تصريح نتنياهو .. اختبار للمواقف
كلماته هذه جس نبض وتخطيط ممنهج يختبر به ردود الفعل العربية والدولية.. التصريح في مضمونه استفزاز مباشر لكل ما رسخته معاهدات السلام واتفاقيات الحدود منذ سبعينيات القرن الماضي، فهو يتجاوز فلسطين التاريخية إلى أجزاء من الأردن وسيناء مصر، في تلميح صريح بضم أراض عربية إلى ما يسميه إسرائيل الكبرى.
هذا الخطاب يرفع سقف الطموح الأيديولوجي إلى أقصى حد ويحول أي تسوية محتملة إلى خيانة من وجهة نظر جمهوره، موضحا أن الصراع مع العرب والإقليم أصبح مسألة وجود لا حدود وأن أي تراجع عن الحلم التوسعي سينظر إليه على أنه ضعف أو خيانة.
لكن لماذا الآن، في الداخل الإسرائيلي نتنياهو يواجه أزمة شرعية وضغطا سياسيا وقضايا فساد تهدد إرثه وحكومة ائتلافية يمينية متطرفة لا تكتفي بالحرب على غزة أو التصعيد مع لبنان بل تريد خطوات جذرية ترضي قاعدتها العقائدية.
وفي مثل هذه الأجواء يلجأ الزعيم الشعبوي إلى رفع راية الأيديولوجيا ليظهر في صورة القائد الرسولي الذي يقود شعبه في معركة قدرية، الحرب المستمرة على غزة والتوتر المتصاعد على الجبهة الشمالية والمواجهة المستترة مع إيران كلها تمنح بعدا توراتيا في خطابه، ليصبح الصراع مع العرب والإقليم صراع وجود لا صراع حدود.
وعلى المستوى الدولي فإن عودة ترامب إلى البيت الأبيض منحت نتنياهو نافذة لرفع سقف التصريحات مدركا أن الإدارة الجديدة أقل حساسية تجاه التلميحات التوسعية وأكثر انحيازا لخطاب أمن إسرائيل حتى لو تجاوز القانون الدولي.
هذه الحسابات تأتي في وقت يتخبط فيه الموقف العربي بين الإنقسام وعواصم غارقة في أزماتها الداخلية وهو ما يغريه بالمضي أبعد في اختبار ردود الفعل.
لكن إذا كانت الأيديولوجيا تسمح بالتوسع في الحلم فإن القانون الدولي يضع قيودا صارمة على الواقع، فميثاق الأمم المتحدة يحظر استخدام القوة أو التهديد بها لتغيير الحدود، والقرار 242 يكرس مبدأ عدم جواز الاستيلاء على الأراضي بالحرب، واتفاقيتا السلام مع مصر والأردن ملزمتان قانونيا وسياسيا، نسفهما يجعله في مواجهة مع نظام إقليمي ودولي كامل.
يضاف إلى ذلك أن إسرائيل تواجه ملفات مفتوحة في محكمة العدل الدولية والمحكمة الجنائية الدولية، وأي خطوة نحو ضم أراض جديدة ستضاعف عزلتها القانونية والسياسية.
أما ميزان القوى العسكري فلا يمنحه المغامرة فجيشه اليوم منهك بجبهات متعددة استنزاف في غزة، استعدادات قتالية عالية في الشمال، تهديدات من إيران وأذرعها في المنطقة، أي محاولة لفتح جبهة مع الأردن أو مصر ستكون مقامرة خاسرة منذ اللحظة الأولى، فهاتان الدولتان تملكان جيوشا مدربة وعقيدة دفاعية واضحة ومعرفة دقيقة بطبيعة الأرض فضلا عن دعم إقليمي ودولي لأي تحرك دفاعي مشروع.
وحتى الولايات المتحدة التي تحمي إسرائيل سياسيا لن تسمح بانهيار منظومة الاستقرار التي بنتها عبر كامب ديفيد ووادي عربة.
ردود الفعل الإقليمية بدأت مبكرا ففي الأردن ارتفعت لهجة الحزم وتضاعفت الجاهزية السياسية والعسكرية مع حشد الموقف الشعبي خلف الدولة في حماية الحدود والسيادة.
وفي مصر كان التصريح فرصة لتأكيد أن سيناء خط أحمر ولتعزيز الوجود العسكري والأمني فيها وتذكير العالم بأن العبث بالمعاهدات سيجر المنطقة إلى فوضى.
أما في الخليج فقد وجد الخطاب الإسرائيلي نفسه أمام إعادة طرح شروط القانون الدولي وحل الدولتين كمدخل لأي علاقة، فيما استغلت إيران وحزب الله هذا الموقف لتعزيز سردية العدوان التوسعي في خطابها الإعلامي وإن كانت الأطراف كلها تدرك أن الحرب الشاملة ليست خيارا مفضلا الآن.
في الغرب يراقب الأمريكيون والأوروبيون الموقف بحذر مدركين أن أي تحرك إسرائيلي نحو الحدود الأردنية أو المصرية سيشعل سلسلة من التحالفات الجديدة وقد يمنح روسيا والصين فرصة أعمق للتمدد في الشرق الأوسط على أنقاض الثقة بالغرب هذا يجعلهم يمارسون ضغطا صامتا على نتنياهو ليبقي خطابه في إطار الدعابة السياسية الثقيلة دون أن يتحول إلى سياسة ميدانية.
السيناريو الأقرب وفق المعطيات أن يبقى تصريح نتنياهو أداة تعبئة داخلية وورقة ضغط خارجية، وأن يترجم عمليا في الضفة الغربية عبر توسيع المستوطنات وتشديد السيطرة وفي غزة بمزيد من الحصار والمناورات السياسية دون أن يفتح جبهة مباشرة مع الأردن أو مصر
لكن الخطر الحقيقي ليس في ما سيفعله غدا بل في ما يمكن أن يتأسس من صمت العرب اليوم لأن الكلمات إذا لم تكسر هيبتها عند صدورها تتحول بمرور الوقت إلى سياسات ثم إلى حقائق على الأرض.
لم يجرؤ نتنياهو على إطلاق هذا التصريح إلا بعد أن اختبر المواقف العربية في حربه على غزة فرأى الصمت المطبق وشهد الجبن السياسي الذي شل العواصم خوفا من أميركا ولمس العزلة والفرقة التي مزقت جسد الأمة وفقدان القرار الموحد والخطاب الرسمي العربي الصارم.
رأى التزاحم المحموم نحو التطبيع مع كيان ما زال يقتل ويدمر ويحاصر فأدرك أن ما أمامه ليس جدارا صلبا بل هالة كرتونية هشة تسمى الأمة العربية بصمتها وخنوعها ورضوخها.
واليوم إن لم تستفق هذه الأمة من غفلتها وسباتها فإن كلمات هذا المعتوه ستتحول إلى خرائط وخطابه الاختباري الى خطة تنفيذية.
المطلوب عاجلا إجماع عربي حقيقي تحت غطاء الجامعة العربية وصولا إلى مجلس الأمن وتحرك دولي قانوني صارم وإظهار قوة الإرادة الجمعية عبر التهديد بالمقاطعة الشاملة ووقف المعاهدات مهما كانت كلفتها، وعزل هذا الكيان وحصره في حدوده.
فإما أن نثبت الآن أن لدينا القدرة على حماية أوطاننا أو نتهيأ غدا لسماع خطاب أكثر وقاحة ورؤية استفزاز أكبر، حين يجدنا مرة أخرى كما نحن الآن ضعفاء، متفرقين، مكممي الأفواه.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


خبرني
منذ 4 ساعات
- خبرني
انتهاء اجتماع ترمب وبوتين في ألاسكا
خبرني - عقد الرئيس الأميركي دونالد ترامب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين محادثات في ألاسكا الجمعة بشأن إنهاء الحرب في أوكرانيا التي بدأت مع الغزو الروسي عام 2022. وأفاد الكرملين بأن الاجتماع بين ترمب وبوتين انتهى بعد نحو 3 ساعات من انعقاده، فيما نقلت قناة "فوكس نيوز" الأميركية عن ترمب، قوله إنه سيعقد اجتماعا آخر مع بوتين إذا سارت الأمور على ما يرام، مضيفا أنه "إذا تعين علينا فرض عقوبات فسوف نفعل". وأضاف أن الاجتماع المقبل سيشمل بوتين وزيلينسكي، مشيرا إلى أن هنالك تهديدات نووية يجب مناقشتها. كما قال إنه "أود أن أرى وقفا لإطلاق النار في أوكرانيا، ولن أكون سعيدا إن لم يحصل ذلك". ونقلت وكالة "رويترز" عن مبعوث بوتين الخاص، دميترييف، قوله إن "المحادثات في ألاسكا مضت على نحو جيد للغاية". وتمت دعوة الصحافيين لمغادرة قاعة الاجتماع بعيد جلوس ترمب وبوتين ومسؤولين آخرين في مقاعدهم أمام خلفية كتب عليها "السعي إلى السلام". وعقد الزعيمان محادثات تابعتها عن كثب الدول الأوروبية والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي لم يدع للمشاركة ورفض علنا ضغوط ترمب للتنازل عن أراضي بلاده التي سيطرت عليها روسيا. وزيارة بوتين إلى ألاسكا التي باعتها روسيا للولايات المتحدة في القرن التاسع عشر، أول زيارة له إلى دولة غربية منذ بدء غزو بلاده لأوكرانيا في شباط/ فبراير 2022. وعقدت القمة في قاعدة إلمندورف ريتشاردسون الجوية، وهي منشأة عسكرية أميركية رئيسية أدت دورا مهما في مراقبة روسيا، الأول بين بوتين وترمب منذ عودة الأخير إلى البيت الأبيض مطلع العام الحالي. وكتب ترمب على منصته "تروث سوشال" الجمعة قبل وقت قصير من صعوده إلى الطائرة الرئاسية في رحلة مدتها سبع ساعات إلى أنكوريج، أن "الكثير على المحك". كما قال للمراسلين في الطائرة الرئاسية إنّه يتقاسم مع بوتين "مستوى جيدا من الاحترام"، مضيفا "إنّه رجل ذكي. كان يفعل ذلك منذ فترة طويلة... لكن أنا أيضا... نتفق واحدنا مع الآخر. هناك مستوى جيد من الاحترام بيننا". ويرافق ترمب في رحلته وفد يضم وزير الخزانة سكوت بيسنت ووزير التجارة هاورد لوتنيك، ما يشير إلى إمكان مناقشة استئناف العلاقات الاقتصادية بعد سنوات من العقوبات الأميركية. ومن جهته، قدّر الكرملين الجمعة أن اللقاء قد يستمر "ست أو سبع ساعات على الأقل"، تشمل اجتماعهما والمؤتمر الصحفي المشترك. وقال وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف، إن موسكو لن تتوقع نتيجة الاجتماع وأوضح للتلفزيون الروسي الرسمي بعد وصوله إلى ألاسكا "نحن لا نقدم أي توقعات مسبقة على الإطلاق". وأضاف "موقف روسيا واضح ولا لبس فيه". ودعا الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي الجمعة ترمب إلى إقناع روسيا بوقف الحرب وقال على مواقع التواصل الاجتماعي "حان الوقت لإنهاء الحرب، وعلى روسيا اتخاذ الخطوات اللازمة. نحن نعتمد على أميركا" لتحقيق ذلك. وكان من المقرر أن يجري ترمب محادثات منفردة مع بوتين، لكن الناطقة باسم البيت الأبيض كارولاين ليفيت أعلنت للصحافيين في الطائرة الرئاسية أن المحادثات ستعقد بحضور مساعدين للرئيس أبرزهم وزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الخاص ستيف ويتكوف. وكان إعلان الاجتماع الثنائي بين الزعيمين قد عزّز مخاوف القادة الأوروبيين من احتمال جرّ بوتين للرئيس الأميركي إلى تسوية تُفرض على أوكرانيا. وسبق لترمب أن أبدى إعجابه ببوتين، وواجه انتقادات شديدة عقب مؤتمرهما الصحفي المشترك بعد قمة هلسنكي 2018، حيث ساند الموقف الروسي المناقض لاستنتاجات أجهزة الاستخبارات الأميركية، عبر قبوله نفي بوتين أي تدخل في انتخابات 2016 الرئاسية الأميركية التي أوصلته إلى السلطة. لكن الرئيس الأميركي تعهد عشية القمة أنه لن يبرم مع بوتين أي اتفاق ثنائي بشأن تسوية نهائية للحرب في أوكرانيا، وسيشرك نظيره الأوكراني في أي قرار من خلال قمة ثلاثية تعقد بعد لقاء الجمعة. وحذّر ترمب الجمعة من تبعات "وخيمة" إذا لم يقبل بوتين بوقف لإطلاق النار وقال لصحافيين إنه "سينسحب" من طاولة المفاوضات إذا لم يجر الاجتماع بشكل جيد، مضيفا أنه "لن يكون سعيدا" إذا لم يتم التوصل إلى وقف إطلاق نار فوري. وتباهى ترمب خلال حملته الانتخابية بقدرته على إنهاء حرب أوكرانيا في غضون 24 ساعة من عودته إلى السلطة، وكرر القول إن الحرب التي أمر بها بوتين، لم تكن لتبدأ لو كان هو رئيسا بدلا من سلفه الديمقراطي جو بايدن. لكن دعواته لبوتين والضغوط الكبيرة التي مارسها على زيلينسكي للموافقة على تقديم تنازلات فشلت في إقناع الرئيس الروسي. ورحّب بوتين الخميس بالجهود الأميركية الرامية إلى إنهاء النزاع وقال إن المحادثات قد تساعد أيضا على التوصل إلى اتفاق لضبط انتشار الأسلحة النووية. وقال أثناء اجتماع لكبار المسؤولين في موسكو، إن "الإدارة الأميركية... تبذل جهودا نشطة وصادقة لإنهاء القتال". من جانبه، التقى زيلينسكي رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في لندن الخميس حيث تلقى دعما متجددا من حليف غربي رئيسي، غداة محادثات أجراها الأربعاء في برلين. وأكد المستشار الألماني فريدريش ميرتس أن بوتين أمام "فرصة" للموافقة على وقف إطلاق النار في أوكرانيا. وبعد أكثر من ثلاثة أعوام على الحرب، تواصل روسيا تحقيق تقدم ميداني. وأصدرت السلطات الأوكرانية الخميس أوامر إخلاء عائلات من بلدة دروجكيفكا ومن أربع قرى قريبة منها في منطقة حيث حقّقت قوات موسكو تقدما سريعا. وحقّقت القوات الروسية تقدّما ميدانيا سريعا الثلاثاء بعمق 10 كيلومترات في قطاع ضيّق من خط الجبهة قرب بلدتي دوبروبيليا ودروجكيفكا. والجمعة، قال الرئيس الأوكراني إن جيشه ينشر تعزيزات في شرق أوكرانيا موضحا "اليوم، اتخذ قرار بتعزيز منطقة دوبروبيليا (...) ومناطق أخرى في دونيتسك". وأضاف "ما زال الجيش الروسي يتكبد خسائر كبيرة في محاولاته تأمين مواقف سياسية أقوى للقيادة الروسية في الاجتماع في ألاسكا". وفي وقت لاحق الجمعة، أعلنت وحدة من الجيش الأوكراني تقاتل في شرق البلاد استعادة بعض القرى التي سيطرت عليها قوات موسكو أخيرا. وبُذلت العديد من الجهود الدبلوماسية منذ بدء الغزو، منها لقاءات مباشرة بين وفدين روسي وأوكراني في إسطنبول خلال الأشهر الماضية. لكن كل المحاولات فشلت في تحقيق أي تقدم ملموس باستثناء اتفاقات لتبادل الأسرى. وأعلنت موسكو وكييف الخميس أنهما تبادلتا 84 أسير حرب من كل طرف، بموجب اتفاق توسطت فيه الامارات. ويكتسب مكان انعقاد القمة أهمية رمزية، إذ يعود تاريخ قاعدة إلمندورف ريتشاردسون الواقعة قرب أنكوريج، كبرى مدن ألاسكا، إلى مطلع الأربعينيات من القرن الماضي. وأدت القاعدة في البداية دورا حاسما في العمليات العسكرية الأميركية ضد اليابان خلال الحرب العالمية الثانية، لكن نشاطها بلغ ذروته بعد العام 1945 وحقبة الحرب الباردة بين الاتحاد السوفياتي والولايات المتحدة.

عمون
منذ 5 ساعات
- عمون
نتنياهو وكذبة إسرائيل الكبرى
هو نفسه يعلم أنها كذبة، لكنه الرعب الذي يسيطر عليه من سقوط حكومته، والوقوع في شرك محاكمات الفساد والرشوة التي تنتظره، ولذلك فهو يسعى، بين الحينة والأخرى، لاسترضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف وقطبيه، وزير المالية العنصري، تسلئيل سموتريتش، ووزير الأمن القومي الفاشي، إيتمار بن غفير، عبر إطلاق تصريحات تداعب فكرهم التلمودي المنحرف الضال. نتنياهو داهية في السياسة وهو براغماتي الفكر ونرجسي في الوقت نفسه، ولذلك فهو لا يأبه إلا بمستقبله السياسي، وتراه يراوغ الجميع، بدأ من الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، محاولا استعطافه لمساندته داخليا وقد فعل، إلى ملاطفة أعضاء حكومته، في سبيل البقاء في السلطة، حالما أن يكون يوما تشرشل الشعب اليهودي، كما كان الثعلب الإنجليزي، رئيس الوزراء البريطاني الأشهر في العصر الحديث، ونستون تشرشل، زعيما لأمته في انتصارها على النازية. أما ما تحدث به مؤخرا، في مقابلة أدارها صحفي يميني إسرائيلي، وهو شارون غال، من قناة i24 الإسرائيلية، حول كونه في "مهمة تاريخية وروحية"، وأنه متمسك برؤية إسرائيل الكبرى، فهو مجرد أحلام تقف عند حدود الأوهام، نتنياهو نفسه يعلم أنها ضربا من الخيال. هو مدرك أن جيشه منهك وفاشل وحائر في السيطرة على منطقة صغيرة جغرافيا مثل غزة، وبالتالي فالترويج لكذبة إسرائيل الكبرى لا تأتي إلا في سياق الإفلاس السياسي، ومحاولة خلق واقع زائف لإثارة البلبلة في المنطقة لهدفين: أولا، التغطية على حجم الخسائر الإسرائيلية في غزة، وعلى جرائم الاحتلال الدموية هناك، والتي ستزداد قريبا بعد إعلان قرب احتلال القطاع والعمل على تنفيذ سياسات التهجير بكل الطرق. وثانيا، لتعزيز وحدة الصف الداخلي الإسرائيلي بعد تقارير عن صدامات علنية بين نتنياهو وجنرالات الجيش الذين باتوا يرون تخبط رئيس وزرائهم في مستنقع غزة، وكان من ذلك الفشل في تأمين الأغلبية اللازمة للتصويت على تمديد خدمة جنود الاحتياط، وسط رفض واسع من الجنود للأمثال لأوامر الاستدعاء. ورغم ما تقدم، فهناك من يرى أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي، المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية، هي تتويج للفكر الإسرائيلي الاستعماري من منطلق التفوق العسكري في المنطقة بعد ترويض إيران وتحجيم أذرعتها، وبعد أيام من إقرار الكنيست الإسرائيلي ضم الضفة الغربية، وبالتالي فلا بد من التصدي لهذه العقلية، وأقلها عبر الطلب مباشرة بتوضيح رسمي مباشر من نتنياهو نفسه حول تصريحاته مثار الجدل والتراجع عنها. لكن اليقين لكشف جدية مهاترات نتنياهو الاستفزازية من عدمها ليس بيده، بل بيد سيد البيت الأبيض. فبدون الدعم الأميركي، لن يستطيع نتنياهو ولا غيره من قادة تل أبيب من الانتصار لا في غزة ولا في غيرها من خطط توسعية. وعليه، فالتعهدات الأميركية هي ما على العرب العمل على ضمانه في وجه التهديد الإسرائيلي لهم. الأغلب أن كل ما تقدم لا يغدو أكثر من زوبعة في فنجان للفت الأنظار عن المجزرة القادمة عند احتلال غزة. وهذا ما على العرب الالتفات إليه أكثر من خرافة الأرض الموعودة لبني إسرائيل، والتي روجها حزب الليكود بزعامة رئيس الوزراء، مناحيم بيغن، في سبعينيات القرن الماضي. على العرب طرق باب واشنطن بقوة، والحصول على ضمانات أميركية حاسمة تضع حدا للهوس الإسرائيلي، حاضرا ومستقبلا، في الترويج لأسطورة إسرائيل الكبرى، أما غير ذلك، فلا يعدوا كونه ذرا للرماد في العيون. الغد

الدستور
منذ 5 ساعات
- الدستور
إدانـة تـصـريـحــات نـتـنـيـاهـــو الــواهـمـة حـــول مـــا يـسمــى «إســرائـيـــل الكبــــرى»
عمان- نيفين عبد الهادي أدانت 31 دولة عربية وإسلامية بأشد العبارات تصريحات بنيامين نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل (القوة القائمة بالاحتلال)، والتي نقلتها وسائل الإعلام الإسرائيلية بشأن ما يسمى بـ «إسرائيل الكبرى»، والتي تمثل استهانة بالغة وافتئاتا صارخا وخطيرا لقواعد القانون الدولي، ولأسس العلاقات الدولية المستقرة، وتشكل تهديدا مباشرا للأمن القومي العربي ولسيادة الدول، والأمن والسلم الإقليمي والدولي.جاء ذلك، في بيان مشترك أمس الجمعة، صادر عن وزراء خارجية كل من، المملكة الأردنية الهاشمية، والجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، ومملكة البحرين، وجمهورية بنغلادش الشعبية، وجمهورية تشاد، وجمهورية القمر المتحدة، وجمهورية جيبوتي، وجمهورية مصر العربية، وجمهورية غامبيا، وجمهورية إندونيسيا، وجمهورية العراق، ودولة الكويت، والجمهورية اللبنانية، ودولة ليبيا، وجمهورية المالديف، والجمهورية الإسلامية الموريتانية، والمملكة المغربية، وجمهورية نيجيريا الاتحادية، وسلطنة عمان، وجمهورية باكستان الإسلامية، ودولة فلسطين، ودولة قطر، والمملكة العربية السعودية، وجمهورية السنغال، وجمهورية سيراليون، وجمهورية الصومال الفيدرالية، وجمهورية السودان، والجمهورية العربية السورية، والجمهورية التركية، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والجمهورية اليمنية، وأمين عام جامعة الدول العربية، وأمين عام منظمة التعاون الإسلامي، وأمين عام مجلس التعاون لدول الخليج العربية. وشددوا في بيان مشترك، أنه في الوقت الذي تؤكد فيه الدول العربية والإسلامية احترامها للشرعية الدولية وميثاق الأمم المتحدة، ولا سيما المادة 2 الفقرة 4 المتعلقة برفض استخدام القوة أو التهديد بها، فإن الدول العربية والإسلامية سوف تتخذ كافة السياسات والإجراءات التي تؤطر للسلام وتكرسه، بما يحقق مصالح جميع الدول والشعوب في الأمن والاستقرار والتنمية، بعيدا عن أوهام السيطرة وفرض سطوة القوة. كما دانوا بأشد العبارات موافقة الوزير الإسرائيلي المتطرف بتسلئيل سموتريتش على خطة الاستيطان في منطقة «E1»، وتصريحاته العنصرية المتطرفة الرافضة لإقامة الدولة الفلسطينية، ويعتبرون ذلك انتهاكا صارخا للقانون الدولي، واعتداء سافرا على حق الشعب الفلسطيني غير القابل للتصرف في تجسيد دولته المستقلة ذات السيادة على خطوط الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس المحتلة. ويشددون على أن لا سيادة لإسرائيل على الأرض الفلسطينية المحتلة.وأكدوا رفضهم المطلق وإدانتهم لهذه الخطة الاستيطانية ولكافة الإجراءات الإسرائيلية غير القانونية، التي تشكل خرقا فاضحا للقانون الدولي ولقرارات مجلس الأمن، وعلى وجه الخصوص القرار 2334، الذي يدين جميع الأنشطة الاستيطانية الإسرائيلية الرامية إلى تغيير التكوين الديموغرافي، والطابع والوضع القانوني للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما فيها القدس الشرقية، عاصمة دولة فلسطين.كما أعادوا التأكيد على الرأي الاستشاري الصادر عن محكمة العدل الدولية، الذي شدد على عدم قانونية الاحتلال الإسرائيلي للأرض الفلسطينية، وضرورة إنهائه فورا، وإزالة آثاره والتعويض عن أضراره.وحذروا من خطورة النوايا والسياسات الإسرائيلية الهادفة إلى ضم الأراضي الفلسطينية، واستمرار الحكومة الإسرائيلية المتطرفة في نهجها الاستيطاني التوسعي في الضفة الغربية المحتلة، بما فيها من محاولات المساس بالأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية، وفي مقدمتها المسجد الأقصى المبارك/ الحرم القدسي الشريف، وإرهاب المستوطنين، والاقتحامات اليومية للمدن والقرى والمخيمات الفلسطينية والتدمير المنهجي لمخيمات اللاجئين الفلسطينيين وتهجير الفلسطينيين من بيوتهم، والذي يسهم بشكل مباشر في تأجيج دوامات العنف والصراع، ويقوض فرص تحقيق السلام العادل والشامل في المنطقة. كما يحذرون من الاستناد إلى أوهام عقائدية وعنصرية، ما ينذر بتأجيج الصراع وبما يصعب التحكم في مساراته أو التنبؤ بمآلاته، وبما يهدد الأمن والاستقرار الإقليمي والدولي على حد سواء.وفي سياق متصل، جدد وزراء الخارجية في الدول العربية والإسلامية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة التعاون الإسلامي، تأكيدهم رفض وإدانة جرائم العدوان الإسرائيلي والإبادة الجماعية والتطهير العرقي والتأكيد على وقف إطلاق النار في قطاع غزة، مع ضمان النفاذ غير المشروط للمساعدات الإنسانية لوقف سياسة التجويع الممنهج الذي تستخدمه إسرائيل كسلاح إبادة جماعية بما يتطلبه ذلك من إنهاء فوري للحصار الإسرائيلي القاتل على القطاع، وفتح المعابر مع قطاع غزة، وتحميل إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال، كامل المسؤولية عن تبعات جرائمها في قطاع غزة، من انهيار المنظومة الصحية والإغاثية، باعتبارها القوة القائمة بالاحتلال. وإعادوا التأكيد على الرفض الكامل والمطلق لتهجير الشعب الفلسطيني بأي شكل من الأشكال وتحت أي ذريعة من الذرائع، ومطالبة المجتمع الدولي بالضغط على إسرائيل لوقف العدوان والانسحاب الكامل من قطاع غزة، تمهيدا لتهيئة الظروف الملائمة من أجل تنفيذ الخطة العربية - الإسلامية لجهود التعافي المبكر ولإعادة إعمار القطاع.كما أكدوا، أن قطاع غزة جزء لا يتجزأ من الأرض الفلسطينية المحتلة، وضرورة تولي دولة فلسطين مسؤوليات الحكم في قطاع غزة، كما في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، بدعم عربي ودولي، في إطار البرنامج السياسي لمنظمة التحرير الفلسطينية، الممثل الشرعي والوحيد للشعب الفلسطيني، وسياسة نظام واحد وقانون واحد وسلاح شرعي واحد.في هذا السياق، طالبوا المجتمع الدولي، خاصة الدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، لا سيما الولايات المتحدة الأميركية، بتحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، والعمل الفوري على إلزام إسرائيل بوقف عدوانها المتواصل على قطاع غزة وتصعيدها الخطير في الضفة الغربية المحتلة، ووقف التصريحات التحريضية الواهمة التي يطلقها مسؤولوها، إضافة إلى توفير الحماية الدولية للشعب الفلسطيني، وتمكينه من نيل حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في إقامة دولته المستقلة ذات السيادة على ترابه الوطني، ومحاسبة مرتكبي الجرائم والانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني.