logo
كيف يزيد الذكاء الاصطناعي من مخاطر تزييف الفواتير؟

كيف يزيد الذكاء الاصطناعي من مخاطر تزييف الفواتير؟

يشهد العالم اليوم ثورة تكنولوجية غير مسبوقة بفضل الذكاء الاصطناعي، الذي يبرز كقوة تحويلية تقدم فوائد جمة تمتد من تسهيل حياتنا اليومية عبر أنظمة الملاحة الذكية التي ترشدنا لحظة بلحظة في طرقنا إلى إحداث ثورة في الرعاية الصحية من خلال الكشف المبكر عن الأمراض. لكن هذا الانتشار الواسع والتطور المتسارع كشف عن جانب مظلم مقلق، يتمثل في فتح أبواب لم تكن معهودة من قبل لعمليات الاحتيال والخداع الرقمي، وبمستويات غير مسبوقة من الإتقان والتعقيد.
فقد أدت القدرات المتطورة للذكاء الاصطناعي، خاصة في مجال توليد المحتوى، الذي يشمل: النصوص والصور والمقاطع الصوتية والمرئية، إلى ظهور أشكال مبتكرة من التزييف الرقمي، تتميز بواقعية مذهلة تجعل عملية اكتشافها تحديًا حقيقيًا حتى للمتخصصين.
الاحتيال المالي.. تهديد متزايد للشركات والأفراد:
لم تَعد عمليات الاحتيال المالي مقتصرة على الأساليب التقليدية؛ إذ تواجه اليوم الشركات بجميع أحجامها، سواء كانت مؤسسات عملاقة أو شركات ناشئة صغيرة، وحتى الهيئات الحكومية المسؤولة عن تحصيل الضرائب، تحديًا متناميًا يتمثل في أنها أصبحت هدفًا لمطالبات استرداد أموال احتمالية.
وتستند هذه المطالبات غالبًا إلى وثائق مالية تبدو أصلية تمامًا، مثل: إيصالات الشراء وفواتير المعاملات، وتصل درجة الإتقان في تصميم هذه المستندات المزيفة إلى حد يحاكي النسخ الأصلية في أدق تفاصيلها – من حيث التصميم، والخطوط المستخدمة، وتنسيق البيانات، وحتى العلامات الدقيقة التي قد توحي بالأصالة – لدرجة يصعب معها تمييزها بالعين المجردة أو عبر عمليات التدقيق الروتينية، مما يشكل تهديدًا خطيرًا للسلامة المالية.
وعلى صعيد الأفراد، يجب عليهم أيضًا إبداء أقصى درجات الحذر واليقظة في تعاملاتهم المالية والرقمية لتجنب الوقوع ضحايا لهذه الأساليب الاحتيالية التي تزداد تطورًا يومًا بعد يوم.
ولتوضيح مدى الإتقان الذي وصلت إليه هذه التقنيات في التزييف، يمكنك إلقاء نظرة فاحصة على صور الإيصالات المالية التالية، إحداهما أصلية تمامًا وتوثق معاملة شراء حقيقية تمّت بالفعل، أما الأخرى، فهي نسخة مزيفة أُنشئت باستخدام ChatGPT. فهل تستطيع التمييز بينهما وتحديد الإيصال المزيف بدقة؟
وإذا لم تستطيع تحديد الإيصال المزيف في الصورة السابقة، يمكنك أيضًا المحاولة مرة أخرى مع الصورة التالية، هل يمكنك تحديد أيٌّ منهما هو الإيصال المُزيف بدقة وثقة؟
إذا وجدت صعوبة بالغة في التمييز بينهما، أو لم تكن متأكدًا على الإطلاق من إجابتك، فهذا ليس أمرًا مفاجئًا، وهذه الصعوبة في الكشف هي النقطة الجوهرية التي تثير القلق، فأنظمة الذكاء الاصطناعي التوليدي المتطورة القادرة على استنساخ نسخ مزيفة مطابقة للمستندات المالية الأصلية، بما يشمل الإيصالات والفواتير وكشوفات الحسابات، أصبحت منتشرة بنحو متزايد وتتطور بسرعة فائقة، مما يجعل اكتشاف التزوير مهمة بالغة الصعوبة.
وما يؤكد هذا التوجه ويزيد من خطورته هو الوتيرة المتسارعة للابتكار في مجال الذكاء الاصطناعي التوليدي نفسه، فعلى سبيل المثال أطلقت شركة OpenAI، في نهاية شهر مارس الماضي إصدارًا جديدًا من نموذج توليد الصور في ChatGPT، ويتميز هذا النموذج بقدرته المحسّنة على إدماج نصوص مقروءة وواضحة وواقعية المظهر ضمن هذه الصور التي يولدها.
كما أطلقت شركة (Midjourney) في مطلع شهر أبريل الجاري نموذج الصور الجديد V7، الذي يوفر تحسينات كبيرة في جودة الصور، مع تقديم مظهر أكثر واقعية وتحسينات في دقة التفاصيل.
وقد فتحت هذه القدرة الباب على مصراعيه أمام موجة جديدة وأكثر خطورة من عمليات الاحتيال الرقمي، إذ أصبحت الفواتير والإيصالات المزيفة أكثر إتقانًا وصعوبة في الكشف من أي وقت مضى.
You can use 4o to generate fake receipts.
There are too many real world verification flows that rely on 'real images' as proof. That era is over. pic.twitter.com/9FORS1PWsb
— Deedy (@deedydas) March 29, 2025
ويطرح هذا التطور تساؤلات ملحة حول كيفية مواجهة هذا التحدي المتنامي وحماية أنفسنا ومؤسساتنا في عصر يمكن فيه للآلة أن تقلد الواقع بدقة مخيفة؟
حجم المشكلة وتكلفتها الباهظة:
لم يَعد الاحتيال المالي المعتمد على المستندات المزيفة مجرد إزعاج بسيط، بل هو قضية عالمية جسيمة ذات تكلفة باهظة، إذ تقدر (جمعية محققي الاحتيال المعتمدين الدولية) ACFE – وهي هيئة دولية رائدة في مكافحة الاحتيال – أن المؤسسات تخسر ما يقرب من 5% من إيراداتها السنوية بسبب الاحتيال.
وقد وثقت الجمعية في تقريرها الصادر عام 2024، خسائر تجاوزت 3.1 مليارات دولار أمريكي عبر 1,921 قضية، ويشكل الاحتيال في الفواتير والمصروفات وحده نسبة تبلغ 35% من قضايا اختلاس الأصول، بمتوسط خسائر يبلغ 150,000 دولار أمريكي لكل حالة تبلغ عنها الشركات.
والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن الطريقة الأساسية التي يلجأ إليها المحتالون لإخفاء جرائمهم عادة ما تكون عبر إنشاء مستندات مزيفة أو تعديل الملفات الموجودة، وذلك تحديدًا ما يسهله الذكاء الاصطناعي في الوقت الحالي.
وتتعدد طرق الاحتيال؛ فقد ينشئ موظف إيصالًا وهميًا لوجبة غداء عمل لم تحدث، أو يختلق مقاول إيصالات لمصروفات لم ينفقها قط، وفي كلتا الحالتين تُستخدم المستندات المزورة لسحب أموال غير مستحقة.
وتشير نتائج استطلاعات رأي حديثة إلى أن هذه المشكلة قد تكون متجذرة وأكثر انتشارًا مما قد تعكسه الأرقام الرسمية للقضايا المبلغ عنها، ففي استطلاع رأي أُجري في عام 2024، اعترف نحو 24% من الموظفين بأنهم ارتكبوا بالفعل شكلًا من أشكال الاحتيال المتعلق بنفقات العمل، بالإضافة إلى ذلك، أقر نحو 15% بأنهم يفكرون جديًا في القيام بمثل هذه الممارسات.
ولعل الأمر الأكثر إثارة للدهشة هو ما كشفه استطلاع آخر شمل صناع القرار في القطاع العام في المملكة المتحدة، إذ اعترفت نسبة تبلغ 42% منهم بتقديم مطالبات نفقات احتيالية في وقت ما خلال مسيرتهم المهنية، وتكشف هذه الأرقام مدى انتشار الظاهرة وتأثيرها في مختلف القطاعات.
ولكن لماذا يفاقم الذكاء الاصطناعي هذه المشكلة؟
لفهم الأبعاد الحقيقية لكيفية مساهمة الذكاء الاصطناعي في إحداث طفرة محتملة ومقلقة في أنشطة الاحتيال المالي، من الضروري أن نلقي نظرة تحليلية على نموذج (مثلث الاحتيال) fraud triangle الكلاسيكي، الذي يوضح أن وقوع الاحتيال يتطلب توفر ثلاثة عناصر وهي: الدافع (الذي يتمثل في وجود حاجة ماسة أو ضغط قوي)، والتبرير (إيجاد مبرر أخلاقي للفعل)، والفرصة (التي تتمثل في القدرة على ارتكاب الاحتيال دون اكتشاف).
وفي الماضي، كانت القدرة على إنشاء مستندات بمستوى عالٍ من الإتقان والمصداقية تمثل تحديًا كبيرًا وعائقًا حقيقيًا يحد من (الفرصة)، حتى مع وجود الدافع والتبرير. لكن اليوم، يأتي الذكاء الاصطناعي ليقلب هذه المعادلة رأسًا على عقب، إذ يعمل على إزالة هذا الحاجز التقني من خلال جعل عملية إنشاء المستندات المزيفة سهلة ومتاحة للجميع تقريبًا، فقد أصبح توليد فاتورة أو إيصال أو كشف حساب مزيف لا يتطلب سوى بضع نقرات فقط.
وهنا تكمن الخطورة الكبرى، فالذكاء الاصطناعي لا يصنع بالضرورة دوافع جديدة للاحتيال ولا يغير من طبيعة التبريرات التي يختلقها البشر، ولكنه يوسع بنحو ومقلق نطاق 'الفرصة' المتاحة لارتكابه.
وقد أكدت الأبحاث والدراسات المتخصصة في مجال علم الجريمة وسلوكيات الاحتيال، وجود علاقة مباشرة وقوية بين زيادة الفرص المتاحة لارتكاب الجريمة، وبين الارتفاع الفعلي في معدلات وقوع تلك الجريمة. وبتسهيل الذكاء الاصطناعي لعملية تزييف المستندات، فإنه يغذي بنحو مباشر أحد الأضلاع الرئيسية لمثلث الاحتيال، مما ينذر بارتفاع محتمل في معدلات الاحتيال المالي في المستقبل القريب.
تأثيرات واسعة النطاق.. من الضرائب إلى المستهلك:
عندما تُستخدم الإيصالات والمستندات المالية المزيفة لدعم مطالبات الخصم الضريبي، فإن الأمر يتجاوز كونه مجرد مخالفة مالية ويتحمله المجتمع بأسره، فنقص الإيرادات الضريبية بسبب الاحتيال يعني موارد أقل للخدمات العامة الأساسية التي نعتمد عليها جميعًا، مثل التعليم والرعاية الصحية وتطوير البنية التحتية، مما قد يضطر الحكومات لتعويض هذا النقص إما بتقليل الإنفاق على هذه الخدمات الحيوية أو بزيادة العبء الضريبي على المواطنين والشركات الملتزمة.
وتشير تقديرات مكتب الضرائب الأسترالي إلى وجود ما فجوة ضريبية سنوية تُقدر قيمتها بنحو 2.7 مليار دولار، ويعزى هذا الرقم الضخم إلى المطالبات غير الصحيحة أو المبالغ فيها بنحو متعمد للخصومات الضريبية من قطاع الشركات الصغيرة وحده في أستراليا، ويسلط ذلك الضوء على حجم الاحتيال المالي الذي يمكن أن يحدث حتى ضمن شريحة واحدة من دافعي الضرائب في بلد واحد.
ولا يقتصر خطر الإيصالات والفواتير المزيفة التي يولدها الذكاء الاصطناعي على الشركات والسلطات الضريبية، بل يمتد ليشمل المستهلكين الأفراد الذين أصبحوا أيضًا عرضة بنحو متزايد لهجمات المحتالين الذين يستغلون هذه التقنيات لخداعهم وسرقة أموالهم.
تخيل أنك تتلقى رسالة بريد إلكتروني تبدو وكأنها من شركة الكهرباء أو الاتصالات، وتحتوي على فاتورة بتنسيق وشعار مطابقين تمامًا للفواتير الرسمية التي اعتدت عليها، ولكن تفاصيل الدفع فيها توجه أموالك مباشرة إلى حساب المحتال. هذا السيناريو ليس خياليًا، بل يحدث بالفعل، فقد سجلت لجنة المنافسة والمستهلك الأسترالية خسائر تجاوزت 3.1 مليارات دولار نتيجة لمختلف عمليات الاحتيال التي تعرض لها المستهلكون في عام 2023 وحده، مع ملاحظة النمو السريع للاحتيال عبر إعادة توجيه عمليات الدفع الإلكتروني، وهو نوع من الاحتيال يسهّل الذكاء الاصطناعي تنفيذه عبر إنشاء مستندات تجارية مقنعة.
العصر الرقمي وتحدي التحقق من التزييف:
يتفاقم هذا التهديد بسبب اعتمادنا المتزايد على المستندات الرقمية، فاليوم، تصدر العديد من الشركات إيصالاتها رقميًا، وتتطلب أنظمة إدارة النفقات من الموظفين تقديم صور أو نسخ ممسوحة ضوئيًا، وتقبل السلطات الضريبية المستندات المخزنة إلكترونيًا.
ومع تزايد ندرة الإيصالات الورقية واختفاء مزايا الأمان المادية الملموسة التي كانت توفرها – مثل نوعية الورق الخاصة، والعلامات المائية، وخيوط الأمان، أو الأحبار المتغيرة اللون التي يصعب تقليدها – أصبح اكتشاف التزييف الرقمي من خلال الفحص البصري وحده شبه مستحيل.
البحث عن حلول.. هل المصادقة الرقمية كافية؟
في مواجهة هذا التحدي، تظهر بعض الإجراءات المضادة المحتملة، مثل معيار (مصدر المحتوى وأصالته) C2PA، الذي يهدف إلى تضمين بيانات وصفية (metadata) مشفرة، يمكن التحقق منها حول مصدر الملف الرقمي وتاريخ إنشائه، وربما تفاصيل عن الأدوات المستخدمة في إنشائه مثل: اسم نموذج الذكاء الاصطناعي المستخدم، أو التعديلات التي أُجريت عليه، مباشرةً ضمن بنية الملف نفسه.
ومع ذلك، يعاني هذا المعيار وغيره من نقاط ضعف، أبرزها إمكانية إزالة المستخدمين للبيانات الوصفية (Metadata) ببساطة عن طريق أخذ لقطة شاشة للمحتوى الأصلي؛ فالصورة الجديدة الناتجة عن لقطة الشاشة هي ملف جديد تمامًا لا يحمل بالضرورة بيانات المصدر المدمجة في الملف الأصلي.
لذلك، تظل معايير المصادقة الرقمية مجرد جزء من الحل لمواجهة التزييف الرقمي المتطور، في حين تبدو العودة إلى المستندات الورقية خيارًا غير عملي في عصرنا الرقمي.
نحو مستقبل مالي يتطلب أكثر من مجرد الفحص البصري:
تغير قدرة الذكاء الاصطناعي على إنشاء مستندات مالية مزيفة بواقعية مذهلة بنحو جذري النهج التقليدي في التحقق من النفقات والحفاظ على الأمان المالي، فقد أصبح الفحص البصري التقليدي للإيصالات والفواتير نهجًا عتيقًا.
لذلك، تحتاج الشركات والسلطات الضريبية والأفراد على حد سواء إلى التكيف بسرعة عبر تطبيق أنظمة تحقق أكثر تطورًا، وقد تشمل هذه الأنظمة مطابقة المعاملات آليًا مع السجلات المصرفية، أو استخدام أنظمة الكشف الآلي لتحديد أنماط الإنفاق غير العادية، أو التوسع في استخدام تقنيات مثل البلوك تشين (Blockchain) لتعزيز التحقق من صحة المعاملات.
ومع هذه الحلول المحتملة، تستمر الفجوة في الاتساع بين ما يمكن للذكاء الاصطناعي إنشاؤه، وما يمكن لأنظمتنا الحالية التحقق منه بنحو موثوق وفوري وفعال من حيث التكلفة.
ويضعنا هذا السباق غير المتكافئ أمام تحدٍّ يتعلق بأساس الثقة التي يقوم عليها النظام المالي والاقتصادي الرقمي بأكمله: كيف يمكننا، كأفراد ومؤسسات ومجتمعات، الحفاظ على هذه الثقة الضرورية واستدامتها في المعاملات المالية، في عالم لم يَعد فيه مجرد رؤية المستند أو الصورة الرقمية دليلًا كافيًا لتصديقه والوثوق بمحتواه؟ تكمن الإجابة في الابتكار المستمر وتطوير آليات دفاعية أكثر ذكاءً وقوة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تقرير.. الكشف عن ملامح أول جهاز لـ OpenAI
تقرير.. الكشف عن ملامح أول جهاز لـ OpenAI

البوابة العربية للأخبار التقنية

timeمنذ 2 أيام

  • البوابة العربية للأخبار التقنية

تقرير.. الكشف عن ملامح أول جهاز لـ OpenAI

كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن أول جهاز تعمل عليه OpenAI بالتعاون مع مصمم آبل السابق جوني آيف لن يكون هاتفًا ذكيًا ولا جهازًا قابلًا للارتداء، بل قد لا يحتوي حتى على شاشة، مما يشير إلى توجه مبتكر وغير تقليدي في فئة الأجهزة الذكية. ويأتي ذلك بعد إعلان شركة OpenAI استحواذها على شركة io الناشئة التي أسسها آيف، في صفقة تُقدّر قيمتها بـ 6.5 مليارات دولار. ووفقًا للتقرير، فقد أبلغ الرئيس التنفيذي سام ألتمان موظفي الشركة بأن لديهم الآن 'فرصة لإنجاز أعظم مشروع في تاريخ OpenAI'. وأشار كل من آيف وألتمان إلى بعض ملامح الجهاز الجديد، إذ أوضحا أنه سيكون واعيًا تمامًا بمحيطه وبنشاطات المستخدم، كما سيتميز بتصميم غير مزعج يمكن وضعه في الجيب أو على المكتب، ومن المتوقع أن يتحوّل إلى أحد الأجهزة الأساسية للمستخدمين بعد الحاسوب والهاتف. وبحسب التقرير، فإن الجهاز لن يكون هاتفًا أو نظارة ذكية، وهو ما يعكس رغبة الفريق في تقليل الاعتماد على الشاشات، إذ يطمح آيف وألتمان إلى 'فطام المستخدمين' عن الأجهزة التقليدية القائمة على العرض البصري. وتعتزم الشركة الحفاظ على سرية تصميم الجهاز ومواصفاته حتى لحظة الإطلاق، تفاديًا لمحاولات التقليد من المنافسين. وتخطط الشركة لإطلاق الجهاز الجديد في أواخر عام 2026 مع هدف طموح، وهو شحن 100 مليون وحدة بأسرع وتيرة في تاريخ صناعة الأجهزة الذكية. ووفقًا للتقرير، فقد بدأ فريق آيف منذ أربعة أشهر بالتفاوض مع موردين قادرين على تصنيع الجهاز على نطاق واسع، وذلك بعد تعاون دام أكثر من عام ونصف مع OpenAI، إذ كان الهدف الأولي تطوير منتج يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي التوليدي من OpenAI، قبل أن تقرر الأخيرة الاستحواذ الكامل على الشركة. وتبقى الأسئلة معلقة حول طبيعة هذا الجهاز الجديد، ومدى قدرة التصميم المبتكر والتقنية المتقدمة على إقناع المستخدمين باقتناء فئة جديدة بالكامل من الأجهزة، خاصةً بعد إخفاق محاولات مشابهة مثل جهاز Ai Pin من شركة Humane، الذي توقفت خدماته نهائيًا مطلع العام الجاري.

تغيير مفهوم البحث.. من الروابط إلى المحادثات الذكية
تغيير مفهوم البحث.. من الروابط إلى المحادثات الذكية

سكاي نيوز عربية

timeمنذ 2 أيام

  • سكاي نيوز عربية

تغيير مفهوم البحث.. من الروابط إلى المحادثات الذكية

في هذا السياق، تعد التحديثات التقنية جزء من "إعادة تصور شاملة لعالم البحث"، كما وصفها قادة الصناعة. ومن هنا صارت المنافسة تدور حول من يملك أكبر قاعدة بيانات أو أسرع خوارزمية، ومن ينجح في تحويل محرك البحث إلى شريك ذكي يفهم السياق ويدرك القصد، ويقدّم حلولًا تتجاوز النصوص إلى الفهم. تُجدد شركة غوغل محرك البحث الخاص بها لإضافة ميزات تسمح له بالعمل بشكل مشابه لروبوت الدردشة بالذكاء الاصطناعي، حيث تتنافس الشركة مع منافسين مثل OpenAI. ابتداءً من يوم الثلاثاء، تم تفعيل "وضع الذكاء الاصطناعي" في بحث غوغل ومتصفح كروم ، والذي سيوفر تجربة محادثة وأسئلة وأجوبة تشبه ChatGPT من OpenAI ، بدلاً من قائمة تقليدية من الروابط. الرئيس التنفيذي لشركة ألفابت ، الشركة الأم لغوغل، سوندار بيتشاي، وصف هذه الخطوة بأنها "إعادة تصور شاملة لعالم البحث"، وذلك خلال مؤتمرها السنوي للمطورين في ماونتن فيو هذا الأسبوع. يمثل هذا الإصدار أحدث الجهود المبذولة لدمج الذكاء الاصطناعي المُولِّد في محرك البحث المهيمن لغوغل، حتى مع قلق المستثمرين من أن المنتجات الجديدة ستُهدر موارده المالية، بحسب تقرير لصحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية. كان بيتشاي قد تعرّض لانتقادات بسبب بطء وتيرة إصدارات الذكاء الاصطناعي ، بعد أن كانت غوغل رائدة الصناعة في تطوير الأبحاث التي أدت إلى طفرة الذكاء الاصطناعي التوليدي. وقد سمح ذلك لشركات ناشئة مثل OpenAI وAnthropic بالنمو لتصبح شركات بمليارات الدولارات، وبدأت تتحدى احتكار غوغل للاستعلامات عبر الإنترنت. استجابةً لذلك، اضطرت غوغل إلى تسريع جدول إطلاقها وإجراء تحسينات سريعة على نموذجها اللغوي الكبير جيميني. وتزعم أن الإصدار 2.5 الأحدث يتفوق على ChatGPT من OpenAI وClude من Anthropic في العديد من اختبارات الأداء، وخاصةً في البرمجة. قال بيتشاي إن غوغل لا تزال تتمتع بميزة توزيعية هائلة على منافسيها، إذ تُجري 8.5 مليار استفسار يوميًا. وأضاف: "يُتيح البحث الذكاء الاصطناعي لعدد أكبر من الناس مقارنةً بأي منتج آخر في العالم". في حديثه مع "اقتصاد سكاي نيوز عربية"، يشير المستشار الأكاديمي في جامعة سان خوسيه الحكومية في كاليفورنيا، أحمد بانافع، إلى أن تأثير خطوة غوغل الأخيرة على سباق الذكاء الاصطناعي ، مُبرزاً عدداً من محاور التأثير الرئيسية على النحو التالي: تسريع وتيرة الابتكار: بدمج غوغل للذكاء الاصطناعي التخاطبي في محرك بحثها، تزداد المنافسة مع لاعبين مثل OpenAI التي طورت ChatGPT ، ومايكروسوفت التي دمجت ChatGPT في Bing. هذه المنافسة تدفع الجميع إلى تسريع وتيرة البحث والتطوير لتقديم نماذج ذكاء اصطناعي أكثر قوة ودقة وقدرة على فهم اللغة البشرية وإنشاء محتوى ذي صلة. تركيز على التطبيقات العملية: بدلًا من مجرد تطوير نماذج نظرية، تضغط هذه الخطوة على الشركات لتركيز جهودها على دمج الذكاء الاصطناعي في منتجاتها الأساسية، مما يعني تسريع ظهور تطبيقات عملية ومفيدة للمستخدمين. تغيير تعريف "البحث".. من الروابط إلى الإجابات المباشرة: يتجه البحث من مجرد تقديم قائمة بالروابط إلى تقديم إجابات مباشرة ومُلخصة، مدعومة بمصادر متعددة. هذا يغير طريقة تفاعل المستخدمين مع المعلومات، ويجعل البحث أكثر تفاعلية و"محادثية". التركيز على فهم السياق والقصد: ستتطلب محركات البحث المدعومة بالذكاء الاصطناعي فهمًا أعمق لسياق استفسارات المستخدمين وقصدهم، وليس فقط الكلمات المفتاحية. هذا سيدفع حدود تطور معالجة اللغة الطبيعية . أما لجهة تأثير تلك الخطوة على نماذج الأعمال، يتحدث بانافع عن الإعلانات بشكل خاص، ذلك أنه "قد يؤثر تقديم إجابات مباشرة من الذكاء الاصطناعي على نموذج الإعلانات التقليدي لمحركات البحث، حيث قد لا يضطر المستخدمون إلى النقر على الروابط بنفس القدر، وهذا يدفع غوغل وغيرها للبحث عن طرق جديدة لدمج الإعلانات بشكل طبيعي وغير مزعج ضمن تجربة البحث القائمة على الذكاء الاصطناعي". أما لجهة نمو سوق الذكاء الاصطناعي للمحادثات، فمن المتوقع أن تنمو سوق الذكاء الاصطناعي للمحادثات بشكل كبير، حيث تتبنى الشركات هذه التقنيات لخدمة العملاء، والتسويق، وتحليل البيانات. وكان المسؤولون التنفيذيون متحفظين بشأن كيفية تخطيطهم لدمج الإعلانات في عروض البحث الجديدة القائمة على الذكاء الاصطناعي والمتصفحات والتطبيقات. حققت غوغل 50 مليار دولار من إيرادات إعلانات البحث في الربع الأول ، أي أكثر من نصف إجمالي إيرادات ألفابت البالغة 90 مليار دولار. نهج شامل ويشير تقرير لصحيفة الغارديان البريطانية إلى مثال آخر على نهج غوغل الشامل في مجال الذكاء الاصطناعي، إذ كشفت الشركة عن خططها لإعادة دخول سوق النظارات الذكية بنظارة جديدة تعمل بنظام أندرويد XR. تأتي المعاينة الأولية للجهاز القادم، الذي يتضمن كاميرا تعمل بدون استخدام اليدين ومساعدًا صوتيًا للذكاء الاصطناعي، بعد 13 عامًا من إطلاق نظارة غوغل جلاس ، وهي منتج ألغت الشركة طرحه بعد ردود فعل غاضبة من الجمهور بسبب مخاوف تتعلق بالخصوصية. لم تُعلن غوغل عن موعد طرح نظارات أندرويد XR أو سعرها، لكنها كشفت أنها ستُصمم بالتعاون مع شركتي جنتل مونستر وواربي باركر. وستُنافس هذه النظارات منتجًا مشابهًا متوفرًا بالفعل في السوق من شركتي ميتا بلاتفورمز، الشركة الأم لفيسبوك، وراي بان. وبحسب التقرير، يعتمد التوسع على التحول الذي بدأته غوغل قبل عام مع تقديم ملخصات المحادثة التي تسمى "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي" والتي تظهر بشكل متزايد في الجزء العلوي من صفحة نتائجها وتتفوق على تصنيفاتها التقليدية لروابط الويب. وفقاً لغوغل، يتفاعل الآن حوالي 1.5 مليار شخص بشكل منتظم مع "نظرة عامة على الذكاء الاصطناعي"، ويقوم معظم المستخدمين الآن بإدخال استعلامات أطول وأكثر تعقيدًا. من جانبه، يقول استشاري العلوم الإدارية وتكنولوجيا المعلومات في G&K، عاصم جلال، لموقع "اقتصاد سكاي نيوز عربية": "خطوة غوغل الأخيرة تُعد تطورًا مهمًا للغاية في ظل التحولات الكبيرة التي نشهدها في طريقة استخدام الناس لمحركات البحث". الكثير من المستخدمين بدأوا بالفعل يعتمدون على روبوتات الذكاء الاصطناعي مثل ChatGPT وBard وGrok التابعة لشركات مثل OpenAI وGoogle وxAI، كبدائل للحصول على المعلومات. هذا التوجه يمثل تهديدًا واضحًا لغوغل، لأن نموذجها الأساسي للإيرادات يعتمد بشكل كبير على الإعلانات المرتبطة بعمليات البحث، خاصة وأن متصفح كروم ونظام أندرويد يُقدمان مجانًا، ما يجعل الإعلانات هي المصدر الرئيسي للتمويل. إذا استمرت هذه الظاهرة وبدأ المستخدمون في استبدال البحث التقليدي بالمحادثات مع روبوتات الذكاء الاصطناعي، سيكون لذلك أثر كبير على غوغل. وهنا برز التساؤل: كيف ستتعامل غوغل مع هذا التغيير؟ وهل ستستمر في الاعتماد على الإعلانات؟ وإذا نعم، فكيف سيكون شكل الإعلان في سيناريو يُجري فيه المستخدم محادثة مع ذكاء اصطناعي بدلًا من تصفح نتائج بحث تقليدية؟ ويضيف: في المقابل، نماذج الأعمال الخاصة بالشركات الأخرى مثل OpenAI تعتمد على الاشتراكات، وحتى إن لم تكن هذه الاشتراكات تُغطي التكاليف بشكل كامل حتى الآن، إلا أنها تستند إلى استراتيجية معروفة وهي جذب المستثمرين من خلال إظهار القدرة المستقبلية على تحقيق أرباح ضخمة بفضل الحصة السوقية الكبيرة التي يتم اكتسابها الآن. هذا الأسلوب اتبعته شركات كبرى من قبل مثل فيسبوك، حيث ركزت في البداية على التوسع وانتشار الخدمة، ثم بدأت بتحقيق الأرباح. أما غوغل، فهي تمتلك بالفعل الحصة السوقية والدخل، وبالتالي لا يمكنها التضحية بمصدر دخلها الرئيسي بسهولة، وهي الآن تواجه تحديًا حقيقيًا في كيفية التكيف مع هذا التحول في سلوك المستخدمين دون أن تخسر مكانتها المالية."

OpenAI تستحوذ على شركة Jony Ive بـ 6.4 مليار دولار، وتخطف مُصمّم آبل
OpenAI تستحوذ على شركة Jony Ive بـ 6.4 مليار دولار، وتخطف مُصمّم آبل

عرب هاردوير

timeمنذ 3 أيام

  • عرب هاردوير

OpenAI تستحوذ على شركة Jony Ive بـ 6.4 مليار دولار، وتخطف مُصمّم آبل

أعلنت شركة OpenAI اليوم الأربعاء عن استحواذها على شركة io -الشركة الناشئة المُتخصصّة في أجهزة الذكاء الاصطناعي والمملوكة للمُصمّم الشهير جوني آيف "Jony Ive"- مُقابل 6.4 مليار دولار أمريكي، في صفقة تشمل حصة OpenAI الحالية في الشركة. اقرأ أيضًا: تفاصيل الصفقة والاندماج وفقًا لبيانٍ صادر عن OpenAI ، سيتولّى آيف "مسؤوليات إبداعية وتصميمية عميقة" داخل كلٍ من OpenAI وio، بينما ستبقى شركته الإبداعية LoveFrom مُستقلة. وأوضحت الشركة أنّ io ستنضم إلى OpenAI، والذي سيُمكّن فريقها من العمل بشكل وثيق مع فرق البحث والهندسة في سان فرانسيسكو. وفي منشور مُشترك على مدونة الشركة، ذكر سام ألتمان (الرئيس التنفيذي لـ OpenAI) وجوني آيف أنّ شركة io تأسّست قبل عام بمُشاركة عدد من خريجي آبل، منهم سكوت كانون وتانغ تان وإيفانز هانكي، الذين شغلوا مناصب قيادية في آبل بعد مُغادرة آيف. القيمة والاستثمارات السابقة ستدفع OpenAI مبلغ 5 مليارات دولار مُقابل الصفقة، نظرًا لامتلاكها بالفعل 23⁒ من أسهم io. يُعد هذا الاستحواذ الأكبر في تاريخ OpenAI، حيث يأتي بعد أسابيع فقط من شرائها أداة البرمجة المدعومة بالذكاء الاصطناعي Windsurf مُقابل 3 مليارات دولار. وقبل ذلك، استحوذت الشركة على Rockset المُتخصصّة في قواعد البيانات التحليلية عام 2024، دون الكشف عن قيمة الصفقة. مسيرة جوني آيف واستقلالية LoveFrom غادر جوني آيف شركة آبل في 2019 بعد مسيرة طويلة كرئيس لقسم التصميم، حيث أشرف على تطوير مُنتجات أيقونية مثل iPhone وiPad وMacBook Air، بالإضافة إلى تصميم المقر الرئيسي Apple Park. أسّس آيف بعد مُغادرته شركة LoveFrom، التي تعمل مع عملاء مثل Airbnb وFerrari وChristie's، وتصل أرباحها السنوية إلى 200 مليون دولار. وعلى الرغم من عدم ذكر io على موقع LoveFrom، إلا أنّ الشركة تؤكد استقلاليتها عن الصفقة. تعزيز طموحات OpenAI في مجال الهاردوير تأتي هذه الخطوة في إطار سعي OpenAI -التي تقدّر قيمتها بـ 300 مليار دولار- لتعزيز مكانتها في سباق الذكاء الاصطناعي التوليدي أمام مُنافسين مثل جوجل وAnthropic وxAI التابعة لإيلون ماسك. لتعزيز وجودها في مجال الهاردوير، عينّت OpenAI في نوفمبر الماضي كايتلين "سي كي" كالينوفسكي -الرئيس السابق لمشروع نظارات الواقع المُعزّز Orion في ميتا- لقيادة جهودها في مجال الروبوتات والأجهزة الاستهلاكية. كما استثمرت OpenAI مؤخرًا في Physical Intelligence -وهي شركة ناشئة في مجال الروبوتات جمعت 400 مليون دولار- بهدف تطوير ذكاء اصطناعي مُتعدّد الأغراض للعالم المادي. تُمثّل صفقة io خطوة استراتيجية لـ OpenAI لتعزيز قدراتها في التصميم والهاردوير، بينمّا تواصل توسعها في سوق الذكاء الاصطناعي التنافسية. بقيادة Jony Ive، قد تشهد الشركة قفزة في ابتكار المُنتجات التي تجمع بين الذكاء الاصطناعي والتجربة الاستهلاكية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store