
علي جمعة: التصوف في عصرنا الحاضر تاه بين الأعداء والأدعياء
قال الدكتور علي جمعة مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف عبر صفحته الرسمية على فيس بوك، إن في العصر الحاضر، خلط كثير من الناس بين تصرفات الصوفية وبين التصوف, كما خلط كثير من الخلق بين أفعال المسلمين وبين الإسلام. وأفعال المسلمين -في أي مكان وزمان- لم تكن أبدًا حجة على الإسلام.
وتابع: بل إن النبي ﷺ يحذر الناس من فساد الزمان والبعد عن السنة, وفي حديث حذيفة رضي الله عنه -الذي أخرجه البخاري ومسلم- يبين رسول الله ﷺ أن الشريعة هي الأساس, وأننا سنرى فتنًا, ومخالفة, واختلافًا بين الناس. يقول حذيفة: كان الناس يسألون رسول الله ﷺ عن الخير, وكنت أسأله عن الشر, مخافة أن يدركني, فقلت: يا رسول الله, إنا كنا في جاهلية وشر, فجاءنا الله بهذا الخير, فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: نعم. قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: نعم، وفيه دخن. قلت: وما دخنه؟ قال: قوم يهدون بغير هديي, تعرف منهم وتنكر. قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: نعم, دعاة إلى أبواب جهنم, من أجابهم إليها قذفوه فيها. قلت: يا رسول الله, صفهم لنا. فقال: هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا. قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: تلزم جماعة المسلمين وإمامهم. قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: فاعتزل تلك الفرق كلها, ولو أن تعض بأصل شجرة, حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.
فالحق أن المسلمين ليسوا حجة على الإسلام. ولما أمر ﷺ أمير الجيوش قال له: وإن حاصرت أهل حصن، فأرادوك أن تُنزلهم على حكم الله, فلا تُنزلهم على حكم الله, ولكن أنزلهم على حكمك, فإنك لا تدري, أتصيب حكم الله فيهم أم لا؟ (أخرجه أحمد).
وأشار إلى أن لذلك, فإننا عندما نتفاوض, نتفاوض باجتهادنا؛ فليس هذا هو كلام الله ولا كلام رسوله ﷺ , وإنما هو ما فهمناه من كلام الله ورسوله, ومن أجل ذلك, فإن العلماء من أهل التصوف تقيدوا بالكتاب والسنة, واجتهدوا كما اجتهد الفقهاء, وكما اجتهد أهل العقيدة والمتكلمون, لكنه اجتهاد مقيد بالكتاب والسنة.
ولفت إلى أنه قد نشأت الآن ناشئة تنكر التصوف لما رأته من بعض الخلل أو البدع ممن ينتسبون إليه, ولو نظرنا إلى سيرة رسول الله ﷺ لوجدنا أن هذا الذي فعلوه مخالف للمنهج النبوي؛ فلقد وجد رسول الله ﷺ أصناما حول الكعبة، فلم يهدم الكعبة, وإنما أزال الأصنام وأبقى الكعبة, هذا هو المنهج النبوي, إنه منهج رباني.
كذلك لو نظرنا إلى قوله تعالى: {إِنَّ الصَّفَا وَالمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللهِ فَمَنْ حَجَّ البَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَنْ يَطَّوَّفَ بِهِمَا} نجد أن الصحابة كان عندهم حرج أن يفعلوا تلك الأفعال التي فعلها المشركون عندما قصدوا وحجوا إلى بيت الله, وأرادوا إلغاء السعي جملة, لكن السعي من دين إبراهيم, هذا من الحنيفية، وهو بأمر الله سبحانه وتعالى.
لقد خلط المشركون الوثنية بشريعة إبراهيم, فخلصها الله تعالى منها, وجعل شريعة إبراهيم صافية, نحج بها إلى يومنا هذا: من طواف, وسعي, ورمي, ومبيت, ووقوف بعرفة.. إلى آخر هذا, وخلصها من النواقص أو الزوائد التي أضافها الوثنيون المشركون, لم يلغ هذا الأمر, لأن هذا ليس من الإنصاف, وليس من العدل, ورسول الله ﷺ يعلمنا الإنصاف والعدل, ولذلك خلص هذا من ذاك.
فالمنهج واضح: إذا اختلط الأمر, لا نرمي الجميع, بل نُخلّص هذا من ذاك, ونأمر بالمعروف، وننهى عن المنكر، وننكر البدع والانحرافات.
لكن التصوف في عصرنا الحاضر تاه بين أعدائه وأدعيائه؛ فهناك من يتمسك بمجموعة من البدع مدعيًا أنها هي التصوف, والتصوف براء من ذلك.
وبين ان التصوف هو حفظ مرتبة الإحسان, وهو مقيد بالكتاب والسنة. وله علماؤه عبر العصور, كتبوا فيه وعاشوا من أجله, وأوضحوه بألفاظ مختلفة في عصور مختلفة. تكلموا عن الزهد, وألف فيه أحمد بن حنبل وغيره من الأئمة, تكلموا عن الورع, والتقوى, وأعمال القلوب, وكتب كل هؤلاء في هذا الباب.
لكن ابتلينا في عصرنا هذا بمن يريد أن يخالف المنهج النبوي في حقيقة أمره, إلا أنه تزيا -في الظاهر- بالزي النبوي؛ تراه يطلق لحيته, ويقصر ثوبه, ويضع سواكه فوق أذنه وكأنه من الجيل الأول ومن السلف الصالح, ثم تراه -في بعض الأحيان عن جهل, وفي بعض الأحيان عن غرور وكبر- يخرج على المنهج النبوي, أحداث الأسنان، سفهاء الأحلام, يقولون من كلام خير البرية, لا يجاوز إيمانهم تراقيهم.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
شيخ الأزهر: عالم اليوم يمر بظروف حرجة وأزمة أخلاقية عاصفة
أصدرت المنظمة العالمية لخريجي الأزهر العدد الجديد من مجلتها الشهرية «منبر الوافدين»، في إطار إصداراتها الإعلامية الهادفة إلى تثقيف وتوعية الطلاب الوافدين. وتصدّر غلاف العدد صورة تجمع فضيلة الإمام الأكبر أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، وقداسة البابا تواضروس الثاني، تحت العنوان الرئيس: «شرائع الأديان سلام الأوطان». كما تضمن العدد مقالًا لفضيلة الإمام الأكبر بعنوان: «الأوطان تشتاق إلى سلام دائم وعيش لا عنف فيه ولا إرهاب». وفي مقاله، أكد الإمام الأكبر أن عالم اليوم يمر بظروف حرجة وأزمة أخلاقية عاصفة، حتى غدت معاني المحبة والسلام استثناءً في ظل سيطرة الأنانية والكراهية والصراع، مشيرًا إلى أنه: «لا يكاد يوجد وطن إلا وهو يشتاق إلى سلام دائم وعيش لا عنف فيه ولا إرهاب». وأعرب فضيلته عن أسفه الشديد لاتهام الأديان زورًا بأنها مصدر الإرهاب، مشددًا على أن السلام لن يعمّ العالم إلا إذا تعاونت المؤسسات الدينية وقادتها يدًا بيد على صناعته، مذكرًا بنداء الأزهر منذ أكثر من سبعين عامًا بضرورة إحلال السلام بين رجال الأديان أنفسهم، ثم بينهم وبين المفكرين وأصحاب القرارات المصيرية، قبل نشره بين الناس كافة. كما ضم العدد مقالًا للدكتور عباس شومان، رئيس مجلس إدارة المنظمة، أوضح فيه أن إرادة الله تعالى اقتضت اختلاف البشر في أديانهم ومعتقداتهم ومذاهبهم، ومنح الإنسان حرية الاختيار ليحاسب كل فرد أمام خالقه. وأكد أن القرآن الكريم والسنة النبوية وجّها البشرية إلى العيش في إطار وحدة إنسانية قائمة على المساواة والعدل والتقوى، بعيدًا عن أي تمييز عرقي أو ديني. وأضاف أن القيم الإنسانية العليا (كالعدل والرحمة والتسامح والوفاء بالعهد وحب الأوطان) ليست حكرًا على فئة بعينها، مشددًا على أن الالتزام بتعاليم الأديان الحقة يعزز قيم المواطنة ويحقق الانسجام المجتمعي، لتظل راية الوطن مرفوعة بسواعد جميع أبنائه مسلمين وغير مسلمين، في ظل عدالة تصون الحقوق وتُعلي الواجبات. وتناول الدكتور سلامة داود، رئيس جامعة الأزهر، في مقاله مفهوم المواطنة في المجتمع متعدد الديانات، مبينًا أنها تقوم على دمج جميع أفراد المجتمع – على اختلاف معتقداتهم – في نسيج الوطن الواحد، بما يتيح لهم المشاركة الفاعلة في الحياة العامة والمساهمة في تنمية مجتمعاتهم. وأشار فضيلته إلى جهود الأزهر الشريف بقيادة الإمام الأكبر في نشر قيم الوسطية والاعتدال وتصحيح المفاهيم المغلوطة، مستشهدًا بـ«وثيقة الأخوة الإنسانية» التي وقّعها الإمام الأكبر مع الراحل قداسة البابا فرنسيس واعتمدتها الأمم المتحدة، فضلًا عن تأسيس بيت العائلة المصرية بالتعاون مع الكنيسة المصرية. كما نشرت الدكتورة نهلة الصعيدي، مستشار شيخ الأزهر وعميد كلية العلوم الإسلامية للوافدين، مقالًا أوضحت فيه أن الرسالات السماوية جاءت لإطفاء نيران الصراع، وأن شرائعها وضعت نظامًا متكاملًا للسلام يبدأ من العقيدة ويتجسد في السلوك، مؤكدةً أن الأديان لم تكن يومًا سببًا في إراقة الدماء، بل كانت صوتًا يدعو إلى الرحمة والتعقل والعدل. واختُتم العدد بمجموعة من المقالات التي خطّها الطلاب الوافدون، عبّروا فيها عن جوهر وسطية الشرائع السماوية ورسالتها في إرساء التعايش المشترك، والعمل معًا على ترسيخ قيم السلام والعدل والمحبة بين الشعوب على اختلاف أديانها وثقافاتها، مؤكدين أن رسالة الأديان تقوم على بناء الإنسان ونشر الطمأنينة والوئام، بما يجسد رؤية الأزهر في تعزيز الحوار الحضاري وترسيخ أسس التفاهم بين الأمم.


بوابة اللاجئين
منذ 2 ساعات
- بوابة اللاجئين
اعتصام لفلسطينيي سوريا في البقاع احتجاجًا على تقليص مساعدات "أونروا"
نظّم حشد من اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا إلى لبنان، اليوم الاثنين 11 آب/أغسطس، اعتصامًا أمام مكتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في بلدة تعلبايا بالبقاع اللبناني، احتجاجًا على ما وصفوه بـ"التقليص الجائر" في المساعدات المالية المقدمة لهم، وللمطالبة بتحسين الخدمات واستعادة كامل حقوقهم المعيشية والخدماتية. اعتصام للمهجرين الفلسطينيين من سوريا أمام مكتب وكالة الأونروا في ثعلبايا بالبقاع اللبناني، للمطالبة بتحسين خدمات الوكالة ورفضًا للتقليصات في المساعدات، واستعادة حقوقهم المعيشية والخدماتية — بوابة اللاجئين الفلسطينيين (@refugeesps) August 11, 2025 ويأتي الاعتصام في ظل موجة غضب عارمة اجتاحت أوساط اللاجئين، عقب إعلان الوكالة، في بيان صدر السبت، صرف المعونات المالية المخصصة لهم منقوصة القيمة، بعد تقليصها إلى النصف. ويُذكر أن اللاجئين الفلسطينيين المهجرين من سوريا لم يتلقوا منذ مطلع العام الجاري سوى دورتين فقط من المساعدات، ما فاقم أوضاعهم الإنسانية والمعيشية الصعبة، خصوصًا في ظل الغلاء الفاحش وتدهور الأوضاع الاقتصادية في لبنان. وكانت "أونروا" قد أعلنت في وقت سابق تلقيها تمويلًا يغطي المعونات الدورية، غير أنها عادت في بيانها الأخير لتؤكد صرف مساعدة لدورة واحدة فقط، دون التعويض عن الدورات الفائتة، وهو ما اعتبره اللاجئون "استيلاءً على حقهم" وأثار اتهامات للوكالة بـ"سرقة المساعدات". مسؤول رابطة الفلسطينيين المهجرين من سوريا إلى لبنان، طالب حسن، اعتبر في تصريح له ما فعلته الوكالة بأنه "سرقة للمساعدات"، وقال: "فاجأتنا أونروا بإعلان تقليص قيمة المساعدة إلى النصف، أي أن نصف المبلغ ضاع أو سرق، علمًا أنها كانت قد أكدت في بيانها السابق أنها أمّنت التمويل اللازم لصرف مساعدة عن شهرين في بداية آب/أغسطس، وكان من المفترض أن تصرف كاملة، لكننا فوجئنا ببيان جديد يفيد بإلغاء نصفها، رغم علمهم أن اللاجئ الفلسطيني القادم من سوريا في لبنان من أكثر الفئات فقرًا وحاجة". وأضاف حسن: "نحن لاجئون مهجّرون، كثيرون منا لا يملكون حتى أجرة المسكن، والآن تكمل أونروا معاناتنا بتقليص المساعدة وكأنها سُرقت منّا. كيف حدث ذلك؟ ولماذا؟ الله أعلم، لكن من واجب الوكالة أن توضح الأمر بشفافية". وشدد المعتصمون على أن استمرار هذه السياسة سيؤدي إلى تفاقم أوضاعهم المعيشية الكارثية، وطالبوا بالمزيد من الضغط على الوكالة والجهات المانحة للوفاء بوعودها وصرف كامل المستحقات دون نقصان. بوابة اللاجئين الفلسطينيين


LBCI
منذ 2 ساعات
- LBCI
مقدمة النشرة المسائية 11-8-2025
ينهمك لبنان بالتحضير لزيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني، اتيا من العراق، حيث وقَّع مذكرة تفاهم أمنية مشتركة مع مستشار الأمن القومي العراقي قاسم الأعرجي، تتعلق بالتنسيق الأمني للحدود المشتركة بين البلدين. استبق الزيارة موقف للمتحدث باسم الخارجية الإيرانية "اسماعیل بقائي" كان لافتًا فيه التخفيف من حدة المواقف الإيرانية التي أكدت رفض تسليم حزب الله سلاحه، فعقد مؤتمرًا صحافيًا مطولًا لم يذكر فيه حزب الله، فردَّ على سؤال عن موقف الجمهورية الإسلامية الإيرانية من مسألة سلاح المقاومة في لبنان، إذ قال: موقفنا من التطورات الأخيرة، وبشأن سلامة أراضي لبنان ووحدتِه واستقلاله، موقف ثابت ومؤكَّد، ولطالما أكدنا ضرورة الحفاظ على استقلال لبنان وسلامة أراضيه وحقِّ هذا البلد في الدفاع عن نفسه. السؤال هنا: هل من ترابط بين شمول زيارة المسؤول الإيراني العراق ولبنان، بالتزامن والتوازي؟ الأنظار إلى هذه الزيارة، ومَن ستشمل؟ وهل تتوسع إلى خارج المسؤولين الرسميين؟ في انتظار الزيارة، يتواصل الأهتمام بتقدم التحقيق في انفجار مخزن وادي زبقين الذي أدى إلى استشهاد ستة عسكريين من الجيش. التحقيق ينتظر تقريرًا من الوحدة الفرنسية العاملة في اليونيفيل، التي كانت إحدى الدوريات التابعة لها دخلت الموقع وأعلمت الجيش اللبناني، كذلك يَنتظر التحقيق تعافي العسكري المصاب ليتمكن من إعطاء إفادته.