
«خط الثلث».. العين في لحظة إشراق
الشارقة: عثمان حسن
لا يزال الخط العربي، بوصفه من أبرز الفنون الإسلامية، ورغم مرور قرون على ظهوره، حاضراً بقوة عند الخطاطين المعاصرين، وها هو يستمر مع تجاربهم، محفزاً إياهم لتقديم ابتكارات غاية في الجمال والإبهار البصري الذي يبرز طاقة الحرف وقوته، متناغماً ومنسجماً مع تلك الطاقة النورانية والروحية التي هي أحد العناصر الأساسية لهذا الفن.
تحضر الإبداعات الخطية عند كثير من الفنانين، ومنهم التركي داوود بكتاش الذي يوصف بأنه أحد عمالقة الخط في العصر الحديث لا سيما في خط الثلث.
أمامنا واحدة من إبداعات داوود بكتاش الآسرة بتكويناتها الفنية والروحية، وهي منجزة بالخط الثلث، واستخدم فيها جزءاً من الحديث الشريف «إن اللهَ إذا أنعم على عبدٍ نعمةً أحبَّ أن يرى أثرَ نعمتِه عليه»، وهذا الحديث بحسب مناسبته، يعني وجوب لبس الثياب النظيفة التي تدل على النعم التي أنعم الله بها على عبده، وقد قال سبحانه وتعالى «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد»، والنعمة بوصفها أحد مظاهر الجمال، في هذا الحديث الشريف لها علاقة بالجمال الظاهر على العبد، وهو الذي يحبه الله جل وعلا، ليتبع ذلك جمال باطن يتجسد بشكر العبد على هذه النعم.
لقد أبدع داوود بكتاش في إظهار أسرار خط الثلث بتكويناته الفنية والتشكيلية، ومن حيث القواعد والموازين، وطواعية الحروف، وأيضاً من خلال تلك التوزيعات والتكوينات بين الحروف التي تظهر طاقة روحية، في لوحة تميزت بالانسجام والإشراق برزت ككتلة أو قطعة أدبية خطية، متناغمة التجويد والبراعة بين كافة عناصرها.
تكوين
حرص بكتاش على إبراز جماليات التكوين في لوحاته التي يخطها بالثلث، خاصة وأن هذا النوع من الخطوط يمتاز بتكوينات غاية في الجمال والسحر البصري نتيجة لما يمتاز به من خصائص تتيح للخطاط العديد من الابتكارات والصياغات الفنية ذات الطابع التشكيلي، وهو ما يبرز بشكل جلي في اللوحة التي أمامنا والتي راعى من خلالها بكتاش أن يخط ابتكاراته الخاصة فيها، من حيث ليونة الحرف، ليقدم تحفة فنية تحتاج إلى مزيد من القراءة والتأمل.
أول ما يمكن الالتفات إليه في هذه اللوحة، هو تصدر لفظ الجلالة «الله» رأس اللوحة، تقديراً وإجلالاً للخالق عز وجل.
وقد كان تناسق الحروف حاضراً في اللوحة، أولاً من خلال حرف العين في أربع مرات، وبحسب ورود هذا الحرف في حرف الجر (على) وفي الكلمات (أنعم) و(عبد) و(نعمة).
هذه العين التي وردت متتابعة أو متناظرة قدمت مشهداً جمالياً لحرف العين في الثلث الأول من مساحة اللوحة.
كانت ليونة حرف الثلث ظاهرة في هذا العمل المبدع، من خلال ما نشاهده في حرف (على) الذي جاء آخره ممدوداً على مساحة قدرها بكتاش لتناسب تناسق الحروف على سطح اللوحة، كما برزت هذه الليونة في امتداد (الياء المقصورة) في كلمة «يرى» وهنا، جاء الامتداد ليغطي كامل عرض اللوحة.
ومن جهة ثانية، فقد برع بكتاش في استخدام سماكة قلم الثلث في كافة حروف هذا الحديث الشريف، مظهراً الكثير من علامات التشكيل بين هذه الحروف، ومستفيداً من الزخرفة الإسلامية النباتية، وإذا أضفنا لهذا كله، متانة اللون الأسود الذي خط به بكتاش حروف الحديث، الذي احتضنته خلفية صفراء مبهجة، فسوف نكون أمام لوحة مزينه بعناصر جمالية موظفة ومدروسة جيداً، بحيث ظهرت هذه اللوحة وهي تسبح في فضاء روحي وجمالي مبهر.
ورغم صعوبة تشكيل حرف خط الثلث، فقد قدم بكتاش في هذه اللوحة عملاً يتيح للناظر أن يقرأ النص بكل سهولة ووضوح، وهذه ميزة خاصة بالخطاط بكتاش في معظم أعماله الفنية.
نجح بكتاش في هذه اللوحة، وكما يصفه النقاد دائماً، في تحويل الحروف العربية إلى لوحات نابضة بالحياة، من خلال لوحة مزجت بين التقاليد الخطية المعروفة والتجديد الإبداعي، وهو الذي عكس أسلوبه الفني ورؤيته الخاصة والعميقة لجماليات الخط الكلاسيكي، الذي قدمه بطريقة حديثة ومتجددة للتعبير الفني.
إضاءة
داوود بكتاش، خطاط تركي يوصف بأنه أحد عمالقة الخط، وفي أعماله الفنية نلمس تلك القوة والمتانة والرشاقة التي تعدّ ميزة من ميزات الخطاطين الكبار.
ولد بكتاش في 1963م في قرية محمد الفاتح في إسطنبول، ومن بين طلاّبه المشهورين الخَطّاطة نُورية قارسيا التي أخذت عنه الإجازة في الثلث والنسخ سنة 2007م. ومن طلاّبه أيضاً الإماراتية فاطمة سعيد البقالي، شارك بكتاش في الكثير من ملتقيات ومهرجات الخط العربية والدولية، وقد حاز العديد من الجوائز والتكريمات.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 38 دقائق
- البيان
مليون دولار للفائز.. دبي تبحث عن أجمل صوت قرآني في العالم
انطلقت اليوم الدورة الـ 28 لجائزة دبي الدولية للقرآن الكريم والتي تستمر فعاليتها حتى الأسبوع الثاني من شهر رمضان 2026 ويحصل الفائز بالمركز الأول في كل فرع من فروعها الثلاثة على مليون دولار، حيث رفعت الجائزة قيمة جوائزها إلى 12 مليون درهم، وتهدف الجائزة إلى إبراز الدور الريادي لإمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، في العناية بالقرآن الكريم وعلومه حفظاً وتجويداً وتلاوة، وتكريم وتقدير حفظة كتاب الله تعالى على مستوى العالم. -إطلاق الدورة الـ 28 للجائزة 2025/5/21 . -استقبال المشاركات لفئتي الذكور والإناث من 2025/5/21 إلى 2025/7/20 . -تحكيم المرحلة المبدئية من 2025/7/01 إلى 2025/7/31 . -تحكيم المرحلة الثانية التحكيم عبر الاتصال المرئي المباشر من 2025/9/01 إلى 2025/9/30 . -تحكيم المرحلة النهائية بحضور المحكمين والمتسابقين في الأسبوع الثاني من شهر رمضان. -الحفل الختامي للجائزة في الأسبوع الثاني من شهر رمضان. *مسابقة جائزة دبي الدولية للقـرآن الكـــــــريم للذكــــور -يشترط في المتسابق حفظ القرآن الكريم كاملاً مع التجويد وحسن الأداء لفئة الذكور تحت سن 16 عاماً، وهو مفتوح لجميع الجنسيات، ويكون التسجيل للاشتراك بهذه الجائزة بشكل شخصي أو من خلال الترشيح من قبل المؤسسات والجهات القرآنية المعتمدة في دولة المشارك. آليـة ومـراحل الاختبـــار: يتم إجراء اختبارات فرع حفظ القرآن الكريم كاملاً للذكور وفق المراحل الآتية: المرحلة الأولى: تسجيل تلاوة مرئية (فيديو) لمدة 3 دقائق من أي موضع من القرآن الكريم بجودة مناسبة من دون استخدام المؤثرات الصوتية. المرحلة الثانية: يتم إجراء الاختبارات للمتأهلين للمرحلة الثانية عن بعد. المرحلة الثالثة: يتم استضافة مجموعة من أفضل المتسابقين الحاصلين على أعلى درجة في المرحلة الثانية ويتم إجراء الاختبارات حضورياً في إمارة دبي، وتكريم الفائز بالمركز الأول في الحفل الختامي للجائزة. شروط المشاركة: 1-أن يكون المشارك حافظاً متقناً لكتاب الله تعالى كاملاً، مع الالتزام بأحكام التجويد والتلاوة. 2-أن يكون من فئة الذكور، ولا يتجاوز عمره 16 سنة ميلاديّة عند آخر يوم للتسجيل في الجائزة. 3-أن لا يكون قد وصل إلى التصفيات النهائية أو تم تكريمه في دورة سابقة للجائزة. 4-التزام المتسابق بالتوقيت المحدد لأداء الاختبار. 5-التزام المتسابق بارتداء الزي الوطني لبلاده. 6-التزام المتسابق بحسن السلوك ومراعاة الأنظمة والآداب العامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. التــكريــم: يحصل على مكافأة مالية قدرها مليون دولار. يحصل على مكافأة مالية قدرها 100,000 دولار. يحصل على مكافأة مالية قدرها 50,000 دولار. التسجيــــل -على المتسابقين الراغبين في المشاركة التسجيل من خلال ما يلي: -الدخول إلى رابط التسجيل الموجود في موقع الجائزة -تعبئة استمارة المشاركة بالبيانات المطلوبة -إرفاق صورة من جواز السفر للمشارك وصورة شخصية -رفع فيديو التلاوة بجودة مناسبة وصوت واضح بمدة لا تزيد عن 3 دقائق ومن دون استخدام المؤثرات الصوتية *مسابقة جائزة دبي الدولية للقـرآن الكريم للإناث تشترط مسابقة جائزة دبي الدولية للقـرآن الكريم للإناث أن تكون المتسابقة حافظة للقرآن الكريم كاملاً مع التجويد وحسن الأداء لفئة الإناث تحت سن 16 عاماً، وهو مفتوح لجميع الجنسيات، ويكون التسجيل للاشتراك بهذه الجائزة بشكل شخصي أو من خلال الترشيح من قبل المؤسسات والجهات القرآنية المعتمدة في دولة المشاركة. آليـة ومـراحل الاختبـــار: يتم إجراء اختبارات فرع حفظ القرآن الكريم كاملاً للإناث وفق المراحل الآتية: تسجيل تلاوة مرئية (فيديو) لمدة 3 دقائق من أي موضع من القرآن الكريم بجودة مناسبة من دون استخدام المؤثرات الصوتية. يتم إجراء الاختبارات للمتأهلين للمرحلة الثانية عن بعد. يتم استضافة مجموعة من أفضل المتسابقات الحاصلات على أعلى درجة في المرحلة الثانية ويتم إجراء الاختبارات حضورياً في إمارة دبي، وتكريم الفائزة بالمركز الأول في الحفل الختامي للجائزة. شروط المشاركة: -أن تكون المشاركة حافظة متقنة لكتاب الله تعالى كاملاً، مع الالتزام بأحكام التجويد والتلاوة. -أن تكون من فئة الإناث ولا يتجاوز عمرها 16 سنة ميلادية عند التسجيل في الجائزة. -أن لا تكون قد وصلت إلى التصفيات النهائية أو تم تكريمها في دورة سابقة للجائزة. -التزام المتسابقة بالتوقيت المحدد لأداء الاختبار. -أن تلتزم المتسابقة بارتداء الزيّ الشرعي. -التزام المتسابقة بحسن السلوك ومراعاة الأنظمة والآداب العامة في دولة الإمارات العربية المتحدة. التــكريــم: تحصل على مكافأة مالية قدرها مليون دولار. تحصل على مكافأة مالية قدرها 100,000 دولار. تحصل على مكافأة مالية قدرها 50,000 دولار. التسجيــــل على المتسابقات الراغبات في المشاركة التسجيل من خلال ما يلي: -الدخول إلى رابط التسجيل الموجود في موقع الجائزة -تعبئة استمارة المشاركة بالبيانات المطلوبة -إرفاق صورة من جواز السفر للمشاركة وصورة شخصية -رفع فيديو التلاوة بجودة مناسبة وصوت واضح بمدة لا تزيد على 3 دقائق ومن دون استخدام المؤثرات الصوتية. شخصية العام الإسلامية: جائزة شخصية العام الإسلامية هي جائزة سنوية تمنح لشخص واحد أو لشخصية اعتبارية ممن تنطبق عليه الشــــروط التاليــــة: -أن يكون ممن قاموا بدور بارز في خدمة الإسلام والمسلمين. -أن يكون له تأثير فعّال ومشاركة إيجابية في المجتمع. -أن تكون له آثار علمية ملموسة تتسم بالأصالة والتميز. -أن يكون قدوة يُحتذى به وله صيت وسمعة حسنة في العالم الإسلامي. -أن يكون على قيد الحياة عند اختياره إن كان فرداً. يتم تكريم شخصية العام الإسلامية الفائزة ضمن حفل جائزة دبي الدولية للقرآن الكريم، ويجوز لمجلس الأمناء أن يقرر التكريم بطريقة أخرى وفق ما يراه مناسباً، ويمنح الفائز بشخصية العام الإسلامية مبلغ مليون دولار. أهداف الجائزة -إبراز الدور الريادي لإمارة دبي ودولة الإمارات العربية المتحدة، في العناية بالقرآن الكريم وعلومه حفظاً وتجويداً وتلاوة. -تعزيز القيم الإسلامية السمحة من منظور القرآن الكريم وبيان أثرها في حياة المسلم. -بث روح التنافس الإيجابي بين حفظة كتاب الله عز وجل على مستوى العالم، وتشجيعهم على بذل مزيد من الجهد في سبيل إتقانه.- -إتاحة الفرصة لتكريم وتقدير حفظة كتاب الله تعالى على مستوى العالم. -الاستفادة من التقنيات الحديثة في مسابقات القرآن الكريم، وتطوير وسائل مبتكرة تتناسب مع مختلف الفئات.


Khaleej Times
منذ 2 ساعات
- Khaleej Times
إطلالة "بارول جولاتي" في"كان": تجسيد للجرأة والأناقة
ظهرت الممثلة الهندية "بارول جولاتي"، سيدة الأعمال المقيمة في دبي، لأول مرة على السجادة الحمراء في مهرجان "كان" السينمائي الثامن والسبعين خلال العرض الأول لفيلم "إيدينجتون"، من إخراج "آري أستر"، وبطولة "خواكين فينيكس"، و"إيما ستون"، و"بيدرو باسكال". "جولاتي"، صاحبة علامة "نيش هير" التي توفر وصلات شعر بشري فاخرة هندية المنشأ، ارتدت إطلالةً عصريةً مصممةً خصيصاً لها، مستوحاةً من الشعر. ابتكرت "جولاتي" هذه الإطلالة، وصممها المصممان "موهيت راي" و"ريدهي بانسال". واستغرق إنشاء هذا المنتج أكثر من شهر، وشارك فيه 12 حرفياً ماهراً وساعات من العمل المعقد، حيث جمع بين الفن والهوية والابتكار التجاري بسلاسة. وقالت "جولاتي": "كان المشي على السجادة الحمراء في مهرجان "كان" حلماً راودني لسنوات، ليس فقط كممثلة، بل كشخص يحب السينما ورواية القصص". "كانت تجربة حضور العرض الأول لفيلم "إيدينغتون"، إلى جانب نخبة من ألمع المواهب في عصرنا، تجربةً لا تُنسى. أردتُ أن تكون إطلالتي على السجادة الحمراء أكثر من مجرد إطلالة أنيقة، بل أن تُجسّد رحلتي الشخصية والمهنية. هذه المجموعة تُجسّد شجاعة تقبّل الذات، والاحتفاء بأصولها، وامتلاك قصتها بجرأة. إن تمثيل الهند وموطني الثاني، دبي، على منصة عالمية، لحظةٌ ستظلّ خالدةً في ذاكرتي". وكان ظهورها في مهرجان "كان" بمثابة علامة فارقة في عالم الموضة، وأبرز روح ريادة الأعمال الهندية الحديثة ومكانة دبي كمركز عالمي للابتكار والإبداع.


صحيفة الخليج
منذ 4 ساعات
- صحيفة الخليج
«خط الثلث».. العين في لحظة إشراق
الشارقة: عثمان حسن لا يزال الخط العربي، بوصفه من أبرز الفنون الإسلامية، ورغم مرور قرون على ظهوره، حاضراً بقوة عند الخطاطين المعاصرين، وها هو يستمر مع تجاربهم، محفزاً إياهم لتقديم ابتكارات غاية في الجمال والإبهار البصري الذي يبرز طاقة الحرف وقوته، متناغماً ومنسجماً مع تلك الطاقة النورانية والروحية التي هي أحد العناصر الأساسية لهذا الفن. تحضر الإبداعات الخطية عند كثير من الفنانين، ومنهم التركي داوود بكتاش الذي يوصف بأنه أحد عمالقة الخط في العصر الحديث لا سيما في خط الثلث. أمامنا واحدة من إبداعات داوود بكتاش الآسرة بتكويناتها الفنية والروحية، وهي منجزة بالخط الثلث، واستخدم فيها جزءاً من الحديث الشريف «إن اللهَ إذا أنعم على عبدٍ نعمةً أحبَّ أن يرى أثرَ نعمتِه عليه»، وهذا الحديث بحسب مناسبته، يعني وجوب لبس الثياب النظيفة التي تدل على النعم التي أنعم الله بها على عبده، وقد قال سبحانه وتعالى «يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد»، والنعمة بوصفها أحد مظاهر الجمال، في هذا الحديث الشريف لها علاقة بالجمال الظاهر على العبد، وهو الذي يحبه الله جل وعلا، ليتبع ذلك جمال باطن يتجسد بشكر العبد على هذه النعم. لقد أبدع داوود بكتاش في إظهار أسرار خط الثلث بتكويناته الفنية والتشكيلية، ومن حيث القواعد والموازين، وطواعية الحروف، وأيضاً من خلال تلك التوزيعات والتكوينات بين الحروف التي تظهر طاقة روحية، في لوحة تميزت بالانسجام والإشراق برزت ككتلة أو قطعة أدبية خطية، متناغمة التجويد والبراعة بين كافة عناصرها. تكوين حرص بكتاش على إبراز جماليات التكوين في لوحاته التي يخطها بالثلث، خاصة وأن هذا النوع من الخطوط يمتاز بتكوينات غاية في الجمال والسحر البصري نتيجة لما يمتاز به من خصائص تتيح للخطاط العديد من الابتكارات والصياغات الفنية ذات الطابع التشكيلي، وهو ما يبرز بشكل جلي في اللوحة التي أمامنا والتي راعى من خلالها بكتاش أن يخط ابتكاراته الخاصة فيها، من حيث ليونة الحرف، ليقدم تحفة فنية تحتاج إلى مزيد من القراءة والتأمل. أول ما يمكن الالتفات إليه في هذه اللوحة، هو تصدر لفظ الجلالة «الله» رأس اللوحة، تقديراً وإجلالاً للخالق عز وجل. وقد كان تناسق الحروف حاضراً في اللوحة، أولاً من خلال حرف العين في أربع مرات، وبحسب ورود هذا الحرف في حرف الجر (على) وفي الكلمات (أنعم) و(عبد) و(نعمة). هذه العين التي وردت متتابعة أو متناظرة قدمت مشهداً جمالياً لحرف العين في الثلث الأول من مساحة اللوحة. كانت ليونة حرف الثلث ظاهرة في هذا العمل المبدع، من خلال ما نشاهده في حرف (على) الذي جاء آخره ممدوداً على مساحة قدرها بكتاش لتناسب تناسق الحروف على سطح اللوحة، كما برزت هذه الليونة في امتداد (الياء المقصورة) في كلمة «يرى» وهنا، جاء الامتداد ليغطي كامل عرض اللوحة. ومن جهة ثانية، فقد برع بكتاش في استخدام سماكة قلم الثلث في كافة حروف هذا الحديث الشريف، مظهراً الكثير من علامات التشكيل بين هذه الحروف، ومستفيداً من الزخرفة الإسلامية النباتية، وإذا أضفنا لهذا كله، متانة اللون الأسود الذي خط به بكتاش حروف الحديث، الذي احتضنته خلفية صفراء مبهجة، فسوف نكون أمام لوحة مزينه بعناصر جمالية موظفة ومدروسة جيداً، بحيث ظهرت هذه اللوحة وهي تسبح في فضاء روحي وجمالي مبهر. ورغم صعوبة تشكيل حرف خط الثلث، فقد قدم بكتاش في هذه اللوحة عملاً يتيح للناظر أن يقرأ النص بكل سهولة ووضوح، وهذه ميزة خاصة بالخطاط بكتاش في معظم أعماله الفنية. نجح بكتاش في هذه اللوحة، وكما يصفه النقاد دائماً، في تحويل الحروف العربية إلى لوحات نابضة بالحياة، من خلال لوحة مزجت بين التقاليد الخطية المعروفة والتجديد الإبداعي، وهو الذي عكس أسلوبه الفني ورؤيته الخاصة والعميقة لجماليات الخط الكلاسيكي، الذي قدمه بطريقة حديثة ومتجددة للتعبير الفني. إضاءة داوود بكتاش، خطاط تركي يوصف بأنه أحد عمالقة الخط، وفي أعماله الفنية نلمس تلك القوة والمتانة والرشاقة التي تعدّ ميزة من ميزات الخطاطين الكبار. ولد بكتاش في 1963م في قرية محمد الفاتح في إسطنبول، ومن بين طلاّبه المشهورين الخَطّاطة نُورية قارسيا التي أخذت عنه الإجازة في الثلث والنسخ سنة 2007م. ومن طلاّبه أيضاً الإماراتية فاطمة سعيد البقالي، شارك بكتاش في الكثير من ملتقيات ومهرجات الخط العربية والدولية، وقد حاز العديد من الجوائز والتكريمات.