logo
الشركات الناشئة في سوريا.. فرص كبيرة رغم التحديات

الشركات الناشئة في سوريا.. فرص كبيرة رغم التحديات

الجزيرة٠٨-٠٥-٢٠٢٥

دمشق – تظهر الشركات الناشئة في سوريا بوصفها أحد المحركات الجديدة للنمو الاقتصادي في واقع جديد يفرض الحاجة إلى حلول مبتكرة ومرنة تتناسب مع محدودية الموارد، وضرورة استحداث فرص عمل لا سيما للشباب والخريجين وغيرهم.
تعرف الشركات الناشئة بأنها مؤسسات صغيرة أو متوسطة، حديثة التأسيس، تقوم على أفكار مبتكرة وتسعى إلى تقديم حلول جديدة لمشكلات قائمة في السوق، أو توفير خدمات ومنتجات جديدة، وغالبًا ما ترتبط هذه الشركات بمجالات التكنولوجيا والاقتصاد الرقمي.
ويقود هذه الشركات غالبًا شباب، وتكون رافعة حيوية لإحياء الدورة الاقتصادية في المدن والمناطق المحرومة على حد سواء، حتى بالنظر إلى تجارب دول متعددة.
وفي السياق السوري، تزداد أهمية هذه الشركات في ظل محاولات الحكومة الجديدة والقطاع الخاص إيجاد حلول وطرق مبتكرة تسهم في إعادة بناء الاقتصاد.
مساهمة في النمو
يقول الخبير في ريادة الأعمال والشركات الناشئة أحمد سفيان بيرم للجزيرة نت إن الشركات الناشئة يمكن أن تسهم في نمو الاقتصاد السوري عبر العوامل التالية:
تُحفز ريادة الأعمال الاقتصادات المحلية من خلال خلق فرص عمل وتمكين الأفراد من تحقيق دخل مستدام. وهذا يقلل من الاعتماد على المساعدات ويسرع جهود التعافي.
إعلان
ففي رواندا، لعبت الشركات الصغيرة والمتوسطة دورا محوريا في تقليل البطالة بعد الإبادة الجماعية عام 1994، وتساهم هذه الشركات الآن بأكثر من 41% من الناتج المحلي الإجمالي ، وتوظف أكثر من 80% من اليد العاملة.
وخلص تقييم أجراه المجلس النرويجي للاجئين في مارس/آذار 2025 إلى أن سوريا تحتاج إلى استثمارات تدعم المشاريع الصغيرة وتوفر فرص عمل في مشاريع تهتم بإصلاح البنية التحتية المدنية.
يرى سفيان أن سوريا تواجه تحديات معقدة في قطاعات مثل التعليم والطاقة والمياه والرعاية الصحية، مشيرا إلى أن الشركات الناشئة قادرة على تقديم حلول تقنية محلية وفعالة تتناسب مع الواقع السوري، مثل مشاريع الطاقة الشمسية أو التعليم عن بعد.
جذب التمويل والاستثمار الدولي
يرى سفيان أن البيئة الاستثمارية الصعبة في سوريا لا تمنع قيام المشاريع الريادية الناجحة التي تلفت اهتمام الداعمين الدوليين وصناديق التمويل التنموية، مما يفتح نافذة لدخول رؤوس أموال جديدة وذكية إلى سوريا.
يؤكد سفيان أنه من خلال تنويع مصادر الدخل، وتبني نماذج أعمال مستدامة، تساهم الشركات الناشئة في بناء اقتصاد يتكيف مع الأزمات، ويشمل شرائح واسعة من المجتمع.
من جانبه، يقول عبد الرحمن سليمان محلل الاستثمار في "ملتيبليس" (Multiples) والمرشد الاستثماري للشركات الناشئة، في مقال على منصة "لينكد إن" إن هذه الشركات تلعب دورًا حيويا في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ويمكنها المساهمة في توليد فرص العمل والدخل وتعزيز التماسك الاجتماعي من خلال تعزيز التعاون بين المجتمعات.
دعم العملية الإنتاجية الابتكارية
يقول الخبير في بناء المشاريع مجاهد عقيل في مقال بمنصة "لينكد إن" إن النموذج التقليدي للاقتصاد الذي يعتمد على استثمارات ضخمة وتأسيس بنى تحتية معقدة غير واقعي في بيئة محفوفة بالمخاطر مثل سوريا، وبات إقناع الشركات الكبرى أو المستثمرين الدوليين بضخ ملايين الدولارات في بلد لا يزال يتلمّس طريقه نحو الاستقرار أمرا في غاية الصعوبة.
إعلان
ويقترح العقيل أن تتبنى الدولة السورية نموذجا بديلا وهو "الاقتصاد التشاركي" الذي يعتمد على الاستفادة من الموارد المتوفرة لدى الناس لبناء مشروع متكامل.
وعلى سبيل المثال، وفق العقيل، إذا أراد شخص تأسيس شركة شحن تقليدية في سوريا فسيتعين عليه بناء مراكز استقبال عملاء في كل محافظة ومستودعات وشبكة توصيل يومية ونظام تتبع شحنات وأسطول شاحنات، وقد تتجاوز كلفة مثل هذا المشروع ملايين الدولارات، مع مخاطر تشغيله.
لكن في نموذج الاقتصاد التشاركي، يضيف العقيل، يمكن تأسيس المشروع الريادي التقني بتكلفة أقل عبر تطوير منصة تقنية ذكية (تطبيق على الهواتف المحمولة)، ويُسجّل الأفراد الذين يمتلكون سيارات في المنصة، ويستقبلون طلبات الشحن من العملاء عبر التطبيق، وتُقسم الأرباح بين السائق والمنصة وفق نموذج شفاف.
وعبر هذه العملية، كل من يملك سيارة بإمكانه أن يصبح جزءًا من شبكة شحن، وبهذه الطريقة تُبنى منظومة لوجستية مرنة قابلة للتوسع، وبتكلفة لا تُقارن مع الطريقة التقليدية.
المرونة
ويرى العقيل أن ثمة فرصا كبيرة أمام الشركات الناشئة للاستفادة من الواقع الحالي للسوق السورية عبر استغلال ثلاثة عوامل كالتالي:
السوق المحلي غير المشبع والطلب الذي يتجاوز المعروض في كل القطاعات تقريبًا.
الكلفة المنخفضة، فأي مشروع بسيط في أوروبا أو الخليج يكلف أضعاف ما قد يكلفه في سوريا من حيث الإيجارات والتوظيف والتشغيل.
توفر الكوادر البشرية المؤهلة.
وأشار العقيل إلى أن نجاح المشروعات الناشئة مرهون بأن يكون مناسبًا للواقع السوري الحالي.
وينصح باعتماد الشركات الناشئة على المشاريع التي تستهدف العملاء خارج سوريا مثل مشاريع التجارة الإلكترونية الموجهة للتصدير والاستفادة من قوة المنتج السوري والمنافس.
ويرى العقيل أنه عندما تتحسن القدرة الشرائية للمواطنين يمكن العمل على مشاريع المنصات التجارية الإلكترونية الموجهة للداخل، والمنصات التي توفر الخدمات.
توجه نحو الشركات الناشئة
أطلق وزير الاتصالات وتقانة المعلومات السوري عبد السلام هيكل رؤية إستراتيجية بعنوان "خارطة رقمية لمستقبل سوريا"، تهدف إلى إعادة بناء وتحديث البنية التحتية الرقمية في البلاد، وتعزيز مكانتها في الاقتصاد الرقمي العالمي، وتمكين الابتكار وريادة الأعمال التقنية، ودعم الشركات الناشئة وجذب صناديق الاستثمار.
وحسب تقرير منشور على موقع "ستارت أب سوريا" (startup syria) لأحمد سفيان، فقد توصل بعد عمل استطلاع إلى وجود أكثر من 200 شركة ناشئة نشطة في سوريا حاليا، وأكثر من 300 مبادرة مجتمعية ساعدت على إبقاء أنشطة ريادة الأعمال.
وحسب التقرير، زادت نسبة السوريين الذين يعتقدون أهمية ريادة الأعمال من 26% في عام 2015 إلى 80.5% في عام 2025.
ويرى سفيان أن توسع عمل الشركات الناشئة في سوريا في الوضع الحالي يجب أن يُدعم عبر مساهمات المغتربين برأس المال والتوجيه والخبرة في ريادة الأعمال، وسد فجوات الموارد وتعزيز الابتكار.
ويشير إلى تجربة كوسوفو بعد الحرب، حيث استثمرت الجاليات في الشتات بأكثر من 500 مليون دولار في الشركات المحلية بين عامي 2000 و2010، مما حفز التعافي الاقتصادي للبلاد.
ويرى سفيان أن الشركات الناشئة في سوريا تواجه العديد من التحديات أهمها:
ندرة الاستثمار المالي، إذ يعتبر الوصول إلى التمويل محدودا، ويتم الاعتماد في غالبية المشاريع على المنح الصغيرة.
الضغوط الاقتصادية المتزايدة، وانخفاض القدرة الشرائية للمواطن.
بيئة تنظيمية غير مواتية، وعدم الوضوح في تسجيل الشركات.
العقوبات والقيود على المدفوعات التي تعيق استيراد التكنولوجيا والوصول إلى الأسواق الدولية.
بنية تحتية منهارة، ونقص إمدادات الكهرباء والإنترنت.
ضعف الاستقرار، مما يرفع من المخاطر التشغيلية على الشركات الناشئة.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

محللان: واشنطن تحاول ضم سوريا الجديدة للمعسكر الغربي
محللان: واشنطن تحاول ضم سوريا الجديدة للمعسكر الغربي

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

محللان: واشنطن تحاول ضم سوريا الجديدة للمعسكر الغربي

يمثل الرفع الأميركي المؤقت لبعض العقوبات التي كانت مفروضة على دمشق، برأي محللين، محاولة أميركية لتعزيز استقرار الرئيس السوري أحمد الشرع ، واختبار نياته، وسعيا لضم سوريا إلى المعسكر الغربي. فقد أعلنت وزارة الخزانة الأميركية تخفيف بعض العقوبات المفروضة على سوريا بشكل فوري، تماشيا مع إعلان الرئيس دونالد ترامب، القاضي بوقف جميع العقوبات عن دمشق. وأوضحت الوزارة أن تمديد تخفيف العقوبات الأميركية الذي رحبت به دمشق، صدر على أساس التزام الحكومة السورية الجديدة بعدم توفير ملاذ آمن للتنظيمات الإرهابية وضمان حماية الأقليات. ورغم أن الخطوة لم ترتق لطموحات السوريين إلا أنها تعتبر ممتازة لأنها تدعم استقرار الحكومة وتلبي مطالب بعض حلفاء دمشق مثل قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية، كما يقول عميد كلية العلوم السياسية في جامعة الشمال السورية الدكتور كمال عبدو. وخلال مشاركته في برنامج "ما وراء الخبر"، قال عبدو، إن رفع بعض العقوبات لـ6 أشهر فقط ليس كافيا لجلب استثمارات خارجية أو حتى تأسيس بنية تحتية سوريّة، لكنه سيوفر فرصة للحصول على دعم من بعض الدول. وسوف تساعد هذه الخطوة الحكومة على تخفيف أزمات مثل الكهرباء ونقص العملة الصعبة وتلقّي الدعم الخارجي، برأي عبدو، الذي يرى أن حكومة أحمد الشرع بدت أكثر عقلانية وقدمت كل ما يمكنها تقديمه من أجل التوصل لتفاهمات حتى فيما يتعلق بإسرائيل. وقال عبدو إن قرار رفع العقوبات "اتخذ في تل أبيب، التي ما كانت لتقبل باستقرار نظام سياسي يمثل خطرا عليها حتى لو تطلب الأمر تمزيق سوريا"، لافتا إلى أن الولايات المتحدة تنظر لمصالحها بعين إسرائيلية. كما لفت عبدو إلى ما اعتبرها براغماتية من الشرع الذي لم يرفض الانضمام إلى اتفاقيات التطبيع لكنه طلب بعض الوقت لبحث الأمر، وهو ما تفهمه دونالد ترامب. وخلص عبدو إلى أن رفع العقوبات يؤكد أن سوريا أصبحت جزءا من ترتيب أكبر تقوم به الولايات المتحدة في المنطقة، بدليل أن دمشق عرضت على واشنطن أن تكون لها الأولوية في كل المشروعات الاستثمارية المهمة كمشروعات الغاز والطاقة. ضم سوريا للمعسكر الغربي واتفق المحلل السياسي محمود علوش مع حديث عبدو، لكنه اختلف عنه في مسألة صدور القرار من تل أبيب، وقال إن ترامب هو رئيس أميركا وليس رئيس إسرائيل ومن ثم فهو يتحرك بناء على مصلحة بلاده أولًا. ووفقًا لعلوش، فإن القرار لم يكن وليد لحظة ولا زيارة وإنما كان نتاج مفاوضات كبيرة جرت خلال الفترة الماضية وشاركت فيها أطراف إقليمية معنية باستقرار سوريا. وعلى هذا الأساس، يرى علوش أن الأشهر الـ6 التي حددتها الولايات المتحدة تمثل سعيا لتعزيز استقرار الرئيس أحمد الشرع واختبار توجهاته السياسية في الوقت نفسه. ورغم أهمية المصالح الإسرائيلية في القرار الأميركي، فإن علوش يعتقد أن إدارة ترامب تخشى وقوع انفجار في سوريا يفسد خططها لإعادة تشكيل المنطقة وجعل سوريا جزءا من المعسكر الغربي. وحتى لو لم تكن مصالح إسرائيل ستتحقق على المدى القريب فإنها سوف تتحقق على المدى البعيد إن استمرت هذه التفاهمات وخصوصا إذا انضمت دمشق لاتفاقات التطبيع، كما يقول علوش. وخلص المحلل السياسي إلى أن الموقف الأميركي مبني بالأساس على رغبة الولايات المتحدة في شغل مكان إيران وروسيا في دمشق، وهي رغبة تنبع على ما يبدو من تأثر ترامب برؤية تركيا والسعودية لما يجب أن تكون عليه سوريا.

ما الذي يعنيه رفع العقوبات على الاقتصاد السوري؟
ما الذي يعنيه رفع العقوبات على الاقتصاد السوري؟

الجزيرة

timeمنذ 12 ساعات

  • الجزيرة

ما الذي يعنيه رفع العقوبات على الاقتصاد السوري؟

شهد مايو/أيار الحالي حدثا بارزا في تاريخ سوريا، إذ أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب ، أثناء زيارته للعاصمة السعودية الرياض ، في الـ13 من هذا الشهر عن قراره رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، وتبعه رفع الاتحاد الأوروبي كامل العقوبات المفروضة على دمشق في الـ20 من الشهر نفسه. وأصدرت وزارة الخزانة الأميركية في 23 مايو/أيار 2025 "الرخصة العامة رقم 25" (GL 25)، التي تسمح بإجراء معاملات مالية مع الحكومة السورية الجديدة برئاسة أحمد الشرع ، بالإضافة إلى البنك المركزي السوري ومؤسسات الدولة. كما أصدرت وزارة الخارجية إعفاء لمدة 180 يوما من العقوبات المفروضة بموجب قانون قيصر ، لتسهيل الاستثمارات وتوفير الخدمات الأساسية مثل الكهرباء والمياه. ويمثل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية فرصة حقيقية لإعادة إحياء الاقتصاد السوري وإعادة دمجه في النظام الاقتصادي العالمي. ومع ذلك، يرى الخبراء أن تأثير هذا القرار لن يكون فوريا، وأن الطريق نحو التعافي الاقتصادي سيكون طويلا ومليئا بالتحديات. وهنا لا بد أن نفرق بين نوعين من العقوبات الأميركية: الأولى تنفيذية يمكن أن يفرضها ويرفعها الرئيس الأميركي بشكل مباشر. والنوع الثاني هي العقوبات التشريعية التي يفرضها الكونغرس وهي المتعلقة بقانون قيصر، وهو أخطر وأعقد العقوبات التي تعاني منها سوريا في الوقت الحالي، وهذا النوع من العقوبات لا يمكن أن يلغيها الرئيس بشكل مباشر، لكن باعتبار أن الكونغرس يحظى بأغلبية جمهورية فمن المتوقع بشكل كبير أن يتم تمرير رفع العقوبات المفروضة بقرار من الكونغرس. إعلان يهدف هذا التقرير إلى قراءة الآثار المحتملة لرفع العقوبات الأميركية والأوروبية على الاقتصاد السوري، من خلال مناقشة: القطاعات التي ستتأثر بهذا القرار. كيفية إعادة دمج سوريا في النظامين المالي والتجاري العالميين. جاذبية البلاد للمستثمرين الأجانب. تأثير هذه القرارات على جهود إعادة الإعمار. مستقبل استقرار الليرة السورية. مسار إنعاش صناعة النفط والغاز. ما القطاعات المشمولة برفع العقوبات؟ يمثل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا نقطة تحول محورية للاقتصاد السوري، حيث من المتوقع أن تتأثر مجموعة واسعة من القطاعات الاقتصادية بهذا القرار. وفيما يلي نقدم إضاءة للقطاعات الرئيسية التي ستشهد تغييرات جوهرية نتيجة لرفع العقوبات: يعد قطاع النقل والطيران من القطاعات التي ستستفيد بشكل كبير من رفع العقوبات، فقد عانت شركات الطيران السورية، وخاصة السورية للطيران، من تشغيل أسطول متقادم في ظل نقص حاد في قطع الغيار. ويقول لينوس باور، مؤسس ومدير شركة "بي إيه إيه آند بارتنرز" الاستشارية (BAA & Partners)، إن رفع العقوبات يمكن أن يكون "لحظة فارقة" لصناعة الطيران المهملة منذ فترة طويلة، حيث سيسمح "للمرة الأولى" منذ سنوات، لهذه الناقلات بالحصول بشكل قانوني على قطع غيار معتمدة من الشركات المصنعة الأصلية من إيرباص وبوينغ ومورديها من الدرجة الأولى. وهذا يمكن أن يحسن بشكل كبير معايير السلامة والموثوقية. القطاع المصرفي والمالي يعد القطاع المصرفي والمالي من أكثر القطاعات تأثرا بالعقوبات الدولية، حيث عانى من عزلة شبه كاملة عن النظام المالي العالمي. ومع رفع العقوبات، يتوقع الخبراء تحسنا تدريجيا في القطاع المصرفي. يعتبر قطاع النفط والغاز من القطاعات الحيوية للاقتصاد السوري، وقد تأثر بشكل كبير بالعقوبات الدولية التي منعت تصدير النفط السوري واستيراد المعدات اللازمة لتطوير الحقول النفطية. يشير الباحث في الشأن الاقتصادي السوري عبد العظيم المغربل في حديث للجزيرة نت إلى أن قطاعي الزراعة والصناعة التحويلية تضرّرا بشكل مباشر نتيجة القيود المفروضة على تدفّق مستلزمات الإنتاج والتكنولوجيا والصيانة. ويؤكد أنه مع رفع العقوبات، سيبدأ توفّر هذه المدخلات بالتحسّن تدريجيا، من خلال إعادة الربط مع الأسواق العالمية المزوّدة للآلات، والأسمدة، والمبيدات، والخامات الصناعية، وقطع التبديل، والتجهيزات التكنولوجية المتوسّطة والخفيفة، مما يسمح بإعادة تشغيل منشآت كانت معطّلة أو تعمل بأقلّ من طاقتها التصميمية. عانى قطاع الاتصالات والتكنولوجيا في سوريا من قيود كبيرة، بسبب العقوبات التي منعت استيراد المعدات والبرمجيات الحديثة وتقييد الوصول إلى خدمات الإنترنت العالمية. ومع رفع العقوبات، يمكن أن يشهد هذا القطاع تطورا سريعا. شهدت الليرة السورية ارتفاعا ملحوظا في قيمتها مباشرة بعد إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب عن رفع العقوبات عن سوريا. فوفقا لوكالة الأنباء السورية، "ارتفعت الليرة السورية بشكل حاد مقابل الدولار الأميركي بعد الإعلان، حيث بلغ سعر الصرف 9.5 آلاف ليرة مقابل دولار واحد، مقارنة بـ13 ألف ليرة قبل قرار رفع العقوبات. ويقول الخبير في الاقتصاد السوري الدكتور يحيى السيد عمر للجزيرة نت إن رفع العقوبات قد يمهد لتعافي العملة، لكن من جانب آخر قد يخفض من قيمة العملة في الوقت الحالي، لأنه اليوم أصبح بمقدور الدولة السورية طباعة العملة في أوروبا لا سيما في سويسرا والنمسا، ودخول كميات نقدية إلى السوق قد يؤدي إلى انخفاض قيمة الليرة. ويضيف أن السعر الحالي لليرة سببه نقص الكتلة النقدية في السوق، ويؤكد أن التحسن الحقيقي لليرة مرتبط في الإنتاج والتصدير، وتقليل الاستيراد، وهذا الشيء ما زال غير موجود. ويتابع السيد عمر أنه إذا حصلت سوريا على مساعدات مالية مقيمة بالدولار أو دخول استثمارات، فمن الممكن أن تشهد العملة تحسنا. من جهته، يؤكد المغربل أن انعكاس رفع العقوبات على سعر صرف الليرة في هذه المرحلة يفهم كمؤشر مركّب لما يُسمّى في علم الاقتصاد بتوقّعات السوق أو "توازن التوقّعات"، حيث يؤدي رفع العقوبات إلى تحوّل جذري في سلوك الفاعلين الاقتصاديين من حالة الترقب السلبي إلى الانخراط الإيجابي. وهذا الانخراط -حسب المغربل- يتجلّى بانخفاض طلب المضاربين على الدولار، وتراجع ظاهرة الاكتناز بالعملة الأجنبية، وعودة الثقة بالعملة المحلية كأداة للادخار والمعاملات. تأثيرات فورية وأخرى على المدى المتوسط يقول السيد عمر إن نتائج رفع العقوبات الأوروبية والأميركية عن سوريا سيظهر بعضها بشكل فوري والآخر على المدى المتوسط. ويؤكد أنه من المتوقع أن يشهد الاقتصاد السوري خلال سنة واحدة انتعاشا ملموسا في كافة المؤشرات. أما المغربل، فيتوقع أن تشهد التحويلات الخارجية انتعاشا نتيجة لخفض درجة المخاطر المرتبطة بإرسال الأموال إلى سوريا، وتحسّن القدرة على استخدام القنوات المصرفية النظامية. وهذا التدفق النقدي، وإن كان مصدره غير إنتاجي فإنه يُشكّل في هذه المرحلة عنصرا محوريا في دعم ميزان المدفوعات وتعزيز القدرة الشرائية للمواطن، حسب المغربل. سوريا أكثر جاذبية للمستثمرين والتجارة يمثل رفع العقوبات الأميركية والأوروبية عن سوريا نقطة تحول محتملة في جاذبية البلاد للمستثمرين الأجانب. فبعد سنوات من العزلة الاقتصادية والمخاطر العالية، تفتح هذه الخطوة الباب أمام فرص استثمارية جديدة في سوق يحتاج بشدة إلى رأس المال والخبرات الأجنبية. ويقول إبراهيم ناجي قوشجي، الخبير الاقتصادي والمصرفي في تقرير منشور على الجزيرة نت إن "رفع العقوبات عن سوريا يمثل نقطة تحول أساسية. سينتقل الاقتصاد السوري من التفاعل مع الاقتصادات النامية إلى الاندماج مع اقتصادات أكثر تطورا، مما قد يعيد تشكيل علاقات التجارة والاستثمار بشكل كبير". من جهته يؤكد السيد عمر أن سوريا أصبحت أكثر مرونة بشأن عمليات الاستيراد والتصدير، واستعادة الأموال المجمدة، وتشجيع الاستثمار والتجارة. أما المغربل فيؤكد أن التجارة الخارجية لسوريا ستبدأ في التوسّع مجددا، مع التوجّه لإعادة تموضعها التجاري الإقليمي، خاصة في أسواق العراق والأردن ولبنان، وربما لاحقا الخليج وشمالي أفريقيا. ويقول إن إزالة القيود المالية ورفع الحظر عن التعاملات البنكية سيسمح بعودة الصادرات السورية تدريجيا إلى أسواقها التقليدية، خصوصا في مجال الصناعات الغذائية والنسيجية والمنتجات الزراعية، مما يسهم في تحسين الميزان التجاري وتقليص العجز في الحساب الجاري. ويرى المغربل في رفع العقوبات أنها بمثابة استعادة الثقة بالاستثمار، سواء من الداخل أو من الخارج، حيث إن الانفراج في البيئة القانونية والمالية، وعودة الحوافز الاستثمارية المرتبطة بالضمانات الدولية أو التعاون مع مؤسسات مالية تنموية، سيجعل من المناخ الاستثماري في سوريا أكثر جاذبية، خصوصا ضمن قطاعات البنية التحتية، والخدمات، والطاقة. ويتوقع المغربل أن يشهد السوق السوري تدفق شركات من الدول المجاورة ومن الجاليات السورية في الخارج، مستفيدة من فجوة العرض الكبيرة والفرص الواعدة. ويؤكد السيد عمر أن الاستفادة من رفع العقوبات يحتاج لجهود سورية لتحديث وتطوير البيئة الاستثمارية للبلاد، من خلال تبني إجراءات مثل الإعفاءات الضريبية، لأن الشركات العالمية تبحث عن بيئة آمنة ومستقرة وحوافز وضمانات. ويقول أسامة الصيفي، المدير الإداري لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في شركة الخدمات المالية (تريزا) Traze: إن "إزالة العقوبات الأميركية هي إشارة حاسمة للتمويل العالمي، ومن المرجح أن تشجع رأس المال من الدول العربية وتركيا وربما الشركات الأميركية والصينية". ومن المتوقع أن تشهد إعادة إعمار البنية التحتية في سوريا منافسة بين الشركات الأميركية والأوروبية، في حين يعد قطاع الطاقة، خاصة النفط والغاز، من أكثر القطاعات جاذبية لهذه الشركات. ويؤكد أسامة الصيفي أن سوريا تحتاج إلى تحديث شامل لبنيتها التحتية في مجال الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، مما يفتح فرصا واعدة للشركات المتخصصة. تفعيل النظام المصرفي يعتقد الباحث الاقتصادي المغربل أن رفع العقوبات عن المصارف الحكومية السورية سيمكنها، عبر نظام "سويفت"، من تسهيل عمليات الاستيراد والتصدير، مما يقلل من التكاليف ويزيد من الكفاءة، ويعزز من قدرتها على تقديم خدمات مالية متقدمة للمواطنين والشركات، إضافة إلى دعم دورها في تمويل المشاريع التنموية، الأمر الذي يساهم في تحسين السيولة وتوسيع قاعدة العملاء وتنشيط الاقتصاد وزيادة معدلات التنمية. لكن بالمقابل، يرى المغربل أن إعادة تفعيل "سويفت" يتطلب تحديث البنية التحتية التقنية للمصرف المركزي، بما يشمل أنظمة الأمان والامتثال للمعايير الدولية. كما يستوجب ذلك -حسب المتحدث ذاته- تدريب الكوادر على التعامل مع المعايير الجديدة لضمان فعالية العمليات المصرفية، وهذا التحديث يعزز من قدرة المصرف على إدارة الاحتياطيات النقدية والتواصل مع البنوك المراسلة.

واشنطن بوست: حلفاء إسرائيل يهددون بقطع العلاقات التجارية بسبب غزة
واشنطن بوست: حلفاء إسرائيل يهددون بقطع العلاقات التجارية بسبب غزة

الجزيرة

timeمنذ 15 ساعات

  • الجزيرة

واشنطن بوست: حلفاء إسرائيل يهددون بقطع العلاقات التجارية بسبب غزة

قالت صحيفة واشنطن بوست إن عددا من كبار حلفاء إسرائيل وشركائها التجاريين أعلنوا هذا الأسبوع أنهم سيعيدون النظر في الاتفاقيات التجارية معها، نظرا للأوضاع الإنسانية والأزمة الحادة في قطاع غزة. وأكدت بريطانيا أن الحصار الإسرائيلي على غزة والعملية البرية الجديدة سيعرقلان "مباحثات متقدمة" بشأن اتفاقية تجارية جديدة معها، دون التأثير على اتفاقيتهما الحالية، كما أعلنت مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي كايا كالاس أن الاتحاد، المكون من 27 دولة، سيجري مراجعة لاتفاقيته التجارية مع إسرائيل. ومع أن الآثار الكاملة لإعادة النظر في الاتفاقيات التجارية لا تزال غير واضحة، فإن الدول المعنية من أهم شركاء إسرائيل التجاريين، إذ تمثل نحو 31% من صادراتها العام الماضي و37% من وارداتها، وفقا لبيانات المكتب المركزي للإحصاء في البلاد. وقد نددت إسرائيل بهذه التحركات من قبل أوروبا، وقال المتحدث باسم الخارجية الإسرائيلية أورين مارمورشتاين إن تصريحات كالاس تعكس "سوء فهم تاما للواقع المعقد الذي تواجهه إسرائيل"، وأبلغت السلطات الإسرائيلية الوكالات الإنسانية أنها قد ترسل 100 شاحنة يوميا إلى غزة هذا الأسبوع، بعد تجميد تام دام قرابة 3 أشهر. غير أن جماعات الإغاثة تقول إن هناك حاجة إلى مزيد، كما أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، ذكر بأن نحو 500 شاحنة كانت تدخل غزة كل يوم عمل قبل الحرب، وحذرت الأمم المتحدة من أن القطاع بأكمله معرض لخطر المجاعة، خاصة أن بعض المرافق الطبية القليلة المتبقية شهدت زيادة في عدد الأطفال الذين يعانون من سوء التغذية. وذكّرت الصحيفة بأن أجهزة الكمبيوتر والمنتجات الإلكترونية والبصرية كانت أكبر فئة من صادرات إسرائيل العام الماضي، إذ مثّلت ما يقرب من 17 مليار دولار من إجمالي صادرات البلاد البالغة 60 مليار دولار، وفقا للمكتب المركزي للإحصاء. وحسب إدارة التجارة الخارجية الإسرائيلية، فإن الدوائر الإلكترونية المتكاملة كانت أكبر منتج صدرته إلى الاتحاد الأوروبي العام الماضي، في حين كانت "بوليمرات البروبيلين وغيرها من الأوليفينات، بأشكالها الأولية"، هي أكبر الصادرات إلى المملكة المتحدة، تليها الفواكه الطازجة والمجففة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store