
تعديل حكومي بلا طعم!
اسماعيل الحلوتي
بعد طول انتظار وبينما الحكومة التي تم تعيينها في 7 أكتوبر 2021 توشك على تجاوز النصف الأول من عمرها التشريعي، جاء التعديل الوزاري الذي ظل المواطنون يترقبون حدوثه، لاسيما بعد أن بدت النسخة الأولى من حكومة عزيز أخنوش رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار غير قادرة على تسريع وتيرة الإصلاحات الكبرى في القطاعات الاستراتيجية من قبيل التعليم والصحة، ومواجهة موجة غلاء الأسعار التي ما فتئت تتصاعد بشكل مطرد، إثر مسلسل الارتفاع القياسي وغير المسبوق لأسعار المحروقات، التي أرخت بظلالها على باقي المواد الأساسية والواسعة الاستهلاك، فضلا عن تزايد نسب البطالة والفقر والهدر المدرسي وتفشي مختلف مظاهر الريع والفساد...
فالتعديل الحكومي الموسع الذي جرت أحداثه يوم الأربعاء 23 أكتوبر 2024 في قاعة العرش بالقصر الملكي في الرباط على بعد سنتين فقط من نهاية ولاية الحكومة، شمل قطاعات حيوية مثل الفلاحة الصحة والتعليم والنقل والتضامن والأسرة، التي عرفت تعيين وزراء جدد فيها، بينما بقيت أخرى كالداخلية والمالية والخارجية والعدل والأوقاف على حالها دون أي تغيير. وقد جاء لضخ دماء جديدة في شرايين الحكومة، بهدف التعجيل بتنزيل المشاريع التنموية والنهوض بالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية للطبقات الفقيرة والمتوسطة، وبالتالي الحد من منسوب التوتر الاجتماعي المتصاعد عبر الاحتجاجات الصاخبة والإضرابات في مختلف القطاعات...
والملاحظ هو أن الملياردير أخنوش -زاده الله ثراء- أبى إلا أن يقترح لإدارة بعض الوزارات المهمة في النسخة الثانية من حكومته، وجوها من محيطه وزوجته في عالم المال والأعمال، دون أن يكون لها تجارب سابقة في تدبير الشأن العام أو تحمل أي مسؤولية حزبية من قبل، مما خلف استياء عارما وردود أفعال غاضبة في أوساط المواطنين ، الذين اعتبروا التعديل الحكومي مهزلة كبرى واستخفافا بانتظاراتهم، ولم يتأخروا في توجيه انتقادات حادة لرئيس الحكومة حول هذه "الخلطة الهجينة" على منصات التواصل الاجتماعي، كما أثار جدلا واسعا في المشهد السياسي عن مدى قدرة هذه البروفيلات الجديدة على إحداث الإضافة المرجوة والتغيير المنتظر، من خلال ترجمة الوعود الانتخابية إلى حقائق ملموسة، التدبير الجيد للملفات الثقيلة وابتكار حلول ملائمة للمشاكل المطروحة، وخاصة في القطاعات الاستراتيجية والحيوية، مثل قطاعات التربية الوطنية، الصحة والحماية الاجتماعية، التشغيل، الصناعة التقليدية والنقل...
فقد اعتبر الكثير من الفاعلين السياسيين والمراقبين أن بعض الوزراء الذين جيء بهم في النسخة الثانية للحكومة، يفتقرون إلى التجربة السياسية والرؤية الفكرية من أجل إبداع الحلول الناجعة للأزمات، حيث أنهم لا يتمتعون سوى بالخبرة في مجال المال والأعمال، كما اتضح ذلك من خلال ظهورهم الباهت والمرتبك في البرلمان أثناء جلسات الأسئلة الكتابية والشفوية على حد سواء، مما يتناقض مع شعار "الدولة الاجتماعية"، ويؤكد استمرار التوجه نحو "سلعنة" قطاعي التعليم والصحة...
ترى ما الفائدة من هكذا تعديل على بعد سنتين فقط من نهاية ولاية الحكومة؟ فمن خلال التقييم الأولي، نرى أن الوضع مازال على ما هو عليه من ترد إن لم يتدهور أكثر، إذ لا شيء تغير عدا رفع عدد الوزراء من 24 إلى 30 وزيرا، منهم 6 أعضاء جدد بمناصب وزارية حديثة تحت مسمى كتاب الدولة، ظلوا طوال الثلاثة شهور الأولى من تعيينهم بدون مهام، إضافة إلى رئيس الحكومة عزيز أخنوش. حيث أن السياسات والمقاربات بقيت هي نفسها، ثم إن لهيب الأسعار مازال حارقا، والفساد مستشريا، ومنسوب الاحتقان الشعبي متصاعدا والاحتجاجات مستمرة، والأكثر من هذا خوض خمس مركزيات نقابية كبرى إضرابا وطنيا إنذاريا عاما يومي 5 و6 فبراير 2025 جراء فشل الحوار الاجتماعي فيما يتعلق بمشروع القانون رقم 97-15 المتعلق بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، والإخلال بالوعود الاجتماعية.
فأي خير يرجى من حكومة أخنوش في صيغتها الثانية، وقد انطلق السباق محموما بين الأحزاب الثلاثة المكونة لها نحو الظفر بقيادة ما بات يعرف إعلاميا ب"حكومة المونديال" في حملة انتخابية سابقة لأوانها، حتى قبل أن يستأنس الوافدون الجدد من الوزراء وكتاب الدولة بمناصبهم؟
تعم نحن لا ننكر أن هناك مجهودا ماليا بذل في اتجاه التخفيف من عبء التضخم على الأسر المغربية، بيد أن الوضع القائم مازال متأزما، كما كشف عن ذلك التقرير الأخير للمندوبية السامية للتخطيط حول الظرفية لدى الأسر المغربية، لاسيما أن 81 في المائة أكدت تراجع مستواها المعيشي خلال 12 شهرا الأخيرة، مقارنة مع نفس الفترة في السنة الماضية. حيث أن أغلب الأسر لم تعد تستطيع تلبية حاجياتها دون اللجوء إلى الاقتراض، أمام محدودية الأجور وضعف المداخيل وارتفاع متواصل لتكاليف المعيشة...
إننا نكاد نجزم بأن العبرة ليست في تغيير وجوه بأخرى، بدعوى تطعيم الحكومة بشخصيات جديدة قادرة على الرفع من الأداء الحكومي في اتجاه مواجهة الصعوبات والتحديات، وإنما في توفر الإرادة السياسية القوية لدى التحالف الحكومي وقائده. فهل ما تبقى من عمر الحكومة كاف أمام النسخة الثانية، ليتمكن أعضاؤها من ابتكار الحلول اللازمة لما يواجه المواطنين من أزمات متعددة مثل غلاء الأسعار، البطالة التي تفاقمت بشكل لافت، قلة الماء، فضلا عن محاربة الفساد، تفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة واستكمال الأوراش المفتوحة والمتعثرة؟

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صوت العدالة
منذ 4 ساعات
- صوت العدالة
الخميسات: حفل رسمي لتوديع حجاج بيت الله الحرام في أجواء روحانية مميزة
حفيظ المخروبي – صوت العدالة في أجواء مفعمة بالإيمان والروحانية، ترأس عامل إقليم الخميسات، السيد عبد اللطيف النحلي، صباح يوم الخميس 22 ماي 2025، بمقر العمالة، حفلاً رسمياً لتوديع حجاج الإقليم المتوجهين إلى الديار المقدسة لأداء مناسك الحج لموسم 1446 هـ، بحضور عدد من المسؤولين المحليين، والسلطات الأمنية، والمجالس المنتخبة. افتُتح الحفل بتلاوة آيات بينات من الذكر الحكيم، أعقبها توجيه كلمة توعوية من عامل الإقليم، هنأ فيها الحجاج، مذكراً إياهم بقدسية الركن الخامس من أركان الإسلام، وداعياً إياهم إلى التسلح بالصبر، والالتزام بالتعليمات الصحية والتنظيمية، وحسن تمثيل المملكة المغربية في البقاع المقدسة، انسجاماً مع التوجيهات السامية لأمير المؤمنين، جلالة الملك محمد السادس نصره الله. كما دعا الحجاج إلى التضرع إلى الله عز وجل أن يحفظ جلالة الملك، ويقر عينه بولي عهده الأمير مولاي الحسن، ويشد أزره بشقيقه الأمير مولاي رشيد، وأن يتغمد جدي جلالته، المغفور لهما الملك محمد الخامس والملك الحسن الثاني، بواسع رحمته. وقد تخلل الحفل تقديم توجيهات دينية وصحية من قبل المجلس العلمي المحلي، ومندوبية الشؤون الإسلامية، ومندوبية الصحة، شملت أهم الإرشادات المتعلقة بأداء المناسك في أمن وسلام. واختُتم الحفل بتوزيع الوثائق الرسمية على الحجاج، الذين بلغ عددهم هذا الموسم 127 حاجاً وحاجة، وسط أجواء من الفرح والدعاء، معبرين عن امتنانهم لهذه الالتفاتة الطيبة من السلطات الإقليمية. نسأل الله تعالى أن يتقبل من حجاجنا الكرام مناسكهم، ويكتب لهم حجاً مبروراً وسعياً مشكوراً وذنباً مغفوراً، وأن يعودوا إلى وطنهم سالمين غانمين.


عبّر
منذ 4 ساعات
- عبّر
هل أصدرت وزارة الداخلية توجيهات لمنع مظاهر شعيرة عيد الأضحى في المغرب بتعليمات ملكية؟
تداول عدد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي خلال الساعات الماضية معلومات تفيد بأن وزارة الداخلية المغربية أصدرت توجيهات لمنع مظاهر إحياء شعيرة عيد الأضحى لسنة 2025، وهو ما أثار جدلاً واسعاً بين المواطنين وأعاد الجدل حول وضعية القطيع الوطني وظروف الجفاف. مصدر رسمي ينفي منع مظاهر شعيرة عيد الأضحى وفي رد مباشر، نفى مصدر مسؤول بوزارة الداخلية، صحة هذه المعطيات بشكل قاطع، مشدداً على أن الوزارة لم تُصدر أي توجيه أو قرار يتعلق بمنع مظاهر شعيرة عيد الأضحى، وأن كل ما يتم تداوله 'لا أساس له من الصحة'. الرسالة الملكية: دعوة للتيسير دون فرض منع وكان الملك محمد السادس قد وجّه رسالة رسمية يوم الأربعاء 26 فبراير 2025، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق، خلال نشرة الأخبار بالقناة الأولى، أهاب فيها بالشعب المغربي عدم القيام بذبح الأضحية هذه السنة مراعاة للظروف الاقتصادية والمناخية الصعبة، خاصة بعد تراجع القطيع الوطني بنسبة 38% حسب ما كشفه وزير الفلاحة أحمد البواري. وجاء في الرسالة الملكية: 'نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة الأضحية لهذه السنة، وسنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيراً على سنة جدنا المصطفى عليه الصلاة والسلام.' كما أكد الملك في رسالته على أن عيد الأضحى سيُحيى بطقوسه الروحانية والاجتماعية المعتادة، بما فيها: الصدقات وضعية القطيع الوطني تدفع نحو قرارات استثنائية وفي السياق ذاته، أوضح وزير الفلاحة أن عدد الأضاحي المتوفرة تراجع إلى ما بين 130 و150 ألف رأس، بعدما كان المغرب يذبح سنوياً نحو 230 ألف رأس، نتيجة الجفاف المتواصل للسنة السابعة على التوالي، ما أثر سلباً على إنتاج اللحوم والأسعار في السوق الوطنية.


أريفينو.نت
منذ 5 ساعات
- أريفينو.نت
عامل إقليم الحسيمة يستعرض حصيلة 20 سنة من المبادرة الوطنية للتنمية البشرية
فكري ولد علي ترأس عامل إقليم الحسيمة، السيد حسن زيتوني، صباح اليوم الخميس 22 ماي 2025، لقاء بمقر العمالة، بمناسبة تخليد الذكرى العشرين لانطلاق المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، وقد حضر هذا اللقاء عدد من المسؤولين المحليين، المدنيين والعسكريين، ومنتخبو الإقليم، وممثلو المصالح الخارجية والجمعيات وهيئات المجتمع المدني، إلى جانب وسائل الإعلام. وفي كلمته الإفتتاحية، أكد السيد العامل أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، التي أطلقها جلالة الملك محمد السادس نصره الله في 18 ماي 2005، تمثل ورشًا اجتماعيًا متجددًا يضع الإنسان في صلب السياسات العمومية، ويعتمد مقاربة تنموية شاملة تروم تقليص الفوارق وتحقيق العدالة الاجتماعية، واعتبر أن الذكرى العشرين تشكل محطة للتقييم والاعتراف بالمنجزات، وفرصة لتجديد الالتزام الجماعي بمواصلة هذا الورش الوطني بنفس منسوب التعبئة والالتفاف حول الأهداف النبيلة للمبادرة. وأشار السيد حسن زيتوني إلى أن المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ومن خلال برامجها الأربعة، أحدثت تحولات إيجابية على مستوى إقليم الحسيمة، لاسيما في ما يتعلق بتحسين ظروف العيش، ومحاربة الفقر والهشاشة، والنهوض بالإدماج الاقتصادي، وتعزيز كفاءات وقدرات الشباب والنساء، وأضاف أن المقاربة المعتمدة، خاصة في مرحلتها الثالثة، ركزت على تثمين الرأسمال البشري، ودعم الفئات في وضعية هشاشة، وخلق فرص حقيقية للتمكين الاقتصادي والاجتماعي. واستعرض عامل الإقليم الحصيلة الرقمية للمشاريع المنجزة في الإقليم خلال عشرين سنة من العمل المتواصل، والتي بلغت ما مجموعه 1190 مشروعًا بكلفة إجمالية تقدر بـ 1.2 مليار درهم، وقد همّت هذه المشاريع مختلف المجالات، حيث تم إنجاز 1000 مشروع في المرحلة الأولى بكلفة 120 مليون درهم، فيما بلغت تكلفة المرحلة الثانية 617 مليون درهم همت 237 مشروعًا، في حين عرفت المرحلة الثالثة إنجاز 796 مشروعًا بقيمة 373 مليون درهم. وسلط السيد العامل الضوء على النتائج الميدانية لهذه الأوراش، حيث شملت البنيات التحتية والخدمات الأساسية، من ماء وكهرباء ومسالك قروية، إضافة إلى بناء وتجهيز مراكز لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة والمسنين والأطفال المتخلى عنهم، إلى جانب دعم التعاونيات والأنشطة المدرة للدخل، وخاصة المشاريع النسائية والشبابية. وقد ساهمت هذه المشاريع في تحسين المؤشرات الاجتماعية وتعزيز دينامية الاقتصاد الاجتماعي والتضامني بالإقليم. وأكد السيد زيتوني أن تخليد هذه الذكرى ليس فقط مناسبة للاحتفال، بل لحظة تقييم وتخطيط لما هو قادم، عبر تثمين المكتسبات والانخراط في مشاريع جديدة ذات وقع ملموس وجودة عالية، ودعا جميع المتدخلين إلى مضاعفة الجهود والعمل بروح جماعية من أجل مواصلة هذا الورش الملكي الطموح، وتحقيق أهداف التنمية البشرية المستدامة، وفقًا لتوجيهات صاحب الجلالة. وعلى هامش هذا الاحتفال، أشرف السيد حسن زيتوني على افتتاح معرض للمنتجات المجالية بساحة محمد السادس، بمشاركة عشرات التعاونيات المحلية والمقاولات الصغرى والمؤسسات العمومية ذات الصلة، وهو المعرض الذي يأتي تنظيمه في إطار دعم الاقتصاد الاجتماعي والتضامني، وإبراز غنى وتنوع المنتجات المحلية التي يعُدّ الإقليم خزّانًا لها، كما يهدف إلى خلق جسور للتسويق والتعاون بين الفاعلين المحليين وتعزيز إشعاع المنتوج المجالي على المستويين الجهوي والوطني. إقرأ ايضاً