
بدءاً من الغد.. "تيك توك" محظور في دولة أوروبية
شفق نيوز/ أعلنت هيئة الاتصالات الالكترونية والبريدية في ألبانيا، يوم الأربعاء، حظر منصة الفيديو "تيك توك" لمدة عام اعتباراً من يوم غد الخميس، وفق وسائل إعلامية.
وأعلن رئيس الوزراء، إيدي راما، عن حظر تيك توك في ديسمبر/كانون الأول، لكنه لم يحدد وقتها متى سيدخل حيز التنفيذ.
ومنصة تيك توك مملوكة لشركة بايت دانس الصينية. وأوضح راما أن الحظر استند إلى تأكيد أن محتوى تيك توك يشكل خطرا على الأطفال والشباب.
وجرت مناقشات بشأن التأثيرات الضارة المحتملة لتطبيق تيك توك، في ألبانيا بعد مقتل تلميذ، 14 عاما، في حادث طعن في نهاية العام الماضي.
وكانت المجموعتان من الشباب المعنيين انخرطتا في عداوة مع بعضهما البعض على تطبيق تيك توك ورتبتا قتالا تحول إلى قتال مميت في نهاية المطاف.
وذكرت تقارير إعلامية، الأربعاء، أن هيئة الاتصالات الالكترونية والبريدية أصدرت تعليمات إلى جميع مزودي خدمة الانترنت في ألبانيا، عبر البريد الالكتروني لحظر الوصول إلى تيك توك، بحلول غد الخميس وتقديم وثائق مكتوبة عن أفعالها إلى الهيئة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


وكالة الصحافة المستقلة
١٥-٠٥-٢٠٢٥
- وكالة الصحافة المستقلة
المفوضية الأوروبية تتهم تيك توك بأنتهاك قوانين شفافية الإعلانات في الاتحاد الأوروبي
المستقلة/- قالت المفوضية الأوروبية إن تيك توك ينتهك قوانين الاتحاد الأوروبي الرقمية التي تتطلب الشفافية بشأن الجهة التي تدفع ثمن الإعلانات. توصلت المفوضية إلى حكم أولي بشأن سياسة الإعلان الخاصة بمنصة الفيديوهات القصيرة المملوكة للصين، بعد أن بدأت تحقيقًا في فبراير 2024. وقد تواجه الشركة غرامة قدرها 6% من إجمالي مبيعاتها السنوية، إذا أيدت المفوضية هذا الرأي. وأضافت المفوضية أن تحقيقًا منفصلًا يجريه الاتحاد الأوروبي في الاشتباه في فشل تيك توك في ضمان نزاهة الانتخابات في رومانيا، والذي بدأ في ديسمبر الماضي، لا يزال جاريًا ويمثل أولوية. يأتي حكم المفوضية بأن تيك توك يفتقر إلى الشفافية بشأن الإعلانات قبل أربعة أيام من 'الأحد الكبير'، عندما يتوجه الناخبون إلى صناديق الاقتراع في بولندا والبرتغال ورومانيا. بموجب قانون الخدمات الرقمية للاتحاد الأوروبي (DSA)، تلتزم شركات الإنترنت الكبرى بنشر مكتبة إعلانات، توضح محتوى الإعلانات، والمستخدمين المستهدفين، ومن يدفع ثمن الدعاية. وقالت المفوضية إن تيك توك لم يقدم هذه المعلومات، ولم يسمح للجمهور بالبحث عنها. يرى مسؤولو الاتحاد الأوروبي أن مستودع الإعلانات أداة حيوية تُمكّن الباحثين من كشف الإعلانات الاحتيالية والحملات المُنسّقة التي تهدف إلى تعطيل الانتخابات. انزلقت رومانيا في فوضى سياسية العام الماضي عندما أُلغيت الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية، بعد أن زعمت أجهزة الاستخبارات في البلاد أن روسيا شنّت حملة إلكترونية للترويج لمرشح من اليمين المتطرف، والذي تصدّر الاستطلاع. يوم الأحد، سيختار الناخبون الرومانيون بين مرشحين في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية المُعاد جدولتها. أطلقت المفوضية الأوروبية تحقيقًا في ديسمبر الماضي بشأن ما إذا كان تطبيق تيك توك قد فشل في معالجة المخاطر التي تُهدد نزاهة الانتخابات الرئاسية الرومانية. وصرحت أورسولا فون دير لاين، رئيسة المفوضية، بوجود 'مؤشرات خطيرة على تدخل جهات أجنبية في الانتخابات الرئاسية الرومانية باستخدام تيك توك'. وقالت إن فشل تيك توك المزعوم في توفير مكتبة إعلانات يُصعّب على مسؤولي الاتحاد الأوروبي والباحثين الآخرين تحديد ما إذا كانت الإعلانات المزيفة قد استُخدمت خلال الحملات الانتخابية، بما في ذلك في رومانيا. لكن اللجنة حذرت من الافتراضات التي تفيد بأنه سيتم اعتبار تيك توك قد انتهكت التزامات نزاهة الانتخابات التي ينص عليها قانون الأمن الرقمي. صرح توماس رينيه، المتحدث باسم المفوضية، بأنه لا توجد صلة مباشرة بين تحقيق ديسمبر ووجهة نظرها الأولية التي نُشرت يوم الخميس بشأن انتهاك قانون الاتحاد الأوروبي المتعلق بشفافية الإعلانات. وقال رينيه: 'بالطبع، ليس من المفيد أن يكون مستودع الإعلانات الخاص بكم لا يعمل. هذه حقيقة، لأنها لا تساعدنا في تقييم ما إذا كانت هناك إعلانات مزيفة أو احتيالية تُستخدم في سياق الانتخابات'. لكنه أضاف: 'إن حقيقة أن مستودع الإعلانات لا يعمل في سياق تحقيق فبراير من العام الماضي لا تؤثر إطلاقًا على نتيجة تحقيق ديسمبر'. وفي إطار تحقيق ديسمبر، يدرس مسؤولو الاتحاد الأوروبي الإجراءات التي قالت تيك توك إنها اتخذتها لمنع التدخل في الانتخابات في رومانيا. وقال متحدث باسم تيك توك إن الشركة تُراجع النتائج الأولية للمفوضية بشأن مستودع الإعلانات الخاص بها. في حين ندعم أهداف اللائحة [قانون الإعلانات الرقمية] ونواصل تحسين أدواتنا لشفافية الإعلانات، فإننا نختلف مع بعض تفسيرات المفوضية، ونشير إلى أن التوجيهات تُقدم من خلال نتائج أولية بدلاً من إرشادات عامة واضحة، كما صرحت الشركة. يحق للشركة الآن الاطلاع على ملف تحقيق المفوضية وتقديم دفاع. إذا أكدت المفوضية وجهة نظرها الحالية، فقد تُغرّم تيك توك بما يصل إلى 6% من إجمالي مبيعاتها السنوية، وتُلزم باتخاذ إجراءات لمعالجة المشكلة. وأضافت المفوضية أنها تواصل التحقيق في جرائم أخرى مشتبه بها بموجب قانون الاتحاد الأوروبي، بما في ذلك ما إذا كانت خوارزميات تيك توك قد قادت المستخدمين إلى 'جحور الأرانب' الضارة بالمحتوى، وما إذا كانت لها آثار إدمانية. كما أنها تحقق في سياسات تيك توك المتعلقة بالتحقق من السن وسلامة الأطفال. وقد أُطلقت هذه التحقيقات بالتزامن مع التحقيق في مستودع الإعلانات في فبراير الماضي، لكنها لا تزال غير مكتملة. وكانت شركة تيك توك قد صرحت في وقت سابق أنها تتعاون مع السلطات المعنية فيما يتعلق بالانتخابات 'وتزودهم بقنوات مخصصة يمكنهم من خلالها الإبلاغ عن المحتوى الذي يعتقدون أنه قد ينتهك إرشادات مجتمعنا أو اللوائح المعمول بها'.


الحركات الإسلامية
٠٣-٠٥-٢٠٢٥
- الحركات الإسلامية
من الترند إلى التطرف: كيف تسهم منصات التواصل في تشكيل الفكر المتطرف؟
أصبحت منصات التواصل الاجتماعي في عصر الانفجار الرقمي، أكثر من مجرد فضاءات للتسلية أو تبادل الآراء العابرة. لقد تحولت إلى أدوات قوية لتشكيل الوعي الجمعي، بل وأصبحت أحد أبرز المؤثرين في صناعة الرأي العام، خصوصًا لدى فئة الشباب. فالمحتوى الذي يُستهلك بشكل يومي عبر هذه المنصات لا يمر عبر قنوات تدقيق أو مراجعة، ما يجعلها ساحة مفتوحة أمام كل خطاب، سواء كان توعويًا أم تحريضيًا. هذا التحوّل الهائل ترافق مع غياب شبه كامل للرقابة الفعالة على المحتوى، لا سيما في السياقات التي تتطلب حساسية عالية، كالدين والسياسة والهوية. كثير من المنصات الكبرى تعتمد خوارزميات ترتّب المحتوى بناءً على التفاعل، لا على القيمة أو السلامة الفكرية. وهكذا، تجد الخطابات المتطرفة فرصتها للانتشار السريع، لأن محتواها غالبًا ما يثير الغضب أو الفضول، وهو ما يزيد من معدل التفاعل والمشاركة. ومع هذا الانتشار السهل، بات من السهل إعادة إنتاج سرديات الكراهية والعنف بشكل ناعم ومقنّع. لا يُقدَّم المتطرف اليوم كعدوّ واضح، بل كضحية "مظلومة"، أو بطل يقاوم "الاضطهاد"، أو ناصح غيور على الدين والأخلاق. هذه السرديات تُبث عبر فيديوهات قصيرة، جمل مشحونة عاطفيًا، وصور مُنتقاة بدقة، تزرع في المتلقي شعورًا بالانتماء لقضية، حتى ولو كانت قضية زائفة أو مغلوطة. والأخطر أن هذا الخطاب المتطرف لم يعد يُستهلك فقط من قبل فئة محدودة، بل أصبح جزءًا من المحتوى اليومي الذي يتعرض له المستخدم العادي. ونتيجة لسطحية التفاعل الرقمي، حيث لا وقت للتأمل أو التفنيد، يسهل أن تنزلق العقول، خاصة غير المُحصنة معرفيًا، إلى قبول هذه الأفكار تدريجيًا، حتى لو لم تدرك منذ البداية أنها تسير في طريق التطرف. التطرف يخرج من "الترند" لم يعد الطريق إلى التطرف يمرّ عبر الدروب التقليدية المعروفة، كالجماعات السرّية أو الخلايا المغلقة في المساجد الهامشية. في زمن "الترند"، باتت منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" قادرة على لعب دور المحرّض الأول، من خلال محتوى قصير، مشوّق، عالي الجودة، يجمع بين الإبهار البصري والرسالة الأيديولوجية المبطنة. فمشاهد فضولي قد يصادف مقطعًا واحدًا يثير فيه الغضب أو الحماسة، وسرعان ما يجد نفسه وسط سلسلة متوالية من المقاطع التي تغذّي هذا الشعور وتوجهه نحو مسار معين. تعتمد هذه الحسابات على ما يمكن تسميته بـ"هندسة المظلومية"، حيث يُصوّر الفرد أو الجماعة المستهدفة بوصفها ضحية دائمة لظلم ممنهج من "الآخر" – سواء كان هذا الآخر دولة، أو ثقافة، أو طائفة، أو منظومة عالمية. هذا الخطاب لا يصرخ مباشرة: "اكره"، بل يهمس أولًا: "انظر كم نحن مظلومون". ومن هنا تبدأ أولى خطوات التأثر، ليس من منطلق قناعة فكرية، بل من استثارة وجدانية عميقة. ومع التكرار، يتحول هذا الخطاب من التلويح بالعاطفة إلى خطاب تعبوي كامل. تبدأ اللغة تأخذ منحى حادًا: "هم أعداؤنا"، "لا مجال للمهادنة"، "الحق لا يُنتزع إلا بالقوة". هذه الرسائل يتم تمريرها ضمن سرديات تبدو في ظاهرها نبيلة: الدفاع عن الدين، عن الكرامة، عن الهوية، لكنها تُحمّل ضمنيًا برموز التحريض والعنف والعداء للآخر. وبهذا، يُعاد تدوير خطاب الكراهية في هيئة فيديو قصير لا يتجاوز دقيقة، لكنه يحمل بذور تحوّل فكري خطير. النتيجة أن التطرف لم يعد ظاهرة هامشية تتطلب مجهودًا للوصول إليها، بل أصبح مدموجًا في المحتوى الرقمي السائد، مغلفًا بلغة حديثة، وصور جذابة، وأساليب سردية مشوقة. وكلما زادت مشاهدات هذه الفيديوهات، عزّزت الخوارزميات من انتشارها، ليصبح التطرف نفسه "ترندًا" يجتذب عقولًا جديدة كل يوم، لا لشيء سوى أنه يوفّر إجابات سهلة، وعدوًا واضحًا، وشعورًا زائفًا بالقوة والانتماء. حالة "أنور العولقي" و"القاعدة على يوتيوب": كان الداعية اليمني الأمريكي أنور العولقي من أوائل من استغلوا يوتيوب لنشر خطب باللغة الإنجليزية تستهدف المسلمين في الغرب. استُخدمت مقاطع فيديوه القصيرة في تجنيد شباب من بريطانيا وكندا والولايات المتحدة، ومن بينهم "عمر الفاروق عبد المطلب" الذي حاول تفجير طائرة فوق ديترويت في 2009. بعد مقتله، استمرت فيديوهاته في الانتشار، وأدرجت على قوائم المراقبة، لكن بعد أن كانت قد خلّفت تأثيرًا واسعًا. "داعش" وفيديوهات الإنتاج السينمائي على تيليجرام ويوتيوب: نظّم تنظيم "داعش" حملات إعلامية محترفة عبر وحدته المعروفة باسم "الفرقان" و"الحياة"، حيث قدموا محتوى فائق الجودة يجمع بين العنف والإبهار البصري. فيديوهات قطع الرؤوس، أو المعارك المصورة كأفلام الأكشن، استخدمت لإثارة الإعجاب والصدمة في آنٍ واحد، واستهدفت خصوصًا المراهقين عبر قنوات تيليجرام ومقاطع موزعة على يوتيوب وفيسبوك قبل حظرها. "اليوتيوبرز الدينيون الجدد": في عدد من الدول العربية، برزت حسابات على تيك توك ويوتيوب تقدم محتوى دينيًا ظاهريًا، لكنه يروج بشكل ناعم لأفكار سلفية أو إخوانية، مستخدمًا لغة شبابية، ومؤثرات صوتية، وسيناريوهات تمثيلية. هؤلاء لا يصرّحون بانتماءاتهم، لكن تحليل محتواهم يكشف تمريرهم لأفكار مثل "وجوب إقامة الخلافة"، "العداء للغرب"، "المرأة فتنة"، وغيرها من الرسائل التي تُمهّد ذهنيًا لمناخ متطرف. تجربة "داعشيات أوروبا": قُمن فتيات في فرنسا وألمانيا، لم يسبق لهن الاحتكاك بجماعات إسلامية، باعتناق فكر داعش بعد متابعتهن لحسابات على إنستغرام وتيليجرام تصور الحياة في "دولة الخلافة" كيوتوبيا مثالية: مجتمع نقي، عفة، وضوح هوية، انتماء. هذه الصورة الرومانسية دفعت بعضهن للسفر إلى سوريا، ليتحولن لاحقًا إلى أدوات دعائية أخرى داخل التنظيم. هذه النماذج توضح كيف انتقل التطرف من هامش الواقع إلى قلب المنصات الرقمية، مستفيدًا من خوارزميات الانتشار، وضعف الرقابة، وسهولة التأثير العاطفي. أبطال الشاشة... مجرمون في الواقع لم يعد الإرهابي في زمن الإعلام الرقمي يظهر كخارج عن القانون أو مهدد للسلم، بل تحوّل في بعض الأوساط الرقمية إلى "نجم شاشة" يُقدَّم بصفته بطلًا ملحميًا. فبمساعدة تقنيات المونتاج الحديثة، يتم إنتاج مقاطع مصورة فائقة الجودة تروي ما يشبه "قصة بطولة" مزعومة، حيث يَظهر منفذ التفجير أو المقاتل في مشاهد بطيئة الحركة، محاطة بالموسيقى الملحمية، والعبارات الدينية المؤثرة، وكأننا أمام مشهد سينمائي من فيلم أكشن لا من مسرح جريمة. هذا النوع من المحتوى لا يُنتج عشوائيًا، بل يخضع لتخطيط بصري وسردي هدفه الأساسي إبهار المتلقي وإثارة وجدانه، خاصة لدى الفئات الأصغر سنًا. إذ تُعاد صياغة مشاهد العنف ضمن إطار "الانتصار" أو "الدفاع عن الكرامة"، لتضليل العقول وإقناعها بأن هذا السلوك العدواني هو "مشروع" أو حتى "مطلوب". تتلاشى في هذه المقاطع حدود الخير والشر، وتُستبدل بالانبهار البصري الذي يخدر الحس النقدي للمشاهد. اللافت في هذا المشهد أن منصات رقمية كبرى مثل "يوتيوب" و"تيك توك" كثيرًا ما تتأخر في رصد هذا النوع من المحتوى أو حجبه، لا سيما حين يحقق نسب مشاهدة مرتفعة. فتقنيات الذكاء الاصطناعي التي تتحكم في خوارزميات الترويج لا تميز غالبًا بين المحتوى التحريضي والمحتوى الترفيهي، بل تحكمها معايير الجذب والتفاعل، ما يجعل هذه المواد تنتشر كالنار في الهشيم قبل أن تتدخل الرقابة – إذا تدخلت أصلاً. هكذا نجد أنفسنا أمام خلل أخلاقي عميق في بنية الفضاء الرقمي المعاصر، حيث يُكافأ المحتوى المتطرف لا بسبب قيمته، بل بفعل قابليته للانتشار. وبينما تنشغل المنصات بزيادة الأرباح والمشاهدات، يغيب الوعي بخطورة ما يُبث، ويُعاد تشكيل الوعي الجمعي، لا على أسس نقدية أو معرفية، بل على وقع مؤثرات صوتية وصُور مبهرة تُسوّق للعنف باسم البطولة. رقمنة التجنيد: من الدردشة إلى الجهاد أصبحت التنظيمات المتطرفة أكثر احترافًا في استغلال أدوات الاتصال الرقمي لتجنيد الأفراد، حيث لم يعد التجنيد يتم فقط عبر اللقاءات المباشرة أو الخطب الحماسية في الزوايا المعزولة، بل عبر منصات الدردشة الحديثة التي تُخفي خلفها جيوشًا من المروّجين. يبدأ المسار عادة برسائل ودية ومحتوى ديني أو فكري مصمم بعناية ليخاطب المشاعر الدينية والاحتياجات النفسية، خاصة لدى من يشعرون بالعزلة أو الاغتراب أو الإحباط. مع الوقت، يُنقل "المهتم" إلى مجموعات مغلقة على تطبيقات مشفّرة مثل "تليغرام"، أو غرف صوتية ودردشات على "ديسكورد"، حيث تبدأ عملية منظمة لغسل الدماغ. في هذه البيئات الرقمية المغلقة، يُعاد بناء وعي الشخص من الصفر: يُعاد تفسير النصوص الدينية، يُغذّى الإحساس بالمظلومية، وتُقدّم نماذج العنف باعتبارها ممارسات مشروعة أو حتى بطولية. الخطير في هذه الشبكات أنها تعمل ضمن فضاءات يصعب اختراقها قانونيًا أو أمنيًا، مستفيدة من تقنيات التشفير والخصوصية العالية التي تتيحها هذه المنصات. فبينما تجهد السلطات لملاحقة خطاب الكراهية على المنصات المفتوحة، تنشط غرف التجنيد الحقيقي في الظل، بعيدًا عن أي رقابة مؤسسية أو مجتمعية، ما يمنح المتطرفين هامشًا واسعًا لإعداد أتباعهم وتنظيم تحركاتهم. هذا النمط من الرقمنة لا يمثل فقط تطورًا في أدوات التجنيد، بل نقلة نوعية في تكتيكات التأثير والتعبئة. فقد أصبح "الجهاد الرقمي" يبدأ من دردشة بسيطة، ويتطور إلى عملية استقطاب ممنهجة ومُحكمة تقود الفرد من العزلة إلى حمل السلاح، وكل ذلك دون أن يخطو خارج غرفته أو يترك أثرًا يمكن تتبعه بسهولة. إنها بيئة خصبة لنمو التطرف، تُدار بذكاء، وتستغل الثغرات القانونية والتكنولوجية في آنٍ واحد. اليوتيوبر والداعية: الحد الفاصل يتلاشى في عصر الإعلام الرقمي، بدأ يظهر نوع جديد من "الدعاة" أو "المؤثرين الإسلاميين" الذين لا يقتصرون على منابر المساجد التقليدية أو الفضائيات الإسلامية. هؤلاء المؤثرون يستخدمون أدوات الميديا الحديثة التي توفرها منصات مثل "يوتيوب" و"إنستغرام" و"تيك توك" لإنتاج محتوى ديني بلغة معاصرة، يعتمد على أساليب احترافية في الإضاءة والمونتاج والخلفيات الجذابة. لكن رغم هذه التقنيات الحديثة، فإنهم لا يتوانون عن إعادة إنتاج خطاب تقليدي قديم، يعزز أفكارًا رجعية أو يقدس العنف، ويكرس مفاهيم مغلوطة تتعارض مع قيم التعايش والاعتدال. اللافت في هذه الظاهرة أن هؤلاء الدعاة الجدد يعتمدون على الأساليب البصرية المثيرة واللغة العصرية، لكنهم يمررون من خلالها رسائل تحرض على الكراهية والتعصب. في كثير من الأحيان، يتجنبون استخدام كلمات صريحة قد تعرضهم للمساءلة القانونية أو الرقابة، لكنهم يمررون رسائل مشفرة يمكن أن تُفهم كدعوة للتفوق الطائفي أو التحريض ضد الفئات المختلفة. بهذه الطريقة، ينجحون في تقديم خطابهم دون أن يثيروا الانتباه أو يتعرضوا للمسائلة المباشرة. من خلال استخدام "الترند" أو الأحداث الرائجة على منصات التواصل الاجتماعي، يتمكن هؤلاء المؤثرون من جذب جمهور أكبر وتوسيع دائرة تأثيرهم. فالتفاعل مع المواضيع الرائجة والمحتوى الشعبي يتيح لهم الوصول إلى فئات واسعة، بما في ذلك الشباب الذين قد لا يكون لديهم وعي كافٍ بمخاطر الأفكار المتطرفة التي يُروج لها. ومن خلال هذا الأسلوب، يتمكنون من تحويل القضايا الاجتماعية والسياسية إلى قضايا دينية، ويشوهون الواقع في سبيل جذب المتابعين. في النهاية، يصبح التحدي الأكبر هو كيفية التعامل مع هذا "الخلط" بين الدعوة والإعلام، حيث تتلاشى الحدود بين الداعية التقليدي واليوتيوبر الذي يتخذ من وسائل التواصل الاجتماعي منبرًا لنشر أفكار قد تكون متطرفة أو تحريضية. الأمر يتطلب جهودًا مضاعفة من الجهات المعنية لضبط هذه الظاهرة، والتمييز بين ما هو خطابي ديني معتدل وبين ما هو خطاب تحريضي أو مغلوط يتم ترويجه عبر منصات وسائل التواصل الحديثة. المسؤولية المشتركة: من المنصة إلى المجتمع المسؤولية في مواجهة ظاهرة التطرف الرقمي لا تقع فقط على عاتق منصات التواصل الاجتماعي، بل هي مسؤولية مشتركة تتوزع بين عدة أطراف. أولًا، هناك سياسات الدول التي يجب أن تكون أكثر فاعلية في مراقبة ومكافحة المحتوى المتطرف على الإنترنت، ولكن من دون التعدي على حرية التعبير أو فرض رقابة مفرطة. تلك السياسات يجب أن تشمل قوانين وأدوات رقابية أكثر دقة ومرونة، لمواكبة التطورات السريعة في تقنيات التواصل الرقمي، وضمان حماية الأفراد من الدعاية المتطرفة. ومع ذلك، فإن الغياب الفعلي للتنظيم الرقمي على مستوى عالمي يعزز من انتشار هذا النوع من المحتوى. ثانيًا، تُعد التربية الرقمية عاملاً حاسمًا في التصدي لهذه الظاهرة. هناك حاجة ملحة لتعزيز الوعي الرقمي لدى الأجيال الجديدة، بحيث يتعلمون كيفية التعامل مع المحتوى على الإنترنت بطريقة نقدية وواعية. ومع الأسف، فإن الأنظمة التعليمية في العديد من الدول لا تركز بما فيه الكفاية على تعليم الطلاب كيف يميزون بين المعلومات الصحيحة والمضللة، وكيف يمكنهم فهم الرسائل المشفرة التي تُستخدم في استقطاب المتطرفين. إن غياب هذا الوعي يجعل الشباب أكثر عرضة للوقوع في فخ المحتوى المضلل والمتطرف. علاوة على ذلك، يظهر دور الإعلام النقدي كعامل حاسم في تصحيح المفاهيم المغلوطة. فالإعلام، بدلاً من أن يكون أداة توعية وتنبيه، غالبًا ما يكون في بعض الأحيان غائبًا عن مواكبة التطورات الرقمية، أو غير قادر على تقديم خطاب نقدي وموضوعي يكشف جذور التطرف في المحتوى الرقمي. الإعلام التقليدي لا يزال يعتمد على أساليب قديمة في التعامل مع هذه القضايا، وهو ما يُساهم في عزلة المشاهد عن النقاشات الضرورية، خصوصًا في ظل ثورة المعلومات التي جعلت منصات التواصل الاجتماعي بديلاً سريعًا للفضائيات ووسائل الإعلام التقليدية. وأخيرًا، تظل المؤسسات الدينية والتعليمية في بعض الأحيان متأخرة في مواجهة الخطاب الرقمي المتطرف. فالكثير من هذه المؤسسات لا تواكب التحولات في وسائل التواصل الاجتماعي، ولا تقدم بديلاً عقلانيًا مقنعًا يستطيع جذب الأجيال الجديدة. إن الخطاب الديني التقليدي يعاني من أزمة كبيرة في تحديث محتواه وتقديم رسائل دينية تلامس اهتمامات الشباب، ما يجعل منصات مثل "تيك توك" و"يوتيوب" بديلًا أكثر جذبًا. الحل يكمن في أن تقوم هذه المؤسسات بتحديث أساليبها، وتنظيم دورات تعليمية وندوات رقمية تشارك فيها مع الخبراء للتفاعل مع الشباب في الفضاء الرقمي، وتقديم حلول فكرية دينية تساهم في تحصينهم ضد الأفكار المتطرفة. خاتمة: وسائل التواصل الاجتماعي ليست شريرة بطبعها، بل هي أدوات ذات إمكانات هائلة يمكن أن تكون منبعًا للمعرفة، والتواصل الإنساني، والإبداع. لكن مع تحولها إلى ساحة مفتوحة بلا حراس، أصبحت البيئة المثالية لنشر الأفكار المتطرفة والمضللة. ففي غياب الرقابة الفعالة والتوجيه الصحيح، تساهم هذه المنصات في نشر الخطابات المسمومة التي تروج للعنف والكراهية، مما يجعل من السهل على الأفراد الانزلاق إلى دوامة من التطرف. ما كان يمكن أن يكون مكانًا للتعلم والتواصل، أصبح الآن أحد أكبر مراكز تجنيد المتطرفين في العالم. إن خطورة هذه المنصات تكمن في قدرتها على الوصول إلى الجمهور الواسع بشكل غير مسبوق. إذ يمكن لأي محتوى متطرف أن ينتشر بسرعة عبر الشبكات الاجتماعية، ويصل إلى ملايين المستخدمين حول العالم. ومع تصميم هذه المنصات لتشجيع المشاركة والتفاعل، يصبح الأمر أكثر صعوبة في السيطرة على الرسائل السلبية التي تُروج للعنف. المشكلة ليست فقط في نشر المحتوى، بل في كيفية استهلاكه، حيث تتيح التكنولوجيا الحديثة للأفراد استهلاك هذا المحتوى بشكل سريع وسهل، مما يجعلهم عرضة للمؤثرات الخارجية دون أن يلاحظوا تأثيرها التدريجي على أفكارهم وسلوكهم. إذا لم نُدرك خطورة هذه الظاهرة ونتعامل معها كأداة تتطلب توجيهًا ورقابة دقيقة، فإننا نُقرب أنفسنا من كارثة معرفية وأمنية. فكما أن وسائل التواصل لا تخلو من فوائد كبيرة في مجالات التعليم والتواصل، إلا أنها تحتاج إلى مواجهة معرفية حقيقية لتفكيك خطاب الكراهية والعنف الذي يتسلل إليها. يجب أن يتم تبني حلول شاملة، تشمل رقابة قانونية، وتوجيه إعلامي، وتربية رقمية، لمواجهة تأثير هذه المنصات على عقول الأفراد. وفي النهاية، إذا استمرت المنصات في السماح بنشر الخطابات المتطرفة دون تدخل حاسم، فسيبقى الطريق من "بوست" إلى بندقية أقصر مما نتصور. إذ قد يصبح من السهل على أي شخص، سواء كان مبتدئًا في عالم الإنترنت أو شخصًا غارقًا في أيديولوجيات متطرفة، أن يتحول إلى فاعل في عالم العنف. لذلك، لا بد من تضافر الجهود بين الحكومات، والمنظمات المدنية، والمؤسسات الدينية والتعليمية لوضع حلول فعّالة تضمن استخدام هذه الأدوات الرقمية بشكل آمن وبناء.


وكالة أنباء براثا
١٩-٠٤-٢٠٢٥
- وكالة أنباء براثا
"صنع في الصين".. فستان متحدثة البيت الأبيض يهز مواقع التواصل ويثير سخرية الصينيين
أشعلت صور فستان المتحدثة باسم البيت الأبيض كارولين ليفيت جدلا كبيرا على مواقع التواصل الاجتماعي بعد أن كشف دبلوماسي صيني أن فستانها قد صنع في الصين. وتزامن الجدل مع استمرار الحرب التجارية بين الصين والولايات المتحدة عقب الرسوم الجمريكية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ولفتت صورة للمتحدثة البالغة من العمر (27 عاما) وهي ترتدي فستانا أحمر اللون بتطريز أسود، انتباه الدبلوماسي الصيني تشانغ تشيشن الذي يشغل منصب القنصل العام في إندونيسيا، الذي نشر صورة للفستان على حسابه في منصة "إكس". وأرفق تشيشن مع صورة الفستان صورا من حسابات مستخدمين لموقع "ويبو" الصيني، أكدوا فيها أن الفستان صنع في مصنع بمدينة مابو الصينية. وقال تشيشن: "اعتدنا على اتهام الصين، أما شراء المنتجات الصينية خلال الحرب التجارية فهو شيء لا أفهمه". وأضاف أن عمالا في شركة صينية تعرفوا إلى "الدانتيل" الجميل على فستان المتحدثة باسم البيت الأبيض وأكدوا أنه من إنتاج شركتهم. كما نشر الدبلوماسي الصيني مقطع فيديو على منصة "X" وثق كل الملابس الصينية الصنع التي ارتدتها المتحدثة باسم البيت الأبيض. وعلق تشانغ تشيشن على الفيديو قائلا: "هنا بلدة مابو، مقاطعة بينغيانغ بمقاطعة تشجيانغ الصينية، التي جذبت مؤخرا اهتماما عالميا بصناعة الدانتيل الفاخر (أتعلمون السبب)، بإنتاج سنوي مذهل يبلغ 200 ألف طن!". وتابع قائلا: "الصين هي أكبر دولة في صناعة الدانتيل، حيث تنتج أكثر من 70٪ من الإنتاج العالمي!.. بلدة مابو، أنت مصدر الجمال للسيدة كارولين وللنساء حول العالم!.. أتمنى لك حياكة المزيد من الدانتيل الجميل! لأن كلما زاد إنتاجك من الدانتيل، زاد جمال النساء في العالم.. وكلما زادت النساء جمالا وسعادة في العالم، قلت الحروب والنزاعات من حولنا جميعا!". واختتم تشيشن تدوينته قائلا: "بلدة مابو، استمري! سلام العالم يعتمد عليك!". ووفقا لصحيفة "ديلي ميرور" البريطانية ظهرت كارولين ليفيت المتحدثة باسم البيت الأبيض في لقاء صحفي في يناير وهي ترتدي الفستان الأحمر. ويأتي رد الفعل العنيف على فستان ليفيت الأحمر والأسود، في وقت تعج منصة "تيك توك" بمنشورات حول دور الأزياء الفاخرة والماركات العالمية المشهورة التي تتخذ من الصين مقرا لإنتاج حقائب اليد الفاخرة وغيرها من المنتجات باهظة الثمن. وعرضت بعض منشورات "تيك توك" مقاطع فيديو من داخل المصانع ورسمت خرائط لمواقعها لتشجيع الناس على الشراء مباشرة منها. وتعد الصين أكبر مصنع ومصدر للملابس في العالم منذ أكثر من 10 سنوات.