
الجنرال حميدتي... ظاهرة صوتية مسلحة
هل هو حيّ أو ميّت، أين يعيش، في السودان أو خارجه؟ لماذا يظهر ويختفي كثيراً؟ أسئلة تقفز إلى الذهن مباشرة لدى الحديث عن قائد "قوات الدعم السريع" محمد حمدان دقلو (حميدتي).
الرجل الأربعيني طويل القامة، يتكلم بثقة كبيرة. يريد أن يكون كل شيء وأي شيء. جنرال وقائد وزعيم وبطل شعبي ورئيس دولة، حلمه الأول. حميدتي لم يعتد على الأحلام، بل كان يصنعها وينتزعها، بخاصة أنه يملك ما لم يملكه غيره: المال والسلاح والرجال والنفوذ.
لم يبدأ مسيرته عسكرياً، بل بدأ تاجراً للإبل والأغنام والأقمشة، حتى شكّل جماعة من الرجال عملوا على تأمين القوافل وردع قُطّاع الطرق واللصوص. وقد تمكن الرجل بفضل جماعته من تكوين ثروة كبيرة وميليشيات قوية استرعت انتباه البشير، الذي استعان بهم في صراع دارفور عام 2003.
يُعتبر دقلو من الشخصيات المثيرة للجدل في السودان، حيث يُنسب إليه دور بارز في الأحداث السياسية والعسكرية التي شهدتها البلاد خلال العقدين الماضيين.
يعرف حميدتي فقط أن لديه مشروعاً شخصياً ورغبة جامحة في حكم السودان. لم نسمع منه يوماً برنامجاً متكاملاً للبلاد، فهو لا يملك مشروعاً سياسياً أو فكرياً واضح المعالم.
ترك الدراسة وبدأ العمل في تجارة الإبل في دارفور، ووفقاً لمحمد سعد، وهو مساعد سابق، فقد حمل حميدتي السلاح للمرة الأولى بعدما هاجم رجال قافلته التجارية وقتلوا نحو 60 من عائلته وسرقوا ماشيته.
تعززت مهاراته القتالية عندما تحالف الموالون له وغيرهم من القوات غير النظامية مع الحكومة للمساعدة في إخماد التمرد في دارفور، وعرفت تلك الميليشيات باسم "الجنجويد" وهو مصطلح يعني "شياطين على ظهور الخيل" وهو ما يعكس سمعتهم المخيفة.
وأثبتت قواته أنها خصم صعب المراس بالنسبة إلى الجيش، إذ استولت على بعض قواعده واحتمت في مناطق سكنية فقدت فيها المدرعات الثقيلة والتكتيكات العسكرية التقليدية أفضليتها.
رفض الرجل قمع المتظاهرين في 2019، وعندما شعر أن أيام الرئيس الذي لطالما دعمه ولّت، دعا لإسقاط عمر البشير وكل رجال الحرس القديم، وتقليص الفترة الانتقالية، وطرح استفتاءً بشأن بقاء القوات السودانية في حرب اليمن، وأدلى بتصريحات لافتة دعا فيها الحكومة إلى توفير الخدمات للمواطنين وتوفير سبل العيش الكريم لهم.
تعززت مهاراته القتالية عندما تحالف الموالون له وغيرهم من القوات غير النظامية مع الحكومة للمساعدة في إخماد التمرد في دارفور، وعرفت تلك الميليشيات باسم "الجنجويد" وهو مصطلح يعني "شياطين على ظهور الخيل" وهو ما يعكس سمعتهم المخيفة.
يستمد الكثير من نفوذه من قوات "الدعم السريع" التابعة له، والتي أتقن مقاتلوها خبرة حروب الصحراء في منطقة دارفور، لكنهم يفتقرون إلى انضباط الجيش النظامي.
في وثائقي صُوّر في ريف دارفور، يظهر دقلو ببزة عسكرية وهو يخفي جزءاً من وجهه، وينفي أي ضلوع له في ارتكاب تجاوزات. ومع تنامي دور ونفوذ قوات "الدعم السريع" تحدثت تقارير عن سيطرتها على عدة مناجم للذهب، والتي تديرها شركة الجنيد المرتبطة بـ "حميدتي"، ناهيك عن حراستهم لمناجم في دارفور وكردفان، وفق ما نقلته مؤسسة كارنيغي.
وتسيطر القوات على منجم ذهب في جبل عامر منذ 2017، إضافة إلى مناجم أخرى في جنوب كردفان، وهي تعد مصدراً هاماً لتمويل الميليشيات، وجعلها قوة مادية وعسكرية ذات نفوذ واسع في السودان، بحسب تحليل المؤسسة.
وفي مقابلة مع صحيفة "اندبندنت" البريطانية عام 2019، نفى أنه يجمع ما بين "السلطة والثروة"، رافضاً الاتهامات بحقه حول امتلاكه مناجم ذهب. وقال حميدتي "لا أملك مناجم... ليس هناك سوى منجم واحد في جبل عامر وثمة شراكات مع آخرين"، وبعضها يعاني التعثر، مشيراً إلى أنه "يتم دفع الزكاة ورسوم التصدير"، مشدداً على سلامة الإجراءات القانونية التي تحكم عمل هذه الشركات.
الشبح
في خطاب مسجل مدته أربع دقائق، نُشر في منصات "الدعم السريع" على مواقع التواصل الاجتماعي، قال حميدتي إن قواته قادرة على استعادة الخرطوم بعد سقوطها بيد الجيش، وبعد أن كانت تحت قبضتها منذ اندلاع الحرب في السودان في أبريل (نيسان) 2023.
وأوضح أن قرار انسحاب قواته، اتُخذ بالإجماع من القيادة العسكرية العليا وإدارة العمليات الحربية، لإعادة التموضع في أم درمان. وأضاف حميدتي "صحيح أننا خرجنا من الخرطوم، لكن سنعود إليها أشد قوة ومنعة وانتصاراً".
كان هذا الخطاب، بعد اختفاء طويل. لطالما اختفى الرجل وظهر مجدداً، وسط تكهنات بمقتله. وكانت صحيفة "وول ستريت جورنال" الأميركية، لفتت في تقرير، إلى "اختفاء" حميدتي من ميادين القتال منذ أشهر، مما "أثار استياءً واسعاً وسط جنوده، وشعورهم بالتخلي عنهم".
هذه حال الرجل، يظهر ويختفي مجدداً وهذا ما كان يحصل معه منذ بداية الحرب الأهلية الجديدة في السودان.
ففي إحدى الهدن القصيرة التي اقترحتها الولايات المتحدة والسعودية خلال الأسبوع الأول من الحرب، أعلنت قوات "الدعم السريع" أن موقعها الإلكتروني تعرض لعملية اختراق، ونشر عليه نعي لقائدها حميدتي. واتهمت في بيان الجيش السوداني بعملية اختراق الموقع، زاعمة أن الأخير بث أخبار رسائل غير أخلاقية، في إشارة إلى نعي حميدتي.
ضجت وسائل التواصل الاجتماعي بخبر مقتل حميدتي في غارة جوية، لكنه ظهر بالزي العسكري الخاص بـ"الدعم السريع" وهو يحمل بندقية، على عربة مسلحة رباعية الدفع، محاطاً بعدد من جنوده عند القصر الرئاسي الذي تسيطر عليه قواته منذ اليوم الأول للحرب.
وطوال الأشهر الأولى من الحرب، ظلت الوسائل مشغولة بتجدد الخبر ومحاولات إثباته من تيارات داعمة للجيش، ونفيه من أخرى مؤيدة لـ"الدعم السريع". وخلال تلك المدة أجرت معه بعض وسائل الإعلام مقابلات قبل أن يختفي مرة أخرى وتتجدد الروايات في شأن حياته.
تصاعد الجدل في شأن مصير حميدتي الذي بات يكتفي بتسجيلات صوتية ومصورة، بعد أن كان يحرص على الظهور المتكرر قبل الحرب، فأثناء الفترة التي قضاها في منصب نائب رئيس مجلس السيادة كان حضوره طاغياً على رئيس المجلس وقائد الجيش الفريق عبد الفتاح البرهان. وإضافة إلى تحركاته الداخلية التي شملت معظم أقاليم السودان، في زيارات رسمية ولقاءات جماهيرية، كانت له جولات إقليمية ودولية، حتى تنبأ بعضهم بأنه يعد نفسه لدور الرئيس المقبل.
يستمد الكثير من نفوذه من قوات "الدعم السريع" التابعة له، والتي أتقن مقاتلوها خبرة حروب الصحراء في منطقة دارفور، لكنهم يفتقرون إلى انضباط الجيش النظامي.
استعاض إعلام "الدعم السريع" عن الحضور الفعلي بالتسجيلات المصورة والمسموعة، مثل كلمته المسجلة الموجهة إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة، في الـ21 من سبتمبر (أيلول) الماضي، التي قال فيها إن "الحرب أشعلها النظام السابق الذي انتفض ضده الشعب". وكانت كلمته المصورة في الـ28 من يوليو (تموز) 2023، هي بداية التشكيك في أن الفيديوهات والرسائل الصوتية، قد تكون تمت معالجتها فنياً أو باستخدام الذكاء الاصطناعي.
وقال مستشار قائد "الدعم السريع" عمران عبدالله إن "حميدتي لا يحب الظهور في وسائل الإعلام والحديث عما يفعله، وإنما يهتم بالنتائج فقط".
سيرة
ولد محمد حمدان دقلو عام 1975 في ولاية شمال دارفور، على طريق قوافل التجارة بين السودان وليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى، وتعود جذوره إلى إحدى أكبر القبائل البدوية العربية في بلاده، وهي "الرزيقات" المنتشرة بشكل أساسي في إقليم دارفور وكردفان وبعض المناطق شرق تشاد.
تلقى تعليمه في الكتاتيب التقليدية، لكنه انقطع عن التعليم منذ عام 1991، وكان آنذاك في عمر الـ15 سنة. في شبابه، عمل دقلو في تجارة الإبل والأغنام، متنقلاً بين تشاد وليبيا ومصر. لاحقاً، كوّن ميليشيات لحماية القوافل التجارية من قطاع الطرق، والتي تطورت في ما بعد لتصبح قوة كبيرة لفتت أنظار الحكومة السودانية.
جنى حميدتي ثروة كبيرة من عمله هذا في التسعينيات، مما مكنه من توسيع ميليشيات قبلية خاصة به تنافست مع ميلشيات قبلية أخرى، وعند اكتشاف الذهب في جبل عامر سيطرت ميليشياته على مناجمه.
تبدأ قصة حميدتي في عام 2003، عندما حشدت حكومة البشير قوات من الرعاة العرب لمحاربة المتمردين الأفارقة في دارفور، وكانت نواة هذه القوات، التي عرفت لاحقاً باسم "الجنجويد" مؤلفة من رعاة إبل من عشيرتي المحاميد والماهرية، من قبائل الرزيقات في شمال دارفور والمناطق المتاخمة لها في تشاد.
وخلال الحرب الضارية في دارفور بين عامي 2003-2005، كان قائد الجنجويد الأكثر شهرة والأسوأ سمعة هو موسى هلال، زعيم عشيرة المحاميد.
وبرز حميدتي الذي كان يعمل إلى جانب هلال، عندما تمكن من توسيع الميليشيات التي يقودها من الماهرية وضم إليها قبائل أخرى، لينافس زعيمه السابق هلال وليستعين به البشير لاحقاً إثر خلاف مع الأخير.
في عام 2007 عين حميدتي عميداً، وضمت قواته إلى جهاز المخابرات السوداني، وفي عام 2013 أعاد هيكلتها الرئيس المخلوع عمر البشير وسماها "قوة الدعم السريع"، وجعلها كياناً رسمياً شبه عسكري بقيادة حميدتي الذي منحه البشير صلاحيات وامتيازات كبيرة أثارت غيرة وحفيظة كبار الضباط، وجعل البشير القوة تقاتل نيابة عن الحكومة السودانية في عهده خلال الحرب في دارفور.
زادت ثروة حميدتي في تلك الفترة، ورافقتها زيادة نفوذه وقواته، حتى استولى على مواقع تعدين الذهب الرئيسة في منطقة دارفور، وبحلول عام 2017 شكلت مبيعات الذهب في البلاد 40 في المئة من الصادرات.
وفي عام 2015 استطاع حميدتي تطوير علاقاته الخارجية، إذ أرسل وحدات "الدعم السريع" إلى اليمن بعد انضمام السودان إلى تحالف مع السعودية لمحاربة الحوثيين.
حاول عمر البشير تعزيز نفوذ "قوة الدعم السريع" وجعلها مركز قوة موازية للجيش، تفادياً لأي انقلاب عسكري. وواصل حميدتي صعوده اللافت في دوائر الحكم السوداني، وحصل على ترقيات عسكرية استثنائية رفعته إلى رُتبة لواء ثم إلى رتبة فريق، من دون أن تُفلح ضغوط القادة العسكريين في الإطاحة به بعدما تنامى عداء الجيش له.
وتقول بعض التقارير إن سيطرة حميدتي وقواته على مناجم الذهب في السودان، في جبل عامر خصوصاً، بعد الإطاحة بزعيم ميليشيات الجنجويد السابق موسى هلال، أكسبت حميدتي استقلالاً مالياً وقوة خارج سيطرة أجهزة الجيش، فاقمتها بعض أيادي الدعم الخارجي كما يقول خصومه.
وفي يناير (كانون الثاني) 2017 أقرت الحكومة قانون "الدعم السريع" ونقلت تبعية "القوة" من جهاز الأمن والمخابرات إلى القوات المسلحة، على رغم أن معظم منتسبيها ليسوا عسكريين.
حامي البشير
عندما أراد البشير أن يحتمي من خصومه خلال فترة حكمه التي استمرت 30 سنة، اختار حميدتي لهذا الدور. ومع إعجابه بدهاء حميدتي ومهاراته القتالية، اعتمد البشير عليه في التعامل مع المتمردين على الحكومة في صراع دارفور وفي أماكن أخرى في السودان.
وأضفى الشرعية على ميليشيات حميدتي. وحصل على رتبة عسكرية وكان له مطلق الحرية في السيطرة على مناجم الذهب في دارفور وبيع المورد الأكثر قيمة في السودان. وبينما توالت الأزمات الاقتصادية على البلاد، أصبح حميدتي ثرياً.
وفي مقابلة مع "بي بي سي" قال حميدتي إنه ليس أول شخص يمتلك مناجم ذهب، ولا يوجد ما يمنع من العمل في الذهب.
وأبدى حميدتي القليل من التسامح مع المعارضة. وقال شهود إن قوات "الدعم السريع" شنت حملة دامية على تجمع احتجاجي في 2019 أمام وزارة الدفاع بعد الإطاحة بالبشير، مما أودى بحياة ما يزيد على مئة شخص. ونفى حميدتي إصدار أمر بالاعتداء على المحتجين.
طموح غير محدود
وبعد دعمه للبشير على مدى سنوات، شارك حميدتي عام 2019 في الإطاحة بحليفه القديم الذي واجه ضغوطاً من احتجاجات حاشدة، طالبت بالديمقراطية وحل المشكلات الاقتصادية.
وفي إطار شراكة مدنية عسكرية أقيمت بعد عزل البشير، لم يهدر حميدتي أي وقت في محاولة رسم مستقبل السودان الذي حكمه قادة عسكريون استولوا على السلطة في معظم تاريخه بعد الاستعمار.
حاول عمر البشير تعزيز نفوذ "قوة الدعم السريع" وجعلها مركز قوة موازية للجيش، تفادياً لأي انقلاب عسكري. وواصل حميدتي صعوده اللافت في دوائر الحكم السوداني
وتحدث علناً عن الحاجة إلى "ديمقراطية حقيقية"، والتقى بالسفراء الغربيين. كما أقام صداقات قوية في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، بعد أن أرسل قوات "الدعم السريع" لدعمهم ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران في الحرب الأهلية اليمنية. وأجرى محادثات مع الجماعات المتمردة.
وقالت شخصية معارضة، طلبت عدم نشر اسمها خوفاً من تعرضها للانتقام، "خطط حميدتي ليصبح الرجل الأول في السودان. لديه طموح غير محدود".
سرعان ما تغيّر دور حميدتي وخطابه بعد اشتداد الاحتجاجات المطالبة بسقوط البشير. صحيح أن الرئيس السوداني المخلوع هو الذي فتح أبواب النفوذ والجاه للرجل، لكن "واجب الوقت" كان يملي عليه السير في طريق معاكس. ولذا، قرر حميدتي التخلي عن البشير بعد 15 سنة من تقديم الحماية له، ورفع صوته مُطالِباً بـ"الإنصات للشعب".
خلافه مع البرهان
بعد الإطاحة بالبشير في أبريل (نيسان) 2019، بات حميدتي نائباً للفريق الأول عبد الفتاح البرهان في المجلس العسكري، ومن ثم عضواً في مجلس السيادة الانتقالي الذي يترأسه البرهان، ظهرت تقارير إعلامية بين الحين والآخر تتحدث عن وجود خلافات بين الرجلين.
وقد شكلت قوات حميدتي من ذلك الوقت صداعاً في رأس البرهان الذي لم يكن مرتاحاً لبقائها خارج قبضة الجيش، ومن ثم بدأت المفاوضات السرية بين الطرفين من أجل ضم هذه القوات للجيش، أو على الأقل تقليص صلاحيتها. وعلى رغم الخلاف بين الرجلين، فقد جمعتهما مصلحة مشتركة في إبعاد المدنيين عن المشهد السياسي، أو تقليص تأثيرهم في أدنى الأحوال.
وعلى رغم العديد من البيانات الصادرة عن المجلس للتأكيد على عدم وجود صراع، وتأكيد البرهان نفسه على أن القوات المسلحة (التي يشغل البرهان منصب قائدها العام) وقوات "الدعم السريع" (بزعامة حميدتي) "على قلب رجل واحد"، ترددت أصداء خلافات بينهما حول عدد من القضايا، من بينها حركة وانتشار قوات "الدعم السريع" في الخرطوم وولايات أخرى، فضلاً عما تردد عن محاولة "الدعم السريع" عقد صفقات ذات طابع اقتصادي، مع عدد من الشركات الدولية من دون علم الدولة.
كما تحدثت تقارير إعلامية نقلاً عن مصادر عسكرية عن أن الصراع يتركز بالأساس حول النفوذ الشخصي، أكثر من كونه صراعاً بين القوات المسلحة و"الدعم السريع"، ويبدو أن هذا ما أدى إلى احتدام الصراع بين الرجلين أخيراً.
الاندماج بالجيش
لا تعد المرات التي قال فيها حميدتي صراحة إنه لن يخضع للدمج في القوات المسلحة. فعقيدته الراسخة أن "الدعم السريع" جاء ليبقى. وورد في كتاب "جنجويد الإمبراطورية" لعشاري أحمد محمود أن حميدتي أعاد في تأبينه لأحد قادة القوات المسلحة في الرابع من يونيو (حزيران) 2021 ما سبق أن قاله للطاهر حسن التوم على برنامج "حتى تكتمل الصورة" في 2018 حرفاً بحرف. فقال في تأبين 2021، والدعوة إلى حل "الدعم السريع" لا مجرد دمجها يتردد صداها في شوارع الخرطوم، إن انشغال الناس بدمج قواته مجرد جهل بمنشئها وأدوارها في الدفاع عن البلد. فقواته قامت لتهدئ من روع دولة خشيت من غزو حركات دارفور المسلحة للخرطوم حتى إنها فكرت في هدم جسر مدينة كوستي الرابط بين الغرب والعاصمة. وقامت قواته بالواجب. فما احتاجت الحكومة إلى هدم الجسر. واستنكر على المطالبين بدمجهم، بعد خدماتهم تلك للبلد، هذا الجحود: يأكلونهم لحماً ويرمونهم عظماً. وخلص حميدتي إلى أن كلام دمج "الدعم" في الجيش بلا طائل لأنه قام بقانون صادر من برلمان منتخب. وعليه فهو ليس كتيبة أو سرية تدمجها في الجيش متى شئت.
ووفق إحصاءات غير رسمية، بلغ تعداد قوة "الدعم السريع" عام 2019 نحو 40 ألف عنصر معظمهم من القبائل السودانية من الغرب والشرق، ودججها البشير بالأسلحة الخفيفة والمتوسطة مثل البنادق والمدافع الصغيرة وسيارات الدفع الرباعي. وتفيد تقارير بأنها أصبحت حالياً نحو 100 ألف مسلح، مزودين بعربات رباعية الدفع مسلحة وسريعة الحركة.
وما كان يخشاه السودانيون وقع، إذ اندلعت مواجهات عسكرية واسعة في العاصمة السودانية الخرطوم وغيرها من المدن في 15 أبريل (نيسان) 2023، بين قوات "الدعم السريع" التي يقودها محمد حمدان دقلو، والجيش السوداني الذي يقوده الفريق عبد الفتاح البرهان الذي يتولى المجلس السيادي الانتقالي الذي يحكم السودان منذ الإطاحة بحكومة عبدالله حمدوك في أكتوبر (تشرين الأول) 2021.
عقوبات
فرضت وزارة الخزانة الأميركية مطلع عام 2025، عقوبات على حميدتي، قائد قوات "الدعم السريع"، إضافة إلى سبع شركات وفرد واحد مرتبطين بهذه القوات. والعقوبات الجديدة فرضت بموجب الأمر التنفيذي رقم 14098 الذي يعاقب "أشخاصاً معينين يزعزعون استقرار السودان ويقوضون هدف الانتقال الديمقراطي".
وقال وزير الخارجية السابق أنتوني بلينكن إن قرار واشنطن استند إلى معلومات حول عمليات قتل "منهجية" ارتكبتها قوات "الدعم السريع" ضد رجال وفتيان واغتصاب نساء وفتيات من مجموعات إثنية معيّنة.
وقالت الوزارة إنه منذ ما يقرب من عامين، "انخرطت قوات الدعم السريع التابعة لحميدتي في صراع مسلح وحشي مع القوات المسلحة السودانية للسيطرة على السودان، ما أسفر عن مقتل عشرات الآلاف، وتشريد 12 مليون سوداني، وإحداث مجاعة واسعة النطاق".
وتحت قيادة حميدتي، انخرطت القوات في "انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان، بما في ذلك العنف الجنسي على نطاق واسع وإعدام المدنيين العزل والمقاتلين العزل".
كما فرض مجلس الأمن الدولي عقوبات على اثنين من القادة في قوات "الدعم السريع" شبه العسكرية في السودان بسبب زعزعة استقرار البلاد من خلال العنف وانتهاكات حقوق الإنسان. وتعمدت القوات حرمان الشعب السوداني من الإغاثة الإنسانية واستخدام ذلك سلاح حرب، وفق المصدر نفسه.
وتضمنت العقوبات شركة "كابيتال تاب"، ومقرها الإمارات، متهمة إياها بتقديم الأموال والمعدات العسكرية لقوات "الدعم السريع"، تحت قيادة المواطن السوداني أبو ذر عبد النبي حبيب الله أحمد (أبو ذر).
وقال نائب وزير الخزانة والي أديمو "تواصل الولايات المتحدة الدعوة إلى إنهاء هذا الصراع الذي يعرض حياة المدنيين الأبرياء للخطر... تظل وزارة الخزانة ملتزمة باستخدام كل أداة متاحة لمحاسبة المسؤولين عن انتهاك حقوق الإنسان للشعب السوداني". وأوردت الأمم المتحدة، إن أكثر من 30 مليون شخص، أكثر من نصفهم من الأطفال، يحتاجون إلى المساعدة في السودان بعد سنتين من الحرب، داعية إلى تعبئة دولية "غير مسبوقة" في مواجهة أزمة إنسانية "مروعة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

سودارس
منذ 2 أيام
- سودارس
بعض الناشطين في السياسة عندنا في حاجة فعلاً إلى اختبار (مناط التكليف)
بعض الناشطين في السياسة عندنا في حاجة فعلاً إلى اختبار (مناط التكليف) هذا … أول هؤلاء مَنْ يُردِّدون ( ليس من مصلحة المدنيين أن يخرج أحد طرفي النزاع منتصراً في هذه الحرب!!) هذه الفكرة المجنونة تطوَّرت من (جنون سابق) تمثَّل في التقرَّب إلى المليشيا على أيام الفترة الانتقالية بهدف الاستقواء على الجيش ببندقية حميدتي لقطع الطريق على مطامع قيادة الجيش في السلطة ، ويذكر الناس اللغة التي تغيرت عندهم من وصف الدع..م الس،،ريع بالجنجويد إلى شيء من الاعتراف بنظامية القوات وبجميل لها في حماية الثورة ، عبَّر عن ذلك الجميل ناشط (مجنون) قريباً بقوله : ( لولا وجود حميدتي لتحوَّل البرهان إلى سيسي جديد) ردَّ على هذا أستاذنا دكتور عصمت عصمت محمود أحمد ( ولولا البرهان لتحوَّل حميدتي إلى هولاكو جديد!!) وظهر هذا الاستقواء أوضح ما يكون على أيام الاتفاق الإطاري، لدرجة أنه لما غاب عن مَحفل للإطاريين تمثيل الجيش كان بعضهم يسخر واثقاً بأنَّ المهم حميدتي موجود!! هذا التعاطي السياسي المجنون وجد طريقاً كذلك إلى بعض الناشطين الرافضين للجميع ، للجيش وللمليشيا وللسياسيين الذين يسعون بينهما _ يبغونهم تسليم السلطة لهم _ عبَّر عن هذا الجنون بعضهم بأقوال على شاكلة : ( نحنا ح نجر لينا كراسي ونقعد نخلف رجل على رجل ونشرب جَبَنة وناكل فيشار وننتظر المتأهل منهم يلاقينا في النهائي!!) _ طبعاً قامت الحرب فأصبحت الكراسي في بلد والجَبَنة في بلد والبقولوا الكلام دا في بلد !!_ فكرة (كورة الكاس) أوالمباراة (الفاينال) في الدوري هذه لا تبتعد كثيراً عن فكرة (توازن الضعف) المجنونة التي يقول بها الآن مَنْ يزعمون أنهم قادة سياسيين في أحزاب أو في تحالف سياسي من أمثال خالد سلك _ تفترض الفكرة منافسة بين ثلاثة أندية ، نادي (الجيش) ونادي (المليشيا) _ تسمية المليشيا هنا من عندي لا من عند أصحاب الفكرة _ ونادي (المدنيين)!! ومادامت المبارة الآن بين (الجيش vsالمليشيا) فالأفضل لنادي (المدنيين) أن تنتهي بالتعادل ليأخذ (الجيش) نقطة واحدة وتأخذ (المليشيا) نقطة واحدة!! لأن فوز أحد طرفي المباراة _ النزاع_ يعطيه العلامة الكاملة (3 نقاط) وهذا ليس في صالح نادي (المدنيين) في سباق نقاط التنافس على الدوري العام!!! هل سمعتِ الدنيا بجُنون كهذا ؟! وهل وُجِدتْ أُمَّة تصدَّر مشهدَها السياسي مَنْ يُفكِّرون بهذا الاستسهال وهذه السذاجة لا في الصراع السياسي المعروف على السلطة بل في التلاعب المجنون ب(وجود الدولة) نفسها؟!! السادة أصحاب فكرة (توازن الضعف) هذه ، أنتم لستم عملاء ولا أدوات للخارج _ هذه ربما تكون دعايات خصوم ينافسونكم في السياسة ويصارعونكم على السلطة _ أنتم فقط مُتَّهمون بشيءٍ يتعلَّق ب(مناط التكليف)!! عمر الحبر script type="text/javascript"="async" src=" defer data-deferred="1" إنضم لقناة النيلين على واتساب مواضيع مهمة ركوب الخيل لا يناسب الجميع؟ أيهما أصعب تربية الأولاد أم البنات؟ جسر الأسنان هل تعقيم اليدين مفيد؟ الكركم والالتهابات أفضل زيوت ترطيب البشرة

سعورس
منذ 3 أيام
- سعورس
انطلاق الانتخابات يفتح الجدل حول سلاح حزب الله.. لبنان يصوت فوق أنقاض الدمار
المشهد الانتخابي في الجنوب بدا فريداً هذا العام، فبينما توافد المواطنون إلى صناديق الاقتراع في بلدات مدمّرة ومناطق تفتقر إلى البنية التحتية، انتشرت لافتات دعائية لحزب الله تدعو إلى التصويت له، في محاولة واضحة لإظهار استمرار نفوذه الشعبي والسياسي رغم الضربات التي تلقاها في المواجهة العسكرية الأخيرة مع إسرائيل، والتي اندلعت في أكتوبر 2023 وتصاعدت حتى بلغت ذروتها في سبتمبر 2024. الحزب ادعى أن هذه الحرب بأنها جاءت دفاعاً عن غزة ومؤازرة لحماس، لكن نتائجها كانت قاسية، إذ أسفرت عن مقتل عدد كبير من مقاتليه، بينهم قياديون بارزون، إلى جانب تدمير مناطق شاسعة من البنية التحتية في الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت. فيما تستمر الانتخابات، برز موقف حاسم من الحكومة اللبنانية الجديدة التي أكدت سعيها إلى حصر السلاح بيد الدولة، وهو بند رئيسي في اتفاق وقف إطلاق النار مع إسرائيل، الذي تم التوصل إليه بوساطة أمريكية. وأوضح وزير الخارجية اللبناني ، يوسف راجي، أن "المجتمع الدولي، وخصوصاً الجهات المانحة، أبلغت الدولة اللبنانية بأن أي دعم مالي لإعادة الإعمار سيكون مشروطاً بنزع سلاح حزب الله". وفي هذا السياق، أكد دبلوماسي فرنسي أن "استمرار الغارات الإسرائيلية وعدم تحرك الحكومة بسرعة لنزع السلاح سيحولان دون أي تمويل دولي حقيقي". وأضاف أن الدول المانحة تطالب أيضاً بإصلاحات اقتصادية وهيكلية كشرط مسبق للمساعدات. رد حزب الله لم يتأخر، إذ اتهم الحكومة اللبنانية بالتقصير في ملف إعادة الإعمار. وقال النائب في البرلمان عن الحزب، حسن فضل الله، إن "تمويل إعادة الإعمار يقع على عاتق الدولة، التي لم تتخذ أي خطوات فعالة حتى الآن". وحذر من أن التباطؤ في معالجة هذا الملف قد يؤدي إلى تعميق الانقسام الطائفي والمناطقي، متسائلاً: "هل يمكن أن يستقر جزء من الوطن وجزء آخر يئن تحت وطأة الدمار؟". ويزعم الحزب أن تحميله وحده مسؤولية الأزمة فيه تجاهل للتركيبة السياسية اللبنانية ولتقصير الدولة التاريخي في التنمية، خاصة في المناطق الجنوبية. من جهته، أشار الباحث في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، مهند الحاج علي، إلى أن ربط المساعدات الدولية بنزع سلاح حزب الله يأتي بهدف الضغط على الحزب، لكن "من غير المرجح أن يقبل الحزب بذلك بسهولة، خاصة في ظل اعتقاده أن سلاحه لا يزال يمثل وسيلة ضغط إقليمية". أما رئيس مجلس الجنوب ، هاشم حيدر، فقد أقر بأن الدولة لا تملك حالياً الموارد المالية الكافية لعملية إعادة الإعمار، لكنه لفت إلى أن هناك "تقدماً في عمليات رفع الأنقاض في بعض المناطق المتضررة". وتشير تقديرات البنك الدولي إلى أن لبنان يحتاج إلى نحو 11 مليار دولار لإعادة الإعمار والتعافي، وهي أرقام ضخمة تتطلب استقراراً سياسياً وأمنياً غير متوفرين حالياً. الانتخابات البلدية، التي تُفترض أن تكون محطة ديمقراطية محلية، تحوّلت إلى مؤشر على حجم الأزمة الوطنية في لبنان. فالمسألة لم تعد محصورة بإدارة الخدمات المحلية، بل باتت جزءاً من معركة كبرى حول هوية الدولة وسلطتها، ودور حزب الله في الداخل والخارج. وفيما يتابع اللبنانيون عمليات الاقتراع بكثير من القلق، تبدو الطريق نحو إعادة الإعمار طويلة وشائكة، وتعتمد على قرارات سياسية كبرى لم تُحسم بعد، وفي مقدمتها ملف السلاح.


Independent عربية
منذ 3 أيام
- Independent عربية
كواليس مقتل 40 يمينيا بانفجار مخازن أسلحة حوثية
نددت الحكومة اليمنية "بالجريمة المروعة" التي اتهمت ميليشيات الحوثي بالتورط فيها، إثر تخزينها أسلحة داخل أحد المنازل في حي سكني مكتظ بمنطقة صرف التابعة لمديرية بني حشيش في صنعاء، وتسبب في حصيلة أولية بمقتل 40 مواطناً وإصابة المئات، وتدمير عشرات المنازل وسط تعتيم إعلامي ومنع شديد من سلطات الحوثيين لتصوير مواقع الحادثة التي نتج منها دوي انفجارات هائلة، استمرت حتى صباح اليوم. ودعت الحكومة اليمنية "المواطنين في مناطق سيطرة الميليشيات إلى رفض تحويل أحيائهم إلى مخازن للأسلحة"، مهيبة بكل من يعلم بوجود مستودع سلاح في محيطه أن يتحرك مع جيرانه لإخراجه فوراً، منعاً لتكرار مآس كتلك التي شهدتها صرف. وعدت أن "ما حدث ليس مجرد انفجار عرضي، بل جريمة حرب مكتملة الأركان ارتكبتها ميليشيات الحوثي في حق المدنيين". وتظهر مقاطع الفيديو المتداولة أعمدة دخان كثيفة تغطي سماء المنطقة وهرولة أشخاص بينهم أطفال، هرباً من الصواريخ المتطايرة قبيل لحظات من وقوع انفجار هائل هز أرجاء المنطقة. وأظهرت مقاطع أخرى لحظات هلع الأهالي وصراخ رجل يردد بتساؤل موجوع "أين نذهب؟". موت مخبأ لا يعلمه أحد وصباح أمس الجمعة استيقظ الأهالي في منطقة "خشم البكرة" التابعة لمديرية صرف شرق العاصمة صنعاء على دوي انفجارات هائلة، تبين لاحقاً أنها ناتجة من تفجر مخازن ضخمة للأسلحة جرى تخزينها بسرية في أقبية واسعة تحت الأرض، وسط الأحياء السكنية خشية تعرضها للقصف الأميركي. وذكر مصدر محلي من منطقة صرف لـ"اندبندنت عربية" أنه انفجار المخازن بصورة مفاجئة ودون قصف إسرائيلي، عقب استئناف التصعيد المتبادل بين الميليشيات الحوثية والجيش الإسرائيلي أمس، أثار موجة شكوك واتهامات حوثية متبادلة عن السبب الذي أدى لتفجر هذه الكميات الكبيرة، وهي مخزنة بصورة محكمة في أقبية خرسانية تحت الأرض نتج منها مقتل وجرح العشرات، بينهم ركاب حافلتين كانتا تمران قرب موقع الحادثة جرى نقلهم لمستشفيات العاصمة صنعاء. وأوضح المصدر الذي طلب إخفاء هويته أن المخازن كانت تحوي صواريخ وذخائر ومتفجرات متنوعة استمرت بالتطاير حتى صباح اليوم، وسط تعتيم إعلامي شديد من قبل سلطات الحوثيين التي باشرت بإقامة سياجات أمنية حول المكان لمنع الأهالي من الاقتراب. مطاردة الموثقين وبدلاً من معالجة الواقعة، سارعت ميليشيات الحوثي بنشر مئات العناصر المسلحة لملاحقة عدد من المدنيين، بحجة تصوير ونشر مقاطع فيديو توثق الانفجارات العنيفة التي هزت منطقتهم في بني حشيش، فيما شددت قبضتها الأمنية على المستشفيات التي استقبلت الضحايا والمصابين ومنها مستشفيات الشيخ زايد والثورة والسعودي الألماني والعسكري والشرطة والمؤيد. وباشرت الجماعة وفقاً للمصدر، "بمطاردة واعتقال كل الشباب الذين صوروا مقاطع تصوير تبين انفجار وتطاير الصواريخ وعمليات انتشال الأهالي لعشرات الضحايا من تحت أنقاض المنازل المدمرة بالكامل، والتحقيق معهم ووصفهم بالعملاء للصهاينة واتهامهم بمحاولات إثارة الرأي العام بحسب ما سمعه الأهالي من المشرفين الحوثيين الذين باشروا بعمليات الملاحقة". ويؤكد المصدر أن الانفجارات تسببت بدمار كلي لنحو 10 منازل مجاورة ودمار جزئي لنحو 10 أخرى واحتراق عدد من السيارات، فضلاً عن حال من الهلع بين الأهالي الذين نزح بعضهم للقرى المجاورة جراء تضرر المنطقة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) وأظهرت مقاطع مصورة بثها ناشطون يمنيون مواطنين وهم ينتشلون جثامين مدنيين من تحت أنقاض المنازل، فيما استخدم آخرون أغطية وملابس للف جثمان طفل. عسكرة المدن وأثارت الحادثة استياء واسعاً لمستوى الاستهتار الذي تبديه ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران بأرواح وممتلكات ومقدرات اليمنيين، إذ لم تكن حادثة "خشم البكرة" الأولى من نوعها، فقد سبقتها حوادث متكررة في العاصمة صنعاء وباقي المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة أسفرت عن سقوط ضحايا مدنيين جراء إصرارها على تخزين الأسلحة والذخائر وسط الأحياء السكنية، في سلوك عدته بيانات حقوقية "انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني" الذي "يرقى إلى جرائم الحرب". وتوالت بيانات التنديد من عدد من الجهات والمنظمات الحقوقية والإنسانية منها الشبكة اليمنية للحقوق والحريات، وهي ائتلاف حقوقي واسع دان في بيان "استمرار ميليشيات الحوثي في تحويل الأحياء السكنية لمخازن أسلحة، كما حدث من انفجار مروع في خشم البكرة". وقال إن "ميليشيات الحوثي دأبت منذ انقلابها على الشرعية على عسكرة المدن وتحويل المنشآت الحيوية والمناطق السكنية إلى منصات لإطلاق الصواريخ والطائرات المسيرة، متخذةً من المدنيين دروعاً بشرية في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني". من جانبه، دان المركز الأميركي للعدالة" ACJ)) أمس الحوثيين جراء تخزينهم أسلحة وسط المنازل، "في حادثة تمثل كارثة إنسانية وخرقاً جسيماً للقانون الدولي الإنساني". وقال المركز إن "الاستمرار في تخزين الأسلحة والمتفجرات وسط الأحياء المدنية يعد انتهاكاً صارخاً لاتفاقات جنيف ويعرض حياة الأبرياء للخطر"، مؤكداً أهمية ملاحقة جميع القيادات الحوثية المتورطة في مثل هذه الممارسات. وأوضح المركز، نقلاً عن شهود عيان ومصادر طبية، أن الانفجار الذي وقع أول من أمس الخميس، نجم عن تفجير عرضي داخل منشأة تحت الأرض بين منطقتي خشم البكرة وصرف، إذ كانت الميليشيات تخزن أسلحة ومتفجرات شديدة الخطورة. وقال إن المستودع احتوى على صواريخ للدفاع الجوي ومواد متفجرة مثل نترات الصوديوم ونترات البوتاسيوم ومادة C4 العسكرية. تعريض المقدرات للقصف وأعلنت الجماعة الحوثية خلال الـ17 من مارس (آذار) الماضي استئناف هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيرة تجاه إسرائيل، عقب انهيار هدنة غزة بحجة مساندة الفلسطينيين. وأكدت عزمها مواصلة "مهاجمة السفن المرتبطة بتل أبيب بغض النظر عن جنسيتها" وهو ما يثير المخاوف الشعبية من تعرضهم للقصف الإسرائيلي كما يجري في غزة، وتعريض مقدراتهم للتدمير كما حدث مع مطار صنعاء وميناءي الحديدة ورأس عيسى مطلع الشهر الجاري. وقال الناطق العسكري للمليشيات يحيى سريع أمس إنهم أطلقوا "صاروخاً باليستياً فرط صوتي استهدف مطار بن غوريون"، وأضاف أن الصاروخ "تسبب في هرب ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ وتوقف حركة المطار". ولكن الدفاعات الإسرائيلية أعلنت أول من أمس عبر المتحدث أفيخاي أدرعي اعتراض صاروخين باليستيين دون أضرار أطلقهما الحوثيون، الذين تبنى زعيمهم عبدالملك الحوثي في خطبته الأسبوعية إطلاق ثمانية صواريخ وعدداً من المسيرات خلال أسبوع.