
جولة ترامب الخليجية: المصالح أولاً ..لا الإيديولوجيات!
صلاح سلام – اللواء
إجراء الجولة الثانية من الإنتخابات البلدية أمس بسلاسة وأمان في لبنان، يبقى تفصيلاً صغيراً أمام حركة التطورات المتسارعة في المنطقة، والتي تبلغ ذروتها في زيارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب إلى المملكة العربية السعودية وقطر والإمارات، وما سيحمله معه من مواقف وقرارات، من شأنها أن تُغيّر أوضاع الإقليم، من ساحة للصراعات والحروب المزمنة، إلى واحة من الإستقرار والإزدهار، حرصاً على المصالح الأميركية الإستراتيجية من جهة، وتدعيماً لطموحه المستجد في نيل جائزة نوبل للسلام من جهة أخرى.
وبغض النظر عن النتائج التي ستسفر عنها زيارة ترامب للمنطقة، فإن على لبنان أن يكون مستعداً لمواجهة المتغيِّرات التي ستطرأ على مسار الأمور في الشرق الأوسط، وخاصة على صعيدي الصراع الفلسطيني ــ الإسرائيلي، والدور الإيراني بعد وضع المشروع النووي جانباً من قبل طهران، كما هو متوقع في المفاوضات الجارية مع الأميركيين في سلطنة عُمان، مقابل رفع العقوبات، وتحسين العلاقات مع دول الجوار.
التسريبات الأميركية التي سبقت وصول ترامب غداً إلى السعودية، حملت إشارات قوية على التباينات الحاصلة بين الرئيس الأميركي وحليفه «المدلل» نتنياهو، حول إستمرار الحرب في غزة بلا أفق سياسي، مع الإصرار الإسرائيلي على متابعة الحصار الغذائي ضد مليوني فلسطيني، جُلُّهم من الأطفال والنساء.
ترامب كان قد أبلغ نتنياهو منذ أسابيع بأنه يرغب بإنهاء الحرب في غزة في أيار، وقبل بدء جولته في المنطقة. ولكن رئيس الحكومة الإسرائيلية لم يتجاوب مع التمني الرئاسي الأميركي، ووضع حساباته الداخلية ومصالحه الشخصية والحفاظ على حكومته، فوق المصالح الأميركية، وبعضها إستراتيجي، فكان رد البيت الأبيض صاعقاً: أولاً بإلغاء المحطة الإسرائيلية في جولته الشرق الأوسطية، وثانياً: الإعلان عن إعداد خطة لإنهاء الحرب في غزة، ووضع هيكلية الإدارة السياسية في القطاع في «اليوم التالي»، دون إشراك تل أبيب، أو التشاور مع نتنياهو، حول مضمون هذه الخطة.
الرهان لن يكون على الخلاف الأميركي مع نتنياهو، فهذا الأمر قد يجد طريقه للعلاج سريعاً، ولكن يبقى الأهم على الإطلاق هو التوجُّه الصارم للرئيس الأميركي، الذي بدا واضحاً أنه يُعطي الأولوية المطلقة للمصالح الإقتصادية والمالية لبلاده بعيداً عن مرحلة الأيديولوجيات والشعارات التي سادت في زمن الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي والشرقي، وإستمرت بوتيرة أقل في أميركا، بعد سقوط جدار برلين وإنهيار الإتحاد السوفياتي والمنظومة الشيوعية.
الإعتراف بدولة للفلسطينيين، التعاون مع السعودية في التكنولوجيا النووية لخدمة الأهداف السلمية، تزويد المملكة بالأسلحة الاكثر تطوراً، وخاصة طائرات «أف ٣٥»،
فضلاً عن العمل على تصفير المشاكل والأزمات في الشرق الأوسط، والمساهمة في خلق الأجواء المناسبة للإستقرار والإستهلاك، كلها خطوات في حال تنفيذها في عهد ترامب، من شأنها أن تساعد على إطلاق عصر جديد في المنطقة، وبالقدر نفسه التأسيس لمفاهيم جديدة للسياسة الخارجية الأميركية، قائمة على مراعاة المصالح الأميركية التجارية والمالية، وتقوية الإقتصاد الأميركي، بمواجهة التهديد الذي يشكله إقتصاد المارد الصيني، الذي خرج من القمقم، ولم يعد بمقدور أحد إعادته إلى الوراء.
إنطلاقاً من مفهوم تغليب المصالح المالية على ما عاداها، يمكن فهم خلفيات قرارات ترامب المتعاقبة بإلغاء موازنات مؤسسات أميركية عريقة، كانت تعمل على نشر المبادئ اللبيرالية، والتبشير بحقوق الإنسان والمساواة بين الجنسين، والتحريض على الحريات العامة، والممارسة الديموقراطية في دول العالم الثالث.
الواقع أن واشنطن ترامب تُطلق أسس ومعايير لنظام عالمي جديد يقوم على مراعاة المصالح الإقتصادية والمالية، وإنهاء زمن النظام الراهن الذي قام في إعقاب الحرب العالميّة الثانية، والذي كان عماده الحرب الإيديولوجية بين الليبرالية والشيوعية.
أين لبنان من هذه التطورات المتسارعة، وما تحمله من متغيِّرات جذرية في الإقليم، وعلى مستوى العالم بأسره؟
هل حان الوقت ليضع اللبنانيون مصالح بلدهم وأبنائهم فوق أي إعتبار إيديولوجي، داخلي أو خارجي؟.
ماذا يبقى من مسألة فلسطين والقدس بعد قيام الدولة الفلسطينية بدعم أميركي ودولي وعربي؟.
ولماذا التأخير في وضع إستراتيجية الأمن القومي وحصر السلاح مع الدولة، طالما أن المنطقة كلها على أبواب مرحلة جديدة، لا علاقة لها بمفاهيم ومعايير المرحلة الراهنة؟.
وهل من الصعب على اللبناني أن يضع مصالح بلده الإقتصادية والمالية فوق كل ما عداها من الإعتبارات الإيديولوجية والفئوية، كما تفعل عادة شعوب العالم بأسره؟.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


كويت نيوز
منذ ساعة واحدة
- كويت نيوز
ترامب يهدد آبل بفرض 25% رسوم جمركية إذا لم تصنع الهواتف بأمريكا
في تصعيد جديد للسياسات التجارية، أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الجمعة، عن نيته فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على هواتف 'آيفون' التي تُصنع خارج الولايات المتحدة، خاصة تلك المُنتجة في الهند. جاء هذا التصريح عبر منصة 'تروث سوشيال'، حيث كتب ترامب، إن شركة أبل ستواجه فرض رسوم جمركية لا تقل عن 25% إذا لم تصنع هواتف أيفون في أمريكا. وكتب الرئيس الأمريكي في منشور على 'تروث سوشيال': لقد أبلغت 'تيم كوك' الرئيس التنفيذي لشركة أبل، منذ وقت طويل بأنني أتوقع أن يتم تصنيع أجهزة أيفون التي ستُباع في أمريكا داخل الولايات المتحدة وليس في الهند أو أي مكان آخر'. ويأتي هذا التهديد في وقت تعمل فيه آبل على توسيع عمليات التصنيع في الهند، ضمن استراتيجية لتنويع سلسلة التوريد وتقليل الاعتماد على الصين. وقد أدى هذا الإعلان إلى تراجع أسهم آبل بنسبة 3% في تداولات ما قبل السوق.


الأنباء
منذ 2 ساعات
- الأنباء
وزارة الخارجية الأميركية: نعمل بشكل مكثف على تنفيذ قرار رفع العقوبات عن سورية
أكدت المتحدثة باسم الخارجية الأميركية تامي بروس أن الرئيس دونالد ترامب «اتخذ موقفا واضحا بشأن رفع العقوبات عن سورية، فقد حان الوقت لذلك». وأكدت بروس ان واشنطن تعمل بشكل مكثف لتنفيذ قرار رفع العقوبات، وقالت ان وزارتي الخارجية والخزانة الأميركية تعملان بشكل مكثف في هذا الصدد. ولفتت إلى ان «رفع العقوبات عن دولة يستغرق وقتا معينا حتى عندما تأتي التعليمات من الرئيس». من جهته، قال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض ماكس بلوستاين إن «العقوبات المفروضة على سورية عبارة عن شبكة معقدة من القوانين والإجراءات التنفيذية وقرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة التي يتعين التعامل معها بعناية وحذر». وأضاف بلوستين في بيان لوكالة «أسوشييتد برس» يوم أمس الأول إن الإدارة «تحلل حاليا الطريقة المثلى للقيام بذلك»، وستصدر إعلانا قريبا.


الوطن الخليجية
منذ 3 ساعات
- الوطن الخليجية
ترامب يهاجم جنوب إفريقيا باتهامات زائفة بالإبادة: رامافوزا يتجنب الفخّ بهدوء ودبلوماسية
تحت عنوان 'بالكذب والتضليل.. حاول ترامب الإيقاع برئيس جنوب إفريقيا'، كتبت صحيفة لوفيغارو الفرنسية أن رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا أظهر هدوءاً لافتاً وضبط نفس ملحوظ، في مواجهة اتهامات عنيفة وادعاءات مشوّهة أطلقها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بشأن ما أسماه 'إبادة جماعية يتعرض لها البيض' في بلاده. ففي لقاء رسمي داخل المكتب البيضاوي، بدأ ترامب بمقدمات دبلوماسية معتادة، قبل أن يفاجئ رامافوزا والصحافة بعرض فيديو قال إنه يوثق مذبحة جماعية ضد المزارعين البيض. الفيديو أظهر صفاً من السيارات قرب حقل تنتشر فيه صلبان بيضاء، وادعى ترامب أنه يمثل مقبرة جماعية تضم قبور آلاف المزارعين البيض الذين 'قُتلوا للاستيلاء على أراضيهم دون تدخل من الحكومة'. لكن الصحيفة الفرنسية أوضحت أن الفيديو في الحقيقة يعود إلى مراسم تأبينية أقيمت في سبتمبر 2020 لزوجين من المزارعين قُتلا قبلها بشهر، وقد حُكم على قاتليهما بالسجن المؤبد، مشيرة إلى أن مثل هذه المراسم شائعة في جنوب إفريقيا ولا تعكس أي إبادة منظمة. ولم يتوقف ترامب عند هذا الحد، بل عرض مقاطع لخطابات متطرفة، أحدها يتضمن نشيداً مناهضاً للبيض، واتهم قادة جنوب إفريقيا بتشجيع العنف ضدهم. أحد المتحدثين في المقاطع كان يوليوس ماليما، زعيم حزب يساري متطرف لا يمثل الحكومة. ومع ذلك، طالب ترامب رامافوزا بتفسير لـ'العنصرية' في بلاده، في انعكاس غريب للقيم تجاه رجل قضى حياته في مقاومة الفصل العنصري. شكرًا سيّد رامافوزا لوقوفك بجانب فلسطين، . نسيت أن تذكّر المجرم ترامب بحرب الإبادة اللتي يرعاها في غزّة و و بجرائم و عنصريّة البيض الوحشيّة في جنوب إفريقيا و بأنّه حفيد إيرلنديّ قرّر أن ينتقل من أوروبا إلى الأرض "الجديدة"و الإستيلاء على أرض السّكّان الأصليين بعد قتلهم و إستعبادهم — Ynes SASSI (@YnesSASSI1) May 21, 2025 ورغم الاستفزاز، حافظ رامافوزا على هدوئه. وصرّح لاحقاً أنه كان يتوقع سيناريو صعباً، مشيراً إلى ضرورة استمرار الحوار مع واشنطن. وللخروج من هذا المأزق، استعان بوفد رسمي يضم شخصيات بيضاء مؤثرة، بينهم وزير الزراعة المعارض جون هنري ستينهايسن، ولاعبا الغولف الشهيران إيرني إيلز وريتييف غوسن، والملياردير يوهان روبرت، في محاولة لتغيير انطباعات ترامب وتعزيز التعاون مع الولايات المتحدة. كان إيلون ماسك، المولود في جنوب إفريقيا، حاضراً أيضاً لكنه لم يتحدث، في حين حرص ترامب على الدفاع عنه بعد انتقادات ماسك للقوانين الجنوب إفريقية واتهامها بالتمييز ضد البيض. الصحيفة أكدت أن مزاعم ترامب حول 'إبادة المزارعين البيض' لا تدعمها الإحصاءات، فبين أكثر من 26 ألف جريمة قتل سُجلت في البلاد عام 2024، 8 فقط طالت مزارعين. ورغم ذلك، فإن هذه الادعاءات تهدد العلاقات الثنائية، خاصة مع تعليق الولايات المتحدة للمساعدات الاقتصادية ومخاوف بريتوريا من خسارة امتيازات اتفاق 'أغوا'، الذي يدعم الصادرات الجنوب إفريقية. وفي ختام الزيارة، بدا رامافوزا مرتاحاً رغم التحديات، معلناً أن ترامب وافق على حضور قمة العشرين المقبلة في كيب تاون، وقال للصحافيين بابتسامة: 'كنتم تأملون في دراما؟ آسف لإحباطكم'.