
عودة الخليجيين إلى لبنان مؤشر عافية واستقرار
اعتبر مصدر مقرب من أعضاء اللجنة الخماسية أنّ 'ما شهدته الجولة الأولى من الانتخابات البلدية والاختيارية في محافظة جبل لبنان، أعطى دفعا في طمأنة المغتربين اللبنانيين والأشقاء العرب وفي طليعتهم دول مجلس التعاون الخليجي، بأن الدولة اللبنانية بدأت باستعادة عافيتها وان مؤسساتها وخصوصا الأمنية منها، اثبتت مصداقيتها وقدرتها على ضبط الأمور من حيث الاستقرار والأمان للمواطن اللبناني وللوافدين إلى ربوع لبنان من الأشقاء والأصدقاء'.
وتابع لـ'الأنباء' الكويتية: 'ما دفع ببعض الدول الشقيقة وخصوصا دولة الإمارات العربية المتحدة برفع حظر السفر عن مواطنيها للسفر إلى لبنان، وما لاقته من ترحيب لبناني عام حيث من المنتظر أن تنحو بهذا الاتجاه العديد من الدول العربية، وخصوصا دول مجلس التعاون الخليجي التي تبشر في حال عودتها إلى لبنان بصيف واعد يتوسم به اللبنانيون خيرا كثيرا ليعود لبنان وجهة عربية مهمة خلال أشهر الصيف'.
وأضاف المصدر: 'الانفراج الذي تبشر به المعطيات المتوافرة، يؤكد أن جهود اللجنة الخماسية بدأت تعطي ثمارها من حيث قدرة هذه اللجنة التي عملت على توفير كل سبل التوافق بين اللبنانيين، والذي أنتج انتخابات رئاسية وحكومة واعدة وانتخابات بلدية واختيارية بسلاسة ويسر بعيدا من أي تدخلات خارجية. ومن المنتظر أن تعقبها مع بداية السنة المقبلة انتخابات نيابية شاملة تنتج سلطة حكومية متكاملة ومتعاونة مع رئاسة الجمهورية، وتاليا سحب السلاح ليخرج لبنان نهائيا من التجاذبات الإقليمية والدولية التي عاناها منذ عقود'.
وختم: 'استطاعت اللجنة الخماسية بصبر وحكمة وبصمت لافت، ان تعيد الحياة إلى لبنان الدولة والمؤسسات، برسالته الفريدة التي تحتاج إليها في ظل محاولات البعض لإيجاد شرق أوسط جديد يعبد المنطقة عن مأساة اتفاقية سايكس ـ بيكو، لأن العالم يتجه إلى التكتلات الكبيرة لا إلى التجزئات المتعددة'.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

القناة الثالثة والعشرون
منذ 5 أيام
- القناة الثالثة والعشرون
أحمد الشرع لا يعترف بلبنان
ليبانون ديبايت" - عبدالله قمح في كلمته التي ألقاها بمناسبة رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، قدّم الرئيس السوري للفترة الانتقالية، أحمد الشرع، خطاباً احتفالياً استعرض فيه مواقف الدول العربية من 'سوريا الجديدة'، مشيداً بتلك التي دعمت بلاده سياسياً وإنسانياً. ذكر هذه الدول واحدة تلو الأخرى، معدداً مزاياها وخدماتها، ومثنياً على مواقفها، ومكرراً الشكر لها. لكن المفارقة اللافتة كانت في تجاهله المتعمّد لذكر لبنان، الجار الأقرب، وأكبر مستضيف للاجئين السوريين – نسبةً إلى عدد سكانه – منذ عام 2011. هذا التجاهل لا يمكن قراءته كزلة لسان أو سهو بروتوكولي، بل كمؤشر سياسي مدروس، يعكس موقفاً سورياً راسخاً تجاه الكيان اللبناني، وهو موقف لم يتغيّر بتغيّر الوجوه في دمشق. فالحكم في سوريا، وإن تبنّى خطاب 'الشرعية الجديدة'، لا يزال يحتفظ بالنظرة القديمة للبنان: دولة لا يُعترف بكيانها الكامل، بل يُنظر إليها كتكوين جغرافي – سياسي، يُعد جزءاً لا يتجزأ من سوريا ما بعد سايكس – بيكو، ويجب التعامل معه على هذا الأساس. لبنان، الذي استقبل أكثر من مليون نازح سوري، لم ينل حتى عبارة امتنان في خطاب الشرع. وهذا ليس تفصيلاً، بل تعبير عن موقف واضح من الدولة اللبنانية، تتكرر مؤشراته منذ تولّي الشرع السلطة. فالأمر لا يتعلق فقط بغياب الشكر، بل بنمط مستمر من التهميش السياسي، والتدخل الأمني، والابتزاز الدبلوماسي. هذا المسار تم التلميح إليه في أكثر من مناسبة كخيار سياسي سوري تجاه لبنان، وهو ما تجلّى في اللقاءات الأخيرة بين مسؤولين لبنانيين ونظرائهم السوريين، وعلى رأسهم الشرع نفسه. وقد ظهرت خلالها مظاهر واضحة لاختلال المقاربة السورية للعلاقة مع لبنان، مع شعورٍ بالعداء تجاه أركان الحكم اللبناني، ورفضٍ متكرر للدخول في أي علاقة سياسية ندّية. في أحد اللقاءات، وخلال زيارة وفد سياسي-أمني لبناني رفيع برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى دمشق لتهنئة الشرع بتسلّمه السلطة، لم يتردد الأخير في تحميل بعض الأطراف اللبنانية مسؤولية ما جرى في سوريا – متجاهلاً دوره في ما تسبب به من خراب وفتن داخل لبنان. وفي خطاب مباشر، وجّه اتهامًا صريحاً لحزب الله، محمّلاً إياه مسؤولية دمار سوريا، وداعياً لتحميله كلفة إعادة إعمار المناطق التي تضررت، في الوقت نفسه الذي تجاهل فيه أي مبادرة لبنانية لتسوية ملف اللاجئين، مقدماً ذرائع تبدأ من عدم القدرة على الإعمار، وصولاً إلى العقوبات المفروضة على بلاده. بل أكثر من ذلك، بدا الشرع وكأنه يتعامل مع لبنان كطرف ملحق لا كدولة ذات سيادة أو شريك في الاستقرار الإقليمي. ولم يكن ذلك مجرد خطاب، بل تُرجم على الأرض عبر ممارسات عدائية. فقد راقبت دمشق عن كثب تعافي حزب الله من تداعيات الحرب الإسرائيلية، وأجرت سلسلة تعيينات أمنية داخلية لعناصر يُعرف عنها عداؤها للبنان، أبرزها تعيين 'عريف' منشق عن الجيش اللبناني، ومطلوب بمذكرات توقيف، مديراً لجهاز المخابرات السورية في حمص وأريافها، وهي منطقة متداخلة ومتجاورة مع لبنان تفرض عليه التنسيق مع أقرانه. وقد ساهم هذا التعيين في تكريس مظاهر القتال على الحدود، واستخدم كذريعة لاتهام حزب الله بإدارة عصابات تهريب أسلحة ومخدرات، ما أدى إلى طرد عشرات الآلاف من اللبنانيين المقيمين في قرى لبنانية داخل الأراضي السورية، رغم أن دمشق ما تزال، حتى اليوم، منصة رئيسية لهذه التجارة غير المشروعة. وفي العمق، تتعامل دمشق مع ملف اللاجئين السوريين في لبنان كسلاح سياسي. فبدل التنسيق لإعادتهم بآليات تحفظ كرامتهم، قامت مؤخراً بتكليف سفارتها في بيروت بمحاولة إقناع السلطات اللبنانية بمنحهم إقامة دائمة مجانية، متجاوزة بذلك الإطار القانوني، ومتجاهلة الحساسيات الديموغرافية التي قد يثيرها هذا الملف في بلد هشّ كلبنان. أما الاتفاقات الثنائية، كاتفاق جدة بوساطة سعودية، فبقيت حبراً على ورق. لم تُشكّل لجان تنسيق مشتركة، ولم تُفعّل غرف العمليات، ولم تظهر نية واضحة للتعاون. في المقابل، تواصل سوريا تجاهل مطالب لبنانية أساسية، كترسيم الحدود البرية والبحرية، وتنظيم التبادل التجاري، ووقف التهريب، والتعاون في تسليم المطلوبين، أو على الأقل، في محاكمتهم. تتلكأ في متابعة ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، وبدلاً من التعاون، تختلق دمشق قضايا معاكسة كقضية 'المفقودين السوريين في لبنان'، وتسمح لنفسها أن تتدخّل في قضايا الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، وتمارس تطفلاً حين تُقنع أهاليهم بأنها في صدد العمل على الإفراج عنهم، لكنها تحتاج إلى أدوات مفيدة للضغط على السلطة في لبنان، ما يتأتى على شكل اعتصامات دائمة لذوي هؤلاء في الشارع، في مشهد يُجسّد حجم الانفصام في المقاربة السورية. انضم إلى قناتنا الإخبارية على واتساب تابع آخر الأخبار والمستجدات العاجلة مباشرة عبر قناتنا الإخبارية على واتساب. كن أول من يعرف الأحداث المهمة. انضم الآن شاركنا رأيك في التعليقات تابعونا على وسائل التواصل Twitter Youtube WhatsApp Google News


ليبانون ديبايت
منذ 5 أيام
- ليبانون ديبايت
أحمد الشرع لا يعترف بلبنان
في كلمته التي ألقاها بمناسبة رفع العقوبات الأميركية عن سوريا، قدّم الرئيس السوري للفترة الانتقالية، أحمد الشرع، خطاباً احتفالياً استعرض فيه مواقف الدول العربية من 'سوريا الجديدة'، مشيداً بتلك التي دعمت بلاده سياسياً وإنسانياً. ذكر هذه الدول واحدة تلو الأخرى، معدداً مزاياها وخدماتها، ومثنياً على مواقفها، ومكرراً الشكر لها. لكن المفارقة اللافتة كانت في تجاهله المتعمّد لذكر لبنان، الجار الأقرب، وأكبر مستضيف للاجئين السوريين – نسبةً إلى عدد سكانه – منذ عام 2011. هذا التجاهل لا يمكن قراءته كزلة لسان أو سهو بروتوكولي، بل كمؤشر سياسي مدروس، يعكس موقفاً سورياً راسخاً تجاه الكيان اللبناني، وهو موقف لم يتغيّر بتغيّر الوجوه في دمشق. فالحكم في سوريا، وإن تبنّى خطاب 'الشرعية الجديدة'، لا يزال يحتفظ بالنظرة القديمة للبنان: دولة لا يُعترف بكيانها الكامل، بل يُنظر إليها كتكوين جغرافي – سياسي، يُعد جزءاً لا يتجزأ من سوريا ما بعد سايكس – بيكو، ويجب التعامل معه على هذا الأساس. لبنان، الذي استقبل أكثر من مليون نازح سوري، لم ينل حتى عبارة امتنان في خطاب الشرع. وهذا ليس تفصيلاً، بل تعبير عن موقف واضح من الدولة اللبنانية، تتكرر مؤشراته منذ تولّي الشرع السلطة. فالأمر لا يتعلق فقط بغياب الشكر، بل بنمط مستمر من التهميش السياسي، والتدخل الأمني، والابتزاز الدبلوماسي. هذا المسار تم التلميح إليه في أكثر من مناسبة كخيار سياسي سوري تجاه لبنان، وهو ما تجلّى في اللقاءات الأخيرة بين مسؤولين لبنانيين ونظرائهم السوريين، وعلى رأسهم الشرع نفسه. وقد ظهرت خلالها مظاهر واضحة لاختلال المقاربة السورية للعلاقة مع لبنان، مع شعورٍ بالعداء تجاه أركان الحكم اللبناني، ورفضٍ متكرر للدخول في أي علاقة سياسية ندّية. في أحد اللقاءات، وخلال زيارة وفد سياسي-أمني لبناني رفيع برئاسة رئيس الحكومة نجيب ميقاتي إلى دمشق لتهنئة الشرع بتسلّمه السلطة، لم يتردد الأخير في تحميل بعض الأطراف اللبنانية مسؤولية ما جرى في سوريا – متجاهلاً دوره في ما تسبب به من خراب وفتن داخل لبنان. وفي خطاب مباشر، وجّه اتهامًا صريحاً لحزب الله، محمّلاً إياه مسؤولية دمار سوريا، وداعياً لتحميله كلفة إعادة إعمار المناطق التي تضررت، في الوقت نفسه الذي تجاهل فيه أي مبادرة لبنانية لتسوية ملف اللاجئين، مقدماً ذرائع تبدأ من عدم القدرة على الإعمار، وصولاً إلى العقوبات المفروضة على بلاده. بل أكثر من ذلك، بدا الشرع وكأنه يتعامل مع لبنان كطرف ملحق لا كدولة ذات سيادة أو شريك في الاستقرار الإقليمي. ولم يكن ذلك مجرد خطاب، بل تُرجم على الأرض عبر ممارسات عدائية. فقد راقبت دمشق عن كثب تعافي حزب الله من تداعيات الحرب الإسرائيلية، وأجرت سلسلة تعيينات أمنية داخلية لعناصر يُعرف عنها عداؤها للبنان، أبرزها تعيين 'عريف' منشق عن الجيش اللبناني، ومطلوب بمذكرات توقيف، مديراً لجهاز المخابرات السورية في حمص وأريافها، وهي منطقة متداخلة ومتجاورة مع لبنان تفرض عليه التنسيق مع أقرانه. وقد ساهم هذا التعيين في تكريس مظاهر القتال على الحدود، واستخدم كذريعة لاتهام حزب الله بإدارة عصابات تهريب أسلحة ومخدرات، ما أدى إلى طرد عشرات الآلاف من اللبنانيين المقيمين في قرى لبنانية داخل الأراضي السورية، رغم أن دمشق ما تزال، حتى اليوم، منصة رئيسية لهذه التجارة غير المشروعة. وفي العمق، تتعامل دمشق مع ملف اللاجئين السوريين في لبنان كسلاح سياسي. فبدل التنسيق لإعادتهم بآليات تحفظ كرامتهم، قامت مؤخراً بتكليف سفارتها في بيروت بمحاولة إقناع السلطات اللبنانية بمنحهم إقامة دائمة مجانية، متجاوزة بذلك الإطار القانوني، ومتجاهلة الحساسيات الديموغرافية التي قد يثيرها هذا الملف في بلد هشّ كلبنان. أما الاتفاقات الثنائية، كاتفاق جدة بوساطة سعودية، فبقيت حبراً على ورق. لم تُشكّل لجان تنسيق مشتركة، ولم تُفعّل غرف العمليات، ولم تظهر نية واضحة للتعاون. في المقابل، تواصل سوريا تجاهل مطالب لبنانية أساسية، كترسيم الحدود البرية والبحرية، وتنظيم التبادل التجاري، ووقف التهريب، والتعاون في تسليم المطلوبين، أو على الأقل، في محاكمتهم. تتلكأ في متابعة ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، وبدلاً من التعاون، تختلق دمشق قضايا معاكسة كقضية 'المفقودين السوريين في لبنان'، وتسمح لنفسها أن تتدخّل في قضايا الموقوفين الإسلاميين في سجن رومية، وتمارس تطفلاً حين تُقنع أهاليهم بأنها في صدد العمل على الإفراج عنهم، لكنها تحتاج إلى أدوات مفيدة للضغط على السلطة في لبنان، ما يتأتى على شكل اعتصامات دائمة لذوي هؤلاء في الشارع، في مشهد يُجسّد حجم الانفصام في المقاربة السورية.


الشرق الجزائرية
منذ 7 أيام
- الشرق الجزائرية
لبنان- سوريا: باريس 'تنبش' أرشيف سايكس بيكو
«أساس ميديا» لم تعترف سوريا، وخصوصاً في ظلّ حكم البعث، ولا سيما تحت سلطة الأسد، الأب والابن، باستقلال لبنان. اعتبرت روحيّة الحكم في دمشق أنّ ما يسمّى استقلالاً لا يعدو كونه انفصالاً عن الوطن الأمّ، وفق 'مشرط' اتفاق سايكس – بيكو لعام 2016 الذي، بالمناسبة، رسم أيضاً حدود سوريا واستقلالها. لم يظهر الموقف السوري بنصّ رسميّ حازم، لكنّ رفض ترسيم الحدود (داخل البلد الواحد) ورفض فتح سفارة سوريّة في بيروت حتّى عام 2008، من العلامات الفاضحة التي تربّى عليها جيل من السوريّين لتحقير استقلال لبنان وعدم الإقرار بشرعيّة كيانه. بدا أنّ لبنان لم يهتمّ في سنوات ما بعد الاستقلال بضرورة خوض معركة مع دمشق من أجل ترسيم الحدود إلى أن برزت فجأة مسألة مزارع شبعا. فحتّى حين تقدّمت أدوات 'شرطيّة' للدولة السورية داخل تلك المنطقة المفترض أنّها لبنانية في خمسينيّات القرن الماضي، تجنّبت بيروت التصادم مع دمشق بشأن منطقة من المناطق الحدودية الكثيرة المتنازَع عليها. والأرجح أنّ حكم تلك المرحلة في بيروت كان يعتبر 'المزارع' شأناً هامشيّاً لا يستحقّ جلبة لن تسمعها دمشق ولن تنصت لها عواصم الدنيا. استعصاء لبنانيّ أيضاً لم يكن التمنّع عن فتح ملفّ الترسيم سوريّاً فقط. نهل الأمر قوّته من استعصاء آخر من داخل لبنان نفسه من قوى سياسية واسعة كانت 'تكفّر' اتّفاق سايكس – بيكو وتندب اليوم الذي ضمّ فيه 'الأقضية الأربعة' إلى جبل لبنان. كان طيف كبير من مسلمي لبنان يلعنون الحدود مع الوطن العربي الكبير، فيما الطيف الطاغي من مسيحيّي لبنان ينادون بترسيم وتدعيم تلك الحدود ورفع أسوارها. وطالبت حكومة فؤاد السنيورة بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري سوريا بترسيم الحدود باعتباره تدبيراً يلتحق بانسحاب قوّاتها من لبنان عام 2005. احتاجت بيروت إلى ترسيم عاجل يحدّد هويّة مزارع شبعا. أعلن 'الحزب' وبيئة محور دمشق – طهران أنّ الانسحاب الذي نفّذته إسرائيل في 25 أيّار 2000 وادّعت أنّه تنفيذ للقرار الأممي 425 غير كامل. قدّم لبنان في ظلّ وصاية دمشق وهيمنة 'الحزب' حجّة 'المزارع' مبرّراً لاستمرار شرعيّة 'الحزب' وترسانته العسكرية واستمرار الصراع جنوب البلد. لم تقبل دمشق الترسيم، ولم تُدلِ بما يثبت لبنانيّة 'المزارع'، ولم تقدّم للأمم المتّحدة خرائط شافية تحسم الجدل القانوني السياسي ويغلق ملفّ الانسحاب الإسرائيلي. اكتفت دمشق بإنتاج ديباجة شعبويّة تقول إنّ 'المزارع' محتلّة وعلى المحتلّ الانسحاب، سواء كانت تلك المنطقة سوريّة أم لبنانية. وبدا أنّ في الأمر بدعة لا تستقيم في علم العلاقات الدولية وقوانين ترسيم الحدود بين الدول. تبدّل المشهد الإقليميّ غير أنّ المشهد الإقليمي قد تحوّل. صنعت حرب غزّة موازين إقليمية جديدة. تغيّر وجه الحكم في سوريا ولبنان، وضعف نفوذ إيران في البلدين. باتت فكرة ترسيم حدود البلدين أمراً ملحّاً ومطلوباً دوليّاً. أشرفت الولايات المتّحدة على ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل وتخطّط لرعاية مفاوضات لترسيم الحدود البرّية بينهما. في المقابل، صار ترسيم الحدود اللبنانية السوريّة جزءاً من إعادة اهتمام دول العالم بسوريا، ومفتاحاً مهمّاً لحلّ قضايا أساسيّة واستراتيجية في تحديد مستقبل التحوّلات الضبابية، التي لاح ظهورها منذ 'تواطؤ' 'العواصم' على انتخاب الرئيس جوزف عون رئيساً وإشرافها على تشكيل حكومة برئاسة نوّاف سلام. في 8 أيّار الجاري، وبعد 'وعد' قطعه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لنظيره اللبناني في أثناء زيارة الأخير لباريس في آذار الماضي، سلّم سفير فرنسا في بيروت هيرفيه ماغرو وزير الخارجية اللبناني يوسف رجّي نسخة من الأرشيف الفرنسي المتعلّق بترسيم الحدود بين لبنان وسوريا. كانت فرنسا سلطة انتداب على البلدين ويمكن لوثائقها أن تكون حجّة حازمة تستعين بها بيروت في مفاوضاتها 'الموعودة' مع دمشق لترسيم الحدود. مضمون الوثائق تشمل الوثائق المقدَّمة خرائط طوبوغرافية ودراسات استقصائية ميدانية وتقارير إدارية للانتداب ووثائق تعيين للحدود يعود تاريخها إلى الفترة الممتدّة من عشرينيّات القرن العشرين إلى الخمسينيّات منه. وتتضمّن الوثائق خرائط تغطّي الحدود البرّية بأكملها، من عكّار إلى الهرمل، إلى جنوب البقاع، ومحضر اللجان الميدانية المشتركة لعامَي 1934 و1941، وسلسلة من الملاحظات السرّية المتبادلة بين المفوضيّة العليا الفرنسيّة في بيروت ودمشق، وتقرير مؤرَّخ عام 1951 عن ترسيم الحدود في المناطق الحسّاسة، ولا سيما المناطق الواقعة في قلمون ووادي خالد. لئن يُعتبر هذا التطوّر حدثاً دبلوماسياً لافتاً قد يندرج في إطار العلاقة الخاصّة التي تربط فرنسا بلبنان، والهمّة التي أظهرها ماكرون لدعم البلد في السنوات الأخيرة، غير أنّ ذلك لا يمنع من طرح أسئلة حائرة بشأن كلمة السرّ التي دفعت باريس للاستفاقة على وجود هذا الأرشيف، ولماذا تمّ التغافل عن امتلاك باريس لخرائط ووثائق وسجلّات في هذا الصدد لطالما كانت بيروت تحتاج إليها لدعم ملفّها أمام دمشق في ظلّ نظام بشّار الأسد ولتقوية حججها القانونية لدى الأمم المتّحدة؟ قد لا نجد أجوبة آنيّة على تطوّر ستكشف الأيّام حيثيّاته وضروراته وأهداف استثماراته. لكنّ أمر 'إفراج' فرنسا عن وثائق حدوديّة لبنانية سوريّة وإيصالها إلى حكومة لبنان أتى غداة استقبال الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الرئيس السوري أحمد الشرع، في 7 أيّار، وهو ما قد يُفهم أنّه توافق بين الرئيسين بشأن هذا الملفّ. لكن قد يُفهم أيضاً تبايناً دفع باريس لإنجاد لبنان بأوراق داعمة، لعلّ ترسيم حدود البلدين يدخل ضمن الأشهر الستّة التي اقترحها ماكرون مهلةً لتفحّص إنجازات الشرع وحكمه. استجابة للجهود السّعوديّة تستجيب فرنسا أيضاً لجهود سعوديّة قادت في 27 آذار الماضي في جدّة إلى توقيع وزير الدفاع اللبناني ميشال منسّى ونظيره السوري مرهف أبو قصرة اتّفاقاً أكّدا فيه 'الأهميّة الاستراتيجيّة لترسيم الحدود بين البلدين، وتشكيل لجان قانونية متخصّصة منهما في عدد من المجالات، وتفعيل آليّات التنسيق بين الجانبين للتعامل مع التحدّيات الأمنيّة والعسكرية، وبخاصّة ما قد يطرأ على الحدود بينهما'. لفرنسا طموحات سياسية واقتصادية إلى القيام بدور متقدّم في لبنان وسوريا. احتفلت دمشق وباريس في الأوّل من الشهر الجاري بتوقيع عقد لمدّة 30 عاماً مع شركة 'سي إم إيه سي جي إم' الفرنسية، لتطوير وتشغيل ميناء اللاذقية. تسعى باريس لتوسيع حضورها في برامج إعادة الإعمار في البلدين، لكنّها تعمل أيضاً على الإشراف على ورشة كبرى لترسيم الحدود البحريّة بين سوريا ولبنان وقبرص واليونان. كان ماكرون قد نظّم في 28 آذار الماضي، حضوريّاً وعن بعد، قمّة جمعته والشرع مع رؤساء تلك الدول. وقيل إنّ ذلك الحدث كان مفتاحاً لفتح أبواب باريس أمام الرئيس السوري. لكنّ باريس لاحظت أنّ عيوناً في تركيا تراقب، ويقلقها حراك بحريّ لا يشملها، وأنّ تلك العيون تراقب أيضاً عن كثب طموحات ماكرون المتفائلة في سوريا بعد لبنان.