
من الشرق والغربالرسائل الصامتة.. قوة ناعمة
في عالم مزدحم بالضجيج الإعلامي، تبدو بعض الرسائل أكثر تأثيرًا عندما لا تُقال، هي رسائل صامتة، لكنها تفعل الكثير. عمارةٌ تُبهر، وأزياءٌ تُعبّر، ومناسباتٌ تُروى، وكلها أدوات تعكس ملامح الدول وهويتها دون الحاجة إلى خطاب أو تصريح، هذه العناصر -التي تبدو في ظاهرها بسيطة- تحمل في باطنها حكاية أمة، فهي لا تزيّن المشهد فحسب، بل تكتبه بلغة بلا كلمات، تتحدث المدن عن تاريخها، تتفاخر الشعوب بقيمها، وتعرض الدول رؤيتها أمام العالم.
كل مبنى عظيم هو رواية بصرية.. حين تنظر إلى بوابة الدرعية كمثال فأنت ترى قصة مجد، وتصميم رؤية، ورسالة تقول: "نحن هنا، لدينا ماضٍ عريق ومستقبل نكتبه". العمارة الذكية ليست فقط تصميمًا جميلًا، بل لغة، فكل بناء ضخم هو خطاب صامت، وحين ترى مشروع نيوم يمتد كحلمٍ هندسي على البحر الأحمر، فأنت تنظر إلى رسائل تقول: نحن نُعيد تشكيل المستقبل العمراني، ونُعيد تخيُّل العلاقة بين الإنسان والمكان، بطموح استثنائي ورؤية تتجاوز المألوف.
الزي السعودي هو أكثر من مظهر خارجي، إنه امتداد ناعم لهوية صلبة، وهو زي يومي يحمل في تفاصيله البساطة الموقّرة والاحترام المجتمعي، ويتحوّل في المناسبات الوطنية إلى رمز للانتماء والاعتزاز، فالثوب والعباءة خطابان صامتان يحكيان عن التقاليد المتصالحة مع الحداثة بصوت عالٍ، وعن وطنٍ يُجيد التعبير عن نفسه دون أن يتكلم.
في كل مناسبة وطنية تُنظَّم باحتراف، تُعاد كتابة قصة الوطن.. موسم الدرعية، على سبيل المثال، لم يعد مجرد مهرجان ترفيهي، بل مساحة ترسل فيها رسائل: نحن قادرون على صناعة الفرح، والابتكار، والتفوق في التنظيم والإبهار، وفي المقابل في كل موسم حج، تقدم المملكة عرضًا عالميًا متقنًا، يُشاهد فيه العالم ليس فقط كفاءة تنظيمية، بل أيضًا احترامًا للإنسان، وللمكان، والقيم، والاتقان، والسؤال ما أهمية الاهتمام بالرسائل الصامتة؟
أهمية الاهتمام أن العالم يرى قبل أن يسمع.. يرى المدن، الأزياء، الاحتفالات، ويكوّن انطباعًا قد يبقى طويلًا في الذاكرة.. الرسائل غير اللفظية هي أول ما يستقبلك حين تدخل إلى بلد جديد، وأحيانًا آخر ما يبقى معك عند مغادرتها، وعندما تستثمر الدول في عمارتها، وأزيائها، ومناسباتها، فهي لا تزيّن الواقع فقط، بل تصنع قصة تُروى للعالم.. وحين نرويها نحن بطريقتنا بثقة، ووعي، وجمال، نكون قد كتبنا فصلاً جديدًا من القوة الناعمة السعودية، بلغة يفهمها الجميع دون أن نقول شيئًا.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 2 ساعات
- صحيفة سبق
رحيل الشاعر والإعلامي موسى بن يحيى مُحرَّق.. صوتٌ أضاء المشهد الثقافي وأورق في ذاكرة الوطن
في مشهدٍ يجلله الحزن وتُؤنسه الطمأنينة بقضاء الله وقدره، ودّعت الأوساط الإعلامية والأدبية في المملكة – ولا سيّما جازان – الشاعر والإعلامي القدير موسى بن يحيى مُحرَّق، الذي انتقل إلى جوار ربّه مساء الثلاثاء 17 يونيو 2025م أثناء إجازة قصيرة في الولايات المتحدة الأمريكية. برحيله يُطوى فصلٌ من فصول الإبداع الأصيل، وتبقى ذكراه نبراسًا لمن حملوا الكلمة رسالةً ومسؤولية. مسيرةٌ حافلة بالعطاء متحدث رسمي لجامعة جازان (سبتمبر 2019 – يناير 2025)، حيث أعاد هيكلة منظومة الاتصال المؤسسي وقاد حملات التوعية الطلابية. محرر وصحفي في صحيفة الوطن، عُرف بدقته المهنية واهتمامه بتسليط الضوء على قضايا التنمية في المناطق الجنوبية. شاعر مجدّد صدح بصوته في أمسيات داخل المملكة وخارجها، أبرزها مشاركته في جناح المملكة بمعرض أبوظبي الدولي للكتاب 2025، مركّزًا على ثيمات الهوية والإنسان. 'كان قلبًا نابضًا بالفرح، يُلهم من حوله بقصائده وحضوره الإيجابي.'


عكاظ
منذ 5 ساعات
- عكاظ
ميلا الزهراني هل تراهن على الاستمرارية أم يخدعها توهج المرحلة؟
منذ بروزها في المشهد الفني قبل نحو سبع سنوات، تواصل ميلا الزهراني، شقّ طريقها مُمَثِّلةً تحفر مكانها بهدوء، بعيداً عن المبالغات الإعلامية أو الاندفاع نحو الأضواء. ما يميزها برأيي ليس فقط عدد الأعمال التي شاركت بها، بل الأسلوب الذي تؤدي به أدوارها: حضور فني ينتمي إلى ما يمكن وصفه بـ«السهل الممتنع»، إذ تبدو الشخصيات التي تؤديها قريبة، صادقة، غير مفتعلة، لكنها في العمق تحمل طبقات من التعبير والانفعال تلامس جوهر الموقف الدرامي دون أن تصرخ فيه. هذا الأسلوب، جعلها تحظى بثقة عدد من أبرز المخرجين السعوديين، وفي مقدمتهم هيفاء المنصور التي منحتها بطولة فيلم «المرشحة المثالية»، وهو أول فيلم سعودي يُنافس في المسابقة الرسمية لمهرجان فينيسيا 2019م. تجربة كهذه لم تكن مجرد محطة دولية لميلا، بل فتحت أمامها أفقاً احترافيّاً عزّز من وعيها السينمائي، وجعل النقاد يلتفتون إلى إمكانات ممثلة لا تزال في طور التكوين رغم السنوات الماضية، لكنها تعرف كيف توظّف تلقائيتها في خدمة الدور وتتقدم بشكل محسوب. في فيلم «هوبال» مثلاً، وضمن تركيبة بطولة جماعية، أثبتت ميلا، أن وجودها لا يحتاج إلى مركزية الشاشة لتُرى، بل يكفي أن تدخل المشهد حتى تستقر في الذاكرة. هذا النوع من الحضور الناضج فنّاً يشي بموهبة لديها أكثر، ولم تقل كلمتها بعد، لكنها تقولها كل مرة بطريقتها الخاصة: دون صخب، ودون اصطناع. رغم توهجها النسبي في الفترة الأخيرة، تظل ميلا ممثلةً في طور التشكُّل، ويبدو أن ما حققته حتى الآن ليس سوى بدايات ناضجة. ولعل الرهان الأكبر عليها لا يكمن في ما قدمته، بل فيما يمكن أن تقدمه إذا ما حافظت على وتيرة استمرارية مدروسة، وإذا ما واصلت صقل نجاحاتها عبر الاحتكاك بخبرات عالمية، واختارت أدوارها بعناية لا تقلّ عن صدق أدائها. في هذه الحالة فقط، لن تكون ميلا مجرد وجه مألوف في المشهد السعودي، بل قد تصبح واحداً من ملامحه الرئيسية نحو سينما سعودية أكثر نضجاً وامتداداً. أخبار ذات صلة


الرياض
منذ 7 ساعات
- الرياض
المملكة تشارك في معرض بكين الدولي للكتاب
تستعد هيئة الأدب والنشر والترجمة لقيادة مشاركة المملكة في معرض بكين الدولي للكتاب "2025"، الذي يُقام في العاصمة الصينية، خلال شهر يونيو الجاري، وذلك ضمن فعاليات العام الثقافي السعودي الصيني "2025"، الذي يُجسد عمق الشراكة الاستراتيجية بين البلدين، وتطلعاتهما لتعزيز التبادل الثقافي والمعرفي بين الشعبين. وتأتي هذه المشاركة ضمن جهود الهيئة في تمثيل المملكة في المحافل الثقافية الدولية، والتعريف بالمنجز الأدبي والمعرفي السعودي، وفتح آفاق جديدة للتعاون في مجالات الأدب والنشر والترجمة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة "2030" في جعل الثقافة أحد روافد التنمية وجسور التواصل الحضاري. وأكد الرئيس التنفيذي لهيئة الأدب والنشر والترجمة، الدكتور عبداللطيف الواصل، أن المشاركة تأتي في سياق العام الثقافي السعودي الصيني "2025"، الذي يهدف إلى ترسيخ روابط الصداقة وتعزيز التبادل الثقافي بين البلدين، من خلال فعاليات ومبادرات تُبرز التنوع الحضاري والثراء الإبداعي لكل منهما، مشيرًا إلى حرص الهيئة على تقديم صورة معاصرة للثقافة السعودية، تُجسّد مخزونها المعرفي، وتُعرّف الجمهور الصيني بالإنتاج الأدبي والمواهب الوطنية. ومن المقرر أن تشهد المشاركة السعودية بقيادة هيئة الأدب والنشر والترجمة حضورًا مؤسساتيًا بارزًا، يضم عددًا من الجهات الحكومية، إضافة إلى تنظيم ندوات، ولقاءات أدبية، وبرامج حوارية تُسلّط الضوء على التفاعل الثقافي بين المملكة والصين، وتسعى إلى بناء شراكات طويلة الأمد في مجالات الأدب والنشر والترجمة، بما يُعزّز من حضور الأدب السعودي عالميًا ويُفسح المجال أمام المحتوى العربي في السوق الصينية. يُذكر أن المملكة قد حلّت ضيف شرف في معرض بكين الدولي للكتاب "2024"، في مشاركة متميزة جسّدت من خلالها هيئة الأدب والنشر والترجمة ثراء الثقافة السعودية وتنوعها، وقدّمت برنامجًا ثقافيًا متكاملًا ضمّ ندوات وعروضًا فنية وأنشطة تفاعلية، حظيت بإقبال لافت من الزوّار، وأسهمت في تعزيز حضور الأدب السعودي في الساحة الصينية، وتوطيد جسور التعاون الثقافي والمعرفي بين المملكة والصين.