
"رمح الأمة" في قلب سردية الانفصال في الصحراء المغربية
الوثيقة التي أصدرها مؤخرًا حزب زوما "رمح الأمة" (MK Party) تمثل نداءً سياسيًا جديدًا لبناء شراكة استراتيجية إفريقية متحررة من الانقسامات الإيديولوجية، ومبنية على أسس: الوحدة، والتحرر الاقتصادي، واحترام السيادة الإقليمية. وهي دعوة تستند إلى المغرب كنموذج جدير بالتأمل، موجهة رمحا إلى قلب سردية الانفصال في الصحراء المغربية.
الحديث عن الوحدة الأفريقية لم يعد كافيًا إذا لم يقترن بإرادة لبناء شبكات تكامل حقيقية. المغرب، بعودته إلى الاتحاد الأفريقي عام 2017، أعاد التموضع كفاعل مؤثر في القارة. لم تقتصر عودته على البعد الرمزي، بل تمثلت في مبادرات اقتصادية وبنيوية ملموسة: خطوط الغاز، البنوك العابرة للحدود، التعاون في الأمن الغذائي والطاقي.
الوثيقة الجنوب أفريقية تشخّص بدقة التحدي الجوهري: تجاوز الاستقطابات القديمة التي عطّلت قيام تحالفات فاعلة داخل القارة. إن الشراكة بين الرباط وبريتوريا — إذا تحررت من رواسب الماضي — يمكن أن تعيد صياغة المشهد الأفريقي، وتعزز من استقلالية القرار السياسي في مواجهة الضغوط الخارجية.
التنمية في إفريقيا لا يمكن أن تنفصل عن مسألة التحرر الاقتصادي. الوثيقة تطرح سؤالًا مركزيًا: كيف ننتقل من موقع التبعية في السلاسل العالمية إلى موضع الفاعلية؟ المغرب يعرض إجابة عملية، من خلال استراتيجيته الصناعية، وقيادته لقطاعات واعدة كصناعة السيارات، والأسمدة، والطاقات المتجددة والطيران.
ما يميّز النموذج المغربي هو المزج بين البعد الوطني والسياسة القارية، حيث أصبحت شركاته الاستثمارية محركًا لاندماج اقتصادي إقليمي. هذا النوع من التموقع هو ما تحتاجه القارة للخروج من نموذج 'المصدر الخام والمستهلك المستورد'. وقد أظهر المكتب الشريف للفوسفاط كفاءة عالية في قيادة هذا التحول، فإذا تم تفعيل شراكة استراتيجية مغربية–جنوب أفريقية، قد تشكّل قاطرة لخلق أقطاب صناعية قارية، ومناطق تبادل حر حقيقية، وتنويع مصادر التمويل والاستثمار داخل حدود القارة.
الرسالة الأكثر جرأة في الوثيقة تتمثل في الموقف الداعم للوحدة الترابية للمغرب. إذ تعتبر أن احترام سيادة الدول الأفريقية ووحدتها هو أساس الأمن والتنمية، وترفض دعم الحركات الانفصالية كأداة سياسية. هذا الموقف يمثل تحولًا نوعيًا في الخطاب السياسي لبعض النخب الجنوب أفريقية، ويتماشى مع المنطق الذي تبنّاه المغرب منذ سنوات: حل النزاعات من داخل البيت الأفريقي، وبمرجعيات واقعية.
إن المبادرة المغربية للحكم الذاتي في الصحراء ليست فقط مقترحًا سياسيًا، بل تعبير عن مقاربة تنموية ولامركزية، تستجيب لتطلعات السكان المحليين وتمنع تحويل النزاع إلى ورقة ابتزاز جيوسياسي.
إن ما تقترحه الوثيقة هو أكثر من مجرد بيان سياسي، بل هو بداية لتحول في الرؤية الأفريقية لنفسها. المغرب لا يدّعي احتكار النموذج، لكنه يبرهن أن الاستقرار السياسي، والالتزام السيادي، والانفتاح الاقتصادي، يمكن أن تتعايش داخل مشروع نهضوي أفريقي.
وإذا التقت الرباط وبريتوريا على قاعدة المصالح المشتركة، بعيدًا عن الاصطفافات الجامدة، فقد نكون أمام بداية حقيقية لوحدة أفريقية فاعلة، اقتصادية وسيادية، لا مجرد شعارات كما جر الأمر من بداية منظمة الوحدة الإفريقية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


LE12
منذ يوم واحد
- LE12
الضربات السكوتية. باتريس موتسيبي وحزب زوما المعترف بمغربية الصحراء
رجل الأعمال الجنوب إفريقي باتريس موتسيبي رئيس الاتحاد الإفريقي لكرة القدم لديه أخت شقيقة اسمها بريدجيت موتسيبي وهي أيضا سيدة أعمال وزوجها هو جيف راديبي. * أحمد الدافري رجل الأعمال الجنوب إفريقي جيف راديبي زوج بريدجيت شقيقة باتريس موتسيبي هو سياسي جنوب إفريقي شهير، وهو عضو قديم في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، كان وزيرا للأشغال العامة من 1994 إلى 1999، في عهد الرئيس نيلسون مانديلا بعد أول انتخابات ديمقراطية في جنوب إفريقيا، وكان وزيرا للمؤسسات العامة من 1999 إلى 2004، ووزيرا للنقل من 2004 إلى 2009، ووزيرا للعدل والخدمات الإصلاحية من 2009 إلى 2014، ووزبر رئاسة جنوب إفريقيا من 2014 إلى 2018 في عهد الرئيس جاكوب زوما، وكان يعمل رئيسا لجنوب إفريقيا بالنيابة، وكان وزير الموارد المعدنية والطاقة في جنوب إفريقيا من 2018 إلى 2019. (UMkhonto we Sizwe Party أو MK Party) (حزب رمح الأمة) ، والذي خاض الانتخابات الأخيرة في جنوب إفريقيا. وقد أكد المؤتمر الوطني الأفريقي قرار طرده، مشيرًا إلى أن أفعال زوما تتعارض مع مبادئ الحزب ودستوره، خاصة دعمه وقيادته لحزب منافس. هذا الطرد جاء بعد تعليق عضويته في يناير 2024. جاكوب زوما يقود حاليا حزبا منفصلا عن حزب المؤتمر الوطني الإفريقي بجنوب إفريقيا، وهو صديق حميم لجيف راديبي القائد العضو في حزب المؤتمر الوطني الإفريقي، وزوج شقيقة باتريس موتسيبي، وجاكوب زوما اعترف هو وأعضاء حزبه الجديد 'رمح الأمة' بمغربية الصحراء وأعلن عن ذلك في زيارته الأخيرة للمغرب. على ماذا يدل هذا؟. للي فهم يفهم الذي لم يفهم. وهذا ما كان. *كاتب صحفي


هبة بريس
منذ 4 أيام
- هبة بريس
بعد صفعة زوما.. الجزائر تنظم مسرحية لدعم "البوليساريو" بجنوب إفريقيا للتغطية على عزلتها
هبة بريس كلما اشتد الخناق على النظام العسكري الجزائري داخلياً بالاحتجاجات والمطالب الاجتماعية، وخارجياً بعزلته الإقليمية والدبلوماسية، يعود الجنرالات إلى لعبتهم القديمة والمفضلة: أسطوانة 'التضامن مع الشعب الصحراوي' التي فقدت صلاحيتها، وصارت مثار سخرية في الأوساط الدولية الجادة. محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما آخر هذه المسرحيات جرت في مقر سفارة جنوب إفريقيا بالجزائر، تحت لافتة ما يسمى بـ'المنتدى الدبلوماسي للتضامن مع الشعب الصحراوي'، في محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما، الذي أكد خلال زيارته الأخيرة إلى الرباط أن 'الصحراء مغربية بلا جدال'. المنتدى، الذي بدا كعرض بائس من حقبة الحرب الباردة، لم يأت بجديد، بل أعاد اجترار شعارات متجاوزة من قبيل 'تقرير المصير'، وكأن قرارات مجلس الأمن لم تسقط منذ سنوات خيار الاستفتاء، وتعتمد اليوم على حل سياسي واقعي ومتوافق عليه، في إشارة واضحة إلى مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007 وحظيت بدعم واسع من القوى الكبرى. وبدلاً من الانخراط في نقاشات عقلانية تواكب التحولات الإقليمية والدولية، انشغل الحاضرون في المنتدى بترديد مزاعم ضد المغرب، بلا أدلة، ولا تقارير موثوقة، بل حتى المنظمات الدولية نفسها سبق أن أثبتت زيف تلك الادعاءات الحقوقية. 'كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد' الأكثر إثارة للسخرية أن البيان الختامي تجاهل الطرف الحقيقي في النزاع: الجزائر ذاتها، التي تحتضن وتموّل وتسلّح وتوجّه جبهة البوليساريو، بينما تحاول بكل وقاحة الإيحاء بأنها مجرد 'بلد جار محايد'. إنها كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد، لا داخل أروقة الأمم المتحدة ولا خارجها. وإذا كان النظام الجزائري يظن أن مسرحيات من هذا النوع قادرة على إخفاء دوره المكشوف، فعليه أن يقرأ جيداً تقارير مبعوثي الأمم المتحدة، وآخرهم ستافان دي ميستورا، الذي شدّد بوضوح على ضرورة إشراك الجزائر كطرف أساسي في أي حل سياسي مقبل. في النهاية، يثبت النظام العسكري الجزائري مرة أخرى أنه عاجز عن تقديم أي بديل لشعبه سوى تصدير أزماته للخارج، وتحويل سفاراته إلى منصات للهتاف ضد المغرب، بينما تتكدّس الأسئلة المحرجة في الداخل: أين الغاز؟ أين الخبز؟ أين الحريات؟ ولماذا الطوابير تغزو بلاد البترول والغاز؟؟ العالم تغيّر، والمغرب يواصل ترسيخ سيادته وتنمية أقاليمه الجنوبية باعتراف القوى الدولية. أما الجزائر، فما زالت سجينة أوهام الماضي، متمسكة بخطاب العدو الخارجي الذي لم يعد يقنع حتى الجزائريين أنفسهم. تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على WhatsApp تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على Telegram تابعوا آخر الأخبار من هبة بريس على X مقالات ذات صلة


هبة بريس
منذ 4 أيام
- هبة بريس
بعد صفعة زوما.. الجزائر تنظم مسرحية لدعم 'البوليساريو' بجنوب إفريقيا للتغطية على عزلتها
هبة بريس كلما اشتد الخناق على النظام العسكري الجزائري داخلياً بالاحتجاجات والمطالب الاجتماعية، وخارجياً بعزلته الإقليمية والدبلوماسية، يعود الجنرالات إلى لعبتهم القديمة والمفضلة: أسطوانة 'التضامن مع الشعب الصحراوي' التي فقدت صلاحيتها، وصارت مثار سخرية في الأوساط الدولية الجادة. محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما آخر هذه المسرحيات جرت في مقر سفارة جنوب إفريقيا بالجزائر، تحت لافتة ما يسمى بـ'المنتدى الدبلوماسي للتضامن مع الشعب الصحراوي'، في محاولة يائسة للرد على تصريحات الرئيس الجنوب إفريقي الأسبق جاكوب زوما، الذي أكد خلال زيارته الأخيرة إلى الرباط أن 'الصحراء مغربية بلا جدال'. المنتدى، الذي بدا كعرض بائس من حقبة الحرب الباردة، لم يأت بجديد، بل أعاد اجترار شعارات متجاوزة من قبيل 'تقرير المصير'، وكأن قرارات مجلس الأمن لم تسقط منذ سنوات خيار الاستفتاء، وتعتمد اليوم على حل سياسي واقعي ومتوافق عليه، في إشارة واضحة إلى مبادرة الحكم الذاتي التي طرحها المغرب سنة 2007 وحظيت بدعم واسع من القوى الكبرى. وبدلاً من الانخراط في نقاشات عقلانية تواكب التحولات الإقليمية والدولية، انشغل الحاضرون في المنتدى بترديد مزاعم ضد المغرب، بلا أدلة، ولا تقارير موثوقة، بل حتى المنظمات الدولية نفسها سبق أن أثبتت زيف تلك الادعاءات الحقوقية. 'كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد' الأكثر إثارة للسخرية أن البيان الختامي تجاهل الطرف الحقيقي في النزاع: الجزائر ذاتها، التي تحتضن وتموّل وتسلّح وتوجّه جبهة البوليساريو، بينما تحاول بكل وقاحة الإيحاء بأنها مجرد 'بلد جار محايد'. إنها كذبة سياسية لم تعد تنطلي على أحد، لا داخل أروقة الأمم المتحدة ولا خارجها. وإذا كان النظام الجزائري يظن أن مسرحيات من هذا النوع قادرة على إخفاء دوره المكشوف، فعليه أن يقرأ جيداً تقارير مبعوثي الأمم المتحدة، وآخرهم ستافان دي ميستورا، الذي شدّد بوضوح على ضرورة إشراك الجزائر كطرف أساسي في أي حل سياسي مقبل. في النهاية، يثبت النظام العسكري الجزائري مرة أخرى أنه عاجز عن تقديم أي بديل لشعبه سوى تصدير أزماته للخارج، وتحويل سفاراته إلى منصات للهتاف ضد المغرب، بينما تتكدّس الأسئلة المحرجة في الداخل: أين الغاز؟ أين الخبز؟ أين الحريات؟ ولماذا الطوابير تغزو بلاد البترول والغاز؟؟ العالم تغيّر، والمغرب يواصل ترسيخ سيادته وتنمية أقاليمه الجنوبية باعتراف القوى الدولية. أما الجزائر، فما زالت سجينة أوهام الماضي، متمسكة بخطاب العدو الخارجي الذي لم يعد يقنع حتى الجزائريين أنفسهم.