logo
من ذاكرة أيام الزمن الجميل

من ذاكرة أيام الزمن الجميل

معا الاخبارية١٤-٠٥-٢٠٢٥

كتب قبل أسبوع مقالة تتحدث عن أيام حكومة البعث الشوفيني، التي لم يسلم منها إلا من كان ضمن المنظومة الأمنية والحزبية، والمقربين سواء كان من العائلة الحاكمة، أو من صلاح الدين ومقترباتها، ويأتي بالدرجة الثانية المحافظات الغربية، وهؤلاء لديهم مناصب تؤهلهم لاحتقار أي شخص من الجنوب، أو من الطائفة الشيعية حصراً، وهذا ولد إختلاف عقائدي خصوصاً، عندما تبني عزة الدوري ملف السلفية بعد إنتهاء حرب الخليج .
بمحض الصدفة التقيت بأحد من أفلت من مثرامة الرضوانية، أيام تسعينات القرن الماضي، وجرى الحديث حتى وصلنا لنقطة، أخذ السارد برهة من السرحان في أفكارهِ وقال : اسمع كنت ضمن من تم جمعهم بمحافظة الديوانية، وتم إعتقالنا من الشارع أيام الإنتفاضة الشعبانية، وجمعونا بمكان ومن ثم إقتيادنا الى بغداد، بمكان لم أشاهدهُ في حياتي، ويخلوا من الشواهد التي تدل على المكان .
وبعد كيل من الإهانات والسباب وكيل الإتهامات جزافاً، ولم نكن سوى مواطنين عاديين، صحيح اننا لم نكن للنظام أي إنتماء، لكن كنّا نعيش على قد الحال، وحالنا حال الأكثرية مغلوب على أمرنا، والذي لم يسلم اي عراقي من السوق للخدمة العسكرية، أو الجيش الشعبي أيام ثمانينات القرن المنصرم، وبعد إنتهاء سيل السباب والشتائم أدخلونا لبوابة من فوق! وليس بوابة ارضية عادية، بحيث أذا دخلت يستحيل عليك الخروج، إلا بحالة خاصة وأنا كنت منها .
كانت الجموع تأتي كل يوم، ويتم انزالها وكان هنالك جدار يدفعك الى فوهة، تدخل بها لتخرج من الجهة المقابلة مقطع الى قطع يصعب جمعها، وتلك التي يطلق عليها "المثرامة" وأنا كنت حين يتم تشغيلها، أذهب ناحية الجدار اتقي الوصول للفوهة، التي إذا دخلت فيها فتتحول الى عصارة يتم تصريفها بالنهر وينتهي الأمر، بقيت على هذه الحالة الى أن أنهكني الجوع والعطش، وفي برهة سمعت صوتا ينادي، من منكم يعرف بميكانيك السيارات، وان الذي أجهل كيف تعمل السيارة ونوع الوقود إضافة للقيادة .
قلت بنفسي لأرفع يدي فأنا بكل الحالات (مثروم)، فقال لي هل تعرف التصليح وأجبته بنعم، انزلوا لي الدرج وصعدت وأنا غير مصدق بشم الهواء، وقال لي هل أنت جوعان وأومأت براسي، وما كان منه الا أمر بنصف دجاجة مشوية وخبز ومعها اللواحق، وبدأت آكل بنهم حتى شبعت، ومنها اقتادني لسيارته الخاصة وكانت من نوع "كورونا" أوتوماتيك .
وجاء لي ببعض العدة التي تساعد بفتح البراغي وغيرها، ولا أعرف كيف أستعطت بتنزيل مبدل السرعات( الكَير) للأرض، وقمت بتنظيفه خاردياً وإرجاعه لمكانه كما كان، وقد عصرت مخي لأحفظ كل شيء بمكانه، وكانت إرادة ربي معي، ودعاء أمي التي لم تنم منذ أن تم اختطافي من الشارع .
هنا قام ذلك الشخص والذي يبان من سطوته أنه برتبة كبيرة، وقال لي إن الباري إختارك لتكون من الأحياء ولكن بشرط، وهذا بعد أن فحص سيارته فكانت كما أراد، وكان شرطه أنه أتى باستمارة وقعت عليها دون قراءتها، وكانت تحوي فقرات كلها تؤدي للإعدام، وكنت أحلم بالخروج من ذلك المكان، فأمر أحد مرافقيه أن يقلني الى "كراج العلاوي" ومبلغ خمس وعشرون ديناراً، حتى انزلي بالكراج مع التحذير بعدم التكلم بما رأيت وسمعت .
أنا اعرف ان هذا السرد الحقيقي، الذي عاناه كثير من العراقيين بشتى الاشكال والانواع قد لا يعجب البعض، وبالخصوص عوائل البعث التي تضررت، وسيقولون أن الكلام ليس من الواقع وكله كذب، حاله حال المطبلين وقنوات البزاز والخنجر وغيرهم، ممن يتغنون بأيام الطاغية الذين يعتبرون أيامهُ أيام العز والحياة المرفهة، وتحت الأرض جثث تم إخفائها وتغييبها دون علم أهاليهم، ومن سَلَمَ منهم قضت عليه فصائل القاعدة وداعش وباقي التنظيمات، التي لا زال بعضها موجود متحيّنة الفرصة للإنقضاض .

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

مركز حقوقي: الاحتلال يدير عملية تجويع غزة بمساعدة عصابات منظمة
مركز حقوقي: الاحتلال يدير عملية تجويع غزة بمساعدة عصابات منظمة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 6 ساعات

  • فلسطين أون لاين

مركز حقوقي: الاحتلال يدير عملية تجويع غزة بمساعدة عصابات منظمة

أدان المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، بأشد العبارات هجوم قوات الاحتلال الإسرائيلي، على عناصر أمن ومدنيين كانوا يؤمنون مرور شاحنات مساعدات إنسانية عبر طريق صلاح الدين، بين منطقتي الرمزون ومدرسة المزرعة جنوب مدينة دير البلح وسط قطاع غزة، ما أسفر عن استشهاد وإصابة عدد منهم في وقت غضت فيه الطرف عن اللصوص المسلحين. وأوضح المركز في بيان صحفي اليوم السبت، أن الجريمة مساء الخميس 22 مايو/ أيار الجاري، عندما أقدمت مجموعة من اللصوص المسلحين، يُقدّر عددهم بنحو 15 شخصًا، على نصب كمين لشاحنات تقل مساعدات عند المدخل الجنوبي لدير البلح، في المحافظة الوسطى، مستخدمين عربات النفايات لإغلاق الطريق، قبل أن يطلقوا نيرانهم بغزارة في محاولة لسرقة الشاحنات المحملة بالمساعدات. وأضاف: "عندما حاول عناصر الأمن ولجان الحماية التدخل، تفاجأ الجميع بطائرات مروحية إسرائيلية ومُسيّرات تطلق صواريخها نحو عناصر الأمن ولجان الحماية بشكل مباشر، ما أدى إلى مقتل أو إصابتهم على الفور". ولفت إلى أن قوات الاحتلال لم تكتف بذلك، بل أطلقت طائرات الكواد كابتر النار على كل من اقترب من الجرحى لمحاولة إسعافهم، في جريمة مركّبة تستهدف إتمام القتل ومنع عمليات الإنقاذ، مبينا أن طائرات الاحتلال أطلقت بعد ربع ساعة صواريخ أخرى على الموقع ذاته، مستهدفة مواطنين آخرين تجمهروا قرب المكان في محاولة لإخلاء المصابين. ووثق المركز الحقوقي انتشال جثامين 5 شهداء ونقل 6 مصابين إلى مستشفى شهداء الأقصى بدير البلح، مؤكدة أن هذه الجريمة البشعة تكشف بما لا يدع مجالاً للشك أن قوات الاحتلال الإسرائيلي لا تكتفي بالتجويع والحصار، بل تلاحق من يحاول تأمين المساعدات الإنسانية وتصرّ على حماية المجرمين واللصوص. وقال إن تكرار مثل هذه الواقعة عشرات المرات سابقًا، "يدلل على أن إعلان سلطات الاحتلال إدخال مساعدات محدودة، لا يؤشر بأي حال من الأحوال إلى نية الاحتلال تقديم استجابة حقيقية لمواجهة الكارثة الإنسانية غير المسبوقة في غزة، وإنما يمثل محاولة خداع مفضوحة لأنسنة صورته أمام المجتمع الدولي والرأي العام العالمي". وأضاف الفلسطيني لحقوق الإنسان أن الاحتلال يسعى من خلال تسهيل سرقة المساعدات وغض النظر عن اللصوص المسلحين، في وقت يستهدف فيه لجان الحماية التي تحاول تأمينها ، إلى تهيئة الظروف لبدء تنفيذ الآلية الجديدة لتوزيع المساعدات، حيث سيتم توزيع المساعدات عبر شركات خاصة في مناطق محددة وعلى رأسها رفح، "وهو ما يعتبر محاولة مدروسة من الاحتلال لإدارة عملية التجويع، واستخدام المساعدات الإنسانية كأداة للضغط على الفلسطينيين ودفعهم نحو تلك المناطق، تمهيدًا لخطة طرد الفلسطينيين واقتلاعهم من أراضيهم". وشدد المركز الفلسطيني على أن تكرار استهداف فرق الحماية والإنقاذ، بما في ذلك سيارات الإسعاف والمدنيين الذين يهرعون لإنقاذ المصابين، يمثل سياسة ممنهجة تقوم على إدامة القتل، ومنع وصول المساعدات، وخلق بيئة من الفوضى والانهيار الأمني في المناطق المنكوبة جراء جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة للشهرين على التوالي. وحذر من أن هذه التطورات تدلل أن الاحتلال لا يزال يصر على توظيف المعاناة الإنسانية للفلسطينيين خدمةً لأهدافه العسكرية والسياسية، وفي مقدمتها التغطية على جريمة الإبادة الجماعية التي ينفذها بحق أكثر من مليوني فلسطيني في القطاع، تحت وطأة الحصار والتجويع والقتل والتهجير القسري، وما يرافق ذلك من دمار واسع للبنى التحتية ومقومات الحياة الأساسية. وجدد المركز الحقوقي مطالبته للمجتمع الدولي، بضرورة التحرك بشكل فوري وعاجل لوقف جريمة الإبادة الجماعية الوحشية الجارية ضد الفلسطينيين، وضمان احترام القانون الإنساني الدولي، واتخاذ إجراءات صارمة من أجل فرض دخول المساعدات الإنسانية بالكامل دون شروط إلى جميع أنحاء قطاع غزة، ورفع الحصار غير القانوني عن غزة فورًا وبشكل دائم، وتوفير الحماية الكاملة للطواقم الإنسانية والإغاثية، وتمكين المنظمات الدولية وفي مقدمتها الأمم المتحدة من الإشراف على عملية توزيع المساعدات وضمان حيادها. المصدر / فلسطين أون لاين

للضرورة أحكام
للضرورة أحكام

جريدة الايام

time١٦-٠٥-٢٠٢٥

  • جريدة الايام

للضرورة أحكام

لم أجد من قالها وارتبطت به، كحال الأمثال والحكم، لكن وجدت ما يتعلق بها، مثل «الضرورات تبيح المحظورات»، والعبارتان تعلقتا بالأحكام. ولعل التأمل فيهما يقودنا إلى قاعدة التسهيل والتيسير. تفحصت عبارة «القاعدة والاستثناء»، فوجدت حال الاستثناء صار قاعدة، عدت لتاريخنا القومي والوطني، فتعمق لدي المثل «زي الفريك ما لي شريك». طيب وبعدين! في حالة الأزمة، وفي ظل اختلاف وجهات النظر، فإن المعيار المهم هنا هو الشأن العام، ولعل ذلك يدفعنا دوماً، كما يدفع الآخرين إلى الاستفادة القصوى من كل دور لأي شخصية، حتى ولو اختلفنا، كذلك فإن المحبة وعدمها ليس شرطاً للفعل؛ كون التعاون هنا ضرورة وطنية. فإذا أجبرتنا الحياة في حياتنا الشخصية أن نفعل ما نحبه، أو نتعامل مع من لا نحبهم، أليس بالأجدى في حياتنا العامة فعل ذلك؟ نحن اليوم بحاجة لنكون معاً في الفعل التعاوني، في ظل اقتناع العالم أكثر بأسباب الصراع هنا، حيث عاد الكثيرون إلى أصل الصراع، وهكذا تتزايد تصريحات الساسة بضرورة إنهاء الاحتلال الذي صار يتغوّل حتى على دول الغرب القوية، ليتّهم ساستها بالانحياز، بل إن الاحتلال يريد إجبار العالم على شرعنة القتل. للضرورة أحكام فعلاً، من حيث الوفاق والاتفاق، والتوافق، وكلها تنطلق من جذر لغوي ومضمون واحد، فهل هناك ممن هم بيننا ومنا من يقفون ضد ذلك؟ وهل نحن كشعب وقادة بحاجة للتأكيد على أن تحقيق الخلاص الوطني العام هو من سيضمن خلاصنا الفردي؟ فما الذي نضيفه إذاً؟ في ظل ما صار العالم يجد أن دولة الاحتلال عبء، وفي ظل ما نشهده من اختلافات بينها وبين الولايات المتحدة، حتى ولو على مستوى السطح الخارجي، وفي ظل وصول دول العالم والمؤسسات الدولية والأممية إلى عدم القدرة على احتمال إرهاب الدولة الرسمي المنظم، صار بالإمكان عمل اختراق ما هنا، داخل حركة «فتح» أولاً ومنظمة التحرير ثانياً، وداخل القوى جميعها ثالثاً، ورابعاً التنسيق الحقيقي مع الدول العربية، بتقريب تحقيق مصالح الشعب الفلسطيني تحت الاحتلال بدءاً بوقف الحرب، وقيام الدولة المستقلة، من خلال ربط ذلك مع أي حراك سياسي. لدينا ما نحققه مجتمعين، فكما أن تفرقنا نقاط ضعف، فإن توافقنا نقطة قوة، يمكن أن تتحقق من خلال الانسجام مع قناعات الدول المؤثرة، والتي سبق أن اختبرت الأداء الفلسطيني، ولعل الفرصة اليوم مواتية فعلاً، حيث إن نتائج المجلس المركزي ستكون فاعلة حين يتم التوافق السياسي على الإدارة والحكم، والتي تعني الاستفادة من الخبرات الوطنية، والتي في ظل دعمها سياسياً فإننا سنكون الفاعل الرئيس في اليوم التالي وما بعده. تمر منطقتنا، لا فلسطين فقط، في تحولات ارتبطت بتحولات عالمية اقتصادية وسياسية، كذلك كشفت الحرب على غزة حال العالم، الذي استمر في الحروب بأشكالها، ويبدو أن من قال إن الحرب تبدأ من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين كان على صواب. إننا نمر فيما يشبه «علمنة» الصراعات، في ظل الفشل الذريع للأدلجة، والذي لم يطعم العالم غير الزقوم ولم يسقِ العالم إلا الوهم. وهنا، في ظل الوعي الوطني على الكيانية الفلسطينية والحقوق العادية الطبيعية لشعبنا، واستعادة فلسطين التعددية التي نفخر بها، فإن ذلك سيؤثر الآن ومستقبلاً على حالة التطرف داخل دولة الاحتلال، لأن التطرف أصلاً يصب الكاز على النار، ولن يفيد في الحقيقة إلا المنتفعين منه، لأن طرحه لا يحقق الخلاص العام بل يبعدنا جميعاً عنه. عربياً، لن يكون من السهولة العودة إلى الوراء، لأن المطلوب الآن تحقيق ضمان نظم حكم عصرية تحقق العدالة، بحيث تقطع الطريق على قوى الأدلجة التي تقوى في ظل مشاكل الحكم. إن تغييب المنطلقات الأيديولوجية سيقود إلى تقريب الحلول. والظن أن الشعوب هنا عانت من التطرف والاستبداد معاً، لأنه في ظل ذلك توجه الفرقاء نحو الحلول غير الواقعية. وهكذا فإن المنظمة السياسية الفلسطينية اليوم بحاجة إلى الاحتكام إلى العقل، باتجاه منح الشعب الفلسطيني حق الاختيار بعيداً عن الانفعال ورد الفعل. وهو ما ينسجم أيضاً مع الدول العربية جميعها خصوصاً «دول الطوق»؛ فها هو «حزب الله» يتحدث عن الدولة المدنية، وها هي سورية تعبر مرحلة حساسة باتجاه الدولة المدنية، ما يعني الانسجام مع رؤية الحل السلمي للصراع العربي - الإسرائيلي، بالبناء على القرارات الدولية ذات الصلة. لقد استنتجت الشعوب جميعها أن الأدلجة السياسية عقدت الأمور، فقد زايدت على القوى السياسية، وأدخلتنا جميعاً الإخوة والأعداء في مراحل دموية دفعنا جميعاً فيها أثماناً مقابل اللاشيء، بل كانت النتيجة العودة إلى الوراء. باختصار لربما نكون اليوم أقرب ما نكون إلى تحقيق تسوية مُرضية، فلن يطول الاحتلال ولا غطرسته، كما لن يطول الجهل والتطرف والمزايدات. عوداً على بدء، فلسطينياً، أصبح الوفاق هو الطريق، حيث سنجد شعبنا ستجد والقيادة السياسة في سعي للاستفادة من كل الخبرات، وتوظيف إمكانيات الأفراد الفاعلين سياسياً واقتصادياً، كذلك في الإدارة والحكم، ما يقودنا إلى أن نكون بيت قصيد الركب في هذه المنطقة والعالم. إن تحقيق مصالح شعبنا هي الأساس، وهي البوصلة، فكل من يدخل هذا الطريق، فهو في الطريق الصحيح؛ فكل الأمور هنا والقيم والأخلاق تدعونا إلى ذلك، وأظن أن الحكمة ستنتصر لصالح شعبنا بعيداً عن التنازع والعناد.

من ذاكرة أيام الزمن الجميل
من ذاكرة أيام الزمن الجميل

معا الاخبارية

time١٤-٠٥-٢٠٢٥

  • معا الاخبارية

من ذاكرة أيام الزمن الجميل

كتب قبل أسبوع مقالة تتحدث عن أيام حكومة البعث الشوفيني، التي لم يسلم منها إلا من كان ضمن المنظومة الأمنية والحزبية، والمقربين سواء كان من العائلة الحاكمة، أو من صلاح الدين ومقترباتها، ويأتي بالدرجة الثانية المحافظات الغربية، وهؤلاء لديهم مناصب تؤهلهم لاحتقار أي شخص من الجنوب، أو من الطائفة الشيعية حصراً، وهذا ولد إختلاف عقائدي خصوصاً، عندما تبني عزة الدوري ملف السلفية بعد إنتهاء حرب الخليج . بمحض الصدفة التقيت بأحد من أفلت من مثرامة الرضوانية، أيام تسعينات القرن الماضي، وجرى الحديث حتى وصلنا لنقطة، أخذ السارد برهة من السرحان في أفكارهِ وقال : اسمع كنت ضمن من تم جمعهم بمحافظة الديوانية، وتم إعتقالنا من الشارع أيام الإنتفاضة الشعبانية، وجمعونا بمكان ومن ثم إقتيادنا الى بغداد، بمكان لم أشاهدهُ في حياتي، ويخلوا من الشواهد التي تدل على المكان . وبعد كيل من الإهانات والسباب وكيل الإتهامات جزافاً، ولم نكن سوى مواطنين عاديين، صحيح اننا لم نكن للنظام أي إنتماء، لكن كنّا نعيش على قد الحال، وحالنا حال الأكثرية مغلوب على أمرنا، والذي لم يسلم اي عراقي من السوق للخدمة العسكرية، أو الجيش الشعبي أيام ثمانينات القرن المنصرم، وبعد إنتهاء سيل السباب والشتائم أدخلونا لبوابة من فوق! وليس بوابة ارضية عادية، بحيث أذا دخلت يستحيل عليك الخروج، إلا بحالة خاصة وأنا كنت منها . كانت الجموع تأتي كل يوم، ويتم انزالها وكان هنالك جدار يدفعك الى فوهة، تدخل بها لتخرج من الجهة المقابلة مقطع الى قطع يصعب جمعها، وتلك التي يطلق عليها "المثرامة" وأنا كنت حين يتم تشغيلها، أذهب ناحية الجدار اتقي الوصول للفوهة، التي إذا دخلت فيها فتتحول الى عصارة يتم تصريفها بالنهر وينتهي الأمر، بقيت على هذه الحالة الى أن أنهكني الجوع والعطش، وفي برهة سمعت صوتا ينادي، من منكم يعرف بميكانيك السيارات، وان الذي أجهل كيف تعمل السيارة ونوع الوقود إضافة للقيادة . قلت بنفسي لأرفع يدي فأنا بكل الحالات (مثروم)، فقال لي هل تعرف التصليح وأجبته بنعم، انزلوا لي الدرج وصعدت وأنا غير مصدق بشم الهواء، وقال لي هل أنت جوعان وأومأت براسي، وما كان منه الا أمر بنصف دجاجة مشوية وخبز ومعها اللواحق، وبدأت آكل بنهم حتى شبعت، ومنها اقتادني لسيارته الخاصة وكانت من نوع "كورونا" أوتوماتيك . وجاء لي ببعض العدة التي تساعد بفتح البراغي وغيرها، ولا أعرف كيف أستعطت بتنزيل مبدل السرعات( الكَير) للأرض، وقمت بتنظيفه خاردياً وإرجاعه لمكانه كما كان، وقد عصرت مخي لأحفظ كل شيء بمكانه، وكانت إرادة ربي معي، ودعاء أمي التي لم تنم منذ أن تم اختطافي من الشارع . هنا قام ذلك الشخص والذي يبان من سطوته أنه برتبة كبيرة، وقال لي إن الباري إختارك لتكون من الأحياء ولكن بشرط، وهذا بعد أن فحص سيارته فكانت كما أراد، وكان شرطه أنه أتى باستمارة وقعت عليها دون قراءتها، وكانت تحوي فقرات كلها تؤدي للإعدام، وكنت أحلم بالخروج من ذلك المكان، فأمر أحد مرافقيه أن يقلني الى "كراج العلاوي" ومبلغ خمس وعشرون ديناراً، حتى انزلي بالكراج مع التحذير بعدم التكلم بما رأيت وسمعت . أنا اعرف ان هذا السرد الحقيقي، الذي عاناه كثير من العراقيين بشتى الاشكال والانواع قد لا يعجب البعض، وبالخصوص عوائل البعث التي تضررت، وسيقولون أن الكلام ليس من الواقع وكله كذب، حاله حال المطبلين وقنوات البزاز والخنجر وغيرهم، ممن يتغنون بأيام الطاغية الذين يعتبرون أيامهُ أيام العز والحياة المرفهة، وتحت الأرض جثث تم إخفائها وتغييبها دون علم أهاليهم، ومن سَلَمَ منهم قضت عليه فصائل القاعدة وداعش وباقي التنظيمات، التي لا زال بعضها موجود متحيّنة الفرصة للإنقضاض .

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store