
فوضى استخباراتية أميركية.. هل يتكرر سيناريو "العراق 2003"؟
لا تزال تداعيات الضربات الجوية الأميركية الأخيرة على المنشآت النووية الإيرانية تُثير جدلا واسعا داخل أروقة الاستخبارات والبيت الأبيض، مع تضارب في التقديرات بشأن مدى الأضرار التي لحقت ببرنامج إيران النووي، ومخاوف من تكرار الإخفاق الاستخباراتي خلال الحرب على العراق في 2003.
الرئيس الأميركي دونالد ترامب وصف الضربات بأنها "سحقت المنشآت النووية تماما"، مؤكدا أن الهجوم المشترك بين الولايات المتحدة وإسرائيل شكّل "ضربة قاصمة" لقدرات إيران النووية. إلا أن وكالات الاستخبارات الأميركية أظهرت تباينا واضحا في تقييمها للنتائج.
تقييمات متضاربة
التقرير الأولي الصادر عن وكالة استخبارات الدفاع الأميركية (DIA)، استند إلى معطيات جمعت خلال الساعات الأربع والعشرين الأولى بعد الضربات التي استهدفت ثلاث منشآت رئيسية، وهي فوردو، ونطنز، وأصفهان. وخلص التقرير إلى أن مستوى الدمار يتراوح بين "متوسط وشديد"، وأن البرنامج النووي الإيراني سيتأخر بحد أقصى "عدة أشهر" فقط.
ومع ذلك، حذّر التقرير من أن هذه الاستنتاجات "ضعيفة الثقة"، بسبب حداثة المعلومات، واحتمال وجود منشآت لم تُستهدف أو لم تُكتشف بعد.
أما وكالة الاستخبارات المركزية (CIA)، فقد قدمت تقديرا مغايرا بعد أيام من الضربات، حيث قال مديرها جون راتكليف إن "معلومات جديدة وموثوقة" تشير إلى أن عددا من المنشآت "دُمرت بالكامل"، ولن تكون قابلة للإصلاح قبل سنوات. وأكد أن هذه المعلومات تم جمعها من مصادر وصفتها الوكالة بأنها "موثوقة تاريخيا ودقيقة".
المنشآت المستهدفة: فوردو، ونطنز، وأصفهان
الضربات الأميركية شملت منشأة "فوردو"، وهي منشأة نووية مدفونة تحت الجبال، ومحمية بمئات الأمتار من الخرسانة المسلحة. ووفقا للتقديرات، فإن أي ضرر متوسط بها قد يجعلها غير صالحة للاستخدام، مما يعني أن إيران لن تتمكن من استئناف عمليات تخصيب اليورانيوم فيها قريباً.
كما استُهدفت منشأة "نطنز"، المركز الأساسي لتخصيب اليورانيوم، في غارات جوية وصفت بأنها دقيقة وعنيفة.
غير أن التركيز الأكبر كان على منشأة التحويل في "أصفهان"، التي تُستخدم لتحويل غاز اليورانيوم إلى مواد صلبة، تمهيدا لاستخدامها في تصنيع قنبلة نووية.
مخزون اليورانيوم وأجهزة الطرد المركزي
رغم حجم الدمار، أثار بعض الخبراء تساؤلات حول مدى تأثير الضربات، خاصة في ظل تقارير تفيد بأن إيران نقلت كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب قبل الغارات. كما أشارت وكالة الطاقة الذرية الدولية (IAEA) إلى أن طهران كانت قد أوقفت أنشطة معينة في المواقع المستهدفة قبل فترة، وهو ما يزيد الشكوك بشأن فعالية الضربات في القضاء على البرنامج النووي بشكل كامل.
كذلك، لم تؤكد أي وكالة استخباراتية بشكل قاطع أن أنفاق أو مداخل منشأة فوردو قد انهارت بالكامل، ما يترك الباب مفتوحا أمام احتمالية استعادة إيران بعض قدراتها هناك.
خلاف سياسي واستخباراتي
في سياق متصل، شكّك أعضاء في مجلس الشيوخ الأميركي، لا سيما من الحزب الديمقراطي، في الرواية الرسمية للبيت الأبيض. وقال السناتور مارك وارنر إن "الاستناد إلى روايات استخباراتية منقوصة أو مسيّسة أمر مقلق"، محذّرا من تكرار سيناريو التلاعب بالمعلومات كما حدث قبيل غزو العراق عام 2003.
سيناريو العراق 2003
في عام 2003، شكّل التلاعب الأميركي بالمعلومات الاستخباراتية حول امتلاك العراق لأسلحة دمار شامل أحد أبرز الأمثلة على توظيف المعلومات الاستخباراتية لأهداف سياسية.
قبل غزو العراق، قدمت إدارة الرئيس الأميركي وقتها جورج بوش سلسلة من الادعاءات المدعومة بتقارير استخباراتية، زعمت فيها أن نظام الرئيس العراقي السابق صدام حسين يمتلك برامج سرية لتطوير أسلحة كيميائية وبيولوجية ونووية، وهو ما اعتُبر تهديدا مباشرا للأمن العالمي.
غير أن ما تكشّف لاحقا، بعد الغزو، هو أن تلك المزاعم كانت مبنية على معلومات غير مؤكدة أو تم تأويلها بشكل مضلل.
لجأت الإدارة الأميركية وقتها إلى تضخيم تقارير استخباراتية ضعيفة الثقة، وتجاهلت تقييمات بديلة من داخل الأجهزة نفسها. وقد أدى ذلك إلى تقويض مصداقية أجهزة الاستخبارات الأميركية، وفتح نقاشا واسعا في الولايات المتحدة والعالم حول مخاطر تسييس المعلومات الأمنية والاستخباراتية لخدمة أجندات عسكرية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المركزية
منذ 24 دقائق
- المركزية
ترامب يحصل على "الحصة الذهبية" في صفقة "يو إس ستيل"
كشفت لجنة الأوراق المالية والبورصات الأميركية أن الرئيس دونالد ترامب سيسيطر على ما يسمى بـ 'الحصة الذهبية' التي تعد جزءا من اتفاق متعلق بالأمن الوطني سمح بموجبه لشركة 'نيبون ستيل' التي يقع مقرها في اليابان بشراء شركة الصلب الأميركية الشهيرة 'يو إس ستيل'. ويمنح هذا الشرط الرئيس سلطة تعيين عضو بمجلس الإدارة وأن يكون له رأي في قرارات الشركة التي تؤثر على إنتاج الصلب المحلي والمنافسة مع المنتجين في الخارج . وبموجب هذا الشرط يحظى ترامب أو من يفوضه بسلطة اتخاذ القرار طالما ظل في منصبه. وتعود هذه السلطات إلى وزارة الخزانة ووزارة التجارة لدى تولي أي شخص آخر للرئاسة، بحسب الوثائق. وكانت نيبون ستيل، قد أعلنت في وقت سابق من الشهر الجاري اتمام صفقة الاستحواذ على يو.إس ستيل مقابل 14.9مليار دولار. وسوف تضخ الشركة اليابانية حوالي 11 مليار دولار كاستثمارات جديدة في الشركة الأميركية العريقة بحلول 2028. وفي الوقت نفسه، سوف تحتفظ يو.إس ستيل باسمها وسيظل مقر رئاستها في مدينة بيتسبرغ بولاية بنسلفانيا الأميركية.

المركزية
منذ 24 دقائق
- المركزية
ترامب يهاجم مراسلة ويطالب بطردها!
شن الرئيس الأميركي دونالد ترامب هجوماً حاداً، يوم الثلاثاء، على مراسلة شبكة 'CNN' ناتاشا برتراند، عقب نشرها تقريراً حول التقييم الاستخباراتي لتأثير الضربة الأميركية على المنشآت النووية الإيرانية. وصف ترامب، عبر منصته 'تروث سوشيال'، برتراند بأنها 'غير مؤهلة للظهور على الشاشة' واتهمها بالكذب ونشر معلومات زائفة تهدف إلى 'تشويه سمعة الطيارين الأميركيين'، الذين نفذوا الهجوم بدقة. ودعا الشبكة إلى 'توبيخها وطردها'، مشيراً إلى أنها من بين 'الأشخاص الذين دمروا سمعة شبكة كانت عظيمة'. كانت المراسلة برتراند أول من نشر معلومات حول التقييم الاستخباراتي الأميركي بشأن الضربات التي بدأت في 13 حزيران، واستهدفت مواقع حساسة في إيران. ووفقاً للتقرير، أسفرت الضربات عن أضرار كبيرة في المنشآت النووية ومقتل قادة عسكريين وعلماء إيرانيين. في بيان أصدرته عبر منصة 'إكس'، أعربت شبكة 'CNN' عن دعمها الكامل لبرتراند، مؤكدة أن تقريرها استند إلى 'نتائج أولية قابلة للتحديث'. وأشارت الشبكة إلى أن تغطية المراسلة تأتي في إطار 'مصلحة عامة مشروعة'، وتعكس الالتزام بالمهنية الصحافية.


المركزية
منذ 24 دقائق
- المركزية
ويتكوف: دول عربية جديدة ستنضم لاتفاقات أبراهام قريباً
قال مبعوث الرئيس الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إن دولاً عربية جديدة ستنضم إلى "اتفاقات أبراهام". في إشارة إلى المساعي التي تقودها واشنطن من أجل تحقيق تطبيع شامل ومستدام في المنطقة. إعلانات هامة وقال ويتكوف في تصريحات إعلامية، إن "الأسابيع المقبلة قد تشهد إعلانات هامة بخصوص دول عربية جديدة تنضم إلى نادي اتفاقات أبراهام"، من دون أن يذكر أسماء هذه الدول أو عددها المحتمل. وأوضح أن "هدف الرئيس (دونالد ترامب) توسيع اتفاقات أبراهام، ونحن نعمل على ذلك بالتنسيق مع وزارة الخارجية... نعتقد أنه ستكون لدينا أمور كبيرة للإعلان عنها في شأن الاتفاقات". وأعرب المبعوث الأميركي عن أمله في "التطبيع مع العديد من الدول التي ربما لم يفكر الناس في أنها قد تنضم إلى اتفاقات أبراهام مع إسرائيل". وسبق لويتكوف أن أعلن أن إدارة ترامب، تبذل جهوداً لتوسيع نطاق اتفاقات أبراهام الهادفة إلى تطبيع العلاقات بين إسرائيل والدول العربية. وأشار إلى أن الولايات المتحدة تواصل مناقشة التحديات في المنطقة، بما في ذلك الأوضاع في سوريا ولبنان وإيران، مؤكداً أن واشنطن تتفق مع فكرة "عدم السماح لإيران بامتلاك أسلحة نووية". وأعرب المبعوث الأميركي، عن أمله في أن تتحسن العلاقات بين الولايات المتحدة وإيران وصولاً إلى "اتفاق سلام شامل". لكنه شدد على أن محاولة إيران استئناف تخصيب اليورانيوم تعتبر خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه. استغلال إسرائيلي في موازاة ذلك، تحدّث رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، عن إمكانية التطبيع مع لبنان وسوريا، وذلك في إحاطة أمام لجنة الشؤون الخارجية والأمن بالكنيست، بحسب مصادر مطلعة. وتسعى إسرائيل، وفق رؤية ترامب، إلى استغلال إنجازات الاتفاقات الأخيرة في مواجهة إيران، والعمل على ضم لبنان وسوريا إلى "اتفاقات أبراهام" لتحقيق تطبيع شامل ومستدام في المنطقة. وكان الرئيس الأميركي، حث خلال لقائه في السعودية الرئيس السوري أحمد الشرع على الانضمام إلى هذه الاتفاقات، وذكرت تقارير إعلامية في ذلك الوقت أن الشرع أبدى استعداداً لذلك حتى قبل اللقاء. إلا أن خبراء تحدثوا لصحيفة "هآرتس" العبرية، أشاروا إلى أن الرأي العام اللبناني لا يزال غير مستعد للتطبيع في هذه المرحلة، خصوصاً في ظل استمرار آثار الحرب في قطاع غزة، والتي خلفت دماراً وخسائر بشرية وموجة نزوح واسعة. يذكر أن اتفاقيات إبراهيم شهدت حتى الآن انضمام كل من الإمارات العربية المتحدة ومملكة البحرين في أيلول/سبتمبر 2020، حيث مثلت تلك الخطوة تحولاً جذرياً في خريطة العلاقات الإقليمية.