logo
شهداء ومصابون بغارات جديدة على غزة

شهداء ومصابون بغارات جديدة على غزة

الجزيرةمنذ يوم واحد

واصل جيش الاحتلال الإسرائيلي اليوم الجمعة قصف مناطق عدة في قطاع غزة ة، مما أدى إلى وقوع عدد من الشهداء والمصابين.
وأفادت وسائل إعلام محلية باستشهاد وإصابة فلسطينيين جراء قصف طائرات الاحتلال مجموعة فلسطينيين شرق المطاحن جنوب دير البلح وسط قطاع غزة.
وأضافت أن الاحتلال قصف تجمعات فلسطينيين ينتظرون المساعدات الإنسانية محيط منطقة الدعوة شرق مخيم النصيرات وسط القطاع، وآخرين في في منطقة السودانية شمال غزة.
وفي وقت سابق قال مسؤول بجمعية الإغاثة الطبية في غزة -للجزيرة- إن مراكز المساعدات تحولت إلى "مصايد موت" وهناك أناس يموتون يوميا، وأوضح أن الإصابات قرب مراكز المساعدات مباشرة وقاتلة.
وأضاف أن الوجبة الغذائية التي توزع في مراكز المساعدات بسيطة جدا وغير كافية، وأن الناس يتساقطون في الشوارع من شدة الجوع.
كما شهدت مناطق السطر العربي وأبراج مدينة حمد السكنية في خان يونس قصفا مدفعيا وإطلاق نار مكثّف.
وبحسب وسائل الإعلام المحلية أيضا فقد ارتقى عدد من الشهداء، وأصيب آخرون بعد قصف الاحتلال لتجمع للأهالي في حي التفاح شرق مدينة غزة.
يأتي ذلك بعد يوم دام استشهد فيه 58 فلسطينيا، بينهم 32 من منتظري المساعدات الإنسانية، جراء غارات وإطلاق نار على مناطق مختلفة بقطاع غزة.
يأتي ذلك وسط أوضاع كارثية جراء الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بحق الفلسطينيين هناك منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023.
ومنذ هذا التاريخ ترتكب إسرائيل – بدعم أمريكي – إبادة جماعية بغزة، تشمل قتلا وتجويعا وتدميرا وتهجيرا، متجاهلة النداءات الدولية وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها.
وخلفت الإبادة أكثر من 182 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم أطفال، فضلا عن دمار واسع.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

واشنطن بوست: هجوم إسرائيل على إيران يبرز إخفاقات ترامب
واشنطن بوست: هجوم إسرائيل على إيران يبرز إخفاقات ترامب

الجزيرة

timeمنذ 44 دقائق

  • الجزيرة

واشنطن بوست: هجوم إسرائيل على إيران يبرز إخفاقات ترامب

قالت صحيفة واشنطن بوست إن هجوم إسرائيل على إيران يبرز إخفاقات الرئيس الأميركي دونالد ترامب كصانع سلام، مشيرة في تقرير منفصل إلى أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية لا يبدو أقرب مما كان إلى تحقيق هدفه المتمثل في منع إيران من امتلاك أسلحة نووية. وأوضحت الصحيفة -في مقال بقلم ماكس بوت- أن ترامب ليس من دعاة الحرب، ولكن محاولاته لصنع السلام لا تزال بلا جدوى، مذكرة بأنه وصل إلى منصبه واعدا بإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية في يوم واحد، وبعد 144 يوما على تنصيبه يبدو احتمال السلام أبعد مما كان. كما طلب من نتنياهو إنهاء الحرب على قطاع غزة ، فاستؤنفت بوحشية بالغة، وحاول التفاوض على اتفاق نووي مع إيران ، فأرسل نتنياهو نحو 200 طائرة لمهاجمتها. تحركات مرتجلة وإذا كان ترامب يستحق الثناء على اتفاقيات أبراهام في ولايته الأولى -حسب الكاتب- فإنه لم يحقق شيئا في جهوده لإبرام اتفاقيات السلام، بل إنه صعّب الأمر على نفسه بالطريقة المتسرعة التي يدير بها المفاوضات، إذ عين الرجل نفسه، صديقه ستيفن ويتكوف ، مبعوثا أميركيا لجولات محادثات السلام الثلاث: بين أوكرانيا وروسيا، وإسرائيل و حركة حماس ، وإسرائيل وإيران. ونبه الكاتب إلى أن إجراء 3 جولات متباينة من المفاوضات في آن واحد لا تتحمله قدرات دبلوماسي مخضرم مثل هنري كيسنجر أو فيليب حبيب ، ولا سيما أن المكلف بالمهمة مطور عقاري لا يملك أي خبرة دبلوماسية، واختار عدم الاستفادة من الموارد المتاحة لدى الحكومة الأميركية. ذهب ويتكوف إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بمفرده، بثقة غير مبررة بأنه يستطيع التفوق على سياسي خبير، وذلك في تحركات مرتجلة وفي غياب أي إستراتيجية إدارية لمحادثات السلام، واعتماد كامل على توجيهات من منشورات ترامب المتقلبة على وسائل التواصل الاجتماعي. ولذلك تعرض سعي ترامب للسلام لمزيد من التقويض بسبب 3 مشاكل أخرى، أولها محاولته القيام بالكثير في آن واحد، مثل القيام بـ3 جولات من محادثات السلام والمحادثات التجارية مع عدد لا يحصى من الدول، وثانيها أنه غير مستعد لتصعيد الضغوط على نتنياهو وبوتين اللذين يعتبرهما صديقين رغم تجاهلهما توسلاته، والأخيرة أنه قصير النظر ويريد نتائج فورية، على حد تعبير الكاتب. ومع أن مفاوضات السلام تتطلب الصبر، وتتطلب في حالة إيران تبديد سنوات من انعدام الثقة المتبادل، فقد أرسلت إدارة ترامب إشارات متضاربة حول مدى استعدادها لقبول بعض القدرات النووية الإيرانية المتبقية، ووصف مسؤول كبير في الإدارة المحادثات بأنها "بناءة" ثم جاءت الغارات الجوية الإسرائيلية. وإذا كان ترامب قد أعرب عن رغبته في مواصلة المحادثات "قبل فوات الأوان"، فإن المؤشرات تشير إلى أن الأوان فات بالفعل، فقد أعلنت طهران وقف المحادثات، وإذا كان ترامب يعتقد أن الهجوم الإسرائيلي سيدفع إيران إلى تقديم تنازلات، فقد أخطأ في حساباته، كما يرى الكاتب. ونبه الكاتب إلى أن النتائج الأولية للغارات الجوية الإسرائيلية كانت باهرة، ولكن الإسرائيليين، وإن استطاعوا إبطاء البرنامج النووي الإيراني بشكل كبير، فإنهم لن يستطيعوا القضاء عليه، لأنهم مهما قتلوا من علماء إيرانيين، فلا سبيل لمحو الخبرة النووية التي تراكمت هناك على مر العقود، بل إن الهجوم الإسرائيلي قد يسرّع من جهود إيران السرية لتسليح برنامجها النووي. ورغم إشادة إسرائيل بنجاح ضرباتها لإيران -كما تقول الصحيفة في تقرير منفصل بقلم جيري شيه وكريم فهيم- فإن الأهداف الإستراتيجية لا تزال بعيدة المنال، إذ يقول محللون إن نتنياهو لا يبدو أقرب إلى منع إيران من امتلاك أسلحة نووية مما كان، ويرى بعض المسؤولين الإسرائيليين أن المحادثات وحدها هي القادرة على تحقيق ذلك. ويرى محللون أن نتنياهو خاطر بدفع الشرق الأوسط إلى حرب طويلة الأمد، فزاد من استياء الجيران العرب، بمن فيهم بعض الدول التي سعى للتودد إليها، وأضعف فرص محادثات ترامب الجارية مع إيران، رغم أنها ضرورية للتوصل إلى حل دائم، حسب الصحيفة. قراءة خاطئة لعقلية إيران وقال تساحي هنغبي، مستشار نتنياهو للأمن القومي، إن البرنامج النووي الإيراني "لا يمكن تدميره بالوسائل العسكرية"، لكن إسرائيل على الأقل أرجأت التقدم النووي الإيراني. وأوضح أن الأميركيين وحدهم قادرون على تحقيق ذلك، لأن ترامب وحده قادر على تحقيق "صفقة جيدة"، تفكك فيها إيران طواعية برنامجها النووي، وتحقق في الوقت نفسه فوائد جمة. وصرح ترامب بأنه يأمل أن تعود إيران إلى طاولة المفاوضات للتوصل إلى اتفاق نووي قبل أن تتعرض لمزيد من الهجمات الإسرائيلية و"يتلاشى كل شيء"، ولكن طهران أعلنت أنها ستعلق المحادثات إلى أجل غير مسمى، وألقت باللوم على الولايات المتحدة لدورها في "تنسيق وتفويض" الهجوم الإسرائيلي. وقالت إيلي جيرانمايه، نائبة مدير برنامج الشرق الأوسط في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية، إن فكرة أن الضغط العسكري الإسرائيلي سيعزز النفوذ الأميركي في المفاوضات "قراءة خاطئة لعقلية القيادة الإيرانية". وفي الوقت نفسه قوبل نتنياهو بموجة من الانتقادات من الدول العربية التي نددت "بالعدوان الإسرائيلي السافر على جمهورية إيران الإسلامية الشقيقة". غير أن مسؤول الاستخبارات الإسرائيلي السابق عوديد عيلام قال إن إسرائيل لا تعارض استمرار الولايات المتحدة في مفاوضاتها مع إيران، وأعرب عن أمله أن تجبر الهجمات الإسرائيلية القيادة الإيرانية على الموافقة على اتفاق صارم يوقف جميع عمليات تخصيب اليورانيوم داخل البلاد.

الركبان.. خيمة طُويت وكرامة بقيت
الركبان.. خيمة طُويت وكرامة بقيت

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الركبان.. خيمة طُويت وكرامة بقيت

في أقصى البادية، حيث الصمت يغلب الصوت، وحيث لا ظلّ إلا لشمس لاهبة، ولا جدار إلا لخيمة تهتزّ في وجه الرياح، هناك كان مخيم الركبان، أو – كما سمّوه بحقّ – مثلث الموت. سنوات عجاف قاسية مرت على أهله، سُلبوا فيها أبسط مقومات الإنسانية، وذاقوا مرارة العيش في صحراء منسية، لا ماء فيها ولا دواء ولا غذاء، ولا حتى أمل. لكنهم لم يهجَّروا عبثًا، ولم يُلقَ بهم في تلك الأرض القاحلة صدفة، بل طُردوا من ديارهم لأنهم قالوا "لا" في وجه الطاغية، لأنهم هتفوا للحرية، ورفضوا العبودية تحت حكم نظام المجرم بشار الأسد. هؤلاء المعذبون الأحرار اختاروا الخيمة على المذلة، والوحشة على الركوع، والموت البطيء في العراء على الحياة في ظل نظام قتل أبناءهم ودمر مدنهم، وخيَّرهم بين السجن والموت والانكسار. كان الركبان جرحًا نازفًا، لكنه جرح الكرامة النابضة، لا جرح الخنوع المهين. الحمد لله.. اليوم أُغلقت أبواب الخوف، وهُدمت آخر خيمة من خيام العذاب، وارتفع الغبار الأخير من تراب الركبان إيذانًا بنهاية قصة حزينة، طالما أثقلت الضمائر وبللت العيون. اليوم يُكتب فرح جديد على صفحات التحرير، ويضاف نصر آخر إلى سجل الصامدين.. ويا لها من فرحة! فرحة لا تقتصر على من كانوا هناك، بل تتعدى حدود المخيم، هي فرحة كبرى عمَّت قلوب المهجَّرين أنفسهم وهم يغادرون أرض القهر إلى أفق الحياة، فرحة غمرت السوريين في الداخل والخارج، أولئك الذين ظلت أعينهم شاخصة إلى "الركبان" سنوات طويلة، تدعو وتنتظر. بل حتى كثير من أحرار العالم، ممن في قلوبهم بقايا إنسانية ورحمة، شاركوا هذا الفرح، لأن "الركبان" لم يكن مجرد مخيم، بل وصمة سوداء على جبين الصمت الدولي، وصفحة دامية من تاريخ القهر.. لم تكن الخيام تؤوي بل كانت تقهر، ولم تكن ملجأً بل سجنًا من القهر والعزلة والجوع. غار مخيم الركبان واندمل إلى غير رجعة.. والعقبى لجميع مخيمات اللجوء في العالم، للسوريين ولغيرهم ممن بحثوا عن الحرية والحياة الكريمة واليوم، رغم أن كثيرين عادوا إلى بيوت مهجورة، وجدران بلا سقوف، وبلدات مدمرة، فإنهم عادوا إلى الوطن الذي حُرموا منه سنوات طويلة، عادوا إلى حارات الذكريات، حيث خبز الأم وحنان الجيران، لا إلى صحراء لا تعرف سوى الوحدة والوحشة. من الركبان خرجوا، لا بدموع اليأس بل بدموع الفرح المؤلم! خرجوا من غبار الجوع إلى سماء الوطن، التي وإن أظلت بيوتًا محطمة، فإنها تسع القلوب كلها. وهكذا تُطوى صفحة سوداء من كتاب الجرح السوري، وتفتح صفحة العودة، صفحة البداية، صفحة الحياة. لقد غار مخيم الركبان واندمل إلى غير رجعة.. والعقبى لجميع مخيمات اللجوء في العالم، للسوريين ولغيرهم ممن بحثوا عن الحرية والعدالة والحياة الكريمة.

إسرائيل وإيران.. مرحلة جديدة وصراع تحت السقف النووي
إسرائيل وإيران.. مرحلة جديدة وصراع تحت السقف النووي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

إسرائيل وإيران.. مرحلة جديدة وصراع تحت السقف النووي

تشكل المواجهة الجارية بين إسرائيل وإيران نقطة تحول إستراتيجية في سياق الصراع الإقليمي حول البرنامج النووي الإيراني، ولن تقتصر آثار المواجهة على إيران وإسرائيل وحدهما، بل تمتد تداعياتها لتطال البنية الأمنية والسياسية في الشرق الأوسط بأسره. جاءت المواجهة في توقيت بالغ الحساسية وسط انسداد مسارات التفاوض النووي بين طهران وواشنطن، وتزايد شعور إسرائيل بأن الوقت بدأ ينفد أمام قدرتها على كبح البرنامج الإيراني قبل بلوغه نقطة "اللاعودة"، وسط مخاوف من دخول المنطقة مرحلة جديدة من "الصراع تحت السقف النووي". ويعيد هذا التطور الخطير فتح النقاش القديم الجديد حول ما إذا كانت الضربات الوقائية قادرة فعلًا على تعطيل المسار النووي الإيراني أم إنها مجرد محطات مؤقتة تزيد من إصرار طهران على امتلاك التكنولوجيا النووية الكاملة. كما يضع المواجهة في سياق أوسع يرتبط بالتحولات في موازين القوى الإقليمية، وبتبدل أولويات الفاعلين الدوليين في المنطقة، وخاصة الولايات المتحدة التي تجد نفسها أمام مفترق جديد بين الالتزامات الأمنية التقليدية تجاه إسرائيل ومصالحها الإستراتيجية الأوسع في تهدئة الشرق الأوسط. ضمن هذا الإطار، يسعى هذا التقرير إلى قراءة للوقائع الميدانية والمواقف السياسية والتقديرات الإستراتيجية للأطراف المنخرطة في هذا الصراع المركب، من منظور يرتبط بتداعياته الإقليمية والدولية، واحتمالات التصعيد أو العودة إلى مسار تفاوضي جديد أكثر صرامة. واشنطن بين سياسة الاحتواء واستثمار القوة تشير تصريحات المسؤولين الأميركيين والدلائل الميدانية والتقارير الإعلامية إلى التنسيق الواضح بين واشنطن وتل أبيب في هذه المواجهة، وجاءت تصريحات الرئيس دونالد ترامب بعد الضربات الإسرائيلية فجر أمس الجمعة لتكشف بوضوح عن هذا التعاون. فقد قال ترامب لشبكة "إيه بي سي" إن إدارته منحت الإيرانيين فرصة ولم يستغلوها وتلقوا ضربة قاسية جدا، مؤكدا أن هناك مزيدا في المستقبل. وفي تصريحات لموقع أكسيوس الأميركي، قال الرئيس الأميركي "كان على إيران التوصل إلى اتفاق قبل انتهاء مهلة الـ60 يوما التي منحتها لها، وأضاف "ربما يوافق الإيرانيون الآن على اتفاق نووي"، مشيرا إلى أن "إسرائيل استخدمت معدات أميركية عظيمة خلال الهجوم". واعتبر أنه يجب على إيران التوصل إلى اتفاق قبل أن يذهب كل شيء وإنقاذ ما كان عرف سابقا بالإمبراطورية الإيرانية، وفق تعبيره. وسبق ذلك تصريح مستشار الأمن القومي الأميركي وزير الخارجية ماركو روبيو بأن "العمل العسكري قد يمهّد لاتفاق نووي طويل الأمد" يكشف عن رغبة واشنطن في توظيف التفوق الإسرائيلي لفرض شروط تفاوضية جديدة على إيران. كذلك عززت هذا الاستنتاج المعطيات التي نشرتها قناة "إن بي سي" عن اتصالات سرية بين مستشاري الأمن القومي الأميركي والإسرائيلي قبل أسبوعين من الضربة، إضافة إلى أن تحركات القوات الأميركية في الخليج عشية العملية أشارت إلى حالة استعداد تحسبًا لأي تصعيد إيراني محتمل تجاه المصالح الأميركية. في هذا السياق، تلعب المواجهة دورًا مزدوجًا في الرؤية الأميركية، فهي اختبار لإرادة إيران على الصعيد العسكري، وفي الوقت ذاته إظهار الحزم أمام القوى الدولية الأخرى، لا سيما روسيا والصين، بأن واشنطن ما زالت الفاعل الرئيسي في هندسة التوازن الإقليمي. روسيا والصين.. مصالح الطاقة والحضور الدولي جاء رد الفعل الروسي سريعًا على لسان وزارة الخارجية التي وصفت الضربة الإسرائيلية بأنها "خرق للقانون الدولي وسيادة دولة عضو في الأمم المتحدة"، وهو موقف تقليدي يتناسب مع رغبة موسكو في تثبيت دورها كلاعب دولي مدافع عن النظام الدولي، خاصة في مواجهة السياسة الأميركية الأحادية. لكن الموقف الروسي لا ينفصل عن المصالح الميدانية؛ فقد كشفت وكالة "إنترفاكس" الروسية أن موسكو أبلغت عبر قنوات خلفية طهران أن "أي تصعيد ميداني سيؤثر سلبًا على مشاريع الطاقة الروسية المشتركة مع إيران"، لا سيما في مجالات الغاز وخطوط التصدير الجديدة عبر بحر قزوين. أما الصين، الحليف الاقتصادي الأكبر لطهران، فقد اكتفت ببيانات دبلوماسية تحث على التهدئة، لكنها عبّرت في الوقت ذاته عبر صحيفة "غلوبال تايمز" عن "قلق حقيقي من أن تؤثر الضربة على استقرار طرق إمداد الطاقة"، مما يعكس أن أولويات بكين ليست حماية إيران بقدر ما هي حماية خطوط تجارتها. إسرائيل.. بين الإنجاز العسكري وكلفة المخاطرة الموقف الإسرائيلي كان الأكثر وضوحًا من حيث الأهداف والرؤية الإستراتيجية، فقد أكد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن الضربة "لن تكون الأخيرة ما دام التهديد النووي قائمًا"، معلنًا أنها "مبادرة إسرائيلية مستقلة حتى لو تطلّب الأمر مواجهة مع قوى كبرى". هذا الخطاب يكشف التحول في عقيدة الأمن القومي الإسرائيلي من الردع إلى المبادرة الاستباقية. ونشرت صحيفة "هآرتس" معطيات تفيد بأن الضربة استهدفت 100 موقع حيوي بينها منشأة نطنز لتخصيب اليورانيوم ومنشأة بارشين العسكرية، كما أسفرت -بحسب تقديرات مجلة "فورين بوليسي"- عن تدمير كبير في البنية التحتية لتخصيب اليورانيوم المتطور. لكن في المقابل، يدرك صناع القرار في إسرائيل أن هذه المغامرة تحمل أثمانًا ثقيلة، خاصة إذا ما قررت إيران نقل المعركة إلى مستوى المواجهة الإقليمية أو التصعيد النووي العلني، وهو ما سيعيد المنطقة إلى نمط حرب كبرى لا تملك إسرائيل بمفردها القدرة على التحكم بكامل تداعياتها. إيران والرد الانتقامي يبدو أن الجناح الذي يقوده الحرس الثوري نجح في حسم خيارات طهران من خلال الدفع باتجاه رد مباشر وصريح على إسرائيل لاستعادة الهيبة، مقابل تيار آخر داخل الحكومة كان يدعو إلى ضرورة التريث، والعمل على إعادة ترميم القدرات العسكرية والعلمية قبل الانزلاق في مواجهة شاملة قد تكون نتائجها كارثية. وجاء تصريح المرشد الأعلى علي خامنئي بأن "الرد سيكون مدروسًا ومؤلمًا"، كإشارة إلى محاولة الموازنة بين الرغبة في الانتقام وضبط الإيقاع العام للأزمة. في الجانب الشعبي والسياسي، شهدت المدن الإيرانية مسيرات حاشدة منددة بالضربة، إلا أن التقارير الواردة من داخل إيران تشير أيضًا إلى حالة غضب ضمني تجاه فشل المؤسسات الأمنية في منع الضربة، مما عزز الفرصة لدى صناع القرار لاتخاذ خطوات انتقامية، ليس فقط لأسباب تتعلق بالصراع مع إسرائيل، بل أيضًا لحفظ التوازن الداخلي للنظام في مواجهة الانتقادات الشعبية المتزايدة. ورأى الباحث الأول في مركز الجزيرة للدراسات الدكتور لقاء مكي، في حديثه خلال تغطية خاصة على شاشة الجزيرة، أن الرد الإيراني غير المسبوق، والذي استهدف العمق الإسرائيلي بعشرات الصواريخ، أظهر تحول المواجهة من مجرد عمليات محدودة إلى ما يبدو أنه بداية لحرب فعلية، منبها إلى أن الانعكاسات الفورية لهذا الصراع بدأت تظهر في غلق أجواء 5 دول وتعطيل النشاط الاقتصادي. وحذر من أن اتساع رقعة القصف قد يشمل مدنا وعواصم في المنطقة، وأن احتمالية دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة قائمة، رغم محاولاتها التحفظ على المشاركة المباشرة. حلفاء إيران.. قدرات مقيدة ورغبة متوقدة أظهرت الوقائع الميدانية أن قدرات المحور الإقليمي الموالي لإيران تعاني من قيود كبيرة في هذه المرحلة الحرجة. فحزب الله اللبناني وجد نفسه في مواجهة ضغوط دولية غير مسبوقة، سواء من فرنسا أو من دوائر الأمم المتحدة، لمنع انزلاقه إلى مواجهة مفتوحة مع إسرائيل. كذلك فإن الجبهة الداخلية اللبنانية تعاني أصلًا من أزمات اقتصادية وسياسية تجعل من مغامرة الدخول في حرب جديدة قرارًا مكلفًا على كافة المستويات. الوضع لم يكن مختلفًا لدى المليشيات الموالية لإيران في العراق وسوريا، ففي بغداد أعلن قادة الحشد الشعبي حالة التأهب، لكنهم امتنعوا عن تنفيذ عمليات ذات أثر إستراتيجي مباشر منذ وقوع الضربة. وتشير تقديرات مركز الدراسات الإستراتيجية في بغداد إلى أن "التنسيق الأميركي مع حكومة محمد شياع السوداني أسهم بشكل حاسم في فرملة أي تحرك عسكري نوعي للمليشيات". وأكد تقرير خاص لوكالة "رويترز" أن هناك رسائل أميركية مباشرة أُبلغت للحكومة العراقية تتضمن تحذيرات واضحة من مغبة السماح بانطلاق عمليات انتقامية من الأراضي العراقية ضد إسرائيل أو القوات الأميركية. أما سوريا فقد نفذت فيها إسرائيل غارات وقائية مكثفة ضد مواقع مليشيات موالية لإيران في دير الزور وحمص، كما أنها تعاني من تغييرات "البيئة الجيوسياسية المعادية" بعد سقوط نظام بشار الأسد. وأكدت هذه المعطيات أن المحور الإيراني يواجه حصارا عسكريا واستخباراتيا كثيفًا يمنع حتى اللحظة الحلفاء من تنفيذ عمليات انتقام ذات طابع إستراتيجي. ويستثنى من ذلك حركة أنصار الله الحوثي في اليمن التي أعلنت دخول الحرب الى جانب إيران، وبطبيعة الحال حركة حماس التي تواجه حرب إبادة في قطاع غزة، لكنها أعلنت وقوفها إلى جانب إيران. وأعلن أبو عبيدة الناطق باسم كتائب القسام الجناح العسكري للحركة تضامن حماس مع إيران في وجه العدوان الإسرائيلي، وقال إن هذا العدوان لن يقوض جبهات المقاومة. دول الخليج والقلق المضاعف تتخوف دول الخليج من أن تصبح أراضيها أو منشآتها النفطية أهدافًا خلال هذه المواجهة، ودعت في بيان "الأطراف إلى ضبط النفس وتجنيب المنطقة المزيد من التوتر الذي لا تتحمله شعوبها ولا اقتصاداتها". القلق الخليجي لم يكن ناتجًا فقط عن احتمال تعرض المنشآت النفطية للهجوم، بل أيضًا عن الخوف من اضطراب طرق الملاحة في الخليج العربي ومضيق هرمز. ويأتي ذلك في ظل تجربة دول الخليج القاسية مع الاعتداءات السابقة على منشآت أرامكو عام 2019، مما جعل هذه العواصم تتعامل مع التصعيد الإسرائيلي الإيراني كحدث وجودي يتجاوز الحسابات السياسية المعتادة. ونقلت صحيفة "فايننشال تايمز" عن مسؤول خليجي رفيع أن "أي اضطراب في مضيق هرمز سيعيد ترتيب الأسواق العالمية بالكامل ويضع الخليج في مرمى العاصفة الاقتصادية والسياسية". وإلى جانب المخاوف الأمنية المباشرة، بات واضحًا أن دول الخليج تسعى لاحتواء المشروع النووي الإيراني ولا تريد أن تدفع ثمن مغامرات الآخرين. كما تتزايد الدعوات داخل الأوساط الخليجية لإعادة النظر في العلاقة مع إسرائيل التي بدت أكثر اندفاعًا نحو المغامرة من دون التنسيق الكامل مع الشركاء الإقليميين. التوقعات والاحتمالات ومفترق الطرق الإقليمي تبدو خارطة التوقعات للمشهد الإقليمي مفتوحة على سيناريوهات متضاربة، ويرى مراقبون أن طبيعة الرد الإيراني جاءت محسوبة لتفادي الاستدراج إلى حرب واسعة. لكن الرد الإيراني لا يخلو من الأخطار، فهو يفتح الباب أمام دورة جديدة من التصعيد قد تفقد طهران السيطرة عليها -وفق تقرير نشره موقع الجزيرة نت- خصوصًا مع تآكل قدرة منظوماتها الدفاعية على مواجهة هجمات جوية ونوعية متزامنة. في المقابل، أظهرت المؤسسة العسكرية الإسرائيلية استعدادًا واضحًا لتوسيع دائرة العمليات إذا قررت إيران فتح جبهة مباشرة. من جانب آخر، تلعب الولايات المتحدة دورا مزدوجا في هذه المرحلة، فهي ترى في التصعيد فرصة لفرض صفقة نووية جديدة بشروط أكثر صرامة، مما يكشف عن رغبتها في استخدام نتائج الضربة كأداة سياسية أكثر منها عسكرية. ويلخص الباحث جوناثان بانيكوف في تقرير نشره "المجلس الأطلسي" المشهد بقوله إن "المواجهة نجحت في فرض وقائع جديدة لكنها خلقت أيضًا فراغًا إستراتيجيا يتطلب إعادة تعريف للتحالفات والقواعد في الشرق الأوسط". ويتابع أن هذا الفراغ يترك المنطقة أمام مفترق طرق: إما العودة إلى طاولة المفاوضات على قاعدة جديدة من توازن القوة، أو الانزلاق إلى تصعيد لا تملك أي من الأطراف الرئيسية السيطرة الكاملة على مآلاته. وفي كلتا الحالتين، أصبح واضحًا أن الشرق الأوسط دخل مرحلة جديدة من الصراع المفتوح بين البرنامج والمخاطرة النووية. صراع تحت السقف النووي وفي المحصلة تكشف المواجهة أن المنطقة تدخل مرحلة جديدة من "الصراع تحت السقف النووي"، حيث لم تعد الخيارات التقليدية قادرة على تحقيق مكاسب نهائية لأي طرف. فقد أرادت إسرائيل من هذه العملية إرسال رسالة مزدوجة: الأولى لإيران بأن المشروع النووي لن يُترك ليبلغ مراحله النهائية من دون كلفة. الثانية لحلفائها في الغرب، خصوصًا واشنطن، بأن تل أبيب مستعدة للتحرك منفردة إذا ما شعرت بأن الدبلوماسية عاجزة عن تحقيق أهدافها. في المقابل، لا تزال إيران قادرة على المناورة، والخيارات المتاحة أمام طهران تشمل توظيف الحلفاء الإقليميين للرد بشكل غير مباشر، أو الدخول في لعبة التفاوض من موقع القوة عبر إظهار مرونتها النووية مقابل تنازلات اقتصادية وسياسية. ويبقى مستقبل المشهد معلقًا على توازن دقيق بين الحماسة الانتقامية في طهران، والمغامرة العسكرية في تل أبيب، وحسابات المصالح الباردة في واشنطن والعواصم الغربية والقوى الشرقية. الأكيد أن قواعد الاشتباك في الشرق الأوسط بعد هذه الضربة لن تعود كما كانت، سواء سار الجميع نحو طاولة المفاوضات أو اندفعوا إلى جولة جديدة من المواجهة المكلفة. فالمنطقة تقف على مفترق طرق بين خيار البرنامج النووي وخيار المخاطرة الإقليمية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store