اللبنانية «حنين الصايغ»: للأسف.. الشعر لم يعد يزورني!
في روايتها الأولى «ميثاق النساء» تتبع الروائية اللبنانية حنين الصائغ حياة الراوية وهى سيدة من طائفة الدروز فى لبنان، منذ طفولتها إلى أن أصبحت أما وأستاذة جامعية، من تحررها من قيود مجتمعها الصغير بحثا عن ذاتها، إلى تحررها من قيودها الداخلية حين وجدت الحب، لكن الرواية لا تكتفى بالحديث عن الطائفة الدرزية كجماعة مغلقة، بل تتخذ منها نموذجا لكل العادات والتقاليد، التى تقيد المرأة وتغل من حريتها، وتحبسها داخل أدوار محددة، فتشبه البطلة ملايين السيدات فى كل مكان بالعالم، خاصة عالمنا العربى، فى حوارنا مع الأديبة اللبنانية بعد صعود روايتها إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية نسألها:
▪ يحيل عنوان الرواية «ميثاق النساء» الصادرة عن دار الآداب للنشر إلى إحدى رسائل كتاب الحكمة الخاص بالطائفة الدرزية، التى تضع القيود والأعراف التى تحكم النساء، لكنه بشكل أعمق يقودنا إلى هذا الميثاق التعاطفي، الذى يربط نساء العالم كما أشرتِ فى الرواية، كيف ترين ذلك؟- أرى أنه على الأدب أن يتمرد على التقاليد المحلية والعادات والأعراف الاجتماعية فى المجتمع للتحكم فى تصرفاتهن، تحركاتهن، وملابسهن... إلخ. أما ميثاق النساء فى الرواية فهو ميثاق لم يخطه أحد فى كتاب ولا يفرضه أحد على النساء، بل هو نابع مع تجربة المرأة نفسها ووعيها بمعضلتها التى لا تنفصل عن قيود ومآسى النساء الأخريات فى كل المجتمعات، خاصة الشرقية منها. هو ميثاق من الألم المشترك والتضامن غير المشروط والوعى النابع من التجربة.▪ هل يمكن كسر قيود المرأة عبر التحايل أم بالثورة؟- لا يوجد دليل إرشادات جاهز لكل النساء. طبيعة المجتمع الذى نشأت فيه المرأة ودرجة وعى أسرتها وشخصية المرأة نفسها كلها عوامل تحدد الأسلوب الذى قد تلجأ إليه للحصول على حقوقها.أحيانا تحتاج المرأة فقط إلى القدرة على التفاوض، أحيانا تحتاج إلى التحايل والمساومة، وأحيانا تحتاج إلى حرق كل الجسور والخروج من البيئة التى تقيدها وتحول دون تحققها. فى الرواية لجأت البطلة أولا إلى الثورة الناعمة بدءًا بمرحلة التفاوض فى سن المراهقة حول حقها فى التعليم، مرورا بمرحلة تطوير وعيها بورطتها وورطة المجتمع الذى نشأت فيه، وبعد سنوات طويلة جاءت مرحلة التمرد، حيث اضطرت إلى ترك كل شيء خلفها كى تبدأ حياة جديدة لتتعافى من القهر ولتعيد تعريف ذاتها فى سياق جديد.◄ اقرأ أيضًا | الإماراتية «نادية النجار»: «ملمس الضوء».. غوص في عالم المكفوفين▪ يقودنا العمل إلى مناطق شائكة منها إعادة تعريف الأمومة، التي جرى التعامل معها باعتبارها قدرا، لكنك فى الرواية تطرحين مفاهيم مختلفة من خلال علاقة البطلة بأمها وعلاقتها بطفلتها. كيف ترين ذلك؟- نميل فى مجتمعاتنا الشرقية إلى تصوير الأمومة بشكل مثالى بعيدا عن الواقع وتناقضات النفس البشرية. نتوقع من الأم حبا غير مشروط وعطاءً غير محدود وإنكار تام للذات من دون شكوى أو تذمر. ولكننا نغفل حقيقة أن هناك أمهات لم يخترن الأمومة بل أُرغمن على الإنجاب، وهناك أمهات لهن احتياجات وتطلعات أخرى خارج أسوار الأمومة والأسرة.لا أحد يريد أن يتكلم عن هؤلاء النساء ولا عن الشعور القاتل بالذنب الذى ينغص عليهن حيواتهن، وهذا ما حاولت «ميثاق النساء» تسليط الضوء عليه من خلال الأم التى أرغمت على الإنجاب رغم رفضها لفكرة الأمومة من الأساس، الأم التى عانت من اكتئاب ما بعد الولادة ولم تجد رابطا وجدانيا يربطها بابنتها حديثة الولادة، وفيما بعد كان عليها أن تختار بين أن تبقى مع ابنتها وتذبل بجوارها أو أن تتركها وترحل كى ترمم ما تبقى من كيانها، لتعود إليها لاحقا أُمًَّا كاملة وليس مجرد مربية منكسرة.▪ ينجذب القارئ إلى الاطلاع على ثقافة مختلفة بالنسبة إليه، هل هذا ما دفعكِ إلى تضمين معلومات عن الدروز داخل العمل؟- كنت مدركة أن هناك فجوة معرفية عن مجتمع الدروز عند معظم القراء، وبالفعل ضمنت بعض المعلومات التى قد تهم القارئ غير الدرزي، التى لها صلة مباشرة بأحداث الرواية ومصائر أبطالها، ولكنى حرصت ألا يأتى ذلك بشكل تقريرى وإنما مررت المعلومات من خلال حوارات أو عن طريق «المونولوج» الداخلى أو فى إطار وصف الرحلة الى أضرحة الأولياء الدروز.▪ كتبتِ الشعر وصدر لكِ عدد من الدواوين، وعملتِ بالترجمة من العربية إلى الإنجليزية، هل الاحتفاء بروايتكِ ودخولها قائمة «البوكر» القصيرة قد يرجح إكمال مسيرتكِ الروائية على حساب مسيرتكِ الشعرية؟- لا أخفيكِ سرا أننى منذ أن بدأت كتابة روايتى الأولى لم يعد يزورنى الشعر بنفس الكثافة التي كان يداهمنى بها فى السابق. قد يكون ذلك بسبب التفريغ العاطفى الذى تتيحه الرواية، أو بسبب التدرب على أسلوب جديد فى التعبير عن النفس عن طريق الحكاية. لكنى أستطيع ان أقول إن الشعر لم يختفِ تماما من روايتى الأولى، بل قمت بتوظيفه لخدمة السرد خاصة فيما يتعلق بوصف الطبيعة والمونولوج الداخلى ورصد لحظات التوتر بين الشخصيات. وفى روايتى الثانية التى ستصدر قريبا، هناك جرعة أكبر من الشعر، التى حرصت أن تبقى وفية للسرد بحيث لا يتعثر القارئ على لغة مكثفة ومشفرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الدستور
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
أزمة مشتعلة بين نساء العالم.. حنين الصايغ تكشف الكواليس
قبل إعلان الفائز بالبوكر.. قالت الكاتبة اللبنانية حنين الصايغ، مؤلفة رواية "ميثاق النساء"، إن الرواية محكومة بالخوف والعجز لدى بطلتها التي تعيش حياة ريفية في قريتها الدرزية في لبنان، حيث تهرب العديد من الأسئلة إلى التدين والعزلة، بينما ينتمي والدها إلى طبقة المشايخ ويعمل حدادًا، ويشكل بسلطته على العائلة مستقبلًا لبناته الأربعة بصورة تتناسب مع عالمه المحدود. وأضافت الصايغ، خلال كلمتها بجلسة حوارية مع كتّاب القائمة القصيرة من الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" باتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أدارتها الأديبة عائشة سلطان، أنها تسعد كثيرا عندما تتلقى رسائل من الإمارات والعراق والشام والسعودية تقول لها رأينا أنفسنا في هذه الرواية، وأحببناها كأنك تتحدثين بأصواتنا. وكشفت الكاتبة اللبنانية، عن الأزمة المشتعلة بين كافة النساء في العالم، مؤكدة أنها الوصايا متعددة الطبقات، والتي تصل إلى البنية الفكرية والعقلية للإنسان. وأوضحت الكاتبة اللبنانية، أن الغرب تخلص كليًا من فكرة القصة والرواية، وأصبحوا يتعاملون مع النص بين أيديهم على أنه نص إبداعي، لأن القصة تعتبر حكاية أو جزء بسيط جدًا من الرواية، مشيرة إلى أن هناك مئات القصص المشوقة، لكن كتابة الرواية هي حرفة مختلفة تمامًا، فضلًا عن الطريقة التي نتناول بها العمل الإبداعي، معقبة: "القصة جزء متواضع جدا من الصنعة الروائية، والغرب تخلص كليًا من هذه المسميات". ملخص رواية "ميثاق النساء" تدور الرواية حول شابة درزية تزوجت صغيرة في السن وكان عمرها 16 سنة من شاب ثري من الدروز، وهدفها من الزواج أن يسهل لها زوجها متابعة تعليمها لأن والدها لم يكن يرغب بذلك، ولم يكن زواجها عن حب أو عن معرفة كاملة بمن تريد الزواج منه. وتروي قصة هذه الشابة ومعاناتها في زواجها، خصوصا بعد أن تاخرت في الإنجاب، مما اضطر زوجها للذهاب إلى عيادة خاصة، لتحقيق الإنجاب عبر التلقيح، وفشلت هذه المحاولات إلى أن أنجبت بشكل طبيعي، لكن ذلك أدى إلى معاناة كبيرة لديها، وإن كانت نجحت في متابعة تعليمها الثانوي، ومن ثم فرض دخولها إلى الجامعة على زوجها، ومتابعة تعليمها الجامعي. وخلال كل هذه المراحل تروي لنا الكاتبة أو البطلة، حكاية مجتمع الموحدين الدروز، وتعرض لبعض عقائدهم وأخلاقياتهم ودور النساء في المجتمع من خلال سيرة جدتها ووالدتها، وكيف تعاني النسوة من ظروف الحياة الصعبة، وكيف تتغلب عليها، كما تروي قصة شقيقتها والتي تزوجت من خلال التعارف من شاب درزي ولد في أمريكا، ولكنها اكتشفت لاحقا أنه قد لا يكون درزيا، مما أوجد لها مشكلة في الإنجاب منه، واضطرت لاحقا لطلاقه وإجهاض الطفل، والتحول إلى الالتزام الديني.


الدستور
٢٤-٠٤-٢٠٢٥
- الدستور
مؤلفة "ملمس الضوء": تطبيقات الهاتف تساعد الكفيف على ممارسة حياته اليومية
تحدثت الكاتبة الإماراتية نادية النجار، عن رواية "ملمس الضوء"، قائلة: فكرة العمل الأدبي شغلتني من فترة طويلة وماهيتها، وكيف يتخيل الأعمى الأشياء من حوله؟، وماذا تعنى الألوان بالنسبة له؟، خاصة الأعمى الذي لا يمتلك ذاكرة بصرية وهو يختلف كثيرا عن الأعمى الذي يمتلك هذه الذاكرة. وأضافت النجار، خلال كلمتها بجلسة حوارية مع كتّاب القائمة القصيرة من الجائزة العالمية للرواية العربية "البوكر" باتحاد كتاب وأدباء الإمارات، أدارتها الأديبة عائشة سلطان، أن الأعمى يرى العالم بطريقة مختلفة، وأثناء بحثي كنت أريد الابتعاد عن الصورة النمطية للكفيف الذي يعيش في ظلام دامس ولا يستطيع أن يعتمد على نفس وغيره. الكفيف اليوم يعتمد اعتمادا كبير على الهاتف المحمول والتقنية وأوضحت الكاتبة الإماراتية، أنه أثناء البحث اكتشفت أن الكفيف اليوم يعتمد اعتمادا كبير على الهاتف المحمول والتقنية أيضا، فتلك الأشياء تساعد الكفيف على ممارسة حياته اليومية وتسهلها عليه، فهناك برامج وتطبيقات عديدة تساعد الكفيف، فضلًا عن استخدام شاب GPT الذي جعل الأمر سهلًا. كنت أتعلم كيف يعيش الكفيف؟ وتابعت: قمت بتحميل عدد من التطبيقات التي تخص المكفوفين، وكان الأمر مثيرًا وشيقًا بالنسبة ليّا، فكنت أتعلم كيف يعيش الكفيف؟، خاصة أنني لم أفكر من قبل كيف يستطيع الكفيف أن يذهب إلى المدرسة أو يقوم بتصوير الأشياء؟، فتلك التطبيقات تساعد الكفيف على وصف ما يوجد أمامه، وهذه الأمور أخذتني في مسار الرواية إلى مصير مختلف، ومن هنا فضلت استخدام التقنية في الرواية للاستفادة منها. مقاطع من رواية "ملمس الضوء" (كاد أنْ ينطفئأ) أفتح عيني.. لا شيء يتغيّر. أغمضهما. لا شيء يتغير. يتشابه يومي وأمسي، وعلى الأرجح غدي. لا شيء أنتظره. لا شيء ينتظرني. أبقى مستلقية دفء يسري في الناحية اليسرى من جسمي الأقرب إلى النافذة. ضجيج أعمال بناءٍ يُصاحبني كلَّ صباح في هذا الوقت أخمّن بأنَّ الشَّمسَ أشرقت أتحسّس هاتفي المحمول على الطاولة الجانبيّة قرب السرير ؛ السبت، السابع من ديسمبر، السابعة وأربع عشرة دقيقةً. أفكّرُ في يومي المُقبل هذا، قبلها أمس، ثم غد، وبعد غدٍ أرقام تتغير ولا شيء آخر. أفكّر بمن حولي. امرأةٌ ما عدتُ أتيقّنُ عنها أمرًا سوى أنّها أمّي، وحيدة وجدٍّ يرافقه صمتٌ غامض يُشبه بدلته العسكرية ونياشينه القابعة في الدولاب وأقراصه المنوّمة، وأبّ ما ترك لي شيئًا سوى اسمه وعبق دهن عوده، وجنَّةً ة بيني وبينها جدارٌ يزداد سُمكًا يومًا بعد يومٍ. وهنالك حكايات إيفلين المكرّرة التي ما عادت تُدهشني. لا شيء من ذلك يدفعني كي أستيقظ. أعاود النوم. أسمعُ هدير جهاز التكييف يُصاحبه هواء بارد. أشدّ اللحاف أنقلب على جانبى الأيمن كما علمتنى جدّتى نورة: هذي سنة نبينانحو ذقني. محمد - عليه الصلاة والسلام - هواء المكيف ينفث في وجهي أرفع اللحاف أكثر. أغطي فمي ونصف وجهي السفلي. أتخيل كيف أبدو أظنه مضحكا يا لي من بلهاء. فأنا لا أعرف حتى كيف أبدو أتقرفص ركبتاي تكادان تلامسانصدري.. وأنام. أناديها. لا مجيب. أصيخُ السمع. لا أسمعُ سوى أنفاسي اللاهثة أرفع صوتي: إيفلين.. إيفلين الصمت ذاته. أبقى في مكاني لا أتحرك. صوت بعيد هدير محرك سيارة أو ربما دراجة يعلو أصرخ لا اسمعني، أسمع ذلك الصوت فقط، اتقدم خطوتين أفرد ذراعي أمامي الصوت يعلو، أدور حول نفسي وأدور، أنادي إيفلين بأعلى صوتي لا اسمعني، أتوقف عن الدوران والصراخ، الصوت يلاحقني أركض ويقترب، أسرع ويسرع، أركض يصدمني ينصهر الصوت في أذني.

مصرس
١٤-٠٤-٢٠٢٥
- مصرس
اللبنانية «حنين الصايغ»: للأسف.. الشعر لم يعد يزورني!
في روايتها الأولى «ميثاق النساء» تتبع الروائية اللبنانية حنين الصائغ حياة الراوية وهى سيدة من طائفة الدروز فى لبنان، منذ طفولتها إلى أن أصبحت أما وأستاذة جامعية، من تحررها من قيود مجتمعها الصغير بحثا عن ذاتها، إلى تحررها من قيودها الداخلية حين وجدت الحب، لكن الرواية لا تكتفى بالحديث عن الطائفة الدرزية كجماعة مغلقة، بل تتخذ منها نموذجا لكل العادات والتقاليد، التى تقيد المرأة وتغل من حريتها، وتحبسها داخل أدوار محددة، فتشبه البطلة ملايين السيدات فى كل مكان بالعالم، خاصة عالمنا العربى، فى حوارنا مع الأديبة اللبنانية بعد صعود روايتها إلى القائمة القصيرة لجائزة البوكر العربية نسألها: ▪ يحيل عنوان الرواية «ميثاق النساء» الصادرة عن دار الآداب للنشر إلى إحدى رسائل كتاب الحكمة الخاص بالطائفة الدرزية، التى تضع القيود والأعراف التى تحكم النساء، لكنه بشكل أعمق يقودنا إلى هذا الميثاق التعاطفي، الذى يربط نساء العالم كما أشرتِ فى الرواية، كيف ترين ذلك؟- أرى أنه على الأدب أن يتمرد على التقاليد المحلية والعادات والأعراف الاجتماعية فى المجتمع للتحكم فى تصرفاتهن، تحركاتهن، وملابسهن... إلخ. أما ميثاق النساء فى الرواية فهو ميثاق لم يخطه أحد فى كتاب ولا يفرضه أحد على النساء، بل هو نابع مع تجربة المرأة نفسها ووعيها بمعضلتها التى لا تنفصل عن قيود ومآسى النساء الأخريات فى كل المجتمعات، خاصة الشرقية منها. هو ميثاق من الألم المشترك والتضامن غير المشروط والوعى النابع من التجربة.▪ هل يمكن كسر قيود المرأة عبر التحايل أم بالثورة؟- لا يوجد دليل إرشادات جاهز لكل النساء. طبيعة المجتمع الذى نشأت فيه المرأة ودرجة وعى أسرتها وشخصية المرأة نفسها كلها عوامل تحدد الأسلوب الذى قد تلجأ إليه للحصول على حقوقها.أحيانا تحتاج المرأة فقط إلى القدرة على التفاوض، أحيانا تحتاج إلى التحايل والمساومة، وأحيانا تحتاج إلى حرق كل الجسور والخروج من البيئة التى تقيدها وتحول دون تحققها. فى الرواية لجأت البطلة أولا إلى الثورة الناعمة بدءًا بمرحلة التفاوض فى سن المراهقة حول حقها فى التعليم، مرورا بمرحلة تطوير وعيها بورطتها وورطة المجتمع الذى نشأت فيه، وبعد سنوات طويلة جاءت مرحلة التمرد، حيث اضطرت إلى ترك كل شيء خلفها كى تبدأ حياة جديدة لتتعافى من القهر ولتعيد تعريف ذاتها فى سياق جديد.◄ اقرأ أيضًا | الإماراتية «نادية النجار»: «ملمس الضوء».. غوص في عالم المكفوفين▪ يقودنا العمل إلى مناطق شائكة منها إعادة تعريف الأمومة، التي جرى التعامل معها باعتبارها قدرا، لكنك فى الرواية تطرحين مفاهيم مختلفة من خلال علاقة البطلة بأمها وعلاقتها بطفلتها. كيف ترين ذلك؟- نميل فى مجتمعاتنا الشرقية إلى تصوير الأمومة بشكل مثالى بعيدا عن الواقع وتناقضات النفس البشرية. نتوقع من الأم حبا غير مشروط وعطاءً غير محدود وإنكار تام للذات من دون شكوى أو تذمر. ولكننا نغفل حقيقة أن هناك أمهات لم يخترن الأمومة بل أُرغمن على الإنجاب، وهناك أمهات لهن احتياجات وتطلعات أخرى خارج أسوار الأمومة والأسرة.لا أحد يريد أن يتكلم عن هؤلاء النساء ولا عن الشعور القاتل بالذنب الذى ينغص عليهن حيواتهن، وهذا ما حاولت «ميثاق النساء» تسليط الضوء عليه من خلال الأم التى أرغمت على الإنجاب رغم رفضها لفكرة الأمومة من الأساس، الأم التى عانت من اكتئاب ما بعد الولادة ولم تجد رابطا وجدانيا يربطها بابنتها حديثة الولادة، وفيما بعد كان عليها أن تختار بين أن تبقى مع ابنتها وتذبل بجوارها أو أن تتركها وترحل كى ترمم ما تبقى من كيانها، لتعود إليها لاحقا أُمًَّا كاملة وليس مجرد مربية منكسرة.▪ ينجذب القارئ إلى الاطلاع على ثقافة مختلفة بالنسبة إليه، هل هذا ما دفعكِ إلى تضمين معلومات عن الدروز داخل العمل؟- كنت مدركة أن هناك فجوة معرفية عن مجتمع الدروز عند معظم القراء، وبالفعل ضمنت بعض المعلومات التى قد تهم القارئ غير الدرزي، التى لها صلة مباشرة بأحداث الرواية ومصائر أبطالها، ولكنى حرصت ألا يأتى ذلك بشكل تقريرى وإنما مررت المعلومات من خلال حوارات أو عن طريق «المونولوج» الداخلى أو فى إطار وصف الرحلة الى أضرحة الأولياء الدروز.▪ كتبتِ الشعر وصدر لكِ عدد من الدواوين، وعملتِ بالترجمة من العربية إلى الإنجليزية، هل الاحتفاء بروايتكِ ودخولها قائمة «البوكر» القصيرة قد يرجح إكمال مسيرتكِ الروائية على حساب مسيرتكِ الشعرية؟- لا أخفيكِ سرا أننى منذ أن بدأت كتابة روايتى الأولى لم يعد يزورنى الشعر بنفس الكثافة التي كان يداهمنى بها فى السابق. قد يكون ذلك بسبب التفريغ العاطفى الذى تتيحه الرواية، أو بسبب التدرب على أسلوب جديد فى التعبير عن النفس عن طريق الحكاية. لكنى أستطيع ان أقول إن الشعر لم يختفِ تماما من روايتى الأولى، بل قمت بتوظيفه لخدمة السرد خاصة فيما يتعلق بوصف الطبيعة والمونولوج الداخلى ورصد لحظات التوتر بين الشخصيات. وفى روايتى الثانية التى ستصدر قريبا، هناك جرعة أكبر من الشعر، التى حرصت أن تبقى وفية للسرد بحيث لا يتعثر القارئ على لغة مكثفة ومشفرة.