
الحقائق عندما تنتصر على الأوهام
تعد اللقاءات بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو دروساً متقدمة في الدهاء، ذلك لأن كلا الرجلين ماهران في التلاعب، وهما نتاج عصر الإعلام. إنهما يخلقان أوهاماً يُصران على أنها حقيقة. يكرران هذه الأوهام مراراً وتكراراً، وبقوة هائلة، حتى تصبح حقيقةً لمن يثق بهما. أما من لا يصدق الوهم، فيتعرض للتهديد وربما الاستخفاف أو النبذ.
لقد استغل كلا الزعيمين دهاءهما لتحقيق نجاح شخصي في السياسة الداخلية. لقد كونا قواعد شعبية قوية، وأتباعاً يؤمنون بضرورة دعم قيادتهما وحمايتها. وفي الوقت ذاته، فهما يمثلان شخصيتين استقطابيتين ساهمتا في تعميق الشروخ داخل بلديهما.
ولأن ما يروجان له أوهام فإن نجاحاتهما محدودة. أولاً، الواقع دائماً ما يشكل رادعاً قوياً للوهم. وتجاهل الواقع يمكن أن يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية وفوضى سياسية.
على سبيل المثال، روّج الرئيس ترامب لخطته المميزة للميزانية - التي أطلق عليها «مشروع القانون الكبير والجميل» - واعداً بأنها ستكون سليمة من الناحية المالية وستجلب مزيداً من الرخاء للأميركيين. لكن بدلاً من ذلك، يبدو أنها ستزيد عجز الموازنة بشكل كبير، وقد تتسبب في فقدان 17 مليون أميركي لتأمينهم الصحي. أما نتنياهو، فقد أطال أمد حربه على غزة (وكذلك على لبنان وسوريا وإيران)، مدّعياً أنها ستقود إلى «نصر كامل»، وتجعل إسرائيل أكثر احتراماً وأمناً. وبدلاً من ذلك، فقد انتهى به المطاف باتهامه بارتكاب جرائم حرب، فيما تراجعت مكانة إسرائيل الدولية بسبب سياسته في حرب غزة وما ينجم عنها من عمليات قتل.
في نهاية المطاف، الحقيقة تنتصر. وبالتالي، من المتوقع أن يأتي اليوم الذي يكتشف فيه ناخبو ترامب أنهم فقدوا تأمينهم الصحي ويشهدون إغلاق مستشفياتهم الريفية، وأن «مشروع القانون الكبير والجميل» لم يكن يشملهم. وسيحدث الشيء ذاته في إسرائيل عندما يدرك الإسرائيليون أن «النصر الكامل» مجرد خدعة - فالصراع مع الفلسطينيين سيستمر ما دام الفلسطينيون محرومين من حقوقهم - ومع عودة عشرات الآلاف من الجنود الإسرائيليين الشباب من جولات القتال في غزة وهم يعانون من اضطراب ما بعد الصدمة، مما يؤدي إلى فوضى في منازلهم ومجتمعاتهم.وفي ظل هذه الخلفية، كان من المثير للاهتمام والمقلق رؤية نتنياهو وترامب يتبادلان المديح خلال لقائهما الأخير - في مشهد غريب من المجاملات. وكما نقول بالعامية: «لقد بالغوا في الإطراء». قدم نتنياهو، المتهم بارتكاب جرائم حرب، لترامب رسالة رشّحه فيها لنيل جائزة نوبل للسلام. ورد ترامب المجاملة بوصفه لنتنياهو بأنه «أعظم رجل على قيد الحياة». يمكن اعتبار كل هذا مجرد مبالغة في المجاملة غير مؤذية، لكن جهود هذين الرجلين تُصبح خطيرةً حقاً عندما يُصدّقان هما وأتباعهما هذه الخدعة، فيحاولان توسيع نطاق جهودهما لاستبدال الواقع بالوهم من خلال سياساتٍ تؤثر على الآخرين.
بناءً على ما نعرفه عن لقاءات ترامب ونتنياهو، يتضح أن الأفكار التي تقود كليهما لا تستند إلى الواقع.
كانت خطة ترامب تقضي بإجلاء الفلسطينيين من غزة إلى مكان خارج فلسطين، حيث يتم توفير مساكن لهم ليعيشوا حياة «منتجة»، مما يُمهد الطريق لتحويل غزة إلى منتجع سياحي على طراز الريفييرا. وقد قوبلت هذه الخطة برفض واسع ووصفت بأنها تطهير عرقي غير قانوني واستعمار فج. أما نتنياهو، فلا يبدو أنه يملك خطة أفضل، سوى تعديل طفيف على فكرة ترامب. فهو لا يريد طرد جميع فلسطينيي غزة، بل يسعى لطرد أكبر عدد ممكن منهم إلى دول أخرى. أما من يبقون، فسيتم «نقلهم» إلى ما يسميه الإسرائيليون «موقع إعادة توطين إنساني»، «حيث يُمكن توفير احتياجات الفلسطينيين و«إبعادهم عن التطرف».
تشترك الخطتان في ثلاثة عناصر: أولاً، كل من ترامب ونتنياهو يقدمان خططهما بلغة إنسانية مخادعة. ثانياً، لا تأخذ أي من الخطتين في الاعتبار ما يريده الفلسطينيون حقاً. وأخيراً، كلتاهما واهمة ومصيرها ليس الفشل فحسب، بل تفاقم الوضع المضطرب أصلاً.
لعلّ أكبر وهمٍ يُصوّره الرجلان هو فكرة أن«خططهما» ستُهيئ الظروف للسلام الإقليمي. فتجاهلا حقيقة أن أحد الأسباب الجذرية للتوتر في الشرق الأوسط هو تهجير إسرائيل للفلسطينيين، فإن مقترحاتهما لا تُضيف إلا إلى المزيد من أفكار التهجير والتوتر في غزة (مع مفاقمة التهجير نفسه في الضفة الغربية والقدس الشرقية). وكما أثبت التاريخ، من الخطير تجاهل إنسانية الفلسطينيين. ومن السذاجة أن يظن ترامب ونتنياهو أن العالم العربي سيصدق الأوهام، ويؤمن بإمكانية تحقيق «عصر سلام». هذه مجرد خيالات في أذهانهما وأذهان المحيطين بهما.كما قال رئيس أميركي عظيم من الحزب «الجمهوري» قبل 160 عاماً: «يمكنك أن تخدع بعض الناس طوال الوقت، وكل الناس لبعض الوقت، لكن لا يمكنك أن تخدع كل الناس طوال الوقت».
*رئيس المعهد العربي الأميركي- واشنطن

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
ترامب يصف ملفات جيفري إبستين بـ"الخدعة".. ويوجه طلبا لأنصاره
ونفت وزارة العدل الأميركية ومكتب التحقيقات الفيدرالي في مذكرة نشرت الأسبوع الماضي وجود دليل على احتفاظ إبستين الذي انتحر داخل زنزانته بـ"قائمة عملاء"، أو أنه كان يبتز شخصيات نافذة. كما رفضا المزاعم بأن إبستين قُتل، مؤكدين وفاته منتحرا في أحد سجون نيويورك عام 2019 وأنهما لن يفصحا عن أي معلومات إضافية متعلقة بالقضية. وقوبلت هذه الخطوة باستغراب من بعض المؤثرين اليمينيين الذين دعم الكثير منهم ترامب لسنوات، كما وُجهت انتقادات لاذعة لوزيرة العدل بام بوندي ومدير مكتب التحقيقات الفيدرالي كاش باتيل. وكتب ترامب السبت في منشور مطول على منصته تروث سوشيال"ماذا يحدث مع (أبنائي) وفي بعض الحالات (أصدقائي)؟ جميعهم يهاجمون وزيرة العدل بام بوندي التي تقوم بعمل رائع". وأضاف "نحن في فريق واحد، فريق ماغا"، في إشارة إلى حركته "لنجعل أميركا عظيمة مرة أخرى"، مضيفا "لا يعجبني ما يحدث. لدينا إدارة مثالية، باتت حديث العالم، وأشخاص (أنانيون) يحاولون الإضرار بها، بسبب رجل لا يموت أبدا، جيفري إبستين". ويزعم الكثير من بين أتباع "ماغا" أن شخصيات فاعلة تنتمي إلى " الدولة العميقة" تخفي معلومات عن شركاء لإبستين من طبقة النخبة في المجتمع. وكتب أليكس جونز، مؤيد ترامب والمروج لنظريات المؤامرة"بعد ذلك، ستقول وزارة العدل: في الواقع، لم يكن جيفري إبستين موجودا في الأساس"، مضيفا "هذا فوق كل شيء مقزز". أما المؤثرة اليمينية المتطرفة لورا لومر فطالبت ترامب بإقالة بوندي بسبب هذه القضية ووصفتها بأنها "تسبب الإحراج". لكن السبت، دافع ترامب عن بوندي واعتبر أن ما يسمى بـ"ملفات إبستين" ما هي إلا خدعة دبرها الحزب الديمقراطي لتحقيق مكاسب سياسية. وأوضح قائلا: "دعونا... لا نضيع الوقت والجهد على جيفري إبستين، شخص لا يبالي به أحد". ودعا الرئيس الأميركي باتيل وبوندي إلى التركيز بدلا من ذلك على ما أسماه "انتخابات 2020 المزورة والمسروقة" التي خسرها ترامب أمام جو بايدن. وطالب بالسماح لمكتب التحقيقات الفيدرالي بالتركيز على هذا التحقيق "بدلا من قضاء شهر تلو الآخر في البحث فقط عن نفس الوثائق القديمة حول جيفري إبستين المستلهمة من اليسار الراديكالي"، متابعا "فلتقم بام بوندي بعملها إنها رائعة". وترامب الذي ظهر في مقطع فيديو واحد على الأقل مع إبستين خلال حفلة تعود إلى عقود مضت، نفى مزاعم عن وجود أي صلة مباشرة معه أو ورود اسمه في ملفات تتعلق بقضيته. وذكر مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السبت قبل ساعات من ظهور منشور ترامب على مواقع التواصل الاجتماعي أن "نظريات المؤامرة غير صحيحة، ولم تكن كذلك قط".


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
حزب إسكتلندي يدعو الحكومة البريطانية للاعتراف بدولة فلسطين
وطلب الحزب من الحكومة البريطانية وقف بيع الأسلحة لإسرائيل ، قائلا إن فشل الحكومة في "استخدام السلطة التي تملكها" لإنهاء الصراع في غزة سيجعلها "متواطئة تماما" فيما وصفه بـ "المذبحة". وقال بريندان أوهارا، المتحدث باسم الحزب الوطني الإسكتلندي لشؤون الشرق الأوسط، إنه لو كانت الحكومة البريطانية "تتمتع بذرة من الإدانة والشجاعة لكانت تملك القدرة على التحرك". وأضاف: "بعد أن شهدنا أسبوعا آخر من المذبحة، يمكن لحزب العمال، بل يجب عليه، أن يبدأ هذا الأسبوع الجديد باتخاذ خطوتين ملموسين". وتابع قائلا إنه "يجب أن يبدأوا هذا الأسبوع الجديد بوقف جميع مبيعات الأسلحة لإسرائيل والاعتراف بدولة فلسطين أخيرا". ووفق أوهارا فقد "كان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون واضحا تماما بأنه يستعد للانضمام إلى دول أوروبية أخرى في الاعتراف بدولة فلسطين، وأنه يضغط على المملكة المتحدة للانضمام إلى هذا (الزخم السياسي) نحو وقف إطلاق النار وسلام دائم". وأوضح أنه "يجب على كير ستارمر أن يوقف الأعذار وينضم إليه في الاعتراف بدولة فلسطين دون أي تأخيرات أخرى ضارة". وأشار إلى أن مثل هذا التحرك "سيرسل أوضح الإشارات بأننا مستعدون لحماية وضمان حق الشعب الفلسطيني في وطنه الخاص، وأن جميع الأدوات الدبلوماسية ستستخدم لمنع أي خطة تقترح بشكل فعال تطهيرا عرقيا في غزة". وشدد قائلا إنه "من الواضح أيضا بشكل جلي أن أي شخص يدعي دعم حل الدولتين يجب أن يدعم الاعتراف الفوري بفلسطين، وإلا فإن كلماته تبدو جوفاء". واعتبر أنه " إذا بقيت وستمينستر بعد هذا الأسبوع مكتوفة الأيدي وفشلت في استخدام السلطة التي تملكها للتحرك، فإنها ستكون متواطئة تماما في منح حكومة (بنيامين) نتنياهو حصانة لارتكاب مذابح أسبوعا بعد أسبوع، حتى أكثر فتكا من تلك التي عانى منها الفلسطينيون". ولفت الحزب الوطني الإسكتلندي إلى أن 144 عضوا في الأمم المتحدة، بما في ذلك أيرلندا وإسبانيا والنرويج، قد تحركوا بالفعل للاعتراف بفلسطين. وكان وزير الخارجية البريطاني ديفيد لامي قد قال في وقت سابق هذا الأسبوع إن الحكومة البريطانية لا تزال "ملتزمة تماما" بالاعتراف، لكنه رفض تحديد إطار زمني لذلك. وجاءت تصريحات أوهارا عقب خطاب ألقاه الرئيس الفرنسي ماكرون خلال زيارته الرسمية الأخيرة للمملكة المتحدة، والذي قال فيه إن الاعتراف بدولة فلسطين هو "السبيل الوحيد للسلام"، بحسب وكالة "بي إيه ميديا" البريطانية.


سبوتنيك بالعربية
منذ 2 ساعات
- سبوتنيك بالعربية
ترامب: راض عن تقارير محاولة الاغتيال التي نجوت منها قبل عام
ترامب: راض عن تقارير محاولة الاغتيال التي نجوت منها قبل عام ترامب: راض عن تقارير محاولة الاغتيال التي نجوت منها قبل عام سبوتنيك عربي أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن رضاه إزاء المعلومات التي تلقاها من وكالات إنفاذ القانون بشأن محاولة الاغتيال التي استهدفته قبل عام. 13.07.2025, سبوتنيك عربي 2025-07-13T02:33+0000 2025-07-13T02:33+0000 2025-07-13T02:34+0000 ترامب وقال ترامب في مقابلة مع شبكة "فوكس نيوز" الأمريكية: "تم إطلاعي عدة مرات من قبل مكتب التحقيقات الفيدرالي (FBI) والخدمة السرية ووزارة العدل... أنا راضٍ عنهم. كان يجب أن يكون هناك شخص داخل المبنى – كان ذلك خطأً. وكان ينبغي أن تكون هناك اتصالات مع الشرطة المحلية".وأضاف الرئيس الأمريكي أن "أخطاء ارتُكبت، ولم يكن يجب أن تحدث"، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى رضاه عن التحقيق في "المؤامرة الأكبر"، قائلاً: "أعرف الأشخاص المسؤولين، إنهم موهوبون للغاية وقادرون. لقد كان يوماً سيئاً، وأعتقد أنهم يعترفون بذلك".وجرت المقابلة مع ترامب على يد كنّته لارا ترامب، التي ربطت بين مرور عام على محاولة الاغتيال ونجاحه كرئيس للإدارة الأمريكية.وكانت محاولة الاغتيال قد وقعت في 13 يوليو 2024 خلال تجمع انتخابي في مدينة باتلر بولاية بنسلفانيا، حيث أصيب ترامب برصاصة في الأذن، وقُتل شخص آخر، فيما تم تصفية المنفّذ برصاص قناص.وامتنعت كل من مكتب التحقيقات الفيدرالي ووزارة العدل ومكتب شريف باتلر عن الرد على طلبات "سبوتنيك" للحصول على معلومات بشأن التحقيق ونتائجه، بينما أعلنت الخدمة السرية تعليق عمل ستة من عناصرها بعد تحقيق داخلي في الحادث. سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 2025 سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 الأخبار ar_EG سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 1920 1080 true 1920 1440 true 1920 1920 true سبوتنيك عربي +74956456601 MIA 'Rossiya Segodnya' 252 60 سبوتنيك عربي ترامب