
مجلة 'المصلحة الوطنية' الأمريكية: يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن تمكين إسرائيل من تدمير غزة
نشرت مجلة "ناشونال إنترست' (المصلحة الوطنية) الأمريكية تحليلا بعنوان "يجب على الولايات المتحدة أن تتوقف عن تمكين إسرائيل من تدمير غزة' للباحثين كريستوفر مكاليون، وروز ماري أ. كيلانيك، حذرا فيه من أن الدعم الأمريكي لإسرائيل في غزّة يزيد من خطر الإرهاب ويورّط الولايات المتحدة في صراعات بالشرق الأوسط، مما يجعل استمرار الرئيس ترامب في دعمها أمراً غير مبرر أخلاقيًا.
وأكد الكاتبان على أنه "مع تدمير غزّة ومقتل عشرات الآلاف من الفلسطينيين الأبرياء، وامتداد المجاعة في هذه البقعة الصغيرة التي يزيد عدد سكانها عن مليوني نسمة، أصبحت الاتهامات بأن إسرائيل ترتكب إبادة جماعية في غزّة قضيةً شائعة، بما في ذلك من قبل منظمات حقوق الإنسان الإسرائيلية وعلماء الهولوكوست البارزين في إسرائيل. ومع ذلك، تواصل الحكومة الإسرائيلية خططها لطرد سكان غزّة قسرًا تحت ذريعة "الهجرة الطوعية'.
وشدد التحليل على أنه من المؤسف أن الرئيس دونالد ترامب يواصل دعم الأعمال الإسرائيلية دبلوماسيًا وماليًا، ففي سنة 2024 فقط، منحت واشنطن "إسرائيل' 8.7 مليار دولار إضافية كمساعدات عسكرية، إلى جانب نحو 4 مليارات دولار تقدمها الولايات المتحدة سنويًا.
ترامب يواصل دعم الأعمال الإسرائيلية دبلوماسيًا وماليًا، ففي 2024 فقط، منحت واشنطن "إسرائيل' 8.7 مليار دولار إضافية كمساعدات عسكرية، إلى جانب نحو 4 مليارات دولار تقدمها الولايات المتحدة سنويًا.
كما سرّعت إدارة ترامب تلك التسليمات في آذار/ مارس 2025. وفي الأسبوع الماضي، رفض مجلس الشيوخ مشروع قانون لوقف شحنات الأسلحة إلى "إسرائيل'، مع معارضة جماعية من زملاء ترامب الجمهوريين.
وشدد الكاتبان على أن التغاضي عن جرائم الحرب الإسرائيلية في غزّة أمر غير مبرر أخلاقياً ويضر بالمصالح الوطنية الأمريكية. ففي بعض الحالات، قد تتعارض الاعتبارات الأخلاقية مع الضرورات الاستراتيجية، وتضطر الدول للتغاضي عن مخاوفها الأخلاقية حفاظاً على الأمن القومي، لكن في هذه الحالة، تشير كل المؤشرات إلى اتجاه واحد: الإبادة الجماعية في غزّة تشكل فضيحة أخلاقية وتضر أيضاً بالمصالح الأمريكية، مما يجعل دعم الولايات المتحدة لذلك غير منطقي ويجب على ترامب التوقف فورًا عن هذا الدعم.
وأضافا أن "الوضع في غزّة لا يمكن إنكاره بالنظر إلى الخسائر الضخمة في الأرواح المدنية، حيث أكدت وزارة الصحة في غزة مقتل أكثر من 60 ألف شخص، مع احتمال أن يكون الرقم الحقيقي أعلى بكثير. ويكاد سكان غزّة الآن يقعون في مجاعة جماعية، مع ارتفاع وفيات الجوع، خصوصًا بين الأطفال، بشكل متزايد'.
ولفت التحليل إلى أن جزءاً من هذه الأرقام يُعزى إلى الاستخدام الإسرائيلي المتهور للجوع كسلاح ضد اتفاقيات جنيف. ومعظم الغذاء المحدود الذي سمحت إسرائيل بدخوله منذ إنهاء الحصار الغذائي الذي استمر شهرين في مايو/ أيار 2025، تم توزيعه بواسطة مقاولين أمريكيين مسلحين، وتحت مراقبة جنود الجيش الإسرائيلي. وقد تحولت هذه المواقع إلى "مصائد موت'، حيث تقدر الأمم المتحدة أن أكثر من ألف شخص لقوا حتفهم أثناء انتظار حصصهم الغذائية. والأسوأ من ذلك، أن المواقع وُضعت عمداً في مناطق حرب نشطة، ومصممة لجذب الفلسطينيين بعيداً عن شمال غزّة نحو الحدود المصرية، لتعمل كـ "غطاء' للتهجير القسري.
وأكد الكاتبان على أن التهجير الجماعي للفلسطينيين يُعد الهدف وفقاً للخطط الإسرائيلية المعلنة. ففي أيار/ مايو، وافق مجلس الوزراء الإسرائيلي على أهداف حرب قصوى تشمل صراحة السيطرة على غزّة وطرد سكانها الفلسطينيين البالغ عددهم مليونا نسمة، وإعادة توطين المنطقة بشكل دائم.
ومنذ ذلك الحين، تداولت مقترحات مقلقة بشأن التهجير القسري لسكان غزّة بين المسؤولين الإسرائيليين والأمريكيين، تتضمن بدائل مثل حصر السكان في "مدينة إنسانية' صغيرة في رفح، أو نقلهم إلى عدة "مناطق عبور إنسانية' في جنوب غزّة أو خارج القطاع، أو حتى إرسالهم إلى دول ثالثة مثل إثيوبيا وإندونيسيا وليبيا.
وشدد الكاتبان على أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تدّعي جهلها بما يجري في غزّة، لأن "إسرائيل أعلنت نواياها لعدة أشهر، على عكس فظائع أخرى حدثت بسرعة ودون تحذير. وقد منح ترامب نفسه غطاءً سياسياً للتطهير العرقي من خلال اقتراح أن تتولى الولايات المتحدة "السيطرة' على غزّة وإنشاء "منطقة حرية. ومع أن مثل هذه التصريحات قد تبدو خيالية، إلا أنها تحمل عواقب حقيقية. فقد دفعت رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو إلى طرد سكان غزّة تحت ستار "خطة ترامب'.
وأكد الباحثان على أن المساعدات الأمريكية التي تستخدم في هجوم "إسرائيل' على غزّة لا تثير البُعد الأخلاقي فحسب، بل تشكل خطرين كبيرين على الأمن القومي الأمريكي. أول هذه المخاطر هو تجدد الإرهاب، حيث زاد دمار غزّة من تهديد الإرهاب للأمريكيين داخل الولايات المتحدة وخارجها، مع تأثيرات محتملة تمتد لـ "أجيال'، وذلك وفقاً لآفريل هاينز، المديرة السابقة لأجهزة الاستخبارات الوطنية.
وذكرا أنه من المتوقع أن يزداد التهديد مع تدهور الوضع. ومن شأن "السيطرة الكاملة' للولايات المتحدة على غزّة، كما اقترح ترامب، أن "تسرّع تجنيد الإرهابيين وتصعيد العنف العالمي المعادي لأمريكا'، وفقاً لأحد الخبراء.
حالة غزة تتقاطع فيها الاعتبارات الأخلاقية والاستراتيجية؛ فالولايات المتحدة لا تملك أي سبب استراتيجي لمساعدة إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب، والشعب الأمريكي يدرك ذلك
أما الخطر الثاني، والأكبر، بحسب الباحثين، يتمثل في أن الهجوم الإسرائيلي على غزّة قد يورط الولايات المتحدة أكثر في حروب غير ضرورية في الشرق الأوسط. وفي الواقع، لقد تورطت واشنطن بالفعل في ثلاثة صراعات نيابة عن إسرائيل مع تصاعد العنف في غزّة، إذ دفعت حملة إسرائيل الحوثيين إلى استهداف شحنات البحر الأحمر انتقاماً، ما دفع الولايات المتحدة إلى خوض حرب جوية مكلفة بلغت 7 مليارات دولار، عرّضت حياة العسكريين الأمريكيين للخطر وأسفرت عن إصابات متعددة.
كما أدت الأحداث في غزّة إلى مواجهة خطيرة ومتبادلة مع إيران في أكتوبر/ تشرين الأول 2024، عندما دافعت القوات الأمريكية عن إسرائيل من ضربات جوية إيرانية، والتي جاءت رداً على قتل قادة حزب الله وحماس على يد إسرائيل أثناء محاولتها وقف هجمات صاروخية لحزب الله، التي بدأت مباشرة بعد غزو إسرائيل لغزّة.
ولفت الباحثان إلى أن إسرائيل نجحت في جرّ الولايات المتحدة إلى هجوم وقائي ضد إيران، ما أعاق المحادثات مع طهران حول برنامجها النووي. وعلى الرغم من أن هذا الصراع لا يرتبط مباشرة بغزّة، إلا أن الحرب تسلط الضوء على مخاطر العلاقات الوثيقة مع إسرائيل العدوانية تجاه جيرانها.
وخلصا للقول إن حالة غزة تتقاطع فيها الاعتبارات الأخلاقية والاستراتيجية؛ فالولايات المتحدة لا تملك أي سبب استراتيجي لمساعدة إسرائيل في ارتكاب جرائم حرب، والشعب الأمريكي يدرك ذلك، مما يفسر تراجع الدعم لإجراءات "إسرائيل' في القطاع.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عمان نت
منذ 4 ساعات
- عمان نت
غضب على المنصات بعد إعلان الاحتلال خطط تهجير سكان غزة (استمع)
إستمع الآن في اليوم الـ681 من حرب الإبادة على غزة، تتوغل قوات الاحتلال في مناطق بجنوب وشرق مدينة غزة قبيل المصادقة على خطط احتلال المدينة، وأعلن الجيش الاسرائيلي أنه سيبدأ اليوم الأحد إجراءات لإخراج السكان من المناطق المستهدفة، مما أثار غضب رواد مواقع التواصل الاجتماعي… حيث علق عبداللطيف : حقيقة الوضع الميداني دون شعارات ولا مناشدات ولاهتافات ولاعبارات رنانة يشير إلى أن العدو بدأ فعليا تنفيذ خطة السيطرة على مدينة غزة كما أعلن وذلك بتحييد جزء تلو جزء منها وقد بدأ منذ صباح الأمس بحي الزيتون متبعا أسلوب الأرض المحروقة وتهجير السكان قسريا نحو الجنوب باستخدام القصف الجوي بكثافة نارية هائلة، هو لن يدخل بريا في الأيام الأولى وإنما يمهد لذلك، لا أحد يستطيع حاليا التكهن بما أعدته المقاومة لمواجهته والساعات القادمة كفيلة بكشف ذلك و قال إسلام أيوب : غزة صمدت سنتين لو مدينة غيرها كان سلمت بساعتين لا يكلف الله نفس إلا وسعها لا تحمولنا أكتر من طاقتنا، نحن اقسم بالله مثلكم بشر نشعر بالتعب والعجز والقهر و إلى جانبه، أثار إعلان جيش الاحتلال الإسرائيلي عن شروعه في توفير خيام إيواء لسكان مدينة غزة، ابتداء من اليوم استعدادا لتهجيرهم ونقلهم من مناطق القتال إلى جنوب القطاع، استهجانا واسعا عبر منصات التواصل الاجتماعي … حيث كتب الإعلامي أحمد منصور على منصة "إكس" : تهجير سكان غزة يمثل ذروة جرائم التطهير العرقي الصهيونية التي تشارك فيها دول كثيرة منها دول عربية لم يقرأ زعماؤها التاريخ لمعرفة مصيرهم ومستقبلهم، فبلوغ الذروة في الظلم والطغيان والإجرام يعني بداية النهاية، والأيام دول، والكون له خالق لا يغفل عن الظالمين، وإن غدا لناظره قريب و نشر الصحفي أحمد عابدين على فيسبوك : خلال 6 أيام فقط نسف جيش الاحتلال أكثر من 400 منزل في حي الزيتون بمدينة غزة، شمال القطاع، ثم أعلن اليوم مفاجأة عن استئناف إدخال خيام ومعدات إيواء، هذه الخيام هي لتسهيل عملية التهجير القسري ونقل السكان جنوبًا، حيث المعتقل الذي تعمل اسرائيل على إنشاءه في رفح باسم مدينة الخيام، و منذ قليل أعلنت الأونروا (الأمم المتحدة) انها لن تشارك في أي مشروع يهدف إلى إجبار سكان غزة على النزوح و من جهة أُخرى، أغلق متظاهرون إسرائيليون الشوارع في أماكن عديدة في فلسطين المحتلة وتجمعوا أمام منازل وزراء، وذلك استجابة للإضراب الذي دعت إليه عائلات المحتجزين للضغط على الحكومة والمطالبة بصفقة تبادل، حيث تركزت المطالب على وقف الحرب ضد غزة، والانتقال إلى مفاوضات تفضي إلى اتفاق تبادل أسرى يعيد جميع الرهائن الإسرائيليين، باعتباره الطريق الوحيد لإنهاء معاناتهم وإنقاذ حياتهم … حيث علق صلاح الدين : اللهم زد وبارك في مثل هذه المظاهرات داخل تل ابيب اللهم اشغلهم بنفسهم و قال صبري : إن قصف اليمن اليوم بالتحديد و الإضراب و المتظاهرون في شوارع الكيان هو دعوة للحوثيين لقصف الكيان لكي يظهر إضراب المعارضة الصهيونية على أنه فاشل ، نتنياهو ذكي و يحارب الكل بطرق مختلفة حتى خصومه السياسيين كان هذا أبرز ما تداوله رواد مواقع التواصل الإجتماعي لهذا اليوم، في أمان الله …


سواليف احمد الزعبي
منذ 4 ساعات
- سواليف احمد الزعبي
أونروا': نظام المساعدات الإسرائيلي الأميركي في قطاع غزة يجلب الموت
#سواليف قالت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين ' #أونروا ' إن #نظام #المساعدات #الإسرائيلي #الأمريكي في قطاع #غزة ينزع الإنسانية ويجلب #الفوضى و #الموت. وأوضحت 'أونروا' في منشور عبر منصة 'إكس' اليوم الأحد، أن من أسباب #المجاعة في غزة محاولات الاستعاضة عن نظام المساعدات الأممي بمؤسسة غزة ذات الدوافع السياسية. وأضافت 'يجب أن نعود إلى نظام تنسيق وتوزيع موحد في غزة بقيادة الأمم المتحدة على أساس القانون الإنساني الدولي'. وبعيدًا عن إشراف الأمم المتحدة والمنظمات الإغاثية الدولية، بدأت دولة الاحتلال منذ 27 مايو/ أيار الماضي تنفيذ خطة توزيع مساعدات عبر ما يعرف بـ'مؤسسة غزة للإغاثة الإنسانية'، وهي جهة مدعومة إسرائيليًا وأمريكيًا، لكنها مرفوضة أمميًا. وحسب وزارة الصحة في غزة فإن عدد ضحايا المساعدات ممن وصلوا المستشفيات وصل إلى ( 1,924) شهيدًا وأكثر من (14,288) إصابة. وترتكب دولة الاحتلال منذ 7 تشرين الأول/أكتوبر 2023 وبدعم أميركي، إبادة جماعية في قطاع غزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 217 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين معظمهم أطفال، فضلا عن الدمار الشامل ومحو معظم مدن القطاع ومناطقه من على الخريطة.


أخبارنا
منذ 6 ساعات
- أخبارنا
رغم تحذيرات بأن 'غزة ليست برلين بل بغداد ومقديشو'.. التهديد باجتياح جديد حقيقي واستمرار لمحاولات تصفية القضية الفلسطينية
أخبارنا : الناصرة- : فيما تتجدد اليوم الأحد المظاهرات في إسرائيل ضد توجهات حكومتها، واحتجاجاً على تعنّتها في مواصلة الحرب وتعطيل الصفقة، يحذّر عددٌ من المراقبين فيها من تبعات اجتياح مدينة غزة واستمرار النزيف ومن نتائج قتل فكرة تسوية الدولتين. استجابةً لنداء منتدى "عائلات المختطفين'، بدأ عشرات آلاف الإسرائيليين، منذ صباح اليوم الأحد، إضراباً عن العمل، والمشاركة في مظاهرات متصاعدة منذ ليلة أمس، ومن المتوقع أن تستمر الاحتجاجات، مع تعطيل حركة القطارات والموانئ البرية والجوية وإغلاق عشرات الشوارع للضغط على حكومة الاحتلال من أجل وقف الحرب وتبادل الأسرى. دانئيلا لندن ديكل: هذه المبادرة تقبر نهائياً فكرة الدولة الفلسطينية، قال سموتريتش، لكن يحتمل أن تقبرنا نحن أيضاً وكل ذلك يأتي على خلفية تهديدات واستعدادات الاحتلال لبدء تنفيذ خطة عسكرية صادق عليها "الكابنيت' لاحتلال مدينة غزة بوصفها "آخر معاقل حماس'، كما زعم نتنياهو، الذي سبق أن عطّل الصفقة السابقة بانتهاك وقف النار في آذار الماضي، والمبادرة لعدوان جديد ضمن حملة "مراكب جدعون' الفاشلة. ويبقى السؤال: هل ينجح "يوم الغضب' الإسرائيلي (يوم الإضراب أو تعطيل الحياة الاعتيادية) في زحزحة حكومة الاحتلال عن غيّها ومخطّطاتها التوسعية العدوانية المدفوعة باعتبارات أيديولوجية لا حسابات سياسية داخلية فقط؟ هل تهز الاحتجاجات في طول وعرض البلاد اليوم الجدران الإسمنتية القائمة حول قلوب وزراء وأمراء هذه الحرب المتوحّشة؟ هذا يتعلّق بحقيقة موقف الإسرائيليين من حرب الإبادة، ومن جاهزيتهم للمشاركة في الاحتجاجات بشكل أوسع مما كان حتى الآن. حتى تُحدث الاحتجاجات المتزايدة اختراقاً في موقف حكومة الحرب وتؤثّر على حساباتها، ينبغي أن يكون "يوم الغضب' اليوم بداية لا نهاية التصعيد. فنتنياهو سيأخذها بالحسبان عندما يتضاعف عدد المتظاهرين من عشرات الآلاف إلى مئات الآلاف. ولذا، من غير المستبعد أن تكون التصريحات والتسريبات، في الأيام الأخيرة، عن احتمال عقد صفقة جزئية محاولة قديمة جديدة من قبل نتنياهو لتبريد الاحتجاجات وتخديرها، كما يشير أيضاً المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس' عاموس هارئيل ضمن مقال بعنوان "توقيت مريب'. دون درجة الغليان مثلما أن الاحتجاجات في الداخل متردّدة وفاترة أو حامية أكثر لكنها لم تبلغ درجة الغليان بعد، فإن حكومة الاحتلال تستفيد أيضاً من عدم تحوّل الاحتجاجات الشعبية الواسعة في العالم لمواقف رسمية وخطوات عملية من قبل حكومات العالم. حتى الآن، ما زالت انتقادات حكومات الغرب مخفّفة وملطّفة، وترافقها أحياناً اعترافات بدولة فلسطينية، أو وعود بذلك، غير أن هذه ـ رغم أهميتها للمعركة على الوعي ـ غير كافية للضغط على نتنياهو وفرملة مراكبه التدميرية. فالفلسطينيون، الذين يواجهون عمليات قتل وتهجير ومساعي تصفية قضيتهم الوطنية، يحتاجون لأفعال تضيّق الخناق على إسرائيل من أجل وقف نكبتهم الثانية، وليس اعترافاً بدولة لهم غير مطروحة لا اليوم ولا غداً أو بعد غد. كما يستفيد الاحتلال من انقلاب وكذب الإدارة الأمريكية، فحتى الآن يواصل ترامب منح نتنياهو ضوءاً أخضر لمواصلة العدوان. حتى إن مراقبين إسرائيليين باتوا يعربون عن خيبة أملهم من ترامب، كما يقول على سبيل المثال اليوم المحلّل السياسي في صحيفة "يديعوت أحرونوت' شيمعون شيفر، مشيراً إلى أن الآمال الإسرائيلية التي عُقدت على ترامب تبدّدت، معتبراً أن التغيير يكون بتغيير هذه الحكومة البليدة، داعياً الإسرائيليين للخروج من سكينتهم وتصعيد الاحتجاجات كونها مهمة لكل الإسرائيليين. وهذا ما تؤكّده صحيفة "هآرتس' في افتتاحيتها اليوم. قوة التدمير الذاتي بما يتعلّق بالمستقبل الأبعد، يتفّق شيمعون شيفر مع التقدير الصحيح بأن حكومة الاحتلال تسعى عملياً لمحاولة تصفية القضية الفلسطينية، منوهاً أن نتنياهو ـ لا سموتريتش ـ هو من يقف خلف خطة الاستيطان في منطقة الخان الأحمر شرقي القدس المحتلة، في محيط أم المستوطنات معاليه أدوميم، بغية تقطيع أوصال الضفة الغربية، والحيلولة دون قيام دولة فلسطينية في الأرض المحتلة عام 67. وفي الجوهر، يرى شيفر أن من خلاصات "7 أكتوبر' خلاصة مفادها أن استمرار تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني يعني استمرار النزيف والعيش على حد السيف. يستند شيفر بذلك، في مقاله اليوم، إلى كتاب جديد للأديب الإسرائيلي الراحل عاموس عوز يجمع كل تصريحاته ومحاضراته في السنوات الأخيرة، وفيها يحذّر من "قدرة التدمير الذاتي لدى اليهود'. وهذا ما تحذّر منه أيضاً الأديبة والمخرجة الإسرائيلية دانئيلا لندن ديكل في مقال بعنوان "هكذا يبنون دولة واحدة'، تنبّه فيه إلى خطورة الاستيطان بين القدس وأريحا. في مقالها المنشور في صحيفة "هآرتس' تقول ديكل إن كل واحد من الإسرائيليين، ممن لا يزال يحلم بإمكانية العيش هنا حياة لا تستند على الحروب والقتل والفقدان، يجب أن تهزّه خطة سموتريتش الاستيطانية المذكورة لقطع الاتصال الجغرافي الفلسطيني. وتعلّل ذلك بالقول: "هذه المبادرة تقبر نهائياً فكرة الدولة الفلسطينية'، قال سموتريتش، "لكن الحقيقة أن هناك احتمالاً أن تقبرنا الخطة نحن أيضاً'. غزة بغداد لا برلين ينضم لهذه الانتقادات المحاضر في الشؤون الفلسطينية بجامعة تل أبيب ميخائيل ميليشتاين، الذي يؤكد مجدداً أن إسرائيل تتقن إدارة شؤونها في عدة جبهات ومجالات بحكمة، عدا في موضوع غزة حيث تشهد خطوات "مسيانية' خطيرة. في مقال تنشره "يديعوت أحرونوت' اليوم، يرى ميليشتاين، جنرال في الاحتياط وقائد سابق لوحدة الدراسات في الاستخبارات العسكرية، أن القرار باحتلال غزة يعني أن إسرائيل توقفت عن تردّدها وباتت تسلك طريقاً واضحة: التنازل عن المخطوفين دون تبليغ الجمهور الإسرائيلي بذلك، وحياة الإسرائيليين ستتغيّر بشكل دراماتيكي إذ سنتورط في وحل غزة'. ويتساءل ميليشتاين: لماذا لا نتبنى "الموديل اللبناني' في غزة؟ مشيراً إلى ضرورة وقف الحرب، ومهاجمة كل تهديد موضعي، واستبدال "حماس'، لأن انتظار موافقة "حماس' على نزع سلاحها وهم. ويمضي في تحذيراته من اللهاث خلف "النصر المطلق' المفقود الذي سيكلف إسرائيل ثمناً إضافياً موجعاً: "من المرجح أن يستكمل الجيش احتلال غزة في الشهور القريبة، وعندئذ سيكتشف أنه ليس في برلين بل في بغداد أو في مقديشو… وأنه قد تورط بحرب استنزاف تضطرنا لصرف الأنظار عن مساعي إيران للتسلح من جديد، وهذا هو التهديد الوجودي الحقيقي علينا اليوم'. شيفر: الآمال الإسرائيلية التي عُقدت على ترامب تبدّدت، والتغيير يكون بتغيير هذه الحكومة البليدة حرب الإبادة واستعداد الفلسطينيين لها وهناك جهات إسرائيلية غير رسمية تواصل التحذير من تبعات "التسونامي' العالمي ضد إسرائيل، بحال استمرت الحرب ودخل الاحتلال مدينة غزة من جديد. فتخاطب حركة "يوجد حد'، في إعلان مدفوع الأجر اليوم، الجنود الإسرائيليين بالقول: "أيها الجنود لا تشاركوا في حرب الإبادة'، موضحة أن جنوداً وضباطاً إسرائيليين شاركوا في قتل 43 مدنياً من المواطنين العرب ضمن مذبحة كفر قاسم خلال حرب السويس عام 1956، مذكّرة بمحاكمتهم وبضرورة عدم احترام التعليمات غير القانونية أصلاً. في هذا السياق، يتحدث المعلّق اليساري في صحيفة "هآرتس' جدعون ليفي بلغة ساخرة، ويقول إنه ينبغي تقديم كلمة شكر لرئيس الاستخبارات العسكرية المستقيل الجنرال أهارون حليوه، الذي قال، في تسريبات مسجلة قبل يومين، إننا "قتلنا 50 فلسطينياً مقابل كل إسرائيلي قتيل، وإن الفلسطينيين بحاجة لنكبة كل فترة وفترة'، منوهاً أن هذه التسريبات تقدم دليلاً على وجود خطة مسبقة للإبادة، ما دفع العالم للخروج للشوارع والتظاهر ضد إسرائيل التي باتت دولة منبوذة. ويبقى السؤال: هل وكيف تؤثر هذه الاحتجاجات والتحذيرات الداخلية والخارجية على حكومة نتنياهوـ بن غفير؟ حالياً، يقدّم كاريكاتير صحيفة "يديعوت أحرونوت' اليوم جواباً على ذلك، حيث يظهر فيه نتنياهو مقابل دكان مغلق (مضرب) متسائلاً: "ماذا عدا مما بدا؟ فأنا منذ فترة طويلة لا أكترث، ولا أفعل شيئاً من أجل المختطفين'. وهذا يعني أن تهديدات الاحتلال باجتياح غزة حقيقة، وينوي قريباً الشروع بها، وليس للضغط على "حماس' ودفعها لصفقة، بل هو جزء من خطة حكومة الاحتلال لحسم الصراع مع كل الشعب الفلسطيني بالحديد والنار وقتل فكرة الدولة. فهل يرد هذا التهديد الخطير، الذي يتجاوز حدود غزة ومستقبلها، في حسابات الجانب الفلسطيني؟