
شرخ جمركي يعمّق الجفاء الشعبي والسياسي بين كندا وأمريكا
ومع فرض واشنطن المزيد من الرسوم الجمركية، يبدو أن الشرخ بين الجارتين يتجاوز الاقتصاد ليصل إلى مستويات غير مسبوقة من الجفاء الشعبي والسياسي.
الأرقام لا تكذب
وقالت إذاعة "إر.إف.إي" الفرنسية، إنه في يونيو/حزيران الماضي، انخفض عدد الرحلات الجوية من كندا إلى الولايات المتحدة بنسبة 22%، وتراجعت الرحلات بالسيارة بأكثر من الثلث مقارنة بالعام الماضي.
وأشارت الإذاعة الفرنسية إلى أن هذا الوضع لم تشهده البلاد منذ جائحة كوفيد-19، موضحة أن الفتور الشعبي تجاه الجارة الجنوبية بدأ منذ اندلاع الحرب التجارية، وقد يدوم طويلاً، خاصة في ظل غياب أي مؤشرات على قرب التوصل إلى اتفاق.
وفي الأول من أغسطس/آب الجاري، عبر رئيس الوزراء مارك كارني عن "خيبة أمله" من قرار واشنطن برفع الرسوم الجمركية على المنتجات الكندية. وبالنسبة لكثير من الكنديين، أصبح السفر إلى الولايات المتحدة غير وارد.
ونقلت الإذاعة الفرنسية عن سيباستيان، من سكان مونتريال قوله: " لا أذهب حتى في إجازة. الأمريكيون لا يحترموننا، ولا أريد أن أتعرض لتفتيشهم".
وتظهر المؤشرات أن الرحلات ذهاباً وإياباً إلى الولايات المتحدة شهدت انخفاضاً حاداً منذ بدء الحرب التجارية قبل 6 أشهر. ويؤكد أحد سكان مونتريال: "كنت أزور أمريكا كثيراً، أما الآن فقد توقفت تماماً"، مضيفًا أنه يغيّر عادات استهلاكه أيضًا: "أشتري فقط المنتجات المحلية. أعتقد أن هذا يساعدنا على فهم ما يحدث خارج حدودنا، وعلى دعم اقتصادنا المحلي."
وقد أكدت الفيدرالية الكندية للأعمال المستقلة هذا التوجه، مشيرة إلى أن مبيعات المنتجات الأمريكية تراجعت بنسبة 40%، بينما شهدت المنتجات المحلية ارتفاعاً مماثلاً في مبيعات الشركات الصغيرة والمتوسطة.
ويقول جاسمين جونييت، نائب رئيس الفيدرالية: "أشعر أن الناس سيواصلون مقاطعة المنتجات الأمريكية قدر الإمكان". لكنه يحذر من المبالغة في التفاؤل: "بالنسبة لمن يبيعون منتجات غذائية محلية مثل المربى أو المعلبات، فالمبيعات تتأثر سلبًا. نعم هناك فائدة، لكن أكثر من 70% من تجارتنا الخارجية مرتبطة بالولايات المتحدة، لذا فإن الحرب الجمركية تضر فعلاً بشركاتنا الصغيرة والمتوسطة."
كارني يشعر بخيبة أمل
ورغم أن حملة المقاطعة الشعبية مستمرة، ما يزال الطلاق الاقتصادي بين كندا وأمريكا بعيدًا عن التحقق.
من جانبه، قال البروفيسور في العلاقات الدولية بجامعة باريس الأمريكية، فيليب جولوب: "سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التهديدية في الرسوم الجمركية تكشف عن الهيمنة الأمريكية، خصوصاً على قارة أمريكا الشمالية"، مضيفاً : "الولايات المتحدة، بزعامة ترامب، تفرض سيادتها على كامل القارة، وهذا مقلق بحد ذاته... مارك كارني لا يمكنه القبول بأن تُعامل كندا وكأنها مقاطعة أمريكية."
ولم يخفِ رئيس الوزراء مارك كارني استياءه من فشل المفاوضات مع واشنطن، خاصة بعد أن ارتفعت الرسوم الأمريكية على بعض المنتجات الكندية إلى 35%.
ورغم ذلك، لم يعلن عن إجراءات انتقامية مباشرة، بل كشف عن استراتيجية تعتمد على ما يمكن لكندا التحكم فيه: تحفيز الاقتصاد المحلي، الاستثمار في المشاريع الصناعية الكبرى، وحماية الوظائف الأكثر هشاشة.
وقد طمأن كارني الكنديين موضحًا أن 10% فقط من الصادرات الكندية هي المتأثرة بهذه الرسوم الجديدة، وهي النسبة الخارجة عن نطاق اتفاقية التجارة الحرة بين كندا والولايات المتحدة والمكسيك.
أما على الصعيد الدبلوماسي، فأوتاوا تؤكد بقاء قنوات الحوار مفتوحة مع واشنطن رغم حالة الجمود. ومع ذلك، لا تزال حالة من الضبابية تسيطر على المشهد الاقتصادي، حيث عبّر ممثلون عن القطاع الصناعي ودوائر الأعمال عن قلقهم من الغموض الذي يعيق التخطيط والاستثمار. لكنهم في الوقت نفسه يؤيدون موقف رئيس الوزراء: "من الأفضل ألا يكون هناك اتفاق من أن نقبل باتفاق سيء."
aXA6IDgyLjI2LjIzMi4yMzIg
جزيرة ام اند امز
CH

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المجهر
منذ يوم واحد
- المجهر
كندا تتوقع محادثات مباشرة بين كارني وترامب لخفض الرسوم الجمركية
قال وزير التجارة الدولية والعلاقات الحكومية في كندا، دومينيك لوبلان، إن بلاده تتوقع عقد محادثات مباشرة خلال الأيام المقبلة بين رئيس الوزراء الكندي مارك كارني والرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سعياً لخفض الرسوم الجمركية المفروضة من قبل واشنطن بنسبة 35% على سلع كندية غير مشمولة باتفاق التجارة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا (USMCA). وفي مقابلة مع شبكة "CBS News"، أشار لوبلان إلى أن المباحثات التي جرت مؤخرًا مع وزير التجارة الأمريكي هوارد لوتنيك والممثل التجاري جيميسون جرير أظهرت مؤشرات إيجابية، رغم أن التوصل إلى تفاهم نهائي لا يزال بعيدًا. وأعرب الوزير عن تفاؤله قائلاً: "هناك أمل حقيقي في حل النزاع الحالي بطريقة تصب في مصلحة الاقتصادين الكندي والأمريكي، خاصة في ظل الحاجة إلى استقرار الاستثمارات وفتح الأسواق." وأضاف أن الحكومة الكندية تدرك أهمية الحوار المباشر على مستوى القادة، مشددًا على أن أي اتفاق مقبل يجب أن يراعي مصالح المنتجين الكنديين ويقلل من اضطرابات السوق الثنائية.


الاتحاد
منذ 2 أيام
- الاتحاد
كندا تنفذ إسقاطا جويا لمساعدات إنسانية فوق غزة
نفذت طائرات كندية عملية إسقاط جوي لما يقارب 10 آلاف كيلوغرام من المساعدات للفلسطينيين في قطاع غزة، الاثنين، في الوقت الذي حذّر فيه رئيس الوزراء مارك كارني من تفاقم الأزمة الإنسانية هناك. صرحت وزيرة الخارجية أنيتا أناند ووزير الدفاع ديفيد ماكغينتي، في بيان صحفي، أن القوات المسلحة الكندية حلقت بطائرة من طراز "CC-130J Hercules" فوق القطاع لتنفيذ عملية الإسقاط. وقال كارني، في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إن "الكارثة الإنسانية في غزة تتدهور بسرعة". وأضاف "تكثف كندا جهودها مع شركائها الدوليين لوضع خطة سلام موثوقة، وسنضمن وصول المساعدات بالقدر اللازم". بذلك، تنضم كندا إلى دول غربية أخرى شاركت في عمليات إسقاط جوي لمساعدات إنسانية. كانت فرنسا وألمانيا وبلجيكا وإسبانيا نفذت، خلال الأيام الماضية، عمليات إسقاط جوي لمساعدات غذائية وإنسانية على القطاع.


العين الإخبارية
منذ 4 أيام
- العين الإخبارية
شراء الذهب.. إقبال تاريخي من البنوك المركزية
في ظل الاضطرابات الاقتصادية العالمية، تشهد البنوك المركزية موجة غير مسبوقة من شراء الذهب. وذلك في تحول استراتيجي يعكس رغبة متزايدة في حماية الاحتياطيات النقدية من تقلبات الأسواق العالمية. ووفقا لتقرير نشره موقع "ديسكفري ألرت"، فإن البيانات الاقتصادية، خصوصًا من الولايات المتحدة، تشير إلى تراجع ملحوظ في سوق العمل. فقد أظهرت بيانات يوليو/تموز إضافة 73 ألف وظيفة فقط، بينما تم تعديل بيانات مايو/أيار ويونيو/حزيران لتُظهر حذفًا لما يقارب 250 ألف وظيفة. هذا التباطؤ رفع متوسط نمو التوظيف إلى أدنى مستوياته منذ جائحة كوفيد-19، ما يعكس هشاشة اقتصادية قد تدفع البنوك المركزية لخفض أسعار الفائدة. ملاذ آمن وفي هذا السياق، تبرز أهمية الذهب كملاذ آمن، إذ يحافظ على قيمته في أوقات التذبذب المالي. ويقول جوزيف كافاتوني من مجلس الذهب العالمي: "الظروف الاقتصادية في الولايات المتحدة وغيرها من الاقتصادات الكبرى ما تزال داعمة لأسعار الذهب". ويشكل الابتعاد عن الأصول المقومة بالدولار الأمريكي عاملًا رئيسيًا في هذا التوجه. فالعديد من الدول، خصوصًا تلك التي تواجه توترات مع واشنطن أو تسعى لسيادة مالية أكبر، تسعى لتنويع احتياطاتها. ويوفر الذهب خيارًا محايدًا سياسيًا ونقديًا، لا يخضع لعقوبات أو تجميد مثل العملات الأجنبية. ويمنح هذا الذهب ميزة استراتيجية، حيث يبقى تحت سيطرة الدولة المالكة مهما كانت الظروف الجيوسياسية، ما يجعله أداة فعالة لتحقيق الاستقلال المالي. ومن بين 166 طنًا من الذهب اشترتها البنوك المركزية في الربع الثاني من 2023، جاء نحو 90 طنًا من مصادر لم يتم الإعلان عنها. هذه النسبة المرتفعة (أكثر من 50%) تشير إلى أن العديد من الدول تقوم بتكديس الذهب سرًا لتجنب رفع الأسعار، أو لأسباب جيوسياسية واستراتيجية. هذا النوع من الشراء يعقّد مهمة المحللين في تقييم حجم الطلب الفعلي، ويعكس مستوى عاليًا من الحذر والتخطيط في إدارة الاحتياطيات. الصين وتتقدم الصين قائمة المشترين، إذ تعمل على تقليص اعتمادها على الدولار في ظل توترات متزايدة مع الولايات المتحدة. وتضيف الصين الذهب إلى احتياطياتها بشكل منتظم، عبر البنك المركزي وأذرع أخرى، في محاولة لتعزيز الاستقلال المالي وتعزيز مكانة اليوان. وإلى جانب الصين، تشارك العديد من الأسواق الناشئة في هذا التوجه، مثل تركيا وكازاخستان والهند، مدفوعة بمخاوف من العقوبات أو التغيرات في أسعار السلع الأساسية التي تعتمد عليها اقتصاداتها. وشهدت صناديق المؤشرات المدعومة بالذهب تدفقات قوية بلغت 170 طنًا في الربع الثاني من العام، ما يعكس قناعة مؤسساتية بفعالية الذهب كأداة للتحوط من تقلبات السياسات النقدية. وتراجع الطلب الاستهلاكي في الولايات المتحدة على الذهب بنسبة 53%، في حين قفز الطلب الصيني بنسبة 44%. ويُعزى هذا التباين إلى عوامل ثقافية واقتصادية، إذ يرى الصينيون الذهب وسيلة تقليدية لحفظ الثروة، في وقت تسود فيه المخاوف حول القطاع العقاري والاقتصاد المحلي. وأسهمت الأسعار المرتفعة للذهب في تراجع الطلب على المجوهرات، خاصة في الهند والصين. وردًا على ذلك، يعمل صناع المجوهرات على ابتكار تصاميم أخف وأقل تكلفة. في المقابل، لم يواكب نشاط إعادة تدوير الذهب هذه الأسعار المرتفعة، ما يشير إلى توقعات باستمرار صعودها. وفي ظل التوقعات بتخفيض الفائدة الأمريكية، ووسط ضعف الدولار، يتوقع أن يظل الذهب مدعومًا بقوة. ومع استمرار البنوك المركزية في الشراء، ومحدودية نمو المعروض من المناجم، يبدو أن السوق مقبلة على مرحلة جديدة من الاستقرار السعري المرتفع، مدفوعًا بطلب فعلي وليس مضاربات قصيرة الأجل. aXA6IDgyLjI0LjIxOC4xNTcg جزيرة ام اند امز FI