
كيف ضخّم كتاب "مدينة القدس زمن الحروب الصليبية" الوجود اليهودي في المدينة؟
وعندما بارت حججهم المدعومة بالعنف وظفوا مؤرخيهم، كلّا في مجاله، من أجل دس الأكاذيب بقلب الحقائق التاريخية، لعلهم بذلك يحصلون على ما لم يحصلوا عليه بالبندقية والدبابة.
ويأتي كتاب "مدينة بيت المقدس زمن الحروب الصليبية" لعالم الآثار الإسرائيلي أدريان بوس كمثال كبير على ذلك، إذ يسرد لنا الكتاب الكثير من الحقائق التاريخية والشهود الأثرية التي ظهرت من خلال الحفريات والتنقيبات التي قامت بها فرق التنقيب، ولكنه في ذات الوقت يدس السم في العسل، ويحاول خلق دور لليهود مع بداية الاستيلاء الصليبي على القدس، ويضع دائما اليهود في الصورة، ويعطيهم دورا لم يكن لهم، ويستدعيهم من غيابات التاريخ الوهمي إلى قلب العصر الحديث.
الحقبة الصليبية
وجاء في مقدمة مترجم الكتاب أن الحروب الصليبية (1097 – 1291) كانت صداما عسكريا ومواجهة حضارية بين الشرق العربي تحت الحكم الإسلامي والغرب الأوروبي الكاثوليكي، تمخضت أحداثها عن قيام كيان صليبي تحت سماء بلاد الشام " سوريا ، لبنان ، فلسطين ، الأردن" وهو 3 إمارات صليبية هي: الرها وأنطاكية وطرابلس، كما تمخضت أحداثها عن قيام مملكة بيت المقدس وكانت عاصمتها بيت المقدس أولا، ثم انتقلت العاصمة إلى عكا بعد معركة حطين 1187م.
واستمر هذا الكيان ما يقرب من 200 عام، ما بين عامي 1098م الذي شهد تأسيس إمارتَي أنطاكية والرها، وعام 1291م الذي شهد طرد البقايا الصليبية ببلاد الشام على يد السلطان المملوكي الأشرف خليل بن قلاوون.
ويفنّد مترجم الكتاب الدكتور علي السيد علي الادّاعاءات التي ساقها مؤلف كتاب "مدينة بيت المقدس زمن الحروب الصليبية" المتمحورة حول دور اليهود المختلق في مدينة القدس فترة الحروب الصليبية.
أقسام الكتاب
ينقسم الكتاب إلى 3 أبواب، الأول عن مدينة العصور الوسطى، والثاني عن الآثار الباقية من مدينة بيت المقدس تحت الحكم الصليبي، والثالث بعنوان الفنون وتراث الحروب الصليبية في فنون العصور الوسطى في مدينة بيت المقدس، وبيت المقدس في فنون العصور الوسطى.
ورغم ما ورد في الكتاب من ادعاءات منافية للواقع والحقائق التاريخية؛ فإنه يحوي معلومات على جانب كبير من الأهمية، وسرد كامل عن الآثار الباقية في مدينة بيت المقدس من العصر الصليبي، من تحصينات أسوارها التي تبلغ 4 كيلومترات طولا، وإعادة بناء واستحداث عدد من البوابات والأبراج والقلاع، إذ تم بناء قصور ملكية وتقسيم أحياء المدينة، وخارج الأسوار تم بناء العديد من الكنائس والأديرة وتنظيم الشوارع والميادين والأسواق والمباني العامة، وتم تحديد مباني الصناعات والحرف والتجارة والمنشآت التجارية والمالية والأماكن الخاصة الخالية ومصادر المياه ومواردها العامة والصرف الصحي والمقابر داخل وخارج المدينة وآثار الفنون والتراث في عصر الحروب الصليبية.
مدينة العصور الوسطى في القرن الـ20
ولا تزال شواهد وآثار القدس شاهدة على عراقة وعروبة المدينة العتيقة وأسواقها ومساجدها وأديرتها وكنائسها وحاراتها ومحلاتها القديمة التي لا علاقة لليهود بها كما يسجل الكتاب: "لا تزال مدينة بيت المقدس القديمة (الحالية) مدينة من مدن العصور الوسطى، بالرغم من التحولات التي جرت بها في القرنين الـ12 والـ13 الميلاديين، حيث لم تعد الأسوار تُستخدم كحصون، ولم تعد هناك بوابات تغلق ليلا، وبرغم تآكل الرقعة الزراعية التي تستخدم لزراعة الفواكه والخضراوات أمام المد العمراني أواخر القرن الـ19 وأوائل القرن الـ20، وبالرغم من مدها بشبكات الغاز والكهرباء والمياه والصرف الصحي، وباستثناء الحي اليهودي الذي تمت إعادة بنائه وتوسعته عام 1967م، فإن المدينة تكاد تكون طبق الأصل لما كانت تبدو عليه منذ 900 سنة مضت، لدرجة أن الزائر لها في القرن الـ12 لا يكاد يجد مشقة في التجول فيها.
ويقول المترجم: عقب الغزو الصليبي لمدينة بيت المقدس لم يكن لليهود وجود في المدينة، وهذا ما سجله الرابي الإسباني أبراهام هيّا حوالي (1120- 1129) "لا يوجد يهودي واحد في بيت المقدس في أيامنا"، إلا أنه تم تسجيل يهودي واحد يعيش في بيت المقدس على الأقل في بدايات عام 1146م، وحوالي عام 1170م ذكر الرحالة اليهودي بنيامين التطيلي يهوديا واحدا يعمل بالصباغة ويسكن بالقرب من برج داود.
أما الرابي بتاحيا الرابوني، والذي زار المدينة ما بين عامي 1184 و1187م فإنه يذكر يهوديا واحدا يعمل بالصباغة ويدعى الرابي أبراهام، وكان مطلوبا منه أن يدفع ضرائب ثقيلة للملك نظير السماح له بالبقاء في المدينة، في حين كان هناك مسلمون يعيشون تحت الحكم الصليبي، واستدل على ذلك من سجلات جماعة فرسان الإسبتارية، وهي فرقة عسكرية صليبية ساهمت بشكل بارز في الحروب الصليبية.
عقب الغزو الصليبي لمدينة بيت المقدس لم يكن لليهود وجود في المدينة، وتم تسجيل يهودي واحد يعيش في بيت المقدس على الأقل في بدايات عام 1146 بعد الحروب الصليبية.
خلق دور لليهود
أظهر المؤلف اهتماما فائقا بالآثار، وأهمل كثيرا من الجوانب التاريخية وبخاصة الجانب الثقافي منها، وليس هذا فحسب، بل لم يكن موضوعياً في تناوله لبعض القضايا التاريخية.
إعلان
ففي الفصل الأول يذكر أن الصليبيين قاموا بإنشاء عدد من المستشفيات والأسواق والشوارع المغطاة والحمّامات العامة على أنها منشآت جديدة على المدينة، وفي الواقع كانت كل هذه المنشآت موجودة ومعروفة من قبل، واستفاد منها سكان المدينة في ظل الحكم الإسلامي قبل قدوم الصليبيين وبعدهم.
وفي الفصل الثاني ذكر أن المدينة كانت قليلة السكان تحت الحكم الفاطمي، وأن عدد سكانها اقترب من 20 ألفا، مستشهدا بالرحالة الفارسي ناصر خسرو، وهذا خطأ تاريخي أو كذب من المؤلف، فقد ذكر ناصر خسرو في رحلته ما نصه أن في مدينة بيت المقدس 20 ألف رجل غير النساء والأطفال، وبذلك يكون عدد سكانها على أقل تقدير ما يقارب 50 ألفا، إن لم يزد العدد عن ذلك.
وفي الفصل الثاني أيضا خالف المؤلف الواقع التاريخي ومنطق الأحداث في سرده لأحداث الاستيلاء على المدينة عام 1099م من قبل الصليبيين حين ذكر: "وأنه لمقاومة الغزوة الصليبية على بيت المقدس تم حشد السكان، ومعظمهم من المسلمين واليهود على امتداد أسوار المدينة". محاولا بذلك خلق موقف دفاعي لليهود، مناقضا بذلك الحقيقة، وهي أن أهل الذمة من مسيحيين ويهود كانوا ممنوعين من الالتحاق بالجندية، وأن الجيوش الإسلامية تولت مهمة الدفاع عن كل مدينة خضعت لهم.
ويحاول مرة أخرى خلق دور لليهود مع بداية استيلاء الصليبيين على القدس عند سرده لما بعد الغزو وقلة السكان الصليبيين لكثرة من عاد منهم إلى أوطانهم، ويقول: "إن قرار منع من نجا من الموت من مسلمين ويهود من العودة إلى بيت المقدس لم يكن مجديا"، لأنه معروف جيدا لكل دارس لتاريخ الحروب الصليبية أن الفرنجة كما أحدثوا في المسلمين مذبحة رهيبة راح ضحيتها حوالي 70 ألفا، فإنهم قضوا على الجماعة اليهودية في معبدهم لأنهم لم ينسوا لهم موقفهم العدائي للمسيح عليه السلام.
"ذكر المؤلف أن المسلمين كانوا قلة عند بداية الحكم الإسلامي للمدينة، عاشت في منطقة الحرم القدسي الشريف، وهذا دس وكذب على الحقائق التاريخية".
وفي الفصل العاشر يعمد المؤلف إلى المغالطة التاريخية في حديثه عن تقسيم المدينة إلى أحياء سكنية وفق الأصول الدينية والعرقية، فيذكر أن المسلمين كانوا قلة عند بداية الحكم الإسلامي للمدينة، عاشت في منطقة الحرم القدسي الشريف، وهذا دس وكذب على الحقائق التاريخية، فمن الطبيعي أن المسلمين يقطنون الحرم القدسي، كما عاش اليهود في المنطقة الجنوبية الغربية من جبل صهيون، والمعروف أن مسيحيي بيت المقدس بزعامة البطريرك صفرونيوس طلبوا من الخليفة عمر بن الخطاب ألا يسمح لليهود بالإقامة معهم في مدينتهم، وأن سماحة الإسلام سمحت لليهود بزيارة المدينة على أن يغادروها عندما يدخل الليل، احتراما لرغبة المسيحيين من أهلها، إذن كيف سمح لليهود بالعيش فيها؟ وما هذه أو تلك إلا محاولات لخلق دور تاريخي لهم في المدينة المقدسة، وهو دور مزعوم وباطل ومخالف للواقع التاريخي.
ويحاول المؤلف ليِّ الحقائق التاريخية كما سجل في الفصل الـ11 عندما عمد إلى شرح الدرس الذي استفادته إسرائيل من الحركة الصليبية لتأكيد كيانها عندما قال: "مثلما سبق أن فعل الصليبيون منذ عام 1140م، (عمدوا) إلى بناء العديد من المستوطنات ما بين عسقلان وبيت المقدس، ونشر عدد من القلاع على طول هذه المنطقة لمنع إغارات المسلمين والتي اتخذت من عسقلان مركزا لشن حرب استنزاف على العدو، وعمدت كذلك إلى اتهام المسلمين أصحاب الأرض الشرعيين بأنهم عصابات تشن الهجوم على المستوطنين الصليبيين".
سرقة الحرِف
ويعود المؤلف إلى قلب الحقائق التاريخية في الفصل الـ16 وهو يتحدث عن الحِرَف، فيذكر أن صباغة الملابس كادت أن تكون وقفا على اليهود، ويستشهد في ذلك بالرحالة بنيامين التطيلي الذي زار القدس حوالي عام 1172م، ويزعم أنه قال: "إن بيت المقدس بها ورشة لصباغة الملابس يدفع عنها اليهود إيجارا سنويا بسيطا لملك بيت المقدس الصليبي".
إعلان
وبالرجوع إلى نص رحلة بنيامين التطيلي فقد جاء فيها: "وفيها معمل للصباغة يستأجره اليهود من ملك القدس سنويا، ويبلغ عددهم في هذه المدينة نحو الـ200". ومع ما في النص من تحوير فإننا نرى أن هذا العدد مبالغ فيه، ذلك أن الرحالة فتاحية اليهودي الذي زار القدس بعد بنيامين بـ10 سنوات فقط لم يجد فيها إلا يهوديا واحدا يدعى إبراهيم الصباغ، كان يؤدي لملك القدس ضريبة فادحة.
الافتراء على صلاح الدين
ومن الأمور اللافتة للنظر أن استرداد صلاح الدين الأيوبي لمدينة بيت المقدس بعد موقعة حطين عام 1187م يعد أمرا صعبا على نفس المؤلف، فما من سيئة إلا ويحاول أن ينسبها إلى صلاح الدين، ففي الفصل الـ19 على سبيل المثال، وهو يتحدث عن الصرف الصحي للمدينة يقول: "وربما تم تدمير الصرف الصحي على يد صلاح الدين عندما أمر بهدم الكنيسة العليا".
ويشير المؤلف إلى أن المدى الذي وصلت إليه جهود الفرنجة في عمليات البناء والتشييد ليس له ما يوازيه في تاريخ المدينة منذ العصر البيزنطي، وذلك يعود للنجاح الكبير للحج من الحجاج المسيحيين تحت الحكم الصليبي.
وفي منتصف القرن الـ12 استعادت "بيت المقدس" مكانتها وربما توسعت وازداد عدد سكانها عما كان عليه قبل فترة الحكم الصليبي، وتمت تعلية أسوارها وتوسعة القلعة وبناء قصر ملكي جديد، وتحسين شبكة المياه والصرف الصحي، وبدأت مملكة بيت المقدس تدخل عصرا سياسيا جديدا منذ عام 1774م مع بداية حكم الملك الشاب بلدوين الرابع، الذي كان مصابا بمرض الجذام، وفي عام 1815 أصبح عاجزا عن إدارة شؤون المملكة بسبب شدة المرض.
وفي خاتمة الكتاب يعترف المؤلف صراحة بالقصور في ذكره للنواحي الاجتماعية والتاريخية والاجتماعية في بيت المقدس في ظل الحكم الصليبي، ويرجع ذلك إلى الكم غير المتناهي من المعلومات الأثرية.
تأليف: أدريان بوس
ترجمة: علي السيد علي
الطبعة: الأولى
تاريخ نشر الكتاب: 2001
تاريخ نشر الترجمة: 2010
عدد صفحات الكتاب: 428.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 8 دقائق
- الجزيرة
مآسي أطفال غزة تتضاعف مع ازدياد حالات بتر الأطراف بسبب عدوان الاحتلال
لم تفتك حربٌ بالأطفال كما فعل عدون الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة، إذ فقد عدد كبير منهم أطرافهم، وارتفع عدد مبتوري الأطراف في مختلف مناطق قطاع غزة بشكل كبير. اقرأ المزيد


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
ضابط أميركي متقاعد لـ"بي بي سي": شاهدت جرائم حرب في غزة
كشف ضابط أميركي متقاعد من القوات الخاصة في مقابلة مع هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) سبب استقالته من عمله في فرق تأمين نقاط التوزيع التابعة لما تسمى " مؤسسة غزة الإنسانية" في القطاع الفلسطيني المحاصر، مؤكدا أنه شاهد القوات الإسرائيلية وهي ترتكب جرائم حرب. وقال الضابط المتقاعد أنتوني أغيلار "شاهدت القوات الإسرائيلية وهي تطلق النار على حشود الفلسطينيين" في نقاط توزيع المساعدات. وأضاف أنه شاهد قوات تطلق قذائف المدفعية على العزّل. وأكد أغيلار أنه لم ير قط طوال سنين خدمته هذا المستوى من "الوحشية واستخدام القوة من دون تمييز ومن دون ضرورة ضد سكان مدنيين عزل يتضورون جوعا". وتقود "مؤسسة غزة الإنسانية" منذ أواخر مايو/أيار الماضي مشروعا أميركيا إسرائيليا للسيطرة على توزيع الغذاء في القطاع تزامنا مع حرب الإبادة الإسرائيلية. وقد رفضت الأمم المتحدة ومنظمات إنسانية وحقوقية عالمية هذا المشروع ووصفته بأنه أداة لقتل الفلسطينيين وتهجيرهم وإذلالهم. وأقامت المؤسسة 4 نقاط توزيع رئيسية، 3 منها في منطقة تل السلطان في رفح جنوبي القطاع، وواحدة على محور نتساريم الذي يفصل شمالي القطاع عن وسطه وجنوبه. ويتولى متعاقدون أمنيون أميركيون وشركات خاصة مهمة تنظيم الحشود وتوزيع الأغذية. ووثقت وزارة الصحة في قطاع غزة استشهاد أكثر من 1090 فلسطينيا من "شهداء لقمة العيش" وإصابة أكثر من 7320 آخرين بنيران جيش الاحتلال الإسرائيلي منذ بدء هذا المشروع.


الجزيرة
منذ 8 ساعات
- الجزيرة
غوتيريش: الكلمات لا تطعم أطفال غزة الجياع
وصف الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش ما يحدث في غزة بأنه "أزمة أخلاقية تتحدى الضمير العالمي"، وليس مجرد أزمة إنسانية فقط، مشددا على أن الكلمات لا تطعم الأطفال الجياع هناك. وأكد غوتيريش في حديثه عبر الفيديو -الجمعة- إلى الجمعية العالمية لمنظمة العفو الدولية التي تعقد أشغالها في العاصمة التشيكية براغ، أن لا شيء يمكن أن يبرر "انفجار الموت والدمار" في غزة منذ الهجمات التي نفذتها حركة المقاومة الإسلامية (حماس) في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، مجددا إدانته لها. وقال غوتيريش إن "حجم ونطاق هذه الأحداث يتجاوزان أي شيء شهدناه في الآونة الأخيرة"، وأضاف "لا أستطيع تفسير مستوى اللامبالاة والتقاعس الذي نراه من قبل الكثيرين في المجتمع الدولي وانعدام الرحمة وانعدام الحقيقة وانعدام الإنسانية". وأفاد الأمين العام للأمم المتحدة بأن موظفي المنظمة في غزة "يتضورون جوعا أمام أعيننا"، فيما أعلن الكثير منهم أن الظروف التي لا يمكن تصورها قد جعلتهم "مخدرين ومنهكين لدرجة أنهم يقولون إنهم لا يشعرون بأنهم أموات ولا أحياء". "الأطفال يريدون الجنة" وزاد مبينا: "يتحدث الأطفال عن رغبتهم في الذهاب إلى الجنة، لأنهم على الأقل كما يقولون سيجدون الطعام هناك". وتابع غوتيريش أن "الأمم المتحدة سترفع الصوت عند كل فرصة، لكن الكلمات لا تطعم الأطفال الجياع". وذكر الأمين العام للأمم المتحدة أنه منذ 27 مايو/أيار الماضي سجّلت المنظمة مقتل "أكثر من ألف فلسطيني أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء"، وأضاف "لم يُقتلوا في القتال، بل في حالة يأس بينما يتضور جميع السكان جوعا". كما شدد غوتيريش على ضرورة العمل للوصول إلى وقف فوري ودائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع المحتجزين فورا ودون قيد أو شرط، ووصول إنساني فوري ودون عوائق، وأبرز أهمية اتخاذ "خطوات عاجلة وملموسة لا رجعة فيها نحو حل الدولتين". وأعلن أن الأمم المتحدة تقف على أهبة الاستعداد للاستفادة إلى أقصى حد من وقف إطلاق النار المحتمل من أجل توسيع نطاق العمليات الإنسانية بشكل كبير في مختلف أنحاء قطاع غزة، كما فعلت خلال فترة الهدنة السابقة.