logo
سيمفونية الإصلاح

سيمفونية الإصلاح

بوابة الأهراممنذ 4 ساعات

عندما سُئل سقراط فيلسوف اليونان الذي تحمل نتيجة فكره الإصلاحي وتفكره في كيفية إصلاح مجتمعه الإثيني وتخليصه من براثن الفكر السفسطائي الذي حاول أنصاره استغلال شباب إسبرطة واستغلال جهلهم وسذاجتهم لجلب الأموال الطائلة عن طريق السفسطة والتلاعب بالألفاظ معتمدين على بلاغتهم وقدرتهم على الإقناع عن طريق الخطابة.
إلا أن سقراط لم يدخر جهدًا ولا طاقة فكرية لديه إلا واستخدمها لدحض شبهات وفِريات هذه الطائفة التي لا ترى قيمة للحقائق الخلقية، ولا قيمة للمعرفة؛ لأن مثل هذه الأمور نسبية متغيرة؛ لأنها تعتمد على الحواس، والحواس دومًا ما تخدع.
ومن ثم راحوا يروجون لفكرهم الذي من وجهة نظري ليس إصلاحيًا، وإنما فكر ظلامي حصر القضية برمتها في الإنسان مقياس كل شيء، الحقائق نسبية، لا توجد حقائق على الإطلاق وإن افترضنا جدلًا وجودها فلن نستطيع إدراكها وحتى إذا ما أدركناها فلن نستطيع إيصالها للآخرين.
ومن هنا انبرى سقراط لدحض فِرياتهم هذه مستخدمًا منهجًا جديدًا، أعده - إن جاز لي- منهجًا إصلاحيًا. هذا المنهج أقامه على ركيزتين أساسيتين هما التهكم والتوليد، عن طريق فكرة التناظرية، بمعنى مناظرة هؤلاء ومقارعتهم الحجة بالحجة والرأي بالرأي عن طريق الأسلوب الكوميدي الساخر، الذي تم استخدامه في العصر الحديث في المسرح السياسي، عند زكي طليمات ومسرح سيد درويش، وفي عصرنا مسرح محمد صبحي، أولئك الذين وظفوا مسارحهم الكوميدية إلى مسارح للنقد لا للنقض.
فعندما سئل سقراط هل أنت حكيم؟ قال: أنا لست حكيمًا ولا أدعي الحكمة، وإنما أنا متفكر متفلسف محب للحكمة، فالحكمة الكاملة الخالدة لا يتصف بها إلا الآلهة.
ونحن نتفق معه في أن الحكمة لا يتصف بها إلا الإله، وإنما نحن سعاة إليها موظفين جل تفكرنا حتى نصيب جزءًا منها، فالحكمة ضالة المؤمن ينشدها أينما كانت وأينما تكون، نسعى إليها سعيًا حثيثًا بغية الإصلاح متمثلين قول الله تعالى: (يُؤْتِى ٱلْحِكْمَةَ مَن يَشَآءُ ۚ وَمَن يُؤْتَ ٱلْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِىَ خَيْرًا كَثِيرًا ۗ وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّآ أُوْلُواْ ٱلْأَلْبَٰبِ). فمن أولو الألباب هؤلاء؟ إنهم المتفكرون، أصحاب العقول المستنيرة التي لا تدخر جهدًا في سبيل الإصلاح، دأبهم وديدنهم وطنهم وأبناء وطنهم، باذلين الغالي والرخيص في سبيل النهوض به ووضعه في مكانته التي يستحقها وسط الأمم المتقدمة.
ولعل سؤالًا قد نواجه به أو يجابهنا به أحد المثبطين المُقَنِّطين الذين إن جاز لنا وصفهم نقول عنهم "رويبضة القوم"، الذين غلبتهم نزعة اللامبالاة. السؤال: هل ستصلحون أنتم الكون؟ ليس هناك فائدة من مساعيكم. نقول لهؤلاء وأمثالهم: ومن الذي قال لكم إن المتفكر مصلح أو يدعي إصلاحًا، أو هو شخص مفارق للواقع أو رجل خارق، بيده عصا سحرية سيضرب بها البحر فينفلق فرْقين كل فرْق كالطود العظيم، أو سيشير بها إلى المشكلة فتحل. لا، لن نقول ذلك ولن نفعل ذلك، فعصر التفكير الميثولوجي الخرافي ولَّى وانقضى، وعصر الأنبياء أصحاب المعجزات انقضى. وإنما المعجز الحقيقي كامن بداخلنا، المتفكر القابع فينا والذي تحركه هموم ومشكلات وطنه سواء الاجتماعية أو الاقتصادية أو الثقافية أو السياسية. المعجزة التي أخبرنا عنها الله جل وعلا في قوله تعالى: (إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلَاحَ مَا اسْتَطَعْتُ). فضلًا عن التفكر، معجزة إرادة التغيير وإرادة الصلاح المدعومة بهداية الله وتسديده وتوفيقه في قوله تعالى: (وَمَا تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ).
المهم أن نأخذ الخطوة ولا نتواكل ولا نتكاسل ونطرق كل الأبواب وكل سبل الإصلاح، ولابد أن يعلم الجميع أن هذه الطرق ليست ممهدة بالورود، بل مليئة بالعسرات والعقبات، لذلك ضرورة ملحة التسلح بعدة وعتاد للمواجهة، مواجهة أولئك الذين لا يريدون الخير. نعم، الإصلاح دعوة الأنبياء ونداء الله تعالى من فوق سبع سموات، فالإصلاح نقيضه الإفساد، (وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ).
نعم، الإصلاح ضرورة ملحة الآن، وفقًا لفقه الضرورة أو فقه الواقع، كل في مكانه، المعلم في مدرسته، المهندس في مصنعه، التاجر، الصانع، الطبيب، أستاذ الجامعة، القاضي على منصات القضاء، كل يعمل قدر جهده وقدر استطاعته في سيمفونية تكاملية تعزف مقطوعة موسيقية واحدة، كل يحفظ لحنًا واحدًا، أمامهم نوتة موسيقية واحدة، لحن يخلد أسماءهم مع الخالدين، وإن جاز لي تسميته سأسميه "لحن الإصلاح".
* أستاذ الفلسفة بآداب حلوان

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عالم بالأوقاف: ترشيد استهلاك الكهرباء واجب ديني قبل أن يكون سلوكا اقتصاديا
عالم بالأوقاف: ترشيد استهلاك الكهرباء واجب ديني قبل أن يكون سلوكا اقتصاديا

24 القاهرة

timeمنذ 33 دقائق

  • 24 القاهرة

عالم بالأوقاف: ترشيد استهلاك الكهرباء واجب ديني قبل أن يكون سلوكا اقتصاديا

قال الشيخ محمود الأبيدي، من علماء وزارة الأوقاف، إن ترشيد استهلاك الكهرباء والطاقة ليس مجرد إجراء اقتصادي أو سلوك مجتمعي، بل هو واجب ديني حثّ عليه الإسلام، وهو جزء من ثقافة المسلم في حياته اليومية، مستشهدًا بالقرآن الكريم والسنة النبوية الشريفة. ترشيد استهلاك الكهرباء واجب ديني قبل أن يكون سلوكًا اقتصاديًا وأضاف الأبيدي في مداخلة هاتفية مع الإعلامية مروة شتلة، ببرنامج "البيت"، المذاع على قناة الناس، اليوم الأربعاء: "الإسلام دين الوسطيّة والاعتدال في كل شيء، حتى في العبادة، فما بالك باستهلاك الطاقة؟!، ربنا قال: {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا}، وقال النبي ﷺ: كلوا واشربوا والبسوا وتصدقوا من غير مخيلة ولا سرف". واستكمل: "الترشيد لا يعني الحرمان، بل هو استخدام الطاقة على قدر الحاجة، دون إسراف أو تبذير، لأن المبذرين كما وصفهم القرآن: {إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ}، وهذا تحذير شديد". وأشار إلى أن ثقافة الاستغناء والاقتصاد في الاستهلاك لا بد أن تكون جزءًا من تربية الإنسان لنفسه وأسرته، فليس من المنطقي أن يشغل الإنسان أجهزة الإنارة أو التكييف أو السخان دون حاجة، لا في بيته، ولا في مكان عمله، ولا حتى في المساجد. بمشاركة رئيس الجامعة والمفتي.. إنشاء جامعة سنغافورة الإسلامية بخبرات جامعة الأزهر ودار الإفتاء غدًا.. الإفتاء تستطلع هلال شهر محرم وغرة السنة الهجرية الجديدة ولفت: "الإنسان خليفة الله في الأرض، ومأمور بالحفاظ على النعمة وعدم إضاعتها، والشرع الشريف يربط بين حسن استخدام الموارد وبين الإيمان، لأن هذا دليل على شكر النعمة". واختتم بالتأكيد على أن الاستنزاف العشوائي للموارد مثل الكهرباء والمياه يضر الفرد والدولة على حد سواء، قائلًا: "إحنا في ظروف صعبة، ولازم كل فرد يعرف إنه لما بيستهلك بوعي، مش بس بيوفر على نفسه، ده كمان بيحمي موارد الدولة وبيحافظ على حق الأجيال الجاية، وده اللي بيأمرنا بيه الدين ويدعونا إليه الضمير".

خالد الجندي يكشف عن آية خدمت العقيدة وأثبتت أن القرآن من عند الله (فيديو)
خالد الجندي يكشف عن آية خدمت العقيدة وأثبتت أن القرآن من عند الله (فيديو)

فيتو

timeمنذ 37 دقائق

  • فيتو

خالد الجندي يكشف عن آية خدمت العقيدة وأثبتت أن القرآن من عند الله (فيديو)

قال خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، إن آية {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله}، لم تكن مجرد توجيه لغوي أو سلوكي، بل كانت بمثابة تثبيت لعقيدة التعلق بإرادة الله، وخدمة عميقة لمعنى التوحيد في الإسلام. خالد الجندي يوضح الفرق بين "إن شاء الله" و"بإذن الله" وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الأربعاء، أن هذه الآية رسمت قاعدة عقائدية مهمة وهي "قاعدة الاستثناء"، مضيفًا: "الآية مش بس بتحط قاعدة لغوية.. دي خدمت العقيدة بشكل كبير، لأنها بتعلّق الإرادة الكاملة لله وحده، مش بالنفس ولا بالقدرة البشرية". وأضاف: "ربنا سبحانه وتعالى لما نزل الآية، كان بيعلّم النبي والمؤمنين إنك ما تقولش (أنا هعمل كذا بكرة) إلا لما تقول (إن شاء الله)، لأن الفعل متعلق بمشيئة الله، مش بإرادة الإنسان وحده". الجندي: تبقى دايمًا متعلق بالله في كل أمر حتى في أبسط الحاجات اللي بتخطط لها وأكد الجندي أن التدبر في هذه الآية يكشف أبعادًا إيمانية خطيرة، قائلًا: "دي مش مجرد مسألة أدب، دي مسألة عقيدة.. إنك تبقى دايمًا متعلق بالله في كل أمر، حتى في أبسط الحاجات اللي بتخطط لها". ولفت إلى أن الواقعة التي نزلت فيها الآية أثبتت كذلك أن القرآن ليس من تأليف النبي صلى الله عليه وسلم، موضحًا: "لو كان القرآن من عند النبي، كان ممكن يجاوب من نفسه ويخلص، زي مثل جُحا لما سألوا عن عدد النجوم فاخترع رقم وقال لهم: اللي مش مصدقني يطلع يعد! لكن الرسول انقطع عن الجواب، لأن الأمر مش بيده، وإنما بيد الله". وأشار إلى أن تأخر نزول بعض الآيات، مثل براءة السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، كان له نفس الدلالة، موضحا: "نزول الآيات تأخر أكثر من شهر، ليه؟ عشان يؤكد إن الرسول مش بيتصرف من نفسه، وإن القرآن ما بيتنزلش إلا بأمر ربنا، كما قال تعالى: (وما نتنزل إلا بأمر ربك)". ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.

خالد الجندي: آية "ولا تقولن لشيء" خدمت العقيدة وأثبتت أن القرآن من عند الله
خالد الجندي: آية "ولا تقولن لشيء" خدمت العقيدة وأثبتت أن القرآن من عند الله

الدستور

timeمنذ 39 دقائق

  • الدستور

خالد الجندي: آية "ولا تقولن لشيء" خدمت العقيدة وأثبتت أن القرآن من عند الله

قال الشيخ خالد الجندي، عضو المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، إن آية {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدًا إلا أن يشاء الله}، لم تكن مجرد توجيه لغوي أو سلوكي، بل كانت بمثابة تثبيت لعقيدة التعلق بإرادة الله، وخدمة عميقة لمعنى التوحيد في الإسلام. وأوضح عضو المجلس الأعلى للشئون الإسلامية، خلال حلقة خاصة بعنوان "حوار الأجيال"، ببرنامج "لعلهم يفقهون"، المذاع على فضائية "dmc"، اليوم الأربعاء، أن هذه الآية رسمت قاعدة عقائدية مهمة وهي "قاعدة الاستثناء"، مضيفًا: "الآية مش بس بتحط قاعدة لغوية.. دي خدمت العقيدة بشكل كبير، لأنها بتعلّق الإرادة الكاملة لله وحده، مش بالنفس ولا بالقدرة البشرية". وأضاف: "ربنا سبحانه وتعالى لما نزل الآية، كان بيعلّم النبي والمؤمنين إنك ما تقولش (أنا هعمل كذا بكرة) إلا لما تقول (إن شاء الله)، لأن الفعل متعلق بمشيئة الله، مش بإرادة الإنسان وحده". وأكد الجندي أن التدبر في هذه الآية يكشف أبعادًا إيمانية خطيرة، قائلًا: "دي مش مجرد مسألة أدب، دي مسألة عقيدة.. إنك تبقى دايمًا متعلق بالله في كل أمر، حتى في أبسط الحاجات اللي بتخطط لها". ولفت إلى أن الواقعة التي نزلت فيها الآية أثبتت كذلك أن القرآن ليس من تأليف النبي صلى الله عليه وسلم، موضحًا: "لو كان القرآن من عند النبي، كان ممكن يجاوب من نفسه ويخلص، زي مثل جُحا لما سألوا عن عدد النجوم فاخترع رقم وقال لهم: اللي مش مصدقني يطلع يعد! لكن الرسول انقطع عن الجواب، لأن الأمر مش بيده، وإنما بيد الله". وأشار إلى أن تأخر نزول بعض الآيات، مثل براءة السيدة عائشة رضي الله عنها في حادثة الإفك، كان له نفس الدلالة، موضحا: "نزول الآيات تأخر أكثر من شهر، ليه؟ عشان يؤكد إن الرسول مش بيتصرف من نفسه، وإن القرآن ما بيتنزلش إلا بأمر ربنا، كما قال تعالى: (وما نتنزل إلا بأمر ربك)".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store