
البيانات الضخمة في السعودية.. ركيزة التحول الرقمي وبوابة نحو اقتصاد مستدام
في ظل التحول الرقمي المتسارع الذي تعيشه المملكة ضمن أهداف رؤية السعودية 2030 برزت البيانات الضخمة كأحد الركائز الأساسية في بناء اقتصاد معرفي متنوع يعتمد على الابتكار والتقنية. ويُقصد بالبيانات الضخمة تلك الكميات الهائلة والمعقدة من البيانات التي تتدفق من مصادر متعددة وبسرعات عالية ولا يمكن التعامل معها أو تحليلها باستخدام أدوات وتقنيات قواعد البيانات التقليدية. ومن خلال الاستفادة من هذه البيانات يمكن تحسين الخدمات ورفع كفاءة الأداء ودعم اتخاذ القرار على مستوى الأفراد والمؤسسات والجهات الحكومية.
تلعب البيانات الضخمة دوراً جوهرياً في تحليل سلوك الأفراد وفهم أنماط الشراء وتوقع احتياجات العملاء إلى جانب تمكين الجهات من تقديم خدمات أكثر تخصيصاً وكفاءة. كما تسهم في مراقبة أداء الأسواق واختبار مدى جاهزيتها لطرح منتجات جديدة واتخاذ قرارات استراتيجية قائمة على معطيات لحظية دقيقة. وفي السياق الحكومي أثبتت البيانات الضخمة جدواها في دعم السياسات القائمة على الأدلة حيث تُستخدم حالياً تقنيات التعلم الآلي وبيانات الجوالات والإعلانات الرقمية للتنبؤ بمستويات الدخل ومعدلات الفقر والإنفاق الاستهلاكي مما يساهم في صياغة قرارات اجتماعية واقتصادية أكثر استهدافاً وفعالية.
وفي إطار سعي المملكة لتحقيق ريادة رقمية إقليمية أطلقت وزارة الاتصالات وتقنية المعلومات مبادرات ضخمة لتطوير مراكز البيانات والتي تُعد البنية الأساسية لمعالجة البيانات الضخمة. وقد صرّح وكيل الوزارة للاتصالات والبنية التحتية المهندس بسام البسام أن توجه الوزارة نحو تطوير وبناء مراكز البيانات الضخمة يهدف إلى زيادة تبني الخدمات السحابية ودعم مجالات البث الرقمي والألعاب والرياضات الإلكترونية وتوطين خدمات المحتوى والمنصات الرقمية. وأكد أن المملكة تخطو بثبات نحو تعزيز مكانتها كمركز رقمي رائد في المنطقة من خلال هذه الشراكات وتسريع وتيرة أعمالها وضمان جاهزية هذه المراكز بما يخدم التوجهات الرقمية الوطنية.
وتأكيداً على أهمية هذه الخطوة أشار الدكتور أحمد سندي الرئيس التنفيذي لشركة ضوئيات المتكاملة إلى أن مراكز البيانات الضخمة تمثل أحد أهم ممكنات التحول الرقمي في المملكة كما أنها تمكّن تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وتسهم في توطين المحتوى وتقديم خدمات تقنية بمعايير عالمية. ويعكس هذا التصريح توافق القطاع الخاص مع الرؤية الحكومية في استثمار هذه المراكز كبنية حيوية تخدم مختلف القطاعات الاقتصادية.
ومن بين المبادرات الكبرى أطلقت الوزارة مشاريع بالشراكة مع أربع جهات رئيسية هي شركة الملز المالية وشركة ضوئيات المتكاملة للاتصالات وتقنية المعلومات وشركة كوانتوم سويتش تماسك ومجموعة الفنار. تهدف هذه الشراكات إلى تأسيس مراكز بيانات في مختلف مناطق المملكة ومن المتوقع أن تتجاوز قدرة هذه المراكز 1300 ميجاواط قبل عام 2030 باستثمارات تفوق 18 مليار دولار. وقد أشار المهندس عبد السلام المطلق رئيس مجلس إدارة مجموعة الفنار إلى أن هذه المبادرة تتوافق مع خبرات الشركة في مجال الطاقة المتجددة وتوطين التقنية وتمكّنها من المساهمة في تحقيق رؤية 2030 من خلال حلول رقمية مستدامة.
ويُعد هذا الاستثمار في البيانات الضخمة خطوة استراتيجية لتمكين قطاعات جديدة مثل التعليم الرقمي والخدمات الصحية الذكية والتجارة الإلكترونية والمالية والذكاء الاصطناعي. وقد بدأت المملكة كذلك في دعم هذا التوجه من خلال إطلاق شركات متخصصة مثل شركة Humain التي أُنشئت بدعم من صندوق الاستثمارات العامة بهدف تطوير بنية تحتية متقدمة للذكاء الاصطناعي وتوفير حلول قائمة على تحليل البيانات الضخمة في مجالات متعددة مثل المدن الذكية والصحة والتعليم والطاقة.
ورغم هذا التقدم تبقى الحاجة قائمة لتطوير القدرات البشرية الوطنية القادرة على إدارة هذه التحولات الرقمية. إذ لا يزال هناك ضعف في تمكين الجامعات الناشئة من الوصول إلى أدوات تحليل البيانات المالية المتقدمة مثل Bloomberg Terminal و Refinitiv Eikon وS&P Capital IQ وFactSet و Preqin و Thomson ONE. كما أن العديد من البرامج الأكاديمية تفتقر إلى قواعد بيانات بحثية عميقة تتيح للطلاب والباحثين إجراء دراسات تطبيقية واقعية مما يحد من جودة المخرجات الأكاديمية وفرص الابتكار المحلي.
ولمواجهة هذه الفجوة يُوصى بأن تتبنى الجامعات ومراكز البحوث الوطنية شراكات استراتيجية مع مزودي الحلول الرقمية العالميين وأن تُخصص التمويلات اللازمة لتهيئة المعامل الذكية وتطوير المناهج وتدريب الكفاءات السعودية الشابة في مجالات تحليل البيانات والذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني. وبذلك تكون المملكة قد وضعت الأسس التقنية والبشرية للتحول إلى اقتصاد رقمي متكامل ومستدام يخدم المواطن ويعزز من مكانة السعودية كقوة معرفية واقتصادية على مستوى العالم.
*نقلا عن صحيفة " مال" السعودية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
أمين عام أوبك: المنظمة لا ترى حاجة لإجراءات غير ضرورية في سوق النفط
قال الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، هيثم الغيص، اليوم الجمعة، إن التصعيد بين إسرائيل وإيران لا يبرر أي تغييرات فورية في إمدادات النفط ، إذ لا تزال الأوضاع الحالية مستقرة، وفقًا لـ "رويترز". قفزت أسعار النفط بأكثر من 8 دولارات للبرميل يوم الجمعة بعد إعلان إسرائيل تنفيذ هجوم على إيران، ما أثار مخاوف من تصاعد التوترات في الشرق الأوسط التي قد تؤثر على إمدادات النفط، قبل أن تعود وتقلص هذه المكاسب. وارتفعت العقود الآجلة لخام برنت بمقدار 4.60 دولارات، أو بنسبة 6.63%، لتصل إلى 73.96 دولارًا للبرميل. اقرأ أيضاً كما صعد خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بمقدار 4.65 دولارات، أو بنسبة 6.83%، ليصل إلى 72.69 دولارًا للبرميل، وذلك بحلول الساعة 10:33 بتوقيت غرينتش. قصف منشآت نووية ومواقع عسكرية أخرى وأعلن مصدر عسكري أنّ إسرائيل قصفت في إيران فجر الجمعة منشآت نووية ومواقع عسكرية أخرى. وقال المصدر الإسرائيلي لصحفيين: "الضربات التي ننفّذها هي عشرات الضربات التي تستهدف أهدافا عسكرية وأخرى مرتبطة بالبرنامج النووي في مناطق مختلفة من إيران". وأشار المصدر إلى أنّ الجيش الإسرائيلي يعتقد أنّ لدى طهران القدرة على توجيه ضربة للدولة العبرية "في أيّ لحظة".


صحيفة سبق
منذ ساعة واحدة
- صحيفة سبق
"الحج والعمرة": ابتداءً من 14 ذو الحجة.. لا تأشيرة عمرة دون توثيق عقود السكن عبر "نسك"
أعلنت وزارة الحج والعمرة، بالتعاون مع وزارة السياحة، أن توثيق عقود الإسكان عبر منصة "نسك مسار" أصبح شرطًا أساسيًا لإصدار تأشيرات العمرة لموسم عام 1447هـ، وذلك بهدف تحسين تجربة الزائر والمعتمر وتعزيز جودة الخدمات المقدمة لهم. ويشترط على الشركات المعنية إتمام إجراءات حصر التعاقد بين شركات العمرة السعودية والفنادق المرخصة من وزارة السياحة، مع توثيق تلك التعاقدات إلكترونيًا عبر المنصة المعتمدة. وسيبدأ تطبيق هذا التوجيه اعتبارًا من 14 ذو الحجة 1446هـ، تزامنًا مع انطلاق موسم العمرة الجديد. ويأتي هذا القرار ضمن جهود الوزارة لرفع كفاءة الخدمات وتطوير المنظومة التشغيلية، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة 2030 في تعزيز جودة الضيافة الدينية وتنظيم تجربة العمرة بطريقة متكاملة وآمنة.


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
«أوبك»: بيان وكالة الطاقة بشأن أوضاع السوق «يبعث إنذارات كاذبة»
قال الأمين العام لمنظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك)، هيثم الغيص، إنه لا توجد حالياً أي تطورات في ديناميكيات العرض أو السوق تستدعي اتخاذ إجراءات غير ضرورية. The Secretary General of the Organization of the Petroleum Exporting Countries (OPEC) affirms that there are currently no developments in supply or market dynamics that warrant unnecessary statement in social media by the IEA executive director regarding... — OPEC (@OPECSecretariat) June 13, 2025 وأضاف: «بيان المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية اليوم عبر وسائل التواصل الاجتماعي بشأن ظروف السوق الحالية والاستخدام المحتمل لمخزونات الطوارئ النفطية، يُثير إنذارات كاذبة ويُثير شعوراً بالخوف في السوق من خلال تكرار الحاجة غير الضرورية إلى استخدام مخزونات الطوارئ النفطية». وكان المدير التنفيذي لوكالة الطاقة الدولية، فاتح بيرول، قد قال يوم الجمعة إن الوكالة تراقب من كثب تأثير الوضع بين إسرائيل وإيران على أسواق النفط. وأضاف في منشور على منصة «إكس»: «يشمل نظام أمن النفط التابع لوكالة الطاقة الدولية مخزونات طوارئ تزيد على 1.2 مليار برميل». وأوضح الغيص أن «تقييمات مماثلة أُجريت في حالات سابقة، وآخرها في عام 2022، ساهمت في زيادة تقلبات السوق وأدت إلى عمليات إصدار مبكرة للمخزونات، والتي ثبت في النهاية أنها غير ضرورية. من الضروري أن يستند التعليق على ظروف السوق إلى بيانات مُوثّقة وتحليلات سليمة، لا سيما في ظل الظروف الجيوسياسية الحساسة».