
الإمارات وتيك توك: تحالف رقمي جديد لقمع المعارضة بشأن التطبيع مع إسرائيل
تعيين مثير للجدل: مدرّبة عسكرية سابقة تقود 'أخلاقيات المحتوى'
أعلنت تيك توك، بهدوء ودون تغطية إعلامية واسعة، عن تعيين إريكا ميندل، وهي مدربة سابقة في سلاح المدرعات في جيش الاحتلال الإسرائيلي ومتعاقدة سابقة مع وزارة الخارجية الأمريكية، كرئيسة لسياسات مكافحة 'خطاب الكراهية' في المنصة، مع تركيز خاص على ما تصفه بـ'المحتوى المعادي للسامية'. ويشمل دورها – بحسب وثائق مسرّبة – صياغة الاستراتيجية التشريعية وتحديد معايير الخطاب المقبول داخل النظام الأساسي للمنصة.
ميندل، التي يُقال إنها تلقت تدريبات في الأمن السيبراني الهجومي وتعاونت مع أطراف إماراتية، ستتقاضى راتباً يتراوح بين 178 ألف و330 ألف دولار سنوياً، وستتمتع بصلاحيات واسعة في تحديد ما يُعدّ خطاباً محرّضاً أو متجاوزاً للحدود، ما يثير تساؤلات جدية حول الحياد، والمعايير الأخلاقية، والانحياز السياسي.
ضغوط إماراتية وصياغة سردية رقمية موالية للتطبيع
بحسب منصة The Dark Box، فإن هذا التعيين لم يكن بمعزل عن ضغوط مباشرة مارستها رابطة مكافحة التشهير (ADL) التي تعمل بتنسيق مع شركاء إقليميين، بينهم الإمارات العربية المتحدة، التي تبذل جهوداً مكثفة للسيطرة على رواية التطبيع، ليس فقط على مستوى الدبلوماسية، بل في المجال الرقمي أيضاً.
وترى مصادر مطلعة أن أبوظبي تسعى، عبر قنوات ضغط غير مرئية، إلى تضييق مساحة الخطاب الفلسطيني والمناهض للتطبيع على المنصات الكبرى، سواءً عبر التشريعات أو بتأثير غير مباشر على سياسات الشركات. ويأتي ذلك في سياق استراتيجيتها الإعلامية الأشمل التي تهدف إلى 'إعادة تشكيل الرأي العام العربي' نحو القبول بإسرائيل كشريك إقليمي، حتى في خضم جرائمها في قطاع غزة.
رقابة مغلّفة بمحاربة الكراهية
بالتوازي مع تعيين ميندل، تشير تقارير حقوقية متعددة إلى تزايد ملحوظ في حذف المنشورات المؤيدة لفلسطين على تيك توك، إلى جانب منع وسوم معينة، وتقييد حسابات صحفيين ونشطاء عرب، بينما يُسمح في المقابل ببث دعاية عسكرية إسرائيلية، بما فيها مقاطع تمجّد القصف والجنود الإسرائيليين.
ما يُثير القلق، بحسب مختصين، هو أن مفهوم 'خطاب الكراهية' بات يُستخدم كغطاء لتكميم الأصوات السياسية، خصوصاً عندما يتعلق الأمر بانتقاد الاحتلال الإسرائيلي. في هذا السياق، يُطرح سؤال بالغ الأهمية: من يحدد الكراهية؟ وهل بات الدفاع عن الفلسطينيين يُصنّف كتحريض؟
الدور الإماراتي: من التطبيع السياسي إلى قمع الرقابة الشعبية
يشير محللون إلى أن النفوذ الإماراتي لم يعد مقتصراً على تمويل حملات علاقات عامة أو تعزيز اتفاقيات أمنية، بل أصبح يتغلغل في صناعة القرار داخل المنصات الرقمية. وتُعد هذه المحاولة جزءاً من خطة أوسع تهدف إلى 'مأسسة الرقابة السياسية' على الإنترنت، خاصة بعد أن تحولت وسائل التواصل إلى الساحة الرئيسية للاحتجاج العربي والإسلامي ضد التطبيع، وضد المجازر الإسرائيلية في غزة.
وفي حالات كثيرة، تزامنت خطوات تيك توك بحذف المحتوى الفلسطيني، مع حملات إماراتية في الإعلام الرسمي تُشيطن الحراك الرقمي وتصفه بـ'المؤامرة الإعلامية' أو 'التحريض الإلكتروني'.
نهاية حرية التعبير؟ فصل جديد من تكميم الصوت الفلسطيني
يرى مراقبون أن هذا التعيين يُجسّد انتقال المعركة من الميدان السياسي والدبلوماسي إلى 'ميدان المعنى'، حيث تُكتب الرواية، وتُمحى السرديات البديلة، وتُهيمن التحالفات على صناعة الوعي.
إن تصفية الحسابات مع الصوت الفلسطيني داخل الفضاء الرقمي، سواء عبر خوارزميات أو قرارات مباشرة، لن يؤدّي إلا إلى زيادة فقدان الثقة في المنصات الدولية، وسيدفع النشطاء إلى البحث عن أدوات بديلة لكسر الحصار الرقمي المفروض عليهم.
وما بدأ كتطبيع سياسي بات اليوم يُدار عبر أدوات تقنية وعقود عمل سرية. الإمارات، عبر حلفائها، لم تعد تكتفي بتكميم الأفواه في الداخل، بل تعمل على ضبط الوعي الجماعي الإقليمي، باستخدام أدوات الحذف والتعريفات الفضفاضة للكراهية. ومع تعيين شخصية مثل ميندل في موقع مؤثر داخل تيك توك، تصبح منصات التواصل في خطر أن تتحول إلى منصات إملاء سياسي، لا حرية رأي.
وهنا، يصبح الدفاع عن حرية التعبير في زمن التطبيع، ليس فقط معركة أخلاقية، بل واجباً سيادياً وإعلامياً في وجه الرقابة المقنّعة باسم 'السلام'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المصريين في الكويت
منذ 3 ساعات
- المصريين في الكويت
هولندا تدفع 500 مليون يورو لشراء أسلحة أمريكية لدعم أوكرانيا
أعلنت هولندا أمس الاثنين أنها ستساهم بمبلغ 500 مليون يورو (578 مليون دولار) لشراء معدات عسكرية أمريكية لأوكرانيا، لتصبح بذلك أول دولة عضو في حلف شمال الأطلسي (الناتو) تساهم في آلية جديدة لتزويد كييف بالأسلحة الأمريكية. صرح الرئيس دونالد ترامب الشهر الماضي بأن الولايات المتحدة ستوفر أسلحة لأوكرانيا، بتمويل من حلفائها الأوروبيين، لكنه لم يقدم تفاصيل عن كيفية عمل ذلك. وصرح وزير الدفاع الهولندي روبن بريكلمانز في منشور على موقع أكس: «بصفتها الحليف الأول لحلف شمال الأطلسي، ستقدم هولندا حزمة من أنظمة الأسلحة الأمريكية بقيمة 500 مليون يورو (بما في ذلك قطع غيار وصواريخ باتريوت)». ورحب مارك روته، رئيس حلف شمال الأطلسي ورئيس الوزراء الهولندي السابق، بهذا الإعلان، وقال إنه شجع أعضاء التحالف الآخرين على المشاركة في الآلية الجديدة، المسماة مبادرة قائمة متطلبات الناتو ذات الأولوية لأوكرانيا (PURL)، بحسب ما ذكرت وكالة رويترز. miso-explore { } Leave a Comment


المدى
منذ 4 ساعات
- المدى
كفالة مالية تصل إلى 15 ألف دولار للحصول على تأشيرة للولايات المتحدة…
أعلنت وزارة الخارجية الأميركية أنّها ستطبّق لمدة عام واحد مشروعا تجريبيا يتعيّن بموجبه على رعايا بعض الدول دفع كفالة مالية تصل قيمتها إلى 15 ألف دولار للحصول على تأشيرة للسفر إلى الولايات المتحدة. وهذا القرار الذي سيُنشر في الجريدة الرسمية الثلاثاء ويدخل حيّز التنفيذ بعد 15 يوما يندرج في إطار الإجراءات التي تتّخذها إدارة الرئيس دونالد ترامب لمكافحة الهجرة غير الشرعية. ويهدف هذا القرار تحديدا إلى ضمان عدم تجاوز طالبي التأشيرة مدة إقامتهم المسموح بها في الولايات المتحدة. وبحسب وزارة الخارجية، فإنّ هذا القرار ينطبق على رعايا دول يحتاجون أساسا إلى تأشيرات للسفر إلى الولايات المتحدة سواء أكان الهدف من رحلتهم السياحة أو الأعمال. ولفت متحدث باسم الوزارة الى أنّ هذه المبادرة تعزّز 'التزام إدارة ترامب تطبيق قوانين الهجرة الأميركية وحماية الأمن القومي'. وأوضح أنّ هذا القرار سيسري على 'مواطني الدول التي تُحدّدها وزارة الخارجية على أنّها تعاني من ارتفاع معدلات تجاوز مدّة الإقامة' أو الأشخاص الذين يعتبر المسؤولون القنصليون أنّ 'معلومات المراقبة والتحقّق المتعلّقة بهم غير كافية'. وبحسب البيان، فإنّ حوالي 500 ألف شخص تجاوزوا مدة إقامتهم المسموح بها في الولايات المتحدة خلال السنة المالية 2023 (تشرين الأول 2022 لغاية تشرين الأول 2023).


المصريين في الكويت
منذ 8 ساعات
- المصريين في الكويت
ماذا نعرف عن خطة ترامب المعمارية بشأن البيت الأبيض؟
04:07 م الإثنين 04 أغسطس 2025 كتبت- سلمى سمير: أعلن البيت الأبيض عن خطط لبناء قاعة احتفالات جديدة بتكلفة تقدّر بـ200 مليون دولار، بتمويل مباشر من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وعدد من 'المانحين الوطنيين'، على أن يتم الانتهاء منها قبل انتهاء ولايته الثانية في يناير 2029. وقالت المتحدثة باسم البيت الأبيض، كارولين ليفيت، إن القاعة الجديدة ستُبنى على مساحة تبلغ نحو 90 ألف قدم مربعة (ما يعادل 8,300 متر مربع)، وستتسع لنحو 650 مقعدًا، لتكون بذلك أول تغيير هيكلي يُجرى على مبنى البيت الأبيض التنفيذي منذ إنشاء شرفة ترومان عام 1948. الحاجة إلى قاعة جديدة ويأتي هذا في ظل عدم استعداد البيت الأبيض حاليًا لاستضافة مناسبات كبرى، إذ إن الغرفة الشرقية لا تتسع لأكثر من 200 ضيف. وفي مقابلة مع شبكة'إن بي سي' الأمريكية، أوضح ترامب أن تنظيم الفعاليات الكبيرة يتطلب نصب خيام في الحديقة الجنوبية، وهو ما سيصبح معقّدًا في حال تساقط الأمطار أو الثلوج. وأضاف ترامب: 'حين تمطر أو تثلج، تصبح كارثة. الخيام تُنصب على بعد ملعب كرة قدم من المبنى الرئيسي'. وكان ترامب، طالما عبّر عن رغبته في إنشاء قاعة احتفالات داخل البيت الأبيض، وقال: 'أنا أقوم بالكثير من التحسينات. سأبني قاعة جميلة. كانوا يريدونها منذ سنوات طويلة'. موقع المشروع والممولون وبحسب ما نشر على الموقع الرسمي للبيت الأبيض، فإن التمويل سيتم توفيره من قِبل ترامب ذاته ومجموعة من المتبرعين الذين لم تُعلن أسماؤهم حتى الآن. وقد وصف ترامب المشروع بأنه 'هديته إلى البلاد'. وستحل القاعة الجديدة محل الجناح الشرقي الحالي، الذي يضم مكاتب السيدة الأولى ميلانيا ترامب وعددًا من الوظائف التنفيذية الأخرى. ومن المقرر أن تبدأ أعمال البناء في سبتمبر المقبل، بقيادة شركة Clark Construction، بينما تتولى شركة McCrery Architects التصميم، وتتكفل AECOM بالجوانب الهندسية. وفقًا لصور التصميم التي نشرها البيت الأبيض، ستشبه القاعة الجديدة في طرازها المعماري باقي مباني البيت الأبيض، وستتضمن تفاصيل داخلية فاخرة مثل الثريات والأعمدة المزخرفة. وقالت سوزي وايلز، كبيرة موظفي البيت الأبيض، إن 'الرئيس وإدارته ملتزمان بالحفاظ على الطابع التاريخي الخاص بالبيت الأبيض، مع إنشاء قاعة يمكن أن تخدم الإدارات المستقبلية وأجيال الأمريكيين القادمة'. من جهتها، أشارت ليزلي جرين بومان، العضو في لجنة الحفاظ على البيت الأبيض منذ أربع إدارات رئاسية، إلى أن 'البيت الأبيض له تاريخ طويل من التوسعات التي تُراعي متطلبات الرئاسة المتغيرة'، مضيفة: 'آمل أن تحترم أي تغييرات مقترحة الجدران القائمة، فهي جزء من إرثنا الديمقراطي'. يُذكر أن المكاتب الموجودة في الجناح الشرقي، بما فيها مكتب السيدة الأولى، ستُنقل مؤقتًا لحين الانتهاء من أعمال البناء. ماضي ترامب مع القاعات والتجديدات ويبدو أن المشروع الجديد ينسجم مع ميول ترامب العقارية، إذ سبق له أن أدخل تعديلات داخل البيت الأبيض شملت تزيين المكتب البيضاوي بزخارف ذهبية، وتركيب ساريتي علم ضخمتين، وإعادة تصميم حديقة الورود الشهيرة. غير أن مشروع القاعة يعد أول تعديل دائم على الهيكل المعماري منذ عقود. وفي تصريحات له، قال ترامب: 'لم يكن هناك رئيس جيد في بناء القاعات مثلي'، وتابع: 'أنا بارع في البناء. لطالما اضطررنا إلى نصب خيام في الفعاليات الكبرى، وكان ذلك دائمًا مشهدًا غير لائق'. وكان ترامب قد عرض في عام 2016، خلال عهد الرئيس باراك أوباما، التبرع بمبلغ 100 مليون دولار لبناء قاعة احتفالات في البيت الأبيض، إلا أن الإدارة آنذاك رفضت الاقتراح. وقال المتحدث باسم أوباما حينها، جوش إيرنست، إن 'الاقتراح لم يُؤخذ على محمل الجد'، مضيفًا: 'لست متأكدًا من أنه سيكون من المناسب وضع لافتة ذهبية باسم ترامب على أي جزء من البيت الأبيض'. ويبدو أن الرئيس الأمريكي يعتزم هذه المرة تنفيذ فكرته بشكل فعلي، واضعًا بصمته الخاصة على ما يُعرف بـ'منزل الشعب'. Leave a Comment