كيف ضاعت فرصة بناء دولة الوحدة
ولأن هذا الإنجاز التاريخي كان عظيما فقد أعتقد كل أبناء الشعب اليمني في الشطرين سابقا شمالاً وجنوباً بأن مشاكلهم قد انتهت وانتهى معها عصر الحروب التي ظلت قائمة بدرجات متفاوتة طيلة فترة التجزئة، وأن عصراً جديداً قد حل لتبنى خلاله الدولة الوطنية الحديثة والتفرغ لاستخراج خيرات اليمن التي حباه الله بها، ولم تستغل بعد فينافس جيرانه من حيث البناء والتقدم والاعتماد على النفس ووضع حد لهجرة اليمنيين التي تتزايد عاما بعد آخر إلى الخارج بحثا عن لقمة العيش.
لكن هذا الأمل الكبير سرعان ما تلاشى مُنذ الأيام الأولى لإعادة توحيد الشطرين، والسبب أن الشعب اليمني لم يتوفق بقيادة سياسية حكيمة تكون عند مستوى المسؤولية، وعند مستوى تحقيق تطلعاته وطموحاته، وتتعامل مع هذا الإنجاز التاريخي بما يستحقه من الاحترام والتبجيل والمحافظة عليه كونه الإنجاز الأبرز الذي تشهده الأمة العربية من محيطها إلى خليجها، وحظي بتأييد كبير على كل المستويات محلياً وإقليمياً وعالمياً، فلم تمض سوى أسابيع قليلة حتى تبينت النيات الخاسرة لمن تحملوا المسؤولية الذين كان الشعب اليمني يثق بهم وينظر إليهم بأنهم بصنيعهم هذا المترجم للإرادة الشعبية قد دخلوا التاريخ من أوسع أبوابه وفي المقدمة شريكا اتخاذ القرار علي سالم البيض وعلي عبدالله صالح حيث الأول كان هو الذي أصر على تحقيق الوحدة الاندماجية المقترنة بالحرية والديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية والصحافية، وقد وافقه الأخير الذي كان يحمل مشروعا كنفودراليا أو اتحاديا على مضض، وهو ما أعطى جرعة كبيرة من الحرية والديمقراطية فوق مستوى وعي الشعب ومسؤوليه في وقت كان الشعب فيه بشطريه مكمم الأفواه ولا يسمح له بالخروج عن رأي السلطة وإرادة الحاكم فتم استغلال هذه الجرعة الكبيرة من الحرية لتصفية الحسابات، وليس لخدمة قضايا الوطن، بينما انشغلت قيادة الوحدة بخلافاتها حيث كان كل طرف يضمر الشر للطرف الآخر منذ الشهر الأول لإعلان الوحدة.
وعليه نعتقد أن الوقت قد حان للإشارة لبعض هذه الخلافات على الأقل ليعرف الجيل الجديد كيف تم الالتفاف على منجز عظيم كان كفيل لو حسنت النيات لقياداته أن يجعلوا اليمن يستعيد مجده ويكون الأول في المنطقة ولا يقل في مسيرته عن جيرانه الأثرياء الذين ينظرون إليه باستعلاء خاصة السعودية وهو البلد صاحب التاريخ العريق بحضارته الموغلة في القدم والمشهود له من قبل النبي الأعظم محمد بن عبدالله بن عبدالمطلب بن هاشم عليه وعلى آله أفضل الصلاة والسلام بالحكمة والإيمان، كانت أولى الأخطاء التي ساعدت على تفاقم الصراع بين شريكي إعادة تحقيق الوحدة تتمثل في أن علي سالم البيض كان يعتقد بأن نفوذ الحزب الاشتراكي اليمني في المحافظات الشمالية سيكون كفيلا عند إجراء أول انتخابات باكتساح الساحة اليمنية للحصول على الأغلبية فيتسنى بذلك للحزب حكم اليمن بنظريته الاشتراكية وهو ما أزعج شريكه علي عبدالله صالح الذي لجأ إلى اسلوب الاغتيالات لكوادر الحزب الاشتراكي ورغم ارتفاع عدد الكوادر التي تم اغتيالها إلى أرقام مخيفة إلا أنه لم يتم القبض على جاني واحد وكانت تسجل كل قضايا الاغتيالات ضد مجهول الأمر الذي جعل علي سالم البيض يلجأ إلى الاعتكاف في عدن بدلاً من الضغط على الأجهزة الأمنية لمعرفة الجناة والقبض عليهم وهنا وجد علي صالح في تصرف البيض نقطة ضعف فكان يختلق له قضايا يستفزه بها ليزداد الوضع تفاقماً وبدأ ينتقم لهزائمه في الثمانينيات من قبل الجبهة الوطنية المدعومة من قيادة الشطر الجنوبي آنذاك حيث وصل نفوذها إلى منطقة الرضمة وكادت تتسبب في إسقاط حكمه، وانتقاما أيضا من الجيش الجنوبي الذي هزم الجيش الشمالي مرتين عامي 1972م و1979م فتحول الصراع بين الشريكين إلى صراع شخصي سحب نفسه سلباً على ما كان يعول عليه الشعب اليمني من تحقيق منجزات عظيمة حُرم منها في ظل حكم الشطرين سابقاً فوصلت حدة الخلافات إلى أن أصبحت علنية حيث كان كل طرف يهاجم الطرف الآخر خاصة بعد خسارة الحزب الاشتراكي للانتخابات البرلمانية عام 1993م وهي أول انتخابات تجرى في ظل راية الجمهورية اليمنية ولم يحصل سوى على مقعد واحد في مأرب من المحافظات الشمالية وكذلك لم يحصل المؤتمر الشعبي العام على مقاعد في المحافظات الجنوبية مما يدل على أن الاندماج كان شكلياً وليس حقيقياً وأن كل طرف كان يحتفظ بمؤسساته كدولة داخل الدولة، وكانت المفاجأة أن حزب التجمع اليمني للإصلاح (الإخوان المسلمون) الذي أسسه علي صالح كمنافس للحزب الاشتراكي احتل المركز الثاني في مجلس النواب بعد المؤتمر الشعبي العام، وهنا كانت الكارثة فلم تمض إلا أشهر قليلة على قيام مجلس النواب الجديد حتى تفاقمت الخلافات والانشقاقات وتسخير كل طرف وسائله الإعلامية لمهاجمة الطرف الآخر وبدأت القيادات الجنوبية تهجر صنعاء إلى عدن فتدخلت أطراف أخرى داخلية وخارجية للوساطة نتج عنها ما عُرف بوثيقة (العهد والاتفاق) التي تم التوقيع عليها في العاصمة الأردنية عمان تحت رعاية الملك الراحل حسين بن طلال، ومع أن بنود هذه الوثيقة كانت تخدم بالدرجة الأولى علي سالم البيض وحزبه وسببت إزعاجاً لعلي عبدالله صالح وحزبه ولحليفه حزب الإصلاح إلا أن غباء علي سالم البيض وتصرفه الأحمق قد خدم خصمه علي عبدالله صالح من حيث لا يحتسب فبدل من أن يعود إلى صنعاء بعد التوقيع على الوثيقة غادر الأردن إلى السعودية ثم العودة إلى عدن فتحول الرأي العام اليمني ضده ولم يرتاح لتصرفاته وبدأت بعض الأصوات ترتفع منادية بالانفصال وهو ما جعل علي عبدالله صالح يرفع شعار الوحدة أو الموت في خطاب له ألقاه في ميدان السبعين يوم 27 ابريل عام 1994م فاعتبره الحزب الاشتراكي خطاب حرب وفعلا ففي نفس اليوم انفجرت الأوضاع في عمران بين اللواءين المدرعين، وبعد أسبوع انفجرت الحرب بشكل رسمي حيث كل طرف كان محتفظا بقواته وكأن اليمن ما يزال يعيش الوضع التشطيري سابقاً وليس وضع الوحدة التي حلت محل الشطرين.
ومع أن تعاطف الشعب كان إلى جانب علي سالم البيض لكنه ارتكب خطأ آخر لا يغتفر أخرجه من التاريخ من أوسع أبوابه بعد أن كان قد دخله من أوسع الأبواب بإصراره على تحقيق الوحدة الاندماجية مصدقا نصائح حُكام مصر والسعودية والخليج آنذاك فأعلن الانفصال يوم 21 مايو 1994م من محافظة حضرموت وهو ما أعطى فرصة لخصمه للانقضاض عليه وإنهاء مشروعه الانفصالي راكباً حصان الشرعية ليقف الشعب اليمني بأكمله إلى جانب الوحدة ماعدا المؤدلجين بشعارات جوفاء والذين لا يزالون يحملونها ومتمسكين بها إلى يومنا هذا فآلت الأمور بعد تلك الحرب المشؤومة لحكم الفرد الذي أصابه الغرور وظل يرقص حسب زعمه فوق رؤوس الثعابين فلا هو حافظ على الأرض اليمنية التي لم يفرط بها أي حاكم قبله لا ملكي ولا جمهوري وأدخل اليمن في متاهات ضاع فيها الشعب وضاع هو شخصياً لتكون نهايته مأساوية وضاعت منه الفرصة التي لم تتوافر لحاكم قبله لا في التاريخ القديم ولا الحديث لبناء دولة نظام وقانون ودخول التاريخ من أوسع أبوابه وإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


يمني برس
منذ 28 دقائق
- يمني برس
مليونيات اليمن.. ثباتاً مع غزة للتصعيد في مواجهة جريمة الإبادة والتجويع .. صور
يمني برس || تقرير_ خاص: شهدت العاصمة اليمنية صنعاء ومختلف المحافظات، اليوم الجمعة، مسيرات مليونية حاشدة تنديدًا بالجرائم الصهيونية المتواصلة ضد الشعب الفلسطيني في غزة، وتأكيدًا على الموقف الشعبي والسياسي والعسكري الثابت والداعم للمقاومة الفلسطينية. جاءت هذه الفعاليات تحت شعار: 'ثباتاً مع غزة.. سنصعّد في مواجهة جريمة الإبادة والتجويع'، حيث غص ميدان السبعين وسط صنعاء بمئات الآلاف من المشاركين، في مشهد عكس وحدة الموقف الشعبي اليمني وارتباطه الوثيق بالقضية الفلسطينية. بيان المسيرات: لا صمت بعد اليوم وفي البيان الصادر عن المسيرات، أكدت الجماهير اليمنية أنها تقف بكل صلابة وإيمان في وجه ما وصفته بـ'أبشع جرائم الإبادة الجماعية في العصر الحديث'، معلنة رفضها المطلق للصمت أو التخاذل، ومشددة على أنها ستواصل تحركاتها ودعمها للمقاومة حتى تحقيق النصر. وأكد البيان الرفض القاطع للصمت أو التواطؤ تجاه جرائم الإبادة الجماعية التي يرتكبها الاحتلال الصهيوني بحق الشعب الفلسطيني في غزة،. مشدداً على أن الشعب اليمني لن يكون جزءًا من حالة العار والصمت التي تخيم على بعض الأنظمة. وجدد البيان الصادر عن المسيرات المليونية التأكيد على أن اليمنيين يسجلون موقفهم أمام الله وأمام شعوب العالم بأنهم لن يصمتوا أو يتراجعوا، بل سيواصلون دعمهم لغزة والمقاومة بكل ثبات حتى يتحقق النصر. ودعا البيان شعوب الأمة العربية والإسلامية إلى التحرّك الجاد وتسجيل مواقف عملية نصرة لغزة، ورفضاً لجرائم الاحتلال، والتخلص من حالة العجز والتخاذل. كما جدد البيان دعم الجماهير اليمنية الكامل للعمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة اليمنية ضد كيان العدو الصهيوني، والتي اعتبرها المشاركون رداً مشروعاً على الجرائم المرتكبة في غزة، ووسيلة فعالة في كسر الحصار والدفاع عن كرامة الأمة. وأشاد البيان بما حققته الضربات اليمنية من خسائر اقتصادية وأمنية كبيرة لكيان الاحتلال، مؤكدًا أن هذه العمليات تمثل شرفاً للأمة وموقفاً مشرفاً سيسجله التاريخ. جاءت المسيرات لتؤكد التلاحم بين الجبهة الشعبية والجبهة العسكرية اليمنية، حيث سبق أن نفذت القوات المسلحة اليمنية حظرًا بحريًا على السفن المرتبطة بالكيان الصهيوني، ما أدى إلى إغلاق ميناء 'أم الرشراش' بشكل تام. واليوم، تم توسيع هذا الحظر ليشمل ميناء حيفا، مع توجيه تحذير مباشر للشركات البحرية بمغادرته فوراً، في خطوة تصعيدية تهدف إلى شل حركة التجارة الصهيونية. ولم تقتصر الردود اليمنية على الجبهة البحرية، بل امتدت إلى الحظر الجوي، حيث تم استهداف مطار اللد المسمى صهيونياً 'بن غوريون' بعدة ضربات، ما تسبب في حالة من الذعر داخل الكيان، وأدى إلى فرار عدد من شركات الطيران الدولية وتحويل رحلاتها، مع توقعات بتمديد هذا الحظر لعدة أشهر قادمة. خسائر الكيان الصهيوني نتيجة الضربات اليمنية الضربات اليمنية سبّبت خسائر اقتصادية مباشرة وغير مباشرة للكيان، حيث تعطلت خطوط الإمداد، وتوقفت حركة الملاحة في موانئ ومطارات حيوية، ما أسهم في زيادة التكاليف التجارية والاستثمارية. كما ألحقت ضررًا كبيرًا بصورة 'الأمن القومي' الإسرائيلي في نظر حلفائه وشركاته. اختتم البيان بدعوة الشعوب العربية والإسلامية لاستلهام دروس الثبات والصبر من غزة، قائلاً: 'غزة اليوم، وهي في أصعب الظروف، ترفض الاستسلام وتُفشل العدو من تحقيق أي هدف، فما هو مبرر من يتخاذل ولديه من الإمكانات ما لا يُقارن مع غزة؟' تؤكد هذه المسيرات المليونية أن اليمن، شعبًا ومقاومة، يواصل حمل راية الدفاع عن فلسطين، ليس فقط بالكلمات والمواقف، بل بالفعل العسكري والميداني، في رسالة واضحة بأن العدوان على غزة لن يمر دون رد، وأن الأمة ما زالت تنبض بالكرامة. شاهد الصور:


بوابة الفجر
منذ 39 دقائق
- بوابة الفجر
صور.. محافظ الأقصر يؤدى صلاة الجمعة بمسجد سيدى أبو الحجاج الاقصرى
شارك المهندس عبدالمطلب عماره محافظ الأقصر، في أداء شعائر صلاة الجمعة بمسجد سيدى أبو الحجاج الأقصرى مدينة الأقصر، حيث ألقى خطبة الجمعة فضيلة الشيخ مبارك على محمد أمام وخطيب مسجد سيدى أبو الحجاج بالأقصر، والتى جاءت تحت عنوان "تراحموا ". وتحدث أمام المسجد خلال خطبة الجمعة،أن من رحمة الله بعباده أن شرع لهم من الأحكام والمبادئ والأخلاق ما ينفعهم في دنياهم وفي أخراهم، فامتثال أوامره سبيل إلى رحمته، واجتناب نواهيه سبيل إلى رحمته، والوقوف عند حدوده سبيل إلى رحمته. وعقب انتهاء شعائر الصلاة، التقى المحافظ بعدد من المواطنين والأهالي من أبناء مدينة الأقصر. أدى صلاة الجمعة برفقة محافظ الأقصر، اللواء دكتور هشام الشيمى السكرتير العام المساعد لمحافظة الأقصر، واللواء احمد رمضان رئيس شركة مياه الشرب والصرف الصحى بالأقصر، وحاتم جابر سكرتير مدينة الأقصر، والقيادات الأمنية والتنفيذية والشعبية بالمحافظة، ولفيف من قيادات مديرية أوقاف الأقصر. IMG-20250523-WA0054 IMG-20250523-WA0053 IMG-20250523-WA0052 IMG-20250523-WA0051 IMG-20250523-WA0050 IMG-20250523-WA0049


الاقباط اليوم
منذ ساعة واحدة
- الاقباط اليوم
خالد منتصر عن قرار ملك المغرب بمنع ذبح الأضاحي هذا العيد: لم يداعب المزاج السلفي واختار المصلحة الاقتصادية لبلده بالحفاظ على الثروة الحيوانية
علق المفكر والطبيب خالد منتصر ، على قرار المغرب" ملك المغرب بمنع ذبح الأضاحي هذا العيد . وكتب منتصر عبر حسابه الرسمي على فيسبوك :"كل دول العالم تتعامل بمنطق تغليب المصلحة الاقتصادية لشعوبها، المغرب لم تغلب الطقوس الحرفية بفهمها الأصولي الضيق ،وتزغزغ المزاج السلفي للعامة على حساب النفع والجدوى والمردود الاقتصادي، لم يقولوا ما يهمش الثروة الحيوانية والحفاظ عليها ، المهم احتفالية ذبح الأضاحي في الشوارع والميادين . وتابع :" ما عندهمش ان ما فيش عملة صعبة بس المهم انهم يبقوا أكبر بلد أفرادها بيطلعوا عمرة مرتين وتلاته في السنة، ويقترضوا عشان يطلعوا!!، ما عندهمش ان أهل القرية يتسابقوا للتبرع بقطعة أرض لبناء زاوية ، لكن مستحيل يتبرعوا لمدرسة أو وحدة صحية!!، ..الخ، ببساطة المغرب" ملك المغرب قال لهم أنا حانوب عنكم في الأضحية ، وخلصت المسألة، صعب بل مستحيل عندنا تطبيق مثل هذا الكلام، أو مجرد الاعلان عنه، يطلعوا لك السلفيين يصرخوا انتم عايزين تضيعوا الدين يا كفره، والنهارده تمنعوا الأضحية بكره تمنعوا الصلاة يا فسقه، وتخرج المظاهرات تحمل الخراف على الأكتاف منددة بالقرار . وبحسب سكاي نيوز، قالت وكالة المغرب العربي للأنباء، إن الملك محمد السادس "وجه رسالة إلى شعبه حول موضوع عدم القيام بشعيرة ذبح أضحية العيد، تلاها وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية، أحمد التوفيق، خلال نشرة الأخبار الرئيسية للقناة التلفزيونية الأولى". وجاء في نص الرسالة: "إن الاحتفال بعيد الأضحى ليس مجرد مناسبة عابرة، بل يحمل دلالات دينية قوية، تجسد عمق ارتباط رعايانا الأوفياء بمظاهر ديننا الحنيف وحرصهم على التقرب إلى الله عز وجل وعلى تقوية الروابط الاجتماعية والعائلية، من خلال هذه المناسبة الجليلة". وأضافت الرسالة: "إن حرصنا على تمكينكم من الوفاء بهذه الشعيرة الدينية في أحسن الظروف، يواكبه واجب استحضارنا لما يواجه بلادنا من تحديات مناخية واقتصادية، أدت إلى تسجيل تراجع كبير في أعداد الماشية". وتابعت: "لهذه الغاية، وأخذا بعين الاعتبار أن عيد الأضحى هو سنة مؤكدة مع الاستطاعة، فإن القيام بها في هذه الظروف الصعبة سيلحق ضررا محققا بفئات كبيرة من أبناء شعبنا، لاسيما ذوي الدخل المحدود. ومن منطلق الأمانة المنوطة بنا، على إقامة شعائر الدين وفق ما تتطلبه الضرورة والمصلحة الشرعية، وما يقتضيه واجبنا في رفع الحرج والضرر وإقامة التيسير، والتزاما بما ورد في قوله تعالى: (وما جعل عليكم في الدين من حرج)، فإننا نهيب بشعبنا العزيز إلى عدم القيام بشعيرة أضحية العيد لهذه السنة". واختتمت الرسالة بالقول: "سنقوم إن شاء الله تعالى بذبح الأضحية نيابة عن شعبنا وسيرا على سنة جدنا المصطفى عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام، عندما ذبح كبشين وقال: (هذا لنفسي وهذا عن أمتي)".