
ما بعد هدنة ترمب!
بطريقته المعهودة، رسم الرئيس الأميركي دونالد ترمب صورة درامية للضربة الأميركية على إيران، وقال إنها أنهت الحرب، منتقداً كل من حاول التقليل من أثرها، وبشكل خاص بعض الإعلام الأميركي الذي ذكر أن الضربة أعادت البرنامج النووي الإيراني شهوراً للوراء وليس سنوات.
ترمب ليس من النوع الذي يقبل بأي توصيفات أقل من الإبهار، لذلك لم يكتفِ بهجومه على الصحافيين الذين ألمحوا إلى أن تأثير الغارة لم يكن بالقدر الذي صورت به، وعاد إلى الموضوع في قمة (الناتو) أمس مستخدماً مقاربة مع ضربتي هيروشيما وناغازاكي إبان الحرب العالمية الثانية، قائلاً إنهما مثلما أنهتا تلك الحرب، فإن الضربة على إيران أنهت هذه الحرب.
في إطار ترتيبات ما بعد الضربة الأميركية والرد الإيراني الرمزي، ضغط ترمب لوقف سريع لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل من دون الكثير من التفاصيل حول شروطه وآلياته، ومن دون أن يكون هناك اتفاق مكتوب وموقع عليه. في كل الأحوال رمى ترمب بكل ثقله وراء وقف النار ولن يقبل بانهياره لأنه يريد أن يخرج منتصراً من تدخله العسكري، ولأنه يريد أن يحتوي الخلافات الداخلية التي برزت في معسكر مؤيديه الذين عارض بعضهم جره أميركا للتدخل خدمة لإسرائيل، وذكّروه بأن ذلك يخرق تعهداته الانتخابية بأنه يريد أن يكون «رئيس السلام» ولن يقود أميركا إلى حروب بلا نهاية.
لذلك بدا الرئيس الأميركي غاضباً عندما سأله الصحافيون عن خرق وقف النار في لحظاته الأولى، فدعا إسرائيل علناً إلى أن تستدعي طائراتها من الجو عندما كانت في طريقها لشن غارة على إيران. كشفت تلك اللحظات عن أن نتنياهو ربما كانت لديه تحفظات على الوقف السريع لإطلاق النار وأراد تفجيره، لكن رسائل واشنطن الغاضبة أوقفته.
ترمب يريد أن يقول للعالم إن استراتيجية «الرجل القوي» التي مارسها، نجحت، أولاً في توجيه ضربة قوية للبرنامج النووي الإيراني؛ وثانياً في تحقيق وقف النار و«إنهاء» الحرب؛ وثالثاً، وهي المرحلة التالية، في إعادة إيران إلى طاولة التفاوض وهي في موقف أضعف.
هذه الحرب فيها الكثير من الخبايا والمناورات والتفاهمات التي بدا بعضها يتكشف. فمن مجريات الأمور وضح أن ترمب أعطى إسرائيل الضوء الأخضر لمهاجمة إيران في 13 يونيو (حزيران)، وساعدها بممارسة التمويه والخداع مع إيران. وفي اليوم العاشر من الحرب جاء التدخل الأميركي بعملية «مطرقة منتصف الليل»، ثم الرد الإيراني «الرمزي» والمنسق الذي استهدف أهم القواعد الأميركية في المنطقة من دون أن يحدث أضراراً تذكر. وضمن سريالية المشهد شكر ترمب إيران لأنها أبلغتهم قبل وقت كافٍ سمح بإخلاء المواقع، ووضع الدفاعات في حال استعداد لإسقاط كل الصواريخ.
هذا الإنذار المسبق لم يكن الوحيد، إذ سبقه إنذار آخر وفقاً لتقارير ذكرت أن أميركا أبلغت إيران مسبقاً بالضربة التي شنتها عليها، ما أتاح لها نقل معدات وكميات من اليورانيوم من موقع فوردو إلى أماكن أخرى. أما بالنسبة لموضوع تغيير النظام فلم يكن سوى ورقة ضغط، إذ إن ترمب بدأ يقول الآن إنه سيعني حدوث فوضى ولا أحد يريد ذلك.
مع وقف النار يستطيع كل طرف أن يقول إنه خرج منتصراً رغم أي ثمن تحمله. ترمب سيقول إن استراتيجيته انتصرت، وسيعزز صورة «الرجل القوي» التي يحبها. وسيقول أيضاً إنه الرئيس الذي يحقق السلام لأنه أوقف هذه الحرب وأنقذ المنطقة، كما أوقف قبلها المواجهة العسكرية بين باكستان والهند، ما يجعله مستحقاً لنوبل للسلام، وفق ما يأمل.
نتنياهو سيقول إنه حقق أهدافه و«دمر» قدرات إيران النووية وأعادها إلى الوراء سنوات، وحد من قدرات إيران الصاروخية باستنزاف كميات منها وتدمير مراكز تصنيع، كما اغتال عدداً من علماء إيران النوويين وقتل قادة عسكريين ومسؤولين ودمر مراكز عسكرية.
إيران من جانبها تستطيع أن تقول إنها رغم ما خسرته، فإنها صمدت وأثبتت قدرتها على الرد وكبدت إسرائيل خسائر مادية واقتصادية وبشرية واستراتيجية كبيرة على رأسها مبدأ الردع. كما جربت أسلحتها في أرض معركة حقيقية، ومنها صواريخ جديدة ومسيّرات، ونجحت في تجاوز منظومات الدفاع الإسرائيلية مرات عدة.
منطقتنا هي الخاسر من الحروب التي تدار فوق رؤوسها وعلى حساب استقرارها، وفي وسط كل هذا تم نسيان معاناة غزة غير المسبوقة، كما نسيت حرب السودان وغيرها.
ماذا بعد؟
التوصل للهدنة ربما كان الجزء الأسهل. الجزء الأصعب الآن هو المفاوضات لتسوية أزمة الملف النووي الإيراني. فترمب سيطلب السقف الأعلى، وإيران سترفض، ما يعني أن الهدنة الحالية قد تكون مجرد مهلة قبل اندلاع حرب أكبر، أو يتم التوصل إلى اتفاق على أرضية وسطى بين مطلب واشنطن بعدم استئناف التخصيب، وموقف طهران بالتمسك بحق التخصيب ولو بنسبة 3 في المائة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بديل
منذ ساعة واحدة
- بديل
رئيس أركان الجيش الإسرائيلي: إيران لم تعد دولة نووية
قال رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، إن إيران 'لم تعد دولة نووية مهددة' بعد الضربات الإسرائيلية والأمريكية على برنامجها النووي. ووفق القناة '12' أشار زامير في محادثات مغلقة مع مسؤوليين عسكريين الجمعة إلى 'إنجازات العملية' ضد إيران، وإلى الضرر الكبير الذي لحق بالبرنامج النووي. وأضاف أنه 'حتى في حال بقاء مكونات مختلفة من المشروع النووي الإيراني، فإن الضرر الجسيم الذي لحق بالسلسلة بأكملها، بما في ذلك العلماء والمنشآت النووية وعناصر أخرى من التصنيع، يبعده بشكل كبير عن القدرة على تطوير أسلحة نووية، ومن المحتمل أن يكون الضرر كبيرا لدرجة أن إصلاحه سيستغرق سنوات'. وذكر أنه 'في الأيام التي سبقت العملية، كان هناك تفاهم في إسرائيل على أننا وصلنا إلى نقطة يستحيل فيها معرفة ما إذا كانت إيران ستقرر امتلاك قنبلة نووية، ومتى. عند هذه النقطة، أصبحت إدارة المخاطر أثقل من أن تحتوى'. وأشارت القناة إلى أن صور الأقمار الصناعية التي نشرت هذا الأسبوع كشفت أن الإيرانيين بدأوا العمل في موقع 'نطنز' النووي. وتشير التقديرات إلى أن 'هذه محاولات لاستخراج اليورانيوم المخصب من باطن الأرض'. ووفقا لصور الأقمار الصناعية من شركة 'ماكسار'، يتضح أن 'الإيرانيين نصبوا خياما بالقرب من المنطقة التي قصفها الأمريكيون'. كما أظهرت الصور أن 'حفرتين أحدثتهما القنابل الأمريكية كانتا مغطاة بالتراب يوم الأربعاء الماضي، بالإضافة إلى ذلك، أظهرت الصورة خياما نصبت بالقرب من المنطقة التي قصفتها طائرات 'B2″ الأمريكية'. وأمس الجمعة، أصدر وزير الدفاع الإسرائيلي تعليماته للجيش بإحباط أي تقدم نووي إضافي في إيران، من خلال 'خطة تنفيذية' تشمل 'الحفاظ على التفوق الجوي الإسرائيلي، ومنع التقدم النووي وإنتاج الصواريخ، والرد على إيران لدعمها الأنشطة الإرهابية ضد دولة إسرائيل'. وأكد كاتس: 'سنعمل بانتظام لإحباط مثل هذه التهديدات'.


بلبريس
منذ 2 ساعات
- بلبريس
60 من القادة والعلماء النوويين.. إيران تشيع قتلاها في حربها مع إسرائيل
بلبريس - ياسمين التازي شرعت السلطات الإيرانية صباح السبت في تشييع عشرات القتلى من القادة العسكريين والعلماء النوويين جراء الحرب بين الجمهورية الإسلامية والدولة العبرية. وبدأت مراسم التشييع في الساعة الثامنة (4,30 ت غ) صباح السبت وفق ما أوردت وسائل الإعلام الرسمية. وقالت مذيعة على التلفزيون "بدأت رسميا مراسم تكريم الشهداء"، فيما نقل التلفزيون مشاهد في طهران تظهر فيها حشود تحمل أعلام إيران وترفع صور القادة العسكريين الذين قتلوا في النزاع. وعلى الرغم من التوصل إلى وقف إطلاق النار، يبقى هذا الاتفاق هشا في يومه الرابع، إذ توعد ترامب الجمعة بعودة الولايات المتحدة لتوجيه ضربات إلى إيران في حال قامت الأخيرة بتخصيب اليورانيوم للاستخدام العسكري، متهما المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي بالجحود. "لم أسمح بإنهاء حياته" وقال ترامب على منصة "تروث سوشال" التابعة له "كنت أعرف بالضبط أين كان يختبئ، ولم أسمح لإسرائيل، أو القوات المسلحة الأمريكية التي تعد الأعظم والأقوى في العالم، بإنهاء حياته". هذا، وكشف الرئيس الأمريكي عن عمله في الأيام الأخيرة على إمكان رفع عقوبات مفروضة على إيران، مضيفا "بدلا من ذلك تلقيت بيانا مليئا بالغضب والكراهية والاشمئزاز، وتوقفت على الفور عن العمل على تخفيف العقوبات". ومن جانبه، كان قد بث التلفزيون الإيراني الخميس كلمة لخامنئي أشاد فيها بـ"انتصار" الشعب الإيراني على "الكيان الصهيوني الزائف" وقلل من شأن الضربات الأميركية على منشآت نووية رئيسية. فيما ندد وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي السبت بتصريحات ترامب "غير المقبولة" بحق خامنئي. "الاحترام يولّد الاحترام" وكتب عراقجي على منصة إكس "إذا كانت لدى الرئيس ترامب رغبة صادقة في التوصل إلى اتفاق، فعليه أن يضع جانبا نبرته المهينة وغير المقبولة تجاه المرشد الأعلى (...) وأن يكف عن إيذاء الملايين من مؤيديه المخلصين".


اليوم 24
منذ 2 ساعات
- اليوم 24
ترامب: أنقذت المرشد الإيراني من "موت قبيح ومهين" وسنضرب إيران مجددا
قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، إنه منع اغتيال المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، مؤكدا أنه سيأمر بمزيد من الضربات إذا حاولت طهران الحصول على أسلحة نووية. وفي هجوم قوي عبر منصته الاجتماعية تروث سوشال، انتقد ترامب طهران بسبب إعلانها الانتصار في حربها مع إسرائيل، وقال إنه أوقف العمل على تخفيف محتمل للعقوبات على الجمهورية الإسلامية. وأضاف ترامب أن الولايات المتحدة ستقصف إيران مرة أخرى « بلا شك » إذا واصلت تخصيب اليورانيوم بمستويات تسمح بتطوير أسلحة نووية. اتهم الرئيس الأمريكي القائد الأعلى الإيراني بالجحود بعدما قال خامنئي في رسالة تحد إن التقارير عن الأضرار التي لحقت بالمواقع النووية الإيرانية جراء القصف الأمريكي مبالغ فيها، معتبرا أن إيران هزمت إسرائيل ووجهت لواشنطن « صفعة قاسية ». وقال ترامب « كنت أعرف بالضبط أين كان يختبئ، ولم أسمح لإسرائيل، أو القوات المسلحة الأمريكية التي تعد الأعظم والأقوى في العالم، بإنهاء حياته ». وتابع « لقد أنقذته من موت قبيح ومهين للغاية، وليس عليه أن يقول: شكرا لك، الرئيس ترامب ». أشار الرئيس الأمريكي إلى إنه كان يعمل في الأيام الأخيرة على إمكان رفع عقوبات مفروضة على إيران، وهو أحد مطالب طهران طويلة الأمد. وأضاف « لكن لا، بدلا من ذلك تلقيت بيانا مليئا بالغضب والكراهية والاشمئزاز، وتوقفت على الفور عن العمل على تخفيف العقوبات، وأشياء أخرى »، وحث إيران على العودة إلى طاولة المفاوضات. من جهته، نفى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي، الأربعاء، استئناف المحادثات النووية مع الولايات المتحدة، بعد أن قال ترامب خلال قمة حلف شمال الأطلسي في لاهاي إن المفاوضات من المقرر أن تستأنف الأسبوع المقبل. وأعرب المبعوث الأمريكي الخاص ستيف ويتكوف عن أمله في « التوصل إلى اتفاق سلام شامل ». عندما سئل في مؤتمر صحافي بالبيت الأبيض، الجمعة، عما إذا كان سيفكر في شن ضربات جوية جديدة إذا لم تنجح الغارات الجوية الأسبوع الماضي في إنهاء طموحات إيران النووية، قال ترامب « بلا شك. بالتأكيد ». وأضاف أن خامنئي وإيران « هزما شر هزيمة » خلال النزاع، وعلق على وقف إطلاق النار الذي أعلن الأربعاء قائلا « كانت اللحظة المناسبة لإنهاء » الحرب. خلال المؤتمر الصحافي، أعلن ترامب أنه « سيصدر بيانا موجزا » للرد على تصريحات خامنئي، يبدو أنه استعاض عنه بمنشوره على موقع تروث سوشال. وفي هذا المنشور، اتهم خامنئي بالقول « بشكل صارخ وغبي » إن إيران ربحت في الحرب التي استمرت 12 يوما مع إسرائيل، مضيفا « كرجل يتمتع بإيمان عظيم، ينبغي له ألا يكذب ». وتأتي الحرب الكلامية فيما لا يزال وقف إطلاق النار صامدا. وفي خطاب متلفز الخميس، وهو أول ظهور له منذ وقف إطلاق النار، أشاد خامنئي بـ »انتصار » إيران على إسرائيل، وتعهد عدم الرضوخ للضغوط الأمريكية وأصر على أن واشنطن تلقت « صفعة » مهينة. وقال خامنئي إن ترامب « بالغ في روايته للأحداث بشكل غير عادي وتكشف أنه كان مضطرا لهذه المبالغة »، رافضا تصريحات الرئيس الأمريكي بأن الضربات أعادت البرنامج النووي الإيراني عقودا إلى الوراء.