- تحديد نهائي لاقليمها الجغرافي، فهي حتى الآن دون حدود مستقرة او معترف بها .
ب- لم تتوقف عن الحروب ، فطبقا لسجل حروبها الكبرى والصغرى فان اسرائيل تنخرط في حرب كل 3.9 سنة .
ت- ان عدد السكان الفلسطينيين في الارض التي تعتبرها اقليمها التاريخي ما زال اكبر من عدد سكانها اليهود، كما ان نسبة الزيادة السكانية بين العرب تفوق الزيادة بين اليهود ،ناهيك عن ان معدل التزايد في الهجرة اليهودية من فلسطين تزايد في اعقاب طوفان الاقصى.
ث- تآكل في مكانتها الدولية، فقد دللنا في دراسة منشورة قبل شهر على ان مكانة اسرائيل الدولية تضررت بعد طوفان الاقصى بمعدل 78.8%، إذ تراجعت 313 نقطة في 13 مؤشرا ، وبلغت نسبة التراجع في 'عدد' المؤشرات السلبية حوالي 61%.
تخبرنا الخبرة التاريخية الانسانية ان النموذج ' الاسبارطي ' لم يتمكن من البقاء قياسا للنموذج 'الاثيني'، وان النموذج الاستعماري الاستيطاني الإحلالي فشل فشلا ذريعا، وان اقامة الدول على اسس 'الثقافات الفرعية' يواجه معضلة عميقة امام طوفان العولمة الذي يُعلي من شأن الروابط العضوية على حساب الروابط الآلية، وهو ما أدركه وبوضوح رئيس وزراء اسرائيل الأسبق شيمون بيريز مبكرا، ورأى فيه مأزقا قادما حين قال 'ان ثقافة الشاشة ستهزم ثقافة الكتاب المقدس'.
سبق وذكرت ان امام اسرائيل ثلاثة حلول لا رابع لها:
1- حل الدولتين: وهو الحل الذي يتزايد تأييده عالميا (رغم كل ما يقال من تشكيك فيه)، وهو حل ينطوي على تفكيك المستوطنات-او حتى بعضها- في الضفة الغربية والقدس الشرقية ، وهو ما تراه النخبة الفكرية الاسرائيلية مقدمة لحرب اهلية بين الدولة الاسرائيلية وبين حوالي ثلاثة ارباع مليون مستوطن اغلبهم من المتدينين ، كما ان هذا الحل يجعل العمق الاستراتيجي للكيان الاسرائيلي ضيقا الى حد يصل لعشرة كيلومترات فقط، وهو امر غير مقبول في عالم التكنولوجيا المعاصر .
2- حل الدولة الواحدة: وهذا يعني إما دمج الفلسطينيين ومساواتهم باليهود (وهو ما يعني سيطرتهم على الكنيسيت في ظل عددهم السكاني) او ابقائهم في دائرة الاضطهاد( وهو ما يعني اعادة انتاج نموذج جنوب افريقيا الذي انتهى بسقوط نظام الفصل العنصري) ناهيك عن استمرار وتيرة عدم الاستقرار الداخلي والذي جعل اسرائيل تتراجع فيه دوليا من المرتبة 139 الى 173 بعد طوفان الاقصى، ومعلوم ان معدل عدم الاستقرار يمثل احد اهم متغيرات الشلل الاقتصادي والاضطراب الاجتماعي والهجرة..الخ.
3- الحل الثالث وهو الحل الافضل لاسرائيل هو التهجير (القسري او الناعم او كلاهما)، وهو حل يواجه صعوبات كبيرة فلسطينية وعربية ودولية، كما ان تداعياته لا حدود لها، اضافة الى ان المجتمع الدولي متردد في قبوله، لكنه الحل الافضل لاسرائيل لانه يحل كل المشكلات التي اتينا عليها.
ان التصريحات الاخيرة لعدد كبير من كبار صانعي القرار السياسي في الاتحاد الاوروبي اضافة لبريطانيا ، وفي 145 دولة اخرى من مختلف دول العالم بينها روسيا والصين ، تشير الى ان اسرائيل ستواجه مأزقا محددا يتمثل في :مأزق مواجهة الاتجاه الدولي المتزايد نحو ايجاد حل خارج التهجير(والتهجير يمثل الخيار المفضل لاسرائيل) او القبول بحل الدولتين (وهوما ينطوي على احتمال عال بحرب اهلية داخل اسرائيل) او القبول بحل الدولة الواحدة( وهو ما يعني سيطرة هادئة للفلسطينيين في حالة الدولة الديمقراطية أو استمرار وتيرة عدم الاستقرار ،وقد تكون وتيرته اعلى من المستوى الحالي), ذلك يعني أن اسرائيل قلقة من مرحلة ما بعد الطوفان.
يبقى حل آخر، وهو الرهان على هشاشة الوضع العربي، فمحور المقاومة تراجع وبقوة بعد انقلاب نعيم قاسم في حزب الله، وخضوع الحشد الشعبي العراقي لورثة بريمر، وقيام سلطة سورية قفزت في ايام قليلة من ثقافة 'حنبلية متزمتة وتتبنى الجهاد ضد الكفار' الى ثقافة الحداثة والعقلانية المصنوعة وبكل استهانة واستخفاف بعقل المراقب بل وبعقل حليفها الوطني ، وكل ذلك يجري في دورق عربي جعل المرتبة العربية تقف في آخر قائمة 10 مؤشرات قياسا لبقية اقاليم العالم ، فالمغرب العربي يحتقن تدريجيا داخليا وإقليميا ، والسودان يسبح في دمائه ، ومصر فقدت دورها وبالضبط كما توقع المرحوم جمال حمدان، والباقي يصطف بعضه في ' جنون الثروة ' بينما يصطف البعض الآخر في طابور 'جنود الخفاء'.
ان المستقبل يأخذنا نحو مأزقين : مازق اسرائيلي ومأزق عربي، ويبدو ان التفكير الاستراتيجي الاسرائيلي يسير باتجاه العمل- قدر المستطاع وبتدرجية- نحو حل المأزق الاسرائيلي من خلال تعميق المأزق العربي، فكلما ازداد عمق المأزق العربي (الاستبداد والفساد وعدم الاستقرار والتبعية والتخلف والعسكرة والتشظي الاثني …الخ) كلما اصبح 'التهجير اكثر يسرا، لكن تكاتف موقف عربي جديد( وهذا من باب التفكير الرغائبي) سيعطل خروج اسرائيل من مأزقها وتتسع دائرة الضغط الدولي عليها لتبني حل الدولتين او الدولة الواحدة وهو ما يعمق أزمتها…فهل من مستجيب؟
2025-05-22
The post هل اسرائيل في مأزق ؟وليد عبد الحي first appeared on ساحة التحرير.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ 4 ساعات
- ساحة التحرير
هل اسرائيل في مأزق ؟وليد عبد الحي
هل اسرائيل في مأزق ؟ وليد عبد الحي رغم مرور 77 عاما على اعلان تأسيس اسرائيل 'كدولة'، فانها فشلت في اربعة ابعاد: أ- تحديد نهائي لاقليمها الجغرافي، فهي حتى الآن دون حدود مستقرة او معترف بها . ب- لم تتوقف عن الحروب ، فطبقا لسجل حروبها الكبرى والصغرى فان اسرائيل تنخرط في حرب كل 3.9 سنة . ت- ان عدد السكان الفلسطينيين في الارض التي تعتبرها اقليمها التاريخي ما زال اكبر من عدد سكانها اليهود، كما ان نسبة الزيادة السكانية بين العرب تفوق الزيادة بين اليهود ،ناهيك عن ان معدل التزايد في الهجرة اليهودية من فلسطين تزايد في اعقاب طوفان الاقصى. ث- تآكل في مكانتها الدولية، فقد دللنا في دراسة منشورة قبل شهر على ان مكانة اسرائيل الدولية تضررت بعد طوفان الاقصى بمعدل 78.8%، إذ تراجعت 313 نقطة في 13 مؤشرا ، وبلغت نسبة التراجع في 'عدد' المؤشرات السلبية حوالي 61%. تخبرنا الخبرة التاريخية الانسانية ان النموذج ' الاسبارطي ' لم يتمكن من البقاء قياسا للنموذج 'الاثيني'، وان النموذج الاستعماري الاستيطاني الإحلالي فشل فشلا ذريعا، وان اقامة الدول على اسس 'الثقافات الفرعية' يواجه معضلة عميقة امام طوفان العولمة الذي يُعلي من شأن الروابط العضوية على حساب الروابط الآلية، وهو ما أدركه وبوضوح رئيس وزراء اسرائيل الأسبق شيمون بيريز مبكرا، ورأى فيه مأزقا قادما حين قال 'ان ثقافة الشاشة ستهزم ثقافة الكتاب المقدس'. سبق وذكرت ان امام اسرائيل ثلاثة حلول لا رابع لها: 1- حل الدولتين: وهو الحل الذي يتزايد تأييده عالميا (رغم كل ما يقال من تشكيك فيه)، وهو حل ينطوي على تفكيك المستوطنات-او حتى بعضها- في الضفة الغربية والقدس الشرقية ، وهو ما تراه النخبة الفكرية الاسرائيلية مقدمة لحرب اهلية بين الدولة الاسرائيلية وبين حوالي ثلاثة ارباع مليون مستوطن اغلبهم من المتدينين ، كما ان هذا الحل يجعل العمق الاستراتيجي للكيان الاسرائيلي ضيقا الى حد يصل لعشرة كيلومترات فقط، وهو امر غير مقبول في عالم التكنولوجيا المعاصر . 2- حل الدولة الواحدة: وهذا يعني إما دمج الفلسطينيين ومساواتهم باليهود (وهو ما يعني سيطرتهم على الكنيسيت في ظل عددهم السكاني) او ابقائهم في دائرة الاضطهاد( وهو ما يعني اعادة انتاج نموذج جنوب افريقيا الذي انتهى بسقوط نظام الفصل العنصري) ناهيك عن استمرار وتيرة عدم الاستقرار الداخلي والذي جعل اسرائيل تتراجع فيه دوليا من المرتبة 139 الى 173 بعد طوفان الاقصى، ومعلوم ان معدل عدم الاستقرار يمثل احد اهم متغيرات الشلل الاقتصادي والاضطراب الاجتماعي والهجرة..الخ. 3- الحل الثالث وهو الحل الافضل لاسرائيل هو التهجير (القسري او الناعم او كلاهما)، وهو حل يواجه صعوبات كبيرة فلسطينية وعربية ودولية، كما ان تداعياته لا حدود لها، اضافة الى ان المجتمع الدولي متردد في قبوله، لكنه الحل الافضل لاسرائيل لانه يحل كل المشكلات التي اتينا عليها. ان التصريحات الاخيرة لعدد كبير من كبار صانعي القرار السياسي في الاتحاد الاوروبي اضافة لبريطانيا ، وفي 145 دولة اخرى من مختلف دول العالم بينها روسيا والصين ، تشير الى ان اسرائيل ستواجه مأزقا محددا يتمثل في :مأزق مواجهة الاتجاه الدولي المتزايد نحو ايجاد حل خارج التهجير(والتهجير يمثل الخيار المفضل لاسرائيل) او القبول بحل الدولتين (وهوما ينطوي على احتمال عال بحرب اهلية داخل اسرائيل) او القبول بحل الدولة الواحدة( وهو ما يعني سيطرة هادئة للفلسطينيين في حالة الدولة الديمقراطية أو استمرار وتيرة عدم الاستقرار ،وقد تكون وتيرته اعلى من المستوى الحالي), ذلك يعني أن اسرائيل قلقة من مرحلة ما بعد الطوفان. يبقى حل آخر، وهو الرهان على هشاشة الوضع العربي، فمحور المقاومة تراجع وبقوة بعد انقلاب نعيم قاسم في حزب الله، وخضوع الحشد الشعبي العراقي لورثة بريمر، وقيام سلطة سورية قفزت في ايام قليلة من ثقافة 'حنبلية متزمتة وتتبنى الجهاد ضد الكفار' الى ثقافة الحداثة والعقلانية المصنوعة وبكل استهانة واستخفاف بعقل المراقب بل وبعقل حليفها الوطني ، وكل ذلك يجري في دورق عربي جعل المرتبة العربية تقف في آخر قائمة 10 مؤشرات قياسا لبقية اقاليم العالم ، فالمغرب العربي يحتقن تدريجيا داخليا وإقليميا ، والسودان يسبح في دمائه ، ومصر فقدت دورها وبالضبط كما توقع المرحوم جمال حمدان، والباقي يصطف بعضه في ' جنون الثروة ' بينما يصطف البعض الآخر في طابور 'جنود الخفاء'. ان المستقبل يأخذنا نحو مأزقين : مازق اسرائيلي ومأزق عربي، ويبدو ان التفكير الاستراتيجي الاسرائيلي يسير باتجاه العمل- قدر المستطاع وبتدرجية- نحو حل المأزق الاسرائيلي من خلال تعميق المأزق العربي، فكلما ازداد عمق المأزق العربي (الاستبداد والفساد وعدم الاستقرار والتبعية والتخلف والعسكرة والتشظي الاثني …الخ) كلما اصبح 'التهجير اكثر يسرا، لكن تكاتف موقف عربي جديد( وهذا من باب التفكير الرغائبي) سيعطل خروج اسرائيل من مأزقها وتتسع دائرة الضغط الدولي عليها لتبني حل الدولتين او الدولة الواحدة وهو ما يعمق أزمتها…فهل من مستجيب؟ 2025-05-22 The post هل اسرائيل في مأزق ؟وليد عبد الحي first appeared on ساحة التحرير.


ساحة التحرير
١٤-٠٥-٢٠٢٥
- ساحة التحرير
ترامب وترويج الأوهام!وليد عبد الحي
ترامب وترويج الأوهام! وليد عبد الحي تروج دوائر اعلام التطبيع العربي صورة 'الموقف الترامبي الحازم' تجاه اسرائيل ، وبأنه قادم لإراحة الشرق الأوسط من اوجاعه المزمنة، فهذا الاعلام يحاول المبالغة في دلالات عدم زيارة ترامب لاسرائيل ، وفي أنه يحمل مشروعا لفك اشتباك غزة ، وبأنه حامي وجود بعض الدول العربية والتي قالها جهارا نهارا. وتتوالي اشارات الترحيب برئيس تُجمع عشرات الدراسات الغربية وغيرها على ان أهم سمة من سماته أنه ' كذاب ' الى مستوى يصل 76% طبقا لتقرير 37 من علماء النفس الامريكي( بدأ التقرير بفريق قليل من العلماء ثم تزايد المنضمون للمساهمة فيه الى ان بلغ العدد 37)، كما ان تقارير روسية تكشف وبوضوح انحطاطه الاخلاقي ( ويمكن العودة لدراستنا بمراجعها والصادرة في مارس 2025 حول ترامب والتحول في العلاقات الروسية الامريكية، وفيها تحليل شخصيته في دائرة تحليل الشخصية في المخابرات الروسية وقبلها الكي جي بي السوفييتية). وإذا كانت قطر قد قدمت له طائرة (قيمتها 400 مليون دولار) ولم تطلعنا قناة الجزيرة على تفاصيل آخرى ، فالارجح أن الآخرين سيحاولون استرضاءه بكل وسيلة ، ولن تطلعنا لا قناة العربية ولا سكاي نيوز عن ما سيجود به حاتم الطائي، بينما سينشغلون في ترويج الاوهام…ولن يُذَكرَنا أحد بأن ترامب هو من ضم القدس لاسرائيل وتجاوز كل وصاية على مقدساتها، وهو مع ضم الجولان ، ومع تهجير غزة ، وأوقف كل دعم لوكالة الغوث ، وقواته تنتشر في أغلب الدول العربية ، وفي صدارتها قاعدة العديد المجاورة لقناة ' الرأي والرأي الآخر، وفي الجوار الآخر مكتب الموساد الدائم . من الضروري التوقف مع ترامب عند 'رعونته مع الصين ' في بداية رئاسته الثانية استكمالا لرعونة اقل حدة في رئاسته الاولى، لكن ترامب الذي رفع سقف تعريفاته الجمركية الى 145%، بدأ يلعق جراحه عندما بصقت الصين في وجهه، فها هو يعود لمستوى 30%، وهنا اسأل : لماذا تراجع ترامب عن رعونته؟، لم تروج الصين له كما يروج له ديوان العرب، بل داوته بالتي كانت هي الداء، وعندما رأى ان حجم التجارة الصينية تجاوز حجمها قبل اجراءات ترامب ادرك الامر ، فانسحب دون ان يرف له جفن. ترامب الارعن اخترقه بوتين ووظفه لتفتيت الكتلة الغربية ، وسخرت منه كندا، واستهجنه الأوروبيون بخاصة من هوجه وعدم استقرار توجهاته، بينما العرب يروجون له بأن 'الخير يسير في ظله'. سمعناه امس يقول ' لولا الولايات المتحدة لما كان لقطر والسعودية والامارات وجود' ،وهو ما يعني ان ثمن وجودكم يا عرب يجب ان يُدفع ، وسمعناه يقول 'يجب ان تمر السفن الامريكية من قناة السويس دون دفع رسوم، ويريد ان يحول غزة لريفيرا، وقال بأن اسرائيل رقعة صغيرة 'من الضروري أن تتوسع'، وهنا اسال اين ستتوسع وعلى حساب من؟. لغة ترامب تجاه ايران بدأت تأخذ صياغة أخفض ضجيجا، فمن يعمل على التشبث بمصالحه ،ويضع ترامب في خانة الحساب الدقيق يستجيب له ترامب، وإلا كيف يصف رئيس كوريا الشمالية ' بالرئيس الجيد وبالحرص على التعاون معه'؟ أما العرب ، فيظنون أنهم إذا رقصوا بالسيف معه، واغدقوه بالهدايا ، سيتجاوز حدود الاستراتيجية الامريكية المستقرة تجاه الشرق الاوسط، انه قادم ليحصل – سرا أو علانية- على الاستثمارات ، وخفض اسعار البترول ، وربما الطلب بخفض التجارة مع الصين وزيادتها معه، وسيطالب بدفع كل نفقات القواعد العسكرية في الخليج وبارقام تفوق ما هو قائم حاليا ، وقد يعمل على عرقلة مشروع الحزام والطريق الصيني ويدخله في نطاق المساومة مع الصين من على ظهر الإبل العربية. ها هو يحصل على اسير اسرائيلي امريكي كان لدى المقاومة، وتخلى عن المواجهة مع انصار الله، وكلاهما فعل افرزته القوة لا هدايا ديلوماسية الانابة التي تتسابق الابل العربية في مضمارها…انه قادم لوضع اسس تعميم التطبيع على من تبقى من مضارب العرب ويبدو أن سوريا تزحف ببعض الحرج نحو القائمة …وسيدخلنا في اوهام لا أول لها ولا آخر، فمنطقتنا 'تحب الاوهام حبا جما'… ان ترامب مغرم 'بالابتزاز ' ، ' فالمازوخية ' العربية هي احدى مسلمات المنظومة المعرفية لترامب…فلماذا لا يستغلها؟ هو ينظر للعرب باحتقار شديد ولكنه يحترم 'محافظ نقودهم' .. دعوني ' افترض ' ان هناك فجوة بين ترامب ونيتنياهو- لنفترض – ، فالسؤال هو كيف يمكن استغلال ذلك، الامر ليس بالرقص والتهليل بل باختبار ذلك ؟ الاختبار يستوجب في اقل الحدود إما أن يتراجع عن بعض قرارته السابقة التي أعلنها هو نفسه مثل ضم القدس او إعادة دعم وكالة الغوث… الخ او ان يعلن بداية جديدة تقوم على العمل على تبنيه الوقف الفوري للقتال في غزة ووضع جدول زمني قصير المدة لاستكمال الانسحاب الاسرائيلي من القطاع ،وفتح المجال لدخول المساعدات مع العمل على اعادة تشغيل مطار وميناء غزة بعد اصلاحهما..والسؤال لماذا لا يطلب العرب ذلك؟ جوابي لانهم يتبنون الموقف الامريكي الاسرائيلي في القضاء على المقاومة وتعميم التطبيع…واتحدى ان يبرهنوا بعملهم على جهلي وسذاجتي..فربما. 2025-05-14 The post ترامب وترويج الأوهام!وليد عبد الحي first appeared on ساحة التحرير.


ساحة التحرير
١٢-٠٥-٢٠٢٥
- ساحة التحرير
ماذا يحمل ترامب في جعبته؟
ماذا يحمل ترامب في جعبته؟ وليد عبد الحي بعد يومين يحل الرئيس الامريكي دونالد ترامب 'ضيفا' على المنطقة العربية ، وسيقوم بزيارة ثلاث دول عربية هي السعودية والامارات العربية وقطر، ورافق الاعلان عن الرحلة فيض من التكهنات عن ' اسرار' الرحلة واهدافها ، ناهيك عن تصريحات لترامب نفسه ولفريقه الحكومي ، ولم اجد اي اتساق بين كل هذه التصريحات, فكيف نفهم هذا الرجل؟ أولا شخصية ترامب: ازعم انني تتبعت قدرا كافيا من التقارير والكتب-وبعضها كتبها ترامب نفسه- أو بعض اقاربه(مثل كتاب ابنة اخيه) ناهيك عن قدر كاف من الخبراء الاجتماعيين والنفسيين الامريكيين، ولن اتوقف عند الجانب العام بل سأتوقف عند البعد السياسي في شخصية ترامب: أ- ترامب لا ينظر للدول ككيانات ذات محتوى سوسيولوجي بل 'كعقارات صماء '، فهو ليس معنيا بالسيادة والاستقلال والقانون الدولي والتحرر بل ببعد واحد' ما هو ثمن العقار ' ؟ وتخلو منظومة ترامب المعرفية من ما يسميه علماء الاجتماع السياسي الدافع المكاني(Territorial Drive) ، فمفهوم الترابط الوجداني والمنظور السياسي للوطن ليس جزءا من رؤية ترامب، وإلا كيف نفسر دعوته لضم كندا او غرينلاند او اخذ قناة بنما او حقوقه في قناة السويس او تحويل غزة الى 'ريفيرا' …الخ. ب- ان الكذب-عند ترامب- هو احد الفضائل التي يجب ان يتحلى بها المفاوض السياسي. ت- لا يتورع ترامب عن ابتزاز الخصم الى اقصى درجة وليس هناك اية مثلبة لو خضعت إذا وجدت نفسك في موقف ضعيف(وكتابه The Art of the Deal يشي بذلك بوضوح) ث- ان صورة العرب في ذهن ترامب هي ' تاريخهم كله صراعات بينية، غرائزيون، اغبياء'، وهو ما يجعله مستهينا الى درجة كبيرة بهم . ثانيا: موضوعات على جدول اعمال ترامب: ما هي الموضوعات التي يحملها ترامب ليبحثها مع مضيفيه، انها عديدة ومتداخلة وابرزها: أ- الموضوعات التجارية وتشمل: العلاقات الاقتصادية مع دول الخليج وتشمل توسيع الاستثمارات الخليجية في السوق الامريكي، تنظيم العلاقة التجارية بين بلاده ودول الخليج بخاصة في ضوء تأثير رسومه الجمركية، توسيع الاستثمارات الخليجية في مجال المعادن المطلوبة للصناعة الامريكية وبخاصة مع السعودية في هذا المجال تحديدا ،والعمل على المساهمة في ابقاء اسعار البترول منخفضة ، فتح المجال لمزيد من الصادرات الامريكية لاشباه الموصلات(Semiconductor ) للخليج ، مشروع انجاز برنامج نووي سلمي سعودي ، مزيد من صفقات التسلح الخليجي وبخاصة السعودي مع امريكا، حيث تمت الاشارة لصفقة قريبة بقيمة 3.5 مليار دولار مع اسعودية. من جانب آخر، فان لأبناء ترامب علاقات ومشاريع تجارية قد تكون ضمن حواراته الفرعية الجانبية مع بعض كبار رجال الاعمال الخليجيين بخاصة في السعودية والامارات لفتح المجال لابنائه لتوسيع مجالات ارباحهم ومشاريعهم. ب- الموضوعات السياسية والامنية: تتضمن هذه فيضا من الجوانب مثل: حرب غزة بتفاصيلها حول وقف اطلاق النار والرهائن و ما بعد الحرب والاعمار..الخ ، المشروع النووي الايراني بخاصة والدور الاقليمي لايران بعامة في المنطقة، التطبيع مع اسرائيل بخاصة من الجانب السعودي ، الأمن البحري وكيفية التعاطي مع انصار الله اليمنيين، احتمالات تصاعد التوتر بين تركيا واسرائيل على سوريا ارضا وسيادة ،وقد يدعو سوريا للتطبيع مع اسرائيل من خلال وسطاء خليجيين مقابل رفع العقوبات ، العلاقات الصينية مع دول الخليج وتوظيفها ضمن المنظور الامريكي تجاه الصين ، ناهيك عن تكرار الاتهام لحماس بانها تستغل المساعدات الدولية لصالحها ت- تحديد أدوار وظيفية لكل دولة خليجية منفردة او ككتلة في خدمة المصالح الامريكية مثل: الدور القطري في تكييف موقف حركة حماس في غزة ودفع قطر لاستثمار اموالها في اتجاه الضغط على مواقف المقاومة، توسيع الدور الاماراتي في تقديم الخدمات لامريكا على غرار صفقة السجناء الامريكيين في روسيا، كيفية توظيف المكانة السعودية في حشد دول الخليج لتقديم المكاسب لامريكا مما جعلها مركز التفاوض الروسي الاوكراني ،وقد يتم مناقشة ذلك في مؤتمر يعقد لكل دول الخليج خلال زيارة ترامب القادمة بعد يومين…الخ. ونظرا للتنافس الكامن بين دول الخليج في السودان وسوريا وفي العلاقة مع الاخوان المسلمين وفي التشنج الحالي بين الامارات والجزائر او حتى في العلاقة مع مصر او مع القوى الليبية المتنافسة، ويكفي مقارنة المسافة المتباعدة بين الموقف الكويتي من اسرائيل والموقف الاماراتي مثلا…..الخ..وكل ذلك سيستغله ترامب أيما استغلال. ثالثا: ما الذي يريده العرب من ترامب؟ لعل الهدف المركزي للدول العربية كافة في علاقاتها مع امريكا هو 'ضمان أمن الانظمة الحاكمة' والباقي خاضع للمناقشة ، وهي على استعداد لتقديم اية تنازلات لامريكا إذا كان ذلك هو الالتزام الامريكي تجاه هذه الأنظمة. رابعا: ظروف زيارة ترامب: تأتي زيارة ترامب في ظل ظروف دولية في غاية التعقيد، من حرب غزة الطويلة، الى تصاعد التوتر الى مستوى كبير بين دولتين نوويتين متجاورتين هما الهند وباكستان، استمرار الحرب الاوكرانية، الارتباك الشديد في التجارة الدولية اثر قرارات ترامب بمراجعة كل التعريفات الجمركية مع اغلب دول العالم، ناهيك عن انسحابة من عدد من المنظمات الدولية الهامة او شل بعضها( كما هو حال منظمة لتجارة الدولية التي يعطل هيئة الاستئناف فيها) اضافة للارتباك في العلاقات البينية بين دول الكتلة الغربية ,,,الخ. خامسا المشهد المحتمل: اعتقد ان ترامب سيلجأ الى تقديم وعود على ثلاثة انماط هي الاولى وعود شكلية والثانية وعود خداع ،أما الثالثة فستكون وعود غير مفهومة وملتبسة الدلالة، ومقابل هذه الوعود سيسعى لتحقيق هدفه المركزي 'قبض الثمن الاعلى 'لكل وعوده بغض النظر عن طبيعتها . ويكفي التوقف عند بعضها: 1- يعد ترامب دول الخليج ان يسمي الخليج باسم الخليج العربي بدلا من الخليج الفارسي، فما هي القيمة الميدانية لمثل هذا العرض الترامبي؟ ولعله يكرر عرضه بتسمية خليج المكسيك بالخليج الامريكي. 2- قد يخفض بعض الرسوم الجمركية عن بعض الصادرات الخليجية بخاصة التعدينية للايهام بالتبادلية بين الطرفين، وقد يطلب من قطر تخفيض دعمها لبعض الجامعات الامريكية التي تعرف تزايدا في نزعة التاييد للحقوق الفلسطينية…الخ. 3- سيقدم عدم ذهابه لاسرائيل كتنازل لا نظير له لصالح العرب، ولا استبعد أن يجتمع سرا مع نيتنياهو وفي دول عربية او بعد انتهاء زيارته للمنطقة ، فترامب لديه قناعة تامة ان العرب يعطون التنازلات الشكلية وزنا اكبر كثيرا من حقيقتها، ويروجون لها بأن ترامب سيغير السياسة الامريكية مع اسرائيل متناسين انه نقل السفارة الامريكية للقدس واعتبرها عاصمة ابدية لاسرائيل ولم يوقف مبيعات السلاح لها، ولا زال يعطل اي مشروع في الامم المتحدة ضدها، وهو الرئيس الامريكي الذي لا يشير باي شكل من الأشكال الى موضوع حل الدولتين ، وهو من ضرب اليمن ضربا مبرحا ، وقد يعود مرة اخرى رغم الحديث عن اتفاق مع انصار الله، ناهيك انه من فتح باب تهجير غزة وتحويلها لمنتجع سياحي يتمتع فيه كل سائح إلا ابن غزة الذي يريد ترامب نقله للصومال او السودان او غيرهما. 4- ان من يطلب من مصر ان تعفيه من دفع رسوم العبور في قناة السويس سيطلب من دول الخليج زيادة مدفوعاتها نظير حمايتها وضمان استقرارها، ويتجه طموح ترامب لا لعلاقات بمليارات الدولارات بل هو يستعد لعلاقات بترليوناتها.. 5- سيطلب من دول الخليج ثمنا باهظا نظير عدم مهاجمته لايران ،مبررا ذلك بانه إنْ ضرب ايران ستقوم ايران بضرب القواعد الامريكية في اراضي دول الخليج وضرب المرافق الخليجية التي تشكل المرافق اللوجستية للقوات الامريكية، لذا فلتجنيب الخليج هذا السيناريو لا بد من فتح خزائن الخليج للتعويض. الخلاصة: ارى ان ما سيعد به ترامب لن يكون مهما أيا كان ذلك الوعد، لأنه لن ينفذه إلا إذا كان فيه مكسب له ولاسرائيل ، وهو يعلم ان مدة وجوده في السلطة لا تزيد عن حوالي 3 سنوات ونصف وهي فترة قصيرة جدا لمشروعات استراتيجية، لذا سيكون تركيزه على مشروعات الجني السريعة، تاركا المشروعات الحالمة للعرب … اما مع ايران – فلن تقبل ايران اي نتائج اقل من ما ورد في اتفاقها الاول زمن أوباما- او بدائل اقتصادية وسياسية وأمنية تتوازى مع ذلك الاتفاق ،ولا مانع لها ان تقدم هذا التنازل حتى على حساب بعض من محورها، المهم ما هو الثمن المقابل. اخيرا، لا زالت هواجسي عميقة تجاه طبيعة علاقات ترمب مع روسيا، وقد سبق لي ان أنجزت دراسة واسعة حول هذا الموضوع، فإذا كان ترامب ليس مدانا كما قال تقرير المحقق الامريكي مولر، فانه ليس 'بريئا' كما قال نفس التقرير…وهنا قد تنقلب الصورة كلية..مع ربما كبيرة للغاية… 2025-05-12 The post ماذا يحمل ترامب في جعبته؟ first appeared on ساحة التحرير.