logo
أول ظهور بعد السقوط.. بشار الأسد في إعلان للشوكولا!

أول ظهور بعد السقوط.. بشار الأسد في إعلان للشوكولا!

العربية٠٤-٠٣-٢٠٢٥

منذ الثامن من ديسمبر/كانون الأول الماضي، أي تاريخ سقوط نظام الرئيس السوري السابق بشار الأسد وحتى اليوم، لم تتوقف نهفات السوريين بالتعبير عن سعادتهم.
نهفات لا تتوقف
فبات من الطبيعي على سبيل المثال أن تتجول في شوارع سوق الحميدية التاريخي الأشهر في دمشق، وتجد بائع عرق سوس (مشروب سوري تقليدي مشهور)، يصرخ بأعلى صوته منادياً بـ"المرطبات"، وهي عبارة اشتهرت بعد أن قالها الأسد لنظيره التركي رجب طيب أردوغان حين دعاه الأخير للقاء الصيف الماضي، فرد الأسد: "لماذا نلتقي مثلا.. كي نشرب المرطبات؟".
وفي مشهد آخر، لا يستغرب المار من حارة بقلب العاصمة موازية لفرع فلسطين (أحد أسوأ الأفرع الأمنية التي اشتهر بها النظام السوري)، إن شاهد بسطة دولارات ينادي بها البائع للزبون مسوّقاً للعملة الصعبة بعد أن كان مجرّد ذكر اسم "الدولار" محظوراً أيام النظام القديم.
نزل الفيديو إعلان شوكولا رولانا مع بثار الهربان 🤣🤣🤣 pic.twitter.com/L6kyBz3LzJ
— Adam Al Jabri 🔴⚫️ (@adamjab2024) March 3, 2025
أول ظهور؟!
أما آخر النهفات، فأتى هذه المرة عبر إعلان شوكولا انتشر خلال الساعات الماضية كالنار في الهشيم على مواقع التواصل الاجتماعي، وحتى على تطبيقات الهاتف بين السوريين.
إذ ظهر الأسد بعدة مشاهد معدّلة بالذكاء الاصطناعي تحاكي تفاصيل هروبه إلى روسيا بعد سقوط النظام. وحظي المقطع بتفاعل واسع بين السوريين، إذ تناقلوه إلى حد كبير، وحقق أرقام مشاهدات عالية.
كما انهالت التعليقات على الإعلان، حيث قال البعض إنه "أحلى إعلان بتاريخ سوريا".
فيما طالب آخرون: "بمسلسل كامل يحاكي القصة"، مؤكدين أنه سيحظى بنجاح واسع.
رغم هذا انتقد آخرون الإعلان معتبرين أن الأسد مجرم ويجب معاقبته قائلين: "كتير غلط الي عم يعملوه.. هاد شخص مجرم حرب.. قاتل أطفال.. أبشع ما مرق عالبشرية حتى افظع من هتلر.. المفروض تبقى صورته هيك مو يتحول لنكتة ودعاية نضحك عليها"، بحسب التعليق.
يذكر أنه في الثامن من ديسمبر من العام الماضي، وبعد تقدم مفاجئ لفصائل المعارضة أُسقط الأسد وفر من اللاذقية إلى موسكو، التي منحته حق اللجوء الإنساني، وفق ما أعلن الكرملين لاحقا.
ولم يظهر الرئيس السوري السابق منذ ذلك الحين، إنما أصدر بعدها بياناً نسب إليه، نفى فيه فراره من البلاد.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الذهب يرتفع.. مع ضعف الدولار والمخاوف المالية الأميركية
الذهب يرتفع.. مع ضعف الدولار والمخاوف المالية الأميركية

الرياض

timeمنذ 2 ساعات

  • الرياض

الذهب يرتفع.. مع ضعف الدولار والمخاوف المالية الأميركية

ارتفعت أسعار الذهب، أمس الأربعاء، إلى أعلى مستوياتها في أكثر من أسبوع مع تراجع الدولار وبحث المستثمرين عن ملاذ آمن وسط حالة عدم اليقين المالي الأمريكي، حيث يُناقش الكونجرس مشروع قانون ضرائب شامل. ارتفع سعر الذهب الفوري بنسبة 0.5 % ليصل إلى 3,305.39 دولارات للأوقية (الأونصة)، بعد أن سجل أعلى مستوى له منذ 12 مايو في وقت سابق من الجلسة. وارتفعت العقود الآجلة للذهب الأمريكي بنسبة 0.7 % لتصل إلى 3,307.30 دولارات. تراجع مؤشر الدولار الأمريكي إلى أدنى مستوى له منذ 7 مايو، مما جعل الذهب المسعر بالدولار الأمريكي أرخص لحائزي العملات الأجنبية. وقال إدوارد ماير، المحلل في ماريكس: "فقد مؤشر الدولار العام أكثر من نقطة كاملة خلال الأربع والعشرين ساعة الماضية، حيث استمر تخفيض تصنيف وكالة موديز، بالإضافة إلى التشكيك في مشروع قانون ترمب الضريبي، في تقويض الدولار"، وهو أمر إيجابي للذهب. وحثّ الرئيس الأمريكي دونالد ترمب يوم الثلاثاء زملاءه الجمهوريين في الكونغرس الأمريكي على التوحد خلف مشروع قانون شامل لخفض الضرائب، لكنه فشل على ما يبدو في إقناع عدد قليل من المعارضين الذين لا يزالون قادرين على عرقلة حزمة تشمل جزءًا كبيرًا من أجندته المحلية. يميل الذهب، الذي يُعتبر تقليديًا ملاذًا آمنًا خلال فترات عدم اليقين السياسي والاقتصادي، إلى الازدهار في بيئة أسعار الفائدة المنخفضة. وقال تيم ووترر، كبير محللي السوق في كيه سي إم تريد: "على المدى المتوسط ​​إلى الطويل، من المرجح أن يشهد الذهب مزيدًا من الارتفاع، ولكن إذا ظهرت أي أخبار إيجابية بشأن اتفاق تجاري، فقد يشكل ذلك عقبة أمام الذهب في محاولته استعادة مستوى 3500 دولار". وقال ألبرتو موسالم، رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي في سانت لويس، للنادي الاقتصادي في مينيسوتا بأن تخفيف التوترات التجارية سيسمح لسوق العمل بالحفاظ على قوته، وللتضخم بالاستمرار في مساره نحو هدف الاحتياطي الفيدرالي البالغ 2 %. وجاء ارتفاع أسعار الذهب في التعاملات الآسيوية يوم الأربعاء بعد أن أدى تقرير يفيد بأن إسرائيل تخطط لمهاجمة المواقع النووية الإيرانية إلى زيادة الطلب على الملاذ الآمن، كما ساهم ضعف الدولار في ذلك. وأدت المخاوف المستمرة بشأن الوضع المالي الأمريكي، بالإضافة إلى حالة عدم اليقين بشأن مفاوضات التجارة، إلى إبقاء الذهب في طلب جيد نسبيًا، مما ساعد السبائك على تعويض بعض خسائر الأسبوع الماضي. في حين انخفضت أسعار المعادن النفيسة الأخرى، حيث انخفضت الفضة بنسبة 0.1 % لتصل إلى 33.03 دولارا أمريكيا للأوقية، بينما انخفض البلاتين بنسبة 0.7 % ليصل إلى 1,046.70 دولارا أمريكيا. وانخفض سعر البلاديوم الفوري بنسبة 1.2 % ليصل إلى 1,001.41 دولار أمريكي، لكنه وصل إلى أعلى مستوى له منذ 4 فبراير، في وقت سابق من الجلسة. وقال تاي وونغ، وهو تاجر معادن مستقل: "كان البلاديوم متعطشًا للأخبار الجيدة، وإن توجه هوندا نحو السيارات الهجينة بدلًا من السيارات الكهربائية سبب وجيه". ويستخدم مصنعو السيارات كلاً من البلاتين والبلاديوم في المحولات الحفازة لتقليل انبعاثات العادم. من بين المعادن الصناعية، ارتفعت العقود الآجلة القياسية للنحاس في بورصة لندن للمعادن بنسبة 0.4 % لتصل إلى 9,559.25 دولارًا للطن، بينما ارتفعت العقود الآجلة للنحاس الأمريكي بنسبة 0.4% لتصل إلى 4.6928 دولارًا للرطل. كما أفاد ضعف الدولار الذهب وأسعار السلع الأخرى المُسعرة بالعملة الأمريكية. وجاء الضعف الأخير للدولار بعد أن خفضت وكالة موديز التصنيف الائتماني السيادي للولايات المتحدة درجة واحدة، مشيرةً إلى مخاوف بشأن الإنفاق المالي المُرهق وتراكم الديون. كما ضغطت تحذيرات العديد من مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بشأن تزايد حالة عدم اليقين الاقتصادي والتجاري على الدولار، حتى مع تصريح مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي بأن البنك المركزي لن يُخفض أسعار الفائدة في أي وقت قريب. وظل سعر الذهب مستقرًا فوق مستوى 3000 دولار للأونصة، وكان على بُعد أقل من 200 دولار من أعلى مستوى قياسي سجله في وقت سابق من هذا الشهر ارتفاع الأسهم في بورصات الأسهم، ارتفعت الأسهم الآسيوية قليلاً يوم الأربعاء، مع احتواء شهية المخاطرة بفضل ارتفاع عوائد السندات، حيث ظل المستثمرون قلقين بشأن التوقعات المالية للاقتصادات المتقدمة الرئيسة وعدم إحراز تقدم في صفقات تجارية جديدة. وتتجه جميع الأنظار أيضًا إلى أسواق السندات اليابانية، بعد يوم من ارتفاع عوائد السندات طويلة الأجل إلى مستويات قياسية، وسط مخاوف بشأن الطلب على ديون البلاد بعد مزاد ضعيف لسندات لأجل 20 عامًا. في التعاملات المبكرة يوم الأربعاء، ارتفع عائد السندات لأجل 20 عامًا بمقدار نقطتين أساس، بينما انخفض عائد سندات الحكومة اليابانية لأجل 30 عامًا بمقدار 1.5 نقطة أساس. وكان مؤشر الأسهم القيادية الصيني ضعيفًا في التعاملات المبكرة، بينما ارتفع مؤشر هانغ سنغ في هونغ كونغ بنسبة 0.58 %. وأعلنت الصين أنها قد تتخذ إجراءات قانونية ضد أي فرد أو منظمة تساعد أو تنفذ الإجراءات الأمريكية التي تنصح الشركات بعدم استخدام أشباه الموصلات المتقدمة من الصين. وارتفع مؤشر ام اس سي آي، الأوسع نطاقًا لأسهم آسيا والمحيط الهادئ خارج اليابان بنسبة 0.5 %، بينما انخفض مؤشر نيكاي الياباني بنسبة 0.18 %. وقال كايل رودا، كبير محللي الأسواق المالية في كابيتال دوت كوم: "الأسواق متعطشة لمحفزات جديدة لتحفيز شهية المخاطرة، وإن تراجع الولايات المتحدة في سياستها التجارية، وجهودها للسيطرة على الأضرار التي بذلتها لمعالجة الفوضى التي أحدثتها برسوم يوم التحرير، يشيران إلى عزمها على إنجاز كل هذا. وهذا ما يُبقي تقييمات الأسهم مدعومة بشكل جيد". وأظهرت بيانات يوم الأربعاء انخفاض الشحنات اليابانية إلى الولايات المتحدة في أبريل، حتى مع ارتفاع الصادرات للشهر السابع على التوالي، مما يُبرز الأثر المحتمل لرسوم الرئيس دونالد ترمب الجمركية على التعافي الاقتصادي الهش في اليابان. كما انعكست المشكلات المالية على وول ستريت، حيث أنهى مؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي سلسلة مكاسب استمرت ستة أيام يوم الثلاثاء، مُقيّدًا بارتفاع عوائد سندات الخزانة الأمريكية، التي استقرت خلال ساعات التداول الآسيوية يوم الأربعاء. وأغلقت الأسهم الأمريكية على انخفاض يوم الثلاثاء، حيث انخفض مؤشر داو جونز بنحو ربع بالمئة. ومن المتوقع أن يُصوّت الكونجرس في وقت لاحق من هذا الأسبوع على مشروع قانون ضريبي قد يضيف ما بين 3و5 تريليونات دولار إلى عبء ديون الحكومة الفيدرالية الأمريكية المتزايدة والبالغة 36.2 تريليون دولار، وذلك بعد أيام قليلة من تخفيض وكالة موديز للتصنيف الائتماني التصنيف الائتماني للبلاد. وصرّح مسؤولو مجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي بأن ارتفاع الأسعار يأتي على خلفية زيادة الرسوم الجمركية الأمريكية على الواردات، ونصحوا بالصبر قبل اتخاذ أي قرارات بشأن أسعار الفائدة. كما أبدى المتداولون حذرهم من سعي المسؤولين الأمريكيين إلى إضعاف الدولار الأمريكي في اجتماعات وزراء مالية مجموعة السبع الجارية حاليًا في كندا. في أوروبا، استقرت العقود الآجلة لمؤشر ستوكس 50، بينما اتسمت العقود الآجلة لمؤشر فوتسي 100 بالهدوء، مع تزايد الحذر قبل صدور تقرير تضخم أسعار المستهلك المتوقع في وقت لاحق من اليوم من المملكة المتحدة. وتوقع اقتصاديون ارتفاع مؤشر أسعار المستهلك بنسبة 3.3 % في أبريل، مقارنةً بـ2.2% في الشهر السابق. وانخفض مؤشر الدولار، الذي يقيس قيمة العملة الأمريكية مقابل ست عملات رئيسية أخرى، بنسبة 0.03 % ليصل إلى 99.938، بعد انخفاضه بنسبة 1.3 % على مدار يومين. وارتفع الين الياباني إلى 144.27 ينًا للدولار، ليحوم بالقرب من أعلى مستوى له في أسبوعين.

نشوة روسيا الكاذبة
نشوة روسيا الكاذبة

Independent عربية

timeمنذ 4 ساعات

  • Independent عربية

نشوة روسيا الكاذبة

لسنوات قام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين باستخدام احتفالات يوم النصر السنوية في 9 مايو (أيار)، والتي تحيي ذكرى الانتصار السوفياتي على هتلر في الحرب العالمية الثانية، كي يُظهر عظمته الشخصية. فالنصر السوفياتي عام 1945 كان دائماً ويبقى أحد الأحداث التاريخية القليلة جداً التي توحد الشعب الروسي بصدق، وطبعاً لم يسَعْ بوتين مع نضوج نظامه إلا استغلال المناسبة والاستفادة منها. وفوق ذلك، أضفى طابعاً شخصياً على الحدث، مستولياً حتى على بعده الوطني وطقوسه العامة. إذ إن "الفوج الخالد"، مثلاً، الذي يعد مبادرة من المجتمع المدني تجتذب مئات آلاف الروس العاديين للاشتراك في مسيرة كبرى يحملون خلالها صور أسلافهم الذين قاتلوا في الحرب، قد وُضع تحت إمرة الكرملين بشكل كامل. وفي عام 2015، في الذكرى السبعين ليوم النصر، قاد بوتين بنفسه، في وسط موسكو، أحد أرتال الفوج المذكور. لكن هذه المناسبة السنوية اكتسبت معنى معاصراً منذ بدأت روسيا "عمليتها الخاصة" في أوكرانيا عام 2022. إذ على مدى السنوات الثلاث الماضية روّج الكرملين بقوة لفكرة تقول إن النزاع القائم في الجوار (في أوكرانيا) يمثل استمراراً للحرب الوطنية الكبرى ضد الغرب، العدو الذي مثله في القرون الماضية نابليون وهتلر، وتمثله اليوم أوكرانيا وأوروبا (بعد أن جرى استثناء الولايات المتحدة من لائحة الأعداء إثر عودة دونالد ترمب إلى الرئاسة). وهذا غدا جزءاً أساسياً من الدعاية السياسية الرسمية للدولة الروسية، وقد جرى في السياق تصميم استعراضات "يوم النصر" والاحتفالات والطقوس المرتبطة به، من أجل ترسيخ هذه الأطروحة في أذهان الناس. وقد بدا بوتين في هذا السياق، لهذه الأسباب كلها، عازماً على الاحتفال بالذكرى الثمانين لانتصار الاتحاد السوفياتي، بجلبة خاصة. إذ هدفه اليوم أن يظهر أيضاً أنه غير معزول عن العالم، وأن أفضل جزء من هذا العالم، أي تلك الدول والشعوب التي حاربت ولا تزال تحارب ما يسميه الكرملين "الهيمنة الغربية" و"الاستعمار"، تدعم روسيا، على رغم الاستعمار الإمبراطوري الصرف للعملية الأوكرانية. من هنا، ولهذا السبب، جرت دعوة ممثلي "الغالبية العالمية"، المصطلح الذي يعتمده الكرملين للإشارة إلى دول ما يعرف بـ "الجنوب العالمي"، والتي يتخيل بوتين نفسه قائداً غير رسمي لها، للمشاركة في استعراضات يوم النصر هذا العام. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وقد كان من بين المشاركين في العروض جنود من ميانمار، إضافة إلى ضيوف كبار الشخصيات من غينيا الاستوائية، وبوركينا فاسو، ودول أخرى. ومن نافل القول هنا إن تلك الدول لم يكن لها أي صلة بانتصار عام 1945. بيد أن حليفاً تاريخياً واحداً لروسيا حضر من دون شك: الصين، ممثلة بزعيمها الكبير شي جينبينغ، الذي التقى بوتين في الكرملين عشية الاحتفالات. وقد كان لعراضة الوحدة والتحالف هذه بين موسكو وبكين، قيمة رمزية مهمة، على رغم أن حاجة شي لبوتين تبقى أقل بكثير من حاجة بوتين إليه. ومع ذلك من الصعب عدم ملاحظة أن حلفاء الاتحاد السوفياتي الأساسيين في الحرب العالمية الثانية، الذين حققوا معاً النصر التاريخين، لم يكونوا حاضرين في احتفالات بوتين. فما معنى هذا الأمر غير العزلة عن العالم؟ مع ذلك، يكمن خلف هذه الذكرى السنوية الخاصة تغيير أكثر أهمية ويتمثل بالعلاقة المتحولة بين روسيا والولايات المتحدة منذ عودة ترمب إلى الرئاسة. لقد تضاءلت، في اللحظة الراهنة، النشوة الروسية التي احتفت بتحسن العلاقات مع واشنطن هذا الربيع، لكن العديد من أفراد النخبة الروسية والمواطنين الروس العاديين ما زالوا يعلقون آمالهم على إدارة ترمب للقيام بوساطة ناجحة لإنهاء الحرب، وتأمين الدعم الأميركي للشروط والمطالب الروسية. إذ إن الإدارة الأميركية الجديدة، بالنسبة لبوتين، لا توفر فقط فرصة لتحقيق اتفاق اقتصادي مؤات في لحظة أخطار متزايدة تواجهها روسيا، بل تتيح أيضاً فرصة للخروج من مستنقع الفوضى في أوكرانيا مع الاحتفاظ بماء الوجه. وعلى رغم عدم حضور ترمب أو أي ممثل آخر من إدارته احتفالات يوم النصر (في موسكو)، إلا أنه تم رفع الولايات المتحدة في بيانات الكرملين الرسمية وفي دعايته، إلى مرتبة الشريك، شريك تاريخي يشكل نقيضاً مباشراً لأوروبا، التي غدت الآن (بالنسبة لبوتين) العدو الأساسي. هذا الأمر، منذ وقت ليس ببعيد، كان معكوساً. التناغم مع ترمب منذ بداية الحرب الباردة على الأقل، لعبت الولايات المتحدة دوراً مركزياً في الوعي الجمعي الروسي. وكان الروس ينظرون إلى هذه القوة العظمى التي تنافسهم بمزيج من الإعجاب والكراهية والاستعلاء والحسد. هم غالباً كانوا يعدون أنفسهم أكثر تفوقاً من الناحية الروحية، لكن أدنى مادياً من منافسيهم "اليانكيين" (الأميركيين). وقد أسهم الذهن المؤامراتي، بطبيعة الحال، وعلى مدى فترة طويلة من الزمن، بترسيخ فكرة وقوف الولايات المتحدة خلف كل حدث استثنائي في العالم، بما في ذلك مشكلات روسيا الداخلية، التي هي، بحسب أصحاب ذاك النمط من التفكير، نتيجة سياسات أميركية خفية. وفي الدعاية السياسية الروسية بالسنوات الأخيرة بات شائعاً سماع إحالات إلى "الإمبريالية الأنغلو-أميركية" أو "الأنغلو-ساكسونية"، المصطلحين اللذين يشكلان تعبيراً روسياً مهيناً عن الهيمنة الخطرة التي تمارسها الولايات المتحدة وبريطانيا. وقد أدرجت أوروبا ببساطة، في مركّب الكراهية هذا، في خانة عامة لمصطلح "الغرب". ونتيجة لذلك عوملت أوروبا، حتى في عهد بوتين، بالطريقة عينها تقريباً التي عوملت بها الولايات المتحدة، إذ كلما ساءت المواقف تجاه الولايات المتحدة، غدا الروس أكثر تشككاً وريبة تجاه الاتحاد الأوروبي. بيد أن انتصار ترمب (في الانتخابات الأميركية) وجهوده الهادفة لتحقيق السلام جاءت كي تقلب هذا التفكير (الروسي) التقليدي رأساً على عقب. فأوروبا الآن، بما في ذلك المملكة المتحدة، غدت المصدر الرئيس للشر، فيما باتت الولايات المتحدة هي الخيرة. وفي أواخر فبراير (شباط)، خلال زيارة قام بها لمقر "جهاز الأمن الفيدرالي" (خليفة الـ "كي جي بي"، الجهاز الأمني السوفياتي الذي تخرج منه)، أشار بوتين إلى أن الاتصالات مع الإدارة الجديدة في واشنطن "تستحضر آمالاً معينة"، مضيفاً "ليس الجميع سعداء أمام اسئناف التواصل الروسي – الأميركي"، وأنه على الأجهزة الأمنية (الروسية) البقاء متيقظة كي لا تحيد "المحادثات" الجديدة عن مسارها. واستكمالاً لهذا السياق والنهج أبدى وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بعد أيام قليلة تعليقاً ذكر فيه أنه خلافاً للعقيدة السوفياتية والروسية القديمة، فإن الولايات المتحدة لم تكن يوماً من دعاة الحرب على روسيا، بل أن أوروبا هي من شكل الخطر الأساسي. إذ "على مدى الـ 500 عام الماضية، انبثقت جميع مآسي العالم من أوروبا أو حدثت بفعل السياسات الأوروبية"، وفق كلامه. وقد راح العديد من المواطنين العاديين في روسيا وحتى أفراد من النخبة السياسية يتصورون، على وقع هذه التصريحات (الرسمية)، صيغاً ورؤًى للسلام. وبحلول النصف الثاني من عام 2024 غدا واضحاً سلفاً أن غالبية الروس يرغبون في قيام محادثات سلام، إلا أن هذا الاتجاه تزايد على نحو ملحوظ مع وصول ترمب إلى الرئاسة مجدداً. ويرى العديد من الروس الآن أن الولايات المتحدة تمثل شريكاً برغماتياً، ويتوقعون نهاية الحرب عبر مفاوضات مباشرة بين موسكو وواشنطن. ووفق استطلاع أجراه في يناير (كانون الثاني) "مركز ليفادا" المستقل، توافق المستطلعون على أن السلام، من حيث المبدأ، يمكن تحقيقه فقط عبر وسيط، وهذا الوسيط طبعاً قد يكون الولايات المتحدة إلى جانب آخرين. على أن تلك القناعة بوساطة تقودها الولايات المتحدة بدت مترسخة على نحو ملحوظ مع حلول فبراير. إذ في استطلاع آخر أجراه "مركز ليفادا" بذلك الشهر، قالت غالبية كبيرة من المستطلعين، 70 في المئة، إنه يجب أن تكون الولايات المتحدة إلى مائدة المفاوضات مع روسيا، حتى أن غالبية أكبر، 85 في المئة، وافقت على انعقاد الاجتماعات الثنائية بين روسيا والولايات المتحدة التي بدأت في المملكة العربية السعودية بذلك الشهر. فعلى رغم فهمهم لضرورة وجود اتفاقيات مع أوكرانيا، يبقى الهدف الأكثر أهمية بنظر الرأي العام الروسي متمثلاً بإيجاد أرضية مشتركة مع ترمب. إذ عبر إقناع الرئيس (الأميركي) لدعم مطالب بوتين الأساسية، سيُضمن لروسيا راهناً التوصل إلى اتفاقية سلام مستدامة، وإقامة روابط اقتصادية مفيدة في المستقبل. وعلى وقع هذه التوقعات خفف الروس على نحو ملحوظ مشاعر عدائهم لأميركا. فبعد أن كانت نسبة المستطلعين الذين أظهروا موقفاً إيجابياً من الولايات المتحدة في سبتمبر (أيلول) 2024 لا تتعدى الـ 16 في المئة، فإن نسبة هؤلاء تضاعفت تقريباً وسجلت معدل الـ 30 في المئة مع حلول فبراير 2025. غالبية الروس يلتزمون ما يشبه "توافق الصمت" حيال الحرب القائمة كذلك فإن التركيز البلاغي تجاه الولايات المتحدة الذي مارسه الكرملين أسهم في تعزيز شعبية هذا الأخير. وفي السياق وربما مدفوعة بآمال تحقيق السلام، ارتفعت وفق استطلاعات ليفادا أيضاً، نسبة تأييد وزير الخارجية سيرغي لافروف، التي كانت سابقاً في حالة ركود، وذاك جعله لفترة وجيزة ثاني أكثر السياسيين موثوقية بعد بوتين، على رغم تراجعه مرة أخرى إلى المركز الثالث في أبريل (نيسان) حين بدأت المفاوضات تتعثر، ليعاود الحلول خلف رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين صاحب المركز الثاني في العادة. كما كان استعداد واشنطن الواضح لعقد صفقات مع موسكو في ذاك السياق قد شجع مجتمع الأعمال الروسي، حتى أن البعض رأى إمكانية أن تغدو الولايات المتحدة مصدراً للإيرادات في الموازنة الوطنية. وذاك أمر من شأنه أن يكون مهماً، إذ إن عائدات النفط التي أسهمت في تجديد موارد خزائن المال الروسية بمعظم فترة الحرب، تشهد في عام 2025 انخفاضاً كبيراً بفضل التدني العالمي في الأسعار. وتدرك النخب السياسية والتجارية الروسية في هذا الإطار أن سياسات ترمب الاقتصادية قد تؤدي إلى المزيد من التآكل في أسعار النفط وإلى تعقيد صادرات الطاقة الروسية. بوتين من جهته، بتركيبته وعقده النفسية (إحساسه بالعظمة الشخصية) وبمخططاته الجيوسياسية (حلمه بروسيا الكبرى) بات له في نهاية المطاف، كما يرى كثيرون من الروس، نظيراً يمكنه أن يتفق معه على إعادة تقسيم العالم. إذ مع ترمب، وفق رأي كثيرين، يمكن لبوتين أن يحول الحرب المستعرة إلى حرب باردة ويكتفي بذلك– إذ إن الموارد العسكرية والمالية الروسية لها حدود في النهاية. وهذه الافتراضات تغذيها النظرة الروسية لترمب نفسه. إذ إن جزءاً كبيراً من الروس يرون في ترمب صانع سلام حقيقياً وسياسياً "رصيناً وحاذقاً"، وفق ما وصف بعض المشاركين في استطلاع ليفادا. وهو أيضاً، للعديد من الروس العاديين، رجل أعمال يفهم لغة الصفقات البرغماتية، المتضمنة سلاماً يأمل الروس في أن يكون بطريقه إليهم. إلى هذا، وعلى نقيض النظرة إلى الرئيس الأميركي السابق جو بايدن، لا يرى معظم الروس في ترمب معادياً لروسيا. وعلى رغم غياب التقدم (في المساعي السلمية) تبقى الآمال بوساطة تقودها الولايات المتحدة موجودة، وليس هناك في أوساط الروس، حتى الآن على الأقل، خيبة أمل من ترمب. لكن من المهم الملاحظة هنا أن المواقف الإيجابية الجديدة التي يعتمدها الروس تجاه الولايات المتحدة ليست سوى جزء من التوقعات الكبرى التي كانت سائدة وتتطلع لنجاح مفاوضات السلام. ففي أوساط الطبقة الليبرالية الصغيرة في روسيا يفصل الناس ترمب عن الولايات المتحدة. إذ إنهم عموماً ينظرون بشكل سلبي إلى زعيم الـ"ماغا"، إن لم يكن برعب، لكنهم يميلون إلى اعتبار الولايات المتحدة معقلاً للعالم الغربي والديمقراطية. وتأمل هذه الفئة الليبرالية بأن تسهم المؤسسات الديمقراطية في البلاد (في الولايات المتحدة) بمنع الأخيرة من الغرق في الاستبداد. هذه الشريحة من المواطنين الروس تضم من الناحية السوسيولوجية الفئة الشبابية الأكثر تعليماً والأشخاص الذين لا يوافقون على سياسات بوتين بما في ذلك حربه في أوكرانيا؛ إضافة، على وجه التحديد، لأولئك الذين لديهم توجه ليبرالي. ويميل أفراد هذه الشريحة إلى متابعة واستهلاك الأخبار المستقلة، غالباً عبر "يوتيوب" (الذي يمكن مشاهدته من خلال "في بي أن" VPN [الشبكة الخاصة الافتراضية وهي تقنية تسمح للمتصفح بتفادي الحظر الإلكتروني وإخفاء المكان الجغرافي للمتصفح])، الغادي الآن للعديد من الروس منصة أساسية لتلقي المعلومات والآراء بعيداً من القنوات الرسمية. لذا، بطريقة أو بأخرى، فإن نظرة الروس إلى الولايات المتحدة تبقى عاملاً أساسياً في تكوين نظرتهم بالنسبة لموقع روسيا في العالم. سلام أو مماطلة؟ في خلفية آمال الروس الجديدة بالسلام، تتراكم الآثار النفسية للحرب، فقد خلّف الثمن الإنساني الباهظ، وضراوة القتال، واستمراريته التي تبدو بلا نهاية، أثراً صامتاً على السكان. وعلى رغم أن المعارك لم تقتصر آثارها على من في الجبهات، فإن غالبية الروس ما زالوا يلتزمون ما يشبه "توافق الصمت" حيال صدمات الحرب. ووفقاً لاستطلاع أجرته مؤسسة "ليفادا" في أبريل، يرى 40 في المئة من الروس أن سياسات بوتين التوسعية ألحقت ضرراً بالبلاد، مقابل 33 في المئة يعتقدون أنها أفادتها، بينما بقي 28 في المئة غير متأكدين. ويشير أولئك الذين يرون ضرراً أكثر من نفع إلى حجم الخسائر البشرية، فيما يتمسك الفريق الآخر بفكرة "استعادة الأراضي الروسية التاريخية". وبالنسبة لكثيرين من الروس، يبدو أن من الأسهل الحفاظ على حياة طبيعية من خلال تجاهل واقع الحرب أو تجنّب التفكير فيها. فباستثناء المناطق الحدودية، تبقى "العملية الخاصة" بعيدة من حياة معظم الناس، ولم تؤدِ الضربات الأوكرانية داخل الأراضي الروسية أو في منطقة كورسك إلى كسر هذا الحاجز النفسي. ومع ذلك، فإن غالبية واضحة من الروس تتمنى لو أن الحرب تنتهي وتختفي. وهناك في هذا الإطار بالطبع أولئك الذين كانوا على الدوام ضد الحرب، إلا أن هؤلاء لا يتجاوزون نسبة الـ 20 في المئة من السكان– أي نفس حجم الفئة المتحمسة بتأييدها لبوتين والتي يعرف أفرادها بلقب "الوطنيون الألتراس"، الذين يريدون استمرار الحرب مجادلين بضرورة أن تُنهي روسيا المهمة. أما معظم الناس العاديين المؤيدين لعقد محادثات سلام فما زالوا يضعون شرطين أساسيين لذلك: ألا تنضم أوكرانيا لحلف الناتو، وأن تبقى الأراضي التي احتلها الجيش الروسي جزءاً من الأراضي الروسية. كذلك هناك مشكلة أخرى أيضاً، وهي أن العديد من الناس استفادوا مالياً من الاقتصاد العسكري والمكافآت المختلفة وزيادات الرواتب التي جاءت في سياقه. لذا فإن البعض ينظر لاحتمالات السلام الوشيكة على أنها تهديد لمكاسبه المحتملة، وذاك أمر سارعت الدولة، التي تعاني دائماً من نقص القوى العاملة، للاستفادة منه. ففي الأشهر الماضية بدأت تظهر في الأمكنة العامة ملصقات تدعو الروس إلى الإسراع، قبل انتهاء الحرب، لتوقيع عقد عسكري مربح. مع هذا، ولكل متابع جيد للوقائع، يبقى السلام بعيد المنال. وبما أن ترمب وبوتين تباحثا في الفكرة، سيتعين على الزعيم الروسي في هذا السياق أن يبدأ بتصوير ما أنجزه حتى الآن على أنه انتصار. ولأن الكرملين تجنب تحديد ما يعنيه "النصر"، فإن غالبية الروس على الأرجح سيرون اتفاق السلام متوافقاً بالحد الأدنى مع مطالب بوتين، ومتناسباً بالتالي مع المواصفات المطلوبة. بعبارة أخرى، ليس ضرورياً أن تزيد القوات الروسية تحركها غرباً كي تزعم موسكو تحقيق النصر. علاوة على ذلك، بمواصلة الحرب وتكبد المزيد من الخسائر الروسية، قد يُصعّب بوتين تحقيق نهاية يمكن للجمهور أن يسميها نصراً: فروسيا لم تشهد بعد كارثة اقتصادية، لكن "الركود التضخمي"، الذي هو مزيج من النمو الاقتصادي البطيء والتضخم المرتفع، ترسخ على نحو جلي. التحدي الأكبر بالنسبة لبوتين يتمثل بكيفية الحفاظ على الاستقرار حين يتوقف القتال. إذ إن مئات آلاف المحاربين سيعودون من الجبهات. وهؤلاء جميعهم أبطال حرب، وسيطالبون بأن يجري التعامل معهم على هذا الأساس. لكن لن يكون هناك في المتناول ما يكفي من فرص العمل المرغوبة وغيرها من المكافآت. وهنا قد تبدأ المشكلات بالتفاقم. فالمجتمع العادي نفسه الذي اعتاد لفترة طويلة على تجاهل الحرب وعدم الاكتراث لها، قد يبدأ بالنظر إلى المحاربين القدامى على أنهم منافسون في مجالات الوظائف، غير مرحب بهم. إلى هذا، فإن التغييرات الهيكلية في الاقتصاد التي أجراها الكرملين منذ عام 2022، المتضمنة أجوراً أعلى ومعاملة تفضيلية للشركات والعمال ضمن المجمع الصناعي - العسكري، يجب أن تُعكس. ويمكن لهذا الأمر أن ينتج آثاراً مزعزعة للاستقرار. لكن إن استمرت الحرب وفشلت الحكومة في تلبية حاجات المحاربين القادمين من الجبهات، أو تلكأت في التعامل مع التشوهات المتزايدة في الاقتصاد المحلي، فستواجه حتى مشكلة أعظم. من هنا فإن بوتين يواجه أزمة توقعات متضخمة. وهو عبر إطالته أمد التفاوض مع ترمب، يقوم بممارسة التحوط: فإنهاء المرحلة المستعرة من النزاع سيؤدي، من جهة، إلى تحولات مزعزعة للاستقرار في الاقتصاد والمجتمع؛ وسينبغي عاجلاً أم آجلاً، من الجهة الأخرى، إرضاء التوقعات العامة المتزايدة التي ترى السلام آتياً. في الوقت الراهن لا يملك بوتين أي حل، وهو يماطل. وقد يدرك أن معظم الروس مستعدين، على الأقل لفترة أطول قليلاً، لتقبل مماطلته وتسويفه في إنهاء الحرب. لكن أيضاً هناك عامل آخر يلعب دوراً، وهو صبر ترمب المحدود. المستبد الروسي في المقابل لن يرغب في تفويت فرصة نادرة متمثلة بالتحالف مع رئيس أميركي، وذلك لسببين اثنين، سياسي واقتصادي: فمعاهدة السلام قد تنقلب إلى صفقة اقتصادية مؤاتية، وعائداتها ستطيل عمر نظام بوتين. لا أحد في الواقع يمكنه أن يتنبأ متى قد "ينسحب" ترمب من جهوده السلمية، وفق ما هدد مسؤولون في إدارته، أو كيف يمكن لبوتين أن يتفاعل مع فكرة غياب أي صفقة محتملة. بيد أن رفض التفاوض قد يزيد الوضع العام السائد تعقيداً وخطورة. تلك هي معضلة بوتين في الحقيقة. ولاء المستهلك النخب الروسية وسط حالة عدم اليقين هذه، تبقى بمثابة الصندوق الأسود. من الصعب قياس رغبة تلك النخب بالسلام أو تقدير مواقفها تجاه النظام الذي تخدمه. فالناس غير الراضين (عن الوضع) هم في حالة صمت، أما الفئة الأكثر تكيفاً فيندفع أفرادها لبناء مستقبل مهني يمكنهم من خلاله الجمع بين الولاء السياسي الكامل وبين الكفاءة التكنوقراطية. حتى أن العديد من أفراد النخبة هؤلاء يتوقعون نهاية الحرب، وإن لم يكن ذلك قريباً. إذ مثلاً، وفي إحدى أحدث مقابلاته، بدا لافروف مستهدفاً المسؤولين الروس الليبراليين الذين يتصورون مستقبلاً مختلفاً بعد الحرب. وقد حذر لافروف في السياق أنه لو رفعت العقوبات فإن بعض "الليبراليين" سيحاول "التراجع عن إنجازي استبدال الواردات والسيادة في اقتصادنا". من غير الواضح من قصد وزير الخارجية في كلامه هذا، ناهيك عن قلة ما يمكن للسياسات المتبعة خلال الحرب أن تظهره لأولئك الذين قصدهم. فعمليات تحقيق "السيادة" (الاقتصادية، أي الاعتماد على الذات) والمستويات غير المنضبطة في الإنفاق العسكري خلقت سلفاً مشكلات اقتصادية هائلة وطويلة الأجل. في كل الأحوال، علينا ألا نخلط بين توقعات السلام والنصر المتزايدة وبين الآمال التي ترى أن الكرملين سيتبنى الليبرالية مرة أخرى. فنظام بوتين هو جامد وشديد القمعية. وبحسب موقع منظمة "أو في دي إنفو" OVD-info، الهيئة المستقلة لمراقبة مسائل حقوق الإنسان في روسيا، فإن الدولة هناك، اعتباراً من مطلع مايو، وجهت اتهامات بارتكاب جرائم سياسية بحق أكثر من 3284 شخصاً، يقبع الآن 1590 شخصاً منهم في السجن. وقد قامت وزارة العدل (الروسية) راهناً بتصنيف أكثر من 900 كيان روسي "كعملاء أجانب"، مع إضافة كيانات جديدة إلى اللائحة أسبوعياً، علماً أن أكثر من 500 كيان منها هم أفراد مواطنون يواجهون قيوداً شديدة من ناحية الحقوق. كذلك تضع الدولة قائمة منفصلة تضم المنظمات غير المرغوب بها في البلاد، سواء كانت روسية أو أجنبية، وكل من يتعاون مع تلك المنظمات قد يواجه ملاحقة جنائية. هذا ويطبق الحظر على جميع الوسائط المستقلة على الإنترنت، فلا يمكنها العمل إلا بطريقة غير قانونية، ولا يمكن الاطلاع على محتواها وقراءتها ومشاهدتها إلا من خلال الـ "في بي أن". هذه الدولة الحصينة لن تختف بسهولة وبساطة عندما تصمت المدافع. فالشروط التي لا تنفك تتزايد والتي تطلب إظهار السلوك الوطني، من اعتماد طقوس الولاء (الوطني) في المدارس إلى التصريحات اللفظية التي تعبر عن الولاء "للبوتينية" من قبل رؤساء الشركات والجامعات والمكتبات وغيرها من المؤسسات والمعاهد، لن تنحسر. كما أن النظام لن يوقف حربه التي يشنها على المجتمع المدني. لا بل إن الكرملين في الحقيقة، مع انتهاء انشغاله بالحرب، يمكن أن يضاعف القمع والتلقين العقائدي بحق الشباب الروسي. يواجه بوتين أزمة "توقعات متضخمة" وإن انفتح الغرب من جديد أمام الروس وتمكنت النزعة الاستهلاكية من معاودة الازدهار، قد يكون كافياً لإبقاء شريحة السكان الكبيرة التي لا تهتم بالشؤون السياسية ممتثلة، في ظل نظام ينحو حتى نحو المزيد من التشدد والقسوة. هناك بالفعل مقدار كبير من التكهنات بعودة وشيكة للعلامات التجارية الغربية إلى روسيا. ففي مارس (آذار)، قال قرابة نصف الأشخاص الذين استطلعهم مركز ليفادا إنه ينبغي التدقيق بكل شركة غربية، ولا ينبغي السماح بالعودة إلى السوق الروسية إلا للشركات التي تعد موالية لروسيا. وقال قرابة 20 في المئة من المستطلعين إنه ينبغي السماح لجميع الشركات التي غادرت بالعودة إلى روسيا من دون قيود، فيما قال ربع المستطلعين إنه لا ينبغي أبداً السماح لتلك الشركات بالعودة. وهنا يمكن القول بكلام آخر إن العديد من الروس على ما يبدو يفترضون أن الشركات الغربية ستتدفق إلى روسيا بمجرد انتهاء الحرب. وذاك يعني أن العديد من الروس هم أيضاً عرضة لـ"التوقعات المتضخمة". لإشباع أي من تلك الرغبات سيتعين على بوتين التوصل لإتفاق سلام، ويفضل أن يستتبعه بصفقة اقتصادية مع ترمب، أو بسلسلة من الصفقات. حينها فقط سيكون بالإمكان إطالة أمد العقد الاجتماعي الضمني الذي أبرمه الكرملين مع المجتمع الروسي. فمقابل قيام الدولة بتحقيق السلام والنصر، سيتوقع من المواطنين إظهار الولاء الكامل للنظام (والذين لا يفعلون ذلك سيواجهون ردود فعل انتقامية). وكمكافأة على ذلك، سيتم الحفاظ على اقتصاد السوق ومستويات الاستهلاك الطبيعية. طبعاً لقد نجح بوتين فعلاً في جعل أعداد كبيرة من المواطنين الروس متواطئين معه، وذاك إلى حد ما، يضمن ولاءهم له. لكن إبقاء شعب بأكمله رهينة سياسية، فيه جانب سلبي. إذ لو أزيل العنصر الأساسي لهذا النظام، أي بوتين، فسيبدأ ذاك النظام بالانهيار. إزاء هكذا سيناريو، ومع تكيف الروس تجاه الظروف الخارجية الجديدة، قد تولد توقعات متضخمة مستجدة. لكن حينها، عند تلك النقطة، سيتم توجيه هذه التوقعات نحو زعيم جديد. أندريه كوليسنيكوف كاتب أعمدة صحافية في "نيويورك تايمز" الأميركية و"نوفايا غازيتا" الروسية. مترجم عن "فورين أفيرز"، 9 مايو 2025

سوريا والعقد الاجتماعي الجديد
سوريا والعقد الاجتماعي الجديد

المدينة

timeمنذ 6 ساعات

  • المدينة

سوريا والعقد الاجتماعي الجديد

تناقلت وسائل الإعلام الدولية وخاصة وسائل التواصل الاجتماعي مشاهد عن الواقع السوري بعد سقوط نظام بشار الأسد بشهر ديسمبر ٢٠٢٤م عكست وجود مشاكل طائفية ودينية وعرقية متراكمة لسنوات في المجتمع السوري أخذا بالاعتبار أن هذا المجتمع متعدد الأعراق والإثنيات والديانات فهناك العرب والأكراد والعلويون والشركس والأرمن والآشوريون والتركمان... والعرب السنة والعرب المسيحيون والعرب العلويون والعرب الدروز، والعرب الشيعة والعرب اليهود... وما تتبعهم بعضهم من مذاهب.وفي ظروف صعبة ومعقدة تتزايد فيه التدخلات الأجنبية في الواقع السوري لغايات مختلفة اقتصادية وسياسية وتعديلا للجغرافيا السياسية لصالح لاعبين إقليميين ودوليين يبدو شبح التقسيم واردا ان لم يكن هناك جهد عربي حثيث للحيلولة دون ذلك، وقد منح تدخل المملكة العربية السعودية ممثلة بسمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز لدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أثناء زيارة الأخير للمملكة موخراً لرفع العقوبات الأمريكية القاسية على سوريا وإعطاء ترامب تعليمات بذلك بارقة أمل للشعب السوري الذي عاني لسنوات طوال، وهذا ما سيخفف ان شاء الله أعباء كبيرة على سوريا، ومن جهة أخرى سيضع الحكومة السورية أمام مسؤوليات كبيرة للملمة شمل الشعب السوري بكافة أطيافه وسط اقتصاد منهك وضعيف وبنية تحتية مدمرة لتحقيق الاستقرار في البلاد الضروري لجذب الاستثمارات الأجنبية لدفع عجلة الاقتصاد السوري وبناء مستقبل أفضل للأجيال القادمة.أن الاحداث التي مرت على سوريا خلال الاسابيع والاشهر القليلة الماضية في الساحل السوري، وفي الجنوب السوري وخاصة المناطق التي يتواجد بها الدروز وما تناقلته وسائل الإعلام من أحداث عنف وجرائم تبدو ماثلة في مخيلة كل مواطن سوري بدأت تزداد الدعوات وبعضها يبدو غير بريء لتحول سوريا إلى نظام فيدرالي قد يكون نتيجته مستقبلاً تقسيم البلاد.مما لاشك فيه أن هناك اقليات في سوريا عانت من نظام البعث لعشرات السنوات وتم استخدامهم لتكريس واستمرار نظام عائلة الاسد، وهناك مخاوف لدى البعض منهم تجاه المستقبل خاصة مع وجود عناصر متطرفة أجنبية في البلاد، ومع أحداث الساحل والجنوب السوري زادت تلك المخاوف بشكل كبير، وهنا تبرز الحاجة الماسة لتأسيس عقد اجتماعي جديد يجمع قيادات من مختلف أطياف الشعب السوري بمشاركة الحكومة السورية وبإشراف عربي للاتفاق على أسس الدولة الجديدة بما يحفظها من التمزق ويوحد جهود ابنائها لمواجهة التحديات الاقتصادية والأمنية والمخاطر الخارجية في مشهد يماثل لعقد مؤتمر الطائف في العام ١٩٨٩م لقيادات الشعب اللبناني والذي اوقف حمام الدم في لبنان.عند استقلال سريلانكا في العام 1948م نادى دون ستيفن سيناناياكي أول رئيس وزراء باتباع سياسة "بلد واحد بلغتين السنهالية والتاميلية" لكن وتحت ضغوط داخلية سنهالية "الأغلبية بالبلاد سنهالية" تراجع عن هذه السياسة لصالح هيمنة اللغة السنهالية مما اجج النزاع العرقي في البلاد لعشرات السنين ودفعت البلاد أثمان غالية من دماء ابنائها واقتصادها ما زالت آثارها شاخصة أمام العيان حتى الآن.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store