
هكذا تعيد رسوم واشنطن تشكيل سلسلة التوريد العالمية
مع تطبيق الرسوم الجمركية الجديدة التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب، يحذر متخصصون في سلاسل الإمداد العالمية من تأثيرات مباشرة على الأسعار وتوافر المنتجات في الأسواق الأميركية.
من المتوقع أن يواجه المستهلكون الأميركيون ارتفاعاً في الأسعار وانخفاضاً في الخيارات، إذ تؤكد الشركات التي بنت سلاسل إمدادها في آسيا على مدى عقود، أنها تعمل بهوامش ربح ضئيلة، وليس أمامها خيار سوى تمرير كلف الرسوم إلى المستهلكين. ويرى الرئيس التنفيذي لمنطقة "ديب سي" الصناعية في فيتنام، برونو جاسبارت، أن "سلسلة الإمداد المستقبلية ستشبه تنيناً متعدد الرؤوس، فقد انتهى زمن الاعتماد على قاعدة تصنيع واحدة في العالم".
من جهته، قال رئيس غرفة التجارة الأميركية في شنغهاي، إريك زينغ لصحيفة "وول ستريت جورنال"، إن بعض الشركات قد تقلل من صادراتها إلى السوق الأميركية أو تنسحب منها، مما يعني "خيارات أقل وأسعاراً أعلى". وفي مثال على ذلك، أعلنت شركة "أنسيل" الأسترالية، المصنعة للقفازات الطبية، أنها سترفع أسعار منتجاتها لتعويض الكلف الجديدة، مؤكدة عدم نيتها نقل مصانعها من آسيا إلى الولايات المتحدة. وبينما تعم حال من القلق أوساط قطاع الأعمال، تتبنى بعض الشركات سياسة "الانتظار والترقب"، على أمل أن يتراجع ترمب ويفتح الباب أمام اتفاقات ثنائية تخفف من حدة الضرائب المفروضة.
وشجع الرئيس الأميركي دونالد ترمب هذه التكهنات، الجمعة الماضي، من خلال منشور على وسائل التواصل الاجتماعي قال فيه، إنه تحدث مع الأمين العام للحزب الشيوعي في فيتنام، وهي دولة تواجه رسوماً جمركية بنسبة 46 في المئة على صادراتها ضمن خطته. وأضاف ترمب أن فيتنام مستعدة لخفض رسومها على السلع الأميركية إلى الصفر "إذا تمكنت من التوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة"، مما يلمح إلى احتمال تخفيف المعدل البالغ 46 في المئة. ويرى اقتصاديون ورجال أعمال أنه إذا تمسك ترمب بخطته، فإن بعض الدول ذات الرسوم المنخفضة ستبرز كـ"رابحين نسبيين".
ومن المتوقع أن تتولى دول مثل المكسيك والبرازيل والهند دوراً أكبر في ربط سلاسل الإمداد الصينية بالسوق الأميركية، مستقطبة استثمارات لتحل محل ما يعرف بـ"دول الربط" في آسيا مثل فيتنام وكمبوديا. وقال ماتس بيرسون، المستشار السابق لرئيس الوزراء البريطاني السابق ديفيد كاميرون، "اللافت هو مدى التأثير الكبير على دول الربط هذه".
الألعاب الإلكترونية والهواتف الأكثر تضرراً
وفرض ترمب رسوماً جمركية لا تقل عن 10 في المئة على جميع الشركاء التجاريين للولايات المتحدة، مع التركيز بشكل خاص على فيتنام وتايلاند ودول أخرى ذات معدلات مرتفعة. وتشير أبحاث مؤسسة "أس أند بي غلوبال" إلى أن أكثر المنتجات تضرراً من الرسوم تشمل الألعاب الإلكترونية، وأجزاء الحواسيب، والهواتف الذكية. وتظهر بيانات من جمعية الأثاث المنزلي أن فيتنام والصين تزودان أكثر من نصف الأثاث المستورد إلى الولايات المتحدة، مؤكدة أن "المستهلكين الأميركيين سيتحملون العبء الأكبر من كلف الرسوم الجمركية".
وتزود فيتنام الولايات المتحدة بثلث الأحذية الرياضية وربع الخلايا الشمسية المستوردة، في حين تنتج الصين وفيتنام وتايلاند جزءاً كبيراً من الحواسيب المحمولة عالمياً، وفقاً لبيانات شركة الأبحاث "تريند فورس". ومنذ الولاية الأولى لدونالد ترمب، عمدت شركات مثل "أبل" و"أتش بي" و"نايك" إلى الاستثمار بشكل كبير في دول آسيوية خارج الصين ونقل عمليات التجميع إليها. وتعرف هذه الاستراتيجية باسم "الصين زائد واحد" (China Plus One)، وصممت للالتفاف على الرسوم الجمركية التي فرضها ترمب خلال ولايته الأولى وواصلتها إدارة بايدن من بعده.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأعرب أصحاب المصانع في الصين، الذين كانوا يتوقعون زيادة الرسوم الجمركية على بلدهم، عن دهشتهم من مدى قسوة الضربة التي تلقتها فيتنام وتايلاند، وفقاً لمستشار سلاسل التوريد في الصين منذ نحو عقدين، كاميرون جونسون.
وكان جونسون في مركز التصنيع بمدينة يوو الصينية عندما انتشر الخبر، وقال إن بعض أصحاب المصانع أخبروه "نحن الآن في القارب نفسه جميعاً". أما فيليب ريتشاردسون، الذي يصنع معدات صوتية فاخرة في مقاطعة غوانغدونغ، فأشار إلى أن المصانع الصينية قد تسعى إلى خفض الكلف من خلال الحصول على مكونات مثل المقاومات والمحولات من مناطق صينية أرخص من حيث اليد العاملة. ومع ذلك أكد أن الزبائن النهائيين سيدفعون في نهاية المطاف الزيادة في الأسعار، خصوصاً في المنتجات الفاخرة مثل مكبرات الصوت التي يصنعها وتباع بسعر 10 آلاف دولار.
وقال جونسون الذي نصح بالتريث بدلاً من اتخاذ قرارات جذرية حالياً "يجب أن تلعب بذكاء، أصلح مشكلاتك هنا، وحقق أقصى استفادة من مواردك هناك، خفف الكلف وتقبل بهوامش ربح أقل، استمر في البقاء".
إحياء الصناعة الأميركية
من جانبهم، أعلن عدد من عمالقة الصناعة مثل "أبل" وشركة تايوان لصناعة أشباه الموصلات (TSMC) و"هيونداي" عن استثمارات ضخمة في مصانع داخل الولايات المتحدة هذا العام، في انسجام مع هدف ترمب المعلن بإحياء قطاع التصنيع الأميركي. ومع ذلك يرى العاملون في قطاعات التصدير أن إعادة الصناعات كثيفة العمالة مثل صناعة الملابس إلى الولايات المتحدة أمر غير واقعي، لغياب اليد العاملة الماهرة والبنية التحتية المحلية اللازمة لخفض الكلف. وفي هذا السياق، تقول جمعية المصنعين الأميركيين إن متوسط دخل العامل في قطاع التصنيع في 2023 بلغ نحو 103 آلاف دولار سنوياً، أي أربعة أضعاف الأجر في الصين و2.5 ضعف مثيله في كوريا الجنوبية.
وقال رئيس جمعية الملابس والأحذية الأميركية، ستيف لامار، "من غير الممكن العودة إلى التصنيع داخل الولايات المتحدة على نطاق واسع لتفادي الرسوم الجمركية". من جهته، أشار تشارلز كيني من مركز التنمية العالمية في واشنطن إلى أن المصانع الصينية التي انتقلت إلى فيتنام بدأت الآن التوجه إلى الهند إذ إن الرسوم الجمركية أقل. وقدر أن الرسوم يجب أن تتجاوز 100 في المئة كي تصبح اليد العاملة الأميركية قادرة على المنافسة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الوطن
منذ 6 ساعات
- الوطن
تحول سعودي بنظام طاقة جديد ونمو الموارد المتجددة للضعف
تُرسم ملامح فصل جديد بقطاع الطاقة في المملكة العربية السعودية، التي زارها الرئيس الأمريكي دونالد ترمب قبل أيام، بينما لم يعد النفط والغاز العنصرَين المهيمنَين الوحيدَين في مشهد الطاقة، وفقا لما ذكره تحليل صادر عن معهد «واشنطن». ومع إعطاء الإدارة الأمريكية الجديدة الأولوية للوقود الأحفوري وإلغاء المنح والإعفاءات الضريبية المخصصة للطاقة المنخفضة الكربون، وجدت السعودية سبيلا للجمع بينهما. ومن خلال الاستفادة من الفرص الاقتصادية والسوقية لمصادر الطاقة المتجددة والتقنيات المنخفضة الكربون، أصبحتا الآن جزءا من نظام طاقة جديد يتشكل بتداعيات جيوسياسية كبيرة. إن تجاهل هذا النموذج الجديد يعني التخلف عن الركب. أما خصوم الولايات المتحدة، مثل الصين، فهم ليسوا جزءا من هذا النظام الجديد فحسب، بل يتمتعون بمكانة مهيمنة فيه. لا تزال الهيدروكربونات المصدر الرئيسي لإيرادات دول الخليج العربي. كما أن إجمالي إمدادات المنطقة من النفط (الخام ومنتجاته) والغاز الطبيعي المسال إلى الأسواق العالمية لا يزال بالغ الأهمية، إذ يُصدَّر نحو %30 من صادرات النفط العالمية المنقولة بحرًا، ونحو %20 من الغاز الطبيعي المسال من الخليج. في الوقت نفسه، تخضع قرارات إنتاج النفط التي تتخذها منظمة أوبك، بقيادة السعودية وحلفائها في السوق، لمراقبة دقيقة في جميع الأسواق نظرًا لتأثيرها على أسعار النفط العالمية والاستثمار. استثمار سعودي قوي مع ذلك، استثمرت السعودية بقوة في مصادر الطاقة المتجددة، وأنظمة تخزين طاقة البطاريات، واحتجاز الكربون وتخزينه، بالإضافة إلى الطاقة النووية والهيدروجين الأخضر (المنتج بالتحليل الكهربائي باستخدام مصادر الطاقة المتجددة)، وغيرها من التقنيات. وستواصل هذه التقنيات لعب دور رئيسي بجهود تنويع مصادر الطاقة العالمية، في ظل النمو المتوقع في الطلب العالمي على الكهرباء، الذي «سينمو بنسبة تقارب 4% سنويًا حتى عام 2027»، مدفوعًا بشكل رئيسي بمراكز البيانات والكهرباء وعوامل أخرى، وفقًا لوكالة الطاقة الدولية. باختصار، تواصل المملكة الترويج للوقود الأحفوري مع اغتنام الفرص الاقتصادية المتاحة في التقنيات منخفضة الكربون. تستثمر السعودية أيضًا في الأسواق العالمية وتُقيم شراكات استثمارية مع شركات رائدة، بما في ذلك في الولايات المتحدة. علاوة على ذلك، تستثمر المملكة أيضًا في المعادن الحيوية التي تُعدّ أساسية لتقنيات الطاقة النظيفة، بما في ذلك المركبات الكهربائية، في عالم تُسيطر فيه الصين على سلسلة التوريد. تاريخ التحول السعودي بالنسبة للسعودية، بدأ هذا التحول يقطاع الطاقة في سبعينيات القرن الماضي بتطوير شبكة الغاز الرئيسية. وصرح وزير النفط السعودي الأسبق علي النعيمي، في مذكراته الصادرة عام 2016 بعنوان «خارج الصحراء»، بأن «حجر الزاوية» في الخطة الخمسية الثانية للمملكة العربية السعودية، التي أُعلن عنها عام 1975، كان خطة الغاز الرئيسية الضخمة. وكان الهدف الرئيسي من هذا المشروع تنويع اقتصاد يعتمد على النفط من خلال تجميع الغاز القيّم المرتبط بإنتاج النفط، الذي يُحرق في حقول النفط واستخدامه لتغذية التصنيع في البلاد. وتواصل المملكة تطوير شبكة الغاز الرئيسية هذه مع إعادة ابتكار قطاع الطاقة لديها. في العام الماضي، شدد وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان على هذا التحول، الذي يرتكز اليوم على ما أسماه في عرضه التقديمي «ركائز أساسية»: تعزيز كفاءة الطاقة، وتحويل مزيج الطاقة، وإدارة الانبعاثات. تسعى هذه العملية إلى تحقيق التوازن بين أمن الطاقة، والحصول عليها وتوافرها، والاستدامة والعمل المناخي. لذا، بدلا من الاقتصار على تصدير النفط، تسعى المملكة العربية السعودية إلى أن تصبح مصدرًا لـ«جميع أشكال الطاقة»، بما في ذلك المنتجات المنخفضة الكربون. من المتوقع أن يشهد قطاع الطاقة المتجددة في المملكة نموًا ملحوظًا. ووفقًا للبيانات التي نشرتها نشرة «مسح الشرق الأوسط الاقتصادي» (MEES) في فبراير، من المتوقع أن ترتفع قدرة المملكة على توليد الطاقة المتجددة إلى 12.7 جيجاواط بنهاية هذا العام، من نحو 6.5 جيجاواط حاليًا. وتشمل مشاريع الطاقة المتجددة محطة ليلى للطاقة الشمسية الكهروضوئية (91 ميجاواط)، التي تُطورها شركات سعودية وصينية، وفقًا لـ«MEES». وسيصاحب هذا النمو في قطاع الطاقة المتجددة أيضًا نشر أنظمة تخزين الطاقة بالبطاريات، لمعالجة مشكلة انقطاع التيار الكهربائي المرتبط بمصادر طاقة متغيرة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. وتتميز السعودية بأسعار منخفضة في كلٍّ من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، حيث بلغ سعر أحد مشاريع الطاقة الشمسية 0.0129 دولار أمريكي/كيلوواط ساعة. ويمكن أن تُمكّن التكلفة المنخفضة المُستوية للكهرباء المُستمدة من مصادر الطاقة المتجددة المملكة من تصدير الهيدروجين الأخضر مستقبلًا. وتُشيد المملكة مشروعًا ضخمًا للهيدروجين الأخضر في نيوم. وتُعزى تطورات الطاقة في السعودية إلى الدعم والتمويل الحكومي الكبير، والاستثمارات الخاصة، والابتكار المستدام الذي يُحفّزه البحث والتطوير. ووفقًا للوكالة الدولية للطاقة المتجددة، من المتوقع أن تُعيد هذه التحولات في قطاع الطاقة تشكيل الخريطة الجيوسياسية - كما فعل الوقود الأحفوري في الماضي - ولا يُمكن تجاهلها. الطاقة المتجددة بالمملكة - 12.7 جيجاواط ارتفاع قدرة المملكة على توليد الطاقة المتجددة بنهاية 2025. - 6.5 جيجاواط هذه القدرة الحالية. - 91 ميجاواط مشاريع الطاقة المتجددة في محطة ليلى للطاقة الشمسية الكهروضوئية. - 0.0129 دولار أمريكي / كيلوواط ساعة سعر طاقة الرياح والطاقة الشمسية. - 14 مشروعا للطاقة الشمسية وطاقة الرياح في مختلف المناطق.


عكاظ
منذ 12 ساعات
- عكاظ
هل تستعد أوروبا للرد على رسوم ترمب ؟
/*.article-main .article-entry > figure img {object-fit: cover !important;}*/ .articleImage .ratio{ padding-bottom:0 !important;height:auto;} .articleImage .ratio div{ position:relative;} .articleImage .ratio div img{ position:relative !important;width:100%;} .articleImage .ratio img{background-color: transparent !important;} اتحاد فيما استبعد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، التوصل إلى اتفاق بشأن التجارة مع الاتحاد الأوروبي، مكرراً تهديده بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على السلع التي مصدرها التكتل، دعت فرنسا أخيراً، إلى احتواء التصعيد في قضية الرسوم الجمركية، مؤكدة في الوقت نفسه أن الاتحاد الأوروبي مستعد للرد. وقال الوزير الفرنسي المنتدب للتجارة الخارجية لوران سان مارتين على منصة إكس:«إن تهديدات ترمب الجديدة بزيادة الرسوم الجمركية لا تُجدي خلال فترة المفاوضات بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة، نحن نحافظ على النهج نفسه، احتواء التصعيد، لكننا مستعدون للرد». وفي سياق متصل، أضاف وزير الخارجية الألماني يوهان فاديبول: «إن تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بزيادة الرسوم الجمركية على تجارة الاتحاد الأوروبي لن يعود بالنفع على أي طرف وإن برلين ستواصل دعم الاتحاد الأوروبي للتفاوض مع واشنطن». وفي حديثه إلى جانب نظيره الهندي سوبرامانيام جيشينكار في برلين، أشار فاديبول إلى أن ألمانيا تأمل في أن يتوصل الاتحاد الأوروبي لاتفاق للتجارة الحرة مع الهند بحلول نهاية العام. وذكر فاديبول أن المفوضية الأوروبية تحظى بدعمنا الكامل في الحفاظ على وصولنا إلى السوق الأمريكية، وأعتقد أن مثل هذه الرسوم لا تفيد أحداً، إنها ستلحق الضرر بالتنمية الاقتصادية في كلا السوقين. ومضي يقول «لهذا السبب، نواصل المفاوضات وندعم المفوضية الأوروبية، نريد الدفاع عن أوروبا وأسواقها مع ممارسة نفوذنا في السوق الأمريكية في آن واحد». وكانت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد قد حذرت أمس، من أن التجارة الدولية تغيرت للأبد بسبب التوترات الناجمة عن فرض الرسوم الجمركية، وذلك رغم أن الاقتصادات الكبرى في العالم تتحرك نحو التوصل لحلول وسط في هذا الشأن. وقالت لاغارد في مقابلة مع هيئة الإذاعة الكندية على هامش اجتماع كبار المسؤولين الماليين بمجموعة الدول السبع الصناعية الكبرى، في كندا: «في حين أن من الواضح أن التجارة الدولية لن تعود أبداً لسابق عهدها، من الواضح أيضاً أنه سيكون هناك المزيد من المفاوضات». ونقلت وكالة بلومبيرغ للأنباء عن لاغارد قولها: «ستكون هناك المزيد من التحركات من جانب كافة الشركاء في نظام التجارة، من أجل الحد على الأرجح من الاختلالات الكبيرة لدينا، والقائمة منذ فترة طويلة». وذكرت رئيسة البنك المركزي الأوروبي أن تأثير الرسوم الجمركية على التضخم هو مسألة دقيقة للغاية، فهناك كثير من العوامل التي تتحرك في هذه اللحظة، وسوف يكون بمقدورنا تقييم تأثيرها مع تقدم المفاوضات، وتطور سياق جديد. أخبار ذات صلة


Independent عربية
منذ 18 ساعات
- Independent عربية
منها "سامسونغ" و"أبل"... ضرائب أميركية جديدة على الهواتف نهاية يونيو
هدد الرئيس الأميركي دونالد ترمب، أمس الجمعة، بفرض رسوم جمركية جديدة مرتفعة على هاتف "آيفون" من شركة "أبل" وجميع السلع القادمة من الاتحاد الأوروبي، في خطوة قد تزيد الضغوط على أسعار المستهلكين وتثير اضطرابات جديدة في الأسواق المالية إذا ما نفذت. قبل الساعة الثامنة صباحاً في واشنطن، نشر الرئيس الأميركي سلسلتين من المنشورات على وسائل التواصل الاجتماعي هاجم فيهما الرئيس التنفيذي لشركة "أبل"، تيم كوك، وممارسات التجارة الأوروبية. وقال ترمب إنه إذا رفضت "أبل" نقل إنتاج هواتف "آيفون" من الهند ودول أخرى إلى الولايات المتحدة، "فيجب على 'أبل' دفع رسوم جمركية لا تقل عن 25 في المئة لمصلحة الولايات المتحدة". وانتقد ترمب الدبلوماسيين الأوروبيين ووصفهم بأنهم "شديدو الصعوبة في التعامل"، وقال إن محادثات التجارة "لا تسير إلى أي مكان". وبناءً على ذلك، أعلن ترمب أنه "يوصي بفرض تعرفة جمركية مباشرة بنسبة 50 في المئة على الاتحاد الأوروبي، بدءاً من الأول من يونيو (حزيران) المقبل". وفي تصريحات أدلى بها لاحقاً للصحافيين من المكتب البيضاوي، أوضح أن الضرائب الجديدة على الهواتف الذكية ستدخل حيز التنفيذ في نهاية يونيو المقبل، وستطبق على شركة "سامسونغ" وغيرها من الشركات، إلى جانب "أبل". وبعد أسابيع من الهدوء النسبي على جبهة التجارة، أثارت تعليقات ترمب عبر وسائل التواصل الاجتماعي مخاوف من احتمال تراجع جديد في الأسواق المالية. ومع ذلك تعاملت "وول ستريت" مع الأنباء بهدوء، إذ أغلق مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" منخفضاً بأقل من واحد في المئة، في وقت رأى محللون من "باركليز بنك" و"كابيتال إيكونوميكس" أن التهديدات الجديدة بفرض الرسوم الجمركية ليست سوى ورقة ضغط تفاوضية. وقالت المفاوضة التجارية الأميركية السابقة، نائبة رئيس معهد آسيا للسياسات حالياً، ويندي كتلر، "يبدو أن هذه التهديدات، سواء على الصعيد الداخلي أو الدولي، لم تعد تحمل الثقل نفسه، لذا أعتقد أن الأمور مع الاتحاد الأوروبي ستزداد سوءاً قبل أن يعثر على مسار للمضي قدماً." وفي تصريحاته من المكتب البيضاوي، قال ترمب إن الاتحاد الأوروبي "يريد التوصل إلى اتفاق بشدة" بعد تهديداته بفرض الرسوم الجمركية. في وقت سابق، قال وزير الخزانة سكوت بيسنت إن تهديدات ترمب تهدف إلى تحفيز المسؤولين الأوروبيين. وأضاف في مقابلة مع قناة "فوكس نيوز" الجمعة الماضي "آمل في أن يشعل هذا التهديد شرارة تحت الاتحاد الأوروبي". وقال بيسنت إن المقترحات التي قدمها المسؤولون الأوروبيون حتى الآن لا ترقى إلى تلك التي طرحتها دول أخرى شريكة للولايات المتحدة في التجارة. وأضاف "الاتحاد الأوروبي يعاني مشكلة في اتخاذ قرارات جماعية، فهو يتكون من 27 دولة، لكن تتمثل جميعها في مجموعة واحدة في بروكسل، وبعض ما يصلني من تعليقات يشير إلى أن بعض الدول الأعضاء لا تعرف حتى ما الذي يتفاوض عليه الاتحاد الأوروبي نيابة عنها". لكن كتلر ترى أن المسؤولين الأوروبيين من غير المرجح أن يرضخوا لتهديدات ترمب، لأنهم يعتقدون أنه يسعى إلى تجنب ارتفاع الأسعار على المستهلكين وانخفاض سوق الأسهم الذي قد ينتج من فرض الرسوم الجمركية والرد الأوروبي المتوقع. ووفقاً لما قاله محللو "بنك باركليز"، لـ"وول ستريت جورنال"، فإن تنفيذ الضرائب المهددة على واردات الهواتف الذكية والسلع الأوروبية سيؤدي إلى تباطؤ الاقتصاد وارتفاع التضخم. وأضاف محللو البنك أن الولايات المتحدة قد تقترب "بصورة كبيرة من دخول حال ركود" خلال العام المقبل. عجز تجاري مع الولايات المتحدة يزيد على 250 مليار دولار سنوياً وتراجعت قيمة الأسهم بأكثر من 10 في المئة بعد إعلان الرئيس في أوائل أبريل (نيسان) الماضي، عن فرض أعلى رسوم جمركية في الولايات المتحدة منذ أكثر من قرن، لكن السوق تعافت لاحقاً بعدما أرجأ تنفيذ كثير من تلك الرسوم 90 يوماً لإتاحة المجال أمام مفاوضات مع شركاء تجاريين كبار، من بينهم الصين. وقال ترمب إن "الحواجز التجارية القوية التي يفرضها الاتحاد الأوروبي، وضريبة القيمة المضافة، والعقوبات السخيفة على الشركات، والحواجز غير النقدية، والتلاعبات النقدية، والدعاوى القضائية غير العادلة والمجحفة ضد الشركات الأميركية، وغيرها، أدت إلى عجز تجاري مع الولايات المتحدة يزيد على 250 مليار دولار سنوياً، وهو رقم غير مقبول على الإطلاق". ويشير الرقم الذي ذكره ترمب من طريق الخطأ إلى ملايين الدولارات بدلاً من المليارات، كذلك فإنه يبالغ في تقدير العجز التجاري في السلع بين الولايات المتحدة وأوروبا بنحو 15 مليار دولار، وفقاً لبيانات مكتب الإحصاء الأميركي، كذلك تجاهل ترمب الفائض الذي تحققه الولايات المتحدة في تجارة الخدمات مع أوروبا، والذي تجاوز 70 مليار دولار العام الماضي، بحسب أرقام وزارة التجارة الأميركية. وأدلى ترمب في منشوراته على وسائل التواصل الاجتماعي بتصريح خاطئ، قال فيه إن الاتحاد الأوروبي "تشكل في الأساس بهدف استغلال الولايات المتحدة تجارياً". لكن في الواقع، نشأ الاتحاد الأوروبي من جهود ترمي إلى تعزيز الروابط الاقتصادية بين فرنسا وألمانيا، اللتين خاضتا ثلاث حروب مدمرة بين عامي 1871 و1945، وأدى تأسيس "المجموعة الأوروبية للفحم والصلب" عام 1951، في أعقاب الحرب العالمية الثانية، إلى التمهيد لتشكيل الاتحاد الأوروبي عام 1993. ترمب يريد نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة واقترح ترمب حلاً لشركة "أبل" والمصنعين في أوروبا لتفادي الرسوم الجمركية الجديدة، يتمثل في نقل الإنتاج إلى الولايات المتحدة. وقال لاحقاً للصحافيين إنه قد يمنح "قليلاً من التأجيل" إذا وافقت الشركات الأوروبية على بناء مصانع جديدة في أميركا، غير أن كثيراً من كبار رجال الأعمال أكدوا أن نقل سلاسل التوريد فعلياً قد يستغرق أعواماً. وهدد ترمب بفرض رسوم جمركية في وقت مبكر من صباح الجمعة، مما فاجأ المسؤولين الأوروبيين، بحسب ما قال دبلوماسي تحدث للصحيفة شريطة عدم الكشف عن هويته بسبب حساسية الموضوع. وجاء منشور ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي قبل ساعات من مكالمة مهمة بين الممثل التجاري الأميركي جيمسون جرير والمسؤول التجاري الأعلى في الاتحاد الأوروبي ماروس سيفكوفيتش. وتسير المفاوضات ببطء، إذ قدم الأوروبيون مجموعة من المجالات، تشمل السلع الصناعية وبعض المنتجات الزراعية، التي يمكن للطرفين تخفيض الرسوم عليها. ويعتبر الاتحاد الأوروبي جهة تفاوضية معقدة بسبب ضرورة موافقة الدول الأعضاء الـ27 على أي اتفاقية. واستغرقت الاتفاقات التجارية السابقة بين الاتحاد الأوروبي ودول أخرى أعواماً من التفاوض، وهي مدة أطول بكثير من المهلة التي حددها ترمب بـ90 يوماً في التجميد الجزئي للرسوم الجمركية في أبريل الماضي، فضلاً عن الموعد النهائي في الأول من يونيو المقبل الذي أشار إليه ترمب لبدء فرض رسوم بنسبة 50 في المئة. وقال مسؤولون أوروبيون في الأسابيع الأخيرة إن فريق ترمب طالب بتنازلات تجارية أحادية الجانب، من دون تقديم كثير في المقابل. وأشار هؤلاء المسؤولون إلى أن هذا النهج قد يصعب المفاوضات مع أي شريك تجاري، لكنه يمثل تحدياً خاصاً نظراً إلى طريقة اتخاذ القرار داخل الاتحاد الأوروبي، إذ يمكن لأي حكومة عضو أن تبطئ أو توقف إبرام الصفقة. وتحدث المسؤولون أيضاً شريطة عدم الكشف عن هويتهم ليتمكنوا من التحدث بصراحة حول المفاوضات التي تجري خلف الأبواب المغلقة. تصعيد أميركي لافت على الاتحاد الأوروبي إذا نفذت إدارة ترمب تهديدها، فإن فرض رسوم جمركية بنسبة 50 في المئة سيشكل تصعيداً لافتاً مع حلفاء واشنطن القدامى، حتى بعدما سعت الإدارة إلى تهدئة تجارية مع الصين، الخصم الاستراتيجي. وتبلغ الرسوم الجمركية على السلع الصينية حالياً بين 40 و60 في المئة، بعدما كانت عند مستوى 145 في المئة الذي حدده ترمب سابقاً. ورفض المسؤولون في الاتحاد الأوروبي في بروكسل التعليق مباشرة بعد إعلان ترمب. واتبع الاتحاد الأوروبي استراتيجية نسبياً متوازنة، ساعياً إلى تجنب التصعيد مع الولايات المتحدة، أكبر سوق تصديرية له، وسارع الاتحاد إلى الاستفادة من فترة التوقف البالغة 90 يوماً، من خلال مزيج من التهديدات الانتقامية والتنازلات المحتملة التي يأمل في أن تدفع فريق ترمب نحو التوصل إلى اتفاق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) فرض ترمب في بداية أبريل الماضي رسوماً جمركية شاملة بنسبة 20 في المئة على الاتحاد الأوروبي كجزء من حملة تجارية عالمية، ثم علقها 90 يوماً. ولا تزال ضريبة أساسية بنسبة 10 في المئة على سلع الاتحاد الأوروبي سارية، إلى جانب رسوم على السيارات والفولاذ والألمنيوم، كما هي الحال على واردات من أماكن أخرى. وهددت أوروبا في وقت سابق من هذا الشهر بفرض رسوم جمركية على قطع غيار الطائرات والسيارات الأميركية إذا فشلت المحادثات مع واشنطن، إذ أدرجت أكثر من 100 مليار دولار من المنتجات الأميركية التي قد تواجه رسوماً انتقامية رداً على الرسوم الجمركية الشاملة بنسبة 20 في المئة وضرائب السيارات. وبعدما فتحت فترة التوقف التي أعلنها ترمب نافذة للمحادثات، أجل الأوروبيون فرض رسوم جمركية منفصلة على منتجات أميركية بقيمة نحو 23 مليار دولار، رداً على رسوم فولاذ أميركية لا تزال سارية. لكن التهديد الجمعة أثار تساؤلات حول ما إذا كان الاتحاد الأوروبي قد يسرع أو يصعد من خطة الرد المقترحة. 97 في المئة من صادرات الاتحاد الأوروبي وأرسل الاتحاد الأوروبي إلى إدارة ترمب هذا الشهر قائمة بالتنازلات المحتملة بينما سعى الجانبان إلى إيجاد أساس للتفاوض، وفقاً لمسؤولين. وأدى تبادل الرسائل إلى إحداث بارقة أمل في التوصل إلى اتفاق بعد أسابيع من المفاوضات المتعثرة، وأظهر قادة الاتحاد الأوروبي موقفاً أكثر تفاؤلاً بعض الشيء بعد مكالمة هاتفية هذا الشهر بين ترمب ورئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، التي وصفها بأنها "رائعة جداً". وقدم المسؤولون الأوروبيون عروضاً بزيادة مشتريات منتجات الطاقة الأميركية، والتعاون المشترك لمواجهة مشكلة فائض الطاقة الإنتاجية في قطاعات مثل الصلب، والتنسيق في مجال الذكاء الاصطناعي، وعرض قادة الاتحاد الأوروبي زيادة واردات الغاز الطبيعي المسال الأميركي، واقترحوا نظام "صفر مقابل صفر" للرسوم الجمركية على السلع الصناعية، وأشاروا إلى إمكان مناقشة الجوانب التنظيمية بين الجانبين، لكن الدبلوماسيين الأوروبيين أقروا بأن التقدم في المحادثات كان بطيئاً، مع استمرارهم في محاولة فهم ما تطلبه إدارة ترمب بالضبط. المسؤول التجاري الأعلى في الاتحاد الأوروبي، ماروس سيفكوفيتش، الذي أقر بأن المفاوضات ليست "سهلة"، حذر من أن ما يصل إلى 97 في المئة من صادرات الاتحاد الأوروبي قد تخضع للرسوم الجمركية إذا أسفرت التحقيقات التجارية التي تجريها واشنطن، والتي تشمل الأخشاب والأدوية وأشباه الموصلات عن فرض رسوم. وعلى رغم أن الاتحاد الأوروبي لديه كثير ليخسره من حرب التعرفة عبر الأطلسي، فإنه يمتلك أدوات تجارية قوية في جعبته، من بينها استهداف قطاع الخدمات الأميركي، الذي يعد مركزاً كبيراً لأرباح عمالقة التكنولوجيا الأميركية، لكن الدول الأعضاء في الاتحاد منقسمة في شأن مدى حكمة اتخاذ مثل هذه الخطوة.