
'رحيل أبو طروق في صمت: ألم الخذلان الرسمي ووفاء الصحافة الحرة'
أبو طروق، الذي عانى في صمت، وجد نفسه في مواجهة المرض دون سند من الدولة، رغم مناشدات زملائه وبعض النشطاء المدنيين، ورغم الأمل الذي وُلد بمحاولة نقله للعلاج خارج المغرب، ظلّ الانتظار طويلاً، ولم تأتِ الاستجابة من الجهات الرسمية، لا من وزارة الصحة ولا من وزارة الاتصال، الجهة التي من المفترض أن ترعى شؤون الصحفيين، جميعهم، لا فقط المنتمين للمؤسسات الرسمية.
لكن لا يمكن أن نُعمّم الخذلان. فالنقابة الوطنية للصحافة المغربية لم تقصر، ورئيسة الجمعية الاجتماعية للصحافيين، حنان، كانت في الموعد، حاضرة بالدعم والمرافقة، مساهمة في تكاليف العلاج، ساعية بكل السبل الممكنة لتخفيف ألم الراحل. هؤلاء هم الصحفيون الذين يعرفون معنى الوفاء لرفاقهم، والذين لم ينتظروا تعليمات أو ميزانيات أو 'مذكرات دعم'.
إن الخذلان الحقيقي لم يكن من زملائه، بل من دولة جعلت من 'الدعم الإعلامي' أداة للتمييز، تتجاهل الصحفي المستقل، وتحصر الحماية في الإطار المؤسساتي الرسمي، وكأن الصحافة الحرة لا تستحق الحياة، لا الحق في التغطية الاجتماعية، ولا في التطبيب، ولا حتى في الاعتراف.
رحل أبو طروق، ولكن رحيله يجب أن يُحدث صدى. يجب أن يفتح نقاشًا جديًا حول ضرورة إقرار وضع قانوني واجتماعي للصحفيين المستقلين، يضمن كرامتهم في حياتهم، لا فقط في بيانات التأبين بعد وفاتهم. فهل ستتحرك الدولة، بعد هذه الفاجعة، لتصحيح هذا الإهمال البنيوي؟ أم أن مأساة أبو طروق ستُضاف إلى أرشيف النسيان الرسمي؟
هذا ليس نداء عاطفيًا، بل دعوة لتحمّل المسؤولية. فالصحفيون المستقلون ليسوا هواة، بل هم صوت من لا صوت له، وجزء لا يتجزأ من الضمير المهني للمغرب.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


برلمان
منذ 13 دقائق
- برلمان
الأوقاف ترد على الجدل حول إعفاء رئيس المجلس العلمي لفيكيك: 'بعض المنتقدين مغرضون وآخرون متسرعون'
الأوقاف ترد على الجدل حول إعفاء رئيس المجلس العلمي لفيكيك: 'بعض المنتقدين مغرضون وآخرون متسرعون' الخط : A- A+ إستمع للمقال أكدت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية أن بعض المتفاعلين مع خبر إعفاء رئيس المجلس العلمي المحلي لفيكيك كانوا 'إما مدفوعين بأغراض معينة، أو متسرعين في الحكم'. وأوضحت الوزارة، في بلاغ لها، أن المغرضين استغلوا الموضوع لتصفية ما في نفوسهم، وحسابهم موكول إلى خالقهم، مضيفة أن من تسرعوا في التعليق من واجبها أن توضح لهم أن قرارات الإعفاء تتنوع حسب الحالات. فهناك، بحسب المصدر ذاته، إعفاءات مرتبطة بالوظائف النظامية وتستند إلى أحكام قضائية أو قرارات صادرة عن المجالس التأديبية، وأخرى تتعلق بالتكليفات غير النظامية، وهي التي يتحمل مسؤوليتها الجهة التي قامت بالتعيين. وأكد المصدر نفسه أن عدم الإفصاح عن مبررات الإعفاء لا يعني غيابها، بل 'يُفهم ضمنًا أن الشخص لم يعد يضطلع بالمهام المطلوبة منه'. كما أشارت وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية إلى أن المعني بالأمر نفسه 'أقرّ بتكرار غياباته'، وهو ما استند إليه تقرير المجلس العلمي الجهوي، ثم المجلس العلمي الأعلى، قبل أن تعتمد عليه وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية في قرارها النهائي. وفي معرض الرد على الانتقادات التي طالت القرار، شددت الوزارة على أن 'صرامة المؤسسات الثلاث' لا يشكك فيها إلا من وصفهم البيان بـ'الموسوسين المرتابين'، معتبرة أن القرار مؤسس على مسطرة واضحة ومسؤولية مؤسسية.


برلمان
منذ 14 دقائق
- برلمان
برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيس جمهورية الصومال بمناسبة عيد العرش المجيد
برقية تهنئة إلى الملك محمد السادس من رئيس جمهورية الصومال بمناسبة عيد العرش المجيد الخط : A- A+ إستمع للمقال توصل الملك محمد السادس ببرقية تهنئة من رئيس جمهورية الصومال الفيدرالية، حسن شيخ محمود، وذلك بمناسبة عيد العرش المجيد. وأعرب رئيس جمهورية الصومال، بهذه المناسبة، عن أصدق التهاني وأخلص التمنيات، للملك محمد السادس بمناسبة حلول الذكرى السادسة والعشرين لتربع جلالته على عرش أسلافه المنعمين. ومما جاء في هذه البرقية : 'أسأل الله عز وجل أن يديم عليكم نعمة الصحة والعافية وعلى المملكة المغربية الشقيقة دوام التقدم والازدهار في ظل قيادتكم الحكيمة'. كما عبر بهذه المناسبة عن اعتزازه بما يجمع جمهورية الصومال والمملكة المغربية من علاقات أخوية متينة، مؤكدا تطلعه إلى مواصلة التعاون الوثيق بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز أواصر الأخوة بين الشعبين الشقيقين.


برلمان
منذ 14 دقائق
- برلمان
حرب الوعي السيادي.. حرب كل المغاربة الحلقة 1: صناعة السُّخط والتّضبيع.. تطرّف متحوّر يهدد المجتمع
الخط : A- A+ إستمع للمقال لم تعد التهديدات التي تواجه الدول اليوم مقتصرة على الجريمة المنظمة أو الإرهاب المسلح، بل برزت خلال العقود الأخيرة أنماط أكثر خبثا وهدوءا، تستهدف البنى العميقة للمجتمعات عبر توجيه العقول وتضليل الوعي. ومن أخطر هذه الأنماط ما يُعرف بـ'صناعة السُّخط'، التي تعمل على تحويل فكرة الإحباط الشعبي إلى قناعة عدائية تجاه الدولة، مقابل ظاهرة موازية تُعرف بـ'التضبيع'، أي تسطيح الوعي وتفريغ الفرد من أي قدرة نقدية تجعله يقاوم الخطابات المتطرفة. هاتان الظاهرتان، حين تشتغلان معا، تنتجان حالة مُرَكّبة من التهييج والانقياد، تمهد الطريق لاختراق المجتمع وإضعاف الدولة من الداخل دون رصاصة واحدة. منذ أواخر القرن التاسع عشر، توالت حركات متباينة في توجهاتها، من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين، على صناعة خطاب السُّخط ضد الدولة ومؤسساتها كأداة لتغيير الأنظمة أو تقويضها. اختلفت الأفكار، لكن ظل الهدف واحدا: تشكيك الناس في مؤسسات الدولة ونزع الشرعية عنها. في أوروبا، استعملت الحركة الأناركية سلاح 'اغتيال الطغاة'، وفي ألمانيا وإيطاليا، برزت حركات اليسار المسلح مثل جماعةRAF (الجيش الأحمر)، التي آمنت بالعنف الثوري لهدم الدولة الرأسمالية. وفي أمريكا، اختارت ميليشيات اليمين المتطرف مثل 'المواطنين ذوي السيادة' تفجير أوكلاهوما عام 1995، متهمة الحكومة الفيدرالية بأنها قوة احتلال واستبداد. وفي العالم العربي، أخذ السُّخط بُعدا لاهوتيا مع كتابات سيد قطب، أحد منظري جماعة الإخوان الإرهابية ودعاة الإرهاب البارزين في القرن العشرين، الذي اعتبر الدولة الحديثة 'جاهلية'، وأنّ الحل الوحيد هو القطيعة معها وتأسيس طلائع إيمانية لإسقاطها بالقوة. هذا التصور لم يمت بوفاته، بل تطور وتحوّر في سياقات مختلفة، ليأخذ اليوم شكلا مدنيا وشعبويا يلبس لبوس الحقوق والحريات، ويتقاطع مع سرديات الدولة العميقة والشرعية المزيفة. لكن صناعة السُّخط لم تعد مجرد نظرية فكرية، بل أصبحت خطرا أمنيا فعليا… تقارير استخباراتية في دول مثل ألمانيا، كندا، والولايات المتحدة تؤكد اليوم أن بعض الحركات المعادية للحكومة باتت تشكل تهديدا داخليا يتجاوز خطر التنظيمات الجهادية، لأنها تعيد إنتاج التطرف في صورة مموهة، تبدأ بالكلمة وتنتهي بالفعل العنيف. في الولايات المتحدة، تصنف وزارة الأمن الداخلي ومكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) التطرف المعادي للحكومة ضمن فئة خاصة هي 'التطرف العنيف المعادي للسلطة'. خلال السنوات الأخيرة، تزايدت هجمات اليمين المتطرف والمجموعات الفوضوية بشكل ملحوظ. على سبيل المثال، برزت حادثة مقتل عنصر أمن فيدرالي في كاليفورنيا عام 2020 على يد أحد المنتمين لحركة 'البوغاللو' اليمينية المتطرفة التي تدعو إلى شن حرب أهلية ضد الحكومة الفيدرالية، كما أحبطت السلطات الأمريكية في العام ذاته مؤامرة اختطاف حاكمة ولاية ميشيغان من قبل ميليشيات يمينية احتجاجا على إجراءات كوفيد-19، وهي مؤامرة عكست بوضوح استعداد المتطرفين لتنفيذ عمليات عنيفة ضد رموز الدولة بدوافع سياسية وأيديولوجية. في كندا، تُصنِّف أجهزة الأمن 'معاداة السلطة' ضمن فئات التطرف العنيف مدفوع الأيديولوجيا (IMVE : Ideologically Motivated Violent Extremism)، وتشير إلى تحول نظريات المؤامرة إلى دافع للعنف السياسي…تقارير جهاز الاستخبارات الكندية CSIS أكدت تصاعد خطاب 'معاداة السلطة' خصوصا خلال جائحة كوفيد-19، حيث أصبحت نظريات المؤامرة المتعلقة بالجائحة مدخلا إلى تبرير أعمال عنف ضد الحكومة، كما في حادثة اقتحام بوابة مقر إقامة رئيس الوزراء (آنذاك) جاستن ترودو من قبل مسلح متأثر بنظريات المؤامرة. كما كشفت تقارير رسمية عن تنامي حركات 'المواطن السيادي' التي تدّعي عدم خضوعها للقوانين الكندية، وتلجأ أحيانا إلى العنف في مواجهاتها مع الشرطة. في ألمانيا، دفعت أحداث خطيرة مثل محاولة الانقلاب الفاشلة التي خططت لها حركة 'مواطني الرايخ' عام 2022، السلطات الألمانية إلى تصنيف 'تقويض شرعية الدولة' كتهديد أمني خطير. هؤلاء المتطرفون يرفضون الاعتراف بشرعية الجمهورية الحالية، ويشكّلون اليوم إحدى أولويات المخابرات الداخلية(BfV)، لا سيما بعد كشف مؤامرتهم التي شملت شخصيات عسكرية سابقة وخططا لتنفيذ اغتيالات وعمليات عنيفة ضد الدولة. فرنسا أيضا لم تكن بمعزل عن هذه الظاهرة. إذ أحبطت أجهزة الأمن عام 2021 مخطط 'عملية أزور'، وهي مؤامرة انقلابية من تدبير تنظيم يميني متطرف خطط لاقتحام قصر الإليزيه ومؤسسات حكومية لإسقاط النظام الجمهوري. استندت المؤامرة إلى خليط من نظريات المؤامرة والعداء المطلق للحكومة باعتبارها 'نخبة شيطانية'. من هذه الأمثلة يتضح أن ظاهرة صناعة السُّخط لم تعد قضية هامشية، بل تحولت إلى تهديد عابر للحدود. ما يجمع هؤلاء المتطرفين من تيارات مختلفة هو الإيمان التام بأن الدولة ليست فقط عاجزة أو مُقصّرة، بل هي فاسدة من الأساس ومتآمرة ضد الشعب. هذه القناعة هي التي تبرر لهم التصعيد من الخطاب العدائي إلى الفعل المادي. في المغرب، ورغم خصوصية السياق واستقراره المؤسساتي، لا يمكن التغاضي عن مفاعيل هذه الصناعة التي بدأت تجد موطئ قدم في الفضاء الرقمي والإعلامي، مستغلة هوامش التعبير لتمرير سرديات تنزع الشرعية عن المؤسسات، وتُشيطن الفاعلين العموميين، وتُقدّم الدولة ككيان فاسد لا سبيل لإصلاحه. تقوم صناعة السُّخط في المغرب على ترويج سرديات تشكك في شرعية النظام السياسي برمته، عبر مفاهيم مثل 'البنية السرية'، 'الدولة الموازية' و'الصراع بين الأجنحة'، والتي يتم تسويقها كحقائق نهائية غير قابلة للنقاش. ويُلاحظ أن هذا الخطاب، الذي كان بالأمس محصورا في كتابات بعض الراديكاليين، أصبح اليوم شائعا على وسائل التواصل الاجتماعي، وغذّاه تضخيم منصات معادية بالخارج وتوظيف إعلامي ممنهج لأدوات الإثارة والتضليل. هنا يلتقي مفهوم 'صناعة السُّخط' بمفهوم 'التضبيع'. فالأول يخلق شعورا دائما بالظلم والعداء، بينما الثاني يعطّل العقل النقدي ويحوّل الجمهور إلى متلقٍّ سلبي للخطاب التحريضي. إنها عملية مزدوجة تُحاول إنتاج جمهور غاضب، فاقد للثقة، غير قادر على التمييز بين المعلومة والدعاية، وبين الحق المشروع في الانتقاد ومحاولة هدم النظام. نماذج هذه الصناعة كثيرة في المشهد المغربي. من أبرزها المدعو المعطي منجب الذي روج لأطروحة 'البنية السرّيّة' التي تُدير كل السلطات من وراء الستار. أطروحة تُجرّد المؤسسات المنتخَبة (وحتى المعينة) والقضاء ووسائل الرقابة من أيّ دور أو معنى… تلقّفها بعد ذلك كل من علي المرابط وسليمان الريسوني و محمد زيان وآخرين ممن عملوا على الترويج بأنه في المغرب لا وجود لمؤسسات ولا لقضاء ولا لقانون… وإنما هناك 'بنية سرية' أو 'قوى خفية' هي التي تقرر في كل شيء. ومن الأسماء البارزة الأخرى في هذا الصدد، نجد فؤاد عبد المومني الذي يظهر بصفته المزعومة كـ 'خبير اقتصادي' يَعرض أرقاما عن 'كلفة الملكية'، ثم يَخلُص إلى أنّ إمارة المؤمنين سلطة مطلقة لا سبيل لإصلاحها من داخل الدستور. خطابه يتقاطع مع سردية جماعة العدل والإحسان المتطرفة التي تبني، منذ الثمانينيات، مشروعيّةً دينيّة لرفض الشرعيّة القائمة. اليوم تربط الجماعة خطابها الاجتماعي بشعار 'القومة'؛ تصف النظام 'بالفاسد الذي يحتكر الخيرات'، وتؤطر الاحتجاج الرقمي والشارعي لتؤكّد للجمهور أنّ الإصلاح التدريجي مجرّد 'مسكّنٍ يُطيل عمر الظلم' مع رفض مطلق لكل المؤسسات وأن لا سبيل لإقامة العدل إلى بإسقاط النظام القائم. وما إن استوت السردية حتى احتاجت إلى صوت يحمّلها شحنة شعبوية وتحريضية. حميد المهداوي، مثلا، يتبنّى خطابا عاطفيا دائم التذمر، يلبس شكله دفاعا عن الملكية، لكنه في المضمون يقدّم صورة سوداوية تطعن في الدولة ومؤسساتها وتُعيد إنتاج خطاب 'الاستبداد المطلق'. هشام جيراندو، بدوره، يمثّل الشكل الأقصى من هذا الانزلاق، إذ انتقل من عمليات الابتزاز الرقمي إلى حملات تحريضية ممنهجة على العنف، مستخدما منصته الرقمية في كندا لتصفية حسابات ونشر معطيات تمس الأمن القومي، مبررا ذلك بخطاب 'محاربة الفساد' و'كشف المستور'، محاولا تقويض شرعية كل المؤسسات. هذه الممارسات، وإنْ بدت للبعض مجرد آراء متطرفة، فهي في جوهرها آليات تفكيك سيكولوجي لثقة المواطن في دولته. وقد سبق لتجارب دولية أن أثبتت خطورة هذه المنزلقات. فكل أعمال العنف السياسي تبدأ بإنتاج بيئة ذهنية تحتقر المؤسسات وتُعادي رموز السيادة. إنها المعادلة التي رأينا نتائجها في ألمانيا مع تنظيم 'مواطني الرايخ'، وفي فرنسا مع عملية 'أزور'، وفي أمريكا مع جماعة 'بوغالو' وفي كندا مؤخرا، في بداية يوليوز 2025، مع ميليشيا مسلحة، من ضمنها عناصر في الجيش الكندي، خططت للاستيلاء على قطعة أرض في مقاطعة كيبيك لتأسيس دولة داخل الدولة. لا يُستبعد أن تتحول صناعة السُّخط في السياق المغربي، إذا تُركت دون مواجهة، إلى تهديد حقيقي، خصوصا إذا ارتبطت بتمويلات خارجية أو احتضنتها منابر إعلامية أجنبية لها أهداف عدائية. ويكفي أن نُذكّر أن بعض المحسوبين على هذا التيار لا يترددون في الترويج لخطابات تشكك في ثوابت الأمة، أو تُقحم الملكية في مزاعم الصراعات، في محاكاة واضحة لنمط 'تفكيك الدولة'. من هنا، تصبح الحاجة ملحة إلى نهج مزدوج: حماية حرية التعبير، من جهة، لكن دون السماح بتحولها إلى غطاءٍ لخطاب يُقوّض الأمن القومي للمغاربة. فحرية التعبير لا تعني حرية التحريض أو التزييف، ولا يمكن أن تُختزل في حق سبّ الدولة ورموزها. إن مواجهة صناعة السُّخط تقتضي أيضا إعادة الاعتبار للعقل الجماعي، عبر دعم الإعلام الوطني الاستقصائي، وتعزيز ثقافة التحقق من الأخبار، والتربية على المواطنة الرقمية. كما تقتضي تحيين الإطار القانوني لتجريم التضليل الإعلامي حين يتحوّل إلى مشروع ممنهج للهدم والفوضى. ومن دون هذا الوعي المؤسسي، ستظل المساحات الرمادية قائمة، وستظل بعض المنصات تمارس التضبيع تحت غطاء حرية الرأي، تمهيدا لأعمال عنف ممنهجة. في الحلقة المقبلة، سننتقل إلى تفكيك ظاهرة 'المعارضة الوهمية' التي ترتدي لبوس الدفاع عن الحرية والديمقراطية، بينما تخفي مشاريع ابتزاز وإفساد سياسي وإعلامي عابر للحدود.