logo
سيف النويس: لم أجد علاجي في أميركا.. وجاء الفرج من الوطن

سيف النويس: لم أجد علاجي في أميركا.. وجاء الفرج من الوطن

الإمارات اليوممنذ 10 ساعات

تجربة إنسانية صعبة خاض فصولها بعزيمة وصبر، الإماراتي سيف عبدالله النويس، مجسداً نموذجاً استثنائياً في تجاوز الصعاب وتحقيق الذات، وذلك بعد أن واجه محنة فقدان السمع في عمر مبكر، وانقطع صوته عن العالم، لكنه لم ينكفئ على إعاقته، بل حوّلها إلى حافز للمثابرة والنجاح. وبإصرار لا يعرف الانكسار ودعم عائلي ووطني، استعاد النويس السمع وتعلم النطق، وتفوق دراسياً ومهنياً، ليصبح مثالاً إنسانياً نابضاً بالإلهام لشباب الإمارات الصاعد الذي لا تعيق طريقه التحديات، بل تمنحه القوة والإيمان الراسخ بأن الطموح لا حدود له.
صمت كامل
في بداية حواره مع «الإمارات اليوم»، توقف سيف النويس عند بدايات معاناته مع فقدان حاسة السمع، قائلاً: «كنت في مرحلة مبكرة جداً من عمري حين أصابتني حمى شديدة تركتني في عزلة صوتية تامة، لم أعد أستجيب خلالها لنداءات أهلي ولا للعالم من حولي، وبدأت أتصرف بشكل غريب، فكانت أمي تناديني ولا أجيب، فبدأت تشعر أن هناك خللاً ما». وأضاف: «لم تكن لدي مؤشرات سابقة على وجود مشكلة صحية، إلا أن الغموض الذي لفّ وضعي، دفع والدي إلى البدء في رحلة طويلة من الفحوص والمتابعات، وقال الأطباء حينها إنها مجرد حرارة وستمر، لكن الحقيقة كانت أنني فقدت حاسة السمع تماماً، وأصبحت أعيش في صمت كامل».
الفرج من الوطن
وبعد ملاحظة حالة ابنهما، تحرك والدا سيف بسرعة، وقرر والده نقله إلى الولايات المتحدة بحثاً عن علاج، قائلاً: «بقينا هناك نحو شهر، وعلى الرغم من كل الجهود، لم نجد علاجاً مناسباً أو خطة صحية واضحة المعالم». وأضاف: «جاء الفرج من الوطن، حيث وصل خبر حالتي الصحية إلى المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، فطلب من طبيب مختص آنذاك، أن يزرع لي قوقعة في أذن واحدة، ولأنني كنت طفلاً مشاغباً، فقد انكسرت الزراعة من الداخل، ما اضطر الطبيب إلى إجراء زراعة في الجهتين».
وإثر هذه العملية، تحسنت حالة سيف واستعاد السمع تماماً في عمر أربع سنوات، لكنه واجه في المقابل مشكلة أخرى تتعلق بالنطق والتعلم والكلام، ما دفع والداه إلى إلحاقه بعدد من المراكز المتخصصة، لكن دون فائدة تذكر، ليبدأ سيف مرحلة جديدة من التحدي وصفها قائلاً: «لعبت أمي الدور الأهم، وقد كانت بطلة القصة، حيث بدأت بتعليمي من المنزل، فأحضرت دفاتر وصوراً، ودأبت على تدريبي على النطق كلمة بكلمة، متسلحة بالصبر والإرادة».
سجن التنمر
بدأ سيف شيئاً فشيئاً في تعلم النطق، ثم التحق متأخراً - لكن بعزيمة لا تقهر - بمقاعد الدراسة ليُبدي تفوقاً ملحوظاً، ويتجاوز سجن «التنمر» الذي وضعه فيه الأولاد، قائلاً: «كانوا يضحكون مني ويشيرون إلـيّ ساخرين، وكنت أعود إلى المنزل وأقول لأمي إنني لن أذهب مجدداً إلى المدرسة، فكانت تجمع حطام روحي بعباراتها اللطيفة، مؤكدة أنني الأقوى وأنني نعمة من الخالق، وأنه يجب علـيّ عدم الشعور بالخجل أو الحرج مما أنا فيه». وأضاف: «مع الوقت، باتت توصيات أمي ونصائحها درعاً نفسية قوية في مواجهة التحديات ونظرة الناس، فقد جعلتني أكثر قوة وثباتاً لدرجة بات فيها الجميع يطلقون علـيّ لقب (بطل السمع)، وذلك بعد تمكني من تجاوز محنتي والمضي قدماً في الحياة».
ارتقاء
وباقتدار وتمكّن، نجح «بطل السمع» الإماراتي في شق طريق الحياة، وتحقيق الطموح، وذلك بعد بلوغه 26 عاماً ونيله شهادة البكالوريوس في مجال التسويق وريادة الأعمال من جامعة زايد في العاصمة أبوظبي، فيما يعمل اليوم في أحد المصارف الخاصة في قسم الاستثمار المؤسسي، واصفاً هذه التجربة بالقول: «حين تقدّمت للعمل، أخبرتهم بكل صراحة بأنني من أصحاب الهمم، فلم أتلقّ سوى الاحترام والتقدير، ولم أشعر للحظة بأنني أقل من أحد، لأنني على يقين تام وإيمان مطلق بأن ما مررت به أكسبني مهارات لا تُكتسب بسهولة». وتابع: «بينما كانت التقارير الطبية تتيح لي الإعفاء، كان لدي إصرار على أداء الخدمة الوطنية وخدمة بلادي، فالتحقت بمطار زايد الدولي لأتقلد لمدة عام كامل، مهام المفتّش التي أعتبرها من أجمل التجارب في حياتي، لأنها علمتني الانضباط وتحمل المسؤولية».
لا للعجز
أكد الشاب الإماراتي سيف عبدالله النويس، أن علاقته الأليفة مع الصمت لم تنتهِ، فحين يقوم بنزع السماعة من أذنيه يعود إلى حالة الصمت التام، واصفاً هذا الأمر بأريحية لا متناهية، مضيفاً: «أشعر بسلام عميق بعد أن تعلمت من الصمت أن ألاحظ التفاصيل، وأصبحت مع مرور الوقت قادراً على قراءة الشفاه بدقة، وفهم حركة الوجه، واستيعاب أن الصمت ليس عجزاً، بل طريقة مغايرة للفهم».
فرصة للأمل
تمسك سيف عبدالله النويس بتوجيه رسالة لكل من يمر بتجربة استثنائية مثله، قائلاً: «الإعاقة ليست نهاية، بل شكل مختلف للبداية». وتابع: «دون دعم عائلتي ورعاية دولتي، ما كنت لأصل إلى ما وصلت إليه اليوم، وما كنت لأثبت لنفسي كل يوم أنني أستحق هذه الحياة، فكل لحظة نعيشها فرصة، وكل صوت نسمعه نعمة، وقد تعلمت أن أقدّر النعمة، بعد أن فقدتها».
سيف النويس:
• لعبت أمي الدور الأهم، وقد كانت بطلة القصة، حين بدأت بتعليمي من المنزل، وتدريبي على النطق كلمة بكلمة.
• توصيات أمي ونصائحها كانت درعاً نفسية قوية في مواجهة التحديات ونظرة الناس، والتنمر علـيّ.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بلدية العين تطلق حملة موسعة لتوعية 10 آلاف عامل بمخاطر الإجهاد الحراري
بلدية العين تطلق حملة موسعة لتوعية 10 آلاف عامل بمخاطر الإجهاد الحراري

البيان

timeمنذ ساعة واحدة

  • البيان

بلدية العين تطلق حملة موسعة لتوعية 10 آلاف عامل بمخاطر الإجهاد الحراري

أطلقت بلدية مدينة العين حملة توعية موسعة تحت شعار "السلامة في الحر 2025"، بالتعاون مع مركز أبوظبي للصحة العامة، وذلك بالتزامن مع بدء سريان تطبيق "حظر العمل وقت الظهيرة" على مستوى الدولة. وتستهدف الحملة توعية 10 آلاف عامل بمخاطر العمل في الأماكن الحارة والمكشوفة تحت أشعة الشمس خلال فترة الظهيرة، وذلك في إطار جهودها لحماية العمال من آثار الإجهاد الحراري والأمراض المرتبطة بارتفاع درجات الحرارة خلال فصل الصيف. وتمتد الحملة على مدى ثلاثة أشهر من 15 يونيو حتى 15 سبتمبر 2025، وتُركز على ساعات الحظر المقررة من 12:30 ظهراً حتى 3:00 عصراً، حيث تشتد درجات الحرارة وتزداد مخاطر التعرض للإجهاد الحراري. وقالت الدكتورة غوية حميد النعيمي رئيس قسم التوعية والتواصل بإدارة البيئة والصحة والسلامة، إن هذه المبادرة تأتي في إطار التزام بلدية مدينة العين بتوفير بيئة عمل آمنة وصحية، لضمان تطبيق أعلى معايير السلامة المهنية، بالإضافة إلى رفع الوعي المجتمعي بأهمية اتخاذ الإجراءات الوقائية خلال أشهر الصيف الحارة. وأوضحت أن الحملة تقدم برامج توعوية أساسية لوقاية العمال من الإجهاد الحراري ومخاطر العمل في الصيف، وتعمل على تعزيز ثقافة السلامة الحرارية وفهم برنامج إدارة الإجهاد الحراري في مواقع العمل المكشوفة، علاوة على تأكيد التزام المؤسسات بتطبيق قانون حظر العمل وقت الظهيرة، وتوفير بيئة عمل ملائمة وآمنة، وحث أصحاب العمل على توفير التدريب الذاتي لضمان التعليم والتوعية المستمرة. وتتضمن الحملة حزمة من الأنشطة الميدانية والتوعوية، تشمل توزيع منشورات إرشادية، وتنظيم ورش عمل وفعاليات مجتمعية بالتعاون مع شركاء من القطاعين الحكومي والخاص، بالإضافة إلى تنفيذ زيارات ميدانية تفقدية للتأكد من الالتزام بالإجراءات الوقائية وقوانين العمل المعمول بها، مع التأكيد على مسؤولية أصحاب العمل في توفير ضروريات السلامة مثل محطات المياه المبردة وأماكن الظل والاستراحة للعمال.

باحثون في «نيويورك أبوظبي» يطورون اختباراً سريعاً لرصد الفيروسات المُعدية
باحثون في «نيويورك أبوظبي» يطورون اختباراً سريعاً لرصد الفيروسات المُعدية

الإمارات اليوم

timeمنذ 8 ساعات

  • الإمارات اليوم

باحثون في «نيويورك أبوظبي» يطورون اختباراً سريعاً لرصد الفيروسات المُعدية

طوَّر فريق من الباحثين في جامعة نيويورك أبوظبي شريحة اختبار تشخيص مصنوعة من الورق، تُتيح لغير المتخصصين استخدامها لرصد فيروسات الأمراض المُعدية خلال أقل من 10 دقائق، دون الحاجة إلى معدات مخبرية متطوّرة، وتقدم «شريحة RCP-Chip» حلاً سريعاً خفيفاً منخفض التكلفة للفحص الميداني للأمراض المُعدية. وتقوم فكرة الابتكار على اكتشاف أصغر آثار المادة الوراثية الفيروسية في عينات اللُّعاب، لسهولة جمعها دون حاجة إلى الوخز بالإبر أو الجراحة، حيث يشير تغيُّر اللون إلى وجود الفيروس المستهدف. وتعمل شريحة الاختبار دون كهرباء أو معدات خاصة، وتحتاج إلى مصدر حرارة معتدل (نحو 65 درجة مئوية)، أي بحرارة الماء الدافئ. ويتضمَّن تصميمها المبتكَر مكوِّنات صغيرة، مثل منافذ العينات والفتحات، والمقاومات السائلة، وغرف التفاعل المحمّلة مسبقاً بالبادئات والإنزيمات وجسيمات الذهب النانوية في جهاز ضمن ورقة واحدة، ويمكن تعديلها لرصد مختلف مسبّبات الأمراض المُعدية (البكتيريا، الفيروسات)، من خلال أنواع متعددة من العينات مثل اللعاب والدم والمصادر البيئية.

تحذير من حسابات وهمية تروّج أدوية لـ «التوحّد» غير مثبتة علمياً
تحذير من حسابات وهمية تروّج أدوية لـ «التوحّد» غير مثبتة علمياً

البيان

timeمنذ 8 ساعات

  • البيان

تحذير من حسابات وهمية تروّج أدوية لـ «التوحّد» غير مثبتة علمياً

نورا الأمير، وميرفت عبدالحميد أكد مختصون وخبراء وأولياء أمور تصاعد وتيرة الإعلانات التي تروّج علاجات غير موثوقة لاضطراب طيف التوحد، ما يوقع العديد من الأسر في شرك هذه العروض المضللة، ويدفعها إلى اللجوء إليها على أمل شفاء أبنائها، الأمر الذي يؤدي في كثير من الأحيان إلى تأخير التدخل الصحيح من قبل المراكز المتخصصة. وأوضحوا أن هذا الواقع المؤلم يفاقم معاناة الأسر التي تواجه تحديات مالية واجتماعية جسيمة، خصوصاً في ظل ارتفاع تكاليف علاج التوحد، والتي تشكل عبئاً اقتصادياً هائلاً على العائلات، حيث يبلغ متوسط كلفة علاج الحالة الواحدة في المراكز الحكومية على مستوى الدولة قرابة 62 ألف درهم سنوياً، وتتضاعف هذه الكلفة في مراكز التوحد الخاصة لتصل أحياناً إلى 400 ألف درهم. وأشاروا إلى أن أولياء أمور ذوي التوحد يجدون أنفسهم أمام معضلة مالية حقيقية، تدفعهم قسراً للجوء إلى بعض المنصات والمواقع الإلكترونية غير الموثوقة التي تدعي علاج أبنائهم من المرض، ما ينعكس سلباً على سرعة التدخل الصحيح من قبل المراكز المتخصصة، ويؤدي إلى تدهور الحالة الصحية للطفل. ورغم التقدم الكبير الذي شهدته المؤسسات الطبية ومراكز التأهيل، أكد المختصون أن هناك نقصاً في الفهم العميق لطبيعة اضطراب طيف التوحد، ما يسبب أحياناً تهميشاً غير مقصود أو إصدار أحكام خاطئة من قبل الأسر والمجتمع. وشددوا على ضرورة استمرار حملات التوعية لبناء مجتمع أكثر تقبلاً ودعماً لأصحاب الهمم، بالإضافة إلى توجيه الأسر نحو المسارات العلاجية المعتمدة، لضمان التدخل المناسب في الوقت المناسب. انتشار مقلق في هذا الإطار، أكد محمد العمادي، مدير عام مركز دبي للتوحد وعضو مجلس إدارته، أن هناك انتشاراً مقلقاً لما يمكن تسميته بـ «الادعاءات المضللة» حول وجود علاجات سحرية أو نهائية لاضطراب طيف التوحد، هذه الادعاءات، التي غالباً ما تروج عبر منصات التواصل الاجتماعي، تستهدف مشاعر الأهالي وتستغل الجوانب النفسية والعاطفية لديهم، لتقديم حلول زائفة مقابل مبالغ مالية، دون أي سند علمي أو طبي معتمد. وأوضح قائلاً: «تتنوع الادعاءات بين وصفات عشبية، وعلاجات دوائية غير مرخصة، وجلسات طاقة وغيرها، دون أدنى اعتبار لحالة الطفل أو للأسرة. والأسوأ من ذلك أن بعض الأسر قد تؤجل التدخل العلاجي الصحيح بسبب تلك الإعلانات، ما ينعكس سلباً على تطور الطفل ويؤدي إلى تدهور صحته النفسية والجسدية. وذكر أن مركز دبي للتوحد يسعى إلى التصدي لهذه الظاهرة من خلال تنظيم حملات توعية موجهة لتثقيف المجتمع بشأن طبيعته وطرق التدخل المبنية على الأدلة العلمية، لتعزيز فهم أعمق بين الأسر والمجتمع، وتقديم ورش عمل ومحاضرات دورية للأهالي لتعريفهم بالأساليب المعتمدة دولياً، وتوعيتهم بمخاطر الممارسات غير الموثوقة، وتشجيعهم على اللجوء للمصادر المعتمدة، علاوة على التعاون مع الجهات الإعلامية والرقابية لتفنيد الشائعات والمعلومات المضللة، ولفت الانتباه إلى خطورتها وتأثيرها السلبي على الأسر والأطفال، كما يسعى المركز إلى المشاركة في بناء سياسات تنظيمية تحظر الإعلانات الزائفة التي تستغل قضايا أصحاب الهمم، وتطبيق قوانين رادعة لردع المتلاعبين بحالة الأطفال. وأضاف العمادي: «نحن في المركز نؤمن أن التوحد ليس مرضاً يحتاج إلى علاج تقليدي، بل هو اضطراب نمائي عصبي يتطلب فهماً وتقبلاً، وتدخلاً تخصصياً مبكراً، يرتكز على خطط فردية مصممة بحسب احتياجات كل طفل، وبمشاركة فعالة من الأسرة. ترويج زائف بدورها، أوضحت إيمان عبدالكريم، مديرة البرنامج المدرسي في مركز دبي للتوحد، أن الترويج لعلاجات زائفة أو غير مثبتة علمياً يمثل استغلالاً مباشراً لمعاناة الأهالي، خصوصاً في ظل رغبتهم الشديدة في مساعدة أطفالهم وتحقيق تحسن في حالتهم، مشيرة إلى استخدام أساليب تسويقية عاطفية تخاطب الأمل والقلق، وتقدّم على شكل شهادات «نجاح» غير موثقة أو قصص مفبركة، ما يؤدي إلى إهدار الوقت والمال، ويزيد من حدة الإحباط لدى الأسر. وشددت عبدالكريم على أن التوعية تمثل جدار حماية للأسر من الوقوع ضحية للوهم والاستغلال العاطفي والمادي، وتسهم في توجيههم نحو المصادر الموثوقة والمعتمدة طبياً، داعية الأهالي أن يكونوا حذرين من أي علاج يعد بنتائج سريعة أو شفاء دون أي دليل علمي قوي يدعمه، والتأكد من أن العلاجات أو العروض تأتي من مصادر موثوقة، مثل الأطباء المتخصصين أو المؤسسات الطبية المعترف بها. ومن المهم جداً تجنب العروض غير المدعومة بالأبحاث العلمية الموثوقة. رسالة إلى الأهالي وتحذر رزان قنديل، مسؤولة التوعية في المركز خلال رسالة واضحة إلى أولياء الأمور الذين لديهم أطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد، حاثة إياهم ألا يصدقوا أي ادعاءات تزعم إمكانية شفاء التوحد كلياً أو معالجته بشكل نهائي، أو اللجوء إلى أي تدخلات أو علاجات دون التأكد من أنها مبنية على الأدلة العلمية المعتمدة من جهات حكومية رسمية ومصادر موثوقة. وترى قنديل أن مثل هذه الأساليب غير المعتمدة قد يكون لها آثار سلبية على الطفل وذويه، وقد تعرّض الطفل لمخاطر صحية ونفسية تزيد من تعقيد حالته بدلاً من تحسينها، خصوصاً في ظل وجود العديد من الأشخاص الذين يدّعون امتلاك «العلاج» أو «الحل السحري»، ويستغلون حاجة الأهل ويأسهم لتحقيق مكاسب مادية، دون النظر إلى مصلحة الطفل. لذلك، من الضروري الحذر وعدم الانسياق خلف هذه الادعاءات. وأضافت، في مركز دبي للتوحد، نعتمد الممارسات المبنية على الأدلة العلمية، ويحرص المركز دائماً على توعية وتوجيه أولياء الأمور بشأن العلاجات غير المعتمدة والممارسات المشكوك في فعاليتها، لحمايتهم وحماية أبنائهم من أي ضرر محتمل، مطالبة الأهل أن يمنحوا أطفالهم الوقت الكافي للنمو والتطور، وأن يقدموا لهم الدعم بخطة تدريجية واقعية، دون الضغط عليهم لإظهار تحسن سريع، فلكل طفل وتيرته الخاصة، والدعم المستمر هو الأساس. وشددت قنديل على أهمية وضع قيود واضحة وفعالة من الجهات المختصة على الأفراد أو المؤسسات التي تروّج لممارسات غير معتمدة أو غير مبنية على الأدلة العلمية، وذلك للحد من التضليل الذي قد يعرّض العائلات والأطفال لمخاطر جسيمة، وحماية المجتمع من الاستغلال غير المسؤول. تجربة واقعية وتستعرض فاتن عبدالله الأنصاري، أم لثلاثة أبناء، منهم طفل يعاني من طيف التوحد، تجربتها الشخصية مع هذا الواقع تقول: «عندي ثلاثة أبناء، الكبيرة تعاني من متلازمة داون، وطفلي محمد يعاني من طيف التوحد بنسبة ذكاء عالية، وهو دائماً مشارك فاعل في الأنشطة»، مشيرة إلى تعرضها لإعلانات كثيرة لعلاجات خارج الدولة تزعم علاجاً كاملاً، واصفة الأمر بالمزعج لكونه يضع الأسرة في حالة نفسية صعبة. وقالت: «أدرك جيداً أن هذه الادعاءات كاذبة، والترويج لأدوية تعالج التوحد بشكل كامل مجرد خداع يلعب بمشاعر الأسر، والطفل يكون ضحية لذلك»، مؤكدة ضرورة رفع وعي الأسر والتوجه إلى المراكز العلاجية المعتمدة. حماية المستهلك وحول ظاهرة منصات بيع الوهم لذوي التوحد، أكد أحمد علي موسى، مدير إدارة حماية المستهلك في مؤسسة دبي لحماية المستهلك والتجارة العادلة، أهمية الدقة والحذر عند التعامل مع المنصات الإلكترونية، لضمان سلامة الجمهور وحصولهم على خدمات موثوقة وآمنة. وأشار موسى إلى ضرورة التأكد من أن هذه المنصات مرخصة من الجهات المختصة، وتلتزم بالمعايير المهنية والقانونية المعتمدة، ويمكن للمستهلكين التحقق من الترخيص الرسمي لأي منشأة عبر الموقع الإلكتروني لدائرة الاقتصاد والسياحة أو عبر السجل الاقتصادي الوطني، حيث توفر هذه القنوات بيانات دقيقة وشاملة وفورية للرخص الاقتصادية القائمة في الدولة. وأكد أن التحقق من الجهات التي يتم التعامل معها من الواجبات الأساسية للمستهلك الواعي، ولفت إلى أن الوعي هو الدرع الأول لحماية المستهلك من الوقوع ضحية لممارسات غير قانونية أو مضللة، وفي حال مواجهة ممارسات مشبوهة، تشجع الإدارة جميع المستهلكين على تقديم ملاحظاتهم أو شكاواهم عبر القنوات الرسمية المتاحة لدى دائرة الاقتصاد والسياحة – إدارة حماية المستهلك، مؤكداً أن الإدارة تتعامل مع كافة الشكاوى والملاحظات بجدية وبالتنسيق مع الجهات المعنية. وأعرب موسى عن استعداد الإدارة التام والدائم للتعاون في نشر ثقافة الاستهلاك الواعي والمسؤول في المجتمع، مؤكداً أن وعي المستهلك وحرصه على التعامل مع منصات موثوقة ومرخصة هو الأساس في بناء بيئة رقمية وتجارية آمنة وعادلة. دعم أصحاب الهمم من جانبها، أوضحت هيئة تنمية المجتمع في دبي أنها توفر كافة سبل الرعاية الاجتماعية لأصحاب الهمم ومن فيهم ذوو اضطراب طيف التوحد وأسرهم، حيث تعمل على تمكينهم ودمجهم في المجتمع من خلال توفير الحماية الاجتماعية وتأمين الحياة الكريمة لهم، ما يؤهلهم ليكونوا أفراداً منتجين، وتسعى الهيئة إلى طرح عدة مبادرات وبرامج متخصصة تهدف إلى تمكينهم والاهتمام باحتياجاتهم وتأهيلهم لتخطي التحديات والوصول إلى أقصى إمكانياتهم، كما تخصص منفعة لأصحاب الهمم تساعدهم في تغطية تكاليف المعيشة والعلاج والتعليم والسكن، وتقدم خدمات متنوعة تشمل تسجيل الطفل في مراكز رعاية وتأهيل أصحاب الهمم للحصول على التدريب والتأهيل اللازم لتمكينه من الدمج في المجتمع، وتتمثل هذه المساعدة المالية في دعم تكاليف خدمات مثل تسديد الرسوم الدراسية والتأهيلية، أو مقدم رعاية، أو مساعد شخصي، أو مؤهل مهني، أو مترجم لغة إشارة، أو معلم ظل، أو أجهزة تقنيات مساعدة، أو تأهيل سيارة أو وسيلة نقل، أو تأهيل بيئة العمل، وذلك ضمن حدود قيمة المنفعة. وأوضحت الهيئة أن مركز دبي لتطوير نمو الطفل هو المركز الحكومي الوحيد في دبي، الذي يوفر خدمات تقييمية وتأهيلية شاملة للأطفال من أصحاب الهمم منذ الولادة حتى سن السادسة، بالإضافة إلى تقديم خدمات الدعم والاستشارات المناسبة للأسر والمجتمع. تدخل مبكر وأوضحت الدكتورة هبة شطة، المؤسسة والمدير التنفيذي لمركز الطفل للتدخل الطبي المبكر، أن اضطراب طيف التوحد هو حالة ترتبط بنمو الدماغ وتؤثر على كيفية تمييز الشخص للآخرين والتعامل معهم على المستوى الاجتماعي، ما يتسبب في مشكلات في التفاعل والتواصل الاجتماعي. كما يتضمن الاضطراب أنماطاً محدودة ومتكررة من السلوك. وتشير إلى أن مصطلح «الطيف» في اضطراب طيف التوحد يعكس مجموعة كبيرة من الأعراض ومستويات مختلفة من الشدة، ويتضمن حالات كانت تعتبر منفصلة في السابق مثل التوحد، ومتلازمة أسبرجر، واضطراب التحطم الطفولي، وأشكالاً غير محددة من الاضطراب النمائي الشامل. وذكرت أن اضطراب طيف التوحد يبدأ عادة في مرحلة الطفولة المبكرة، ويتسبب في نهاية المطاف في مشكلات على مستوى الأداء الاجتماعي سواء في المدرسة أو العمل، وغالباً ما تظهر أعراض التوحد على الأطفال في غضون السنة الأولى من العمر. ومع ذلك، قد يحدث أن يبدو نمو بعض الأطفال طبيعياً في السنة الأولى، ثم يمرون بفترة من الارتداد بين الشهرين الثامن عشر والرابع والعشرين من العمر تظهر خلالها أعراض التوحد، وأكدت الدكتورة شطة أن التدخل المبكر يؤدي إلى استغناء 40 % من مصابي التوحد عن الخدمات لاحقاً، مشددة على ضرورة العمل على تحفيز الخلايا العصبية في الدماغ خلال السنوات الخمس الأولى من عمر الطفل لضمان أفضل فرص للنمو والتطور. خرق قانوني وأخلاقي وقال الدكتور أشرف الراعي، أستاذ القانون الجنائي وخبير التشريعات الرقمية: «إن ما يُمارسه بعض الأفراد من الترويج لقدرتهم على (علاج حالات التوحد) من خلال وسائل التواصل الاجتماعي أو المنصات الرقمية، دون أي تأهيل علمي أو ترخيص مهني، يعد سلوكاً خطيراً من الناحيتين القانونية والأخلاقية، وقد يُفضي إلى عواقب جنائية جسيمة بموجب القانون الإماراتي». وأضاف الدكتور الراعي أن التوحد ليس مرضاً يعالج، بل هو اضطراب نمائي معقّد يتطلب تدخلات سلوكية وعلاجية معتمدة، يشرف عليها مختصون مؤهلون مرخّصون من الجهات الصحية المختصة، وأي ادعاء بقدرة أفراد غير مختصين على علاجه يعد تضليلاً واستغلالاً للضعف والاحتياج، ويرقى إلى مستوى الجريمة في عدة قوانين اتحادية. وأشار إلى أنه بحسب المادة 451 من هذا القانون يُعاقب بالحبس أو الغرامة كل من استعمل طرق احتيالية من شأنها إيهام الغير بوجود مشروع كاذب أو واقعة غير صحيحة أو إحداث الأمل بربح وهمي أو شفاء مزعوم، لحمله على تسليم مال أو مستند. وأكد الدكتور الراعي أن تقديم خدمات علاجية مزعومة للتوحد مقابل أموال، دون أساس علمي، يدخل ضمن الاحتيال وفقاً لهذا النص. ولفت إلى أن المادة 4 من القانون الاتحادي رقم 5 لسنة 2019 بشأن مزاولة المهن الصحية تنص على أنه «لا يجوز لأي شخص أن يزاول أي مهنة صحية في الدولة إلا بعد الحصول على ترخيص بذلك من الجهة الصحية المختصة». كما تنص المادة 25 على أنه «يعاقب كل من يزاول مهنة صحية دون ترخيص بالحبس مدة لا تقل عن سنتين وغرامة لا تقل عن 100,000 درهم، أو بإحدى هاتين العقوبتين». وأوضح الدكتور الراعي أن ادعاء القدرة على التشخيص أو العلاج دون ترخيص طبي، حتى لو تم من خلال منصات رقمية، يُعد انتحالاً لصفة طبية يُعاقب عليها القانون صراحة، وبين أن ذلك يمكن أن يندرج كذلك ضمن نشر معلومات مضللة، خلافا لأحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 34 لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية؛ حيث تنص المادة 52 من هذا القانون على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن سنة وغرامة لا تقل عن 100,000 درهم، كل من نشر أو أعاد نشر معلومات مضللة أو كاذبة أو غير صحيحة من شأنها التأثير على الأمن العام أو الصحة العامة».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

مستعد لاستكشاف الأخبار والأحداث العالمية؟ حمّل التطبيق الآن من متجر التطبيقات المفضل لديك وابدأ رحلتك لاكتشاف ما يجري حولك.
app-storeplay-store