
ماذا بعد 'العربدة النتنياهوية' في سوريا !؟
منذ إسقاط نظام بشار الأسد في ديسمبر العام الماضي، تواصل إسرائيل عملياتها العسكرية في سوريا، اخرها مواقع استراتيجية مثل ريف درعا، محيط القصر الجمهوري في دمشق، ومطارات عسكرية في حماة وتدمر. هذه العمليات، يمكن وصفها دون مواربة بـ'العربدة النتنياهوية'، تثير تساؤلات حول نوايا إسرائيل تجاه سوريا في ظل قيادة الرئيس أحمد الشرع، التي أعلنت أنها لا تشكل تهديداً لأي جهة، ونجحت في طرد المليشيات الإيرانية وكسر 'هلالها' الذي يؤرّق المنطقة بما فيها إسرائيل.
الأهداف المعلنة: تقدم إسرائيل تبريرات لعملياتها في سوريا، تركز على حماية أمنها القومي:
– منع استعادة القدرات العسكرية: إسرائيل تؤكد أنها تدمر الأسلحة الاسيتراتيجية السورية 'الصواريخ والدفاعات الجوية' لضمان عدم وقوعها بأيدي أي طرف قد يشكل تهديداً مستقبلياً، سواء كانت القيادة الجديدة أو تنظيمات متطرفة. بحسب تقارير، فإن إسرائيل دمرت أكثر من 80% من الترسانة السورية.
– إنشاء منطقة عازلة: احتلال القنيطرة وجبل الشيخ، وبناء نقاط مراقبة متقدمة، يهدف إلى إقامة منطقة دفاعية في جنوب سوريا تحمي مرتفعات الجولان المحتلة.
– حماية الأقليات: إسرائيل استخدمت ذريعة حماية الدروز في السويداء كمبرر لتدخلاتها، رغم تأكيد القيادة السورية الجديدة على حماية جميع الطوائف.
لكن اللافت استمرار القصف رغم تراجع التهديدات التقليدية، وهو ما يشير إلى وجود أجندة أعمق تتجاوز هذه التبريرات.
الأهداف غير المعلنة: إعادة تشكيل المنطقة تبدو جزءاً من استراتيجية أوسع تتماشى مع رؤية 'بنيامين نتنياهو' لتعزيز الهيمنة الإسرائيلية:
– إضعاف دولة سوريا: استمرار هذه العربدة النتنياهوية عبر الغارات الجوية يعيق إعادة بناء الدولة السورية، ما يبقيها في حالة ضعف دائم،وهذا يتوافق مع هدف طويل الأمد لمنع ظهور جيران أقوياء قادرين على مواجهة إسرائيل أو دعم مقاومة مستقبلية. لكن في ذات الوقت، فإن تدمير البنية التحتية يجبر القيادة السورية على الاعتماد على دعم خارجي (تركيا أو الخليج)، وهذا ما لا يريده نتنياهو.
– منع التقارب الإقليمي: إسرائيل تخشى أن تستعيد سوريا الجديدة علاقات قوية مع دول عربية أو تركيا، الأمر الذي يعزز مكانتها، وبالتالي فهي تستمر في القصف لإجهاض محاولات التطبيع أو الدعم الخارجي الكبير.
– تقسيم سوريا: إسرائيل قد تسعى لتحويل سوريا إلى دولة مفككة أو اتحادية تضم كيانات ضعيفة، وهذا يرجعنا إلى فكرة 'ممر داوود' المزعوم، حيث بدأ الإسرائيليون يتحدثون عنه علناً، ويريدون به شريطاً من الأرض يمتد من الجولان وصولا إلى نهر الفرات. بينما يتحدث البعض عن أنه يشمل قيام دولة درزية جنوب سوريا ودولة كردية في شمالها، يلتقيان في منطقة التنف، وهي المنطقة الواقعة في مثلث الحدود السورية الأردنية العراقية، وبالتالي فإن التقسيم حسب 'المخطط النتنياهوي' يضمن أن سوريا لن تعود قوة موحدة، عسكرياً أو سياسياً.
لكن الواقع يفرض معادلات مغايرة أمام هذه المخططات وهي تركية وداخلية سورية.
– تركياً، أدركت أنقرة هذا المخطط الذي طالما حذر منه الرئيس 'رجب طيب أردوغان'، فتحركت القوات التركية مع بعض الفصائل السورية؛ متجاهلة التحذيرات الأمريكية في عهد 'جو بايدن'، فهاجمت القوات العسكرية المشتركة المدن التي احتلتها قسد غرب نهر الفرات وأخرجتهم منها تماما، ثم حررت بعد ذلك مناطق شرق الفرات.
كما أن تركيا تدرك أن عدم استقرار سوريا بسبب القصف المستمر يهدد بزيادة تدفق اللاجئين نحو أراضيها، حيث تستضيف حالياً نحو 3.6 مليون سوري،ما يشكل عبئاً اقتصادياً وسياسياً كبيراً، خاصة مع الضغوط الداخلية للحد من وجود اللاجئين.
– داخلياً، هو انسحاب العشائر العربية من قسد وتسليمهم مدينة دير الزور إلى قوات الإدارة العسكرية التي يقودها أحمد الشرع.
لا سيما تكاتف الشعب السوري، وهو يمثل الجدار الشعبي في وجه 'العربدة النتنياهوية' على الرغم من القصف، يظهر الشعب السوري تكاتفاً كبيراً حول أحمد الشرع والقيادة الجديدة.
وظهر ذلك جلياً عندما تعرضت قوات الأمن في الساحل لاعتداءات أوائل العام الحالي، تشكل ما يشبه 'جيشاً مدنياً' في عموم سوريا للدفاع عن سوريا الجديدة، ويعكس رغبة شعبية قوية في الاستقرار والوحدة.
هذا التكاتف لا شك أنه يشكل عقبة أمام إسرائيل ومخططاتها، حيث لن يقف السوريون مكتوفي الأيدي إزاء القصف، وليس مستبعداً أن يتحول هذا الدعم الشعبي إلى مقاومة غير تقليدية أو ضغط على قيادة الشرع للرد، رغم ضعفها العسكري الحالي.
– سوريا: الضعف المستمر قد يفتح الباب أمام عودة تنظيمات مسلحة مثل داعش أو الميليشيات المرتبطة بإيران، ما يزيد الفوضى التي قد تمتد إلى دول أخرى.
التخبط المحتمل.. يعني أن استهداف القيادة الجديدة، التي أعلنت أنها لا تشكل تهديداً لأي جهة، وأخرجت إيران من دائرة العبث أقله في سوريا، قد يبدو غير منطقي، وهو يشير إلى عدم ثقة إسرائيل أو غياب رؤية واضحة للتعامل معها.
الاستراتيجية المحسوبة.. يبدو أن إسرائيل تعمل وفق خطة مدروسة، فالقصف الممنهج والتوغل في الجنوب يظهران أنها تسعى لتعظيم مقد يعقدان هذه الخطة.
ماذا نستنتج مما تقدم ؟
العربدة النتنياهوية في سوريا لم تعد مجرّد ردود أفعال عسكرية، بل باتت سياسة منهجية لهدم الدولة السورية الجديدة، وكسر أي مشروع وطني مستقل. نتنياهو اليوم لا يحارب نظاماً معادياً، بل يسعى لوأد كل فرصة للاستقرار في مهدهاصراع إقليمي، يشمل مقاومة شعبية سورية، تصعيداً عربياً تركياً، واضطرابات في العراق ولبنان. هذه العربدة، وإن بدت محسوبة، قد تفتح أبواب جحيم على المنطقة لن يسلم منه أحد حتى إسرائيل نفسها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


ساحة التحرير
منذ يوم واحد
- ساحة التحرير
قيادات فلسطينية تغادر سوريا بعد تضييق من السلطات ومصادرة الممتلكات!
قيادات فلسطينية تغادر سوريا بعد تضييق من السلطات ومصادرة الممتلكات! أكد مصدران في المقاومة الفلسطينية أمس الجمعة أن قادة في فصائل المقاومة الفلسطينية كانت وفق وصف حكام دمشق الجدد 'مقرّبة من الحكم السابق وتلقت دعما من طهران'، غادروا سوريا، بعد تضييق من السلطات ومصادرة ممتلكاتهم. وكانت واشنطن التي تصنّف فصائل فلسطينية عدة 'منظمات إرهابية'، حضّت السلطات الجديدة قبيل أسابيع من رفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا على تحقيق شروط عدة، بينها أن 'تمنع إيران ووكلاءها من استغلال الأراضي السورية'(حسب وصفها). وطالب الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره السوري أحمد الشرع خلال لقائهما في الرياض الأسبوع الماضي بـ 'ترحيل الإرهابيين الفلسطينيين'، وفق البيت الأبيض. وأكد قيادي في المقاومة الفلسطينية رفض الكشف عن هويته وأصبح خارج دمشق أن 'معظم قادة فصائل المقاومة الفلسطينية التي تلقت دعما من طهران غادروا دمشق' الى دول عدة بينها لبنان. وعدّد من بين هؤلاء خالد جبريل، نجل مؤسس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة، وخالد عبد المجيد، الأمين العام لجبهة النضال الشعبي في سوريا، وزياد الصغير، الأمين العام لحركة فتح الانتفاضة. و يذكر أن الأمناء العامين المذكورة أسماؤهم أعلاه الذين فرض عليهم مغادرة دمشق، لهم تاريخ نضالي مشرف في مقاومة الاحتلال ، و فصائلهم نفذوا عمليات بطولية خلال طوفان الأقصى و تصدوا للاحتلال الصهيوني في الضفة الغربية و غزة و خاصة فتح الانتفاضة بجناحها العسكري قوات العاصفة و الجبهة الشعبية -القيادة العامة بجناحها العسكري كتائب الشهيد جهاد جبريل. لكن نلاحظ أن التغير الجديد في دمشق بكل حيثياته أتى كالخنجر في ظهر القضية الفلسطينية في زمن الإبادة.. طوفان 2025-05-24


وكالة الصحافة المستقلة
منذ 2 أيام
- وكالة الصحافة المستقلة
شكوى امام المحكمة الدولية تتهم الشرع بارتكاب جرائم ضد الإنسانية
المستقلة/- ذكرت إذاعة 'راديو فرنسا' الجمعة، أن 'التحالف الفرنسي-العلوي'، الذي يضم شخصيات من مختلف الطوائف السورية، قدم شكوى أمام المحكمة الجنائية الدولية (CPI) تستهدف رئيس سوريا للمرحلة الانتقالية أحمد الشرع، بتهمة ارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فيما يعود للمدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية قرار متابعة الملف أو إغلاقه، في ظل الاتهامات الموجهة إلى الشرع الذي تولى الحكم خلفاً لبشار الأسد بعد سقوط نظامه في ديسمبر الماضي واستيلاء المعارضة المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام 'النصرة' سابقا على السلطة في دمشق. وتتهم الشكوى، التي تم تقديمها إلى نيابة المحكمة الجنائية الدولية، الرئيس السوري الانتقالي وقيادات عسكرية مرتبطة به بالمسؤولية عن مجازر دامية وقعت في مارس ومايو الماضيين، وأسفرت عن مقتل ما بين 1700 و2000 مدني، من ضمنهم أفراد من الأقليات الدينية والعرقية في البلاد. وقالت لينا بيرون، من اللجنة القانونية التابعة للتحالف: 'هذه الشكوى هي باسم الشعب السوري. التاريخ سيذكر أنه كان يعلم ولم يحرك ساكناً، أو أسوأ من ذلك، أنه أمر بما حدث'. وأوضح محامي التحالف، بيدرو أندوجار، أن الاتهامات مدعومة بأدلة مصورة، بما في ذلك مقاطع فيديو توثق تحركات الوحدات العسكرية قبل وبعد المجازر، مشيراً إلى وجود مئات الغيغابايت من المواد الرقمية كأدلة إدانة. ويطالب المقدّمون بالتحقيق الفوري مع الشرع وقيادته، في إطار الجرائم المنصوص عليها في النظام الأساسي لروما، سواء باعتبارها جرائم إبادة جماعية أو جرائم ضد الإنسانية، مؤكدين أن هذه الخطوة تأتي لمنع تكرار مثل هذه الجرائم وإرسال رسالة واضحة إلى كل من يعتقد بأنه فوق القانون. المصدر:يورونيوز


شفق نيوز
منذ 4 أيام
- شفق نيوز
سيناريوهات التحولات المفاجئة.. تقرير ألماني يتناول خطورة المقاتلين الأجانب في سوريا
شفق نيوز/ سلّط موقع "دويتشه فيليه عربية" الألماني، يوم الخميس، الضوء على التطورات المتسارعة في الساحة السورية ما بين الحكومة الجديدة المؤقتة برئاسة أحمد الشرع، والتنظيمات "الإرهابية" وفي مقدمتها "داعش" الذي أخذ في الآونة الأخيرة بتصعيد لهجته المعادية والداعية بشكل واضح إلى توجيه ضربات للنظام الجديد. وبحسب الموقع الألماني فإن تنظيم "داعش" بات يشجع المقاتلين الأجانب على الانقلاب على الحكومة السورية الجديدة، ويصف رئيسها بأنه "خائن للقضية" و"كافر" و"عبد" و"تذلل أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب"، وفق ما نشره في العدد الأخير من نشرته الأسبوعية. العداوة السابقة تتجدد ويلفت الموقع إلى أن هذا النوع من العداوة ليس بالجديد بين تنظيم "داعش" وجماعة "هيئة تحرير الشام" التي أسسها وقادها الشرع حين كان يًطلق عليه اسم "أبو محمد الجولاني". فبين عامي 2012 و2013، كانت "هيئة تحرير الشام" جزءاً مما يسمى بـ"تنظيم الدولة الإسلامية"، قبل أن تتحالف مع تنظيم "القاعدة". وبعد قطع العلاقات مع تنظيم "القاعدة" في العام 2016، أمضت "هيئة تحرير الشام" ما يقرب من عقد من الزمان في قتال "داعش" بأجزاء من البلاد التي كانت تسيطر عليها. لذا فإن انتقاد المسار السياسي الحالي الأكثر اعتدالاً للشرع يعتبر أمراً متوقعاً. المقاتلون الأجانب ولكن هناك جانب آخر مثير للاهتمام في النشرة الإخبارية، إذ دعا تنظيم "داعش" المقاتلين الأجانب في سوريا إلى الانشقاق عن الحكومة الحالية بقيادة الشرع. وحثت الجماعة المقاتلين الأجانب الغاضبين من دبلوماسية الشرع مع الولايات المتحدة على الانضمام إلى "داعش". وأعاد هذا الحديث، فضلاً عن اجتماع الشرع مع ترامب، الاهتمام لواحد من أصعب الملفات التي تواجهها الحكومة الانتقالية في سوريا، وهو ملف المقاتلين الأجانب الموجودين في البلاد. وكان الرئيس الأمريكي، خلال اللقاء الذي جمعه بالشرع، قد ضغط "لإجبار جميع الإرهابيين الأجانب على مغادرة سوريا" كواحد من شروط تخفيف العقوبات. وأدلى المبعوثون الفرنسيون والألمان بتصريحات مماثلة، إذ يخشى كثيرون من أن تصبح سوريا ملاذاً للجماعات ذات الإيديولوجيات المتطرفة التي يمكن أن تنشط دولياً لاحقاً. من الصعب تحديد عدد الأجانب الذين قاتلوا إلى جانب "هيئة تحرير الشام". ويمكن أن يتراوح العدد ما بين 1500 و6000 مقاتل، وفقاً لخبراء يرجحوا أن يكون الرقم الحقيقي ما بين العددين. وتتكون أكبر مجموعة من المقاتلين من الأويغور، الذين يشار إليهم أيضاً باسم "التركستان"، القادمين من وسط وشرق آسيا، بما في ذلك الصين. ويأتي المقاتلون الآخرون من روسيا ودول سوفيتية سابقة ومنطقة البلقان وتركيا ودول عربية ودول أوروبية. وجاء معظم المقاتلين إلى سوريا في وقت مبكر خلال الحرب الأهلية التي شهدتها سوريا استجابة لدعوات من تنظيم "داعش"، الذي كان يحاول حينها إقامة ما يسمى بـ"خلافة". ولكن بعد قطع "هيئة تحرير الشام" لعلاقتها مع "داعش" و"القاعدة"، غادر بعض الأجانب التنظيم بينما بقي آخرون. وفي أواخر عام 2024، خلال العملية التي قادها تنظيم "هيئة تحرير الشام" للإطاحة بالرئيس السوري السابق بشار الأسد، لعبت عدة مجموعات من الأجانب، بمن فيهم الأويغور والشيشان، دوراً أساسياً في نجاح الحملة. المقاتلون الأجانب في قمة الهرم وقال الشرع في حينها إنه يجب مكافأتهم على مساعدتهم، وتم تعيين عدد منهم في شهر كانون الثاني/ يناير الماضي بمناصب عليا في الجيش السوري الجديد، وهو ما أثار بعض الجدل. ويرى الباحث في معهد واشنطن، آرون زيلين، في حوار مع الموقع الألماني، أنه من الصعب تحديد مدى أهمية المقاتلين الأجانب لقوات الأمن السورية الآن "لأن عدد السوريين يفوق بكثير عدد الأجانب". لكنه أشار إلى أن بعضهم يتمتع بأهمية أكبر، فعلى سبيل المثال، يعمل مقاتلو الكتيبة الأويغورية الآن كقوة أمنية شخصية للشرع. ويقول زيلين "هم أساساً من يحمونه لأنه يثق بهم، ويُنظر إليهم كرفاق سلاح في القتال ضد الأسد". ويذكر لاجئ سوري مقيم في ألمانيا، طلب عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، أنه التقى بعدد من المقاتلين الأجانب أثناء قتاله قوات نظام الأسد في مدينة حلب السورية. وقال اللاجئ السوري للموقع الألماني "كان بعضهم جيداً، بينما لم يكن البعضهم الآخر جيداً. كانوا شديدي التركيز على القتال، وكان لدى الكثير منهم عقلية سلفية. أرادوا الذهاب إلى حيث تدور المعارك". ويضيف المصدر "الذين بقوا الآن لديهم عائلات في سوريا. لهذا، شخصياً، سأمنحهم فرصة، خاصة لأننا لو طردناهم، سنطرد أيضاً النساء والأطفال. على أي حال، لا تنسوا أن هناك أيضاً الكثير من السوريين الذين يشاركون ولو جزءاً من هذه العقلية (الدينية)". خطورة المقاتلين الأجانب اتُهم مقاتلون أجانب ذوو توجه ديني أكثر تشدداً بالمشاركة في أعمال عنف وقعت حديثاً ضد الأقليات السورية، كما أُلقي عليهم اللوم في محاولات فرض رقابة على ملابس النساء والسلوكيات الاجتماعية في المدن السورية. ويوضح الباحث والخبير في الشؤون السورية، عروة عجوب، في تقرير للمعهد الإيطالي للدراسات السياسية الدولية، أنه حتى وقت قريب جداً، كانت "هيئة تحرير الشام" ما تزال تُصوّر نفسها على أنها "مدافعة عن الإسلام السني". ولكن بعد سقوط نظام الأسد، اتخذت الجماعة مساراً أكثر ليبرالية، بحسب التقرير. ويقول عجوب "يُمثل هذا التغيير المفاجئ في السردية تعديلاً كبيراً للصفوف. قد يكون هذا التحول تحدياً للمقاتلين الذين اعتادوا على وجهة نظر طائفية أضيق. يواجه العديد من مقاتلي هيئة تحرير الشام، الذين لم يغادروا أبدًا البيئة المحافظة في إدلب، مجتمعات أقل تحفظًا في دمشق". الانضمام إلى "داعش" ويرى الباحث في معهد أبحاث السياسة الخارجية في فيلادلفيا، محمد صالح، أنه "إذا استمرت هيئة تحرير الشام في اتجاهها نحو الاعتدال النسبي، مثل التسامح مع النساء غير المحجبات والسماح ببيع الكحول والمشاركة في عملية سياسية على النمط الغربي، فقد تنشق العناصر المتشددة داخل هيئة تحرير الشام، وخاصة الجهاديين الأجانب، أو تنشق عنهم، أو تتعاون مع داعش أو القاعدة". ولكن يتشكك الباحث في معهد واشنطن، آرون زيلين، في أن يشكل المقاتلون الأجانب في سوريا "أي تهديد واسع النطاق"، على حد تعبيره. ويري زيلين أن "أولئك الذين شعروا أن هيئة تحرير الشام لم تعد متشددة بما يكفي بالنسبة لهم قد غادروا بالفعل على الأرجح، وأن العديد من المقاتلين الأجانب الأقل تطرفاً الذين بقوا، يتمتعون بانضباط شديد". كما حاول الشرع لفترة طويلة تهميش أو اعتقال أو طرد أي مقاتل أجنبي قاوم المسار الجديد للجماعة. وما يزال بإمكان المقاتلين الأجانب بالطبع ارتكاب جرائم أو التسبب في مشاكل. إلا أن التهديد الأكبر يأتي حقيقة من المقاتلين الأجانب الأعضاء في تنظيم "داعش"، والذين يواصلون تمردًا محدودًا في شرق سوريا، بالإضافة إلى مقاتلين معتقلين في شمال شرق سوريا. وماذا بعد؟ بعد اجتماع الشرع مع ترامب، ظهرت أنباء بشأن مداهمات من قوات الأمن السورية لقواعد خاصة بالمقاتلين الأجانب في محافظة إدلب. ويرى مراقبون ومحللون أنه ما يزال من غير الواضح ما إن كان الأمر صحيح أم مجرد شائعات أو "مسرحيات سياسية". ويبدو أن شن حملة كبيرة ضدهم هو أمر غير مرجح. ويجادل أعضاء في الحكومة السورية الجديدة بأن المقاتلين الأجانب لا يشكلون أي تهديد للدول الأخرى وأن عددهم أقل من أن يؤثر بشكل كبير على الجيش السوري الجديد، كما أنهم موالون لإدارة الشرع الجديدة على أي حال. بل ويرى البعض أن دمج المقاتلين الأجانب في القوات السورية الجديدة ربما يكون أفضل طريقة للتعامل معهم على أرض الواقع. ويقول زيلين: "من بين جميع الطلبات التي قدمتها الولايات المتحدة، ربما يكون هذا هو الأصعب بالنسبة لسوريا. لا أعتقد أنهم يريدون حقاً تسليم المقاتلين الأجانب إلا إذا كانوا، على سبيل المثال، يفعلون شيئاً مخالفاً للقانون".