logo
كيف فرط الرئيسان البشير والسيسي في مفاوضات سد النهضة؟

كيف فرط الرئيسان البشير والسيسي في مفاوضات سد النهضة؟

التغيير٢١-٠٧-٢٠٢٥
تاج السر عثمان بابو
أشرنا سابقا الي إعلان إثيوبيا افتتاح سد النهضة في سبتمبر القادم، واحتجاج السودان ومصر على ذلك، وقبل ذلك
كان فشل مصر والسودان في مفاوضات سد النهضة في مجلس الأمن ، نتيجة لتفريط الرئيسين السيسي والبشير في التوقيع على 'إعلان المبادئ' الذي أعطى ضوءا أخضر لقيام السد دون الوصول لاتفاق ملزم ، يضمن حقوق البلدين في مياه النيل، وكنت قد تناولت هذا الموضوع في فصل من دراسة بعنوان 'سد النهضة واشتداد حدة الصراع على الموارد'، لابأس بهذه المناسبة من إعادة نشره.
1
كان من المحطات المهمة في تجاوز الاتفاقات السابقة التي تمت في غياب دول المنبع ، وفي المفاوضات حول 'سد النهضة' بين السودان ومصر واثيوبيا التوصل الي 'إعلان المبادي' الذي تمّ التوقيع عليه في 23 مارس 2015 من رؤساء الدول الثلاث لمصر والسودان واثيوبيا ( عبد الفتاح السيسي ، عمر البشير ،هيلا ماريم ديسلين، علي التوالي).
رغم أن 'اعلان المبادئ' لم يشمل كل دول المنبع ، الا أنه أعطي الضوء الأخضر لإثيوبيا في المضي قدما في تنفيذ السد ، وفي إعلان تمويله من الشركات الاوربية والخليجية والاسرائيلية والصينية.الخ، بعد أن بدأ تمويله محليا في ظل تصاعد الخلاف حوله مع دول المصب، في حملة وصلت الي حوالي مليار دولار.
فقد ركز الإعلان علي الجوانب الفنية مثل : أمان السد ، مراعاة ظروف وأوضاع كل دولة، والتنمية والاستخدام المنصف ، التعاون في الملء الأول ،واحتياج كل دولة من مياه النيل وغير ذلك من النقاط التي تمّت صياغتها في الإعلان في 10 مبادي نوجزها في الآتي:
أولا – مبدأ التعاون علي أساس التفاهم ، المنفعة المشتركة ، حسن النوايا ، المكاسب للجميع ، مبادئ القانون الدولي، التعاون في تفهم الاحتياجات المائية لدول المنبع والمصب بمختلف مناحيها.
ثانيا – مبدأ التنمية ، التكامل الاقليمي والاستدامة الذي أشار الي أن هدف السد توليد الطاقة ، والتعاون والتكامل الاقليمي لتوليد طاقة نظيفة ومستدامة يعتمد عليها.
ثالثا- عدم التسبب في ضرر ذي شأن ، وفي حالة الضرر، وفي غياب اتفاق حول هذا الفعل ، اتخاذ كافة الإجراءات المناسبة بالتنسيق مع الدولة المتضررة لتخفيف أو منع هذا الضرر، ومناقشة مسألة التعويض كلما كان ذلك مناسباً.
رابعا- الاستخدام المنصف والمناسب الذي يراعي علي سبيل المثال لا الحصر: العناصر الجغرافية ، الجغرافية المائية، والمائية، والمناخية، والبيئية وباقي العناصر ذات الصفة الطبيعية، الاحتياجات الاجتماعية والاقتصادية لدول الحوض المعنية، والسكان الذين يعتمدون علي الموارد المائية في كل دولة من دول الحوض، وتأثيرات استخدامات الموارد المائية في إحدى دول الحوض على دول الحوض الأخرى، والاستخدامات الحالية والمحتملة للموارد المائية؛ و عوامل الحفاظ والحماية والتنمية واقتصاديات استخدام الموارد المائية، وتكلفة الإجراءات المتخذة في هذا الشأن، مدي توفر البدائل، ذات القيمة المقارنة لاستخدام مخطط أو محدد، مدي مساهمة كل دولة من دول الحوض في نظام نهر النيل، وامتداد وتسمية مساحة الحوض داخل إقليم كل دولة من دول الحوض.
خامسا- مبد التعاون في الملء الأول وإدارة السد، بالاتفاق علي الخطوط الإرشادية وقواعد الملء الأول لسد النهضة والتي ستشمل كافة السيناريوهات المختلفة، بالتوازي مع عملية بناء السد، وقواعد التشغيل السنوي لسد النهضة ، والتي يجوز لمالك السد ضبطها من وقت لآخر، واخطار دولتي المصب بأية ظروف غير منظورة أو طارئة تستدعي إعادة الضبط لعملية تشغيل السد، وقيام آلية مناسبة لضمان استمرارية التعاون والتنسيق حول تشغيل سد النهضة.
سادسا – مبدأ الثقة ، بإعطاء دول المصب الاولوية في شراء الطاقة المولدة من سد النهضة.
سابعا – مبدأ تبادل المعلومات والبيانات ، بهدف اجراء الدراسات المشتركة للجنة الخبراء الوطنيين، وذلك بروح حسن النية وفي التوقيت الملائم.
ثامنا – مبدأ أمان السد ،باستكمال و بتنفيذ اثيوبيا بحسن نية للتوصيات الخاصة بأمان السد الواردة في تقرير لجنة الخبراء الدولية.
تاسعا- مبدأ السيادة ووحدة اقليم الدولة ، بهدف تحقيق الاستخدام الأمثل والحماية المناسبة للنهر.
عاشرا- مبدأ التسوية السلمية للمنازعات بالتشاور أو التفاوض وفقا لمبدأ حسن النوايا. وإذا لم تنجح
الأطراف في حل الخلاف من خلال المشاورات أو المفاوضات، فيمكن لهم مجتمعين طلب التوفيق، الوساطة أو إحالة الأمر لعناية رؤساء الدول/رئيس الحكومة.
2
تباينت المواقف حول 'إعلان المبادئ' ، كما أشرنا سابقا ، فان اثيوبيا استندت علي هذا الاتفاق باعتباره كان ضوءا أخضر لإتمام ملء سد النهضة بدون الرجوع إلى كل من القاهرة والخرطوم، رغم فشل جميع المفاوضات وآخرها تلك التي عقدت في كينشاسا (عاصمة جمهورية الكونغو الديمقراطية).
كما انتقدت المعارضة المصرية الرئيس عبد الفتاح السيسي لتوقيعه على اتفاق اعتبرته إهدارا لحقوق مصر التاريخية في نهر النيل ، فقد كان من المفترض عدم الإقرار بالسد إلا بعد الحصول على الضمانات الكافية بعدم وجود ضرر على مصر، والإقرار بالحقوق التاريخية لمصر في المياه، ومشاركة مصر في إدارة السد ، وتحديد سعة الخزان وكيفية الملء بما لا يرتب ضررًا على مصر، وإلزام إثيوبيا بتنفيذ توصيات لجنة الخبراء الدولية.
بينما دافع مؤيدون للسيسي بأن الاتفاق يخلو من أي صفة شرعية تدعيها إثيوبيا أو إهدار لحقوق مصر التاريخية في مياه نهر النيل.
أما المخلوع عمر البشير ونظامه الديكتاتوري الفاشي، فقد فرط في مصالح السودان، بتمرير 'اعلان المبادئ ' دون الوصول لاتفاق ملزم لضمان وزيادة نسبة المياه للسودان لمواجهة التوسع في مشاريعه الزراعية والعمرانية، ومراجعة نسبة تقاسم المياه في اتفاقية 1959 المجحف للسودان، اضافة لمد السودان بالكهرباء، فاعلان المبادئ في البند السادس تحدث عن اعطاء الاولوية لدول المصب في شراء الطاقة الكهربائية المولدة من السد، ولكن الإعلان ليس اتفاقا ملزما.
هذا فضلا عن تفريط نظام البشير في 'الفشقة ' علي الحدود السودانية – الاثيوبية ، بعد التدخل في شؤون اثيوبيا بعد محاولة مقتل الرئيس المصري حسني مبارك ، والتفريط في حلايب وشلاتين. الخ التي احتلها المصريون بعد حادثة محاولة الاغتيال، والتفريط في السيادة الوطنية عموما ، بالتورط في حلف اليمن، وعمل اتفاق مبدئي مع الروس لقيام قاعدة لحماية نظامه المتهالك، اضافة للمشاركة في قوات 'الافريكوم' ، والتفريط في جنوب السودان، مما أدي لانفصاله.
هذا اضافة كما لاحظ بعض المحللين، لتنصل اثيوبيا من ' إعلان المبادئ' الذي لم يكن ملزما ، كما في تصريحاتها بأن سلطاتها مطلقة في إدارة وتشغيل وملء سد النهضة باعتباره في أرض إثيوبية، وتم تشييده بأموال وطنية خالصة، وأن لأديس أبابا سيادة مطلقة على نهر النيل الأزرق الذي يجري في إقليمها .علما بأن اتفاق المبادئ أكد علي عدم الاضرار بالغير. اضافة لعدم التزامها بما ورد في الإعلان من ضرورة السعي بحسن النية وإرادة سياسية للتوصل للاتفاق النهائي.
اضافة لاستغلال اثيوبيا الظروف الموضوعية غير المواتية التي واجهتها مصر اثناء ثورة 25 يناير 2011 ، حتى وضعت اثيوبيا دولتي السودان ومصر أمام الأمر الواقع ، وقام السد، مما حدا بالبعض للقول بأن مصر دخلت مفاوضات فاشلة نتيجتها معروفة.، كما اتهم البعض اسرائيل وأمريكا بوقوفهما الي الجانب الاثيوبي ، مما شجعها للتشدد والتعنت .
وأخيرا، كما هو واضح ، رغم التوقيع علي ' إعلان المبادئ'، فقد استمر الخلاف الذي انفجر بعد شروع اثيوبيا في استكمال السد الذي اصبح أمرا واقعا، ومعترفا به مصريًّا ودوليًّا، واستمر التفاوض كما هو جاري الآن ، بما في ذلك الضغوط علي اثيوبيا، والتهديد بالحرب.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

رحلة المجهول: السودانيون والمخاطر في الطريق إلى أوروبا
رحلة المجهول: السودانيون والمخاطر في الطريق إلى أوروبا

التغيير

timeمنذ 3 ساعات

  • التغيير

رحلة المجهول: السودانيون والمخاطر في الطريق إلى أوروبا

سودانيون عبروا إلى ليبيا، جميعهم مروا بظروف صعبة في ظل استغلال ميليشيا ليبية. بعضهم قرر تغيير بوصلة الرحلة، آخرون بلغوا وجهتم، وهناك من ينتظر فرصة للخروج من مأزق الحياة في الوطن. التغيير ــ وكالات قرر إبراهيم ونعيمة وحسن وعبد العزيز مغادرة السودان هربا من المعارك الدامية بين الجيش وقوات الدعم السريع، فسلكوا أكثر طرقات الهجرة خطورة التي تمر عبر ليبيا وتسلكها أعداد متزايدة من المهاجرين. جمعت وكالة فرانس برس شهاداتهم. غادر إبراهيم ياسين (20 عاما) كسلا بشرق السودان في ديسمبر 2023 'على أمل أن أصل إلى ليبيا ومنها إلى أوروبا'. يروي أن 'الطريق عبر الصحراء كان جحيما، عطش شديد وأيام من دون طعام'. وبعد الوصول إلى ليبيا طلب منه المهربون ثلاثة آلاف دولار لإكمال الرحلة، لكنه لم يكن يملك أي مال فقرر الفرار بمفرده إلى طرابلس 'على أمل إيجاد فرصة أخرى'. لكن في طرابلس، طلبت منه مجموعة أخرى من المهربين 3500 دولار لعبور البحر المتوسط، فباعت عائلته بيتها في السودان لترسل له المبلغ. يقول 'ركبنا البحر ومشينا ثماني ساعات لكن خفر السواحل الليبيين قبضوا علينا وأدخلونا السجن'. وبعد دفع مبلغ ألف دولار، تم الإفراج عنه، لكن محاولته الثانية للفرار انتهت مجددا بالقبض عليه، وهو الآن عالق في طرابلس، بلا وثائق ولا مال، ولا خيار أمامه في الأفق. يقول 'الآن أنا ضائع بين مافيا التهريب، لا أمان ولا أوراق ولا رجعة للسودان ولا وصول لأوروبا' مضيفا 'مصيري مجهول'. 'وجدت واقعا أكثر قسوة من الذي هربت منه' كانت نعيمة أزهري (35 عاما) تعيش مع زوجها وابنتهما في سوبا إلى جنوب غرب الخرطوم، حين اندلعت الحرب في ابريل 2023. تقول 'ظننت أن الحرب ستستمر أسبوعا أو اسبوعين وتنتهي، لكن بعدما سيطرت قوات الدعم السريع على الخرطوم، شعرنا أن لا أمل'. وفي أغسطس 2023، رحلت نعيمة مع عائلتها إلى ليبيا 'أملا في حياة أكثر استقرارا'. لكن الرحلة كانت شاقة، وروت 'كان الطريق صعبا، في كلّ نقطة تدفع أتاوة أو يهددونك'، موضحة 'دخلنا من دولة ميليشيات إلى دولة ميليشيات'. وبعد 'رحلة طويلة ومرهقة محفوفة بالمخاطر' استمرت عشرة أيام، وصلت العائلة إلى طرابلس. لكن هناك 'وجدت واقعا أكثر قسوة من الذي هربت منه'. وهي تصف 'معاناة من عدم الاستقرار وغياب الشغل' مضيفة 'شعرنا أن الحياة في ليبيا أصعب من واقع الحرب نفسه'. وتقول 'فكرت أن أرجع إلى السودان، لكن لم يكن هناك طريقة آمنة ' لذلك. وبعد قضاء سنة هناك، قررت العائلة في أكتوبر 2024 التوجه إلى مصر حيث وصلوا 'بأمان' أخيرا ووجدوا 'حياة أفضل'. كان حسن آدم (40 عاما) يعمل موظفا في الدولة ويعيش في الجنينة عاصمة ولاية غرب دارفور مع زوجته وأطفالهم الثلاثة حين اندلعت الحرب و'قلبت الحياة كلها'. شهدت الجنينة في 2023 مذابح ارتكبتها قوات الدعم السريع مستهدفة أفراد قبيلة المساليت التي ينتمي إليها حسن، وانتهت بمقتل 10 إلى 15 ألف شخص، في ما وصفته الولايات المتحدة بـ'إبادة جماعية'. ويروي حسن 'كنت من المقربين من الوالي خميس أبكر الذي تم اغتياله بأيدي قوات الدعم السريع'. ويقول 'استنكرنا الجريمة مع بعض زملائه، فتم اعتقالنا وضربنا وتعذيبنا' . هرب حسن عبر الصحراء إلى ليبيا حيث احتجز ووُضع في ما يعرف بـ'التركينة'، وهو 'مكان مكتظ يُحتجز فيها المهاجرون ويتعرضون فيه للإهانات والضرب والاستغلال'. ويتابع أنه 'بعد شهرين من المعاناة' استقل قاربا صغيرا نقله إلى إيطاليا في رحلة بحرية استمرت يومين. من هناك، انتقل إلى فرنسا حيث طلب اللجوء السياسي، وهو الآن يعمل في مصنع ويسعى لمعرفة مكان وجود أولاده. يوضح 'قال لي أحد على فيسبوك إنهم في مخيم للاجئين في تشاد، باشرت المعاملات لاستقدامهم إلى هنا، لكنني للاسف لا أملك وثائق'. ويختم 'لا يمكنني العودة إلى السودان، يجب أن أستقدمهم إلى هنا، هذا هدفي الوحيد الآن'. رغبة في الوصول إلى أوروبا كان عبد العزيز بشير (42 عاما) يعيش حياة متوسطة الحال إنما مستقرة في حي الثورة في مدينة أم درمان. وعند اندلاع الحرب 'ظننت أنها أيام وتعود الحياة إلى طبيعتها، لكن استمرار الحرب قلب كل شيء'، فاضطر إلى الفرار مع عائلته إلى الغضارف بشرق السودان. وإن كان وجد الأمان هناك، إلا أنه 'لا عمل لدي، والوضع الاقتصادي في البلد يزداد سوءا كل يوم'. ومع تعذر تأمين معيشة عائلته وسط أزمة جوع متصاعدة هي الأخطر في العالم، يسعى لسلوك طريق الهجرة إلى أوروبا. ويقول 'أعرف أن الطريق خطير وقد نموت في الصحراء أو في البحر، لكن بصراحة، لا خيار آخر أمامنا'، مؤكدا أن 'الهجرة تبقى الأمل الوحيد في ظل هذا الوضع'. ويتابع 'إن نجحت، فقد أتمكن من تغيير وضع أسرتي، وإن فشلت، أكون حاولت على الأقل'. وأسفرت الحرب في السودان عن مقتل عشرات الآلاف ونزوح أكثر من عشرة ملايين شخص، متسببة 'بإحدى أسوأ الكوارث الإنسانية' في العالم، وفق الأمم المتحدة.

الأمم المتحدة: السودان بحاجة ماسة إلى دعم مع بدء عودة النازحين
الأمم المتحدة: السودان بحاجة ماسة إلى دعم مع بدء عودة النازحين

التغيير

timeمنذ 2 أيام

  • التغيير

الأمم المتحدة: السودان بحاجة ماسة إلى دعم مع بدء عودة النازحين

رغم احتدام الصراع في السودان، ظهرت بؤرٌ من الأمان النسبي خلال الأشهر الأربعة الماضية، مما دفع أكثر من مليون نازح داخلي إلى العودة إلى ديارهم التغيير _ وكالات وذلك وفقا للمنظمة الدولية للهجرة. كما عاد 320 ألف لاجئ إلى السودان منذ العام الماضي، معظمهم من مصر وجنوب السودان، لتقييم الوضع الراهن قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلدهم نهائيا. خلال مؤتمر صحفي عقد في جنيف، تحدث المدير الإقليمي للمنظمة الدولية للهجرة عثمان بلبيسي من بورتسودان، حيث قال: 'توجهت غالبية العائدين إلى (ولاية) الجزيرة، بنسبة 71% تقريبا؛ ثم إلى سنار بنسبة 13%، وحتى الآن، إلى الخرطوم بنسبة 8%'. معظم النازحين داخليا هم من العاصمة السودانية الخرطوم، وفي هذا السياق، توقع السيد بلبيسي عودة 'حوالي 2.1 مليون نازح إلى الخرطوم بحلول نهاية هذا العام، لكن هذا يعتمد على عوامل عديدة، لا سيما الوضع الأمني والقدرة على استعادة الخدمات في الوقت المناسب'. حرب طال أمدها منذ بدء الصراع الحالي في أبريل 2023، نزح قسرا أكثر من 12 مليون شخص، بمن فيهم ما يقرب من خمسة ملايين شخص لجأوا إلى الدول المجاورة، مما يجعل حرب السودان أكبر أزمة نزوح في العالم. سيطر الجيش السوداني على منطقة الخرطوم الكبرى، بما في ذلك العاصمة، في مايو من هذا العام، بعد معركة طويلة ضد قوات الدعم السريع في المناطق الغربية والجنوبية، وقد دفع الصراع الوحشي أجزاء من البلاد إلى المجاعة. خلال زيارة قام بها مؤخرا ممثلو الأمم المتحدة إلى الخرطوم، اقترب منهم رجل مسن ليؤكد أن احتياجاتهم بسيطة، وقال: 'الغذاء والماء والرعاية الصحية. والتعليم، فهذا هو مستقبل أطفالنا، ونحن بحاجة ماسة للاستثمار فيه'. إعادة تأهيل العاصمة تُبذل جهود حثيثة لدعم العائدين إلى الخرطوم. إنه سباق مع الزمن لإزالة الأنقاض، وتوفير الخدمات الأساسية كالمياه النظيفة والكهرباء، وتعزيز قدرات المرافق الصحية لمنع انتشار الأمراض الفتاكة كالكوليرا. وأوضح الممثل المقيم لبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي في السودان لوكا ريندا للصحفيين أن هناك حوالي 1700 بئر بحاجة إلى إعادة التأهيل والكهرباء، 'والطاقة الشمسية في هذه الحالة حل ممتاز'. وقال إن البرنامج يهدف إلى تطوير حلول طويلة الأمد للنازحين جراء الحرب لتأمين سبل العيش والخدمات الأساسية. وأضاف: 'هناك ما لا يقل عن ستة مستشفيات تحتاج إلى إعادة تأهيل وإصلاح عاجلين، بالإضافة إلى عدد من مراكز الرعاية الصحية الأولية'. كما أكد أن وسائل النقل والمساعدات النقدية تُوزّع لشراء الغذاء ومستلزمات النظافة والأدوية والملابس على الفئات الأكثر ضعفا التي تصل إلى المناطق الحدودية. وشدد السيد ريندا أن إزالة الألغام تُعدّ تحديا مُلحا آخر تواجهه إعادة التأهيل والإعمار في العاصمة، وقال: 'حتى في مكتبنا، عثرنا على مئات الذخائر غير المنفجرة'. وأضاف أن هناك مئات الآلاف، إن لم يكن أكثر، من الذخائر غير المنفجرة في المدينة، مؤكدا أن الهيئة المحلية لمكافحة الألغام، بدعم من دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام بدأت بالفعل عملية الإزالة. سيستغرق تطهير المدينة بالكامل من مخلفات الحرب المميتة سنوات. ويُقدّر برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أن دائرة الأمم المتحدة للأعمال المتعلقة بالألغام ستحتاج إلى ما لا يقل عن 10 ملايين دولار أمريكي لتتمكن من نشر العدد المطلوب من فرق إزالة الألغام للعمل بالشراكة مع السلطات الوطنية وتوعية السكان بمخاطر الذخائر غير المنفجرة. حتى 21 يوليو 2025، لم تتلقَّ الأمم المتحدة وشركاؤها الإنسانيون سوى 23% من مبلغ 4.2 مليار دولار أمريكي المطلوب لتقديم مساعدات منقذة للحياة إلى ما يقرب من 21 مليون شخص معرض للخطر داخل السودان. استمرار أزمة النزوح ورغم عمليات العودة الأخيرة، لا يزال مئات الأشخاص يفرون يوميا – سواء داخل السودان أو عبر حدوده – بسبب الصراع الدائر. وينطبق هذا بشكل خاص على منطقتي دارفور وكردفان، وفقا للمفوضية السامية لشؤون اللاجئين. وقال مامادو ديان بالدي، منسق اللاجئين الإقليمي لأزمة السودان لدى المفوضية أن عدد اللاجئين من منطقة دارفور وحدها بلغ أكثر من 800 ألف لاجئ منذ بداية الصراع، وهذا العدد في تصاعد مستمر. ووفقا لمفوضية اللاجئين، هناك حاجة إلى 1.8 مليار دولار أمريكي لدعم 4.8 مليون شخص فروا من السودان إلى الدول المجاورة، ولكن لم يوفر سوى 17% من هذا التمويل. وأكد السيد بالدي أن اللاجئين لا يزالون بحاجة إلى 'دعم أكبر من جانبنا' وإلى السلام لينتهي 'هذا الصراع الوحشي'.

وكالات أممية: مئات الآلاف يعودون لمناطق النزاع بالسودان وسط أزمة تمويل ومخاطر إنسانية
وكالات أممية: مئات الآلاف يعودون لمناطق النزاع بالسودان وسط أزمة تمويل ومخاطر إنسانية

التغيير

timeمنذ 3 أيام

  • التغيير

وكالات أممية: مئات الآلاف يعودون لمناطق النزاع بالسودان وسط أزمة تمويل ومخاطر إنسانية

المفوضية السامية لشؤون اللاجئين تمكنت من تأمين 23% فقط من ميزانيتها المطلوبة لهذا العام، والبالغة 10.6 مليار دولار، مما اضطرها إلى تعليق مساعدات حيوية بقيمة 1.4 مليار دولار تشمل الغذاء والمأوى والتعليم والرعاية الطبية. التغيير: وكالات قالت عدة وكالات تابعة للأمم المتحدة، الجمعة، إن مئات الآلاف من النازحين واللاجئين السودانيين بدأوا بالعودة إلى منازلهم في مناطق مثل الخرطوم وسنار والجزيرة، في ظل تراجع حدة القتال جزئياً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، لكنها حذرت من أن هؤلاء العائدين يواجهون أوضاعاً صعبة تتطلب دعماً دولياً عاجلاً. وبحسب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، فقد عاد نحو 1.3 مليون شخص إلى هذه المناطق منذ مارس الماضي، وسط توقعات بأن يتجاوز عدد العائدين إلى الخرطوم وحدها مليوني شخص بحلول نهاية العام الجاري. وقال ممثل البرنامج في السودان، لوكا ريندا، إن هناك تحديات خطيرة تواجه عمليات العودة، أبرزها إزالة مخلفات الحرب من ذخائر غير منفجرة، وإصلاح البنى التحتية الأساسية مثل الآبار وشبكات المياه، وتوفير الخدمات الصحية وفرص العمل. وتأتي هذه التطورات في وقت تواجه فيه الأمم المتحدة أزمة تمويل خانقة تهدد بتقليص أو تعليق برامج الإغاثة في عدة دول، بينها السودان. فقد أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أنها تمكنت من تأمين 23% فقط من ميزانيتها المطلوبة لهذا العام، والبالغة 10.6 مليار دولار، مما اضطرها إلى تعليق مساعدات حيوية بقيمة 1.4 مليار دولار تشمل الغذاء والمأوى والتعليم والرعاية الطبية. وحذّر مدير العلاقات الخارجية في المفوضية، دومينيك هايد، من أن ما يصل إلى 11.6 مليون لاجئ ونازح قد يُحرمون من المساعدات الإنسانية في حال استمرار أزمة التمويل، مشيراً إلى أن المفوضية بدأت بالفعل بتقليص عملياتها عالمياً، ما سيؤدي إلى إلغاء 3500 وظيفة. واندلعت الحرب بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، مما تسبب في أكبر موجة نزوح تشهدها البلاد، إذ فاق عدد النازحين داخلياً وخارجياً 12 مليون شخص. ووسط تفاقم الأزمة الإنسانية، صنفت الأمم المتحدة السودان كأكبر بؤرة جوع ونزوح في العالم، في ظل تراجع التمويل الدولي، وتدمير البنية التحتية، واستمرار القتال في عدة مناطق، مما يجعل جهود الإغاثة والعودة الطوعية محفوفة بالمخاطر.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store