
الغوغائيون والاستخدام السياسوي للورقة الفلسطينية
لحسن الجيت
إنهم يحتلون شوارع الرباط عبثا، ويرفعون شعارات هي أكبر منهم وأكبر من يترجموها إلى مواقف حقيقية وفعلية يفترض أن نلمسها على أرض الواقع. هم أبعد من ذلك بآلاف من السنوات الضوئية. هؤلاء المناضلون ليسوا إلا ظواهر صوتية يقولون ما لا يفعلون. شخصيا كم كنت أتمنى أن أرى فيهم ما يلوحون به من تهديد على الورق من قبيل "خيبر يا يهود جند محمد سيعود" . ما هذه الزعقات، ولماذا لا يسارعون إلى ترجمة ذلك الشعار؟ أفليس فيهم من هو رجل مؤهل لكي يكون واحدا من جند محمد؟ إننا ننتظر منهم من سيكون القدوة لكي نكمم أفواهنا ونكسر أقلامنا حتى لا نتجرأ مرة أخرى على كشف ريائهم وزيفهم ونضالهم المغشوش.
ولأنهم غير قادرين على ذلك، وغير قادرين على تحرير فلسطين لا لشيء سوى أنهم أسرى لفكر بائد وعقيم. فمنهم من يستخدم الدين ويقحمه في السياسة لأنه لا قدرة له على الإبداع والابتكار وليست له أدوات الاشتغال لمعالجة متطلبات العصر من تحديات وإشكالات. فهم جزء من عهد انتهى بعد قرون خلت، يحملون فكرا متخلفا لا يناسب العصر. ولأنهم على هذا الحال غير قادرين على أن يغيروا ما بأنفسهم لجأوا إلى كيفية التعويض عن ذلك الفشل والتستر عنه فوجدوا ضالتهم في استخدام القضية الفلسطينية وفي المسجد الأقصى كورقة سياسية لمساومة الدولة وتحقيق مآربهم التي لا علاقة لها بانشغالات الفلسطينيين. وبات في نظرهم أن هذه القضية أفضل دابة يمكن ركوبها لأنها سهلة لاستقطاب ودغدغة مشاعر المغاربة البسطاء.
القضية الفلسطينية أصبحت اليوم عندهم أولوية حزبية تتصدر قائمة الأولويات المدرجة في برامجهم الانتخابية. وسيزداد سعارهم في استخدامها كلما اقتربوا من موعد الاستحقاق الانتخابي. وهذا هو حال حزب العدالة والتنمية الذي انشغل بهذه القضية بشكل تجاوز حدود مناصرة أهلها وأذرف الدموع واستكان لتأليه قادتها على غرار ما كان يفعله الفراعنة مع آلهتهم إلى درجة الانبطاح. أمين عام حزب العدالة والتنمية السيد عبدالإله بنكيران هو الذي وقف إلى جانب رئيس الحكومة السابق سعدالدين العثماني بعد أن سارع إلى إسكات بعض الأصوات التي عارضت 'نذاك التوقيع على استئناف العلاقات المغربية الإسرائيلية. فما الذي حمل السيد عبدالإله بنكيران أن يغير اليوم من موقفه ذلك سوى لاعتبارات انتخابية يتمنى من خلالها أن يعود إلى السلطة من جديد. وكيف قد يسمح لنفسه أن يحلم بالعودة إلى السلطة التي تتحكم فيها خيارات استراتيجية ينتقدها اليوم السيد بنكيران. هل هو واثق من نفسه أنه قادر على تغيير تلك الخيارات. الظاهر أنه يعلم جيدا أن تلك الخيارات صعبة عليه ولا يهمه في واقع الأمر أن يسعى إلى تغييرها، ما يهمه بالأساس هو العودة إلى السلطة أما القضية الفلسطينية وأهلها فليذهبوا إلى الجحيم. وحينها فلا دموع تذرف بعد عودة السيد عبدالإله بنكيران إن تحقق له ذلك.
الرهان على القضية الفلسطينية في الانتخابات المقبلة هو رهان فاشل فمن يعول عليه فهو يطارد خيط دخان. انتظارات المغرب المتطور على مدى الولاية التشريعية المقبلة هي انتظارات تحكمها محطات كبيرة واستحقاقات من العيار الثقيل وزنها وحجمها أكبر من أن يتولاها حزب تقليدي يحمل فكرا رجعيا ومتخلفا. المرحلة القادمة لن تستوعبهم فلا هم لها ولا هي لهم. من ينتقد خيارات الدولة لا يصلح أن يكون رجل المرحلة ومن يهاجم رئيس دولة كالولايات المتحدة الأمريكية فكيف يمكن أن يجالسه إن هو أصبح رئيسا للحكومة. لقد أحرق بنكيران أوراقه أكثر مما هي محروقة من الأصل. فعودته ستكون أكثر إيلاما للبلاد وستكون بمثابة مرض "الجدري" فالكل سيبتعد عنك وكل ما قد يناه المغرب سينهار في رمشة عين. سينسحب الأشقاء وسيجد المغرب نفسه في عزلة كما يتمناها اليوم الغوغائيون الداعون إلى إيقاف التطبيع من إسلاميين وقومجيين ويساريين.
هؤلاء الذين يرفعون شعار وقف التطبيع لا يرفعونه إلا في وجه المغرب وكأن المغرب هو البلد الوحيد الذي له علاقات مع إسرائيل. فلماذا لا يدعون تركيا أردوغان إلى وقف علاقاتها الدبلوماسية مع إسرائيل وهي علاقات على مستوى السفارات. فكيف يطالبون المغرب بذلك ويستثنون حزب العدالة والتنمية الذي يحكم أنقرة من تلك الدعوة. فهل التطبيع مجاز شرعا مع تركيا ومحرم على المغرب. هذا هو الاستخدام السياسوي للدين.
وإلى أولئك الذين ينصبون أنفسهم بالمناهضين للتطبيع، نقول لهم إن كان همهم هو وقف التطبيع، فالسؤال الذي نطرحه عليهم وماذا بعد؟ هل سيتم تحرير فلسطين. يبدو أن الجماعة على مختلف مشاربها لا تريد أن تطرح هذا السؤال وتتجنب حتى الخوض فيه لأنها فاقدة لأدوات الاشتغال وليس لها البديل عن ما بعد وقف التطبيع. الجماعة غير قادرة على التحرر من الكوفيه وبالتالي غير قادرة على حمل "الكلاشنيكوف". هذه هي الحقيقة التي يجب أن يعرفها جميع المغاربة كما يتعين عليهم أن يدركوا أن أهل القضية هم من أعداء وحدتنا الترابية ويريدون لهذه المملكة الشريفة والمصانة كل مكروه. يحاولون عبثا الإساءة بمقدسات هذا البلد. فيما الغوغائيون يشمتون في ذلك ولا يحرجون للتنديد بتلك الممارسات وكأن الأمر لا يعنيهم أو كأنه يخص بلدا آخر ليس المغرب. ولعل ذلك يحمل مشاعر من الكيدية والعداء يلتقي فيها الخائن مع المتآمر. ففي خطاب المسيرة الخضراء قال جلالة الملك محمد السادس عام 2014 " إن أي شخص إما أن يكون وطنيا وإما أن يكون خائنا فليس هناك مرتبة وسطى بين الوطنية والخيانة". فأين هو موقعكم أيها الغوغائيون؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبارنا
منذ 3 ساعات
- أخبارنا
"بحار" تبرّئ ذمة مجلس "الزمزامي" من أزمة "الأزبال" التي تسببت في احتجاجات عارمة بتمارة
كما أشرنا إلى ذلك في موضوع سابق، تعيش مدينة تمارة منذ أسابيع على وقع أزمة بيئية غير مسبوقة، بفعل التراكم المهول للأزبال في الشوارع والأحياء، وانبعاث الروائح الكريهة، في مشهد أثار موجة من الغضب الشعبي والاستياء العارم في صفوف الساكنة. هذه الوضعية دفعت فعاليات جمعوية ومتابعين للشأن المحلي إلى دق ناقوس الخطر، معتبرين أن ما يجري تجاوز كل الخطوط الحمراء في ما يتعلق بالصحة العامة وكرامة العيش. وقد سبق لموقع "أخبارنا" أن تطرق لهذا الموضوع في مقال نشر أمس الخميس، سلط فيه الضوء على تفاقم الوضع البيئي، ونقل غضب المواطنين إلى جانب الإشارة إلى تدوينة قوية للمستشار الجماعي السابق "سعيد بولخير" عن حزب العدالة والتنمية، الذي اعتبر ما يجري "عجزًا فاضحًا عن تدبير قطاع حيوي"، متهمًا المجلس الجماعي بالتقاعس و"الانشغال بجمع النصاب لدوراته المؤدى عنها بدل معالجة الكارثة التي تعيشها المدينة". وفي تفاعل مباشر مع ما ورد في المقال السابق، توصل موقع "أخبارنا" باتصال هاتفي من "مريم بحار"، نائبة رئيس جماعة تمارة المكلفة بتتبع تدبير قطاع النظافة، قدّمت من خلاله توضيحات مهمة، مؤكدة أن المجلس الجماعي الحالي لا يتحمل مسؤولية اختيار شركة "أوزون"، التي فُوّض لها تدبير القطاع. كما أوضحت أيضا أن العقد وُقّع في عهد المجلس السابق في يوليوز 2021، الذي كان يرأسه "موح الرجدالي" عن حزب العدالة والتنمية، والذي كان يضم المستشار "بولخير" ضمن أعضائه، معتبرة أن "الحديث عن فشل المجلس الحالي في هذا الشأن فيه كثير من المغالطة". وقالت بحار: "نحن ورثنا هذه الشركة، لا علاقة لنا باختيارها، لم نحدد دفتر التحملات ولا الشروط ولا كناش العقد، نحن اليوم نحاول فقط تدبير الوضع بالحد الأدنى من الأضرار الممكنة، وفق ما يسمح به القانون". وبحسب "بحار"، فإن السنوات الثلاث الأولى من التعاقد مرت بشكل طبيعي، وكانت خدمات النظافة تؤدى بانتظام، بشهادة مختلف المتدخلين. غير أن الأمور بدأت تأخذ منحى سلبيًا منذ مطلع السنة الجارية، وتفاقمت بشكل لافت خلال الأسابيع الأخير، وهو ما أكدته مصادر مطلعة، ربطت الأزمة بدخول مالك الشركة، رجل الأعمال "عزيز البدراوي"، السجن على خلفية قضايا أخرى، مما تسبب في ارتباك واضح في تدبير الشركة لمختلف المرافق المفوضة لها بجماعة عديدة، وليس فقط في تمارة. وأشارت المسؤولة الجماعية إلى أن الشاحنات التي تستخدمها الشركة في تمارة أصبحت تعاني من أعطاب ميكانيكية مزمنة، بعد أن توقفت الشركة المتعاقدة سابقًا لصيانة هذه الآليات عن تقديم خدماتها، بسبب تراكم الديون في ذمة "أوزون". وهو نفس الإشكال الذي تعاني منه مجموعة من الجماعات أخرى المتعاقدة مع "أوزون" وفق ما أكدته مصادر مطلعة، أكدت أن بعضا منها باتت تواجه شللا أكبر، بلغ حد عجز الشركة حتى عن توفير المحروقات لشاحناتها. ومع ذلك، أكدت "بحار" أن المجلس الجماعي لم يقف مكتوف الأيدي، بل يواصل القيام بدوره من خلال المراقبة اليومية والتتبع المستمر للقطاع. وأبرزت أنه يتم تسجيل كل الإختلالات وفق ما ينص عليه دفتر التحملات، ويتم استصدار غرامات مالية يومية ضد الشركة المفوض لها، مشيرة على سبيل الذكر إلى أن الغرامات المفروضة خلال الشهر الماضي فقط بلغت نحو 30 مليون سنتيم. وقالت بحار: "نحن لا نتساهل مع أي تقصير. منذ بداية الأزمة ونحن نوجه إنذارات متكررة، ونفرض الغرامات، ونجتمع يوميًا مع ممثلي الشركة ومكتب الدراسات والسلطات الإقليمية بحثًا عن حلول عاجلة. الوضع مقلق، نعم، لكنه ليس نتيجة صمت أو تقصير منا". وعن احتمال فسخ العقد مع الشركة، أوضحت "بحار" أن الأمر ليس بهذه السهولة القانونية، لأن الفسخ من جانب واحد قد يفتح الباب أمام نزاعات قضائية مع الشركة، ما قد يربك بشكل أكبر تدبير المرفق العمومي. لكنها شددت في المقابل على أن الجماعة تدرس كل السيناريوهات الممكنة، ضمنها البحث عن حلول بديلة في حال فشلت الشركة في استعادة قدرتها التشغيلية. وختمت "مريم بحار" تصريحها بنبرة حاسمة قائلة: "أولويتنا هي المواطن، وحقه في العيش في بيئة نظيفة وسليمة. وإذا لم تعد الشركة قادرة على أداء التزاماتها، سنتصرف بما يلزم لحماية مصلحة الساكنة، وبتنسيق تام مع السلطات".


اليوم 24
منذ 18 ساعات
- اليوم 24
ابن كيران يتهم حكومة أخنوش بإفشال ملتمس الرقابة ويحذرها من تداعيات ذلك
تعليقا على مصير ملتمس الرقابة الذي فشل في إسقاط حكومة أخنوش، حذر عبد الإله ابن كيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، حكومة أخنوش من مغبة تداعيات إفشال ملتمس الرقابة، نافيا أن يتم وصف ما جرى بـ »الفشل »، مؤكدا أن ما قام به من مساعي سياسية لإنجاح تقديم الملتمس هو واجب قام به قدر الاستطاعة. واتهم ابن كيران على هامش ندوة صحفية نظمها حزبه مساء اليوم الخميس، الحكومة، بالقيام بـ « الألاعيب » لإفشال ملتمس الرقابة ولجنة تقصي الحقائق حول « فراقشية الأغنام »، فهي لا تعلم، يضيف زعيم « البيجيدي »، أنها لا تساهم في تقدم البلاد حسب وجهة نظرها، وإنما هي وفق تحليل ابن كيران، تقوم بتكسير الأقدام التي تقوم عليها، وتأتي النتائج بعد ذلك بادية في ترتيب المغرب في التعليم والحريات والتنمية البشرية وفي مختلف المجالات… ساعتها، يضيف المسؤول الحزبي قائلا: « إيوا تجبد الخرايف البايتة… وشوف ديك الساعة واش المغاربة غادين يصدقوها!!؟. ساعتها، يشدد ابن كيران، فإن الواقع سيخرج للحكومة بأسنان بادية وبمخالب، وستجد صعوبة في صده مرة أخرى وما بالعهد من قدم، يضيف ابن كيران. وقال الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، بالأمس القريب كنا على أبواب فوضى عارمة مع 20 فبراير، من قبله أكثر من مرة… واستغرب ابن كيران لموقف مدبري الشأن العام بالمغرب لماذا يصرون على طريقتهم في التدبير، قائلا: « لا أعلم لماذا هؤلاء الناس الذين يدبرون باقي مهداهمش الله سبحانه، أنه من مصلحتنا كشعب نتعاونو ونوصلو للقيادات المحترمة ونتخذو القرار المعقول ونطبقو الديمقراطية، كل هذا نجد عكسه للأسف… ها بلوكاج… ها ملتمس الرقابة نطيحوه، ها انتخابات 2021… إلخ … إلخ… يتحسر ابن كيران. ابن كيران وهو يسرد تفاصيل ما جرى حول التراجع عن تقديم ملتمس الرقابة في ندوة صحفية بثها حزب العدالة والتنمية على منصات التواصل الاجتماعي التابعة له، عاب أولا على الرأي العام المغربي عدم اهتمامه بالسياسة في بعض الحالات، في الوقت الذي يجب أن يهتم بها دائما، وأن يعبر عن رأيه وأن يشارك في الانتخابات، ويختار حسب الضمير والأخلاق والمبادىء والقيم والكفاءة، لأن السياسة هي التي تحدد كل شيء في حياتهم بعد قدر الله… والسياسيون يتخذون القرارات تحت سقف الممكن. لا يمكنهم أن يفعلوا ما يشاؤون بطبيعة الحال، هناك إكراهات على مستوى الدولة والخارج. لكن الهامش الموجود في السياسة هو مهم جدا… من بعد كل هذا يأتي المواطنون يشتكون، اسمحوا لي… لا تهتمون بالسياسة، والبعض منكم يبيع صوته… وكشف ابن كيران، أنه كانت قناعة داخل صفوف المعارضة، تقول بأنه من شبه المستحيل أن يؤدي ملتمس الرقابة إلى إسقاط الحكومة، كما هو هدفه المعلن سياسيا، ومع ذلك مثل هذه الأمور لا يكون فيها اليقين … ما تعرف!!. يضيف ابن كيران. وأوضح زعيم « البيجيدي »، أن أحزاب المعارضة تقدمت خطوات، لكن اعترف ابن كيران بوقوع خلافات، وقال: « كان اتفاق بين الفرق الثلاثة والمجموعة النيابية للعدالة والتنمية على الاجتماع يوم الأحد الماضي، لكن مسؤول فريق الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية يفاجئنا الجمعة بإعلان الانسحاب من هذه المبادرة، ولم يعد أمام هذا القرار إمكانية تقديم ملتمس الرقابة أمام البرلمان ».


أخبارنا
منذ يوم واحد
- أخبارنا
بالصور.. تمارة تحت حصار الأزبال والروائح الكريهة والساكنة تنتفض في وجه المسؤولين وتطالب بحلول عاجلة
تعيش مدينة تمارة خلال الأسابيع الأخيرة وضعًا بيئيًا كارثيًا غير مسبوق، وسط صدمة واحتقان في صفوف الساكنة بسبب الانتشار المهول للنفايات في الشوارع والأزقة، وتفشي الروائح الكريهة، وغياب شبه تام لخدمات الكنس وجمع الأزبال، ما حول المدينة إلى فضاء خانق وغير صحي. هذا الوضع دفع فعاليات جمعوية وسكانًا ومتابعين للشأن المحلي إلى دق ناقوس الخطر، في ظل صمت مريب من المجلس الجماعي الذي أظهر عاجزًا عن الوفاء بأبسط التزاماته تجاه المواطنين. الوضع البيئي المتأزم الذي تعرفه تمارة جاء نتيجة خلل عميق في تدبير قطاع النظافة، الذي تم تفويته لشركة "أوزون"، المملوكة لرجل الأعمال عزيز البدراوي، القابع حاليًا في السجن على خلفية قضايا أخرى. الشركة تواجه اليوم مشاكل متراكمة باتت تهدد استمرارية خدماتها، إذ تؤكد المعطيات أن معظم شاحنات جمع النفايات أصبحت في وضعية ميكانيكية متدهورة، ولم تعد صالحة للاستعمال اليومي، بعدما توقفت الشركة المتعاقدة معها سابقًا لصيانة هذه الآليات عن تقديم خدماتها، بسبب تراكم الديون في ذمة "أوزون"، ما أدى إلى شلل جزئي في عمليات النظافة وخلق اختلالات خطيرة في سير المرفق العمومي المفوض. وفي خضم هذه الأزمة، تساءل العديد من المتابعين عن صمت المجلس الجماعي، وعدم تفعيله لبنود دفتر التحملات، التي تنص صراحة على فرض غرامات ثقيلة عند الإخلال بشروط النظافة، كما هو الحال عندما تُترك أحياء بكاملها دون تنظيف، أو تتراكم النفايات في النقط السوداء دون رفعها. التقديرات تشير إلى أن الغرامات الشهرية التي تستحقها الجماعة على الشركة قد تجاوزت ثلاثين مليون سنتيم، ما يجعل استمرار الوضع على ما هو عليه بمثابة تبديد محتمل للمال العام، وخرق لمبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة. ووسط هذا الصمت، برزت أصوات غاضبة من داخل المدينة، كان أبرزها المستشار الجماعي السابق "سعيد بولخير" عن حزب العدالة والتنمية، الذي وصف ما يحدث بأنه عجز فاضح عن تدبير قطاع حيوي رغم تفويضه بميزانية ضخمة تناهز 7 مليار سنتيم. وقال "بولخير" في تدوينة لاقت تفاعلًا واسعًا: "منذ أسابيع، تتراكم الأوساخ، تنتشر الروائح الكريهة، والمجلس الجماعي في سبات منشغل بجمع النصاب لدوراته المؤدى عنها.. لا بلاغ، لا تواصل، ولا حتى اعتذار بسيط." وأضاف: "لم نعد قادرين على الصمت، لا نريد التعود على القبح والروائح. فلنحوّل صمت المسؤولين إلى صوت احتجاجي". هذا الوضع البيئي المختنق، الذي حول حياة ساكنة تمارة إلى جحيم يومي، يستوجب بحسب فعاليات محلية، تدخلاً عاجلًا من طرف عامل الإقليم "مصطفى النوحي"، لاتخاذ ما يلزم من إجراءات مستعجلة، وفي مقدمتها تفعيل مسطرة فسخ العقد مع الشركة المفوض لها، وفتح مشاورات جديدة لإعادة تدبير القطاع بما يليق بكرامة المواطنين وحقهم في بيئة سليمة، مشددة (فعاليات محلية) على أن الاستمرار في هذا العبث لم يعد مقبولًا، وأي تأخر إضافي قد يفاقم من حجم الأضرار الصحية والنفسية والاجتماعية التي تخنق المدينة كل يوم.