
سوق العمل العالمي في مهب الريح... تحديات متصاعدة في ظل التقلّبات والتضخم
- ارتفاع الأجور يزيد تكاليف الإنتاج وبالتالي صعود الأسعار مرة أخرى
- وظائف المستقبل تتطلب استثمارات كبيرة تعليمياً وتدريبياً لتزويد العمال بالمهارات اللازمة
يشهد سوق العمل العالمي فترة عصيبة تتسم بالتقلبات الحادة وعدم اليقين، حيث تتضافر عوامل اقتصادية وجيوسياسية لتشكل تحديات غير مسبوقة أمام الحكومات والشركات والأفراد على حد سواء. فبينما لا يزال التعافي من تداعيات جائحة كوفيد-19 هشا وغير مكتمل في مناطق عدة، تلوح في الأفق تحديات أخرى أكثر إلحاحاً، وعلى رأسها التضخم المتصاعد وارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي تهيمن على الأسواق العالمية نتيجة للصراعات والتوترات الجيوسياسية.
وترى جهات اقتصادية مثل منظمة الفاو والمنتدى الاقتصادي العالمي وصندوق النقد الدولي أن هذه العوامل مجتمعة تفرض ضغوطاً هائلة على سوق العمل، وتؤثر على معدلات التوظيف والأجور وظروف العمل، وتستدعي اتخاذ تدابير عاجلة واستراتيجيات مبتكرة للتخفيف من آثارها السلبية وضمان مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للقوى العاملة في جميع أنحاء العالم، لافتة إلى أن التضخم يُعد أحد أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل العالمي في الوقت الراهن، فبعد سنوات من الاستقرار النسبي في الأسعار، شهد العالم ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات التضخم في معظم الاقتصادات الكبرى والمتقدمة والناشئة على حد سواء.
ضغوط متزايدة
هذا الارتفاع في الأسعار، الذي يطول مختلف السلع والخدمات، بما في ذلك المواد الغذائية والطاقة والإسكان، يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للأفراد ويضع ضغوطاً متزايدة على ميزانيات الأسر. ونتيجة لذلك، يزداد الطلب على زيادات الأجور لتعويض ارتفاع تكاليف المعيشة، ما قد يؤدي إلى ما يُعرف بـ «دوامة الأجور والأسعار»، حيث يؤدي ارتفاع الأجور إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار مرة أخرى.
في المقابل، تواجه الشركات صعوبة في استيعاب هذه الزيادات في التكاليف، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي وتراجع الطلب الاستهلاكي المحتمل نتيجة للتضخم. وقد تضطر بعض الشركات إلى تقليل أعداد الموظفين أو تجميد التوظيف أو تأخير الاستثمارات الجديدة للحفاظ على ربحيتها. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ نمو الوظائف وزيادة معدلات البطالة.
ويمثل ارتفاع أسعار السلع الغذائية تحدياً خاصاً يفاقم الضغوط على سوق العمل، خاصة في البلدان النامية ذات الدخول المنخفضة، حيث تشكل المواد الغذائية نسبة كبيرة من إنفاق الأسر، ولا يؤثر ارتفاع أسعار الغذاء على القدرة الشرائية للأفراد فحسب، بل يزيد من مخاطر انعدام الأمن الغذائي، ويؤدي أيضا إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية، ما يزيد حالة عدم الاستقرار العام ويؤثر سلبًا على بيئة الأعمال والاستثمار وبالتالي على سوق العمل.
الاستثمار والتوظيف
وتزيد حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق العالمية نتيجة للصراعات الجيوسياسية والتوترات التجارية والتحولات في السياسات النقدية من صعوبة التنبؤ بمستقبل الاقتصاد وسوق العمل. فالشركات قد تحجم عن استثمارات طويلة الأجل أو التوسع في التوظيف في ظل هذه الظروف غير المستقرة، ما يؤدي إلى تباطؤ وتيرة خلق فرص العمل الجديدة.
وعلى سبيل المثال، أدت الحرب في أوكرانيا إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، ما أثر سلباً على قطاعات صناعية متعددة وأدى إلى فقدان بعض الوظائف في المناطق المتضررة بشكل مباشر وغير مباشر. إضافة إلى ذلك، فإن التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى تخلق حالة من الضبابية وتؤثر على قرارات الشركات المتعلقة بالإنتاج والتوزيع والاستثمار.
فجوة المهارات
إضافة إلى التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الآنفة الذكر، يواجه سوق العمل العالمي تحديات هيكلية طويلة الأمد، وعلى رأسها التحول الرقمي السريع وتزايد الحاجة إلى مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات وظائف المستقبل. فالتكنولوجيا تغير طبيعة العمل وتخلق وظائف جديدة بينما تجعل وظائف أخرى قديمة أو غير ضرورية.
ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن يشهد سوق العمل تحولاً كبيراً السنوات المقبلة، حيث ستظهر ملايين الوظائف الجديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والطاقة المتجددة، بينما ستتراجع أهمية وظائف أخرى تتطلب مهارات روتينية أو يدوية.
استجابة متكاملة ومتناسقة بين الحكومات والشركات والمنظمات
لمواجهة هذه التحديات المتعددة والمعقدة التي تواجه سوق العمل العالمي، تلفت المنظمات الاقتصادية إلى ضرورة توافر استجابة متكاملة ومتناسقة من الحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد. وتشمل هذه الاستجابة تبني سياسات اقتصادية كلية متوازنة لكبح التضخم دون التسبب في ركود، وتوفير الدعم للفئات الأكثر تضرراً من ارتفاع تكاليف المعيشة وفقدان الوظائف من خلال شبكات الأمان الاجتماعي والبرامج الموجهة.
إضافة إلى ذلك، تتضمن التدابير المقترحة زيادة الاستثمار في التعليم والتدريب المهني والتقني لتزويد العمال بمهارات المستقبل وسد فجوة المهارات، وتعزيز الحوار الاجتماعي بين أصحاب العمل والعمال لتحقيق حلول توافقية في شأن الأجور وظروف العمل.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 9 ساعات
- الرأي
سوق العمل العالمي في مهب الريح... تحديات متصاعدة في ظل التقلّبات والتضخم
- ارتفاع الأجور يزيد تكاليف الإنتاج وبالتالي صعود الأسعار مرة أخرى - وظائف المستقبل تتطلب استثمارات كبيرة تعليمياً وتدريبياً لتزويد العمال بالمهارات اللازمة يشهد سوق العمل العالمي فترة عصيبة تتسم بالتقلبات الحادة وعدم اليقين، حيث تتضافر عوامل اقتصادية وجيوسياسية لتشكل تحديات غير مسبوقة أمام الحكومات والشركات والأفراد على حد سواء. فبينما لا يزال التعافي من تداعيات جائحة كوفيد-19 هشا وغير مكتمل في مناطق عدة، تلوح في الأفق تحديات أخرى أكثر إلحاحاً، وعلى رأسها التضخم المتصاعد وارتفاع أسعار السلع الغذائية والطاقة، إضافة إلى حالة عدم الاستقرار التي تهيمن على الأسواق العالمية نتيجة للصراعات والتوترات الجيوسياسية. وترى جهات اقتصادية مثل منظمة الفاو والمنتدى الاقتصادي العالمي وصندوق النقد الدولي أن هذه العوامل مجتمعة تفرض ضغوطاً هائلة على سوق العمل، وتؤثر على معدلات التوظيف والأجور وظروف العمل، وتستدعي اتخاذ تدابير عاجلة واستراتيجيات مبتكرة للتخفيف من آثارها السلبية وضمان مستقبل أكثر استقراراً وازدهاراً للقوى العاملة في جميع أنحاء العالم، لافتة إلى أن التضخم يُعد أحد أبرز التحديات التي تواجه سوق العمل العالمي في الوقت الراهن، فبعد سنوات من الاستقرار النسبي في الأسعار، شهد العالم ارتفاعاً ملحوظاً في معدلات التضخم في معظم الاقتصادات الكبرى والمتقدمة والناشئة على حد سواء. ضغوط متزايدة هذا الارتفاع في الأسعار، الذي يطول مختلف السلع والخدمات، بما في ذلك المواد الغذائية والطاقة والإسكان، يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للأفراد ويضع ضغوطاً متزايدة على ميزانيات الأسر. ونتيجة لذلك، يزداد الطلب على زيادات الأجور لتعويض ارتفاع تكاليف المعيشة، ما قد يؤدي إلى ما يُعرف بـ «دوامة الأجور والأسعار»، حيث يؤدي ارتفاع الأجور إلى زيادة تكاليف الإنتاج وبالتالي ارتفاع الأسعار مرة أخرى. في المقابل، تواجه الشركات صعوبة في استيعاب هذه الزيادات في التكاليف، خاصة في ظل حالة عدم اليقين الاقتصادي وتراجع الطلب الاستهلاكي المحتمل نتيجة للتضخم. وقد تضطر بعض الشركات إلى تقليل أعداد الموظفين أو تجميد التوظيف أو تأخير الاستثمارات الجديدة للحفاظ على ربحيتها. وهذا بدوره يمكن أن يؤدي إلى تباطؤ نمو الوظائف وزيادة معدلات البطالة. ويمثل ارتفاع أسعار السلع الغذائية تحدياً خاصاً يفاقم الضغوط على سوق العمل، خاصة في البلدان النامية ذات الدخول المنخفضة، حيث تشكل المواد الغذائية نسبة كبيرة من إنفاق الأسر، ولا يؤثر ارتفاع أسعار الغذاء على القدرة الشرائية للأفراد فحسب، بل يزيد من مخاطر انعدام الأمن الغذائي، ويؤدي أيضا إلى اضطرابات اجتماعية وسياسية، ما يزيد حالة عدم الاستقرار العام ويؤثر سلبًا على بيئة الأعمال والاستثمار وبالتالي على سوق العمل. الاستثمار والتوظيف وتزيد حالة عدم اليقين التي تسود الأسواق العالمية نتيجة للصراعات الجيوسياسية والتوترات التجارية والتحولات في السياسات النقدية من صعوبة التنبؤ بمستقبل الاقتصاد وسوق العمل. فالشركات قد تحجم عن استثمارات طويلة الأجل أو التوسع في التوظيف في ظل هذه الظروف غير المستقرة، ما يؤدي إلى تباطؤ وتيرة خلق فرص العمل الجديدة. وعلى سبيل المثال، أدت الحرب في أوكرانيا إلى اضطرابات كبيرة في سلاسل الإمداد العالمية وارتفاع أسعار الطاقة والمواد الخام، ما أثر سلباً على قطاعات صناعية متعددة وأدى إلى فقدان بعض الوظائف في المناطق المتضررة بشكل مباشر وغير مباشر. إضافة إلى ذلك، فإن التوترات التجارية بين القوى الاقتصادية الكبرى تخلق حالة من الضبابية وتؤثر على قرارات الشركات المتعلقة بالإنتاج والتوزيع والاستثمار. فجوة المهارات إضافة إلى التحديات الاقتصادية والجيوسياسية الآنفة الذكر، يواجه سوق العمل العالمي تحديات هيكلية طويلة الأمد، وعلى رأسها التحول الرقمي السريع وتزايد الحاجة إلى مهارات جديدة تتناسب مع متطلبات وظائف المستقبل. فالتكنولوجيا تغير طبيعة العمل وتخلق وظائف جديدة بينما تجعل وظائف أخرى قديمة أو غير ضرورية. ووفقاً للمنتدى الاقتصادي العالمي، من المتوقع أن يشهد سوق العمل تحولاً كبيراً السنوات المقبلة، حيث ستظهر ملايين الوظائف الجديدة في مجالات مثل الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات والطاقة المتجددة، بينما ستتراجع أهمية وظائف أخرى تتطلب مهارات روتينية أو يدوية. استجابة متكاملة ومتناسقة بين الحكومات والشركات والمنظمات لمواجهة هذه التحديات المتعددة والمعقدة التي تواجه سوق العمل العالمي، تلفت المنظمات الاقتصادية إلى ضرورة توافر استجابة متكاملة ومتناسقة من الحكومات والشركات ومنظمات المجتمع المدني والأفراد. وتشمل هذه الاستجابة تبني سياسات اقتصادية كلية متوازنة لكبح التضخم دون التسبب في ركود، وتوفير الدعم للفئات الأكثر تضرراً من ارتفاع تكاليف المعيشة وفقدان الوظائف من خلال شبكات الأمان الاجتماعي والبرامج الموجهة. إضافة إلى ذلك، تتضمن التدابير المقترحة زيادة الاستثمار في التعليم والتدريب المهني والتقني لتزويد العمال بمهارات المستقبل وسد فجوة المهارات، وتعزيز الحوار الاجتماعي بين أصحاب العمل والعمال لتحقيق حلول توافقية في شأن الأجور وظروف العمل.


الجريدة الكويتية
منذ 2 أيام
- الجريدة الكويتية
حين تعجز النخب عن مواجهة الأزمات
فشل الديموقراطية لا يحدث بظهور دونالد ترامب أو رجلٍ ذي شاربٍ غريب، بل حين تعجز النخب عن مواجهة الأزمات، وهذا هو لُبّ ما تكشفه أزمة مراقبة الحركة الجوية الأخيرة. في 28 أبريل، انقطعت أنظمة الرادار والاتصالات لأكثر من دقيقة في مطار نيوآرك الدولي، أحد أكثر المطارات ازدحاماً في الولايات المتحدة، مما أجبر الطيارين على الاعتماد على الرؤية والخبرة لتجنب كارثة مُحتملة في سماء مكتظة بالطائرات. لم يكن الحادث استثنائياً، كما أقرَّت الحكومة بعد أيام. ففي يناير، وقع تصادم قاتل بين طائرة ركاب ومروحية عسكرية قُرب مطار واشنطن الوطني. كما باتت الحوادث الأرضية والاقترابات الخطيرة ظاهرة شائعة. في مطلع عام 2023، تسبَّب عُطل برمجي في إدارة الطيران الفدرالية (FAA) بشلل كامل لحركة الطيران الوطنية. وفي وقت لاحق من العام، اضطرت إدارة بايدن إلى تقليص الرحلات الجوية بشكل قسري في منطقة نيويورك، بسبب نقص حاد في موظفي التحكم الجوي. ومنذ تحرير قطاع الطيران عام 1978، شهدت الصناعة أربع موجات من الأزمات المشابهة. وبينما يواصل قطاع النقل الجوي النمو وتقديم خدمات تُرضي المسافرين، يظل نظام مراقبة الحركة الجوية الحكومي عاجزاً عن مجاراته. وقد وفَّرت أحداث، مثل: هجمات 11 سبتمبر، وجائحة كوفيد، والأزمة المالية 2008-2009، فرصاً مؤقتة لتخفيف الضغط عن النظام، لكنها لم تعالج الاختلال البنيوي القائم. عندما يكون الخبر السيئ للاقتصاد جيداً لمراقبة الحركة الجوية، فثمة خطأ جوهري في المنظومة. ورغم أن كثرة العملاء عادةً ما تكون ميزة تجارية، فإنها ليست كذلك في هذا النظام. فشركات تصنيع الطائرات، مثل: بوينغ، وإيرباص، تحتفل بقوائم طلباتها الممتلئة، وشركات الطيران تطوِّر أساطيلها لتقديم رحلات مباشرة وتجاوز المطارات المحورية، مما يُسهم في تحسين تجربة السفر. غير أن نظام التحكم الجوي الأميركي الحكومي لم يواكب هذا التطور. فهو يستهلك أموال دافعي الضرائب دون نتائج ملموسة، ويخلق بيئة عمل غير منتجة لموظفيه، ويُشبه في خدماته قوائم الانتظار الطويلة في المستشفيات العامة. ومنذ تسعينيات القرن الماضي، حدَّدت إدارة كلينتون الإصلاح المطلوب بوضوح: إخراج إدارة الحركة الجوية من يد الكونغرس البيروقراطي والمسيَّس، وتبني نموذج شبه خاص مثلما فعلت العديد من الدول المتقدمة. في تلك الدول، التي تُدير فيها كيانات شبه خاصة حركة الملاحة الجوية، تضع سياساتها، وتحدِّد رسومها، وتموِّل استثماراتها عبر الأسواق، وتتفاعل مع النمو كفرصة، وليس عبئاً. ويرى روبرت بول، من مؤسسة ريزون، والمُلقب بـ «عرَّاب إصلاح مراقبة الحركة الجوية»، أن فشل الولايات المتحدة في تبني هذا النموذج حتى الآن أمرٌ يدعو للرثاء. لكن الأزمة ليست محصورة في الوكالة الفدرالية. المشكلة الأساسية تكمن في الكونغرس. لم يُنجز ميزانية كاملة في موعدها منذ عام 1996، وغالبية تشريعاته الكبرى، كقانون «أوباماكير» و«قانون خفض التضخم»، تعكس ضعفاً في القدرة على معالجة القضايا العامة بفاعلية. وفي غياب أغلبية حزبية مستقرة وقابلة لإعادة الإنتاج، تفقد الديموقراطية الأميركية اتزانها. نعم، للهيمنة الحزبية مساوئها - كضيق الأفق الأيديولوجي، وتهميش الأقليات، كما حدث خلال سيطرة الديموقراطيين بين 1930 و1994 - لكن الوضع الحالي أسوأ، حيث تتكرر الفضائح السياسية، مثل تأخر تمرير مساعدات أوكرانيا لعام 2024، رغم تأييد غالبية الحزبين. فقد حالت الحسابات الحزبية دون تمرير التشريع ستة أشهر، بفعل تواطؤ غير مُعلن بين أقلية جمهورية تبحث عن العناوين الإعلامية، وأخرى ديموقراطية تحاول التملص من مسؤولية سياسة خارجية مرتبكة. لعل البيانات الضخمة وظواهر العصر الحديث تلعب دوراً في إرباك منظومة اتخاذ القرار، لكن المؤكد أن نظام مراقبة الحركة الجوية الأميركي، رغم كل التحذيرات والدراسات، لا يزال ضحية هذا الخلل المؤسسي. قد يكون من السهل توجيه اللوم إلى إدارة الطيران الفدرالية بعد حادثة نيوآرك، لكن المسؤولية الحقيقية تقع على عاتق الكونغرس. هناك يجب أن تتوقف كرة اللوم. * هولمان دبليو. جينكينز الابن كاتب عمود في «وول ستريت جورنال»


الأنباء
٢٢-٠٤-٢٠٢٥
- الأنباء
«النقد» يخفّض النمو العالمي إلى 2.8% في 2025
أطلق صندوق النقد الدولي تحذيرات قوية بشأن حالة الاقتصاد العالمي، حيث تتزايد الضغوط نتيجة تصاعد حدة التوترات التجارية واستمرار عدم اليقين السياسي، مما أدى إلى تعديل توقعات النمو الاقتصادي على المدى القريب والبعيد بالخفض. وخفض صندوق النقد الدولي توقعاته لنمو الاقتصاد العالمي من 3.3% في عام 2024 إلى 2.8% في عام 2025، قبل أن يتعافى إلى 3% في عام 2026، وكشف الصندوق عن توقعاته لنمو الاقتصاد الأميركي خلال عام 2025، بالخفض بنسبة 0.9% لتبلغ 1.8% والاقتصاد الصيني 0.6% لتصبح 4%، ومنطقة اليورو بنحو 0.2% لتسجل 0.8%. وخفض توقعات نمو التجارة العالمية 1.5% في 2025 ونحو 0.8% في 2026 لتسجل 1.7% و2% على الترتيب، وهذا أقل من التوقعات الواردة في تحديث آفاق الاقتصاد العالمي لشهر يناير 2025، بمقدار 0.5 نقطة مئوية لعام 2025 و0.3 نقطة مئوية لعام 2026، مع تخفيضات في التوقعات لجميع البلدان تقريبا. وتعكس تخفيضات صندوق النقد الدولي للنمو إلى حد كبير الآثار المباشرة للتدابير التجارية الجديدة وآثارها غير المباشرة من خلال تداعيات الروابط التجارية، وتزايد عدم اليقين، وتدهور المعنويات، إذ تغطي تخفيضات النمو الأخيرة نطاقا واسعا من البلدان. وأظهر تحليل صندوق النقد أن توقعات آفاق النمو العالمي الصادرة في يناير الماضي بات في خطر، ومع الاحتجاجات السلبية في الولايات المتحدة والتهديدات المتزايدة بالحمائية التجارية، أصبح من الصعب إعداد توقعات دقيقة للنمو. وتوقع أن يبلغ معدل النمو العالمي خلال السنوات الـ 5 المقبلة 3.2%، وهي نسبة أقل بكثير من المتوسط التاريخي الذي سجل 3.7% في الفترة من 2000 إلى 2019. وعلى الرغم من أن التعافي من جائحة كوفيد-19 قد بدا واعدا في البداية، إلا أن البيانات الأخيرة تشير إلى أن الكثير من الدول، سواء كانت متقدمة أو ناشئة، تعاني من تباطؤ ملحوظ. فقد أظهرت تقارير دخول البيانات أن النشاط الاقتصادي قد تباطأ بشكل كبير، مما أدى إلى تعديل التوقعات والضغط على صناديق الاستثمار. وأضاف التقرير ان التوترات التجارية قد زادت من عدم اليقين بشأن التعريفات الجديدة المفروضة بين الولايات المتحدة وشركائها التجاريين لم تؤثر فقط على الأسواق بل على أيضا على توقعات التضخم. يتوقع أن تؤدي هذه التعريفات إلى زيادة تكلفة المواد، مما ينعكس سلبا على أسعار السلع حيث يمكن أن يصل التضخم إلى مستويات مرتفعة.