
فتح مسار جديد للعلاقات الأميركية ــ الإيرانية
اعتبر المرشد الإيراني، علي خامنئي، أن «بعض التصريحات التي صدرت خلال زيارة الرئيس الأميركي للمنطقة لا تستحق الرد عليها إطلاقاً»، وذلك في كلمة له يوم السبت 17 مايو (أيار) الجاري، مضيفاً: «يمكن استخدام القوة من أجل السلام والأمن. ولهذا السبب ورغم عمى أعدائنا، فإننا سنزيد من قوتنا وقدرة بلدنا كل يوم».
رد المرشد خامنئي لم يكن الوحيد إيرانياً، فقد أثارت تصريحات الرئيس دونالد ترمب حول إيران في جولته الخليجية، ردود فعل عدة، حيث اعتبر رئيس الجمهورية، مسعود بزشكيان، أن «ترمب يتحدث عن السلام في المنطقة من جهة، ومن جهة أخرى يهدد باستخدام أحدث معدات قتل الناس»، متسائلاً: «أي رسالة ينبغي علينا قبولها؟».
إلا أن بزشكيان أوضح في الوقت ذاته أن بلاده «تجري الآن مفاوضات»، وأن إيران «لا تسعى إلى الحرب».
وزير الخارجية الإيراني، عباس عراقجي، اعتبر أن «المواقف الأميركية والتصريحات المتناقضة تؤدي إلى تعقيد مسار المحادثات»، إلا أنه أكد في الوقت ذاته أن بلاده مستعدة «لبناء الثقة بشأن طبيعة برنامجنا النووي السلمي»، وأنها «قررت بكل جدية وحسن نية الدخول في مفاوضات غير مباشرة مع أمیرکا».
هذه الردود الإيرانية رغم ما فيها من لهجة صارمة ظاهرة، وتأكيدها على أن «التهديدات لن تكون قادرة على إجبارنا على التراجع عن حقوقنا المشروعة»، وفق بزشكيان، فإن هذه التصريحات يمكن قراءتها ضمن سياق أدوات التفاوض، والجدل الكلامي العلني، وهي موجهة للرأي العام، أكثر من كونها مواقف نهائية، لا من إيران ولا حتى من الولايات المتحدة، فكلتاهما غير راغبة في خوض مواجهة عسكرية لا يعرف مداها، والدولتان تريدان تحسين شروط التفاوض، وإظهار القوة، والسعي إلى تسجيل نقاط سياسية - إعلامية، يمكن أن يستخدمها المفاوضون أثناء اجتماعاتهم المقبلة.
المراقبُ لتصريحات ترمب حول إيران، أثناء زيارته للسعودية وقطر والإمارات، لن يجد في طياتها تهديداً خطراً جداً تجاه إيران، رغم قوتها الظاهرة، إلا أن لغتها الصارمة هي إحدى أدوات ترمب من أجل الدفع باتجاه حلٍّ سلمي، وتحقيق نتائج سريعة للمفاوضات التي تجري برعاية عُمانية.
صحيح أن ترمب قال صراحة إن هنالك «مساراً غير ودي، هو مسار عنيف»، إلا أنه أكد: «أنا لا أريد ذلك، سأقولها صراحةً، لا أريد ذلك»، مضيفاً: «أنتم تعملون معنا من كثب أيضاً فيما يتعلق بالتفاوض على اتفاق مع إيران، وهو المسار الأكثر ودية الذي ترونه».
ترمب في كلمته أمام «منتدى الاستثمار السعودي - الأميركي» في الرياض، استخدم عبارة «غصن الزيتون»، كناية عن رغبته في السلام مع إيران، إلا أنه «إذا رفضت القيادة الإيرانية غصن الزيتون هذا وواصلت مهاجمة جيرانها»، فحينها «لن يكون أمامنا خيار سوى ممارسة أقصى ضغطٍ هائل»، وفق تعبير ترمب.
الصرامة الترمبية هذه لم تصل إلى حد التلويح بـ«الحرب» ومهاجمة البرنامج النووي الإيراني، كما يرغب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو. ولذا، يمكن النظر لحديث ترمب على أنه عرضٌ جديٌّ للقادة الإيرانيين لانتهاج «مسار جديد»، خصوصاً أنه قدم موقفاً يستبعد «الخيار العسكري»، وهو في ذلك يلتقي مع وجهة نظر قادة دول مجلس التعاون الخليجي، الذين يعتبرون أي مواجهة عسكرية إيرانية - أميركية - إسرائيلية ستكون عواقبها وخيمة جداً على الاستقرار والأمن والاقتصاد في الإقليم. حتى إن الرئيس ترمب قالها بوضوح في العاصمة القطرية الدوحة، ممتدحاً جهود الشيخ تميم بن حمد آل ثاني: «إيران محظوظة بوجود أمير قطر، لقد دافع بشدة عنهم، وطلب مني عدم قصف إيران بشدة، وأخبرني أنه يمكنك عقد صفقة مع الإيرانيين»، مضيفاً: «على إيران شكر أمير قطر لأنه يدافع عنهم».
إن دول مجلس التعاون الخليجي تعتبر إيران دولة جارة لها، وترغب في إقامة علاقات حسنة مبنية على التعاون والاحترام وعدم التدخل في الشؤون الداخلية، إلا أنها أيضاً ترفض أن يتحول البرنامج النووي الإيراني من برنامج لأغراضٍ سلمية إلى برنامج عسكري، فليس هنالك عاصمة خليجية واحدة ستقبل أن تحوز إيران القنبلة النووية، وهذا موقف يؤيدها الرئيس ترمب فيه.
الموقف الأهم سياسياً وأمنياً في الوقت الحالي أن السعودية وبقية دول «المجلس» لا تريد مزيداً من التصعيد العسكري في الشرق الأوسط، وتؤيد دبلوماسية الحوار، وتدعم الجهود العمانية في استضافة المفاوضات الإيرانية - الأميركية، بل هذه الدول حثت الإدارة الأميركية على عدم الانسياق وراء رغبات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في مهاجمة إيران عسكرياً. ولذا، فإن هذه الجهود التي تقودها الدول العربية الجارة لإيران، تمثل فرصة حقيقية على طهران الاستفادة منها، واجتراح مسار سياسي جديد، وبناء الثقة، يفضي إلى تفاهم دائم مع الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون الخليجي، وبالتالي الوصول إلى اتفاق نووي عادلٍ وفق المرجعيات الدولية، يكفل لإيران حقها السلمي في استخدام الطاقة النووية، ويجعلها تنخرط في مشاريع التنمية المستقبلية.
إن منطقة الخليج العربي أمام مشروع للتقدم الحضاري، وبناء دول حديثة قائمة على المواطنة وسيادة القانون والاقتصاد المتنوع والاستثمار في الذكاء الاصطناعي والطاقة النظيفة والعلوم والابتكار، وجميعها مجالات حيوية جداً، سيكون من المفيد لطهران أن تكون شريكة لدول مجلس التعاون الخليجي فيها، وأن يكون السباق عبر العلم والتقنية، بعيداً عن الأزمات والمواجهات التي لا طائل منها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


عكاظ
منذ 40 دقائق
- عكاظ
ترمب: لدينا أخبار سارة بشأن «غزة»
تابعوا عكاظ على قال الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، فجر اليوم الاثنين، إنه يعتقد أن الولايات المتحدة لديها أخبار سارة قادمة مع حركة حماس بشأن غزة. وأضاف: «تحدثنا مع إسرائيل ونريد أن نرى ما إذا كان بوسعنا وقف هذا الوضع بأكمله في أقرب وقت ممكن». وذكرت مصادر في إدارة ترمب أن الأخير يضغط على حكومة نتنياهو لوقف الحرب، وأن الرئيس الأمريكي ساخط على استمرار الحرب. وتقول المصادر إن الإدارة الأمريكية فتحت قناة اتصال مع حماس عبر رجل الأعمال الأمريكي الفلسطيني بشارة بحبح. وأضافت أن الأطراف المعنية تستعد لاستئناف المفاوضات غير المباشرة بين إسرائيل وحركة حماس بشأن صفقة لتبادل الأسرى ووقف إطلاق النار، في إطار مبادرة تقودها الولايات المتحدة عبر مبعوثها الخاص ستيف ويتكوف. ووفق مصادر دبلوماسية مطلعة، طُلب من إسرائيل تأجيل تصعيدها الميداني، والسماح بتوسيع نطاق إيصال المساعدات الإنسانية، بهدف تهيئة الأجواء لعودة المفاوضات، لكن ما تزال إسرائيل ترتكب جرائم في غزة بشكل يومي. وبحسب تقارير إعلامية، من المتوقع أن يصل وفد إسرائيلي إلى القاهرة، الإثنين، لبحث استئناف المحادثات، في حين لم تؤكد إسرائيل رسميا هذه الخطوة حتى الآن. أخبار ذات صلة خطة ويتكوف ويسعى الأمريكيون إلى التوصل لاتفاق شامل ومتدرج، يبدأ بإطلاق سراح جزء من الأسرى، ويشمل في مراحله اللاحقة إنهاء الحرب وإطلاق سراح جميع الأسرى لدى حماس، وذلك من خلال «خطة ويتكوف». وقالت مصادر لصحيفة «إسرائيل اليوم» إن إدارة الرئيس الأمريكي ترفض التخلي عن المسار الدبلوماسي، وتعتبره ضروريا لتحقيق تسوية مستدامة في غزة، قبل الدخول في أجواء الانتخابات الرئاسية الأمريكية. ووفقا للمصادر، فإن واشنطن ترى أن إضعاف البنية العسكرية لحماس والضغوط المتزايدة التي تتعرض لها، قد تفتح نافذة سياسية نادرة لدفع الحركة نحو تنازلات غير مسبوقة. في المقابل، لا تزال حماس ترفض الشروط الإسرائيلية المعلنة لإنهاء الحرب، والتي أكدها رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وتشمل إطلاق سراح جميع الرهائن، أحياء وأمواتا وتسليم حماس لجميع أسلحتها، ومغادرة قادة الحركة قطاع غزة، وإنهاء أي دور لحماس في حكم القطاع مستقبلا. /*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;}


الشرق السعودية
منذ ساعة واحدة
- الشرق السعودية
وزير خارجية النرويج: الاعتراف الدولي بفلسطين يساهم في حل النزاع مع إسرائيل
اعتبر وزير الخارجية النرويجي، إسبن بارث إيدي، الأحد، أن العناصر الرئيسية لحل النزاع بين إسرائيل وفلسطين يجب أن تكون عبر الاعتراف الدولي بدولة فلسطين، بالإضافة إلى التطبيع بين الدول العربية وإسرائيل، وكذلك بناء الدولة الفلسطينية بناءً فعلياً على أن تكون قادرة على إدارة قطاع غزة على المدى الطويل. وأضاف إيدي، في تصريحات لـ"الشرق": "لدينا ضمانات أمنية متبادلة لفلسطين وإسرائيل"، مؤكداً أن "الوضع سيكون أفضل بكثير عند إنهاء الحرب على غزة، والدخول في عملية سياسية"، معتبراً أن "ذلك يساعد إسرائيل في أن تكون دولة مقبولة من قبل جيرانها في المنطقة، بالإضافة إلى أنه يمكن لفلسطين أن تتمتع بحقها في إدارة بلدها بحرية وسيادة". وأشار وزير الخارجية النرويجي إلى أن المملكة العربية السعودية وفرنسا يقودان التحالف الدولي لإقامة دولة فلسطينية وتنفيذ حل الدولتين، معتبراً أن الاجتماعات المنعقدة في مدريد ضمن مجموعة الاتصال للتحالف. وتابع وزير الخارجية النرويجي أن "العمل الحالي مع مجموعة مدريد يقوم على المناقشة فيما بيننا، وكذلك مع الحكومة الفلسطينية للخطوات التالية، إذ نتطلع إلى اجتماع يُعقد في نيويورك في يونيو المقبل، والذي دعت إليه المملكة وفرنسا والعديد من الدول لمناقشة هذه القضية بنطاق واسع، لا سيما وأن القطاع يعيش وضعاً كارثياً". "إنهاء حرب غزة" كما شدد على "أهمية التوصل إلى إنهاء الحرب على غزة، والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية إلى القطاع"، مؤكداً على أن "الجهود الحالية تتمثل في الاعتراف بالدولة الفلسطينية"، مؤكداً أنه "يعمل مع الأوروبيين لتحقيق هذا الاعتراف بعد أن اعترفت النرويج، وإسبانيا، وإيرلندا، وسلوفينيا بدولة فلسطين العام الماضي". وذكر وزير الخارجية النرويجي أن دول ألمانيا وإيطاليا وفرنسا وبريطانيا، انضمت لاجتماعات مدريد، ضمن الجهود الواضحة للدعم الدولي للقضية، على الرغم من أنهم لم يعترفوا بدولة فلسطين، معتبراً أن هذا الفضل يرجع للتحالف العربي الأوروبي. وأشار وزير الخارجية النرويجي إلى أنه ليس لديه أي توقعات بمدى إمكانية أن تعترف فرنسا بالدولة الفلسطينية هذا الصيف، معتبراً أن "الأمر متروك لهم"، مبيناً أن "العديد من البلدان الأخرى ستتبعها في حال قررت اتخاذ نفس هذه الخطوة". وبشأن الرسالة التي يود إرسالها للعالم، بعد اجتماع مدريد قال إن "الوضع في غزة سيء.. إنها كارثة إنسانية". الالتزام بحل الدولتين وفي وقت سابق الأحد، قال وزير خارجية النرويج إنه أكد مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان أثناء لقائهما في مدريد الالتزام بحل الدولتين باعتباره السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. وأضاف إيدي عبر منصة "إكس": "في مدريد اليوم، كان لي لقاءٌ مُثمرٌ مع صديقي وزميلي الأمير فيصل بن فرحان. أكدنا التزامنا المشترك بحل الدولتين العادل والدائم، وهو السبيل الوحيد المُمكن لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة". وانطلق الاجتماع الموسع بشأن "حل الدولتين" في العاصمة الإسبانية مدريد، في وقت سابق الأحد، والذي يضم عدداً من الوزراء الأوروبيين والعرب، فيما دعت إسبانيا إلى فرض حظر شامل على تصدير الأسلحة إلى إسرائيل، من أجل وقف الحرب على غزة. وشارك في هذا الاجتماع وزراء خارجية 20 دولة، أي أكثر من ضعف عدد المشاركين في الاجتماع السابق، وفق ما أوردت صحيفة "إل باييس" الإسبانية.

العربية
منذ 2 ساعات
- العربية
جيك وود: بات من الواضح عدم إمكانية تنفيذ خطة المنظمة "مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية التي لن أتخلى عنها
أعلن المدير التنفيذي لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة "مثيرة للجدل" ومدعومة من الولايات المتحدة كانت تتحضر لإدخال المساعدات إلى قطاع غزة، الأحد استقالته "بمفعول فوري"، وفق بيان صادر عن المنظمة. وقال المدير التنفيذي للمنظمة جيك وود في البيان إنه تولى منصبه القيادي قبل شهرين لأنه شعر بأنه "مدفوع لأفعل ما باستطاعتي للمساعدة في تخفيف المعاناة" في غزة، لكنه أضاف أنه بات من الواضح عدم إمكانية تنفيذ خطة المنظمة "مع الالتزام الصارم بالمبادئ الإنسانية والحياد والنزاهة والاستقلالية التي لن أتخلى عنها". وذكر في بيانه: "أحث إسرائيل على توسيع نطاق تقديم المساعدات إلى غزة بشكل كبير، من خلال جميع الآليات الممكنة، كما أحث جميع الأطراف المعنية على مواصلة استكشاف أساليب جديدة ومبتكرة لإيصال المساعدات، دون تأخير أو تحويل أو تمييز". وتابع: "لا أزال أؤمن بأن السبيل الوحيد المستدام على المدى الطويل هو أن تطلق حماس سراح جميع الأسرى، وأن يتم التوصل إلى وقف للأعمال العدائية، وإيجاد مسار نحو السلام والأمن والكرامة لجميع شعوب المنطقة". ودخل ما مجموعه 107 شاحنات تحمل مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة عبر معبر كرم أبو سالم الحدودي، الأحد، وفقا لما أعلنته وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة. وقالت وحدة تنسيق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي المحتلة في بيان إن المساعدات تضمنت دقيقا للمخابز ومواد غذائية. وكانت المساعدات الإنسانية قد دخلت إلى القطاع المحاصر الأسبوع الماضي لأول مرة منذ ما يقرب من 3 أشهر. ولم تسمح إسرائيل بدخول أي شحنات مساعدات إلى القطاع منذ بداية مارس الماضي، زاعمة أن حماس تعيد بيع إمدادات المساعدات لتمويل مقاتليها وأسلحتها. وتحذر الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة من وقوع مجاعة في القطاع الساحلي. وقد ذكر عمال الإغاثة أن الكميات التي وصلت إلى غزة أبعد ما تكون كافية لتخفيف معاناة السكان.