
رسالة مفتوحة إلى الرئيس
بقلم - مصطفى بكري
إليك أتحدث، أعرف تمامًا مَنْ أنت، ربما لا تتحدث عن نفسك كثيرًا، لا تجترَّ الذكريات، ولا تتباهى بالمواقف التي نجحت فيها من خلف ستار، لكنني قررت أن أوجه إليك خطابي في هذه اللحظة، التي يتكاثر فيها الخونة ليوجهوا سهامَهم المسمومة ضدك وضد الوطن ظلمًا وبهتانًا.
أدركُ حجم الألم والظلم، الخلايا النائمة بدأت تصحو مجددًا، والرعاية الأمريكية الصهيونية أصبحت مصدرًا للتباهي.
أحدثك في وقت تباع فيه المبادئ، ويعز فيه الشرف، تقسَّم فيه الدول، وتُرتهن المصائر، تتقلب فيه المواقف، تتراجع فيه النخوة، هذا زمن الغدر بلا جدال، زمن تباع فيه الكرامة، وتبدو فيه النذالة عنوانًا طبيعيًّا.
أقولها لك، للإنسان قبل القائد، لابن الجمالية حيث الدفء الشعبي الإنساني، حيث البساطة والقيم الأسرية والدينية، حيث الأصالة والانتماء، نعرف مدى صلابتك وإنسانيتك، ندرك أنك واجهتَ الكثيرَ من الصعاب، وتحمَّلتَ الكثيرَ من المآسي.
في يناير 2011 كنتَ العقل المدبر للخروج من الأزمات التي كانت تحاصر الوطن، كنتَ الأقرب إلى المشير طنطاوي (رحمة الله عليه)، وكنتَ محل إجماع من الكافة، لم يختلف أحد على شخصك أو إخلاصك أو قدراتك، لكنك كنت دومًا «حلَّال العُقد» في فترات الأزمة، كنتُ أعرف ذلك عن قرب من آخرين وليس منك، أيام طوال لم تكن تبرح فيها مكتبك وأنت تتابع وتتحاور.
عندما توليتَ موقع القائد العام ووزير الدفاع والإنتاج الحربي لم تفرط في ثوابتك، كانت كلماتك حاسمة، لم تجادل ولم تناور، قلتها واضحة صريحة بعد أداء القَسَم في 12 أغسطس 2012 وفي مواجهة محمد مرسي: «أنا لا إخواني ولا سلفي، أنا ابن المؤسسة العسكرية التي لا تعرف أحزابًا، ولا تنتمي إلا إلى الوطن».
أنقـــذت مصــــر من حــــرب أهليـــــة في 2013
مضتِ الأيام ثقيلة، تحمَّلتَ الكثير من المشكلات والادعاءات والأكاذيب، كنتَ حاسًما في الكثير من المواقف والقضايا، ويوم أن خرج الشعب المصري في الثلاثين من يونيو 2013 حاولتَ كثيرًا إنهاء الأزمة سلميًّا، لكن الآخرين صمُّوا آذانهم، رفضتَ الإغراءات وحسمتَ قرارك وانحزت إلى جموع الشعب المصري، التي خرجت تهتف باسمك، فأنقذتَ البلاد من خطر الانقسام والحرب الأهلية.
عندما طالبوك بأن تتولى مهام السلطة في هذا الوقت، رفضت ورشحت رئيس المحكمة الدستورية، لترسخ في الذهنية المصرية معنى احترام الدستور.
أتذكر يا سيادة الرئيس في أحد لقاءاتنا معك، كنت وزيرًا للدفاع وكنا مجموعة من الصحفيين والإعلاميين تحدثتَ مطولًا عن المخطط الإخواني بعد ثورة الثلاثين من يونيو وانحياز الجيش لها في الثالث من يوليو وقلت حرفيًّا: الحملة الإعلامية في الخارج حملة منظمة وممنهجة وممولة، قلتَ: إنها لم تأتِ من فراغ، وإن هناك أجهزة مخابرات تخدم هذه الحملة، تحدثت معنا يومها عن ثلاثة سيناريوهات لمخطط الإخوان وبرعاية هذه الأجهزة:
الأول: نخطط كيف نصمد باستخدام النَّفَس الطويل لاستنزاف قدرات الدولة المصرية وتعطيل المنشآت وإرباك الحكومة.
وكان السيناريو الثاني الذي تحدثت عنه بالقول: إنه بدأ في تزامن مع السيناريو الأول وهو كيف نُحدث انشقاقًا داخل الجيش بكافة الوسائل إلا أن صلابة الجيش المصري ووعيه بهذا المخطط كانا الرد الطبيعي الذي أفشل هذا المخطط منذ بدايته.
وكان السيناريو الثالث الذي تحدثتَ عنه في هذا الوقت هو عسكرة الصراع بعد تدمير ليبيا، حيث دخلت مصر كميات كبيرة من الأسلحة التي تم تخزينُها في سيناء والعديد من المناطق الأخرى، كما تسلل آلاف العناصر الإرهابية الذين سعوا إلى مواجهة الدولة ونشر الفوضى، وكان الهدف هو تكوين ما سُمِّي بـ«الجيش الحر» لمواجهة القوات المسلحة، مما دفع الجيش إلى استنفار قوته والقضاء على هذه الميليشيات.
كنتَ تدرك المخطط وأبعادَه، حذرت كثيرًا، هل تتذكر يوم أن ذهبت إلى محمد مرسي في فبراير 2013 وقلت له بوضوح وبلا تردد: لقد سقط مشروعكم، ولم يكن هنالك ردٌّ قاطعٌ منه، وإنما أراد إلقاء اللوم على الجميع في وقتٍ كانت فيه البلاد تمضي نحو المجهول.
عبرت بمصر من الفوضى إلى الأمن والاستقرار
عبرتَ بمصر من الفوضى إلى الأمن والاستقرار، بدأتَ المشروعات القومية الكبرى جنبًا إلى جنب مع مطاردة الإرهاب والإرهابيين، أطلقتَ العملية العسكرية الشاملة 2018 لتحرير سيناء من الإرهاب، وبعدها بدأت عملية التنمية في تغيير ملامح هذا الجزء الغالي من تراب الوطن، الذي أُهمل كثيرًا.
تحمَّلتَ الكثير من الرذالات والادعاءات والأباطيل، وسموت بنفسك ورفضت الرد، واحتكمت إلى البارئ الخالق في كل مواقفك.
سيادة الرئيس، أدرك أنك لا تهتم كثيرًا بالشائعات والأكاذيب، التي تديرها جماعة الإخوان المتصهينين، لأنك تعرف كل التفاصيل، مَنْ وراءهم ومَنْ يدعمهم ومَنْ يحرضهم ومَنْ يمولهم.
لسنا في حاجة إلى الدفاع عن أنفسنا أو عنك يا سيادة الرئيس، فمصر أكبر وأسمى من كل هؤلاء العملاء والخونة.
سيادة الرئيس، في العاشر من أكتوبر 2023، أي بعد عملية طوفان الأقصى وبدء العدوان الإسرائيلي على غزة بثلاثة أيام، التقيتَ بنا على هامش حفل تخرج دفعة من أكاديمية الشرطة.
طلبت منا الحديث، كلٌّ يدلي برأيه في أحداث غزة، تحدثنا، وطرحنا وجهات نظرنا، مسؤولين وصحفيين وإعلاميين، كنتَ صامتًا تستمع دون تعليق.
مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية ولن تقبل أبدًا بتهجير الفلسطينيين
وفي نهاية الحديث قلت لنا: تعمَّدتُ أن أسمع وجهات نظركم قبل أن أدلي بوجهة نظري، وكانت وجهة نظرك، محددة في كلمات لا تُنسى: مصر لن تسمح بتصفية القضية الفلسطينية ولن تقبل أبدًا بتهجير الفلسطينيين، مصر مع قيام دولة فلسطينية مستقلة، وعاصمتها القدس الشرقية، مصر ستقدم كل المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، ولن تتوقف عن المطالبة بوقف العدوان الإسرائيلي على غزة.
لم تنتظر، ولم تتردد، ولم تحسبِ الأمر وردودَ فعله من قِبل البعض، كان موقفك واضحًا في وقتٍ كان الكثيرون يوجهون إدانتَهم إلى حماس ويدعمون حرب الإبادة التي تشنها إسرائيل ضد العزل في غزة.
ما يحدث يا سيادة الرئيس مؤامرة مكشوفة لها أهدافها، تسعى إلى تحقيق أهداف إسرائيل في التهجير وإنهاء حلم قيام الدولة الفلسطينية، لأن المهم هو عودة الجماعة الإرهابية إلى الحكم مرة أخرى ولو على أنقاض الدولة المصرية.
أدركُ أنك تعرف حجم المؤامرات وسيناريوهات الخطط القادمة التي تستهدف مصر وجيش مصر العظيم وقيادة مصر الوطنية الشريفة، أعرفُ أن اللحظة الراهنة لا تقبل أصحاب الألوان الرمادية، الذين يمارسون الأكاذيب دون مواقف حاسمة، لكن اللحظة يا سيادة الرئيس تحتاج إلى مقاتلين حقيقيين في الإعلام والصحافة، نحتاج إلى حكومة أزمة، نحتاج إلى رجال أقوياء، قلوبهم على الوطن، لا يعرفون سوى المواجهة والقدرة على التعامل مع الأزمات، نحتاج إلى مسؤولين قريبين من الشعب، مهمومين بهمومه، لديهم حس إنساني واجتماعي يشعر بنبض البشر، ميولهم للناس، وآمالهم هي آمال الوطن وقدرته على التحدي والصمود.
تطورات خطيرة في المنطقة
سيادة الرئيس، القادم أخطر، وخلال الأسابيع القادمة ستحدث تطورات خطيرة في المنطقة، لتصفية القضية الفلسطينية، إثارة الفتنة على أرض لبنان، إجبار سوريا على نزع سلاح العديد من المناطق السورية، حروب قد تندلع مجددًا مع إيران وغيرها..
سيادة الرئيس، 15 دولة أوروبية تعلن استعدادها الموافقة على قيام الدولة الفلسطينية، لكن أحدًا فيهم لم يقل لنا، أين تقع هذه الدولة، وما حدودها، لم يلبسوا ثوب القديسين فجأة، لكنهم يدركون أن الأسابيع القادمة ستحمل ما هو أخطر، وعندما يأتي شهر سبتمبر المقبل في الأمم المتحدة ستكون الملفات قد اكتملت والأرض تهيأت والتهجير قد أخذ طريقه ليتبقى فقط عدد محدود فيما تبقى من الضفة وغزة، وهم العمالة الذين تحتاجهم إسرائيل للعمل في مصانعها ومزارعها.
القادم في الخليج وإيران خطر، إيران مستهدفة، الهدف هذه المرة إسقاط النظام وتغيير الخريطة، إيران قد تندفع نحو الخليج، وقد تغلق مضيق هرمز وتوقف تدفق النفط، ولذلك تركز أمريكا على النفط الليبي حتى تستطيع أن تسد حاجة الغرب حال توقف تدفق النفط الخليجي.
ليبيا والسودان سيمثلان صداعًا مزمنًا لمصر، السودان يجري تقسيمه، وهناك قوى معادية لمصر قد تُستخدم في أي لحظة لإثارة القلاقل.. التآمر على ليبيا، هناك إرهابيون يتدفقون إلى الجنوب الليبي وتحديدًا منطقة الكفرة، لإحداث اختراق في الأراضي المصرية وبمساعدة أجنبية، والهدف إشغال الجيش والشرطة بعيدًا عن الداخل، في وقت يجري فيه التهجير بكل السبل والطرق.
أدركُ تمامًا أنك تضع كل هذه السيناريوهات نصب عينك، تعرف تفاصيلها، وتجيد التعامل معها، ولذلك فإن ثقة الشعب المصري في موقفك لا تتزعزع، لقد استعديت لهذا اليوم منذ توليك مهام القيادة العامة ووزارة الدفاع والإنتاج الحربي في 12 أغسطس 2012، بنيت جيشًا حديثًا، أسلحة متقدمة، تدريبات عالية، قدرة على القتال والمواجهة وتحقيق الانتصار، لذلك يترددون كثيرًا ويعيدون حساباتهم ألف مرة.
سيادة الرئيس، إن جلسة الكنيست الإسرائيلي الأخيرة حوت هجومًا شديدًا على مصر، تهديدًا ووعيدًا، الصحافة الأمريكية والغربية، ظهور للوجوه الكالحة التي صدَّعتنا بحديثها عن الليبرالية الغربية وارتدت ثوب الوطنية، وهم في النهاية ليسوا أكثر من أبواق تردد خطاب الغرب وخطابات الصهاينة.
إنهم المتصهينون، أصحاب المصالح، اللاعبون على كل الحبال، إلا حبل الدولة الوطنية ومؤسساتها، هؤلاء خطر، يجب حصارهم وكشفهم وفضحهم، يجب ألا نقبل المهادنة مع هؤلاء، لأن المتصهينين لا يقلون خطورة عن الصهاينة وحلفائهم.
سيادة الرئيس، أدركُ أن العبء ثقيل وأن المهام الملقاة على عاتقك ليست هينة، فأنت تحمل هموم نحو 110 ملايين مصري، تحمل هموم أمة، تتعامل بحكمة وذكاء مع الكثير من أزماتها، لكنك بالقطع في حاجة إلى رجال تتصدى، قيادات تواجه وتحتوي الأزمات، أصوات قوية تكون مستعدة للتضحية بجهدها وعرقها وحياتها من أجل الوطن.
ثقتنا في جيشنا العظيم وشرطتنا الباسلة بلا حدود
ثقتنا في جيشنا العظيم وشرطتنا الباسلة بلا حدود، لكننا في الوقت ذاته نتساءل: أين الكثير من النخب والمؤسسات التي كان يجب أن تنضوي في خندق مواجهة هذه الحرب الضروس؟ الحياد في فترة الأزمات خيانة، المتفرجون لا مكان لهم في أوساطنا، المرتعدون أولى بهم أن يختفوا بعيدًا عن وجوهنا، المترددون عليهم أن يختاروا، اللحظة الحاسمة قد بدأت، ومَن هو على استعداد للوقوف بقوة وبلا خوف وبلا تردد إلى جانب الدولة ومؤسساتها وقيادتها، نعم وقيادتها الوطنية الشريفة، فلينفض عنه غباره، وليتوقف عن الديماجوجية والخوف من حروب السوشيال ميديا وليقف في خندق المعركة.
سيادة الرئيس، ثق أن المصريين على قلب رجل واحد، لديهم إحساس بالأزمة ومستعدون للمواجهة بكل جسارة وشجاعة.. (ثوابتك من أجل حماية مصر ونهضتها هي مشروعنا).
لن نكفر بالعروبة، ولا بالقضية الفلسطينية، لأننا نعرف أن الخونة ليسوا هم فلسطين، وليسوا هم هذه الأمة العظيمة، لكننا في حاجة إلى مراجعة الحسابات والقفز على الأزمات، وهذا عهدنا بك.
دُمت قائدًا وطنيًّا عروبيًّا مدافعًا عن أمن وثوابت الوطن والأمة، شريفًا في وقتٍ عزَّ فيه الصدق والشرف.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوابة الأهرام
منذ 36 دقائق
- بوابة الأهرام
خدعة الاعتراف بالدولة الفلسطينية
لا يوجد ما يدعو للسعادة أو التفاؤل بإعلان بريطانيا وفرنسا وكندا نيتها الاعتراف بالدولة الفلسطينية فى سبتمبر المقبل ليس فقط لأن الإعلان جاء ملغما بشروط تفقده معناه وقد تؤجله، ولكن أيضا لأن هذه الدول مع غيرها وفى مقدمتها أمريكا شريكة بصورة مباشرة فى جرائم الإبادة الجماعية التى ترتكبها إسرائيل فى غزة، وهى مصدر دعمها بالمال والسلاح والمعلومات الاستخبارية. وكل هذا لن يتوقف بعد الاعتراف المنتظر الذى لن يغير شيئا على الأرض. خدعة الاعتراف جاءت لتغسل أيدى هذه الدول من عار المشاركة فى الإبادة ومحاولة خبيثة من قادتها لامتصاص الغضب الشعبى محليا ودوليا. لا يوجد ما يدعو للاعتقاد بغير ذلك، ولا نجد فى ماضى وحاضر هذه الدول ما يشجعنا على تصديقها أو يعيد إلينا الثقة فى مصداقيتها. سقوطها الأخلاقى فى الأزمة الحالية لا يمثل مفاجأة وهو صفحة جديد فى سجلها المخضب بدماء الشعوب المقهورة. كيف لها أن تدين إسرائيل وتاريخها هى نفسها مليء بجرائم وحشية ومذابح مروعة وانتهاكات مشينة لحقوق الإنسان؟. المغفلون فقط هم من يظنون أن ضمائر قادتها قد استيقظت فجأة، أو أن الله قد ألقى نورا فى قلوبهم. لا نصدقهم ولكن نصدق قول الشاعر: «إن العدو وإن تقادم عهده.. فالحقد باق فى الصدور مغيب». نصدق قوله أيضا: «يعطيك من طرف اللسان حلاوة.. ويروغ منك كما يروغ الثعلب». قد يكون للاعتراف قيمة رمزية بالفعل خاصة على ضوء أهمية الدول الثلاثة ولكنه يبقى بلا قيمة عملية وليس له أى تأثير على الأرض ولن يوقف المذابح ولا يرتبط بأى إجراءات لحماية الفلسطينيين أو كف أذى إسرائيل. كما أن الشروط التى وضعتها هذه الدول لاعترافها تجعله مجرد وعد معلق غير نافذ عمليا، إذ تربطه مثلا بإجراء إصلاحات جذرية فى السلطة الفلسطينية وتنظيم انتخابات عامة تعلم أن إسرائيل ستعرقلها، مع نزع سلاح حماس وهو أمر ترفضه الحركة ولم تنجح إسرائيل فى تحقيقه. وشروط أخرى منها عدم مشاركة الحركة فى الانتخابات أو الحكم وأن تكون الدولة الوليدة منزوعة السلاح. وفى ظل غياب أى جهود جادة لحل القضية أو إجراءات ضد إسرائيل ولو ببيانات إدانة يظل الموقف الغربى سلبيا وبلا قيمة ويبقى الاعتراف بفلسطين مسألة شكلية وليس تطورا تاريخيا كما تريد تسويقه بهذا المعنى. وهو فى الواقع امتداد منطقى لتأييدها السلبى أيضا لحل الدولتين. وبداهة فإن دعمها لإقامة دولة فلسطينية إلى جانب إسرائيل يعنى ضمنيا اعترافها المنتظر بها. لكن طوال السنوات التى تلت اتفاق اوسلو لم تتخذ إجراء واحدا لتحويل هذا التأييد النظرى إلى سياسات عملية، وبقى حل الدولتين مجرد شعار تتوارى خلفه لإخفاء مواقفها العنصرية الداعمة للاحتلال وجرائمه. استمرار تزويد هذه الدول لإسرائيل بالسلاح المستخدم فى الإبادة يجسد وجها آخرا من وجوه نفاقها السياسي. وعودها وتهديداتها بحظر هذه الصادرات لم تنفذ عمليا قط. وتكشف التقارير الإعلامية فى الغرب عن أن التعاون العسكرى الوثيق بين هذه الدول وإسرائيل لم يتوقف يوما واحدا. ومازالت طائرات سلاح الجو البريطانى على سبيل المثال تحلق 24 ساعة يوميا فى سماء غزة لجمع المعلومات وتحديد الأهداف المراد قصفها. الدعم العسكرى الفرنسى لإسرائيل أيضا متواصل وصلب رغم المهاترات الكلامية التى تنشب بين الحكومتين أحيانا. وفى ابريل 2024 تجاهل الرئيس ماكرون رسالة وجهها له 115 سياسيا تطالبه بوقف بيع السلاح لإسرائيل لأن استمراره يعنى مباشرة مشاركة فرنسا فى الإبادة. قبل ذلك كانت قد امتنعت عن التصويت على قرار لمجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بحظر تصدر السلاح لإسرائيل. وفى ابريل 2024 أيضا كشفت صحيفة لوموند عن شحنات عسكرية جديدة أرسلت إليها. قبل ذلك بشهر نشرت وسائل الإعلام معلومات عن إرسال مائة ألف طلقة أو خرطوش إلى إسرائيل منذ بداية العدوان فى أكتوبر 2023 وكشفت التسريبات أيضا عن حصول إسرائيل على قطع غيار للطائرات هيرميس 900 ذات المهام الاستطلاعية والقتالية. الأهم هو ما تحدثت عنه التسريبات عن تعاون سرى غامض بين الجانبين لإنتاج برنامج فائق التطور لحروب الجيل القادم باسم «سكوربيون» وهو عبارة عن منظومة للذكاء الاصطناعى تربط تحركات ومهام الروبوت والطائرات المسيرة والقوات المقاتلة، وترصد فى الوقت نفسه تحركات العدو لإجهاضها قبل أن تبدأ. المعلومات المتاحة قليلة عن هذا البرنامج لكن من المؤكد ان إسرائيل تستخدمه بالفعل فى عدوانها على غزة كما استخدمته ضد إيران. تقدم كندا نموذجا أكثر وضوحا لهذه الازدواجية الغربية حديث لا ينقطع شريان مساعداتها العسكرية المتدفقة إلى إسرائيل رغم تعهدها بوقفها ورغم اعترافها المزمع بالدولة الفلسطينية. فى مارس 2024 أعلنت الحكومة أنها ستحظر تصدير السلاح لإسرائيل لكن بعد ذلك كشفت الصحف عن أنها استبقت الإعلان بإصدار مئات التصاريح ببيع أسلحة للاحتلال سيتواصل تسليمها بعد صدور القرار، أى تفريغه من مضمونه، وجعله مجرد ورقة توت تستر عورة موقفها الداعم دعما مطلقا لإسرائيل. وقد نشرت مجموعة مناهضة للحرب تطلق على نفسها «حظر السلاح الآن» تقريرا مفصلا عن مبيعات السلاح الكندية لإسرائيل منذ أكتوبر 2023 استقت معلوماته من تحليل بيانات هيئة الضرائب الإسرائيلية. كشف التقرير عن إرسال 391 شحنة معدات عسكرية منذ أواخر 2023 شملت 400 ألف طلقة وخزائن ذخيرة وقطع غيار حساسة للمقاتلات إف 35 وأجهزة اتصالات. وشمل الدعم الكندى أيضا تمويلات ضخمة للجامعات ومراكز الأبحاث الإسرائيلية التى تساعد الجيش ومنها معهد وايزمان للأبحاث النووية الذى قصفته إيران وحصل وحده على 36 مليون دولار فى ذلك العام فقط. لا شيء يصف النفاق السياسى الغربى أبلغ من كلمات نجيب محفوظ «الوقاحة هى أن تبتسم لى وقد أكلت من لحمى حتى جف لسانك.. والاستهانة هى أن اعلم بكل ذلك وابتسم لك». مازالت الدول الغربية تبتسم لنا، ومازال بعض العرب يبادلونها الابتسام.


الدولة الاخبارية
منذ 36 دقائق
- الدولة الاخبارية
الكاتب الصحفى محمود الشاذلى يكتب : إنتبهوا إلا الوطن . فليس أمامنا إلا البحر ملاذا .
الأحد، 10 أغسطس 2025 12:56 صـ بتوقيت القاهرة الوطن هو الكيان ، هو الأمان ، هو الملاذ والإستقرار ، فيه ولدنا ، وعلى أرضه تربينا ، ويوارى ترابه أجسادنا ، لذا لامزايده عليه ، ولاإقتراب من مقدراته ، ومن يفعل ذلك يكون منزوع الوطنيه ، فاقد الأهليه ، لاقيمة لوجوده بالحياه . تلك ثوابتى التى إستقرت فى وجدانى ، وإحتوى مضامينها كيانى ، وإستدعاها الواجب الوطنى تأثرا بما يحدث في المجتمع إنطلاقا من مفاهيم مغلوطة ونفوس خربه . . فالنحافظ عليه بكل مانملك ، لأننا المكون الحقيقى للمجتمع ، نحن أبناء الطبقه المتوسطه التى باتت معدمه ، نحن القابعين في أعماق ريفه ، وليس لنا وطنا غيره ، فلسنا من أصحاب الملايين الذين يمكن لهم عند مغادرته أن يعيشوا فى أوروبا ، إنما إذا أردنا الفرار منه ، أو مغادرته هروبا من عبث العابثين ، فليس أمامنا إلا البحر ، نلقى فيه أجسادنا لننال أجلنا المحتوم ، تلك حقيقه يقينيه وليس طرحا على سبيل المجاز ، لأنه أى البلدان المجاوره تصلح لنغادر إليها وطنا بديلا ، السودان التى دمرت عن ٱخرها على أيدى أبنائها الذين عبث بهم العابثون فجعلوا منهم أداه لتدمير وطنهم ، وليبيا التى سحقتها الميليشيات ، ودمرتها الصراعات ، والأهواء ، والتناطحات ، وغزه رمز العزه التى يريد الصهاينه الملاعين أن يجعلوها مقبره لأهلها العظماء . فالننتبه جيدا .. وطننا غالى وعظيم ، لذا أتمنى أن يعى عقلاء هذا الوطن وهم كثر بفضل الله تعالى تلك الرساله ، وليدركوا أنها فضفضة محب لهذا الوطن ، عاشقا لترابه ، يتمنى له أن يكون فى عليين ، مكانا ، ومكانه ، وشأنا ، أطلقها كونى إنسان بدرجة خادم للناس ليس إنطلاقا من مسئوليات نيابيه سبق وأن تشرفت بتحملها قبل أن أزهد فيها بعد أن طالها الهزل ولم يعد منطلقها الإراده الشعبيه الحقيقيه ، إنما حسبة لله تعالى وإبتغاء مرضاته ونيل رضاه سبحانه أجرا نبتغيه ، ماأعظمه من أجر ، وكسياسيى ينتمى للمعارضة الوطنيه الشريفه والنظيفه حيث الوفد فى زمن الشموخ ، وإعلاءا للإراده الوطنيه ، ورفضا للعبث الذى يدفع فى طريق تسفيه كل شيىء وأى شيىء ، والبحث عن سقطة للحكومه ، لذا أصبحت علاقتى بالسياسه علاقة المتفرج الحزين تأثرا بمشهد عبثى بإمتياز ، بعد أن زاد الخبل ، وتقزم فكر الساسه قبل أن يتجمد الأداء ، وكذلك توقفت عن الممارسة الحزبيه ذاتها بعد أن فقد كثر فيها الحاضنه الشعبيه وبات يحدد معالمها السلطه . خلاصة القول ياأبناء الوطن نعـم جميعا نعانى فى هذه الحياه ، لكننا لايجب أن نسمح لأى أحد أن يستغل تلك المعاناه لإستخدامنا فيما يضر بالوطن .. إنتبهوا لهذا المخطط الإجرامى الذى يستهدف هذا الوطن الغالى .. ياكل البشر إلا الوطن ، لأن النيل منه خطيئه ولو بالسوء من القول ، وتحقيره خيانه ولو بإطلاق الشائعات .. تلك قناعاتى وماترسخ فى يقينى وضميرى ، من يعتبر ذلك نفاقا فما أعظمه من نفاق ، ومن يراه تطبيلا فماأروع أن يطبل الإنسان لتستقيم الأمور بين أبناء الوطن . يبقى السؤال هل معنى ذلك الصمت أمام مايحدث من هزل وما نتعايشه من تدنى ، بالقطع لا ، شريطة أن تكون المعالجه ممزوجه برؤيه وطنيه وليس عبر التهييج والتسفيه ، وليبقى الأمل قائما فى قدرتنا على أن نلملم شتات أنفسنا ، ونضبط إيقاع هذا الهزل الحادث بالمجتمع ، ونعيد الثقه إلى نفوسنا ، وننتبه لمن يدفعون بالوطن الغالى دفعا فى طريق فرض التقزيم عليه ، ونعته بالسخافات بحسن أو بسوء نيه .. نعـــــم نستطيع ؟ من خلال طرح مواطن الخلل بصدق وصراحه ووضوح وشفافيه ، وكشف العوار الذى أراد البعض فرضه حقائق يقينيه . كيف ؟ .. تابعونى . الكاتب الصحفى محمود الشاذلى نائب رئيس تحرير جريدة الجمهوريه عضو مجلس النواب السابق .


الدولة الاخبارية
منذ 2 ساعات
- الدولة الاخبارية
مفتي الجمهورية يدين قرار إسرائيل باحتلال قطاع غزة.. ويؤكد: تصعيد خطير
السبت، 9 أغسطس 2025 11:39 مـ بتوقيت القاهرة أدان الدكتور نظير محمد عياد، مفتي الجمهورية، رئيس الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، بأشد العبارات قرار مجلس الوزراء الإسرائيلي القاضي باحتلال قطاع غزة بشكل كامل، والذي يُعد نقلة خطيرة في مسار العدوان على الشعب الفلسطيني، وانتهاكًا صارخًا لأحكام القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية، ويمثل توجهًا عدائيًا واضحًا نحو تصفية القضية الفلسطينية بشكل ممنهج، والافتئات على الحقوق التاريخية والشرعية للشعب الفلسطيني، الذي يرزح تحت الاحتلال والمعاناة منذ عقود. وأكد مفتي الجمهورية أن هذا التصعيد الخطير يمثل انتهاكًا سافرًا لكل المبادئ والقيم الإنسانية التي أقرتها المواثيق الدولية، ويأتي امتدادًا لنهج الاحتلال القائم على التوسع والاستيطان والعنف الممنهج، في محاولة لفرض واقع جديد على الأرض بقوة السلاح، وبعيدًا كل البعد عن منطق العدالة أو السلام، كما يُعد هذا القرار خطوة استفزازية تُقوِّض فرص الاستقرار في المنطقة، وتفتح الباب أمام مزيد من التوتر والدمار. وطالب مفتي الجمهورية المجتمع الدولي، ومجلس الأمن، والمنظمات الحقوقية والإنسانية، وأحرار العالم، بتحمل مسؤولياتهم الأخلاقية والإنسانية، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب والإدانة، بل اتخاذ خطوات عملية وملموسة لوقف العدوان، ورفع الحصار الجائر المفروض على قطاع غزة، والعمل على إنفاذ قرارات الشرعية الدولية، بما يحقق العدالة الشاملة، ويكفل استعادة الشعب الفلسطيني لحقوقه المشروعة في إقامة دولته المستقلة، على حدود الرابع من يونيو عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية. كما دعا المفتي الأمة العربية والإسلامية، شعوبًا وحكومات، إلى توحيد الصفوف، وتكثيف الدعم بكل أشكاله السياسية، والإنسانية، والوقوف بحزم في وجه هذه المخططات الرامية إلى تصفية القضية الفلسطينية، التي كانت وستبقى القضية المركزية للأمة الإسلامية، والمفتاح الحقيقي لتحقيق السلام العادل والدائم في المنطقة. داعيًا الله - عز وجل - أن يُلهم الشعب الفلسطيني الصبر والثبات، وأن ينصره نصرًا عزيزًا، وأن يُعيد إلى أرض فلسطين أمنها واستقرارها، ويكتب لشعبها الحر الأبي الحرية والكرامة، إنه ولي ذلك والقادر عليه.