
غزة ونهاية «تفويت الفرص»
للحقيقة وللتاريخ، فقد بذلت الدول العربية وعلى رأسها الدول الخليجية بقيادة السعودية، الغالي والنفيس لإيجاد مخرجٍ حقيقيٍ للقضية الفلسطينية، توالت على ذلك أجيالٌ من القيادات السياسية توارثت جميعها هذا الموقف المؤيد للقضية والباحث لها عن حلولٍ حقيقية وواقعيةٍ، وكانت المشكلة تكمن في أن ممثلي الفلسطينيين كانوا دائماً يأتون متأخرين بخطواتٍ عن الواقع السياسي والحراك العالمي لتأخرهم في فهم توازنات القوى، ولهذا فيمكن تسمية تاريخ القيادات الفلسطينية الحديث بتاريخ تفويت الفرص.
لا أحد يذكر هذا التاريخ من تفويت الفرص أكثر من الشعب الفلسطيني نفسه، وهو الذي عانى طويلاً أكثر من أي شعبٍ آخر في العصور الحديثة، لا بسبب قوة إسرائيل وتحالفاتها، بل بسبب اختطاف قضيته مراراً وتكراراً تحت أسماء مختلفة وشعاراتٍ متعددة وولاءاتٍ لقياداتها لبعض الجمهوريات العسكرية العربية التي كان يحارب بعضها بعضاً باسم فلسطين وببندقية فلسطينية ميليشيوية يوجهها لخصومه، وضاعت القضية الحقة بين مطامع ومطامح قياداتها وبين الخدمات التي تقدمها تلك القيادات للجمهوريات العربية المتصارعة مثل الصراع العراقي السوري، وبين المطامع والمطامح التي أصبحت تقدمها في مرحلةٍ لاحقةٍ حين توجهت البوصلة إقليمياً لمحور «المقاومة» أو «محور الأصولية».
اليوم لدى الشعب الفلسطيني فرصةٌ تاريخيةٌ حقيقيةٌ للانعتاق من عنق الزجاجة الذي أبقته فيه قياداته وتياراته عقوداً من الزمن لم يكن يستحق مثلها، حتى وصل الحال بأن يجعل فصيلٌ واحدٌ «حماس» كل الشعب الفلسطيني في غزة قرباناً لطموحات الدول الإقليمية «أصولياً» و«طائفياً» وأن يجعل ما جرى فيها وبالاً لا على الفلسطينيين فحسب، بل إن يكون شراً مستطيراً يهدد أولئك الذين ظنوا أن استخدام دماء الفلسطينيين باسم الإسلام و«المقاومة» و«الممانعة» و«الأصولية» سيقيهم من ساعة الحسم، ويمنع عنهم المواجهة الحقيقية مع العالم.
أغلب المساعدات للشعب الفلسطيني وسلطته كانت دائماً وأبداً تأتي من دول الخليج العربي، وهي اليوم أكثر بكثيرٍ مما مضى، وفي حال الابتعاد عن الشعارات الجوفاء والأيديولوجيات الحمقاء، قومياً و«بعثياً» و«أصولياً» و«طائفياً»، فإن من الممكن إيجاد حلٍ سياسيٍ حقيقيٍ، ثابتٍ ومستقرٍ، يسمح بالحياة والتطور والتنمية، ولا يجعل الشعب الفلسطيني مشروع موتٍ وفناءٍ يحاول التغطية عليه بالشعارات والأيديولوجيات.
السعودية والإمارات ودول الخليج جميعاً تؤيد «حل الدولتين» و«المبادرة العربية» كلٌ بطريقته، وقد باتت السعودية اليوم تسعى لبناء تحالفٍ دوليٍ داعمٍ للقضية الفلسطينية، وحكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف باتت تخسر أكثر مما تكسب دولياً، واللجنة الوزارية الساعية إلى الوصول إلى «رام الله» ما يئست ولا تراجعت على الرغم من الرفض الإسرائيلي، والعلاقات بين رئاسة الرئيس الأميركي ترامب وبين اليمين الإسرائيلي في الحكومة باتت تتأرجح وتشهد تعقيداتٍ متتالية، وبكل صدقٍ، فمن لا يحسن الانضمام إلى المستقبل والتقدم سيبقى في وهاد التخلف وصراعات المستحيل.
لا عهد لإسرائيل بهذا النوع من الخصومة السياسية، فقد اعتادت إسرائيل على مواجهة «الشعارات» القومية والإسلاموية و«المزايدات» الطائفية والأصولية، ولكنها لم تواجه مثل ما تواجهه اليوم من دولٍ خليجيةٍ ناجحةٍ اقتصادياً وتنموياً بشكل أذهل العالم، وتتمتع بعلاقاتٍ متوازنةٍ مع كل القوى العظمى في العالم، من الصين وروسيا إلى الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية، ثم إنها تتمتع برؤيةٍ سياسيةٍ ناضجةٍ لمستقبل المنطقة والعالم، وهي تتعاون مع العالم كله في مجالات الطاقة والتجارة والأمن.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سرايا الإخبارية
منذ 43 دقائق
- سرايا الإخبارية
ترامب يشكك في أهلية بايدن ويأمر بالتحقيق في "من كان يحكم أمريكا"
سرايا - أمر الرئيس الأميركي دونالد ترامب بفتح تحقيق في شبهة وجود مخطط "للتستر" على الحالة العقلية للرئيس السابق جو بايدن، الذي رد باستهجان هذا القرار. وقال البيت الأبيض في بيان، مساء الأربعاء، إن ترامب وقّع مذكرة رئاسية لفتح تحقيق بشأن "من كان يتولى إدارة البلاد أثناء رئاسة بايدن". وأوضح البيان أنه تم تكليف محامي البيت الأبيض بالتحقيق ضمن حدود القانون "بشأن ما إذا كان بعض الأفراد قد تآمروا للكذب على الرأي العام بشأن الحالة العقلية لبايدن، وممارسة صلاحيات الرئيس ومسؤولياته خلافًا للدستور". وأضاف البيت الأبيض أن المذكرة الرئاسية تنص على التحقيق في الظروف المحيطة بتنفيذ بايدن للعديد من الإجراءات التنفيذية، و"فحص وثائق موقعة بقلم آلي، ومن أذن باستخدامه، وصحة القرارات الرئاسية الناتجة عن ذلك". من جانبه، أكد بايدن في بيان أنه هو من كان يتخذ القرارات خلال رئاسته، وأن "أي تلميح بأنني لم أفعل هو أمر سخيف وكاذب". وأضاف الرئيس السابق أن "هذا ليس سوى صرف للأنظار من جانب ترامب والجمهوريين في الكونغرس الذين يعملون على إقرار تشريعات كارثية".


جو 24
منذ ساعة واحدة
- جو 24
بينها دول عربية.. ترامب يحظر دخول مواطني عدة دول إلى الولايات المتحدة
جو 24 : أفادت قناة "سي بي إس" بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب وقع مساء اليوم قرارا بحظر دول معينة من دخول الولايات المتحدة. بينها دول عربية.. ترامب يحظر دخول مواطني عدة دول إلى الولايات المتحدة AP ويفرض قرار ترامب قيودا صارمة ويحد من دخول مواطني 12 دولة، هي: أفغانستان وبورما وتشاد وجمهورية الكونغو وغينيا الاستوائية، وإريتريا وهايتي وإيران وليبيا والصومال والسودان واليمن. كما يفرض قيودا جزئية على دخول مواطني 7 دول وهي: بوروندي وكوبا ولاوس وسيراليون وتوغو وتركمانستان وفنزويلا. ويأتي الحظر عقب هجوم كولورادو الذي نفذه مواطن مصري دخل الولايات المتحدة بتأشيرة سياحية عام 2022، لكنه بقي بعد انتهاء صلاحية التأشيرة. وأسفر الهجوم عن إصابة 6 أشخاص تتراوح أعمارهم بين 67 و88 عاما، بينهم حالة حرجة. المصدر: RT تابعو الأردن 24 على

سرايا الإخبارية
منذ ساعة واحدة
- سرايا الإخبارية
استمرت 75 دقيقة .. ترامب يكشف تفاصيل مكالمته مع بوتين
سرايا - كشف الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، عن تفاصيل مكالمة هاتفية أجراها مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استمرت لمدة ساعة و15 دقيقة، تناولت التصعيد العسكري في أوكرانيا والملف النووي الإيراني. وقال ترامب، في منشور له على منصة "تروث سوشال"، إن المحادثة مع بوتين كانت "جيدة"، لكنها "ليست من النوع الذي سيقود إلى سلام فوري"، مشيرا إلى أن الرئيس الروسي أعرب بشدة عن عزمه الرد على الهجمات الأوكرانية الأخيرة التي استهدفت طائرات عسكرية روسية. وأضاف ترامب أنه ناقش مع بوتين الملف الإيراني، حيث شدد على أن الوقت "ينفد" فيما يتعلق باتخاذ طهران قرارها النهائي بشأن امتلاك سلاح نووي. وأوضح أنه أبلغ بوتين بوضوح أن "إيران لا يمكن أن تمتلك سلاحا نوويا"، مؤكدا أن بوتين وافقه الرأي في هذه النقطة. وأشار ترامب إلى أن بوتين أعرب عن استعداده للمشاركة في المحادثات مع إيران، وربما لعب دور في تسريع التوصل إلى حل، فيما عبّر ترامب عن قلقه من "تباطؤ" إيران في اتخاذ قرار حاسم بشأن هذا الملف. واختتم ترامب بالقول إن "إجابة نهائية من إيران ستكون مطلوبة قريبا جدا"، في إشارة إلى تزايد الضغوط الدبلوماسية حول هذا الملف. ورغم أن ترامب دائما ما كان يبدي إعجابه ببوتين، إلا أنه أظهر في الأسابيع الأخيرة إحباطا متزايدا تجاه موقف موسكو خلال مفاوضات الهدنة مع كييف التي وصلت إلى طريق مسدود. وأجرى ترامب وبوتين مكالمة هاتفية استمرت ساعتين قبل أسابيع، وبعدها أعلن الرئيس الأميركي أن موسكو وكييف "ستبدآن على الفور مفاوضات من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار".