
إعلان مفاجئ.. ماذا يكشف ترشح واتارا عن مستقبل كوت ديفوار السياسي؟ صحراء ميديا
في خطوة مفاجئة من حيث التوقيت، ومتوقعة في مضمونها، أعلن رئيس كوت ديفوار، الحسن واتارا (83 عاماً)، عزمه الترشح لولاية رئاسية رابعة، بعد أشهر من الصمت والمراوغة السياسية التي اتسمت بالغموض والتشويق.
زوال الثلاثاء، خرج واتارا بخطاب موجّه إلى الشعب الإيفواري من حديقة القصر الرئاسي في حي بلاتو بالعاصمة أبيدجان، معلناً قراره الترشح للانتخابات المقبلة. الخطاب لم يُعلن عنه مسبقاً على قنواته الرسمية في وسائل التواصل الاجتماعي، إلا قبل دقائق من موعده، ولم تتسرب أي معلومات بشأنه إلى وسائل الإعلام، ما زاد من عنصر المفاجأة.
وكان من المنتظر أن يعلن واتارا عن موقفه خلال خطابه التقليدي بمناسبة عيد الاستقلال في السادس من أغسطس، لكن قراره جاء مبكراً.
وقال واتارا في خطابه: 'اتخذت قراري بعد تفكير عميق، واستجابة لمطالب فئة واسعة من الشعب الإيفواري، وبما أن الدستور يمنحني الحق في الترشح لولاية جديدة'.
وبرّر قراره بأنه لا يزال في 'كامل لياقته البدنية'، مشيراً إلى أن البلاد تواجه تحديات أمنية واقتصادية غير مسبوقة، تستدعي، بحسب تعبيره، 'قيادة ذات خبرة لتوجيه كوت ديفوار نحو بر الأمان'.
ورغم إشارته السابقة إلى نيته تسليم السلطة لخلفه وعدم البقاء فيها طويلاً، أوضح واتارا أن 'الوصول إلى الحكم يكشف الكثير من الحقائق التي تغيّر القناعات'، في محاولة لتبرير تراجعه عن وعود سابقة.
معارضة ترفض وتحذر
إعلان واتارا الترشح قوبل برفض واسع من المعارضة. رئيس الحزب الديمقراطي الإيفواري – التكتل الديمقراطي الإفريقي، تيجان تيام، وصف قرار واتارا بأنه 'خرق للدستور وانتهاك للديمقراطية'.
وقال تيام، أحد أبرز وجوه المعارضة: 'ليس من باب الصدفة أن يتزامن هذا الإعلان مع منع السلطات مظاهرات سلمية ضد التراجع الديمقراطي في البلاد'.
من جانبه، علّق رئيس الجمعية الوطنية الأسبق، غيوم سورو، الذي يعيش في المنفى، قائلاً إن واتارا 'لا يريد التخلي عن السلطة'، واصفاً إياه في منشور عبر منصاته على مواقع التواصل الاجتماعي بأنه 'دكتاتور يفعل كل ما في وسعه للبقاء في الحكم'.
وحذر سورو من مغبّة تجاوز قواعد اللعبة الديمقراطية، قائلاً إن 'الماضي القريب يذكرنا بكيفية تسبب مثل هذه الممارسات في موجات عنف دامية'، داعياً الشعب الإيفواري إلى 'رفض الدكتاتورية والدفاع عن الدستور'.
غياب الخصوم الكبار
في السباق الرئاسي المنتظر في 25 أكتوبر، لن يواجه واتارا أسماء ثقيلة من رموز السياسة التقليدية. فالرئيس الأسبق لوران غباغبو مُنع من الترشح بسبب حرمانه من حقوقه المدنية، فيما يواجه تيجان تيام وضعاً قانونياً مشابهاً بسبب شكوك تحوم حول جنسيته، رغم كونه يُعتبر الوريث السياسي للرئيس المؤسس فيليكس هوفوي بوانيي.
ورغم تشكيل عدد من أحزاب المعارضة لتحالفات انتخابية، إلا أنها لم تتفق بعد على مرشح مشترك قادر على منافسة واتارا.
رهان على النفط والتنمية
منذ وصوله إلى السلطة عام 2011، بعد انتخابات تلتها أربعة أشهر من العنف أودت بحياة أكثر من 3,000 شخص وخلّفت بلداً منقسماً، يرفع الحسن واتارا شعار 'مواصلة مسار التنمية' وتسليم السلطة إلى 'جيل الشباب' — وهو وعد سبق أن قطعه خلال انتخابات 2020، قبل أن يتراجع عنه.
وتعوّل كوت ديفوار على اكتشافات كبيرة في مجالي الغاز والنفط، مع دخول المرحلة الثانية من حقل 'بالين' الإنتاج في أوائل عام 2025، بإجمالي 50 ألف برميل نفط يومياً، و60 مليون قدم مكعب من الغاز. وتطمح الحكومة إلى رفع الإنتاج إلى 200 ألف برميل يومياً بحلول 2027.
واتارا، أول شخصية إفريقية تتبوأ منصب نائب مدير عام صندوق النقد الدولي، يقول إن البلاد تحتاج إلى الاستمرار في ما يسميه أنصاره 'مسلسل التنمية'. لكن معارضيه يرون أن هذا المسار لا يخدم سوى 'نخبة ضيقة'، بينما يعيش جزء كبير من الشعب الإيفواري أوضاعاً صعبة تتسم بارتفاع الأسعار، ضعف الخدمات، وانعدام الأمل لدى فئات واسعة من الشباب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


زهرة الخليج
منذ 4 دقائق
- زهرة الخليج
المكياج يصلح بشرتك.. مستحضرات تجمع بين العناية والجمال
#مكياج في عصرنا الحالي، بدأ يتلاشى الفرق بين الجمال والعناية بالبشرة، إذ لم تعد النساء اليوم يرضين عن المنتجات التي تُضفي جمالاً فحسب، بل أصبحن يبحثن عن مستحضرات تجميل تُغذي بشرتهن، وتُحسن مظهرهن. وقد أدى ذلك إلى ظهور فئة جديدة من المنتجات: مستحضرات تجميل هجينة تجمع بين براعة المكياج وعلم العناية بالبشرة. وقد استجابت العلامات التجارية الفاخرة لهذا الطلب، مُبتكرة تركيبات فاخرة، تُحقق نتائج ملموسة مع مرور الوقت دون المساس بجودة الأداء. إليك أفضل مستحضرات التجميل من علامات تجارية مرموقة، تجمع ببراعة بين هذين العالمين. المكياج يصلح بشرتك.. مستحضرات تجمع بين العناية والجمال مستحضرات تجمع بين العناية بالبشرة والجمال كريم أساس «Les Beiges Water-Fresh».. من «Chanel»: يعتبر كريم أساس «Les Beiges Water-Fresh»، من «Chanel»، ثورة في عالم المكياج الطبيعي المتألق، حيث إنه غني بأصباغ دقيقة في تركيبة مائية، ويوفر تغطية شفافة مع ترطيب عميق للبشرة. وبفضل مكوناته، مثل: خلاصة بذور التمر الهندي، وقوامه الخفيف والمسامي، يوحد لون البشرة، ويمنحها مظهراً ممتلئاً ومنتعشاً. ما يجعله خياراً مثالياً للراغبات في إشراقة طبيعية وعناية فائقة بالبشرة. خافي العيوب «Concealer SPF 27».. من «Clé de Peau Beauté»: اختيار خافي عيوب مُرطب تحت العينين، وأحد أكثر المنتجات التي تبحث عنها المرأة في كل مكان، للحصول على ترطيب إضافي مع إخفاء مظهر العيون المُتعبة. لذلك وفر خافي العيوب «Concealer SPF 27»، من «Clé de Peau Beauté»، هذه النتيجة، لأنه غني بحمض الهيالورونيك وزيت الأرغان، ما يمنح الجلد ترطيباً إضافياً وامتلاء طبيعياً. بالإضافة إلى احتوائه على مستخلص الزنجبيل الذي يهدئ البشرة، ويقلل فرط التصبغ، وفاكهة الكستناء الوردية التي تحافظ على البشرة من الأكسدة، والبقاء على لونها الطبيعي. مرطب ملون «Touche Éclat All-In-One Glow».. من «Yves Saint Laurent»: يوفر هذا المرطب الملون الشبيه بالجل، من «إيف سان لوران»، تغطية خفيفة إلى متوسطة ولمسة نهائية مشرقة وندية. إنه غني بفيتامين (E)، وحمض الهيالورونيك، حيث يرطب وينعش البشرة الباهتة والمتعبة، بالإضافة إلى قوامه المنعش وتركيبته المعززة للإشراقة، التي تجعله منتجاً مثالياً لإطلالة طبيعية وصحية. أحمر شفاه «Phyto-Lip Twist».. من «Sisley Paris»: أكثر من مجرد لون شفاه جذاب، يُقدم «سيسلي فيتو-ليب تويست» ترطيباً وإصلاحاً وحماية، نظرًا لتركيبته الغنية بمكونات نباتية، مثل: فيتوسكوالين، ومستخلص راتنج كوميفورا لتنعيم الخطوط الدقيقة وإضفاء مظهر ممتلئ على الشفاه. ينساب بسلاسة كالبلسم، ويضفي لوناً غنياً لشفتين صحيتين وشبابيتين. كريم أساس «Shade and Illuminate SPF 50».. من «Tom Ford»: كريم أساس «Shade and Illuminate»، من «توم فورد»، منتج قوي يجمع بين الجمال الفاخر والعناية بالبشرة من الدرجة الطبية. وبفضل عامل عالٍ للحماية من الشمس (50)، ومضادات الأكسدة، ومركب منشط للبشرة، يعمل على شد البشرة وإشراقها مع مرور الوقت. ويوفر لمسة نهائية ناعمة مشرقة، وتغطية قابلة للبناء، تبدو رائعة أمام الكاميرا، وفي الضوء الطبيعي. المكياج يصلح بشرتك.. مستحضرات تجمع بين العناية والجمال برايمر «The Silk Canvas Protective».. من «Tatcha»: برايمر «تاتشا» الشهير يشكل قاعدة رائعة وعلاجاً للعناية بالبشرة، لأن المنتج الفاخر غني بمستخلصات الشاي الأخضر، والأرز، والطحالب (مركب هاداسي-3)، ويُخفي عيوب المسام، ويحمي البشرة من التلوث وتراكم المكياج. كما يُحسن ملمس البشرة مع مرور الوقت. أحمر خدود «Baby Cheeks».. من «Westman Atelier»: أحمر الخدود، من «ويستمان أتيلييه»، بلاشر غني بمكونات مفيدة للبشرة، مثل: زيت الجوجوبا العضوي وبيري فلوكس فيتا (مادة نشطة نباتية مرطبة)، ما يجعله ينساب بسلاسة على الخدين أو الشفاه، ليمنحكِ لوناً ثابتاً، وبشرة ناعمة ومشرقة. فإذا كنتِ تبحثين عن منتجات تجمع بين العناية والجمال، فلا تترددي في تجربة أحمر خدود «Baby Cheeks»، من «Westman Atelier». محضر البشرة «Divine Skin: Rose 001».. من «Pat McGrath Labs»: على الرغم من أنه يُصنف كمُستحضر أساس للبشرة، إلا أن العديد من خبراء التجميل يستخدمون هذا المنتج الهجين كبرايمر للمكياج أو مُعزز لإشراقة البشرة. وبفضل مستخلصات الورد الحيوي، والسكوالين، والزيوت الزهرية، ينعم البشرة، ويُضفي عليها مظهراً مُشرقاً، كما يشكل مُضيئاً مثالياً للعناية بالبشرة. برايمر العين «Veil».. من «Hourglass»: يُنعم هذا البرايمر الفاخر للعيون، من «Hourglass»، سطح الجفن، ويُشكل طبقة مقاومة للتجاعيد لظلال العيون، ومن أهم مميزاته أنه يجمع بين الجمال والعناية، حيث يحتوي على فيتامين (E)، ومضادات الأكسدة، ما يرطب البشرة ويهذبها قبل وضع المكياج، بالإضافة إلى فاعليته في تعزيز اللون وإطالة ثبات مكياج العيون طوال اليوم.


العين الإخبارية
منذ 4 دقائق
- العين الإخبارية
ترامب معجب بإعلان سيدني سويني المثير للجدل.. ما السر؟
شهد المشهد السياسي الأمريكي تصعيدًا غير معتاد بين المعسكرين الديمقراطي والجمهوري، ولكن هذه المرة من خلال حملة إعلانية غير تقليدية. فقد أثارت حملة شركة "أميركان إيغل" التي تظهر فيها الممثلة الأمريكية سيدني سويني موجة من الهجوم من جانب الديمقراطيين، بينما أبدى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تأييده الكبير لها، بعد علمه بانتمائها للحزب الجمهوري. ترامب يثني على حملة سويني بعد معرفة انتمائها الجمهوري عبر ترامب عن إعجابه الكبير بحملة سويني فور علمه بأنها مسجلة كعضوة في الحزب الجمهوري، وهو ما جعله يشيد بالحملة أمام الصحافيين في ألينتاون بولاية بنسلفانيا، حيث قال: "أوه، الآن أحب إعلانها. ستُدهشون من عدد الجمهوريين. لم أكن لأعرف هذا الأمر، لكنني سعيد لأنكم أخبرتموني به". وأضاف: "إذا كانت سيدني سويني جمهورية مسجلة، فأعتقد أن إعلانها رائع"، وفقًا لتصريحات نقلتها صحيفة "نيويورك بوست" الأمريكية. انتماء سويني الجمهوري وتسجيلها في فلوريدا بحسب سجلات الناخبين العامة التي اطلعت عليها صحيفة "ذا نيويورك بوست"، فإن النجمة التي تألقت في مسلسلي "يوفوريا" و"اللوتس الأبيض" مسجلة كعضوة في الحزب الجمهوري بولاية فلوريدا منذ يونيو/حزيران 2024. الجدل حول الإعلان: بين الجينات والجينز تسبب الإعلان الترويجي الجديد لخط إنتاج سراويل الجينز في إثارة جدل واسع على منصات التواصل الاجتماعي، حيث انتقده بعض النقاد اليساريين، مشبهين إياه بـ"الدعاية النازية"، بزعم أنه يروّج لأفكار عنصرية وتحسين للنسب. يعتمد الإعلان على تشابه لفظي بين كلمة "جينز" (Jeans) التي تعني السراويل، وكلمة "جينز" (Genes) التي تعني الجينات، حيث تشرح سويني في أحد مقاطع الفيديو أن الجينات تنتقل من الآباء إلى الأبناء، وتقول: "جيناتي زرقاء"، في إشارة إلى لون الجينز. وفي مقطع آخر، تقوم بتغيير كلمة "جينز" (Genes) على لوحة إعلانية لتصبح "جينز" (Jeans). دعم جمهوري وانتقادات لما يُسمّى "ثقافة الإلغاء" دافع عدد من الشخصيات الجمهورية عن سيدني سويني وهاجموا الانتقادات التي وُجهت إليها. واعتبر ستيفن تشيونغ، مدير الاتصالات في حملة ترامب، رد الفعل تجاه سويني بأنه مثال على "ثقافة الإلغاء الجامحة". سيدني سويني تلتزم الصمت حتى الآن حتى تاريخ إعداد هذا التقرير، لم تصدر سيدني سويني أي تعليق رسمي حول الجدل الدائر حول حملتها الإعلانية أو انتمائها السياسي، مما يزيد من غموض الموقف في وسط هذا الصراع الإعلامي والسياسي. CR


العين الإخبارية
منذ 4 دقائق
- العين الإخبارية
مشاهير «تيك توك» في قبضة الأمن.. كيف تواجه مصر الانفلات الرقمي؟ (خاص)
نظّمت "العين الإخبارية" جلسة نقاشية موسعة امتدت لساعات، تناولت خلالها حملة الملاحقة الأمنية في مصر لعدد من أبرز مشاهير منصة "تيك توك". وضم النقاش 3 من أبرز المتخصصين في القانون المصري وهم المستشار ياسر أبو عميرة، خبير القانون في محكمة النقض، والمستشار سيف الطحاوي، خبير القانون الجنائي، ومحمد رشيدي، خبير القانون المدني. ناقش المشاركون تأثير المنصات الرقمية على النسيج الاجتماعي ودور المحتوى التفاعلي في ترسيخ المبادئ الأخلاقية والتواصل بين الأجيال. كان واضحًا أن النقاش لن يقتصر على "تيك توك" كمنصة، بل سيمتد إلى جذور الظاهرة التي تهدد القيم الأسرية، وآليات المواجهة التي تتبناها الدولة المصرية، وصولًا إلى أحدث الحملات الأمنية التي نقلت المواجهة من التنظير إلى التطبيق. مصر بين معركة القيم وموجة الانفلات الرقمي يرى ياسر أبو عميرة أن ما يجري على "تيك توك" تجاوز فكرة الترفيه العابر، ليتحول إلى ما وصفه بـ"سباق البذاءة والانحدار"، قائلاً: "مصر التي أنجبت طه حسين، والعقاد، وزويل، ونجيب محفوظ، ترفض أن يُختزل تاريخها وثقافتها في فيديوهات هابطة لمجموعة من العابثين الباحثين عن المال السريع. نحن أمام أزمة أخلاقية ومعرفية، وليست فقط قانونية. ما يحدث عبر التيك توك محاولة منظمة لقتل الطموح المشروع لدى الشباب، حتى أصبح البعض يعتقد أن العلم لا طائل منه مقارنة بما يمكن جنيه من المال مقابل بث محتوى تافه". ويضيف أن المواجهة لم تعد خطابًا تحذيريًا، بل صارت خطوات تنفيذية على الأرض. ويستشهد بالحملة الأمنية الأخيرة التي أطلقتها وزارة الداخلية مطلع أغسطس/آب 2025، والتي استهدفت 7 من أبرز صناع المحتوى على "تيك توك"، من بينهم أسماء اشتهرت بمقاطع مثيرة للجدل مثل "شاكر محظور"، و"مداهم"، و"أم مكة"، و"أم سجدة"، و"سوزي الأردنية". هذه الحملة – كما يوضح – لم تقتصر على توقيف الأشخاص، بل شملت تحقيقات موسعة حول مصادر الدخل، وأدوات إنتاج المحتوى، وارتباط بعض المقاطع بممارسات محرمة قانونيًا مثل حيازة مخدرات أو أسلحة غير مرخصة. ويقول أبو عميرة: "هذه الحملة إعلان واضح أن الدولة لن تسمح بتقويض بنيتها القيمية، وأن النصوص القانونية لم تعد حبرًا على ورق، بل تُطبق كجزء من استراتيجية أوسع لضبط الفضاء الرقمي". تصريحات وزارة الداخلية.. رسائل واضحة للمجتمع وزارة الداخلية نفسها أكدت هذا التوجه في بيان رسمي صدر عقب الحملة الأخيرة، جاء فيه: "لن نسمح بأن تتحول المنصات الإلكترونية إلى أدوات لنشر الفوضى الأخلاقية، وسيتم التعامل بحزم مع كل من يسيء استخدام وسائل التواصل الاجتماعي بما يهدد القيم والمبادئ الراسخة للمجتمع المصري". وتأتي الحملات ضمن "خطة وطنية متكاملة تشمل الرصد الإلكتروني، وتلقي البلاغات من المواطنين، وتنسيق الجهود بين قطاعات الأمن العام ومباحث الإنترنت". آليات الرصد والتتبع.. كيف تعمل الدولة؟ يؤكد أبو عميرة أن هذه التصريحات تعكس طبيعة العمل الأمني الجديد، الذي لم يعد يعتمد على الرصد التقليدي، بل يستند إلى أدوات تكنولوجية متقدمة منها؛ التحليل الآلي للمحتوى وهو عبارة عن برامج ذكاء اصطناعي تمسح آلاف المقاطع يوميًا لرصد الكلمات المفتاحية والسلوكيات المجرّمة، والتعاون مع شركات الاتصالات لمتابعة الحسابات المشبوهة وتحديد مواقع البث والبلاغات الشعبية: التي وصفها أبو عميرة بأنها "عين المجتمع"، إذ يتم استقبال بلاغات من المواطنين عبر الخطوط الساخنة ومنصات إلكترونية، وتتحول هذه البلاغات إلى محاضر رسمية يتم التحقيق فيها. أما على صعيد مصادر التمويل، فيشير إلى أن فرق التحقيق المالي تتبعت التحويلات البنكية والمحافظ الإلكترونية المرتبطة ببعض الحسابات، وكشفت أن جزءًا من الأرباح يأتي من هدايا افتراضية مدفوعة عبر التطبيق، إضافة إلى إعلانات غير موثقة تروج لمنتجات مجهولة المصدر. "هذه التفاصيل"، كما يضيف أبو عميرة، "أثبتت أن بعض صناع المحتوى لا يكتفون بإنتاج مواد هابطة، بل يستغلون المنصة كأداة لتحقيق أرباح خارج الرقابة الاقتصادية، وهو ما يجعل العقوبات مضاعفة بموجب قوانين غسل الأموال والضرائب". القانون من النص إلى التطبيق ويشرح سيف الطحاوي أن مثل هذه الحملات لم تكن ممكنة قبل صدور قانون مكافحة جرائم تقنية المعلومات عام 2018، إذ كان التعامل مع الانتهاكات الرقمية يعتمد فقط على مواد تقليدية في قانون العقوبات لم تعد كافية لمواجهة تعقيدات الواقع الجديد. يقول: "قبل صدور القانون، كان اقتحام الحياة الخاصة عبر الإنترنت يتم بدون رادع حقيقي. أصبح من السهل أن تخترق هاتف شخص أو جهازه الشخصي، وتقتحم تفاصيل حياته عبر 'الهارد ديسك' أو البريد الإلكتروني أو صفحات التواصل الاجتماعي. هنا كان لا بد من تدخل تشريعي عاجل لمواكبة التطور التكنولوجي". ويضيف أن الحملة الأخيرة اعتمدت أساسًا على المادتين 25 و26 من القانون. المادة 25 تجرم الاعتداء على المبادئ والقيم الأسرية، وانتهاك الخصوصية، وإرسال الرسائل الإلكترونية المزعجة، ونشر الصور أو المعلومات دون إذن. أما المادة 26 فوسعت نطاق التجريم لتشمل استخدام البرامج المعلوماتية لمعالجة البيانات الشخصية وربطها بمحتوى منافٍ للآداب العامة. "الاتهامات التي وُجهت للمقبوض عليهم"، كما يوضح، "لم تقتصر على الإخلال بالقيم، بل شملت أيضًا تحقيق أرباح مالية عبر بث مباشر لمحتوى صادم، وهو ما يضاعف العقوبات وفقًا للقانون لتصل في بعض الحالات إلى 15 عامًا من السجن". الأسرة بين الضغوط الرقمية وتحديات الحماية ويربط محمد رشيدي هذه الحملات بسياق اجتماعي أوسع، معتبرًا أن المشكلة ليست فقط في المحتوى، بل في التأثير العميق لهذه المنصات على منظومة القيم: "الأسرة لطالما كانت الركيزة الأساسية في تكوين الأخلاق وتوجيه الأبناء. لكن التأثير المتنامي لمنصات مثل تيك توك يقوض هذه القاعدة ويخلق فجوة بين الأجيال. نسمع اليوم عبارات مثل 'الزمن اتغير' لتبرير سلوكيات مرفوضة مجتمعيًا، بينما يكتسبها المراهقون من متابعة نماذج تحرض على التمرد ونبذ رقابة الأهل". ويضيف أن قضايا "فتيات التيك توك" منذ 2020 وحتى الحملة الأخيرة تظهر أن الدولة لا تتحرك إلا عندما يصبح الفضاء الرقمي تهديدًا مباشرًا لتماسك المجتمع. ويتابع: "لكن في الوقت نفسه، كل حملة ضبط تعيد طرح السؤال: كيف نوازن بين حماية القيم وضمان حرية التعبير؟ وهل يكفي الردع القانوني وحده دون بدائل ثقافية وإعلامية جاذبة؟". إشكالية التفسير والجدل القانوني يعيد سيف الطحاوي النقاش إلى النصوص، مشيرًا إلى أن عبارة "الاعتداء على القيم الأسرية" تظل مثار جدل: "كان المقصود الأساسي من النص حماية الخصوصية، لكن إدخال عبارة القيم الأسرية جعلها تُستخدم لتجريم أفعال طالت المجتمع في الفترة الأخيرة لتعد خطرا على تماسك الأسرة. على سبيل المثال، النيابة العامة وبعض المحاكم فسرت العبارة على أنها الخروج عن مقتضيات الآداب العامة، بينما المشرع لم يذكرها صراحة كما فعل في المادة 26". ويربط هذه الإشكالية بالبُعد الاجتماعي: "بعض الحملات المجتمعية مثل وسم (بعد إذن الأسرة المصرية) تطالب بتعديل النصوص لتصبح أكثر وضوحًا، بينما يرى آخرون أن التشدد في تطبيقها هو السبيل الوحيد لكبح الانفلات الأخلاقي". معركة وعي وبناء مجتمع ويختتم ياسر أبوعميرة النقاش برؤية أوسع، موضحًا أن الحملات الأمنية والتشريعات وحدها لا تكفي، قائلاً: "الجمهورية الجديدة لا تبني المدن فقط، بل تبني الإنسان. لذلك رأينا تعديلات على قانون الطفل في 2021 لضمان المساواة وعدم التمييز وحق الطفل في تكوين رأيه، ومشروعات لتعديل قانون الأحوال الشخصية، ومشروع قانون حظر زواج الأطفال، وحتى مقترحات لتغليظ عقوبة ضرب الزوجات بعدما أثبتت الإحصاءات أن 86% من الزوجات يتعرضن للعنف الأسري". ويتفق الخبراء الثلاثة على أن المواجهة تحتاج إلى ثلاثية متكاملة: تشريعات صارمة، توعية مجتمعية، وإعلام بديل يعزز القيم. كما يلخص فوزي المشهد: "محاربة المحتوى الهدام على الإنترنت لا تقل أهمية عن بناء المدن والبنية التحتية. نحن نخوض معركة وعي، والمعركة لا تُكسب إلا إذا وقف المجتمع كله صفًا واحدًا". FR