
دليل الألوان الرائجة: الزهري ينعش أجواء منزلك العصري
تاريخ اللون الزهري
في العصور الوسطى، استُخدم اللون الزهري في أزياء النساء والفنون. أصبح هذا اللون رمزًا لحبّ الأم، والبراءة. كان هذا اللون بمثابة ثورة واكتشاف، فقد أضفى طابعًا إنسانيًا. لاحقًا، أصبح الزهري لونًا شائعًا بين الأولاد، ولم يبدأ ارتباطه بالأنوثة إلا في منتصف القرن التاسع عشر.
خصائص الزهري في الديكور الداخلي
يعكس الزهري أجواءً هادئة وأنيقة وإيجابية، في الفراغ المعماري، خصوصًا الزهري المغبر أو المترب الذي شاع استخدامه خلال الأعوام القليلة الماضية. أضيفي إلى ذلك، اللون الزهري مهدّئ للأعصاب ويقضي على أي شعور بالغضب والتوتر.
من إيجابيات الزهري في الديكور، أن اللون المذكور ينسجم مع ألوان عدة، سواء كانت فاتحة أو داكنة، كما يناسب الزهري غرف المنزل كافة، سواء استخدم في طلاء الجدران أو في تلوين التفاصيل المتمثلة في قطع الزينة، بخلاف الاعتقاد السائد من بعض الناس أن الزهري يُستخدم حصرًا في غرف نوم البنات.
ألوان متناغمة مع الزهري
االزهري لون متعدد الاستخدامات، يُمكن دمجه في التصميم الداخلي بطرق متعددة، بدءًا من اللمسات الرقيقة وصولًا إلى الديكورات الجريئة. يُمكنه خلق جوٍّ هادئ وراقٍ عند دمجه مع الألوان المحايدة، أو إضافة لمسة حيوية عند دمجه مع الألوان المتباينة.
الأبيض: يكمل الأبيض اللون الزهري بشكل جميل، مما يخلق شعورًا بالانتعاش والحيوية.
الرمادي: يُضفي تباينًا عصريًا وراقيًا مع الزهري، حيث تتناسب درجات الرمادي الباردة مع درجات اللون الزهري الباهتة.
البيج: تخلق هذه الدرجات المحايدة جوًا دافئًا وجذابًا عند تنسيقها مع الزهري.
الأخضر: مزيج كلاسيكي ومنعش، يُضفي الأخضر والزهري لمسةً من الحيوية والطبيعة على مساحة، خاصةً عند استخدام الأخضر المريمية أو الزمردي.
الأزرق: من الدرجة الباهتة إلى الداكنة، يُضفي الأزرق لمسةً هادئةً وأنيقةً على اللون الزهري.
الأسود: يُضفي تباينًا مذهلًا وجذابًا، مُضيفًا لمسةً من الرقي والتميز إلى أي غرفة.
الذهبي/النحاسي: يُضفي لمسةً من الفخامة والرقي، خاصةً عند تنسيقه مع أثاث أو لمسات باللون الزهري.
نصائح لدمج الزهري في الديكور
للزهري درجات لونية عدة، مع ملاحظة الآتي، في إطار حسن تنسيق ديكورات المنزل:
يحلو اختيار الزهري الداكن الضارب إلى الفوشيا، للعنصر الذي يمثّل النقطة المحورية اللافتة في الصالة، أي للأريكة الرئيسة مثلًا، مع الحرص على أن تتلون تفاصيل الغرفة كافة ب ألوان حيادية.
يصحّ اختيار أي درجة فاتحة من الزهري (مائلة إلى الأبيض) لتحلّ في ديكور غرف النوم، وتحديدًا على مفرش السرير والوسائد وتنجيد الكرسي المخملي والسجادة ومشالح السرير. كما يلفت ظهر السرير المنجد بالمخمل الزهري الفاتح.
يجذب اختيار لغرفة الطعام العصرية، إكسسوارات باللون الزهري الداكن.
تبرز جماليّة الزهري، عند مزج اللون بمواد طبيعية (الخرسانة والحجر والخشب والرخام...).
يُدمج الزهري بخامة "الاستيل" الذهبية، لغرض إضفاء لمسة كلاسيكية أنيقة على المساحات الداخلية.
يوظف كل من الزهري والأسود، في الفراغ المعماري، لطبع الأخير، بصورة دراماتيكية جذابة.
هل تفضلين ادخال الألوان النارية إلى ديكور منزلك؟ تابعي جاذبية الأحمر والأصفر والبرتقالي في ديكورات 2023 الجريئة
يُساعد الزهري الفاتح في توسيع الفراغ وإنارته، لكن لا تصح المبالغة في توزيع اللون المذكور في الغرفة، لتفادي الوقوع في فخ الابتذال.
يمزج الزهري بالأخضر الداكن، في إطار الديكورات الحديثة.
يمكن الجمع بين الزهري وبين العناصر أنثوية الطابع، لا سيما أشكال الأثاث الدائرية، والطاولات ذات الحواف المنحية، والأقمشة الناعمة و المرايا والورود.
يروج ورق الجدران المنقوش بنقوش الأزهار زهرية اللون، أخيرًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
غياهـب متشابكـة
نحو هدأة الأيام في حساب أعوام عمر الإنسان، نحو تلك الثقال التي اجتزت من خيلائه في لحظةٍ أوشكت على إنهاء ما تبقى من سنينه. فالفجر ابتداء والشمس ضياء، وما بين هذا وتلك مساراتٍ متشابهة، وإن كان في طرقها اختلاف؛ هو اختلافٌ في اللحظات الدافئة من عمر الحياة؛ التي نحنُ في أفلاكها نعيش. لكل ذات من ذوات هذه الحياة تعيش وفق طابعٍ يخصها وحدها لا غيرها، خاصة تلك اللحظات الآنية التي لها وقعتها المتأملة من عنان الفضاء العريض، التي تؤمن بشيءٍ واحد: ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ)، وليست الأرزاق واحدة ومتساوية في المظهر، وإنما في مكمنها العقل الذي يسلك طريقه الصحيح، فإن جد جديده وجد ما يسره في كل مجالات الحياة. فقط التأمل في اللحظة الباكرة مثلها كمثل طلوع الفجر مع نسيم الصباح الجديد. وفي هذا السهاد وأنينه تنتشر ألحاظ الليل الهائمة بين العيون الدامعة بدموعها الثقال؛ تاركة الزمان يسدل سدوله على القلوب الحائرة بما ينكشف لها من مصائر بؤسها وحزنها أو سعادتها واشتياقها أو ربما شغفها إلى شيءٍ مجهول لا تدركه الأبصار وإنما العقول التي في الصدور. ولكون الإنسان يفتش عن السعادة فقد يجد الأحزان قبلها منتظرةً المبيت في خلده، كأنها تنبئه إلى شيءٍ من فلسفة الحياة أو تعلمه درسًا لن يُنسى؛ بأن العقل الأدنى لا يعرف قيمة السعادة دون المرور في ظلمات الأحزان، وأنها مهما اشتدت أو ربت لن تكون مثل هذا الفضاء الفسيح. وكن مع قول معن بن أوس: وأعلم أني لم تصبني مصيبة من الدهر إلا قد اصابت فتى قبلي وأنك مهما فلحت في دوام السعادة والمضي قدمًا في السرور؛ لن تدوم لياليك معها. وعلى هذا القلق والسكون بعدما اجتمعا في نفسٍ واحدة؛ تتصارع القيم الأخلاقية بين اضدادها وتصبح في تناقضٍ تائه، إذ ينفلت العقل من رجحانه وينسى أنه تاج الإنسان، وإذ بالنفوس تتجاهل عذريتها وتنتكس فطرتها هائمة منكسرة لا تعرف أصل اعوجاجها فضلًا عن استقامتها، وتهيم في هذا الفضاء المنتشر بألوانه المتعددة أسودها وأبيضها وما شابه من ذلك. (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُم بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُم بِالنَّهَارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضَى أَجَلٌ مُّسَمًّى)، هناك نفوسٌ عديدة عددها كعدد الأيام والسنين التي يعيشها المرء؛ إذ تخلد نفسه إلى غياهب مجهولة؛ لا يعلم شيئًا عن صنعتها ولا مستقرها، فهي في العالم الموازي لا تدرك كنته ولا شيء من هذا أو ذاك فالعالم الموازي أنت تعيشه الآن وغدًا وبعد غد. أنظر إلى زمانكَ نظرة تأملية يقينية هادئة؛ ستجد العالم ماثلاً أمامك يميز ذاته لك، ويكون كالكتاب المفتوح تعد أوراقه وتقرأ كلماته، وما بين السطور تتجلى لك الأمور وتكون لك خير مُعلم وصديق. هي تلك الفلسفة لا تتخذها إلا صديقًا ورفيقًا مخلصًا يخرجك من عالم التيه إلى هذا الكون المنير؛ يفكك تلك العقد المتشابكة ويحل تناقضاتها ويوزنها بميزان الحكمة والمنطق.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
الباريدوليا والتأويل وحكايات والدتي
ما زال يقبع في ذاكرة طفولتي شيء من حكايات والدتي قبل النوم عن «أم صخر»، التي لم تكن كما اكتشفتُ لاحقًا إلا كنيةٌ لطائر البوم، ناهيكَ عن «أم السعف والليف» التي كان إدراكي الصغير يجعلني أتوقف عند جرسها اللفظي وحمولتها الصوتية المرعبة فقط، الأمر الذي غيّب عني فكرة أنّها النخلة.. هذه الحكايات المُمتدة فلكلوريًّا في ثقافتنا لم تكن للتسلية فحسب، بل بدت خطابًا والديًّا مُوجَّهًا لِحَضِّنا على النوم والكف عن السجال، والتفكير في عواقب التمرد وعدم الامتثال. ولكن ماذا بعد الحكاية؟! فما إن تنقضي الحكاية وتغط والدتي في نومها بعد رحلة يوم شاق حتى تبدأ خيالاتنا التي لا تنضب ولحظات تأملنا في سهادنا الصغير بالتّدفق.. نُحدّق في جدارٍ مشروخ وسط الظلام، فإذا بالشقوق تتخذ هيئة أم صخر، أو أنّ أمّ السعف والليف المنسية خلفه تُحاول أن تبدي شيئًا من أنيابها بين الثقوب.. هذا ليس سحرًا ولا جنونًا، بل هو الباريدوليا (Pareidolia): ميلٌ دفين في النفس إلى أن ترى المعنى حيث لا معنى، والهيئة حيث لا هيئة، والصوت حيث لا صوت. فالباريدوليا تمثّل ظاهرة نفسية يُدرك فيها الإنسان أنماطًا مألوفة غالبًا مثل وجوهٍ أو أشكالٍ رمزية في أشياء غير حيّة أو عشوائية، إنها وظيفة ذهنية تُعبّر عن ميل طبيعي للربط والتفسير، وهذه الظاهرة لا تقتصر على الإدراك الفردي فقط، بل يُمكن أن تؤثر بعمق في الثقافة. ولكن، أليس هذا هو جوهر التأويل أيضًا؟ أليست الباريدوليا نوعًا من «القراءة»؟ إنّنا نُحمِّل الغيوم شكل حصانٍ هارب، ونرى وجهًا في القمر، ونسمع نغمة موسيقية في ضجيج مروحة، ثم إننا نُحمّل النصوص ما لم تقله أيضًا! وكأنّ الباريدوليا تكشف عن هذا الجوع الإنساني العميق للمعنى، ذاك أنّ الإنسان بطبعه لا يُطيق الفراغ، ولا يُحبّ أن يرى الصدفة عارية، فيُلبسها قناعًا أو وجهًا أو صوتًا، أو حتى معجزةً. وهكذا يصبح التأويل امتدادًا لباريدوليا كونية، تجعل من العالَم كتابًا مفتوحًا، ومن الذهن قارئًا لا يكفّ عن التساؤل، فالتأويل في جوهره ليس سوى محاولة لفهم ما وراء الظاهر، فيسعى الإنسان بطبيعته لتأويل ما يحدث حوله ليربطه بقصة أكبر. ولذا يبدو أنّ الباريدوليا والتأويل كلاهما يُظهِران ميل الإنسان إلى اكتشاف المعنى حتى في الأماكن التي قد تكون خالية منه موضوعيًا، فكما أن الباريدوليا تُحوّل بقعة رطوبة على الجدار إلى وجه، فإن التأويل قد يُحوّل جملة عابرة إلى حكمة، أو حدثًا عاديًا إلى علامة كونية، ومن هنا يُصبح التأويل تجربة شخصية لا تقل ذاتية عن رؤية وجهٍ في بقعة رطوبة على جدار. وبالعودة إلى حكايات والدتي.. فهي قد كانت تعرف كيف توقظ الباريدوليا فينا دون أن تُسمّيها؛ وكانت تروي لنا قصصًا نرى عبرها طيف وجهٍ في الدولاب، وامرأةٍ ذات شعرٍ طويل تُطلّ من المرآة، ويد أمٍّ تخرج من قبر لتحتضن صغيرها.. لم نكن نرى شيئًا بأعيننا، ولكننا كنّا نراه بكلّ جوارحنا، فكنّا نؤوّل الظلمة ونُحمّلها كلّ ما لا نجرؤ عليه. وليس ذاك من شيئ موجود بالفعل، بل لأن خيالنا وقد تشبّع بالحكاية بدأ بتفسير الأصوات والصور وفقًا للسياق الخرافي الذي غُرس بداخلنا. وهكذا كانت الحكاية تنبت في جدار الغرفة، وفي زوايا الذاكرة، وربما أصبحت جزءًا منّا، فهي وإن بدت خيالية أو مُرعبة إلا أنها كانت تُشكّل وعينا المبكر؛ حيث علاقتنا الأولى بالتأويل. ومع ذلك.. لا يُمكن إغفال الجانب السلبي لباريدوليا الطفولة حين تقترن بالخوف والرعب؛ حيث يُعاد تشكيل أذهاننا لتربط بين ما هو غامض وما هو مُهدّد. لذا فإن تنمية خيال الطفل عبر الحكايات أمرٌ ضروري غير أنّ الخيال الخصب حين يُغذّى بالخوف، فإنه يتحوّل إلى قيد لا إلى جناح، فهي وإن بدت فولكلورية بريئة إلا أنّها قد تُخلِّف آثارًا نفسية كالقلق والفوبيا والوسواس القهري، وانخفاض القدرة على التمييز بين الواقع والخيال. فبعض قصص الطفولة لم تكن حكايات، بل أفلام رعب تُسلَّط على عقولنا الصغيرة في عتمة الغرف. حيث لا تغدو الباريدوليا إبداعًا ذهنيًا، بل هلعًا يتكوثر داخلنا، ثم يكبر معنا، ويتسرّب إلى وعينا، فنخاف من الصمت، ونخشى النظر في المرايا، ونرتاب من الزوايا. إنّ البـاريدوليا ليست مجرّد خلل إدراكي، بل ظاهرة تَعبُر إلى عمق الثقافة، وتؤثر في المعتقدات، وتُثري الفنون، وتُشكّل الذاكرة الجمعية، وتخلق الخطاب الموجَّه. إنها إحدى آليات الدماغ التي تُحوّل الفوضى إلى معنى، الأمر الذي يجعلها حاضرة دومًا في كلّ حضارة تبحث عن شكل في اللاشكل، ونظام في العشوائية. لذا يمكن القول إنّ الباريدوليا والتأويل وجهان لذات العملة التي سكّها الإنسان حين لم يحتمل العيش في عالم صامت، وربّما ساعدت الوالداتُ أحيانا على ذلك.


الرياض
منذ 2 ساعات
- الرياض
استعادة الماضي (القرون الوسطى)
رغم شيوع اتجاهات نصرة «التقدّم» في الغرب، المنطلقة من جدل عن مظنّة الحكمة أو الحقيقة، أفي الماضي السحيق، وما بعدها تطوّر لها، أم هي صيرورة أو خطية لم تكتمل؟ وقد تقدّمت الإشارة إلى ذلك الحراك في مقال «التقدم بين الحِراك والإيديولوجيا»؛ في إشكالية تولّد دلالات في السياق الغربي الحضاري، مع ضخامة إقليمه، وتعدد ثقافاته وألسنته، لكنه بالنسبة للمغاير موهم للوحدة. وهذه الإشكالية ربما نحّت جانباً إمكانية طرح استعادة الماضي القريب، الماضي المنبوذ من حِراك اعتناق فكرة «التقدّم»، وخصوصاً لدى المؤمنين بالتنوير، وهذا الماضي هو «القرون الوسطى». إذ سُوِّغَ -بحسب ما وصل إلينا- طرح استعادة الماضي ما قبل العصر الحديث، استعادة للمناهج العقلية، أو القانونية، أو شعب المعارف الإغريقية بشكل عام، مع نظرة قالية للعصور الوسطى. وفي هذا المقال إشارة لاستعادة الماضي القريب، المنبوذ خصوصاً عند التنويريين، فهي إشارة لـ»استعادة القرون الوسطى»، من خلال حركة أدبيّة طغت في أوروبا الحديثة، لتشكيل خيال يستعيد القرون الوسطى، وفق صور أدبيّة. ظهرت الحركة «الرومانتيكية» -بحسب محمد هلال- بوصفها حركة أو مذهباً أدبيّاً، اتخذ كلمة «رومانتك» شعاراً، وهي كلمة مدلولها الاشتقاقي يعود إلى كلمة فرنسية قديمة (Roman=Romaunt) تدلّ على قصة من قصص المخاطرات شعراً أو نثراً، وانتقلت إلى الإنجليزية لتدل على «صفة» توصف بها قصص المخاطرات، أو ما يثير في النفس خصائصها ويتصل بها؛ وهذه الدلالة أبقت في الخيال ما يثير أو يدل على قصص وآثار ومناظر القرون الوسطى، والوصف بها أو النسبة إليها «Romantic». وتكثفت الدلالة لتعرّف بما يقابلها، ففي القرن الثامن عشر (1760م) استعملت لمقابلتها بـ «الكلاسيكي» عند مؤرخي الأدب، وأول من قابل بينهما مقابلة تعارض هو «ويلهم شليجل»، وتأثرت به مدام دي ستال في فرنسا، وانتقلت إلى الألمانية للدلالة على ما يتصل بعالم الفروسية في العصور الوسطى. ألقت هذه الدلالة بظلالها على بعث الأدب الرومانتيكي؛ الساعي لإحياء العصور الوسطى في القصص التاريخية، وإعادة بعث الماضي، فصارت المخيّلة الأدبية الدالة على الفروسية، والمغامرات، والنبل، والمخاطر...؛ من القرون الوسطى محمولة في هذه الكلمة. فهناك تحقيب تاريخي يزيد تمييز هذه الدلالة بين عصرين «الكلاسيكي» (من القرن السابع عشر حتى القرن الثامن عشر، وعند بعض الدول الأوربية إلى القرن التاسع عشر)، و»عصر المذهب الرومانتيكي» فيما يليه، في منازعات بين الأدباء والفلاسفة، وقد استعملها «روسو» للدلالة على المناظر والأشخاص المذكرة بقصص العصور الوسطى، ومن ثم اتسع المعنى ليدل على المناظر الشعرية، والحوادث الخرافية، والقصص الأسطورية، دون قيد العصور الوسطى. فاستعادة الماضي كان خيال المذهب الذي حركته صور خيال الفروسية، والجموح، والثورات، والجماليات، ونقض العادات والتقاليد، والرحمة حتى بالمجرمين، وتجميل الضعف الإنسانيّ، وتغليب قداسة الفرد ومشاعره...؛ في القرون الوسطى، ومقابلها «العصر الكلاسيكي» الذي قطعهم عن القرون الوسطى، وهو زمن العقل، ومنع الهوى، والاعتدال، والثواب والعقاب في صرامة دون الرحمة العامة، وتكريس الواقع وطبقيّته، والحفاظ على العادات والتقاليد، والبحث عن الحقيقة، وذروة الأدب ممثلة بأدب الرومان واليونان. أي أنّ دفّة «الحريّة» التي قيل إنها رافقت عصر الأنوار والتحرر من سلطة الكنيسة والإقطاعيات؛ دارت بحسب الحركة الرومانتيكية على الضد، فالعصر الكلاسيكي العقلاني هو عصر القيود، والحركة الرومانتيكية هي التحرر والجمال الإنسانيّ. فقصة الفكر الغربي التي تُحكى لنا في حقيقتها روايات قد تتعارض، بحسب الراوي، والعالم الحداثي الذي تحرّك بموجبات العقلنة؛ لا يُسمعُ صوت حكاية «الرومانتيكية»، في تحريكها لمنطلقات الفكر الأدبيّة والشعورية، لنزع وشاح البطولة عن حداثة العقل والأنوار، وإعادته إلى فروسية القرون الوسطى، ويستثنى ما كتبه «إيزايا برلين».