
النوايا الخفية في نماذج الذكاء الاصطناعي.. بين الشفافية والخداع
د. جاسم حاجي
أحرزت نماذج الذكاء الاصطناعي المتقدمة، وخاصة في مجال توليد النصوص، تطوراً كبيراً في التعبير المنطقي المتسلسل عبر ما يُعرف بـ«سلسلة التفكير». هذا الأسلوب يوحي بشفافية النموذج، إلا أن الأبحاث تكشف عن جانب مقلق. فقد رصد باحثو OpenAI أن بعض النماذج تُظهر نوايا تخريبية أثناء التفكير، كالرغبة في اختراق الأنظمة أو تنفيذ أوامر غير مصرح بها. ورغم أن هذه الصراحة قد توحي بالوضوح، إلا أنه قد يكون تكتيكاً لخداع المشرفين، خاصة عند وجود رقابة بشرية مباشرة ومكثفة. فالذكاء الاصطناعي قد يتعلم إخفاء نواياه لتجنب العقوبات، مما يجعله أكثر خداعاً وخطورة مع الوقت. وهذا يطرح تساؤلات مهمة حول كيفية مراقبة النماذج وضمان تصرفها بأمان.
هل يمكن للذكاء الاصطناعي إخفاء نواياه؟تشير الأبحاث إلى أن هذه النماذج يمكنها تعلم كيفية إخفاء نواياها الحقيقية إذا شعرت بأنها تحت رقابة صارمة. وهذا يعني أن الخطر الحقيقي لا يكمن في النوايا الظاهرة، بل في تلك التي تُخفيها النماذج بذكاء، وهو ما يمثل تحدياً كبيراً أمام المطورين والباحثين الذين يسعون لضمان سلامة هذه الأنظمة.ومع تطور قدرات الذكاء الاصطناعي، تزداد المخاوف من أن تصل النماذج في المستقبل إلى مرحلة لا يمكن فيها التحقق من نواياها أو السيطرة عليها بشكل كامل، مما يجعل من الضروري التفكير بأساليب إشراف جديدة وأكثر فاعلية.
* التعلم المعزز:من أبرز الطرق المستخدمة في تدريب النماذج الذكية ما يُعرف بـ«التعلم المعزز»، والذي يقوم على مبدأ المكافأة والعقاب لتوجيه سلوك النموذج. إلا أن لهذه الطريقة مزايا وتحديات:1- المكافآت والعقوبات: سيف ذو حدين:- قد تساهم العقوبات في تسريع التعلم، لكنها قد تدفع النموذج إلى إخفاء نواياه الحقيقية لتجنب العقاب.- التوازن مطلوب: يجب ضبط مستوى المكافآت والعقوبات بعناية لتجنب سلوكيات غير مرغوبة أو سطحية.2- اختراق المكافآت والتحايل:- أحياناً، تتعلم النماذج استغلال الثغرات في تصميم نظام المكافآت، فتركز مثلاً على تقليد الأسلوب بدلاً من تقديم إجابات ذات معنى.- هذا النوع من «التحايل» يؤدي إلى نتائج تبدو جيدة ظاهرياً لكنها تفتقر للفهم العميق.- الحل يكمن في تصميم أنظمة مكافآت متعددة الأبعاد واستخدام طرق تدريب تقلل من فرص التحايل.3- دور الإشراف البشري:- لا غنى عن المشرف البشري لضمان توافق النموذج مع القيم والمعايير الأخلاقية.- البشر قادرون على اكتشاف التحيزات، وتصحيح المسارات، والتعرف على أي سلوك مخادع أو غير متوقع.- الملاحظات المستمرة تساهم في تحسين استدلال النموذج وتقلل من فرص إساءة استخدامه.
* الخلاصة وتساؤلات مستقبلية:يمثل التعلم المعزز أداة فعالة لتعزيز قدرات نماذج اللغة الكبيرة، إلا أنه يتطلب توازناً دقيقاً بين الحرية والانضباط، وبين الإشراف والمخاطرة. ولضمان سلامة هذه النماذج، من المهم تطوير أنظمة مكافآت ذكية ومتنوعة، وتحسين خوارزميات التعلم المعزز لتكون أكثر استقراراً، إلى جانب تعزيز تقنيات المراقبة لفهم سلوك النموذج بدقة. كما يُفضَّل اعتماد نهج هجين يجمع بين التعلم المعزز والتعديل البشري الانتقائي لتحقيق الفاعلية المطلوبة وتقليل احتمالات الخطأ أو الانحراف في السلوك.حتى الآن، لا يمكن التأكد من مدى دقة «سلسلة التفكير» التي تعرضها النماذج، فهل تمثل حقاً ما يدور في «عقل» الذكاء الاصطناعي؟ أم أنها مجرد كلمات لا تعكس الواقع الداخلي للنموذج؟هذا السؤال المطروح من قبل باحثين في OpenAI ومطوري نموذج Claude يعكس الحاجة إلى مزيد من البحث والتجريب لفهم هذه الأنظمة المتطورة بعمق، وضمان أنها تخدم البشرية دون التسبب بمخاطر يصعب احتواؤها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


أخبار الخليج
منذ 4 أيام
- أخبار الخليج
OpenAI ومايكروسوفت تعيدان النظر في بنود شراكتهما
تعيد شركتا مايكروسوفت و OpenAI النظر في بنود شراكتهما، والتي تبلغ قيمتها عدة مليارات من الدولارات، وذلك لتحقيق المصالح والأهداف التي تسعى كل منهما لتحقيقها. وتعمل الشركتان على إعادة صياغة بنود عقد شراكتهما، بحيث تتمكن مطورة ChatGPT من خوض عملية اكتتاب عام مستقبلاً، مع استمرار وصول مايكروسوفت إلى نماذج الذكاء الاصطناعي فائقة التطور الخاصة بها، وفق صحيفة «فاينانشيال تايمز». وشكّل عملاق نظام التشغيل «ويندوز» ( Windows ) عامل رفض رئيسي وراء تعطيل خطط الشركة الناشئة، التي تبلغ قيمتها 260 مليار دولار، للخضوع لإعادة هيكلة مؤسسية من شأنها أن تبعد المجموعة عن جذورها كمنظمة غير ربحية. وكانت إحدى المسائل الشائكة المطروحة على طاولة المفاوضات هو حجم الحصة التي ستحصل عليها مايكروسوفت، في حال تمت إعادة هيكلة OpenAI ، نظير ما استثمرته، والذي وصل إلى قرابة 13 مليار دولار.


البلاد البحرينية
١٣-٠٥-٢٠٢٥
- البلاد البحرينية
ماسك يجري حديثاً مع الأمير محمد بن سلمان وترامب بقصر اليمامة
أثناء استقبال ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان للرئيس الأميركي دونالد ترامب، ظهر قطب التكنولوجيا والملياردير الأميركي إيلون ماسك بقصر اليمامة في العاصمة الرياض. إذ يرافق ماسك، وهو الرئيس التنفيذي لشركتي "تسلا" و"سبيس إكس"، ومؤسس شركة الذكاء الاصطناعي الناشئة "XAI"، الوفد الأميركي المصاحب لترامب خلال زيارته إلى السعودية، التي هي ضمن الجولة الرسمية الأولى له خارج الولايات المتحدة في ولايته الرئاسية الثانية. حديث مقتضب وظهر ماسك وهو يصافح ولي العهد، الذي كان يقف إلى جانب الرئيس الأميركي، لتحية الوفد الأميركي الكبير الذي يضم العديد من وزراء الحكومة وكبار المسؤولين، إلى جانب المسؤولين السعوديين. وأجرى ولي العهد وترامب حديثا صغيرا مقتضبًا مع ماسك أثناء مصافحته، حيث ابتسم ثلاثتهم بنهاية الحديث. يشار إلى أنه من المتوقع أن يكون ماسك من بين أبرز المشاركين في منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي، الذي انطلق بوقت سابق اليوم في الرياض على هامش زيارة ترامب. كما يرتقب حضور قادة شركات تكنولوجيا كبرى أخرى منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي بما في ذلك الرؤساء التنفيذيون لشركات ميتا و"OpenAI" وأمازون وإنفيديا. ومن المتوقع أن يكون الذكاء الاصطناعي محور اهتمام كبير في مؤتمر الاستثمار السعودي-الأميركي. فيما قال وزير الاستثمار السعودي، خالد الفالح، أثناء افتتاح فعاليات منتدى الاستثمار السعودي-الأميركي، إن "رؤية 2030" قطعت شوطًا هامًا في جميع القطاعات منها الذكاء الاصطناعي. وأطلق ولي العهد السعودي، أمس الاثنين، شركة هيوماين، إحدى الشركات المملوكة لصندوق الاستثمارات العامة، والتي تهدف إلى تطوير وإدارة حلول وتقنيات الذكاء الاصطناعي، والاستثمار في القطاع. وستعمل "هيوماين"، التي يرأس ولي العهد مجلس إدارتها، على تقديم أحدث نماذج وتطبيقات الذكاء الاصطناعي، ومن ذلك تطوير أحد أفضل النماذج اللغوية الكبيرة (LLM) باللغة العربية، إلى جانب الجيل الجديد من مراكز البيانات، والبنية التحتية للحوسبة السحابية.


الوطن
٠٩-٠٥-٢٠٢٥
- الوطن
واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بـ«لاما» في الذكاء الاصطناعي
د. جاسم حاجي أعلنت شركة «ميتا» عن إطلاق واجهة برمجة التطبيقات الخاصة بـ«لاما» (Llama API)، والمصمّمة لمساعدة المطورين على دمج نماذج الذكاء الاصطناعي من نوع «لاما» في منتجاتهم بشكل أكثر سهولة. وقد تم تقديم هذه الواجهة خلال أول مؤتمر لمطوري الذكاء الاصطناعي تنظمه «ميتا»، وهي متاحة حالياً لمجموعة مختارة من المستخدمين، مع خطة لتوسيع نطاق الإتاحة خلال الأشهر المقبلة. وبالتوازي مع إطلاق الواجهة، طرحت «ميتا» تطبيقاً مستقلاً لمساعد ذكي يعمل بالذكاء الاصطناعي، وأكدت عزمها اختبار نظام اشتراك مدفوع لمحادثات الذكاء الاصطناعي في وقت لاحق من هذا العام. كما سلّطت الشركة الضوء على التحسينات التي طرأت على أحدث نماذج «لاما»، مركّزة على الكفاءة وتقليل التكاليف. وأكدت «ميتا» أيضاً أن المطورين سيحتفظون بالتحكم الكامل في النماذج المخصّصة التي يقومون بإنشائها، مع المرونة في نشرها خارج منصات «ميتا». ويأتي طرح واجهة «لاما» في إطار سعي «ميتا» للحفاظ على ريادتها في سوق النماذج المفتوحة المصدر، الذي يشهد تنافساً حاداً. وعلى الرغم من أن نماذج «لاما» قد تم تحميلها أكثر من مليار مرة حتى الآن وفقاً لميتا، إلا أن منافسين مثل «ديب سيك» (DeepSeek) و«تشيوين» (Qwen) التابع لشركة «علي بابا» يشكّلون تحدياً لطموحات «ميتا» في بناء منظومة واسعة تعتمد على «لاما». وتوفر واجهة «لاما» أدوات لتخصيص النماذج وتقييم أدائها، بدءاً من نموذج «لاما 3.3 8 B». ويمكن للمستخدمين توليد بيانات تدريبية، والتدرب عليها، ثم استخدام مجموعة أدوات التقييم المضمنة في واجهة «لاما» لاختبار جودة النموذج المخصّص. وأكدت «ميتا» أنها لن تستخدم بيانات عملاء واجهة «لاما» في تدريب نماذجها الخاصة، وأن النماذج التي يتم إنشاؤها عبر هذه الواجهة يمكن نقلها إلى منصات استضافة أخرى. وتقوم «ميتا» بإتاحة نماذج «لاما» للمطورين بشكل شبه مجاني، وهي استراتيجية سبق للرئيس التنفيذي مارك زوكربيرغ أن أشار إلى أنها ستؤتي ثمارها عبر تحفيز الابتكار، وتقليل الاعتماد على المنافسين المحتملين، وزيادة التفاعل على شبكات الشركة الاجتماعية الرئيسة. - شراكة «ميتا - سيريبراس»: تتيح هذه الشراكة للمطورين الذين يعملون على نموذج «Llama 4» من «سيريبراس» عبر واجهة البرمجة التطبيقية (API) تحقيق سرعات تصل إلى 18 ضعفاً مقارنةً بالحلول التقليدية المعتمدة على وحدات معالجة الرسوميات (GPU)، وذلك وفقاً لتصريحات شركة «سيريبراس». وتُعدّ هذه السرعة الفائقة بوابةً نحو جيلٍ جديد بالكامل من التطبيقات التي كان من المستحيل بناؤها باستخدام تقنيات أخرى. وتشمل هذه التطبيقات: المحادثات الصوتية الفورية منخفضة الكمون، وتوليد الشيفرات التفاعلية، والاستدلال الفوري متعدد الخطوات، بالإضافة إلى الوكلاء الذكيين في الزمن الحقيقي – وجميعها تعتمد على سلسلة من استدعاءات النماذج اللغوية الكبيرة (LLM)، والتي أصبح بالإمكان تنفيذها في ثوانٍ بدلاً من دقائق.